* سلسلة بيت الجد والجدة - الجزء 2
صفحة 1 من اصل 1
* سلسلة بيت الجد والجدة - الجزء 2
كان هناك فتاة جميلة تدعى سوسن، تعيش وحيدة مع أباها وأمها ترعاهما وتسهر على راحتهما، مرت أيام طويلة ولم يأت أي أحد لخطبتها , سوسن،التي بدأت تكبر في السن شيئاً فشيئاً، بدأت تشعر بالحزن وتفكر كل ليلة في عيش حياة سعيدة مليئة بالحب والأطفال الصغار.
حزن والدها كثيراً لموت زوجته وأصبح مشغولاً بابنته الوحيدة ولا يكف عن التفكير ليل نهار في مستقبلها، ولمن سيتركها إن لحق بزوجته هو الآخر، وقد أصابه المرض وأصبح عاجزا عن الحركة وأيامه أصبحت معدودة. وفي يوم تذكر الأب الطيب أن له خاتماً من الذهب تركه عند صديق له يدعى سلمان، عندما علم أن ساعته قد إقتربت، دعا سوسن وأخبرها أن تتصل بهذا الصديق لتأخذ الخاتم الذهبي منه وتستعمله في وقت الشدة، فهذا بكت سوسن عندما فهمت ما يفكر فيه الاب وقالت له: ولكن بقاءك بجانبي يا أبي أفضل من ألف خاتم ذهبي، الخاتم السحري.
وفي يوم من الأيام مات والدها فجأة، فأصابها حزناً شديداً لفراقه وأخذت تبكي كل ليلة وحيدة في غرفتها،
بعد فترة أخذت تبحث عن صديق والدها لتنفذ وصيته ولكنها لم تعثر عليه، حتى ملت من البحث عنه ويئست أن تجده، وبينما هي تتنزه يوماً في الغابة وحيدة سمعت صهيل حصان، أخذت تلتفت حولها حتى وجدت شابا وسيما يركب على حصان أبيض جميل جداً، تقدمت سوسن نحوه وسألته: من أنت يا سيدي ؟ فرد الشاب : أنا ابن سلمان، ماذا تفعلين وحدك في الغابة وعمن تبحثين، قالت له سوسن: أبحث عن صديق والدي الذى يدعى سلمان، هل تساعدني ؟ رحب الشاب بمساعدها وأخذها إلى منزل والده سلمان..
حكت سوسن إلى سلمان قصة والدها وأخبرته أنها تريد الخاتم الذهبي، قال سلمان: بالفعل إن الخاتم السحري موجود لدي الآن، ولكني لا أستطيع تسليمك إياه في الوقت الحالي، ولكي تستعيديه عليك أن تأتي إلي بورقة مخطوطة بماء الذهب، وستجدي هذه الصورة في صندوق من ثلاثة صناديق متشابهة تماماً، تعجبت سوسن من كلام الرجل وقالت له أنها لا تعلم أي شيء عن قصة الصناديق الثلاثة،
قال لها الرجل أن والدها لم يستطع أن يخبرها بها وإلا يبطل مفعول الخاتم السحري، عليك الآن أن تذهبي إلى منزلك وتبدئي البحث عن الصناديق الثلاثة، تساءلت سوسن : ولكن كيف سأعرف الصندوق الذي بداخله المخطوطة وهم جميعاً متشابهين، قال سلمان: عليك أن تعتمدين على ذكائك للتعرف عليه، فصندوق واحد هو الذي يحتوي على المخطوطة والصندوق الثاني يحوي على عقرب في داخله والثالث يحوي أفعى سامة ،احذري فعليك ألا تخطئين أبداً في فتح الصناديق وإلا ستعرضين نفسك للموت!
أعطاها سلمان مفتاحا لتفتح الصندوق، عادت سوسن إلى منزلها خائفة تفكر في أمرها ولا تدري ماذا تفعل، أخذت تفتش في المنزل حتى وجدت الصناديق الثلاثة تحت سرير والدها، أخذت تتأملهم بحذر شديد ولا تتجرأ على الاقتراب منهم أو لمسهم، وفجأة خطرت لها فكرة، إقتربت بحذر من الصناديق وأخذت تنصت بأذنيها لعلها تسمع أي أصوات تأتي من داخل الصندوق لتعلم مكان الأفعى والعقرب، وفعلاً وجدت صندوق واحد لا يصدر منه أي خربشة أو أصوات غريبة، فقررت فتحه وأدخلت المفتاح،
وإذا بشعاع ذهبي قوي جداً يضئ أرجاء المنزل، أخرجت سوسن من الصندوق مخطوطة الذهب وهي تشعر بالسعادة والحماس.
ذهبت مسرعة إلى منزل سلمان وأعطته الورقة، فأحضر لها سلمان الخاتم السحري على الفور قائلا: هذا الخاتم ملك لك الآن ضعيه في إصبعك وامسحي علية مرتين، ثم اطلبي كل ما تتمنين وسيتحقق لك ذلك بإذن الله.
وضعت سوسن الخاتم في اصبعها ومسحت عليه وقالت: يا خاتمي الذهبي أريد زوجاً مثالياً وبيتاً صغيراً هادئاً وذرية صالحة أربيها في طاعة الله عز وجل، وفعلاً تحققت أمنيتها وعاشت سوسن مع زوجها في سعادة وهناء فبقي الخاتم السحري في إصبعها لا يفارقها أبداً، وكانت دوماً تحمد الله الذي أعطاها ما تمنت .
في احدى الليالي اتفقنا أن نمتحن جدتي ونسألها عن جحا، الذي كان له حكايات في كتاب المطالعة والنصوص ايام زمان، وجحا شخصية كوميدية في الأدب العربي. هو أبو الغصن دُجين الفزاري الذي عاش نصف حياته في القرن الأول الهجري ونصفها الآخر في القرن الثاني الهجري، فعاصر الدولة الأموية وبقي حياً حتى حكم الخليفة المهدي،
قضى أكثر سنوات حياته التي تزيد على التسعين عاماً في الكوفة. سألت جدتي هل تعرفين شيئا عن جحا: ابتسمت وأجابت، اعرف الكثير عن نوادر وطرائف حجا، واشتهرت حكاياته الظريفة على كل لسان، اسمعوا هذه الحكاية.
ذات يوم كان جحا يتسوق، فجاء رجل من الخلف وضربه كفا على خده، فالتفت إليه جحا وأراد أن يتعارك معه، ولكن الرجل اعتذر بشدة قائلا: إني آسف يا سيدي فقد ظننتك فلانا فلم يقبل جحا هذا العذر وأصر على محاكمته، ولما علا الصياح بينهما، اقترح الناس المتجمعين حولهما، أن يذهبا إلى القاضي ليحكم بينهما،
فذهبا إلى القاضي، وصادف أن ذلك القاضي يكون قريبا للجاني، ولما سمع القاضي القصة غمز لقريبه بعينه (يعني لا تقلق سأخلصك من هذه الورطة).ثم أصدر القاضي حكمه بأن يدفع الرجل لجحا مبلغ عشرون دينارا عقوبة ضربه. قال الرجل: ولكن يا سيدي القاضي ليس معي شيئا الآن.
قال القاضي وهو يغمز له: أذهب واحضرها حالا وسينتظرك جحا عندي حتى تحضر المبلغ، ذهب الرجل وجلس جحا في مجلس القاضي ينتظر غريمه يحضر المال، ولكن طال الانتظار، ومرت الساعات ولم يحضر الرجل، ففهم جحا الخدعة، خصوصا أنه كان يبحث عن تفسيرا لإحدى الغمزات التي وجهها القاضي لغريمه، فماذا فعل جحا ؟
قام وتوجه إلى القاضي وصفعه على خده صفعة طارت منه عمامته، وقال له: إذا أحضر غريمي العشرين دينارا فخذها لك حلالا طيبا، وانصرف جحا...
ياريت اللي جرى ما كان
هذه الحكاية كانت وكأنها إفتتاحية أو تحية العلم لما سيجئ بعدها من طابور الحكايات, كانت جدتى ولخبرتها الطويلة بنا تبدأ بها دون أن تسألنا . مصفقة بيديها معلنة البدء لتنهى حالة الصخب التى نفتعلها ولا أدرى على وجة التحديد سر غرامنا بهذه الحكاية . دعونى أحكيها لكم علكم تعرفون معى لماذا كانت المدخل والبداية الصلوات على النبي المختار . عليه افضل والتسليم .
كان يا ما كان يا سعد ياكرام كان فيه زمان واحد فقير غلبان لا يكاد يجد له قوت يومه يسعى للرزق من فجر يومه إلى أن يغطيه الليل ... لم يكن كسولا لكن الرزق كان ضعيفا ومرت السنون الطوال لم يستطع أن يتزوج بمن تؤنس وحدته حتى ضاق به الحال وأعيته الحيلة.
وفى يوم حاول أن يتلمس بعض الراحة فى المشى والبعد عن مدينته التى غلقت أبوابها دونه حتى وجد نفسه على سفح جبل ووجده يضج بالناس غريبي الاطوار والاشكال يولولون ويندبون حظهم ورغم أنه كان على وشك الندب إلا أن منظرهم كان مثيرا للشفقة وللعجب فأخذ يسألهم عما بهم وهم مغيبين تائهين لا يسمع منهم إلا تمتمه حزينة "
ياريت اللى جرى ما كان " ....
فظل الرجل يتنقل بينهم حتى وصل إلى أقربهم من حافة الجبل وحينما ألح فى السؤال أمسكه وقذف به أسفل الجبل فوجد نفسه فى مدينة أخرى يالها من مدينة جميلة . ما هذه الشوارع النظيفة .؟ والبيوت الناصعة البياض .؟ فجأة وجد أحدهم يستقبله بحفاوة ويأخذه حيث كبيرهم وكان رجلا بشوشا لا يبدو عليه عمر أو مر عليه زمن أكمل الاستقبال وشرح له كيف يتسنى له العيش فى مدينتهم.
شكى له رجلنا من ضيق حاله وانعدام أمواله ولكن الكبير طمأنه أن المال ليس هو العملة التى يتعاملون بها . بل أن عملتهم فى البيع والشراء وسائر المصالح هى "الصلاة على النبى " فتعجب الرجل وبدأ بألف صلاة على النبى .
أشترط الكبير عليه حتى يستطيع العيش بينهم أن يتزوج منهم فهلل الرجل وسأل إن كان الزواج ضمن وثيقة الصلاة على النبى فأكد له الكبير أن الزواج أولى العقود التى لابد أن تكون بالصلاة على النبى ...
هلل الرجل وكبر وسأل عن الكيفية وهو لا يعرف أحد فى هذه المدينة .. فدله الكبير على شارع طويل يصطف على جانبيه الحسناوات ... العذراء منهم تحمل " طبق ملئ بالتفاح " ومن سبق لها الزواج كانت تحمل " إبريق ماء " ومن تعجبه بينهن فعليه أن يأخذ مما تحمل وعندئذ ستصحبه الفتاه إلى ولى أمرها .
كاد الرجل يبكى من الفرحة وأخيرا سيتزوج ويجد من تؤنس وحدته ، فقام الرجل من فوره يمشى فى شارع الزواج وقبل أن ينتصف الطريق تقع عيناه على حورية وأكثرهن كن كذلك وعلى استحياء يأخذ تفاحة فتومئ الجميلة وتسير على مهل ويمشى وراءها حتى يصل إلى والدها ...
فيزوجه فى سهولة ويسر على مهر أختار هو الفا من الصلاة على النبى .. ولكن أباها أشترط عليه شرطا وحيدا حتى يكملا حياتهما وهو الا يتدخل فيما لا يعنيه فوعده بكل خير . وأخذ الفتاه ونزل فى بيت جميل بسيط وعاش لعدة سنوات وكأنه فى جنة الله على أرضه حتى بدأ يزحف على حياته " الملل " آفة البشر فطلب أن يخرج عله يجد فى صحبة الناس بعض التغيير الذى يحتاج إليه ...
حاولت زوجته أن تثنية عن رغبته فلم تفلح معه فذكرته بوعده لأبيها ألا يتدخل فيما لا يعنيه فطمأنها وخرج تملأه رغبة فى مخالطة الناس والاستئناس بهم فأخذ يلقى التحية يمينا ويسارا ورغم طيبة الناسو بشاشتهم إلا أنه لم يجد منهم من يتواصل معه فالكل منهمك فى شغل ما فواصل السير حتى وجد شيخا عجوزا قصير القامة يلتحف بالبياض يتسلق شجرة عظيمة المهابة ..
تعجب لحيوية الرجل وسرعته وتعجب أكثر لما يفعله فقد كان العجوز يلتقط الورقة الخضراء قبل أن تسقط من الشجرة يتأملها ويأكلها ثم يأخذ غيرها جافة صفراء ويلتهمها كسابقتها وقف رجلنا يتأمله حتى أشفق عليه من تعبه فبادره السلام والنصيحة وأن كل ما عليه أن يقطع فرع الشجرة بأكمله ويجلس ويأكل منه ما يريد ..
قطب الشيخ جبينه وأمره أن ينصرف .. وحينما رجع إلى بيته وجد زوجته حزينة وأخبرته أنها قد طلقت فأقسم أنه لم ينطق بالطلاق وكان لابد أن يذهب إلى أبيها وهناك أخبره أنه أخل بشرط الزواج وشرط الأقامة وعليه أن يرد اليمين ويتبقى له طلقتان فقط فيستسلم الرجل ويرد اليمين الذى لم يوقعه ويواصل حياته مع إمراته لا يعكر صفوها شئ .
انتابه الشوق ثانية لمخالطة الناس ويخرج رغم تحذيرها ويحاول أن لا يتدخل فى شؤون غيره وتأخذه مناظر المدينة الجميلة حتى يقابل رجل يقف على بئر عميق يمسك فى يده دلو صغير فيملاه مرة لنصفه ومرة أخرى لحافته ومرة ثالثة يخرجة فارغا وهو فى كل مرة يفرغ ما يملأه فى بئر أخر بجانبه فلم يستطع أن يضن بالنصيحة ,فوقف يشرح للرجل كيف إنه لو أوصل بين البئرين بقناة صغيرة لأجرى الماء بين البئرين .
يقابل مرة أخرى بنفس الاستنكار من الرجل ومن إمراته فى البيت ويغادرها ثانية إلى والدها ويرجع اليمين الثانى ويحذره الوالد فلم يبق الإ يمين واحد إذا أوقعة فهو الفراق ... يتشأم من كلام أبيها .. لكنه يتمسك بأمله فى البقاء وتسير الحياة بهما هانئة تحاول هى أن تنسيه أن هناك عالم غيرها ويتسى لفترة طويلة أو قصيرة حتى يخرج للمرة الثالثة تودعه وقلبها يخبرها أن لا عودة . يسير فى أنحاء المدينة يستمتع بكل ما فيها ويذكر نفسه بالشرط المحرم .
حتى أخذته قدماه ناحية البحر ولم يكن يعرف أن بالمدينة بحر فيجد على شاطئه سفينة ضخمة وجمع غفير من الناس يصطفون على جانبيها كل منهم يحاول أن يشد السفينة ناحيته . يحاول بكل قوته وكل رغبته والسفينة راسخة على الشاطيء لا تتزحزح لأحد .. كاد أن يمشى دون أن يعلق على تصرفات الجمع الغفير .. لكنه لم يستطيع ..
فهتف أيها الناس لابد أن نتعاون جميعا حتى نستطيع زحزحة السفينة فلنجتمع جميعا فى ناحية ونحاول بكل قوتنا أن نشدها ناحيتنا .. لم يلتفت إليه أحد او يعيروه أي اهتماما .. غادرهم وفى قلبه وجل مما قد يجد لكنه عند الرجوع لم يجد أحد لا البيت ولا الزوجة فأسرع إلى كبير المدينة يستنجد به فأخبره أنه قضى الأمر وأنه لم يستطع الحفاظ على وعده ولم يفى بشرط البقاء لم يفهم الرجل وظل يقسم أنه لا يعرف أحد فى المدينة غير إمراته حتى يتدخل فى شئونه .
حاول أن يسترضى الكبير دون فائدة فأمر الله نفذ والنصيب أنتهى ولابد للمكتوب أن يصير بهت الرجل لكنه طالب أن يفهم . فذكره كبير المدينة بالمرات التى خرج فيها قائلا ألم تخرج ثلاث مرات وفى جولتك الأولى وجدت الشيخ العجوز يأكل من الشجرة فنصحته أن يقطع الفرع بأكمله فقال الرجل نعم تذكرت لقد كان الرجل عجوزا وأشفقت عليه من تعبه فقال الكبير:- إنه " ملك الموت "
وهذه الورقة التى يأكلها إنما هى روح قد فاضت سواء كانت خضراء صغيرة السن أو صفراء بلغ من العمر أرذله وتدخلت أنت وكنت تريده أن يقطع فرع بأكمله ملئ بأرواح البشر .. إرتعش الرجل من فكرة الموت وكيف إقترب كثيرا من ملك الموت طأطأ برأسه وسأل واليمين الثانى كيف وقع فقال له الكبير :-
الرجل الذى كان يجلس على البئر يوزع الماء على البئر الآخر لقد كان الرجل يقسم الأرزاق فهناك من يملئ له نصف الدلو وهناك من يملئ له الدلو كاملا وهناك من ليس له رزق فكيف تتدخل فى أرزاق الناس وأسقط فى يد الرجل وواصل صمته وواصل الكبير توبيخه واليوم ألا تذكر ما فعلت :-
ألم تجد غير السفينة وناسها .. فحاول يدافع عن نفسه .. ولكنى أصدقهم النصيحة ، لقد كانوا يضيعون جهودهم .. قال الكبير وهو يتحسر على جهل الرجل وعدم تسليمه لأمره لهم يا مسكين السفينة هى الدنيا وكل من هؤلاء الناس يحاول أن يأخذها ناحيته وكل منهم يتخيل أنها ناحيته ولكنها راسخة لا تذهب لأحد وسيظل الناس يحاولون معها ولن يرتاحوا إلا مع المحاولة والجهد المخلص ليفعلوا شيئاً مع الدنيا .
هكذا هى الدنيا وأنت لم تستطيع أن تفهمها أو تفهم ناسها والأن قضى الأمر ومع بكاء الرجل وجد نفسه واقفا على سفح الجبل مع الناس غريبوا الاطوار الذين يولولون يبكى مثلهم ويتمتم مثلهم " ياريت اللى جرى ما كان " .
رغم دموع الرجل وولولة الناس كنا نحب الحكاية ولم يكن العويل هو ما نرتاح إليه .. لكن الجنة التى نزل فيها رجلنا وجعلنا نعيش قليلا اجوائها والحورية التى لازمته والحياة الناعمة التى سيرتها له الصلاة على النبى بل الأكثر من ذلك رجوع الرجل إلى دنياه مرة أخرى وحتى ندمه على ذلك .... ليس لينضم إلينا على نفس الحافة من الدنيا ننتظر الجنة التى قد نذهب إليها معه .
بيت الجد والجدة 14
طارق فتحي
حكايات جدتي كثيرا ما كانت تاخذنى بعيدا عن عالمى الذي اعيشه , تجعلتنى احب القراءة اكثر واكثر واعرف ان العلم ليس له حدود ومدى تاثير العلم والمعرفة علي شخصية الانسان، وحتى يتغير الانسان لابد من إرادة في التغيير تنبع منه ,
والافضل ان نغير وان نساعد غيرنا علي التغيير. حيث كنا نتعلم منها الكثير من الاخلاق والاداب السامية وكان للعادات والتقاليد والامثال النصيب الاكثر من هذه العلوم التي حفظناها حينها عن ظهر قلب.
تحكى جدتى
كان رجل متزوج منذ وقت طويل بزوجة, وكانت زوجته لا تنجب
فقالت له يوما : لماذا لا تتزوج زوجة أخرى يا زوجي ؟
فربما تنجب لك ابناء يحيون ذكرك
فأجابها الزوج قائلا : لا يا حبيبتي ستحدث بينكما المشاكل والغيرة
فأجابته الزوجة : لا يا زوجي الحبيب أنا أحبك وسأقدر زوجتك ولن تحدث بيننا أي مشاكل
فوافق الزوج على نصيحة زوجته وقال لها : سأسافر يا حبيبتي وسأتزوج امرأة غريبة عن هذه المدينة حتى لا تحدث بينكما أي مشاكل
فسافر الزوج ثم عاد إلى مدينته من سفره إلى بيته ومعه جرة كبيرة من الفخار قد ألبسها ثياب امرأة وغطاها بعباءة’ وخصص لها حجرة وأخبر زوجته بأن تراها من بعيد وهي نائمة دون أن تقرب منها, وقال لها : ها أنا قد لبّيت نصيحتك يا زوجتي وتزوجت من هذه المرأة النائمة أمامك, دعيها تنام هذه الليلة لكي ترتاح من السفر وغدا سأقدمها لك, وذهب إلى العمل
وعندما عاد الزوج من العمل وجد زوجته تبكي فسألها لماذا تبكين ؟ فردّت عليه : إن هذه المراة التي جئت بها شتمتني وأهانتني وأنا لن أصبر على هذه الإهانة
استغرب الزوج وقال لها : أنا لن أرضى بالإهانة لزوجتي وسترين ماذا سافعل بها, فأمسك الزوج عصا غليظة وضرب الجرة على رأسها بقوة وجانبيها, فانكسرت, واكتشفت الزوجة الحقيقة وذهلت من المفاجأة واستحت على كذبتها, فسألها الزوج : لقد أدّبتها هل أنت راضية الآن ؟ فأجابته :
لا تلومني يا زوجي الحبيب فالضرة مرّة ولو كانت جرّة...
اصطحب ابو ماهر ولده للسفر الى مدينة الموصل براً بسيارة العائلة لانجاز بعض المهام في تقديم اوراق ولده ماهر الى كلية الشرطة او الكلية العسكرية في العاصمة بغداد بعد ان انهى دراسته الاعدادية , وصلوا مدينة تكريت عند غروب الشمس , فاذا بالاب يدهس شخصاً عجوزاً معتلي دراجته الهوائية, صدم العجوز بالزجاج الامامي للسيارة مما ادى الى تهشمها بالكامل وسقط بعدها ارضاً ارتبك الاب بشدة وواصل مسيره دون ان يتوقف لمساعدة العجوز المصدوم او على الاقل التبين من ما آلت اليه هذه الحادثة .
انعطف الاب يمينا للتخلص من السيرعلى الشارع الرئيسي الوحيد في المدينة التي يفضي الى خارجها . سلك طريقاً ترابياً. لمح لهم من بعيد ضوء مصباح كبير شديد الانارة يتدلى من مقدمة احد المحلات على ناصية الشارع ولما وصلوا اليه علموا انه كراج لتصليح السيارات , طلب الاب منهم ان يصلحوا له زجاج سيارته , ارشدهم الى محل قريب منه نسبيا مختص بتصليح زجاج نوافذ السيارات .
لاحظ الميكانيكي ان مقدمة السيارة فيها دماء كثيرة الامر الذي لم يلحظه الاب بسبب عدم توقفه ومعاينته الحادثة في حينه . تم الاتصال بالشرطة دون علمه ماهي الى نصف ساعة وحضر رجال الشرطة والقوا القبض على الاب وولده . تم استجوابهما في مركز شرطة تكريت والقى الاب باللوم على ولده وقال لهم انه هو من كان يقود السيارة وهو من صدم الرجل العجوز .
تم توقيف الابن لعدة مخالفات بداً من عدم حيازته اجازة سوق المركبات الى فعل حادث الدهس والهروب دون توقف او اسعاف العجوز وتبين لاحقا ان العجوز توفاه الله على اثر حادثة الدهس , لاحقاً تم الحكم على الابن الموقوف بالسجن لمدة تصل الى السبع سنوات وبعد اللتي واللتية والتميز وتنازل اهل العجوز وذويه تم تخفيف الحكم الى سنتين فقط .
ودارت الايام تخلص الاب ونفذ بحادثته من مغبة ما اقترفته يداه ملقيا اللوم على ولده يجابه مصيره المجهول بحسب اتفاق مسبق بينهما, اة هكذا كان الاب يردد الاقاويل من ان غيابه عن الهائلة سيودي بها الى ما لا تحمدعقباه وان التضحية بالولد لهو اهون الشرين وهكذا كان الامر مدبرا بين الوالد وابنه .
بعد مرور سنة واحدة وقبيل حلول وقت الغروب بقليل دلفت عائلة اختي الكبيرة البيت فساد الهرج والمرج مع صغارها الخمسة وهم على هيئة السفر الى مدينة الموصل كبرى مدن العراق بعد العاصمة بغداد. بغية حضور ختان جماعي لاولاد عمومتها حيث تمت دعوتهم بسبب وليدها الصغير اذ كان يبلغ من العمر عامين او يناهز ذلك بقليل.
اكملنا عشائنا فوق سطح الدار في حفل بهيج بحضور العائلتين معا ,اخذت الجدة ركن قصي من سطح الدار وهي تصفق لنا ان حان وقت سرد الحكايات التي ما انفكت جدتي تسردها لنا مساء كل يوم بصورة شبه منتظمة يومياً. بعد ان هدأت الامور واستسلم الصغار للنوم تحلقنا حولها جميعا . وكان يا مكان وعلى رسولنا الكريم افضل الصلاة والسلام.
مواضيع مماثلة
» * سلسلة بيت الجد والجدة - الجزء 1
» * بيت الجد والجدة : من 1 - 8
» * بيت الجد والجدة : من 9 - 17
» * كفاح كفيف - الجزء الثاني
» * كفاح كفيف - الجزء الثالث
» * بيت الجد والجدة : من 1 - 8
» * بيت الجد والجدة : من 9 - 17
» * كفاح كفيف - الجزء الثاني
» * كفاح كفيف - الجزء الثالث
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى