* مقالات في علم الفلك
صفحة 1 من اصل 1
* مقالات في علم الفلك
مقالات في علم الفلك
اعداد : طارق فتحي
سنعرض في هذا الباب بعض المصطلحات الأساسية في علم الفلك
اولا : ـ الأرض و المجموعة الشّمسية:
نعيش على سطح كوكب الأرض. و رغم أنّ هذا قد يبدو غريبا لأوّل وهلة، فإنّ كوكب الأرض كروي الشّكل فعلا ! و هناك عدّة براهين بسيطة على هذا، فمثلا عندما نلاحظ سفينة تبتعد في الأفق فإنّنا نرى أوّلا اختفاء الجزء السّفلي منها وبعد ذلك يختفي الجزء العلوي تدريجيا. فهذا دليل واضح على عدم استواء الأرض. كذلك فإنّ الأرض تدور حول نفسها، و هذا هو سبب اختلاف اللّيل و النّهار، و السّبب الّذي قد يجعلنا نظنّ أنّ الشّمس هي الّتي تدور حول الأرض ! إذ أنّه رغم الغرابة فإنّ الأرض هي الّتي تدور حول الشّمس و ليس العكس. و توجد عدّة دلائل على هذا رغم أنّها ليست ببساطة أدلّة كروية الأرض. إذ أنّ البشر عرفوا منذ القدم أنّ الأرض كروية الشّكل و لكنّهم ظنّوا لعدّة قرون أنّ الشّمس و الكواكب الأخرى كلّها تدور حول الأرض. سنكتفي في هذا الباب بقول أنّ فرضية دوران الشّمس حول الأرض توقعنا في تناقض و تجعل الحسابات الفلكية في غاية التّعقيد.
و الشّمس نجم لا يختلف في طبيعته عن باقي النّجوم الّتي ترى في اللّيل. و الفرق الوحيد هو البعد. إذ أنّ أقرب النّجوم إلينا بعد الشّمس يقع على مسافة تقارب 250000 مرّة البعد بيننا و بين الشّمس ! و لهذا فإنّه خلال النّهار يطغى نور الشّمس على نور باقي النّجوم، و لا يمكننا التّمتّع برؤيتها إلاّ بحلول اللّيل و هذا رغم أنّ الكثير من النّجوم أشدّ لمعانا من الشّمس.
و كوكبنا ينتمي إلى مجموعة كواكب أخرى تدور كلّها حول الشّمس. و هذه المجموعة، الّتي تدعى المجموعة الشّمسية، تضم تسعة كواكب بما فيها الأرض. و هي (من الأقرب إلى الأبعد بالنّسبة إلى الشّمس): عطارد، الزّهرة، الأرض، المرّيخ، المشتري، زحل، يورانوس، نبتون و بلوتو. و تملك بعض هذه الكواكب قمرا أو أكثر يدور حولها. فالأرض تملك قمرا واحدا بينما المرّيخ يملك قمرين. كما تحتوي المجموعة الشّمسية على عدّة أجرام أخرى كالكواكب السّيارة و المذنّبات ... و الكواكب تختلف عن النّجوم من خلال طبيعتها و من خلال حركتها الظّاهرية في السّماء.
ثانيا :ــ درب التّبّانة ، مجرّتنا
كما قلنا سابقا، فإنّ الشّمس في طبيعتها كجميع النّجوم الأخرى. و تنتمي كلّ النّجوم الّتي نراها بالعين المجرّدة باللّيل، بما فيها الشّمس، إلى تجمّع نجمي عظيم ذي شكل حلزوني يسمّى مجرّة و الّذي يظمّ حوالي 100 مليار نجم. كما تحتوي المجرّة كذلك على أجرام أخرى غير النّجوم، كالسّدم مثلا. و الكون يحتوي على عدد لا يحصى من المجرّات الّتي قد تشابه مجرّتنا أم لا. و تدعى مجرّتنا بـ"درب التّبّانة" لأنّ أذرعها الحلزونية تظهر من على سطح الأرض و كأنّها طريق لبنية ! و المجموعة الشّمسية لا تشغل مكانا مركزيا في المجرّة.
ثالثا :ــ الكواكب و النّجوم. ما الفرق بين الكواكب و النّجوم:
عند تأمّل السّماء في ليلة صافية نلاحظ بضعة آلاف من النّقط المتألّقة الّتي تدعى عادة النّجوم. و في الحقيقة، فإنّ ضمن هذه الآلاف من النّجوم، فإنّه يمكن، بالبعض من المثابرة و الملاحظة الدّائمتين، اكتشاف أنّ بضعة من "النّجوم" لا تتبع سلوك باقي النّجوم. وفي الحقيقة، هذه "النّجوم الغريبة" ليست إلاّ أقرب كواكب المجموعة الشّمسية إلينا !
و حيث أنّ معظم النّجوم تكوّن أشكالا ثابتة تقريبا (سنرى في الفصول القادمة المدى المتوسّط الّذي تتغيّر خلاله هذه الأشكال أو الكوكبات: حوالي قرن لملاحظة تغيّر هامّ بالعين المجرّدة، رغم أنّه من الممكن ملاحظة تغيّرات طفيفة خلال بضع سنوات باستعمال وسائل دقيقة)، فإنّ مواضع الكواكب تتغيّر بصفة ملموسة بالنّسبة للأشكال النّجومية المحيطة بها خلال أياّم فقط. و هذا ما جعل الأقدمين يفرّقون بين الكواكب و النّجوم منذ ذلك الوقت، وهذا رغم عدم علمهم بأنّه يوجد كذلك عامل طبيعي يفرّق بين الكواكب و النّجوم !
فالنّجوم عبارة عن كرات ذات حجم و كتلة هائلين مكوّنة من غاز (غاز الهيدروجين بنسبة أساسية) و منتجة لطاقة عظيمة عن طريق تفاعلات الاندماج النّووي (تكوين الهيليوم بواسطة اندماج الهيدروجين، ثمّ تكوين الفحم، الأكسجين، الحديد...) تسرب هذه الطاقة بعد ذلك في الوسط المحيط بها. و نور النّجوم الّذي يرى في اللّيل ما هو إلاّ الجزء الضّوئي لهذه الطّاقة المنتجة في قلب النّجوم، لأنّ النّجوم تشعّ هذه الطّاقة بعدة أشكال: فوتونات، جسيمات... و تولّد حرارة تبلغ ملايين الدّرجات المئوية في الطّبقات الدّاخلية.
رابعا :ــ اللّيل و النّهار:
يوميا نلاحظ ظاهرة اللّيل و النّهار الّتي تتمثّل في تغيّر ضياء محيطنا بدور قدره 24 ساعة تقريبا. فنرى الشّمس تشرق صباحا من المشرق و بهذا يبدأ النّهار، لتغرب مساء في المغرب و يحلّ هكذا اللّيل.
هل يعني هذا أنّ الشّمس تدور حول الأرض ؟
هذا ما قد نظنّه لأوّل وهلة ويبدو أنّ هذا ما قد ظنّه أجدادنا الأقدمون. و لكن يتبيّن أنّ اللّيل و النّهار ناتجان، ليس عن حركة الشّمس حول الأرض، الّذي هو على كلّ حال خاطئ لأنّ الأرض هي الّتي تدور حول الشّمس، و لكن اللّيل و النّهار ناتجان عن حركة الأرض الدّورانية حول نفسها ! فالأرض تدور حول نفسها من الغرب إلى الشّرق في 24 ساعة. و بما أنّ محيط الأرض في خطّ الاستواء يبلغ طوله 40000 كم فإنّ سرعة دوران الأرض على مستوى خطّ الاستواء تزيد عن 1600 كم/سا.
خامسا : ــ وحدات قياس الأبعاد و الأزمنة :
تغيّرت وحدات قياس الأبعاد مع تغيّر نظرتنا على الكون. فعلى مستوى المجموعة الشّمسية عرّف العلماء "الوحدة الفلكية" و هي المسافة المتوسّطة بين الأرض و الشّمس.
1 و.ف. = 150 مليون كم.
و هكذا فكوكب عطارد يدور على بعد حوالي 0.4 و.ف. من الشّمس بينما بلوتو يدور على بعد حوالي 40 و.ف. من الشّمس.
لحساب الأبعاد إلى النّجوم الأقرب إلينا عرّف العلماء وحدة "السّنة الضّوئية" و هي المسافة الّتي يقطعها الضّوء خلال سنة. بما أنّ سرعة الضّوء سر0 = 300000 كم/ ثا فإنّ:
1 س.ض. = (300000 × 1000)×(365 × 24 × 60 × 60) = 9500 مليار كم.
1 س.ض. = 63000 و.ف.
أقرب نجم إلينا بعد الشّمس يبعد بحوالي 4.3 س.ض. عن الأرض.
و على مستوى المجرّة فما أبعد، تستعمل وحدة البارسك. و سنعود إلى الكلام حول أصل هذه الوحدة و سبب تعريفها في الأبواب المقبلة.
1 ب.س. = 3.26 س.ض.
و يبلغ نصف قطر درب التّبّانة حوالي 10000 ب.س. و تبعد المجموعة الشّمسية بحوالي 8000 ب.س. عن مركز المجرّة. و أقرب المجرّات إلى مجرّتنا تبعد عنّا بحوالي 50000 ب.س. و على مستوى الكون، تقدّر الأبعاد الّتي يمكن الوصول إليها عن طريق الرّصد بحوالي 4000 مليون ب.س.
وبالنّسبة إلى وحدات قياس الأزمنة فهي اليوم و السّنة. اليوم يمثّل زمن دوران الأرض حول نفسها. و السّنة تمثّل زمن دوران الأرض حول الشّمس و تساوي حوالي 365.25 يوما.
و هكذا يبلغ زمن دوران عطارد حول الشّمس 88 يوما بينما يتمّ بلوتو دورته في 250 سنة ! و يبلغ زمن دوران المجموعة الشّمسية حول مركز المجرّة حوالي 200 مليون سنة. و يقدّر حاليا عمر مجموعتنا الشّمسية بحوالي 5 مليار سنة و عمر الكون بحوالي 14 مليار سنة.
سادسا : ــ كيف يمكننا إذن أن نشعر بالسّكون فوق سطح الأرض ؟
في الحقيقة كلّ جسم يملك خاصيّة تلزمه الحفاظ على حركته ثابتة و تسمّى هذه الخاصيّة بالعطالة (أو القصور الذاتي). و عندما يخضع الجسم إلى تسارع تنتج شبه قوّة تسمّى قوّة العطالة تقاوم القوّة الّتي أنتجت التّسارع. و بالتّي فنحن لا نشعر بأيّة قوّة ما دامت سرعتنا ثابتة. فمثلا في سيّارة تسير بسرعة 80 كم/سا نشعر بسكون تامّ، و لكن في حالة تباطؤ نشعر بجسمنا يميل نحو الأمام تحت قوّة العطالة لأنّ المادّة تحبّ أن تبقى سرعتها ثابتة (العكس يحدث عند التّسارع، جسمنا يميل إلى الوراء). و هكذا مهما كانت سرعة الأرض فنحن نشعر بهدوء شامل !
في زمان ما، نلاحظ أنّ طولي اللّيل و النّهار يتغيّران من مكان إلى آخر من سطح الأرض. و في مكان ما، نلاحظ أنّ هذين الطّولين غير ثابتين خلال السّنة. و هذا ناتج، كما سنرى، عن أنّ محور دوران الأرض حول نفسها ليس عموديا على المستوي الّذي يشمل الأرض و الشّمس، بل هو مائل بحوالي 23.5 درجة عن الشّاقول(الخط الرأسي أو العمودي ).
ففي فصل الصّيف (في نصف الكرة الشّمالي) تدور الأرض حول نفسها مقابلة بصفة دائمة الجزء الشّمالي منها نحو الشّمس، و هكذا تدور الشّمس في السّماء دون أن تغرب في أقصى المناطق الشّمالية من الكرة الأرضية ! بينما يكون الجزء الجنوبي للكرة الأرضية محجوبا عن الشّمس و تكون أقصى المناطق الجنوبية من الكرة الأرضية في ليل مستمر. في فصل الشّتاء (في نصف الكرة الشّمالي)، عندما تكون الأرض في الجهة المعاكسة تقريبا للمكان الّذي تكون فيه في الصّيف بالنّسبة إلى الشّمس، يحدث العكس: القطب الشّمالي في ليل مستمرّ بينما القطب الجنوبي في نهار دائم.
سابعا : ــ بينما الكواكب عبارة عن أجسام صلبة (كالأرض مثلا) أو غازية (كالمشتري مثلا) باردة لا تنتج طاقة تلقائيا عن طريق التّفاعلات النّووية، و لهذا فهي تدعى كذلك أحيانا بالأجسام الباردة. و الضّوء الّذي يصلنا من كواكب المجموعة الشّمسية ما هو إلاّ نتاج انعكاس ضوء الشّمس عن سطحها ! فالكواكب ليست لها الكتلة الّتي تستطيع خلق الضّغط و الحرارة الكافيين لتوليد تفاعلات الاندماج النّووي.
و ملخّص القول هو أنّ الكواكب و النّجوم تختلف في بنيتها الأساسية نتيجة اختلاف في الكتلة (كتلة الشّمس تساوي حوالي 1000 مرّة كتلة المشتري و حوالي مليون مرّة كتلة الأرض !) و بالتّالي فالنّجوم تنتج طاقة عن طريق التّفاعلات النّووية بينما الكواكب عبارة عن أجسام جامدة. كما أنّه يوجد اختلاف بين الكواكب و النّجوم من الجانب الرّصدي، إذ يمكن ملاحظة تغيّر محسوس في وضعية الكواكب بالنّسبة للنّجوم خلال أيّام فقط .
ثامنا : ــ. الأقمار :
الأقمار عبارة عن كويكبات صغيرة تدول حول كوكب ما (الأرض مثلا) كدوران هذا الكوكب حول الشّمس. و كلّ كواكب المجموعة الشّمسية فيما عدا الكوكبين الأقرب إلى الشّمس (عطارد و الزّهرة) تملك قمرا واحدا على الأقلّ. فكوكبنا الأرض يملك قمرا واحدا، بينما للمرّيخ قمرين و للمشتري حوالي 40 قمر !
و أحجام الأقمار بالنّسبة إلى كوكبها مختلفة جدّا. فمثلا قمر الأرض له قطر يساوي حوالي ربع قطر الأرض (و بالتّالي فهو أكبر حجما من كوكب بلوتو)، و أقمار المرّيخ تكاد تعتبر أحجارا بسيطة (قطر يساوي حوالي 10 كم) بينما قمر بلوتو يملك قطرا يساوي نصف قطر بلوتو نفسه !
و حاليا، علماء الفلك لا يزالون يجهلون الّتي يزداد عددها عاما بعد عام. فكلّ عام تقريبا يتمّ اكتشاف أقمار جديدة لكوكب المشتري مثلا. و هذا ناتج لصغر هذه الأقمار، و بالتّالي فهي ضعيفة اللّمعان و يتوجّب استخدام أجهزة و أساليب دقيقة، متطوّرة و حديثة للكشف عنها. فأكبر أقمار المشتري الأربعة تمّ اكتشافها في القرن السّابع عشر من طرف العالم الإيطالي غاليلي .
و هذا لأنّه كان أوّل من استعمل المنظار. بينما تمّ اكتشاف الأقمار الأخرى في القرون التّالية مع تطوّر أساليب الرّصد.
و يحاول العلماء معرفة هذه الأقمار عن طريق إرسال مركبات فضائية غير مأهولة لالتقاط الصّور و تحليل العيّنات محليّا. ففي ما عدا قمرنا، لم يزر البشر أيّ كوكب أو قمر آخر بعد.
تاسعا :ــ . الكواكب السّيارة أو الكويكبات
الكواكب السّيارة هي مجموعة من الكويكبات الّتي تدور حول الشّمس في مدار يقع بين مداري المرّيخ و المشتري. وهي صغيرة الحجم لدرجة أنّ كميّة ضوء الشّمس المنعكسة عليها ضعيفة للغاية، وهكذا فلم يتمّ اكتشافها إلاّ صدفة في بداية القرن التّاسع عشر الميلادي. ويلزم استعمال المنظار وإتّباع أسلوب رصد منتظم لاكتشاف هذه الكويكبات. و حاليا يعرف العلماء بضعة آلاف من هذه الكويكبات، وخاصّة الأكبر منها والأسهل للاكتشاف.
والكويكبات ذات أشكال غير منتظمة (لا تتّصف بالكروية). و يتراوح قطرها بين بضع مئات الكيلومترات إلى بضع أمتار فقط (و هي الأكثر عددا). وتختلف مكوّنات هذه الكويكبات من كويكب إلى آخر. فبعضها معدني و هو بالتّالي صلب للغاية، بينما البعض الآخر صخري و قابل للتّفتّت إثر ارتطامه بكويكب آخر مثلا. ومجموع كتل هذه الكويكبات كلّها لا تتعدّى كتلة القمر.
وفي الحقيقة، كلّ الكويكبات لا تتبع تماما مدار منتظما بين المرّيخ و المشتري. فالكثير منها يقترب من الشّمس أكثر من كوكب عطارد، و البعض الآخر يبتعد من الشّمس أكثر من بلوتو. و بالتّالي، فالعديد من هذه الكويكبات يقطع مدار الأرض، و هو يشكّل تهديدا مستمرّا على كوكبنا. فسقوط كويكب صغير (قطر ذو بضعة أمتار فقط) على سطح الأرض يمكن أن يلحق دمارا هائلا بمدينة من مدن الأرض. أمّا إن كان قطره يساوي أو يزيد عن الكيلومتر، فهذا قد يؤدّي إلى كارثة عظيمة... لكّن احتمال وقوع حادث كهذا ضعيف في الواقع، كما يوجد هناك العديد من التّجارب الرّصدية في العالم الّتي تحاول اكتشاف و مراقبة أكبر عدد ممكن من الكواكب السّيارة، و بالتّحديد تلك الّتي يمكن أن تلاقي كوكب الأرض.
و أصل الكويكبات لا يزال مجهولا في الوقت الرّاهن، رغم أنّ الكثير من العلماء يظنّ أنّ الكواكب السيّارة نتجت عن انشطار كوكب بين المرّيخ و المشتري. وقد يكون هذا الانشطار ناجما عن استحالة تكوين كوكب ثابت في مكان قريب من المشتري. فكوكب المشتري أكبر كواكب المجموعة الشّمسية، و هو يؤثّر بقوة جاذبية عظيمة على كلّ ما يحيط به.
عاشرا :ــ . الكون:
تغيّرت نظرتنا عن الكون كثيرا على مرور القرون و خاصّة في المائة سنة الأخيرة. ففي القديم كان الظّن السّائد هو أنّ الكون يقتصر على الأرض، الشّمس، القمر، خمسة كواكب و بضعة آلاف النّجوم. ثمّ تغيّرت هذه النّظرة لتظمّ كواكب المجموعة الشّمسية الأخرى، ثمّ لتظمّ باقي نجوم المجرّة، ثمّ أقرب المجرّات إلى درب التّبّانة...
حاليا الكون هو عبارة عن مجموع المادّة و الطّاقة المعروفة و غير المعروفة. على المستوى الرّصدي، الكون هو مجموع المجرّات الّتي تكوّنه و حدوده عظيمة جدّا و غير معروفة على الإطلاق. و نموذج تكوينه هو انفجار ابتدائي جرى بعده تمدّد أدّى إلى تكوين النّجوم ثمّ المجرّات... و رغم أنّ العلماء ظنّوا لسنين عديدة أنّ الكون سيرجع إلى التّقلص، فإنّ اكتشافا حديثا أوضح أنّ الكون بالعكس يزيد في سرعة تمدّده ! و هنا نقول أنّ هذا الفرع من علم الفلك (علم الكون) في تغيّر مستمر و لا يوجد نموذج نهائي يشرح بدقّة تكوين الكون و تطوّره.
المريخ ونبأ اقترابه من الأرض
تنقل بعض مواقع الانترنت خبراً في هذه الأيام مفاده أنه في يوم 27 أغسطس لهذا العام سيتم مشاهدة قمرين أحدهما قمرنا والآخر هو كوكب المريخ. وقد قام كاتب الخبر بإرفاق النص الإنجليزي للخبر. ويندهش الإنسان من أول وهلة حين يطلع فيها على الخبر. إذ لم تتحدث البشرية منذ نشأتها وعلى مر العصور عن ظهور جرم فلكي بحجم القمر أو الشمس. فما مدى صحة ذلك الخبر وما ملابساته.
لقد تابع الناس اقترب المريخ التاريخي من الأرض في أغسطس عام 2003م. وقد تناولته وسائل الإعلام المختلفة في حينه وكتبت عنه الكثير في مواقع الإنترنت المتخصصة. كما أن الكثير من الجمعيات الفلكية والهواة قد قامت برصد وتصوير الكوكب في حينه
ويبدو أن كاتب أو مترجم الخبر قد التبس عليه الأمر فظن أن ما كتب لتلك السنة هو لهذه السنة. في حين أن كوكب المريخ لا يكون في أقرب نقطة من الأرض في يوم 27 أغسطس هذا العام 2005م. ولن يكون لامعاً بشكل مميز أو غير مألوف. ويبدو كوكب المريخ كجرم أحمر يشرق عند الساعة 9:40 مساءً في هذه الأيام ويمكن مشاهدته بعد ذلك الوقت بقليل من جهة الشرق. ولا يبدو عليه أي ظاهرة مميزة ولن يصبح حجمه بحجم القمر كما أشيع في الخبر. حيث أن حجم القمر يكبره بأكثر من 200 مرة. وإضاءة القمر تفوق إضاءة المريخ بأكثر من 1000 ضعف. وهو ما لا يدع وجه لمقارنة حجم ولمعان المريخ بحجم ولمعان القمر.
ومن المفيد تعريف القارئ بطبيعة ظاهرة اقتراب الكواكب من الأرض. فهي ظاهرة طبيعية تسمى بظاهرة اقتران الكواكب بالأرض وتحدث مرة كل سنة للكواكب الخارجية (المريخ، المشتري، زحل، أورانس، نبتون، بلوتو، الكواكب المكتشفة حديثاً). ولكن الناس تهتم أكثر بالكواكب التي يتم مشاهدتها بالعين المجردة وهي المريخ والمشتري وزحل والتي تبدو في تلك الحالة في أشد لمعانها. بينما قد تحدث تلك الظاهرة أكثر من مرة مع الكواكب الداخلية (عطارد، الزهرة) ولكن بسبب وقوعها في جهة الشمس في تلك اللحظة فإنه يتعسر رؤيتها في تلك الحالة. إلا عند مرورها أمام قرص الشمس كما حدث للزهرة في مايو العام 2004م.
لذلك فإن المريخ (Mars) في هذه السنة سيكون في أقرب موقع للأرض في يوم 30 أكتوبر 2005 ويكون لمعانه في ذلك اليوم أشد من لمعانه في يوم 27 أغسطس بأكثر من خمسة أضعاف. ويمكن تحديد اقتراب أي كوكب خارجي من الأرض في أقرب نقطة، عندما يمر الكوكب من خط الزوال في منتصف الليل وهو ما لا يحدث في يوم 27 أغسطس.
معلوماات عن الفضاااء
هل تعلم أن مجرة درب التبانة هي مجرة لولبية الشكل لها أذرع ضخمة عدة تلتف حول نتوء مركزي بسماكة 10,000 سنة ضوئية. ويبلغ قطر الاسطوانة حوالي 100 ألف سنة ضوئية وتحيط بها غيمة أكبر منها مؤلفة من غاز الهيدروجين معوجة ملتوية عند أطرافها في شكل أنصاف دوائر. وتضم هذه المجرة ملايين النجوم من أنواع مختلفة.
وأفضل الأوقات لرؤية درب التبانة من المناطق المعتدلة الواقعة في نصف الكرة الشمالي هي ليالي الصيف الصافية التي يغيب فيها القمر.
وتبدو المجرة كشريط مضيء غير متناسق يلف السماء من الأفق الشمالي الشرقي إلى الأفق الجنوبي الغربي.
هل تعلم أن النجم هو جرم سماوي كبير الحجم يتألف من غازات مرتفعة الحرارة تجتمع بفعل الجاذبية وتطلق اشعاعات كهرومغناطيسية وخصوصاً الضوء نتيجة التفاعلات النووية التي تحدث داخل النجم.
هل تعلم أن المذنب هو جرم سماوي ضبابي يدور حول الشمس ويتميز بذيل طويل لا يظهر إلا عندما يقترب المذنب في مداره من الشمس.
هل تعلم أن عدد النجوم الموجودة في مجرة درب التبانة حسب حسابات الفلكيين بلغت مئات المليارات.
ودرب التبانة هي واحدة من مئات الملايين من المجرات المشابهة الواقعة في مجال رؤية التلسكوبات الحديثة.
هل تعلم أن عطارد هو الكوكب الأقرب إلى الشمس في نظامنا الشمسي ويبلغ متوسط بعده عن الشمس 58 مليون كم تقريباً، ويساوي قطره حوالي 4,875 كم. وفي عام 1991، كشفت التلسكوبات اللاسلكية على الأرض اشارات لا لبس فيها إلى وجود صفحات شاسعة من الجليد في المناطق القطبية على عطارد.
هل تعلم بأن عدد نجوم الدب الأكبر سبعة نجوم، وأن عدد نجوم الدب الأصغر خمسة نجوم.
وهل تعلم أن الكوكب الذي له أكبر الأثر في عملية المد والجزر هو القمر وليست الشمس.
هل تعلم أن الفلكيين استنتجوا من نماذج نظرية من البنية النجمية، أن الشمس في الـ50 ميليون سنة الأولى من تاريخها انقبضت إلى ما يقارب حجمها الحالي، ثم قامت طاقة الجاذبية التي أطلقها الغاز المنهار بتسخين داخل الشمس. وعندما سخنت النواة بما فيه الكفاية توقف الانقباض وبدأ احتراق الهيدروجين نووياً وتحوله إلى هيليوم في نواة الشمس، ولا تزال الشمس في هذه المرحلة من حياتها منذ حوالي 4,5 مليارات سنة.
هل تعلم أن القمر الذي نعرفه هو الوحيد الذي يتبع الأرض، وهو يدور معها حول الشمس، وهو لا يطلق أي ضوء أو حرارة، بل هو يعكس ضوء الشمس. وهذا ما يفسر ظهوره بأشكال مختلفة من الهلال إلى البدر.
هل تعلم أن النيزك هو جسم صغير صلب يدخل جو الكوكب من الفضاء الخارجي ويصل إلى حالة من التوهج بفعل الاحتكاك الناتج من حركته السريعة وهو يتألف عموماً من رأس مضيء يليه ذيل عن الضوء شبيه بالمذنب يمكن أن يدوم دقائق معدودة.
هل تعلم أن الأرض هي أحد كواكب النظام الشمسي، وهي تأتي في المرتبة الثالثة من حيث المسافة التي تفصلها عن الشمس، ولها خامس أكبر قطر بين الكواكب، والأرض هي الكوكب الوحيد المعروف الذي يحمل حياة، والأرض ليست كروية بالتمام بل إن لها شكلاً بيضاوياً بعض الشيء.
جريان الشمس إعجاز علمي جديد
أحبتي في الله! لن أطيل عليكم في هذه المقالة، فقط أحببت أن أبث إليكم هذه النفحة الإعجازية الرائعة، فالمؤمن الذي يحب القرآن يحب دائماً أن يحدث الآخرين عما يحب: عن عجائبه وأسراره والأشياء المذهلة فيه، وإذا ما تحدث عنه أحد بسوء تجده يغار على "حبيبه" ويدافع عنه وهذا ما يدعوني دائما للاستمرار في هذه المقالات.
فالمشككون لم يتركوا كلمة في كتاب الله إلا وانتقدوها بغير حق، لم يتركوا حقيقة علمية إلا وحاولوا أن يثبتوا خطأها، ولكن هيهات أن يفعلوا ذلك، ومن الأشياء التي خرجوا بها علينا أن القرآن قد أخطأ علمياً في استخدام كلمة (يجري) بالنسبة للشمس والقمر، والأدق علمياً كما يقولون أن يستخدم كلمة (يدور) لأن القمر يدور حول الأرض والشمس تدور حول مركز المجرة.
لنتأمل أولاً كيف عبر القرآن عن حركة الشمس، يقول تعالى: ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ ) [يس: 38]. والآن لنذهب إلى علماء الغرب أنفسهم والذين لم يؤمنوا بالقرآن، ماذا يقولون......؟ إن ظاهرة حركة الشمس لفتت انتباه أحد العلماء ففكر أن يدرس المسار الحقيقي للشمس فيما لو نظرنا إليه من خارج المجرة، وبالطبع الشمس هي نجم في مجرتنا التي تحوي أكثر من 100000000000 نجم!!
إن حركة الشمس كانت لغزاً محيراً لآلاف السنين، فطالما نظر الناس إلى الأرض على أنها ثابتة وأن الشمس تدور حولها، ولكن تبين فيما بعد أن هذا الاعتقاد خاطئ، والسبب في ذلك هو ببساطة أن كتلة الشمس أكبر من كتلة الأرض بأكثر من مليون مرة، وبالتالي لا يمكن للأرض أن تجذب الشمس إليها بل العكس هو الصحيح.
فالشمس وبسبب كتلتها الكبيرة تجذب جميع الكواكب إليها تماماً كما تجذب الأرض القمر الذي هو أصغر من الأرض بكثير، ولذلك أيقن العلماء أن الشمس ثابتة والأرض تدور حولها! ولكن هل هذه هي الحقيقة كاملة؟
لقد اكتشفوا بعد ذلك أن هذه الشمس تنجذب باتجاه مركز مجرتنا (درب التبانة)، بل وتدور حوله بشكل دقيق ومحسوب تتراوح سرعة الشمس في دورانها حول مركز المجرة 200-250 كيلو متر في الثانية. فقالوا إن الشمس تدور حول مركز المجرة، وأخيراً وجدوا أن للشمس حركة أخرى صعوداً وهبوطاً، لقد أصبح الأمر أكثر تعقيداً.
لقد قام العلماء بدراسة حركة الشمس (المجموعة الشمسية) لمعرفة المسار الدقيق الذي ترسمه الشمس أثناء دورانها حول مركز المجرة. وقد وجدوا أن الشمس لا تدور دوراناً بل تجري جرياناً حقيقياً!! وأن جريانها يشبه جريان الخيل في حلبة السباق!
لقد وجد العلماء أن للشمس حركتين داخل المجرة الأولى حركة دورانية حول مركز المجرة، الثانية حركة اهتزازية للأعلى وللأسفل،
ولذلك فإن الشمس تبدو وكأنها تصعد وتنزل وتتقدم للأمام! وتتم الشمس دورة كاملة حول مركز المجرة خلال 250 مليون سنة ! ويستغرق صعود الشمس وهبوطها بحدود 60 مليون سنة، وهكذا تصعد وتهبط وتتقدم مثل إنسان يجري. أيها الأحبة لقد قمتُ بدراسة حركة جريان الخيول في السباق بهدف رؤية المسار الحقيقي لجريان هذه الخيول وقد وجدتُ أن المنحني الذي يرسمه الحصان في جريانه يتطابق مع ذلك المنحني الذي ترسمه الشمس في جريانها! هل هذه مصادفة!
الجريان باتجاه المستقر
لقد وجد العلماء بعد دراسات معمقة أن الشمس تجري باتجاه محدد أسموه مستقر الشمس أو solar apex ويعرفه الفلكيون كما يلي: A point toward which the solar system is moving; it is about 10° southwest of the star Vega.
أي هو النقطة التي تتحرك الشمس مع كواكبها باتجاهها أي بزاوية تميل 10 درجات جنوب غرب نجم النسر بسرعة تقدر بحدود 19.4 كيلو متر في الثانية. المهم أن القرآن قد أشار إلى وجود مستقر ما للشمس في قوله تعالى :
) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ) [يس: 38]
جريان النجوم
من عجائب المقالات التي قرأتها مقالة بعنوان Star Streaming أي "جريان النجوم"، فقد وجد العلماء بعد دراسات طويلة أن النجوم بما فيها الشمس جميعها تتدفق بما يشبه النهر أو الجدول، ووجدتهم يستخدمون كلمة (يجري) أو Stream للتعبير عن حركة الشمس والنجوم، وهي الكلمة القرآنية ذاتها!!! ووجدتهم يستخدمون كلمة Rest أي المستقر وهي نفس الكلمة القرآنية أيضاً!!
المجرات تجري
ولذلك فإن علماء الغرب اليوم وفي أحدث الأبحاث العلمية يشبهون حركة المجرات أيضاً بحركة الماء داخل مجرى النهر، بل إنهم عندما رسموا خريطة للكون وجدوا أن الكون عبارة عن "شبكة طرق" تتدفق خلالها المجرات بشكل بديع يشهد على عظمة الخالق عز وجل .
جريان القمر
يقول تعالى: (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ) [الرعد: 2] هذه الآية تؤكد بأن القمر يجري أيضاً، ولو تأملنا حركة القمر نلاحظ أنه يرسم مساراً متعرجاً يشبه مسار الشمس في دورانها حول مركز المجرة . ونلاحظ من خلال الشكل أن الكواكب تدور حول الشمس وتنجرف أيضاً بحركة ثانية ضمن حركة الشمس الاهتزازية حول مركز المجرة، وبالتالي يمكننا القول إن القمر أيضاً يجري والأرض تجري والكواكب تجري، وكذلك النجوم تجري...
جريان السفينة
لقد عبَّر القرآن عن حركة الفُلك في البحر بكلمة (تجري) وهي الكلمة ذاتها التي استعملها القرآن من أجل التعبير عن حركة الشمس، يقول تعالى: (وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهَارَ) [إبراهيم: 32] فهذه السفن والبواخر التي نراها في البحر هي من نعمة الله تعالى، وهي مسخرة بأمره، سخر الرياح وسخر الماء وسخر وسائل صناعة هذه السفن للإنسان من أجل السفر والتنقل وحمل المتاع.
وهنا نلاحظ أيضاً وجهاً إعجازياً يتجلى في كلمة (لِتَجْرِيَ) فلو تأملنا حركة السفن في البحر نلاحظ أنها تأخذ شكل الأمواج صعوداً وهبوطاً، ولكن هذه الحركة قد لا تظهر لنا مباشرة، إنما تظهر خلال المسافات الطويلة التي تقطعها السفينة في البحر. وهنا نجد أن التعبير القرآني دقيق علمياً
ولذلك فليس غريباً أن يعبر القرآن عن حركة الشمس بكلمة (تجري) لأن الله تعالى يحدثنا عن الحقائق وهو يراها من أعلى! وليس غريباً كذلك أن نجد بعض الملحدين يحاولون التشكيك في صحة هذا القرآن، فهم يعلمون في قرارة أنفسهم
وأقول يا أحبتي إن القرآن فعلاً كتاب رائع، إنك تجد فيه ما تريد، وتجد فيه الرد المناسب للمعترضين عليه، إذا أردت أن تزداد إيماناً فمعجزات القرآن كفيلة بزيادة إيمانك، وإذا أردت أن تكون سعيداً في هذه الدنيا فالقرآن يضمن لك السعادة في الدنيا والآخرة، فما أجمل هذا القرآن وما أعظم كلماته، في كل كلمة تجد معجزة تستحق الوقوف طويلاً، اللهم انفعنا بهذه الحقائق، واجعلها حجة لنا في ظلمات هذا العصر !أنه الحق، وهذا ما صوَّره لنا القرآن عندما أنكر فرعون آيات الله ومعجزاته ..
الأرض
ثالث كواكب المجموعة الشمسية بعدا عن الشمس ، والكوكب الخامس من حيث القطر في هذه المجموعة. وتبلغ أقل مسافة بين الأرض والشمس حوالي (149.503.000) كيلومتر. والأرض هي الكوكب الوحيد المعروف الذي توجد به حياة على الرغم من أن الكواكب الأخرى يوجد بها غلاف جوي بل وتحتوي على الماء.
ولا يمكن وصف الأرض بأنها كرة تامة ولكنها تميل إلى أن تشبه شكل الكمثرى. وقد أثبتت الحسابات التي أجريت على الاضطرابات التي تحدث في مدارات الأقمار الصناعية أن الأرض كرة غير تامة حيث أن خط الاستواء ينتأ أو يبرز بحوالي (21 كيلومتر) بينما ينتأ القطب الشمالي مسافة (10) أمتار، أما القطب الشمالي فينكمش حوالي (31) مترا.
هيئة الأرض
ولقد عالج العلماء المسلمون هيئة الأرض في دراسات عدة كان معظمها يقع في إطار علم الفلك الكروي، وعلم الجغرافية الفلكية. ولقد أثبتوا كروية الأرض بما لا يدع مجالا للشك، ووضعوا لذلك براهين كثيرة. كما قاموا بقياس محيط الأرض عمليا وحددوا ذلك إلى أقرب درجة ممكنة لما هو عليه القياس الحالي. كما وصفوا أيضا طبقات الغلاف الجوي المحيطة بالأرض، وأثبتوا كروية مياه البحار بالضرورة.
فذكر إخوان الصفا في رسائلهم : "اعلم يا أخي بأن الأرض كرة واحدة بجميع ما عليها من الجبال والبحار والأنهار والعمران والخراب، وهي واقفة في الهواء في مركز العالم، والهواء محيط بها ملتف عليها من جميع جهاتها".
كما وصف ابن خلدون هيئة الأرض بما عليها من ماء بقوله في كتاب العبر "إن شكل الأرض كروي وأنها محفوفة بعنصر الماء كأنها عنبة طافية عليه. فانحسر الماء عن بعض جوانبها، لما أراد الله من تكوين الحيوانات فيها وعمرانها بالنوع البشري الذي له الخلافة على سائرها. وقد يتوهم من ذلك أن الماء تحت الأرض؛ وليس ذلك بصحيح؛ وإنما التحت الطبيعي قلب الأرض ووسط كرتها الذي هو مركزها، والكل يطلبه بما فيه الثقل؛ وما عدا ذلك من جوانبها. وأما الماء المحيط بها فهو فوق الأرض".
ولقد برهن الكندي على كروية سطح الماء فذكر في رسالة المد والجزر : "إذا نحن سرنا في الماء إلى الجبال الشامخة، من أي الآفاق سرنا رأيناها تزداد ارتفاعا قليلا قليلا، كأنها راسية في البحر ثم طلعت منه قليلا قليلا، ولم يكن ليكون ذلك لو لم يكن سطح الماء كرويا".
كما أثبت مؤيد الدين العرضي في كتاب الهيئة كروية الأرض فقال: "ومما يدل على كروية الأرض في الحس أن الشمس و القمر والكواكب تطلع وتغرب على أهل المساكن الشرقية قبل طلوعها على أهل المساكن الغربية المتساوية في العرض. ويعلم ذلك من الأرصاد الكسوفية ويظهر ظهورا بينا من كسوفات القمر، لأن توسط زمان الكسوف يكون في وقت واحد بعينه، وذلك عند تقابل النيرين. وقد أثبت في أوقات مختلفة من الليل عند أهل المساكن الذين أطوال نهارهم الأطول متساوية ومساكنهم متباعدة في المشرق والمغرب. فأما الذين مساكنهم شرقية فوجدوه وقد مضى منذ غربت الشمس عنهم بساعات أكثر من الساعات التي أثبته فيها القوم الذين مساكنهم غربية. فقد غابت عن المساكن الشرقية قبل غيبتها عن المساكن الغربية. وكذلك فقد كان طلوعها لتساوي النهار في هذين المسكنين".
حركة الأرض
تماشيا مع النظام الشمسي، تتحرك الأرض في الفضاء نحو كوكبة هركيولوس (هرقل) بمعدل (20.1) كيلومتر في الثانية تقريبا أو (72.360) كيلومتر في الساعة. أما مجرة درب اللبانة فهي تتحرك نحو كوكبة ليو بسرعة تبلغ حوالي (600) كيلومتر في الثانية. وتتحرك الأرض هي والقمر التابع لها سويا في مدار بيضاوي حول الشمس. وينحرف هذا المدار انحرافا بسيطا بحيث أن المدار يكون عبارة عن دائرة من الناحية الفعلية. ويبلغ طول مدار الأرض حوالي (938.900.000) كيلومتر تقريبا، وتدور الأرض حول هذا المدار بسرعة تصل إلى حوالي (106.000) كيلومتر في الساعة. وتدور الأرض حول محورها مرة واحدة كل 23 ساعة و56 دقيقة و4.1 ثانية. وعلى هذا تدور النقطة الموجودة على خط الاستواء بمعدل أقل قليلا من (1600) كيلومترا في الساعة، أما النقطة الموجودة على خط عرض بورتلاند في ولاية أوريجون مثلا فتدور بمعدل حوالي (1073) كيلومتر في الساعة.
معلومات عن الشمس
نجم يسيطر على النظام المداري الذي يحتوي الأرض . وترجع هذه السيطرة إلى تأثيرات الجاذبية الناتجة عن كتلتها بقدرة الله الخالق للكون سبحانه وتعالى. ومن خلال الإشعاع المنبعث من طاقتها الكهرومغناطيسية تقوم الشمس- بشكل مباشر أو غير مباشر- بتوفير كل الطاقة اللازمة للحياة على الأرض، لأن كل أنواع الغذاء والوقود مستمدة من النباتات التي تستخدم الطاقة المتولدة من ضوء الشمس.
الشمس مصدر الحرارة والضوء
وبسبب قرب الشمس من الأرض وكونها تمثل الخصائص الأساسية للنجوم فقد أصبحت الشمس مصدرا متميزا لدراسة الظواهر النجمية. ولم يحظ نجم آخر بمثل ما تحظى به الشمس من الدراسة المفصلة. ويقع أقرب نجم من الشمس على بعد (4,3) سنة ضوئية. وحتى يمكن من رصد الخواص الموجودة على سطح هذا النجم والتي يمكن مقارنتها في الحجم بخواص مماثلة يمكن رؤيتها بشكل منتظم على سطح الشمس يلزمنا تليسكوب يبلغ قطره 30 كيلو متر. كما يلزم أيضا أن يطلق هذا التليسكوب في الفضاء حتى لا يشوش عليه مجال الغلاف الجوي التابع الأرض.
تاريخ الرصد العلمي
في غالب الوقت الذي تواجد فيه الإنسان على الأرض حظيت الشمس باهتمام خاص بوصفها جرما سماويا. فالعديد من أصحاب الحضارات الغابرة عبدوا الشمس كما اعتقد البعض كونها ضرورة من ضروريات دورة الحياة. وبعيدا عن أهميتها في التقويم وأهمية الموقع في تحديد الانقلابات الشمسية واعتدالي الربيع والخريف و الكسوف الشمسي والخسوف القمري ، فإن تاريخ الدراسة الكلية للشمس يرجع إلى اكتشاف البقع الشمسية. ولم يشرع أحد في دراسة الظواهر الطبيعية للشمس إلا بعد هذه المرحلة بحقب طويلة. وفي القرن الثالث الهجري / التاسع والعاشر الميلاديين قاس البتاني بدقة فائقة ميل فلك البروج، ووجد أن أوج الشمس على فلك البروج يقع على بعد (22) درجة و(50) دقيقة و(22) ثانية من برج الجوزاء. وبذلك أكد حركية أوج الشمس. وقد حسب طول السنة المدارية فوجده مساويا لقيمة (365) يوم و(21) ساعة و(26) دقيقة. وقد تبنى البتاني قيمة ثابتة لمبادرة الاعتدالين التي وردت في الزيج الممتحن، وهي المساوية لدرجة واحدة كل (66) سنة. وقد رصد البتاني تغير زاوية الرؤية لكل من الشمس والقمر، واستنتج لأول مرة في تاريخ علم الفلك أن كسوفات الشمس الحلقية ممكنة،
لأن زاوية رؤية القمر، في حدها الأدنى، يمكن أن تكون أصغر بقليل من زاوية رؤية الشمس. كما أكد أن زاوية رؤية القمر عند قرانه مع الشمس، تتغير من (29) دقيقة و(30) ثانية إلى (35) دقيقة و(20) ثانية (التغير الحقيقي هو من (29) دقيقة و(20) ثانية إلى (33) دقيقة و(30) ثانية). وأن زاوية رؤية الشمس تتغير من (31) دقيقة و(20) ثانية إلى (33) دقيقة و(40) ثانية (التغير الحقيقي هو من (31) دقيقة و(28) ثانية إلى (32) دقيقة و(28) ثانية).
وعن طريق استخدام التليسكوب استطاع جاليليو اكتشاف البقع الشمسية المعتمة. وقد ميز اكتشاف جاليليو بداية مسلك فلسفي جديد في دراسة الشمس. وفي النهاية استقر الرأي على أن الشمس جرم حركي متطور، ومن هذا المنطلق يمكن فهم خصائص الشمس وأطوار تغيرها من منظور علمي.
وفي عام 1229هـ / 1814 م كان أهم ثاني إنجاز متقدم في دراسة الشمس يعزى إلى استخدام عالم الطبيعة الألماني جوزيف فون فراونهوفر لمنظار التحليل الطيفي. ويقوم هذا المنظار بفصل الضوء إلى مواضع الذروة في إشعاعات مكوناته أو ألوانه. وبالرغم من أن دراسة طيف الشمس قد بدأت مبكرا في عام 1076هـ / 1666 م على يد عالم الرياضيات الإنجليزي السير إسحاق نيوتن، إلا أن التفصيل والدقة الذين تمتع بهما عمل جوزيف فون فراونهوفر قد وضعا الأساس لأولى المحاولات لإيجاد تفسير نظري مفصل لغلاف الجو الشمسي.
ويتعرض بعض الإشعاع المنبعث من السطح المرئي للشمس للامتصاص من خلال الغاز الأكثر برودة والموجود فوقها. ومع ذلك فإن عملية الامتصاص لا تتناول إلا أطوالا موجية معينة من الأشعة المنبعثة بناء على أنواع الذرات الموجودة في غلاف الجو الشمسي. وفي عام 1275هـ / 1859 م أوضح عالم الطبيعة الألماني جوستاف كرشهوف للمرة الأولى أن أي نقص في الإشعاع في بعض الأطوال الموجية في الطيف الشمسي يحدث نتيجة امتصاص الإشعاع بواسطة ذرات بعض العناصر التي تماثل بعض عناصر الأرض. وهذا لا يعني فقط أن مادة الشمس عادية كغيرها من المواد ولكنه يعني أيضا إمكانية استنباط معلومات مفصلة عن الأجرام السماوية عن طريق دراسة الضوء والأجسام المنبعثة منه، وكان ذلك بداية ظهور علم الفيزياء الفلكية.
قد استمر التطور في فهم الشمس منوطا بقدرة العلماء على القيام بعمليات رصد جديدة متطورة. وكان من بين آلات الرصد التي أثرت تأثيرا هاما في فيزياء الفضاء جهاز رسم الطيفي الشمسي الذي يقيس طيف الخصائص الشمسية الفردية وجهاز رسم الهالة الذي يمكن العالم من دراسة الهالة الشمسية دون الحاجة إلى حدوث الكسوف وجهاز الرسم المغناطيسي الذي اخترعه عالم الفلك الأمريكي هوريس و. بابكوك في عام 1367هـ / 1948 م والذي يقيس قوة المجالات المغناطيسية فوق السطح الشمسي .
وقد أدى تطور الصواريخ والأقمار الصناعية إلى تمكن العلماء من رصد إشعاعات الأطوال الموجية التي لا تنتقل عبر الغلاف الجوي الأرضي. ومن بين الآلات التي تم تطويرها للاستخدامات الفضائية أجهزة رسم الهالة والتلسكوبات ومراسم الطيف الحساسة للإشعاعات فوق البنفسجية وأشعة إكس. وقد أدى اكتشاف الآلات الفضائية إلى إحداث ثورة في دراسة الغلاف الجوي الخارجي للشمس.
وفي عام 1326هـ / 1908 م اكتشف عالم الفلك الأمريكي جورج إي. هيل أن البقع الشمسية تحتوي على مجالات مغناطيسية شديدة القوة. وتحتوي البقعة الشمسية النموذجية على قوة مجال مغناطيسي تصل إلى 2500 وحدة حث مغناطيسي. وبالمقارنة فإن المجال المغناطيسي الأرضي يحتوي على وحدة واحدة من وحدات الحث المغناطيسي. ويغلب وجود البقع الشمسية في مجموعات زوجية حيث يوجد المجال المغناطيسي في كل زوج في نقطة مقابلة للزوج الآخر، أحدها إلى داخل الشمس والآخر إلى خارجها. وقد تم التعرف على دورة البقع الشمسية -حيث يتم التباين في عدد البقع من الأدنى إلى الأعلى ثم إلى الأدنى مرة أخرى في مدة 11 عاما- منذ القرن الثامن عشر على أقل تقدير. غير أن النمط المغناطيسي المعقد المرتبط بالدورة الشمسية لم يعرف إلا بعد اكتشاف المجال المغناطيسي الشمسي.
ومن بين أزواج البقع الشمسية في النصف الشمالي للشمس نجد أن البقعة التي تقود زوجها في اتجاه الدوران يكون اتجاه مجالها المغناطيسي عكس اتجاه البقعة الموجهة في النصف الجنوبي للشمس. وعندما تبدأ الدورة الجديدة المكونة من 11 عاما ينعكس اتجاه البقعة الموجهة في نصفي الشمس. وبذلك تستغرق الدورة الشمسية الكاملة- بما في ذلك قطبية المجال المغناطيسي- 22 عاما تقريبا. وعلاوة على ذلك يكثر حدوث الب قع الشمسية على سطح الشمس في أي وقت في نفس خط الطول في نصفي الشمس. ويتحرك هذا الخط الطولي من درجة 45 إلى درجة 5 خلال دورة البقع الشمسية.
ولأن وجود البقعة الشمسية في الغالب لا يمتد لأكثر من بضعة شهور فإن الدورة الشمسية التي تستغرق 22 عاما تكون مسرحا لحدوث عمليات مستقرة وطويلة الأمد في الشمس وليس فقط في خصائص البقع الشمسية المنفردة. ورغم أنه لم يتم استيعاب ظاهرة الدورة الشمسية استيعابا تاما إلا أن الظاهر أنها تنتج عن التفاعلات بين مجال الشمس المغناطيسي وبين منطقة الحمل الحراري في الطبقات الخارجية من الشمس. وهذه التفاعلات بالإضافة إلى ذلك تتأثر بدوران الشمس حيث لا تكون متماثلة في كل خطوط العرض. فالشمس تكمل دورتها مرة كل 27 يوما بالقرب من خط الاستواء بينما تكمل دورتها بالقرب من القطبين مرة كل 31 يوما.
حركة دوران القبـة السماوية
إن الشمس التي تشرق من الشرق، وتغرب في الغرب، تعمل على تنظيم حياتنا، ووضع إيقاع معين لها. وعندما ننظر إلى السماء، طوال عدة ساعات، خلال الليلة الواحدة، نلاحظ أن القبة السماوية تدور حول نفسها، وهذا ما يعرف بحركة الدوران النهارية. وترجع تسمية السماء بـ "القبة السماوية" إلى اليونانيين، الذين كانوا يعتقدون أن النجوم تكون جميعها مثبتة على غلاف كرة، عرّفوها بالقبة السماوية. ولكننا نعرف اليوم أن النجوم تكون موزعة على مسافات مختلفة، وأنه لا وجود لهذا الغلاف الذي أشاروا إليه. وبالرغم من ذلك احتفظ علماء الفلك بهذه التسمية. ولتوضيح تلك الحركة النهارية، يمكننا مثلاً أخذ صورة فوتوغرافية للنجم القطبي، باستخدام كاميرا مثبته على حامل، بعد مدة تعريض للضوء طويلة نوعاً ما، تصل إلى ٤٥ دقيقة تقريباً
ومن ثم، نستطيع ملاحظة أن تلك الحركة تأتى نتيجة لدوران الأرض حول نفسها. بينما تكون النجوم ثابتة في السماء بالنسبة للشمس. ولهذا السبب يظل النجم القطبي ثابتاً، لأنه يقع على امتداد محور دوران الأرض
الحركة الظاهرية للنجوم تبعًا لاختلاف الفصول
إذا قمنا بملاحظة السماء المرصعة بالنجوم في ساعة معينة، في أوقات مختلفة من العام، فإننا نكتشف أن بعض مجموعات النجوم تختفي وتظهر بدلاً منها مجموعات أخرى.عرفنا سابقـاً أنه خلال تعاقب الليل والنهار، تدور الأرض حول نفسـها في ٢٣ساعة و٥٦ دقيقـة و٤٩ ثانية. ولكن يلزمها ٢٤ ساعة كاملة لكي تجد مكانها مرة أخرى في مواجهة الشمس. وتعتبر حركة الدوران هذه المرتبطة بحركة دوران الأرض حول الشمس هي المصدر الأساسي لتحرك المجموعات النجمية على مدار الفصول . إن أماكن النجوم ثابتة لا تتغير. ولكن حركة دوران الأرض حول الشمس هي التي توحي بأن أماكن تلك النجوم التي ننظر إليها من على سطح الأرض قد تغيرت بمقدار ١ ْ
وإذا قمنا بعمل نفس الملاحظة في نفس المكان ونفس الساعة بعد ٦أشهر، نستطيع رؤية جزء آخر من السماء، خلال الليل. لأن النجوم التي كانت توجد لاحقاً في مجال الرؤية الليلية تكون موجودة الآن في مجال الرؤية النهارية، ولكنها تظل غير مرئية بسبب ضوء الشمس
النجم القطبـي
عند رؤيتها من على سطح الأرض، نلاحظ أن جميع نجوم نصف الكرة الشمالي تدور حول النجم القطبي الثابت الذي لا يتحرك ظاهريا ، لأنه يقع تقريباً على امتداد محور دوران الأرض حول نفسها. ويرجع الفضل لهذه الخاصية الفريدة، في اتخاذ النجم القطبي لفترات طويلة بمثابة نقطة إرشادية للمسافرين والملاحين في نصف الكرة الشمالي
مواضيع مماثلة
» * متعدد الاكوان - مقالات في الفلك - جريان الشمس
» * من عجائب هذا الكون المدهش : مقالات متنوعة
» * كوكب المريخ : مقالات متنوعة حول اكتشافه واخذ عينات منه
» * علم الفلك _ المقدمة
» * الروس واليابان والفضاء - اكتشافات ناسا - مقالات علماء - اخبار الصحف
» * من عجائب هذا الكون المدهش : مقالات متنوعة
» * كوكب المريخ : مقالات متنوعة حول اكتشافه واخذ عينات منه
» * علم الفلك _ المقدمة
» * الروس واليابان والفضاء - اكتشافات ناسا - مقالات علماء - اخبار الصحف
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى