* الفلك : في الحضارات القديمة - عصر النهضة الاوربية - علماء فلك عرب
صفحة 1 من اصل 1
* الفلك : في الحضارات القديمة - عصر النهضة الاوربية - علماء فلك عرب
ما هو علم الفلك
علم الفَلَك astronomy هو احد العلوم الكثيرة التي اتاحها اللَّه تعالى للانسان، فمن خلال المادة الفلكية المتوافرة، من سماء ونجوم وكواكب وظواهر كونية مختلفة، وضع الانسان قواعد وقوانين شكّلت هذا العِلم الذي نطلق عليه (علم الفَلَك). وبازدياد الارصاد والمعلومات والملاحظات والقواعد والقوانين تطور علم الفَلَك، واصبح علماً مرموقاً بين العلوم.
وعلى هذا يمكن تعريف علم الفَلَك:
هو علم يدرس الاجرام السماوية والظواهر الكونية، دراسة علمية منظّمة، مستخدماً في ذلك ما توافر له من نظريات علمية واجهزة تكنولوجية.
وعلم الفَلَك هو علم قديم، قِدَم الانسان على سطح الارض، وفي بدايته امتزج بالأوهام والخرافات والاساطير والآلهة والتنجيم، ثم تطوّر شيئاً فشيئاً، وانفصل اخيراً عن كل ما له علاقة بغير العلم، ليخلص علماً خالصاً مجاوراً لعدد من العلوم المتينة، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وما شابهها. مستفيداً من امكاناتها وقوانينها، في سبيل انجازات فلكية علمية دقيقة.
وبعد المعاناة الطويلة التي كابدها الفَلَك على سطح الارض، نجح النصف الثاني من القرن العشرين في اطلاق (الفَلَك) الى الفضاء لتقرأ اجهزته المادة السماوية قراءة ميدانية مباشرة، وبهذا النجاح تضامن الفَلَك والفضاء لتقديم انجازات ومعلومات ادق عن الكون.
فوطأ الانسان بأقدامه سطح القمر وقرأه قراءة ميدانية مباشرة جالباً صخوره وحصاه الى المختبر الارضي. وحطّت مركبة الفضاء فايكنغ على سطح المِرِّيخ وحللت تربته ميدانياً... وجابت الاقمار الصناعية والمراصد الفضائية الفضاء لتقرأ السماء هذه المرة قراءة مباشرة أو شِبه مباشرة.
وهكذا اقترن الفضاء بالفَلَك، مضيفاً اليه ذراعاً علمية امتدت الى اعماق الكون، والتقطت صوراً ومعلومات فاقت كل ما انجزه الفَلَك في تاريخه الطويل.
الفلك في حضارة وادي الرافدين
تميّزت حضارة وادي الرافدين بكونها اكثر الحضارات القديمة تقدماً في علم الفلك، وقد درس الباحثون المتخصصون في علم الفلك هذه الحضارة وقدّموا كثيراً من المعلومات الفلكية القيمة التي فاقت بها الحضارات المعاصرة لها. عندما يتحدث الباحثون المتخصصون في علم الفلك والحضارات القديمة يقولون إن حضارة العراق القديمة تعدّ اهم حضارة فلكية في التاريخ القديم، وقد أكد هذه الاهمية اكثر من باحث علمي، يقول الاستاذ طه باقر: من الأمور التي أجمع عليها مؤرخو العلوم أن اسس علم الفلك، مثل الرياضيات، قد وضعت في حضارة وادي الرافدين قبل نحو4000 سنة. وحين تتحدث الكاتبة الفرنسية "مارغريت روثن" عن علم الفلك الرافديني تقول: إن من بين سائر العلوم التي أنشأها البابليون واستخدمها الكلدانيون يحتل علم الهيئة مكاناً مرموقاً، لا يعلو فوقه سوى الرياضيات. وتقول أيضاً: تظهر اللوائح واليوميات المدوّنة بموجب الرصد روحاً علمية حقه. غير ان المعارف التي وصلتنا لا تبيّن لنا بأن البابليين ـ الكلدانيين توصلوا إلى شرح هذه الظواهر وفق نظم الفيزياء، انما ظلت منوطة إلى آخر الأمر بمفاهيمهم الدينية التي كان علم الفلك خاضعاً لها، فبقيت النظريات الفلكية عرضاً وصفياً. والذي لا ريب فيه أن الفلك والتنجيم يتداخلان في هذه الحضارة كما في سائر الحضارات القديمة الأخرى.
فعلم الفلك عند اهل بلاد الرافدين ذو طبيعة دينية تنجيمية، يقول هاري ساكز: تنص قصة الخليقة بشكل خاص على ان الارض هي القسم المقابل للسماء، ولذا فان أي حدث في السماء لابد أن يكون له مقابل على الارض. ويتحدث هاري ساكز عن علاقة الفلك بالتنجيم في وادي الرافدين بقوله: ومن الأمور المسلم بها بصورة عامة ان علم الفلك نشأ عن التنجيم، غير أنّ الأدلة من بلاد بابل لا تؤيد هذا الاستنتاج بصورة جلية، ومن المؤكد ان بعض الارصادات الفلكية الاولى قد استخدمت لتزويد المادة لقراءة الطالع. غير ان الاستاذ "طه باقر" يؤكد ان التنجيم كان من التائج الثانوية لعلم الفلك حيث نشأ هذه العلم من الحاجات لضبط الفصول والتقويم والزمن وقياسه وحسابه. لقد لعب تقدمهم في الرياضيات دوراً مهماً في تطوير المعلومات الفلكية وجعلها علماً منظماً دقيقاً ولاسيما انهم في عصورهم المتأخرة -منذ القرن السادس قبل الميلاد- استبدلوا الرصد المباشر للاجرام السماوية بالحسابات الفلكية فنشأ الفلك الرياضي وبلغ اوج تقدمه في العصر السلوقي في العراق -القرن الرابع قبل الميلاد- حيث دخلت الحسابات الأرضية في الفلك. لقد اهتمت حضارة وادي الرافدين بالاجرام السماوية التي تستطيع رصدها بالعين المجردة، ومن التلال وببضعة ادوات فلكية بسيطة، كالنجوم والكواكب السيارة والشمس والقمر والظواهر الكونية الواضحة. ولا شك أن الهدف لم يكن علمياً بالمعنى العلمي المنهجي، لكن هذا الاهتمام أنتج في الاثناء فلكاً وارصاداً سماوية جمة.
ويذكر الباحثون ان اهم ما خلف لنا سكان وادي الرافدين من انجازات مهمة هو "نظام العد الستيني" فقد جعلوا الوحدة الكبيرة في العد هي (الستين)، فقسّموا الدائرة إلى 360 درجة، وقاسوا الزوايا بالدرجات والدقائق والثواني وهذا النظام فاق النظام العشري ببعض الميزات ولا سيما في الحسابات التي تضمّ الكسور التي كانت أيسر قمسة، لان الترقيم ستين يقبل القسمة على عدد كبير من الارقام: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 10، 12، 15، 20، 30. لقد كان ابناء العراق القدامى راصدين متقدمينً جيدين، يعتقد الباحثون في تاريخ العلوم أنه ليس هناك دليل ـ في الوقت الحاضر ـ على وجود ارصاد فلكية منظمة في الالف الثالث قبل الميلاد، وان اقدم الامثلة المعروفة لمثل هذه الارصادات جاء من عهد الملك (امي صادوقا) احد ملوك سلالة بابل الأولى. وجداول (الزهرة ـ امي صادوقا) هي الواح طينية تحتوي على ارصاد خاصة بالزهرة أجريت زمن الملك امي صادوقا، وهي من أهم الأرصاد الفلكية المدونة الواصلة الينا من العهد البابلي، وهي تتحدت أساساً عن شروق الزهرة وغروبها. وقد اخذت على الاكثر لقراءة الطالع ومن خلال هذه الارصاد عرف البابليون اول ظهور الزهرة وآخر ظهور لها، وعرفوا ايضاً مدة اختفائها. إضافة إلى ذلك ادرك العراقيون القدماء (في العصر البابلي) اموراً فلكية عديدة منها: ان الشمس والقمر والسيارات الخمسة اتبعت في مسيرها منطقة محددة في السماء عرفت بمنطقة البروج. وهي منطقة مقسمة إلى اثني عشر قسما، والقسم الواحد ثلاثون درجة (أي 12 برجاً) كما نعرف الآن، والبروج هي عبارة عن مجموعات نجمية ذات اشكال محددة. ان ملاحظة ورصد البابليين للسماء وبشكل مستمر افرز ارصاداً فلكية كثيرة ومادة علمية جيدة اغنت الفلك القديم، وكان تنظيم التقويم يتطلب من البابلييين القيام بوضع يوميات تخص الشمس والقمر والنجوم. وكانوا قد ثبتوا في عهد قمبيز لوائح باتصالات القمر بالكواكب الخمسة الأخرى ولائحة أخرى تمدد اتصالات الكواكب فيما بينها. وعرف سكان وادي الرافدين ادوات فلكية بسيطة كالمزاول وادوات أخرى، والمحصلة النهائية ان المعلومات والملاحظات الفلكية التي وفرها البابليون والارصاد الكثيرة التي قام بها سكان وادي الرافدين جعلتهم أهم الحضارات القديمة في مجال علم الفلك.
الفلك عند الفراعنه
ان ما دفع بقدماء المصريين للاهتمام بالنجوم و الاجرام الكونيه هو ربطهم بعباداتهم حيث عبدوا الشمس و اطلقوا عليها اسم (رع) وقد تصوروها وهي محموله على قارب وتسبح في الفضاء الذي اطلقوا عليه اسم (شو) وقد اعتقدوا ان الشمس عندما تغيب في الأفق الغربي ويحل الظلام تنزل الى العالم السفلي وأسموه (دات) ويأتي نائبه القمر واطلقوا عليه الاله (تحوت). وقد كانت الحضارات القديمه تقدس الانثى وانها المحتوى للخلق لذلك جعلوا منها آلهة للكون وتجلت هذه النظره عند قدماء المصريين حيث مثلوا الارض وهي على شكل رجل مستلقي على بطنه اسمه الاله(جب) وكل شي في الارض من احياء وجماد على ظهره، وتصوروا السماء امرأه منحنيه محيطه بالارض ترتكز على اطراف اصابع يديها وقدميها واطلقوا عليها الآلهه (تحوت) حيث يحملها اله الفضاء شو. ابتكر الفراعنه ادوات بسيطه للرصد الفلكي وتحديد مواقع الاجرام الفلكيه، وكانت اهم آله اعتمدوا وهي عباره عن اداتين تستخدم من قبل راصدين اثنين، فالأداة merkht عليها هي (المركت) الأولى عبارة عن غصن بلح قصير وسميك من احد طرفيه حيث يوجد في الطرف السميك شق رفيع، اما الأداة الثانيه فهي عباره عن مسطره ذات شاقول وهو خيط رفيع مربوط في اسفله قطعه من الرصاص حتى يشد الخيط ليصبح عاموديا، و تحمل بشكل أفقي. وطريقة استخدام المركت هو ان يقوم شخص بالجلوس بإتجاه الشمال و الآخر بإتجاه الجنوب بالنسبة للراصد، وتحدد الساعات عندما يجتاز النجم الخيط العامودي في المسطره الأفقيه بحيث تمر بالقلب او بالعين اليسرى او اليمنى او في اي جزء من جسم المشاهد فمثلا يقال ( النجم أري فوق العين اليسرى للمشاهد الساعه الثالثه). اما في النهار فقد استخدموا المزوله الشمسيه (قياس ظل عامود مثلا) لتحديد الوقت. كان قدماء المصريين اول الحضارات التي قسمت السنه الى (360) يوم، حيث قسموا السنة الشمسيه الى ثلاثة فصول كل فصل يتألف من أربعة شهور، وقد اطلقوا على الفصل الأول الفيضان او (قحط) والفصل الثاني هو (بيرث) او فصل الشتاء ويعني انزياح الماء من الاراضي، واطلقوا على الفصل الثالث الصيف أو (شمو) ويعني شح المياه. وكانو يطلقون على السنين التي تمر عليهم رموزا خاصه تدل على الحاكم في تلك السنين.وقد حسبوا أيضا ايام السنه الشمسيه عن طريق شروقين متتاليين لنجم "الشعرى اليمانيه" وهي ألمع نجم في كوكبة (الكلب الأكبر) . وكان سبب اهتمامهم بهذا النجم انه يرتبط بموعد فيضان نهر النيل حيث تتساقط الأمطار الموسمية على مرتفعات الحبشة فتتدفق السيول نحو النيل فيرتفع منسوب المياه فيحدث الفيضان السنوي، وقد توقف حدوث الفيضان في الوقت الحاضر بسبب بناء السد العالي جنوب مصر. لذلك لاحظ الفراعنه ان الفيضان يحدث عند شروق نجم الشعرى اليمانيه فاتخذوها ساعه كونيه واحد اهم الأسس في التقويم الفرعوني لتحديد موعد قرب حدوث الفيضان، والغريب ان نجم الشعرى اليمانيه يرتفع عن الأفق الشرقي درجه واحده فقط عند شروق الشمس خلال فترة الفيضان مما يجعل رصدها صعب بسبب الشمس مما يجعل رصدها صعبا وقد أثار ذلك استغراب العلماء في الوقت الحالي. كما استخدم الفراعنه ايضا السنه القمريه وعرفوا الشهر القمري من خلال شروقين متتاليين للهلال و قسموا السنه القمريه الى اثنا عشر شهرا، وقد اعتمدوا على التقويم القمري ليحددوا موعد الطقوس و المناسبات الدينيه حيث في كل سنه قمريه ثلاثة عشر عيدا رسميا ودينيا. اهتم الفراعنة بالنظر الى السماء و مراقبة النجوم ربما بسبب صفاء الجو معظم ايام السنه حيث رصدوا النجوم و المجموعات النجميه كالشعرى اليمانيه (لأهميته في تحديد وقت الفيضان) واطلقوا تسميات وتصورات خاصه بهم على المجموعات النجميه حيث تصورا (الدب الأكبر) Big Dipper على شكل رجل ممدود الذراعين على شكل عربه يجرها حصان و شبهوا كوكبة الدجاجه Cygnus وغيرها من المجموعات النجميه. أيضا اهتموا بالنجوم و اطلقوا على النجوم المحيطه بنجم الشمال بالنجوم الخالده, ومن احد اسباب اهتمامهم بها هو ان بعضها يمثل الفردوس لأرواح ملوك الفراعنه. واهتموا ايضا بالكواكب السياره الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح ابدا) بسبب حركتها المستمره بين النجوم وقد اطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) واطلقوا ايضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور) وقد اطلقوا ايضا على الزهره وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب. ولقد كانت أرصادهم دقيقه للغايه حيث يتجلى ذلك في تعامد اشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل بأسوان مرتين في السنه. التعامد الأول يحدث في يوم مولده وهو 22 فبراير و التعامد الثاني يحدث في 22 اكتوبر وهو يوم تتويجه للعرش. ظن الناس منذ فتره ان الاهرامات هي فقط عباره عن مقابر لحفظ جثث الفراعنه وممتلكاتهم وقد تبين بعد ذلك انها صممت لأهداف اخرى واول من بدأ قصة الاكتشاف شاب بلجيكي هو روبرت بوفال سنة 1979 عندما قرأ كتاب عن الطقوس الدينيه لقبائل الداغون يدعى (لغز الشعرى اليمانيه)The Sirius Mystery حيث درجوا على الاحتفال كل 50 سنه تقديسا لهذا النجم. وتبين بالأرصاد الفلكيه ان لهذا النجم رفيق عباره عن قزم ابيض يدور حوله كل 50 سنه وتستحيل رؤيته بالعين ولم يشاهد الا بالمراصد الفلكية الكبيرة، و الغريب في الأمر انه كيف استطاعوا تحديد هذه المده بالذات، هل يعقل ان تكون صدفة .. لا أحد يعلم؟!!! لذلك اهتم بوفال بالآثار القديمه وخصوصا الفرعونيه وتوقع انه يكتنفها العديد من الأسرار، وعند دراسته لأهرام الجيزه الضخمه (خوفو ، خفرع، منكاورع) وجد انها عباره عن نقل لصورة نجوم النطاق او (حزام الجبار) وهي عباره عن ثلاثة نجوم مصطفه في السماء. وعند رصده لهذه النجوم وجد ان لمعان نجم (دلتا الجبار) يقل لمعانه عن النجمين الآخرين و ايضا ينحرف عن مستواهما وعندما اخذت صوره للأهرام من الجو وجد ان هرم منكاورع يقل حجما من الهرمين الآخرين اضافه لإنحرافه عن مستواهما وبذلك بدت الصوره مطابقه بشكل مذهل لنجوم حزام الجبار مما يدل على انهم نقلوا صورة النجوم الى الاهرامات, و يستدل على ان الموضوع ليس مصادفه من خلال ان الاهرامات الثلاثه تقع غرب نهر النيل و نجوم النطاق تقع غرب نهر المجره (الحزام المجري) وهي الحزمة الضبابيه التي تقطع السماء من الشمال الى الجنوب تماما. ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل اكتشفوا ان الاهرام بنيت بهندسة غاية في الدقه حيث ان زاوية وموقع هذه الاهرامات نسبة الى نهر النيل تتناسق تماما مع زاوية نجوم النطاق نسبة الى نهر المجره مما يدل على ان نهر النيل هو انعكاس لنهر المجره. وقد حدث هذا التطابق قبل 10500 عام حيث كانت درب التبانه تشاهد وكأنها تقطع السماء من الشمال الى الجنوب مثل نهر النيل مما دفع الفراعنه لبناء اهرامات الجيزه بهذا الشكل. ولقد اكتشف علماء الآثار فوهات في الأهرام تبتدأ من غرفة الملك وتنتهي بسطح الهرم، حيث وجدت فوهتين في غرفة الملك خوفو واثنتين ايضا في غرفة الملكه، احدى هاتين الفوهتين في غرفة خوفو تتجه جنوبا بإرتفاع 45 درجه تماما و الأخرى تتجه شمالا بإرتفاع 32 درجه و 28 دقيقه، اما فوهات الملكه فتتجه احداها جنوبا بإرتفاع 39 درجه و نصف والأخرى شمالا بارتفاع 39 درجه. وقد ظن علماء الآثار ان هذه الفوهات هي عباره عن مسالك للتهويه و لكن ذلك لم يقنع عالم الآثار المصري ( ألكسندر بدوي ) اذ احس ان اهمية هذه الفوهات تحوم حول معتقدات شعائريه ودينيه حيث اكتشف الباحثون داخل هرم خوفو متونا تدل على ان الفرعون الذي يموت تصعد روحه عبرها حيث الخلود. لذلك عندما نظر بدوي خلال هذه الفوهات لم يرى نجوم ذات اهمية فإستعان بفلكية امريكيه تدعى (فرجينيا تمبل) التي درست تغير اماكن النجوم نتيجة ترنح الاعتدالين وهي حركه بطيئة تتغير فيه مواقع النجوم الظاهرية في السماء بدرجه واحده كل 70 سنه فوجدت ان زمن ميلاد الأهرامات اي قبل حوالي 2450 سنه كانت الفوهه الجنوبيه في غرفة الملك خوفو تتجه نحو حزام الجبار او بالأخص نجم (زيتا الجبار) والغريب بالأمر ان الهرم نفسه يطابق موقع هذا النجم, مما يدعم نظرية ان بناء الاهرامات تتطابق مع نجوم النطاق، و ايضا تتجه الفوهه الشماليه الى نجم الفا التنين (الثعبان) الذي كان النجم القطبي زمن الفراعنه وقد تغير موقعه بسبب الحركه الترنحيه للأرض. وقد وجد الباحثون ان الفوهة الجنوبيه في غرفة الملكه تتجه نحو نجم (الشعرى اليمانيه )، والفوهه الشماليه في غرفة الملكه فتتجه الى نجم بيتا الدب الأصغر(كوشاب) وهو ألمع الفرقدين. وليس أهرام الجيزه فقط التي تصور السماء بل ايضا الأهرامات الأخرى كهرم ابو رواش الذي يقع شمال الجيزه يمثل نجم كابا الجبار وهرم زاوية العريان الذي يمثل نجم غاما الجباروهو ما يسمى عند العرب بــ( الناجذ) و الهرم الأحمر الذي يمثل نجم الدبران وايضا الهرم المنحني الذي بجانبه ويمثل نجم (ابسلون الثور) او مايسمى عند العرب بــ (القلائص).
عندما درس علماء الآثار الأهرام المصريه وجدوا فيها العديد من الأمور الغريبه و المدهشه في نفس الوقت وممكن تلخيصها في عدة نقاط وهي:
1) الجهات الأربع لهرم خوفو يتجه الى الجهات الرئيسيه الأربع بشكل غايه في الدقه تفوق دقة اتجاه بعض المراصد العالميه.
2) لو اخذت المسافه بين هرم خوفو ومدينة بيت لحم وقسمناها على الف سيكون الناتج 2138 وهو عدد السنين التي سبقت ميلاد النبي عيسى عليه اثناء بناء الأهرامات.
3) نسبة مجموع وزن حجارة الهرم الى كتلتها يماثل نسبة مجموع وزن الأرض الى كتلتها.
4) الظل الساقط من هرم خوفو يتحرك في كل يوم مقدار درجه واحده( بسبب انتقال موقع الشمس الظاهري في كل يوم مقدار درجة واحده) ولو حسبنا مقدار هذه الدرجات لوجدنا ان الظل يكمل 365 مره في السنه وهو عدد ايام السنه الشمسيه.
الفلك عند الاغريق
بدا علم الفلك الإغريقي من عام 600ق.م تقريبًا، حيث طور علماء الإغريق وفلاسفتهم عددًا من الأفكار الفلكية. فاعتقد فيثاغورث ـ الذي عاش في القرن السادس ق.م ـ أن الأرض كروية الشكل، وحاول أيضًا شرح طبيعة الكون وتركيبه ككل، وبذلك طور نظامًا كونياً في وقت مبكر. وفي نحو عام 370ق.م صمم يودوكسوس أوف كنيدوس نظامًا ميكانيكيًّا لشرح حركات الكواكب. ونادى يودوكسوس بأن الكواكب والشمس والقمر والنجوم تدور حول الأرض. وفي القرن الرابع قبل الميلاد أدخل أرسطو هذه النظرية الهندسية، نظرية مركزية الأرض، في نظامه الفلسفي. كذلك اقترح "هيراقليدس أوف بونتس" خلال القرن الرابع ق.م الميلاد، أن الحركة الظاهرية للأجرام السماوية ناحية الغرب راجعة في الحقيقة إلى دوران الأرض حول محورها في اتجاه الشرق. كما اعتقد أن عطارد والزهرة يدوران حول الشمس وليس حول الأرض. وخلال القرن الثالث قبل الميلاد ذهب أريستاركوس أوف ساموس لأبعد من ذلك فاقترح دوران الكواكب بما فيها الأرض حول الشمس ودوران الأرض حول محورها. وكان كل من هيراقليدس وأريستاركوس سابقين زمانهما ومع ذلك لم تستطع أفكارهما أن تحل محل نظرية مركزية الأرض. وفي حوالي عام 125ق.م قسم فلكي إغريقي يدعى هيبارخوس النجوم التي أمكنه رؤيتها إلى أنواع من التوهج. ونظام الأقدار الذي يستخدمه الفلكيون حاليًا صورة مطورة من هذا المقياس القديم. ويعرف هيبارخوس في التراث العربي والإسلامي باسم "أبوخس". اما نظرية مركزية الأرض التي وضعها الفلكي الإغريقي بطليموس فقد سادت علم الفلك حتى القرن السادس عشر الميلادي. وهذا الشكل للكون ومركزه الأرض مأخوذ من كتاب نشر عام 1524م. خلال القرن الثاني الميلادي، طور الفلكي الإغريقي "كلاوديوس بطليموس" الذي عاش في الإسكندرية بمصر نظريات أرسطو وهيبارخوس. وضمَّن بطليموس كتابه المجسطي أفكاره وملخص أفكار الفلكيين الإغريقيين وخصوصًا هيبارخوس. ويعد المجسطي المصدر الرئيسي لمعارفنا عن الفلك الإغريقي. وقد انتقد أبو محمد جابر بن الأفلح هذا الكتاب في كتابه المعروف بكتاب إصلاح المجسطي، ودعم انتقاده هذا عالم آخر أندلسي هو نور الدين أبو إسحق الأشبيلي في كتابه الهيئة. ظلت نظرية بطليموس عن مركزية الأرض سائدة لنحو 1500 عام. وتقبل الفلكيون جزءًا من أفكاره وجداوله التي وضعها للكواكب مسبقًا. وخلال معظم هذه الفترة أولى الأوربيون قليلاً من الاهتمام بعلم الفلك. هذا في الوقت الذي واصل فيه الفلكيون العرب رصد السماء وتنقيح ما جاء في كتابات بطليموس والمحافظة عليها. وأخيرًا ظهرت ترجمة المجسطي باللاتينية في القرن الثاني عشر فقدمت أفكار بطليموس إلى أوروبا.
الفلك عند المسلمين
عرفت الحضارات القديمة علم الفلك وارتبط فيها بالتنجيم ومعرفة الغيب، وهو ما ألقى بظلاله على علم الفلك عند المسلمين حتى عهد قريب، ولكن في حضارة الإسلام، تلك الحضارة التي نبذت التنجيم واعتبرته مخالفًا لعقيدتها، انفصل علم الفلك عن التنجيم، وأصبحت له قواعده العلمية التي يرتكز عليها. ولم يكن هذا الانفصال وليد الصدفة، بل وليد التجربة العلمية والقياس والاستنباط، والحاجة الإسلامية لتحديد مواعيد الصلاة واتجاه القبلة، حتى أصبحت المساجد الجامعة لا تخلو من فلكي يقوم بتحديد الوقت من خلال واحدة من الآلات الفلكية التي عرفها وابتكرها المسلمون. لقد كان علم الفلك في الحضارات القديمة تائهًا، ولكن مع العصر العباسي وفي خلافة المأمون بن هارون الرشيد، صار لهذا العلم موقع خاص، فلأول مرة نرى مراصد كبيرة لها مواقعها الثابتة والمتميزة، وآلاتها الضخمة المصنعة بعناية، والرعاية التي حظيت بها من قبل الدولة، وعدد الفلكيين الذين ارتبطت أسماؤهم بها. ويرى آيدين صاييلي -أبرز الباحثين الأتراك الذين درسوا المراصد الفلكية- أنه نشأت ظروف اقترنت بالإسلام، وكانت مواتية لتطور المراصد كمؤسسات، ذلك أن هناك ما يبرر القول بأن الإسلام شكل بيئة مناسبة لنشأة المراصد وتطورها، فلقد كانت هناك مرتبة خاصة لعلم الفلك في العالم الإسلامي، وكان هناك اهتمام بالرصد المباشر، وبدقة القياسات، وبالنظريات الرياضية، وبزيادة حجم الآلات، وبالإصرار على ممارسة الفلكيين أعمالهم في مجموعات، وبالميل إلى التخصص في مجالات ضيقة، وبالنزعة التجريبية عند علماء الإسلام. اهتم المسلمون بدراسة علم الفلك، لمعرفة أوقات الصلاة بحسب الموقع الجغرافي والفصل الموسمي، وتحديد اتجاه المسلمين إلى القبلة في صلواتهم، ورؤية هلال رمضان، والصوم، واخترعوا حسابات وطرقاً بديعة لم يسبقهم إليها أحد من اليونان والهنود والفرس. ويعود إلى المسلمين فضل تحرير علم الفلك وتطهيره من الشعوذة والدجل الذي واكب ظهور علم التنجيم في الأمم السابقة، وجعله علماً خالصاً يعتمد على النظريّة والبرهان، حيث أبطلت الشريعة الإسلامية التنجيم وأنكرته وكفّرت القائلين به، وردّت الحوادث كلّها إلى قدرة الله تعالى. وكان العلماء العرب يرون في علم الفلك علماً رياضيّاً مبنياً على الرصد والحساب، وعلى فروض تفضي لتعليل ما يرى من الحركات والظواهر الفلكيّة، وأقاموا كثيراً من المراصد، وسجّلوا ما رصدوه بمقاييس على أعظم جانب من الأهميّة، فقد رصدوا الكسوف والخسوف، ورصدوا الاعتدالين، وقاسوا محيط الأرض، وقدّروا أبعاد الكواكب والأجرام السماويّّّة، وصنعوا كثيراً من الآلات الفلكيّة، ووضعوا الأزياج الدقيقة (حول حركات الكواكب)، وكانت آراؤهم في الفلك هي التي مهّدت للنهضة الفلكيّة الكبرى. وكانت من اهم الاعمال التي قام بها الفلكيون العرب برعاية الخليفة العباسي المأمون، قياس محيط الأرض، ونقل الدكتور عبد الرحمن بدوي رواية سند بن علي فقال: قال ابن يوسف المصري في كتابه (الزيج الكبير الحاكمي): ذكر سند بن علي في كلام وجدته له أنّ المأمون أمره هو وخالد بن عبد الملك المروزي، أن يقيسا مقدار درجة من أعظم دائرة من دوائر سطح كرة الأرض، قال: فسرنا لذلك جميعاً، وأمر علي بن عيسى الإسطرلابي، وعلي بن البحتري بمثل ذلك، فسارا إلى ناحية أخرى. وأضاف سند بن علي قائلاً: فسرت أنا وخالد بن عبد الملك إلى ما بين واحة واسط وتدمر، وقسنا هنالك مقدار درجة من أعظم دائرة تمر بسطح كرة الأرض فكان سبعة وخمسين ميلاً، وقاس علي بن عيسى ، وعلي بن البحتري، فوجدا مثل ذلك، وورد الكتابان من الناحيتين في وقت واحد. وابتكروا جداول خطوط الطول والعرض لمواضع مختلفة في أرجاء العالم، واستخلصوا وسائل تحديد المواقع، وصحّحوا أغاليط القدماء، وأبدوا آراء صائبة في طبيعة الأجرام السماويّة. ورسموا خرائط النجوم المنظورة، مطلقين على القدر الأعظم منها أسماءً عربيّة، وصنعوا آلات جديدة للرصد، واخترعوا الآلات الفلكية لقياس الوقت بالساعات المتنوّعة، وكانوا السابقين لاستعمال الساعة الرقاصة، وطبّقوا حساب المثلثات على الأرصاد الفلكيّة. وقام أحمد بن يوسف ، وعبد الله بن سهل بن نوبخت، والفرغاني، الذين جدّوا في إصلاح الأزياج اليونانيّة، بتعيين أقصى بعد للشمس، وعنوا بأرصاد الاعتدال الشمسي، فأدّت هذه الأرصاد إلى تعيين دقيق لطول السنة، وكان للخسوف والكسوف وظهور النجوم المذنّبة والحوادث السماويّة نصيب كبير من البحث الدقيق، ولم يغب عن أولئك أكلاف الشمس. واكتشف أبو عبد الله محمد بن جابر البتّاني صاحب الأعمال العجيبة والأرصاد المتقنة، تغير أوج الشمس، وحسب السنة بمقدار 365 يوماً و5 ساعات و 46 دقيقة و24 ثانية، والفلكيّون اليوم يحسبونها 365 يوماً و5 ساعات و48 دقيقة و47 ثانية، ووضع البتاني أزياجاً مضاعفة، توجب من الظلال ما يطابق سموت الشمس، ومن السموت ما يطابق الظلال، وصحّح بعض ما توصل إليه بطليموس وصحّح بعض حركات القمر والكواكب السيّارة، وتثبت من مواقع كثير من النجوم. ووصف أبو الريحان البيروني في كتابه (القانون المسعودي) حركة الكرة السماويّة اليوميّة الظاهريّّة حول الأرض، وكتب في عروض البلدان، وصورة الأرض، وسمت القبلة، وأوضاع المدن المشهورة. وعيّن الجهات الأصليّة بسبع طرق مختلفة، وقاس طول السنة بدقة متناهية، وشرح ظاهرة المدّّ والجزر، وفسّر ظاهرة كسوف الشمس، واستنتج معادلة لقياس محيط الأرض.
وضع علماء الفلك المسلمين كتباً كثيرةً مشهورة في علم الفلك منهم: محمد بن جابر البتاني صاحب كتاب: (معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك) و(الزيج) و(شرح المقالات الأربع لبطليموس) وعلي بن عبد الرحمن بن يونس صاحب كتاب: (الزيج الحاكمي) ومحمد بن أحمد البيروني ، صاحب كتاب: (القانون المسعودي في الهيئة والنجوم) و(التفهيم لأوائل صنعة التنجيم). يعتبر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أوّل واضع للتاريخ فى الإسلام، وذلك حين كتب أبو موسى الاشعري إلى عمر أنّه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيّها نعمل فقد قرأنا صكاً محلّه شعبان فما ندري أي الشعبانين أهو الماضي أم القابل، وقيل رفع لعمر صك محلّه شعبان فقال: أي شعبان هذا هو الذي نحن فيه أو الذي هو آت، ثم جمع وجوه الصحابة رضي الله عنهم وقال: إنّ الأموال قد كثرت وما قسّمناه غير مؤقت فكيف التوصّل إلى ما يضبط به ذلك، فقال له الهرمزان وهو ملك الاهواز وقد أسر عند فتوح فارس وحمل الى عمر وأسلم على يديه: إنّ للعجم حساباً يسمونه ماه روز ويسندونه إلى من غلب عليهم الأكاسرة فعرّبوا لفظة ماه روز، ومصدره التاريخ واستعملوه في وجوه التصريف، ثم شرح لهم الهرمزان كيفيّة استعمال ذلك فقال لهم عمر: ضعوا للناس تاريخاً يتعاملون عليه وتصير أوقاتهم فيما يتعاطونه من المعاملات مضبوطة، فقال بعض من حضر من مسلمي اليهود: إنّ لنا حساباً مثله مسنداً إلى الإسكندر فما ارتضاه الآخرون لما فيه من الطول، وقال قوم: نكتب على تاريخ الفرس، قيل: إنّ تواريخهم غير مسندة إلى مبدأ معيّن بل كلما قام منهم ملك ابتدأوا التاريخ من لدن قيامه وطرحوا ما قبله فاتفقوا على أن يجعلوا تاريخ دولة الاسلام من لدن هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ وقت الهجرة لم يختلف فيه أحد بخلاف وقت ولادته ووقت مبعثه صلّى الله عليه وسلّم. من فروع علم الهيئة وهي صناعة حسابيّة على قوانين عدديّة فيما يخصّ كل كوكب من طريق حركته، وما أدّى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطؤ واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة ولهذه الصناعة قوانين كالمقدّمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيّام والتواريخ الماضية وأصول متقرّرة من معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات واستخراج بعضها من بعض يضعونها في جداول مرتّبة تسهيلاً على المتعلّمين وتسمى الأزياج، ويسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت المفروض لهذه الصناعة تعديلاً وتقويماً وللناس فيه تآليف كثيرة من المتقدّمين والمتأخّرين مثل البناني وابن الكماد. عرّف صاحب مدينة العلوم: علم الزيجات والتقاويم بأنّه: علم يتعرف منه مقادير حركات الكواكب سيما السبعة السيّارة وتقويم حركاتها وإخراج الطوالع وغير ذلك منتزعا من الأصول الكليّة ومنفعته معرفة الاتصالات من الكواكب من المقارنة والمقابلة والتربيع والتثليث والتسديس والخسوف والكسوف وما يجري في هذا المجرى. جاء في (كشّاف إصطلاحات الفنون) منفعته معرفة موضع كل واحد من الكواكب السبعة بالنسبة إلى فلكه وإلى فلك البروج وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها وتشريقها وتغريبها وظهورها واختفائها في كل زمان ومكان وما أشبه ذلك من اتصال بعضها ببعض وكسوف الشمس وخسوف القمر وما يجري هذا المجرى، والغرض منه أمران: أحدهما ما ينتفع به في الشرع وهو معرفة أوقات الصلوات، وسمت القبلة والساعات وأحوال الشفق والفجر، وثانيهما: معرفة الأحكام الجارية في عالم العناصر وهذه المعرفة لكونها مبنيّة على أمور واهية ودلائل ضعيفة لا تفيد شبهة فضلا عن حجّة، ولهذا لا يعتد بها في الشرع والذي يصح منها في بعض الأوقات فإنّما هو بطريق الاتفاق وذلك لا يدلّ على الصحة. وانفع الزيجات الإيلخاني الذي تولاه خواجه نصير الدين الطوسي وأتقنها زيج ألوغ بيك بن شاهرخ مرزا ابن أمير تيمور، وقد تولاّه بسمرقند غياث الدين جمشيد ، وتوفاه الله تعالى في مبادىء أحواله، ثم تولاّه قاضي زاده الرومي، وتوفاه الله تعالى أيضا قبل إتمامه، وإنّما أتمّه وأكمله علي بن محمد القوشجي، وأهل مصر يعتنون بالزيج المصطلح، وأهل الشام يعتنون بزيج ابن شاطر، والزيجات غير ما ذكر كثيرة يعرفها أهلها. والزيج عبارة عن كتاب يحوي جداول حركات الكواكب، ويؤخذ منها التقويم، ومن أشهر الأزياج وأفضلها (زيج ابن يونس) لعلي بن عبد الرحمن بن يونس، بالإضافة إلى (الزيج الصابي) لمحمد بن جابر البتّاني، ووضع أبو العباس الفضل بن حاتم التبريزي (الزيج الكبير) على مذهب السند هند، و(الزيج الصغير) وصنّف محمد بن عبد الله البازيار (زيج البازيار) وأبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (زيج الدينوري) ومن الأزياج: (الزيج الرضواني) وصاحبه رضوان أفندي الفلكي، و(الزيج المأموني) وصاحبه الخليفة المأمون ، و(الزيج المصري) المعروف بزيج يونس لعلي بن عبد الرحمن بن يونس الصدفي، و(زيج إيلخاني) لنصير الدين محمد بن الحسن الطوسي، و(الزيج الشامل) لأبي الوفا محمد بن أحمد البوزجاني، و(زيج ابن الشاطر) لابن الشاطر الأنصاري الدمشقي، و(زيج ألوغ بيك) لمحمد شاهرخ. وصار من حق الشرق أن يفخر بإنجازات أبي معشر جعفر بن محمد بن عمر الفلكي في مجال دراسة الحوادث السماويّة (الكسوف والخسوف)، وأبناء موسى بن شاكر ، في وضع تقاويم منازل السيّارات، وابني أماجور، في منازل القمر، وأبي سهل الكوهي في رصد الانقلاب الصيفي، ورصد الاعتدال الخريفي، وأبي الوفاء البوزجاني في تصحيح الأرصاد القديمة، وأبي عبد الله البتاني في الأرصاد المتقنة، وامتحان حركة الكواكب، والعناية بأحكام النجوم، والفرغاني في تناول الحركات السماويّة، وأبي الريحان البيروني في استخدام حساب المثلثات لقياس محيط الأرض، ووضع التقويم الجلالي ـ نسبة إلى السلطان السلجوقي ملكشاه ـ في مدينة إصفهان، واشترك في وضعه وإصلاحه أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام، بتشجيع الوزير نظام الملك. وبلغ من اهتمام المسلمين بهذا العلم أنّهم أنشأوا مدارس لتعليمه، ففي الأندلس أقام مسلمة بن أحمد المجريطي، إمام الرياضيّين في وقته، وأعلم من كان قبله لعلم الأفلاك وحركات النجوم، مدرسته المشهورة التي تخرّج منها نخبة من علماء الفلك أمثال: أحمد بن عبد الله بن عمر المعروف بابن الصفّار، وأبي السمح إصبغ بن محمد بن أبي السمح، وأبي الحسن علي بن سليمان الزهراوي، وعمر بن أحمد بن خلدون. وذكر الأستاذ محمد المنوني (حضارة الموحّدين) أنّه عثر على أثر نفيس يدل على ما كان حينئذ من الاعتناء بمراقبة الأهلّة، وذلك أنّه كان يوجد في هذا العصر خارج باب الجيسة من فاس، قبلة سيدي علي المزالي، برج جليل يسمى برج الكوكب، كان مخصوصاً بمراقبة الهلال، وقد جعل في أعلاه نوافذ على عدد شهور السنة يراقب كل شهر من واحدة منها. وذكر حاجي خليفة أنّ لعبد الرحمن بن عيسى بن مرشد العمري الحنفي المفتي بمكة المقتول سنة 1037 كتاب مختصر ألّفه في شعبان سنة خمس وألف أوّله ما بزغت من مطالع الألفاظ أهلّة المعاني، اخترع فيه طريقةً يستخرج منها غرّة الهلال من سني الهجرة إلى غير النهاية ورتبه على ثلاثة أبواب وخاتمة. أما ما ينسب إلى العرب من اختراع آلات الرصد، وقياس ارتفاع الكواكب، وتحديد مطالع البروج، واختراع جهاز الإسطرلاب أحد منجزات العقل العربي في هذا المضمار، وجعله علماً فيدلّ على سمو فكرهم وارتقائه. كان للمراصد في عصر المأمون عدة سمات هامة لعل أهمها البرامج البحثية المحددة، كانت المهمة الكبرى لتلك المراصد الأولى إيجاد جداول فلكية مبنية على أرصاد حديثة للشمس والقمر فقط. ولكن فضلاً على كون البرامج المرسومة لها محدودة، فإنها كانت بُدائية بعض الشيء من حيث الإدارة والتنظيم المالي، والواقع أن طبيعة العمل المحددة التي نيطت بمرصدي المأمون في الشماسية وقاسيون قد جعلتهما لا يرقيان إلى مستويات المراصد المتكاملة التي عرفها العالم الإسلامي فيما بعد. ظهر المرصد الإسلامي بشكل أكثر تطورًا بعد زمن المأمون بحوالي قرن ونصف قرن، وكان أكثر تنظيمًا من الناحية الإدارية، وعندما نشأ مرصد شرف الدولة أصبح له مدير يشرف على تدبير شؤونه، واقترن ذلك بتوسعة برنامج الرصد بحيث صار يشمل الكواكب كافة، ولقد أمكن تحقيق هذا الجانب الأخير من تطور المراصد على مرحلتين، ذلك أن هناك دليلاً على أن بعض برامج الرصد قد اقتصرت على مشاهدة الكواكب السريعة فقط إلى جانب الشمس والقمر. كانت المهمة الرئيسية للأعمال التي يضطلع بها المرصد تتمثل في إقامة جداول فلكية جديدة لكل الكواكب مبنية على أرصاد حديثة. وكان هناك ميل واضح نحو تصنيع آلات تزداد حجمًا على مر الزمن ونزوع إلى توفير هيئة عاملة متميزة، وذلك بموجب التقدم الذي أمكن تحقيقه في هذا الاتجاه أيضًا، ومن شأن التطورات أن تعمل على تعزيز اعتقاد مفاده أن نشأة المراصد، باعتبارها مؤسسات، ترجع في أصلها إلى الخلفاء والملوك. ويعد المرصد الذي شيده السلطان السلجوقي ملك شاه في بغداد مرحلة أخرى من مراحل تطور العمل في المراصد، وإن لم يتوافر لدينا إلى الآن معلومات كافية حول عمل هذا المرصد، وظل هذا المرصد يعمل لفترة تزيد على عشرين عاماً، وهي فترة زمنية طويلة نسبيًّا بالنسبة لعمر المراصد، وقد رأى الفلكيون آنذاك أنه يلزم لإنجاز عمل فلكي فترة زمنية لا تقل عن 30 عاماً. يعد القرن السابع الهجري أهم حقبة في تاريخ المراصد الإسلامية؛ لأن بناء مرصد المراغة تم هذا القرن، ويعد هذا المرصد واحدًا من أهم المراصد في تاريخ الحضارة الإسلامية، وتقع المراغة بالقرب من مدينة تبريز. بُني المرصد خارج المدينة، ولا تزال بقاياه موجودة إلى اليوم، وقد أنشأه "مانجو" أخو "هولاكو". كان مانجو مهتمًا بالرياضيات والفلك، وقد عهد إلى جمال الدين بن محمد بن الزيدي البخاري بمهمة إنشاء هذا المرصد، واستعان بعدد هائل من العلماء منهم: نصير الدين الطوسي، وعلي بن عمر الغزويني، ومؤيد الدين العرضي، وفخر الدين المراغي، ومحيي الدين المغربي وغيرهم كثير. ويعد مرصد المراغة أول مرصد استفاد من أموال الوقف؛ إذ وقفت عليه عقارات وأراضٍ، لكي يتم ضمان استمرارية العمل به؛ ولذا ظل العمل جاريًا في المرصد إلى عام 1316م وشهد حكم سبعة سلاطين اهتموا به وبرعايته. وتكمن السمة الثالثة لمرصد المراغة في النشاط التعليمي الهام الذي تم فيه، فقد تم تعليم العديد من الطلبة في المرصد علم الفلك والعمل على الآلات الفلكية. كما كان بالمرصد مكتبة ضخمة ضمت آلاف المخطوطات في شتى مجالات المعرفة. أسس مرصد مراغه "أولغ بك" حفيد "تيمورلنك" في سمرقند، وفي عام 1908 تم الكشف عن موقع هذا المرصد حين نجح "ج.ل فاتكن" في العثور على وقفية من وقفياته تحدد مكانه بالضبط في المدينة، واستطاع في أثناء تنقيباته الأثرية أن يعثر على قوس كبيرة كانت تستخدم في تحديد منتصف النهار، وتعتبر أهم الأدوات الفلكية في المرصد. يقع المرصد الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 21 مترا على تل ذي قاعدة صخرية، وتبلغ مساحة السطح لذلك التل حوالي 85 مترًا من الشرق إلى الغرب، وحوالي 170 مترًا من الشمال إلى الجنوب. وتحيط بالمبنى الرئيسي للمرصد حديقة، وأماكن إقامة لغرض السكن. وهذا ما يدل على فخامة المبنى وعظمته، ويستدل من الاكتشافات الأثرية أن ذلك المبنى كان أسطواني الشكل وذا تصميم داخلي دقيق ومحكم. ولم يكن دمار مرصد سمرقند وزواله ناجمين، في رأي فاتكن، عن عوامل طبيعية؛ إذ من المحتمل أن يكون بعض الدمار قد نجم عن استخدام رخامه في عمليات بناء أخرى. وقد وضعت جداول فلكية في المرصد، عرفت بجداول "أولغ بك" وتعد من أدق الجداول في العالم. ومن المعروف أن قبة المرصد، استغلت في وضع الجداول؛ حيث كان يوجد بها نقوش تحدد الدرجات والدقائق والثواني وأعشار الثواني لأفلاك التدوير، وللكواكب السبعة، وللنجوم المتحيرة، وللكرة الأرضية بتقسيماتها من حيث الأقاليم والجبال والصحارى. وممن عملوا في هذا المرصد "غياث الدين الكاشي" الذي برع في ميدان النماذج الميكانيكية للحركات السماوية.
من من أشهر علماء الفلك العرب
البتاني
هو أبو عبد الله بن جابر بن سنان الحراني ولد في بتان بالقرب من حران وإليها يعود نسبه ، توفى سنة 317 هجرية 929 م وقف البتاني حياته على رصد الافلاك عام 877 م وبقى كذلك طال حياته من إنجازاته الفلكية الهامة أنه تمكن من تحديد ميل دائرة البروج وحدده بأنه يساوي 23 جدرة – 35 دقيقة .
لقد حسب الفلكي لالند ميل دائرة البروج بعد ألف سنة من البتاني ووجده يساوي 23 درجة – 35 دقيقة – 41 ثانية أي أن الفرق بين حسابات البتاني وحسابات لالند لميل دائرة البروج هو الثاوني فقط 41 ثانية وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عظمة البتاني الذي أطلق عليه بطليموس العرب ويدل ذلك أيضاً على مدى تقدم ودقة آلات الرصد العربية في تلك العصور وينسب إلى البتاني أيضا
1- أنه أول من كشف السمت وحدد الفصول والمدار الحقيقي والمتوسط للشمس كما حدد طول السنة المدارية أيضاً .
2- تصحيحه لارصاد القدماء من مواقع النجوم وفضلاً عن كل ما سبق فإن البتاني يعتبر مؤسس علم الفلك كتبه الهامة وهي كثيرة منها ( زيج الصابي ) الذي ألفه سنة 299 هجري وترجم إلى اللاتينية عدة مرات ونقل إلى الاسبانية في القرن الثالث عشر اعتماد البتاني في كتاب زيج الصابي على أرصاده الشخصية ولكتابة أثر كبير في علم الفلك وعلم المثلثات خلال العصور الوسطى وفي أوائل عصر النهضة .
3- تمكن البتاني من تحديد السنة الشمسية بأنها 365 يوما – 5 ساعات – 46 دقيقة – 24 ثانية وتقل هذه المدة عن القيمة الصحيحة بدقيقتين و22 ثانية فقط.
أبن الشاطر
هو ابو الحسن علاء الدين علي بن ابراهيم بن محمد الأنصاري المعروف بابن الشاطر وهو من مواليد دمشق سنة 1304 هجري وتوفى سنة 1375 هجري من انجازات ابن الشاطر الفلكية أنهابتكر الاسطرلاب وصحح الساعة الشمسية المزولة وشرح نظريات بطليموس وانتقدها برهنت ارصاد ابن الشاطر الفلكية على عدم صحة نظرية بطليموس القائلة بوقوع الأرض في مركز الكون . من مؤلفات ابن الشاطر (الزيج الجيد) الذي اعتمد فيه على التجربة والمشاهدة والاستنتاج وقدم فيه نماذج فلكية تعتمد على ذلك.
البيروني
هو أبو الريحان محمد بن احمد البيروني 973-1048 م ، اشتهر البيروني بعلم الفلك ومن إنجازاته في هذا المجال :
أ. استنتاجه أن الشمس أكبر من الأرض وأكبر من القمر
ب. حسابه محيط الأرض بحدقة وتحديده القبلة بتطبيق قوانين رياضية
ج. تقريبه للنسبة التقريبية ( ط ) إلى أقرب عدد مستخدم حالياً وهو 3.14183
د. ذكر البيروني أن الشمس ليست السبب في تفاوت الليل والنهار بل أن الأرض هي التي تدور حول نفسها كما تدور مع الكواكب والنجوم حول الشمس الإضافة إلى اشتهاره بعلم الفلك فالبيروني فيلسوف وعالم جغرافي من علماء الفيزياء والرياضيات.
حدد البيروني الكثافة النوعية لعدة معادن وأحجار بدقة قريبة من التقديرات الحديثة لها تنبأ البيروني عن حدوث التطورات الأرضية البطيئة فقد كان اعتقاده أن نهر السند كان قديماً حوضاً بحرياً ملأته الرواسب التي حملها النهر وبالإضافة إلى كل ذلك فقد كان البيروني على معرفة بوجود قوى الجاذبية بين الأجسام قل أن يكتشفها نيوتن.
الفلك في عصر النهضة الاوروبية
بدا علم الفلك في عصر النهضة الاوروبية سنة 1543 م، عندما قدم نيكولاس كوبرنيكس نموذج مركزية الشمس للمجموعة الشمسية.ثم جاء غاليليو غاليلي ويوهانس كيبلر مدافعين عن عمل كوبرنيكوس، ثم قاموا بتوسيعه وتصحيحه. وواصل غاليليو ابتكاراته مستخدماً التلسكوب لتعزيز ملاحظاته. ويعد كبلر أول من وضع نظام لوصف تفاصيل حركة الكواكب مع الشمس في المركز بشكل صحيح. ومع ذلك، لم ينجح كبلر في صياغة نظرية تدعم القوانين التي دونها.وجاء اختراع نيوتن للديناميات السماوية وقانون الجاذبية ليفسر حركة الكواكب. كما طور نيوتن التلسكوب العاكس. وجاءت المزيد من الاكتشافات متزامنة مع تحسينات في حجم وجودة التليسكوب.كما أنتج لاكايل المزيد من القوائم النجمية.وقام عالم الفلك وليم هرشل بعمل قائمة مفصلة حول الضبابية والتكتلات، كما اكتشف كوكب أورانوس في عام 1781، وهو أول كوكب جديد يُكتشف. تم تحديد أول مسافة لنجم في عام 1838 عندما قام فريدريش بسل بقياس تزيح النجم الثنائي 61 Cygni. وخلال القرن التاسع عشر، أدي اهتمام ويلر، وكليروت، ودالمبرت بمشكلة الجسم الثلاثي، إلى وجود تنبؤات أكثر دقة حول حركة القمر والكواكب. وقام لاغرانج وولابلاس بتلقيح هذا العمل، مما سمح بتقدير كتلة الأقمار والكواكب. ظهر تقدم كبير في مجال علم الفلك مع إدخال التكنولوجيا الجديدة، بما في ذلك منظار التحليل الطيفي، والتصوير الفلكي. واكتشف فراونهوفر حوالي 600 مجموعة من الألوان داخل طيف الشمس في 1814-15، والتي أرجعها كيرشوف في عام 1859 إلى وجود عناصر مختلفة. وثبت أن النجوم مشابهة للشمس الأرضية، ولكن مع اختلاف كبير في درجة الحرارة، والكتلة، والحجم. ولم يثبت وجود مجرة كوكب الأرض، مجرة درب التبانة، باعتبارها مجموعة منفصلة من النجوم إلا في القرن العشرين، بالإضافة إلى المجرات "الخارجية"، والتوسع الكوني الملحوظ في تراجع معظم المجرات عنا.واكتشف علم الفلك الحديث العديد من الأجسام الغريبة مثل النجوم الزائفة، والنباض، والمتوهجات، والمجرات الراديوية، كما استخدم تلك الاكتشافات لتطوير النظريات الفيزيائية التي تصف بعض هذه الأجسام بالتساوي مع الأجسام الغريبة مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية. وتقدم علم الكونيات الفيزيائي خلال القرن العشرين، من خلال نموذج الانفجار الكبير والذي دعمته أدلة من علم الفلك والفيزياء مثل إشعاع الخلفية الميكروني الكوني، وقانون هابل، والتوافر الكوني للعناصر.
علم الفَلَك astronomy هو احد العلوم الكثيرة التي اتاحها اللَّه تعالى للانسان، فمن خلال المادة الفلكية المتوافرة، من سماء ونجوم وكواكب وظواهر كونية مختلفة، وضع الانسان قواعد وقوانين شكّلت هذا العِلم الذي نطلق عليه (علم الفَلَك). وبازدياد الارصاد والمعلومات والملاحظات والقواعد والقوانين تطور علم الفَلَك، واصبح علماً مرموقاً بين العلوم.
وعلى هذا يمكن تعريف علم الفَلَك:
هو علم يدرس الاجرام السماوية والظواهر الكونية، دراسة علمية منظّمة، مستخدماً في ذلك ما توافر له من نظريات علمية واجهزة تكنولوجية.
وعلم الفَلَك هو علم قديم، قِدَم الانسان على سطح الارض، وفي بدايته امتزج بالأوهام والخرافات والاساطير والآلهة والتنجيم، ثم تطوّر شيئاً فشيئاً، وانفصل اخيراً عن كل ما له علاقة بغير العلم، ليخلص علماً خالصاً مجاوراً لعدد من العلوم المتينة، كالرياضيات والفيزياء والكيمياء وما شابهها. مستفيداً من امكاناتها وقوانينها، في سبيل انجازات فلكية علمية دقيقة.
وبعد المعاناة الطويلة التي كابدها الفَلَك على سطح الارض، نجح النصف الثاني من القرن العشرين في اطلاق (الفَلَك) الى الفضاء لتقرأ اجهزته المادة السماوية قراءة ميدانية مباشرة، وبهذا النجاح تضامن الفَلَك والفضاء لتقديم انجازات ومعلومات ادق عن الكون.
فوطأ الانسان بأقدامه سطح القمر وقرأه قراءة ميدانية مباشرة جالباً صخوره وحصاه الى المختبر الارضي. وحطّت مركبة الفضاء فايكنغ على سطح المِرِّيخ وحللت تربته ميدانياً... وجابت الاقمار الصناعية والمراصد الفضائية الفضاء لتقرأ السماء هذه المرة قراءة مباشرة أو شِبه مباشرة.
وهكذا اقترن الفضاء بالفَلَك، مضيفاً اليه ذراعاً علمية امتدت الى اعماق الكون، والتقطت صوراً ومعلومات فاقت كل ما انجزه الفَلَك في تاريخه الطويل.
الفلك في حضارة وادي الرافدين
تميّزت حضارة وادي الرافدين بكونها اكثر الحضارات القديمة تقدماً في علم الفلك، وقد درس الباحثون المتخصصون في علم الفلك هذه الحضارة وقدّموا كثيراً من المعلومات الفلكية القيمة التي فاقت بها الحضارات المعاصرة لها. عندما يتحدث الباحثون المتخصصون في علم الفلك والحضارات القديمة يقولون إن حضارة العراق القديمة تعدّ اهم حضارة فلكية في التاريخ القديم، وقد أكد هذه الاهمية اكثر من باحث علمي، يقول الاستاذ طه باقر: من الأمور التي أجمع عليها مؤرخو العلوم أن اسس علم الفلك، مثل الرياضيات، قد وضعت في حضارة وادي الرافدين قبل نحو4000 سنة. وحين تتحدث الكاتبة الفرنسية "مارغريت روثن" عن علم الفلك الرافديني تقول: إن من بين سائر العلوم التي أنشأها البابليون واستخدمها الكلدانيون يحتل علم الهيئة مكاناً مرموقاً، لا يعلو فوقه سوى الرياضيات. وتقول أيضاً: تظهر اللوائح واليوميات المدوّنة بموجب الرصد روحاً علمية حقه. غير ان المعارف التي وصلتنا لا تبيّن لنا بأن البابليين ـ الكلدانيين توصلوا إلى شرح هذه الظواهر وفق نظم الفيزياء، انما ظلت منوطة إلى آخر الأمر بمفاهيمهم الدينية التي كان علم الفلك خاضعاً لها، فبقيت النظريات الفلكية عرضاً وصفياً. والذي لا ريب فيه أن الفلك والتنجيم يتداخلان في هذه الحضارة كما في سائر الحضارات القديمة الأخرى.
فعلم الفلك عند اهل بلاد الرافدين ذو طبيعة دينية تنجيمية، يقول هاري ساكز: تنص قصة الخليقة بشكل خاص على ان الارض هي القسم المقابل للسماء، ولذا فان أي حدث في السماء لابد أن يكون له مقابل على الارض. ويتحدث هاري ساكز عن علاقة الفلك بالتنجيم في وادي الرافدين بقوله: ومن الأمور المسلم بها بصورة عامة ان علم الفلك نشأ عن التنجيم، غير أنّ الأدلة من بلاد بابل لا تؤيد هذا الاستنتاج بصورة جلية، ومن المؤكد ان بعض الارصادات الفلكية الاولى قد استخدمت لتزويد المادة لقراءة الطالع. غير ان الاستاذ "طه باقر" يؤكد ان التنجيم كان من التائج الثانوية لعلم الفلك حيث نشأ هذه العلم من الحاجات لضبط الفصول والتقويم والزمن وقياسه وحسابه. لقد لعب تقدمهم في الرياضيات دوراً مهماً في تطوير المعلومات الفلكية وجعلها علماً منظماً دقيقاً ولاسيما انهم في عصورهم المتأخرة -منذ القرن السادس قبل الميلاد- استبدلوا الرصد المباشر للاجرام السماوية بالحسابات الفلكية فنشأ الفلك الرياضي وبلغ اوج تقدمه في العصر السلوقي في العراق -القرن الرابع قبل الميلاد- حيث دخلت الحسابات الأرضية في الفلك. لقد اهتمت حضارة وادي الرافدين بالاجرام السماوية التي تستطيع رصدها بالعين المجردة، ومن التلال وببضعة ادوات فلكية بسيطة، كالنجوم والكواكب السيارة والشمس والقمر والظواهر الكونية الواضحة. ولا شك أن الهدف لم يكن علمياً بالمعنى العلمي المنهجي، لكن هذا الاهتمام أنتج في الاثناء فلكاً وارصاداً سماوية جمة.
ويذكر الباحثون ان اهم ما خلف لنا سكان وادي الرافدين من انجازات مهمة هو "نظام العد الستيني" فقد جعلوا الوحدة الكبيرة في العد هي (الستين)، فقسّموا الدائرة إلى 360 درجة، وقاسوا الزوايا بالدرجات والدقائق والثواني وهذا النظام فاق النظام العشري ببعض الميزات ولا سيما في الحسابات التي تضمّ الكسور التي كانت أيسر قمسة، لان الترقيم ستين يقبل القسمة على عدد كبير من الارقام: 1، 2، 3، 4، 5، 6، 10، 12، 15، 20، 30. لقد كان ابناء العراق القدامى راصدين متقدمينً جيدين، يعتقد الباحثون في تاريخ العلوم أنه ليس هناك دليل ـ في الوقت الحاضر ـ على وجود ارصاد فلكية منظمة في الالف الثالث قبل الميلاد، وان اقدم الامثلة المعروفة لمثل هذه الارصادات جاء من عهد الملك (امي صادوقا) احد ملوك سلالة بابل الأولى. وجداول (الزهرة ـ امي صادوقا) هي الواح طينية تحتوي على ارصاد خاصة بالزهرة أجريت زمن الملك امي صادوقا، وهي من أهم الأرصاد الفلكية المدونة الواصلة الينا من العهد البابلي، وهي تتحدت أساساً عن شروق الزهرة وغروبها. وقد اخذت على الاكثر لقراءة الطالع ومن خلال هذه الارصاد عرف البابليون اول ظهور الزهرة وآخر ظهور لها، وعرفوا ايضاً مدة اختفائها. إضافة إلى ذلك ادرك العراقيون القدماء (في العصر البابلي) اموراً فلكية عديدة منها: ان الشمس والقمر والسيارات الخمسة اتبعت في مسيرها منطقة محددة في السماء عرفت بمنطقة البروج. وهي منطقة مقسمة إلى اثني عشر قسما، والقسم الواحد ثلاثون درجة (أي 12 برجاً) كما نعرف الآن، والبروج هي عبارة عن مجموعات نجمية ذات اشكال محددة. ان ملاحظة ورصد البابليين للسماء وبشكل مستمر افرز ارصاداً فلكية كثيرة ومادة علمية جيدة اغنت الفلك القديم، وكان تنظيم التقويم يتطلب من البابلييين القيام بوضع يوميات تخص الشمس والقمر والنجوم. وكانوا قد ثبتوا في عهد قمبيز لوائح باتصالات القمر بالكواكب الخمسة الأخرى ولائحة أخرى تمدد اتصالات الكواكب فيما بينها. وعرف سكان وادي الرافدين ادوات فلكية بسيطة كالمزاول وادوات أخرى، والمحصلة النهائية ان المعلومات والملاحظات الفلكية التي وفرها البابليون والارصاد الكثيرة التي قام بها سكان وادي الرافدين جعلتهم أهم الحضارات القديمة في مجال علم الفلك.
الفلك عند الفراعنه
ان ما دفع بقدماء المصريين للاهتمام بالنجوم و الاجرام الكونيه هو ربطهم بعباداتهم حيث عبدوا الشمس و اطلقوا عليها اسم (رع) وقد تصوروها وهي محموله على قارب وتسبح في الفضاء الذي اطلقوا عليه اسم (شو) وقد اعتقدوا ان الشمس عندما تغيب في الأفق الغربي ويحل الظلام تنزل الى العالم السفلي وأسموه (دات) ويأتي نائبه القمر واطلقوا عليه الاله (تحوت). وقد كانت الحضارات القديمه تقدس الانثى وانها المحتوى للخلق لذلك جعلوا منها آلهة للكون وتجلت هذه النظره عند قدماء المصريين حيث مثلوا الارض وهي على شكل رجل مستلقي على بطنه اسمه الاله(جب) وكل شي في الارض من احياء وجماد على ظهره، وتصوروا السماء امرأه منحنيه محيطه بالارض ترتكز على اطراف اصابع يديها وقدميها واطلقوا عليها الآلهه (تحوت) حيث يحملها اله الفضاء شو. ابتكر الفراعنه ادوات بسيطه للرصد الفلكي وتحديد مواقع الاجرام الفلكيه، وكانت اهم آله اعتمدوا وهي عباره عن اداتين تستخدم من قبل راصدين اثنين، فالأداة merkht عليها هي (المركت) الأولى عبارة عن غصن بلح قصير وسميك من احد طرفيه حيث يوجد في الطرف السميك شق رفيع، اما الأداة الثانيه فهي عباره عن مسطره ذات شاقول وهو خيط رفيع مربوط في اسفله قطعه من الرصاص حتى يشد الخيط ليصبح عاموديا، و تحمل بشكل أفقي. وطريقة استخدام المركت هو ان يقوم شخص بالجلوس بإتجاه الشمال و الآخر بإتجاه الجنوب بالنسبة للراصد، وتحدد الساعات عندما يجتاز النجم الخيط العامودي في المسطره الأفقيه بحيث تمر بالقلب او بالعين اليسرى او اليمنى او في اي جزء من جسم المشاهد فمثلا يقال ( النجم أري فوق العين اليسرى للمشاهد الساعه الثالثه). اما في النهار فقد استخدموا المزوله الشمسيه (قياس ظل عامود مثلا) لتحديد الوقت. كان قدماء المصريين اول الحضارات التي قسمت السنه الى (360) يوم، حيث قسموا السنة الشمسيه الى ثلاثة فصول كل فصل يتألف من أربعة شهور، وقد اطلقوا على الفصل الأول الفيضان او (قحط) والفصل الثاني هو (بيرث) او فصل الشتاء ويعني انزياح الماء من الاراضي، واطلقوا على الفصل الثالث الصيف أو (شمو) ويعني شح المياه. وكانو يطلقون على السنين التي تمر عليهم رموزا خاصه تدل على الحاكم في تلك السنين.وقد حسبوا أيضا ايام السنه الشمسيه عن طريق شروقين متتاليين لنجم "الشعرى اليمانيه" وهي ألمع نجم في كوكبة (الكلب الأكبر) . وكان سبب اهتمامهم بهذا النجم انه يرتبط بموعد فيضان نهر النيل حيث تتساقط الأمطار الموسمية على مرتفعات الحبشة فتتدفق السيول نحو النيل فيرتفع منسوب المياه فيحدث الفيضان السنوي، وقد توقف حدوث الفيضان في الوقت الحاضر بسبب بناء السد العالي جنوب مصر. لذلك لاحظ الفراعنه ان الفيضان يحدث عند شروق نجم الشعرى اليمانيه فاتخذوها ساعه كونيه واحد اهم الأسس في التقويم الفرعوني لتحديد موعد قرب حدوث الفيضان، والغريب ان نجم الشعرى اليمانيه يرتفع عن الأفق الشرقي درجه واحده فقط عند شروق الشمس خلال فترة الفيضان مما يجعل رصدها صعب بسبب الشمس مما يجعل رصدها صعبا وقد أثار ذلك استغراب العلماء في الوقت الحالي. كما استخدم الفراعنه ايضا السنه القمريه وعرفوا الشهر القمري من خلال شروقين متتاليين للهلال و قسموا السنه القمريه الى اثنا عشر شهرا، وقد اعتمدوا على التقويم القمري ليحددوا موعد الطقوس و المناسبات الدينيه حيث في كل سنه قمريه ثلاثة عشر عيدا رسميا ودينيا. اهتم الفراعنة بالنظر الى السماء و مراقبة النجوم ربما بسبب صفاء الجو معظم ايام السنه حيث رصدوا النجوم و المجموعات النجميه كالشعرى اليمانيه (لأهميته في تحديد وقت الفيضان) واطلقوا تسميات وتصورات خاصه بهم على المجموعات النجميه حيث تصورا (الدب الأكبر) Big Dipper على شكل رجل ممدود الذراعين على شكل عربه يجرها حصان و شبهوا كوكبة الدجاجه Cygnus وغيرها من المجموعات النجميه. أيضا اهتموا بالنجوم و اطلقوا على النجوم المحيطه بنجم الشمال بالنجوم الخالده, ومن احد اسباب اهتمامهم بها هو ان بعضها يمثل الفردوس لأرواح ملوك الفراعنه. واهتموا ايضا بالكواكب السياره الخمسة التي تشاهد على شكل نجوم لامعة واطلقوا عليها (النجوم التي لا ترتاح ابدا) بسبب حركتها المستمره بين النجوم وقد اطلقوا على كوكب المريخ (الحوري الأحمر ) واطلقوا ايضا على المشتري (بالنجم الثاقب) وزحل (حورس الثور) وقد اطلقوا ايضا على الزهره وعطارد (بنجمتي الصباح )عند ظهورهم في الصباح و (نجمتي المساء) عند ظهورهم بعد الغروب. ولقد كانت أرصادهم دقيقه للغايه حيث يتجلى ذلك في تعامد اشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني في معبد أبي سنبل بأسوان مرتين في السنه. التعامد الأول يحدث في يوم مولده وهو 22 فبراير و التعامد الثاني يحدث في 22 اكتوبر وهو يوم تتويجه للعرش. ظن الناس منذ فتره ان الاهرامات هي فقط عباره عن مقابر لحفظ جثث الفراعنه وممتلكاتهم وقد تبين بعد ذلك انها صممت لأهداف اخرى واول من بدأ قصة الاكتشاف شاب بلجيكي هو روبرت بوفال سنة 1979 عندما قرأ كتاب عن الطقوس الدينيه لقبائل الداغون يدعى (لغز الشعرى اليمانيه)The Sirius Mystery حيث درجوا على الاحتفال كل 50 سنه تقديسا لهذا النجم. وتبين بالأرصاد الفلكيه ان لهذا النجم رفيق عباره عن قزم ابيض يدور حوله كل 50 سنه وتستحيل رؤيته بالعين ولم يشاهد الا بالمراصد الفلكية الكبيرة، و الغريب في الأمر انه كيف استطاعوا تحديد هذه المده بالذات، هل يعقل ان تكون صدفة .. لا أحد يعلم؟!!! لذلك اهتم بوفال بالآثار القديمه وخصوصا الفرعونيه وتوقع انه يكتنفها العديد من الأسرار، وعند دراسته لأهرام الجيزه الضخمه (خوفو ، خفرع، منكاورع) وجد انها عباره عن نقل لصورة نجوم النطاق او (حزام الجبار) وهي عباره عن ثلاثة نجوم مصطفه في السماء. وعند رصده لهذه النجوم وجد ان لمعان نجم (دلتا الجبار) يقل لمعانه عن النجمين الآخرين و ايضا ينحرف عن مستواهما وعندما اخذت صوره للأهرام من الجو وجد ان هرم منكاورع يقل حجما من الهرمين الآخرين اضافه لإنحرافه عن مستواهما وبذلك بدت الصوره مطابقه بشكل مذهل لنجوم حزام الجبار مما يدل على انهم نقلوا صورة النجوم الى الاهرامات, و يستدل على ان الموضوع ليس مصادفه من خلال ان الاهرامات الثلاثه تقع غرب نهر النيل و نجوم النطاق تقع غرب نهر المجره (الحزام المجري) وهي الحزمة الضبابيه التي تقطع السماء من الشمال الى الجنوب تماما. ولم يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل اكتشفوا ان الاهرام بنيت بهندسة غاية في الدقه حيث ان زاوية وموقع هذه الاهرامات نسبة الى نهر النيل تتناسق تماما مع زاوية نجوم النطاق نسبة الى نهر المجره مما يدل على ان نهر النيل هو انعكاس لنهر المجره. وقد حدث هذا التطابق قبل 10500 عام حيث كانت درب التبانه تشاهد وكأنها تقطع السماء من الشمال الى الجنوب مثل نهر النيل مما دفع الفراعنه لبناء اهرامات الجيزه بهذا الشكل. ولقد اكتشف علماء الآثار فوهات في الأهرام تبتدأ من غرفة الملك وتنتهي بسطح الهرم، حيث وجدت فوهتين في غرفة الملك خوفو واثنتين ايضا في غرفة الملكه، احدى هاتين الفوهتين في غرفة خوفو تتجه جنوبا بإرتفاع 45 درجه تماما و الأخرى تتجه شمالا بإرتفاع 32 درجه و 28 دقيقه، اما فوهات الملكه فتتجه احداها جنوبا بإرتفاع 39 درجه و نصف والأخرى شمالا بارتفاع 39 درجه. وقد ظن علماء الآثار ان هذه الفوهات هي عباره عن مسالك للتهويه و لكن ذلك لم يقنع عالم الآثار المصري ( ألكسندر بدوي ) اذ احس ان اهمية هذه الفوهات تحوم حول معتقدات شعائريه ودينيه حيث اكتشف الباحثون داخل هرم خوفو متونا تدل على ان الفرعون الذي يموت تصعد روحه عبرها حيث الخلود. لذلك عندما نظر بدوي خلال هذه الفوهات لم يرى نجوم ذات اهمية فإستعان بفلكية امريكيه تدعى (فرجينيا تمبل) التي درست تغير اماكن النجوم نتيجة ترنح الاعتدالين وهي حركه بطيئة تتغير فيه مواقع النجوم الظاهرية في السماء بدرجه واحده كل 70 سنه فوجدت ان زمن ميلاد الأهرامات اي قبل حوالي 2450 سنه كانت الفوهه الجنوبيه في غرفة الملك خوفو تتجه نحو حزام الجبار او بالأخص نجم (زيتا الجبار) والغريب بالأمر ان الهرم نفسه يطابق موقع هذا النجم, مما يدعم نظرية ان بناء الاهرامات تتطابق مع نجوم النطاق، و ايضا تتجه الفوهه الشماليه الى نجم الفا التنين (الثعبان) الذي كان النجم القطبي زمن الفراعنه وقد تغير موقعه بسبب الحركه الترنحيه للأرض. وقد وجد الباحثون ان الفوهة الجنوبيه في غرفة الملكه تتجه نحو نجم (الشعرى اليمانيه )، والفوهه الشماليه في غرفة الملكه فتتجه الى نجم بيتا الدب الأصغر(كوشاب) وهو ألمع الفرقدين. وليس أهرام الجيزه فقط التي تصور السماء بل ايضا الأهرامات الأخرى كهرم ابو رواش الذي يقع شمال الجيزه يمثل نجم كابا الجبار وهرم زاوية العريان الذي يمثل نجم غاما الجباروهو ما يسمى عند العرب بــ( الناجذ) و الهرم الأحمر الذي يمثل نجم الدبران وايضا الهرم المنحني الذي بجانبه ويمثل نجم (ابسلون الثور) او مايسمى عند العرب بــ (القلائص).
عندما درس علماء الآثار الأهرام المصريه وجدوا فيها العديد من الأمور الغريبه و المدهشه في نفس الوقت وممكن تلخيصها في عدة نقاط وهي:
1) الجهات الأربع لهرم خوفو يتجه الى الجهات الرئيسيه الأربع بشكل غايه في الدقه تفوق دقة اتجاه بعض المراصد العالميه.
2) لو اخذت المسافه بين هرم خوفو ومدينة بيت لحم وقسمناها على الف سيكون الناتج 2138 وهو عدد السنين التي سبقت ميلاد النبي عيسى عليه اثناء بناء الأهرامات.
3) نسبة مجموع وزن حجارة الهرم الى كتلتها يماثل نسبة مجموع وزن الأرض الى كتلتها.
4) الظل الساقط من هرم خوفو يتحرك في كل يوم مقدار درجه واحده( بسبب انتقال موقع الشمس الظاهري في كل يوم مقدار درجة واحده) ولو حسبنا مقدار هذه الدرجات لوجدنا ان الظل يكمل 365 مره في السنه وهو عدد ايام السنه الشمسيه.
الفلك عند الاغريق
بدا علم الفلك الإغريقي من عام 600ق.م تقريبًا، حيث طور علماء الإغريق وفلاسفتهم عددًا من الأفكار الفلكية. فاعتقد فيثاغورث ـ الذي عاش في القرن السادس ق.م ـ أن الأرض كروية الشكل، وحاول أيضًا شرح طبيعة الكون وتركيبه ككل، وبذلك طور نظامًا كونياً في وقت مبكر. وفي نحو عام 370ق.م صمم يودوكسوس أوف كنيدوس نظامًا ميكانيكيًّا لشرح حركات الكواكب. ونادى يودوكسوس بأن الكواكب والشمس والقمر والنجوم تدور حول الأرض. وفي القرن الرابع قبل الميلاد أدخل أرسطو هذه النظرية الهندسية، نظرية مركزية الأرض، في نظامه الفلسفي. كذلك اقترح "هيراقليدس أوف بونتس" خلال القرن الرابع ق.م الميلاد، أن الحركة الظاهرية للأجرام السماوية ناحية الغرب راجعة في الحقيقة إلى دوران الأرض حول محورها في اتجاه الشرق. كما اعتقد أن عطارد والزهرة يدوران حول الشمس وليس حول الأرض. وخلال القرن الثالث قبل الميلاد ذهب أريستاركوس أوف ساموس لأبعد من ذلك فاقترح دوران الكواكب بما فيها الأرض حول الشمس ودوران الأرض حول محورها. وكان كل من هيراقليدس وأريستاركوس سابقين زمانهما ومع ذلك لم تستطع أفكارهما أن تحل محل نظرية مركزية الأرض. وفي حوالي عام 125ق.م قسم فلكي إغريقي يدعى هيبارخوس النجوم التي أمكنه رؤيتها إلى أنواع من التوهج. ونظام الأقدار الذي يستخدمه الفلكيون حاليًا صورة مطورة من هذا المقياس القديم. ويعرف هيبارخوس في التراث العربي والإسلامي باسم "أبوخس". اما نظرية مركزية الأرض التي وضعها الفلكي الإغريقي بطليموس فقد سادت علم الفلك حتى القرن السادس عشر الميلادي. وهذا الشكل للكون ومركزه الأرض مأخوذ من كتاب نشر عام 1524م. خلال القرن الثاني الميلادي، طور الفلكي الإغريقي "كلاوديوس بطليموس" الذي عاش في الإسكندرية بمصر نظريات أرسطو وهيبارخوس. وضمَّن بطليموس كتابه المجسطي أفكاره وملخص أفكار الفلكيين الإغريقيين وخصوصًا هيبارخوس. ويعد المجسطي المصدر الرئيسي لمعارفنا عن الفلك الإغريقي. وقد انتقد أبو محمد جابر بن الأفلح هذا الكتاب في كتابه المعروف بكتاب إصلاح المجسطي، ودعم انتقاده هذا عالم آخر أندلسي هو نور الدين أبو إسحق الأشبيلي في كتابه الهيئة. ظلت نظرية بطليموس عن مركزية الأرض سائدة لنحو 1500 عام. وتقبل الفلكيون جزءًا من أفكاره وجداوله التي وضعها للكواكب مسبقًا. وخلال معظم هذه الفترة أولى الأوربيون قليلاً من الاهتمام بعلم الفلك. هذا في الوقت الذي واصل فيه الفلكيون العرب رصد السماء وتنقيح ما جاء في كتابات بطليموس والمحافظة عليها. وأخيرًا ظهرت ترجمة المجسطي باللاتينية في القرن الثاني عشر فقدمت أفكار بطليموس إلى أوروبا.
الفلك عند المسلمين
عرفت الحضارات القديمة علم الفلك وارتبط فيها بالتنجيم ومعرفة الغيب، وهو ما ألقى بظلاله على علم الفلك عند المسلمين حتى عهد قريب، ولكن في حضارة الإسلام، تلك الحضارة التي نبذت التنجيم واعتبرته مخالفًا لعقيدتها، انفصل علم الفلك عن التنجيم، وأصبحت له قواعده العلمية التي يرتكز عليها. ولم يكن هذا الانفصال وليد الصدفة، بل وليد التجربة العلمية والقياس والاستنباط، والحاجة الإسلامية لتحديد مواعيد الصلاة واتجاه القبلة، حتى أصبحت المساجد الجامعة لا تخلو من فلكي يقوم بتحديد الوقت من خلال واحدة من الآلات الفلكية التي عرفها وابتكرها المسلمون. لقد كان علم الفلك في الحضارات القديمة تائهًا، ولكن مع العصر العباسي وفي خلافة المأمون بن هارون الرشيد، صار لهذا العلم موقع خاص، فلأول مرة نرى مراصد كبيرة لها مواقعها الثابتة والمتميزة، وآلاتها الضخمة المصنعة بعناية، والرعاية التي حظيت بها من قبل الدولة، وعدد الفلكيين الذين ارتبطت أسماؤهم بها. ويرى آيدين صاييلي -أبرز الباحثين الأتراك الذين درسوا المراصد الفلكية- أنه نشأت ظروف اقترنت بالإسلام، وكانت مواتية لتطور المراصد كمؤسسات، ذلك أن هناك ما يبرر القول بأن الإسلام شكل بيئة مناسبة لنشأة المراصد وتطورها، فلقد كانت هناك مرتبة خاصة لعلم الفلك في العالم الإسلامي، وكان هناك اهتمام بالرصد المباشر، وبدقة القياسات، وبالنظريات الرياضية، وبزيادة حجم الآلات، وبالإصرار على ممارسة الفلكيين أعمالهم في مجموعات، وبالميل إلى التخصص في مجالات ضيقة، وبالنزعة التجريبية عند علماء الإسلام. اهتم المسلمون بدراسة علم الفلك، لمعرفة أوقات الصلاة بحسب الموقع الجغرافي والفصل الموسمي، وتحديد اتجاه المسلمين إلى القبلة في صلواتهم، ورؤية هلال رمضان، والصوم، واخترعوا حسابات وطرقاً بديعة لم يسبقهم إليها أحد من اليونان والهنود والفرس. ويعود إلى المسلمين فضل تحرير علم الفلك وتطهيره من الشعوذة والدجل الذي واكب ظهور علم التنجيم في الأمم السابقة، وجعله علماً خالصاً يعتمد على النظريّة والبرهان، حيث أبطلت الشريعة الإسلامية التنجيم وأنكرته وكفّرت القائلين به، وردّت الحوادث كلّها إلى قدرة الله تعالى. وكان العلماء العرب يرون في علم الفلك علماً رياضيّاً مبنياً على الرصد والحساب، وعلى فروض تفضي لتعليل ما يرى من الحركات والظواهر الفلكيّة، وأقاموا كثيراً من المراصد، وسجّلوا ما رصدوه بمقاييس على أعظم جانب من الأهميّة، فقد رصدوا الكسوف والخسوف، ورصدوا الاعتدالين، وقاسوا محيط الأرض، وقدّروا أبعاد الكواكب والأجرام السماويّّّة، وصنعوا كثيراً من الآلات الفلكيّة، ووضعوا الأزياج الدقيقة (حول حركات الكواكب)، وكانت آراؤهم في الفلك هي التي مهّدت للنهضة الفلكيّة الكبرى. وكانت من اهم الاعمال التي قام بها الفلكيون العرب برعاية الخليفة العباسي المأمون، قياس محيط الأرض، ونقل الدكتور عبد الرحمن بدوي رواية سند بن علي فقال: قال ابن يوسف المصري في كتابه (الزيج الكبير الحاكمي): ذكر سند بن علي في كلام وجدته له أنّ المأمون أمره هو وخالد بن عبد الملك المروزي، أن يقيسا مقدار درجة من أعظم دائرة من دوائر سطح كرة الأرض، قال: فسرنا لذلك جميعاً، وأمر علي بن عيسى الإسطرلابي، وعلي بن البحتري بمثل ذلك، فسارا إلى ناحية أخرى. وأضاف سند بن علي قائلاً: فسرت أنا وخالد بن عبد الملك إلى ما بين واحة واسط وتدمر، وقسنا هنالك مقدار درجة من أعظم دائرة تمر بسطح كرة الأرض فكان سبعة وخمسين ميلاً، وقاس علي بن عيسى ، وعلي بن البحتري، فوجدا مثل ذلك، وورد الكتابان من الناحيتين في وقت واحد. وابتكروا جداول خطوط الطول والعرض لمواضع مختلفة في أرجاء العالم، واستخلصوا وسائل تحديد المواقع، وصحّحوا أغاليط القدماء، وأبدوا آراء صائبة في طبيعة الأجرام السماويّة. ورسموا خرائط النجوم المنظورة، مطلقين على القدر الأعظم منها أسماءً عربيّة، وصنعوا آلات جديدة للرصد، واخترعوا الآلات الفلكية لقياس الوقت بالساعات المتنوّعة، وكانوا السابقين لاستعمال الساعة الرقاصة، وطبّقوا حساب المثلثات على الأرصاد الفلكيّة. وقام أحمد بن يوسف ، وعبد الله بن سهل بن نوبخت، والفرغاني، الذين جدّوا في إصلاح الأزياج اليونانيّة، بتعيين أقصى بعد للشمس، وعنوا بأرصاد الاعتدال الشمسي، فأدّت هذه الأرصاد إلى تعيين دقيق لطول السنة، وكان للخسوف والكسوف وظهور النجوم المذنّبة والحوادث السماويّة نصيب كبير من البحث الدقيق، ولم يغب عن أولئك أكلاف الشمس. واكتشف أبو عبد الله محمد بن جابر البتّاني صاحب الأعمال العجيبة والأرصاد المتقنة، تغير أوج الشمس، وحسب السنة بمقدار 365 يوماً و5 ساعات و 46 دقيقة و24 ثانية، والفلكيّون اليوم يحسبونها 365 يوماً و5 ساعات و48 دقيقة و47 ثانية، ووضع البتاني أزياجاً مضاعفة، توجب من الظلال ما يطابق سموت الشمس، ومن السموت ما يطابق الظلال، وصحّح بعض ما توصل إليه بطليموس وصحّح بعض حركات القمر والكواكب السيّارة، وتثبت من مواقع كثير من النجوم. ووصف أبو الريحان البيروني في كتابه (القانون المسعودي) حركة الكرة السماويّة اليوميّة الظاهريّّة حول الأرض، وكتب في عروض البلدان، وصورة الأرض، وسمت القبلة، وأوضاع المدن المشهورة. وعيّن الجهات الأصليّة بسبع طرق مختلفة، وقاس طول السنة بدقة متناهية، وشرح ظاهرة المدّّ والجزر، وفسّر ظاهرة كسوف الشمس، واستنتج معادلة لقياس محيط الأرض.
وضع علماء الفلك المسلمين كتباً كثيرةً مشهورة في علم الفلك منهم: محمد بن جابر البتاني صاحب كتاب: (معرفة مطالع البروج فيما بين أرباع الفلك) و(الزيج) و(شرح المقالات الأربع لبطليموس) وعلي بن عبد الرحمن بن يونس صاحب كتاب: (الزيج الحاكمي) ومحمد بن أحمد البيروني ، صاحب كتاب: (القانون المسعودي في الهيئة والنجوم) و(التفهيم لأوائل صنعة التنجيم). يعتبر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضى الله عنه أوّل واضع للتاريخ فى الإسلام، وذلك حين كتب أبو موسى الاشعري إلى عمر أنّه يأتينا من قبل أمير المؤمنين كتب لا ندري على أيّها نعمل فقد قرأنا صكاً محلّه شعبان فما ندري أي الشعبانين أهو الماضي أم القابل، وقيل رفع لعمر صك محلّه شعبان فقال: أي شعبان هذا هو الذي نحن فيه أو الذي هو آت، ثم جمع وجوه الصحابة رضي الله عنهم وقال: إنّ الأموال قد كثرت وما قسّمناه غير مؤقت فكيف التوصّل إلى ما يضبط به ذلك، فقال له الهرمزان وهو ملك الاهواز وقد أسر عند فتوح فارس وحمل الى عمر وأسلم على يديه: إنّ للعجم حساباً يسمونه ماه روز ويسندونه إلى من غلب عليهم الأكاسرة فعرّبوا لفظة ماه روز، ومصدره التاريخ واستعملوه في وجوه التصريف، ثم شرح لهم الهرمزان كيفيّة استعمال ذلك فقال لهم عمر: ضعوا للناس تاريخاً يتعاملون عليه وتصير أوقاتهم فيما يتعاطونه من المعاملات مضبوطة، فقال بعض من حضر من مسلمي اليهود: إنّ لنا حساباً مثله مسنداً إلى الإسكندر فما ارتضاه الآخرون لما فيه من الطول، وقال قوم: نكتب على تاريخ الفرس، قيل: إنّ تواريخهم غير مسندة إلى مبدأ معيّن بل كلما قام منهم ملك ابتدأوا التاريخ من لدن قيامه وطرحوا ما قبله فاتفقوا على أن يجعلوا تاريخ دولة الاسلام من لدن هجرة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، لأنّ وقت الهجرة لم يختلف فيه أحد بخلاف وقت ولادته ووقت مبعثه صلّى الله عليه وسلّم. من فروع علم الهيئة وهي صناعة حسابيّة على قوانين عدديّة فيما يخصّ كل كوكب من طريق حركته، وما أدّى إليه برهان الهيئة في وضعه من سرعة وبطؤ واستقامة ورجوع وغير ذلك يعرف به مواضع الكواكب في أفلاكها لأي وقت فرض من قبل حسبان حركاتها على تلك القوانين المستخرجة من كتب الهيئة ولهذه الصناعة قوانين كالمقدّمات والأصول لها في معرفة الشهور والأيّام والتواريخ الماضية وأصول متقرّرة من معرفة الأوج والحضيض والميول وأصناف الحركات واستخراج بعضها من بعض يضعونها في جداول مرتّبة تسهيلاً على المتعلّمين وتسمى الأزياج، ويسمى استخراج مواضع الكواكب للوقت المفروض لهذه الصناعة تعديلاً وتقويماً وللناس فيه تآليف كثيرة من المتقدّمين والمتأخّرين مثل البناني وابن الكماد. عرّف صاحب مدينة العلوم: علم الزيجات والتقاويم بأنّه: علم يتعرف منه مقادير حركات الكواكب سيما السبعة السيّارة وتقويم حركاتها وإخراج الطوالع وغير ذلك منتزعا من الأصول الكليّة ومنفعته معرفة الاتصالات من الكواكب من المقارنة والمقابلة والتربيع والتثليث والتسديس والخسوف والكسوف وما يجري في هذا المجرى. جاء في (كشّاف إصطلاحات الفنون) منفعته معرفة موضع كل واحد من الكواكب السبعة بالنسبة إلى فلكه وإلى فلك البروج وانتقالاتها ورجوعها واستقامتها وتشريقها وتغريبها وظهورها واختفائها في كل زمان ومكان وما أشبه ذلك من اتصال بعضها ببعض وكسوف الشمس وخسوف القمر وما يجري هذا المجرى، والغرض منه أمران: أحدهما ما ينتفع به في الشرع وهو معرفة أوقات الصلوات، وسمت القبلة والساعات وأحوال الشفق والفجر، وثانيهما: معرفة الأحكام الجارية في عالم العناصر وهذه المعرفة لكونها مبنيّة على أمور واهية ودلائل ضعيفة لا تفيد شبهة فضلا عن حجّة، ولهذا لا يعتد بها في الشرع والذي يصح منها في بعض الأوقات فإنّما هو بطريق الاتفاق وذلك لا يدلّ على الصحة. وانفع الزيجات الإيلخاني الذي تولاه خواجه نصير الدين الطوسي وأتقنها زيج ألوغ بيك بن شاهرخ مرزا ابن أمير تيمور، وقد تولاّه بسمرقند غياث الدين جمشيد ، وتوفاه الله تعالى في مبادىء أحواله، ثم تولاّه قاضي زاده الرومي، وتوفاه الله تعالى أيضا قبل إتمامه، وإنّما أتمّه وأكمله علي بن محمد القوشجي، وأهل مصر يعتنون بالزيج المصطلح، وأهل الشام يعتنون بزيج ابن شاطر، والزيجات غير ما ذكر كثيرة يعرفها أهلها. والزيج عبارة عن كتاب يحوي جداول حركات الكواكب، ويؤخذ منها التقويم، ومن أشهر الأزياج وأفضلها (زيج ابن يونس) لعلي بن عبد الرحمن بن يونس، بالإضافة إلى (الزيج الصابي) لمحمد بن جابر البتّاني، ووضع أبو العباس الفضل بن حاتم التبريزي (الزيج الكبير) على مذهب السند هند، و(الزيج الصغير) وصنّف محمد بن عبد الله البازيار (زيج البازيار) وأبو حنيفة أحمد بن داود الدينوري (زيج الدينوري) ومن الأزياج: (الزيج الرضواني) وصاحبه رضوان أفندي الفلكي، و(الزيج المأموني) وصاحبه الخليفة المأمون ، و(الزيج المصري) المعروف بزيج يونس لعلي بن عبد الرحمن بن يونس الصدفي، و(زيج إيلخاني) لنصير الدين محمد بن الحسن الطوسي، و(الزيج الشامل) لأبي الوفا محمد بن أحمد البوزجاني، و(زيج ابن الشاطر) لابن الشاطر الأنصاري الدمشقي، و(زيج ألوغ بيك) لمحمد شاهرخ. وصار من حق الشرق أن يفخر بإنجازات أبي معشر جعفر بن محمد بن عمر الفلكي في مجال دراسة الحوادث السماويّة (الكسوف والخسوف)، وأبناء موسى بن شاكر ، في وضع تقاويم منازل السيّارات، وابني أماجور، في منازل القمر، وأبي سهل الكوهي في رصد الانقلاب الصيفي، ورصد الاعتدال الخريفي، وأبي الوفاء البوزجاني في تصحيح الأرصاد القديمة، وأبي عبد الله البتاني في الأرصاد المتقنة، وامتحان حركة الكواكب، والعناية بأحكام النجوم، والفرغاني في تناول الحركات السماويّة، وأبي الريحان البيروني في استخدام حساب المثلثات لقياس محيط الأرض، ووضع التقويم الجلالي ـ نسبة إلى السلطان السلجوقي ملكشاه ـ في مدينة إصفهان، واشترك في وضعه وإصلاحه أبو الفتح عمر بن إبراهيم الخيام، بتشجيع الوزير نظام الملك. وبلغ من اهتمام المسلمين بهذا العلم أنّهم أنشأوا مدارس لتعليمه، ففي الأندلس أقام مسلمة بن أحمد المجريطي، إمام الرياضيّين في وقته، وأعلم من كان قبله لعلم الأفلاك وحركات النجوم، مدرسته المشهورة التي تخرّج منها نخبة من علماء الفلك أمثال: أحمد بن عبد الله بن عمر المعروف بابن الصفّار، وأبي السمح إصبغ بن محمد بن أبي السمح، وأبي الحسن علي بن سليمان الزهراوي، وعمر بن أحمد بن خلدون. وذكر الأستاذ محمد المنوني (حضارة الموحّدين) أنّه عثر على أثر نفيس يدل على ما كان حينئذ من الاعتناء بمراقبة الأهلّة، وذلك أنّه كان يوجد في هذا العصر خارج باب الجيسة من فاس، قبلة سيدي علي المزالي، برج جليل يسمى برج الكوكب، كان مخصوصاً بمراقبة الهلال، وقد جعل في أعلاه نوافذ على عدد شهور السنة يراقب كل شهر من واحدة منها. وذكر حاجي خليفة أنّ لعبد الرحمن بن عيسى بن مرشد العمري الحنفي المفتي بمكة المقتول سنة 1037 كتاب مختصر ألّفه في شعبان سنة خمس وألف أوّله ما بزغت من مطالع الألفاظ أهلّة المعاني، اخترع فيه طريقةً يستخرج منها غرّة الهلال من سني الهجرة إلى غير النهاية ورتبه على ثلاثة أبواب وخاتمة. أما ما ينسب إلى العرب من اختراع آلات الرصد، وقياس ارتفاع الكواكب، وتحديد مطالع البروج، واختراع جهاز الإسطرلاب أحد منجزات العقل العربي في هذا المضمار، وجعله علماً فيدلّ على سمو فكرهم وارتقائه. كان للمراصد في عصر المأمون عدة سمات هامة لعل أهمها البرامج البحثية المحددة، كانت المهمة الكبرى لتلك المراصد الأولى إيجاد جداول فلكية مبنية على أرصاد حديثة للشمس والقمر فقط. ولكن فضلاً على كون البرامج المرسومة لها محدودة، فإنها كانت بُدائية بعض الشيء من حيث الإدارة والتنظيم المالي، والواقع أن طبيعة العمل المحددة التي نيطت بمرصدي المأمون في الشماسية وقاسيون قد جعلتهما لا يرقيان إلى مستويات المراصد المتكاملة التي عرفها العالم الإسلامي فيما بعد. ظهر المرصد الإسلامي بشكل أكثر تطورًا بعد زمن المأمون بحوالي قرن ونصف قرن، وكان أكثر تنظيمًا من الناحية الإدارية، وعندما نشأ مرصد شرف الدولة أصبح له مدير يشرف على تدبير شؤونه، واقترن ذلك بتوسعة برنامج الرصد بحيث صار يشمل الكواكب كافة، ولقد أمكن تحقيق هذا الجانب الأخير من تطور المراصد على مرحلتين، ذلك أن هناك دليلاً على أن بعض برامج الرصد قد اقتصرت على مشاهدة الكواكب السريعة فقط إلى جانب الشمس والقمر. كانت المهمة الرئيسية للأعمال التي يضطلع بها المرصد تتمثل في إقامة جداول فلكية جديدة لكل الكواكب مبنية على أرصاد حديثة. وكان هناك ميل واضح نحو تصنيع آلات تزداد حجمًا على مر الزمن ونزوع إلى توفير هيئة عاملة متميزة، وذلك بموجب التقدم الذي أمكن تحقيقه في هذا الاتجاه أيضًا، ومن شأن التطورات أن تعمل على تعزيز اعتقاد مفاده أن نشأة المراصد، باعتبارها مؤسسات، ترجع في أصلها إلى الخلفاء والملوك. ويعد المرصد الذي شيده السلطان السلجوقي ملك شاه في بغداد مرحلة أخرى من مراحل تطور العمل في المراصد، وإن لم يتوافر لدينا إلى الآن معلومات كافية حول عمل هذا المرصد، وظل هذا المرصد يعمل لفترة تزيد على عشرين عاماً، وهي فترة زمنية طويلة نسبيًّا بالنسبة لعمر المراصد، وقد رأى الفلكيون آنذاك أنه يلزم لإنجاز عمل فلكي فترة زمنية لا تقل عن 30 عاماً. يعد القرن السابع الهجري أهم حقبة في تاريخ المراصد الإسلامية؛ لأن بناء مرصد المراغة تم هذا القرن، ويعد هذا المرصد واحدًا من أهم المراصد في تاريخ الحضارة الإسلامية، وتقع المراغة بالقرب من مدينة تبريز. بُني المرصد خارج المدينة، ولا تزال بقاياه موجودة إلى اليوم، وقد أنشأه "مانجو" أخو "هولاكو". كان مانجو مهتمًا بالرياضيات والفلك، وقد عهد إلى جمال الدين بن محمد بن الزيدي البخاري بمهمة إنشاء هذا المرصد، واستعان بعدد هائل من العلماء منهم: نصير الدين الطوسي، وعلي بن عمر الغزويني، ومؤيد الدين العرضي، وفخر الدين المراغي، ومحيي الدين المغربي وغيرهم كثير. ويعد مرصد المراغة أول مرصد استفاد من أموال الوقف؛ إذ وقفت عليه عقارات وأراضٍ، لكي يتم ضمان استمرارية العمل به؛ ولذا ظل العمل جاريًا في المرصد إلى عام 1316م وشهد حكم سبعة سلاطين اهتموا به وبرعايته. وتكمن السمة الثالثة لمرصد المراغة في النشاط التعليمي الهام الذي تم فيه، فقد تم تعليم العديد من الطلبة في المرصد علم الفلك والعمل على الآلات الفلكية. كما كان بالمرصد مكتبة ضخمة ضمت آلاف المخطوطات في شتى مجالات المعرفة. أسس مرصد مراغه "أولغ بك" حفيد "تيمورلنك" في سمرقند، وفي عام 1908 تم الكشف عن موقع هذا المرصد حين نجح "ج.ل فاتكن" في العثور على وقفية من وقفياته تحدد مكانه بالضبط في المدينة، واستطاع في أثناء تنقيباته الأثرية أن يعثر على قوس كبيرة كانت تستخدم في تحديد منتصف النهار، وتعتبر أهم الأدوات الفلكية في المرصد. يقع المرصد الذي يبلغ ارتفاعه حوالي 21 مترا على تل ذي قاعدة صخرية، وتبلغ مساحة السطح لذلك التل حوالي 85 مترًا من الشرق إلى الغرب، وحوالي 170 مترًا من الشمال إلى الجنوب. وتحيط بالمبنى الرئيسي للمرصد حديقة، وأماكن إقامة لغرض السكن. وهذا ما يدل على فخامة المبنى وعظمته، ويستدل من الاكتشافات الأثرية أن ذلك المبنى كان أسطواني الشكل وذا تصميم داخلي دقيق ومحكم. ولم يكن دمار مرصد سمرقند وزواله ناجمين، في رأي فاتكن، عن عوامل طبيعية؛ إذ من المحتمل أن يكون بعض الدمار قد نجم عن استخدام رخامه في عمليات بناء أخرى. وقد وضعت جداول فلكية في المرصد، عرفت بجداول "أولغ بك" وتعد من أدق الجداول في العالم. ومن المعروف أن قبة المرصد، استغلت في وضع الجداول؛ حيث كان يوجد بها نقوش تحدد الدرجات والدقائق والثواني وأعشار الثواني لأفلاك التدوير، وللكواكب السبعة، وللنجوم المتحيرة، وللكرة الأرضية بتقسيماتها من حيث الأقاليم والجبال والصحارى. وممن عملوا في هذا المرصد "غياث الدين الكاشي" الذي برع في ميدان النماذج الميكانيكية للحركات السماوية.
من من أشهر علماء الفلك العرب
البتاني
هو أبو عبد الله بن جابر بن سنان الحراني ولد في بتان بالقرب من حران وإليها يعود نسبه ، توفى سنة 317 هجرية 929 م وقف البتاني حياته على رصد الافلاك عام 877 م وبقى كذلك طال حياته من إنجازاته الفلكية الهامة أنه تمكن من تحديد ميل دائرة البروج وحدده بأنه يساوي 23 جدرة – 35 دقيقة .
لقد حسب الفلكي لالند ميل دائرة البروج بعد ألف سنة من البتاني ووجده يساوي 23 درجة – 35 دقيقة – 41 ثانية أي أن الفرق بين حسابات البتاني وحسابات لالند لميل دائرة البروج هو الثاوني فقط 41 ثانية وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على عظمة البتاني الذي أطلق عليه بطليموس العرب ويدل ذلك أيضاً على مدى تقدم ودقة آلات الرصد العربية في تلك العصور وينسب إلى البتاني أيضا
1- أنه أول من كشف السمت وحدد الفصول والمدار الحقيقي والمتوسط للشمس كما حدد طول السنة المدارية أيضاً .
2- تصحيحه لارصاد القدماء من مواقع النجوم وفضلاً عن كل ما سبق فإن البتاني يعتبر مؤسس علم الفلك كتبه الهامة وهي كثيرة منها ( زيج الصابي ) الذي ألفه سنة 299 هجري وترجم إلى اللاتينية عدة مرات ونقل إلى الاسبانية في القرن الثالث عشر اعتماد البتاني في كتاب زيج الصابي على أرصاده الشخصية ولكتابة أثر كبير في علم الفلك وعلم المثلثات خلال العصور الوسطى وفي أوائل عصر النهضة .
3- تمكن البتاني من تحديد السنة الشمسية بأنها 365 يوما – 5 ساعات – 46 دقيقة – 24 ثانية وتقل هذه المدة عن القيمة الصحيحة بدقيقتين و22 ثانية فقط.
أبن الشاطر
هو ابو الحسن علاء الدين علي بن ابراهيم بن محمد الأنصاري المعروف بابن الشاطر وهو من مواليد دمشق سنة 1304 هجري وتوفى سنة 1375 هجري من انجازات ابن الشاطر الفلكية أنهابتكر الاسطرلاب وصحح الساعة الشمسية المزولة وشرح نظريات بطليموس وانتقدها برهنت ارصاد ابن الشاطر الفلكية على عدم صحة نظرية بطليموس القائلة بوقوع الأرض في مركز الكون . من مؤلفات ابن الشاطر (الزيج الجيد) الذي اعتمد فيه على التجربة والمشاهدة والاستنتاج وقدم فيه نماذج فلكية تعتمد على ذلك.
البيروني
هو أبو الريحان محمد بن احمد البيروني 973-1048 م ، اشتهر البيروني بعلم الفلك ومن إنجازاته في هذا المجال :
أ. استنتاجه أن الشمس أكبر من الأرض وأكبر من القمر
ب. حسابه محيط الأرض بحدقة وتحديده القبلة بتطبيق قوانين رياضية
ج. تقريبه للنسبة التقريبية ( ط ) إلى أقرب عدد مستخدم حالياً وهو 3.14183
د. ذكر البيروني أن الشمس ليست السبب في تفاوت الليل والنهار بل أن الأرض هي التي تدور حول نفسها كما تدور مع الكواكب والنجوم حول الشمس الإضافة إلى اشتهاره بعلم الفلك فالبيروني فيلسوف وعالم جغرافي من علماء الفيزياء والرياضيات.
حدد البيروني الكثافة النوعية لعدة معادن وأحجار بدقة قريبة من التقديرات الحديثة لها تنبأ البيروني عن حدوث التطورات الأرضية البطيئة فقد كان اعتقاده أن نهر السند كان قديماً حوضاً بحرياً ملأته الرواسب التي حملها النهر وبالإضافة إلى كل ذلك فقد كان البيروني على معرفة بوجود قوى الجاذبية بين الأجسام قل أن يكتشفها نيوتن.
الفلك في عصر النهضة الاوروبية
بدا علم الفلك في عصر النهضة الاوروبية سنة 1543 م، عندما قدم نيكولاس كوبرنيكس نموذج مركزية الشمس للمجموعة الشمسية.ثم جاء غاليليو غاليلي ويوهانس كيبلر مدافعين عن عمل كوبرنيكوس، ثم قاموا بتوسيعه وتصحيحه. وواصل غاليليو ابتكاراته مستخدماً التلسكوب لتعزيز ملاحظاته. ويعد كبلر أول من وضع نظام لوصف تفاصيل حركة الكواكب مع الشمس في المركز بشكل صحيح. ومع ذلك، لم ينجح كبلر في صياغة نظرية تدعم القوانين التي دونها.وجاء اختراع نيوتن للديناميات السماوية وقانون الجاذبية ليفسر حركة الكواكب. كما طور نيوتن التلسكوب العاكس. وجاءت المزيد من الاكتشافات متزامنة مع تحسينات في حجم وجودة التليسكوب.كما أنتج لاكايل المزيد من القوائم النجمية.وقام عالم الفلك وليم هرشل بعمل قائمة مفصلة حول الضبابية والتكتلات، كما اكتشف كوكب أورانوس في عام 1781، وهو أول كوكب جديد يُكتشف. تم تحديد أول مسافة لنجم في عام 1838 عندما قام فريدريش بسل بقياس تزيح النجم الثنائي 61 Cygni. وخلال القرن التاسع عشر، أدي اهتمام ويلر، وكليروت، ودالمبرت بمشكلة الجسم الثلاثي، إلى وجود تنبؤات أكثر دقة حول حركة القمر والكواكب. وقام لاغرانج وولابلاس بتلقيح هذا العمل، مما سمح بتقدير كتلة الأقمار والكواكب. ظهر تقدم كبير في مجال علم الفلك مع إدخال التكنولوجيا الجديدة، بما في ذلك منظار التحليل الطيفي، والتصوير الفلكي. واكتشف فراونهوفر حوالي 600 مجموعة من الألوان داخل طيف الشمس في 1814-15، والتي أرجعها كيرشوف في عام 1859 إلى وجود عناصر مختلفة. وثبت أن النجوم مشابهة للشمس الأرضية، ولكن مع اختلاف كبير في درجة الحرارة، والكتلة، والحجم. ولم يثبت وجود مجرة كوكب الأرض، مجرة درب التبانة، باعتبارها مجموعة منفصلة من النجوم إلا في القرن العشرين، بالإضافة إلى المجرات "الخارجية"، والتوسع الكوني الملحوظ في تراجع معظم المجرات عنا.واكتشف علم الفلك الحديث العديد من الأجسام الغريبة مثل النجوم الزائفة، والنباض، والمتوهجات، والمجرات الراديوية، كما استخدم تلك الاكتشافات لتطوير النظريات الفيزيائية التي تصف بعض هذه الأجسام بالتساوي مع الأجسام الغريبة مثل الثقوب السوداء، والنجوم النيوترونية. وتقدم علم الكونيات الفيزيائي خلال القرن العشرين، من خلال نموذج الانفجار الكبير والذي دعمته أدلة من علم الفلك والفيزياء مثل إشعاع الخلفية الميكروني الكوني، وقانون هابل، والتوافر الكوني للعناصر.
مواضيع مماثلة
» * علم الفلك _ المقدمة
» * الحضارات العراقية في عصور ما قبل التاريخ .
» * متعدد الاكوان - مقالات في الفلك - جريان الشمس
» * الفلك و استكشاف الفضاء - ممن تتكون المجموعة الشمسية
» * مقالات في علم الفلك
» * الحضارات العراقية في عصور ما قبل التاريخ .
» * متعدد الاكوان - مقالات في الفلك - جريان الشمس
» * الفلك و استكشاف الفضاء - ممن تتكون المجموعة الشمسية
» * مقالات في علم الفلك
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى