الدين الحق والأديان المحرفة
صفحة 1 من اصل 1
الدين الحق والأديان المحرفة
كل صاحب ملة يعتقد أن ملته هي الحق، وكل أتباع دين يعتقدون أن دينهم هو الدين الأمثل والمنهج الأقوم. وحينما تسأل أتباع الأديان المحرفة أو أتباع الملل البشرية الوضعية عن الدليل على اعتقادهم؛ فيحتجون بأنهم وجدوا آباءهم على طريقة، فهم على آثارهم مقتدون، ثم يذكرون حكايات وأخباراً لا يصح سندها، ولا يسلم متنها من العلل والقوادح، ويعتمدون على كتب متوارثة لا يعلم من قالها ولا من كتبها، ولا في أية لغة كتبت أول مرة، ولا في أي بلد وجدت؛ إنما هي أمشاج جمعت فعظّمت فتوارثتها الأجيال دون تحقيق علمي يحرر السند، ويضبط المتن.
وهذه الكتب المجهولة والحكايات والتقليد الأعمى لا تصلح حجة في باب الأديان والعقائد، فهل كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية صحيحة أم باطلة؟، يستحيل أن يكون الجميع على حق؛ لأن الحق واحد لا يتعدد، ويستحيل أن تكون كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية من عند الله، وأنها حق، وإذا تعددت -والحق واحد- فأيها الحق؟ إذا فلا بد من ضوابط نعرف بها الدين الحق من الدين الباطل، فإذا وجدنا هذه الضوابط منطبقة على دين علمنا أنه الحق، وإذا اختلت هذه الضوابط أو واحد منها في دين علمنا أنه باطل.
أقسام الديانات
تنقسم البشرية بحسب أديانها إلى قسمين:
القسم الأول:- قسم لهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى والمسلمين، فاليهود والنصارى بسبب عدم عملهم بما ورد في كتبهم، وبسبب اتخاذهم البشر أرباباً من دون الله، وبسبب تطاول العهد فُقدت كتبهم التي أنزلها الله على أنبيائهم؛ فكتب لهم الأحبار كتباً زعموا أنها من عند الله، وما هي من عند الله، إنما هي انتحال المبطلين وتحريف الغالين.
أما كتاب المسلمين(القرآن العظيم) فهو آخر الكتب الإلهية عهداً، وأوثقها عقداً، تكفل الله بحفظه؛ ولم يكل ذلك إلى البشر قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، فهو محفوظ في الصدور والسطور؛ لأنه الكتاب الأخير الذي ضمنه الله الهدى لهذه البشرية، وجعله حجة عليهم إلى قيام الساعة، وكتب له البقاء، وهيأ له في كل زمان من يقيمون حدوده وحروفه، ويعملون بشريعته ويؤمنون به.
القسم الثاني:- قسم ليس لهم كتاب منزل من عند الله، وإن كان لديهم كتاب متوارث منسوب إلى صاحب ديانتهم كالهندوس والمجوس والبوذيين والكنفوشيسيين وكالعرب قبل مبعث النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما من أمة إلا ولها علم وعمل بحسب ما تقوم به مصالح دنياهم، وهذا من الهداية العامة التي جعلها الله لكل إنسان، بل لكل حيوان، كما يهدى الحيوان إلى جلب ما ينفعه من الأكل والشرب، ودفع ما يضره، وقد خلق الله فيه حباً لهذا، وبغضاً لهذا، قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:1-3]، وقال موسى لفرعون: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، وقال الخليل عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، ومن المعلوم لكل عاقل -له أدنى نظر وتأمل- أن أهل الملل أكمل في العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، ممن ليس من أهل الملل، فما من خير يوجد عند غير المسلمين من أهل الملل إلا وعند المسلمين ما هو أكمل منه، وعند أهل الأديان ما لا يوجد عند غيرهم.
الضوابط التي نميز بها بين الدين الحق والدين الباطل، وهي:
الأول: أن يكون الدين من عند الله أنزله بواسطة ملك من الملائكة على رسول من رسله ليبلغه إلى عباده؛ لأن الدين الحق هو دين الله، والله سبحانه هو الذي يدين ويحاسب الخلائق يوم القيامة على الدين الذي أنزله إليهم، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً}[النساء:163].
وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
وبناء على ذلك فأي دين يأتي به شخص ما وينسبه إلى نفسه لا إلى الله فهو دين باطل لا محالة.
الثاني: أن يدعو إلى إفراد الله سبحانه بالعبادة، وتحريم الشرك، وتحريم الوسائل المفضية إليه؛ لأن الدعوة إلى التوحيد هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، وكل نبي قال لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:73].
وعليه فإن أي دين اشتمل على الشرك وأشرك مع الله غيره من نبي أو ملك أو ولي فهو دين باطل ولو انتسب أصحابه إلى نبي من الأنبياء.
الثالث: أن يكون متفقاً مع الأصول التي دعت إليها الرسل من عبادة الله وحده، والدعوة إلى صراطه، وتحريم الشرك، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
وقال جل ثناؤه: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الأنعام:151].
وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}[الزخرف:45].
الرابع: ألا يكون متناقضاً ولا مختلفاً بعضه مع البعض الآخر، فلا يأمر بأمر ثم ينقضه بأمر آخر، ولا يحرم شيئاً ثم يبيح ما يماثله من غير علة، ولا يحرم أمراً أو يجيزه لفرقة ثم يحرمه على أخرى قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}[النساء:82].
الخامس: أن يتضمن الدين ما يحفظ على الناس دينهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم وذرياتهم بما يشرع من الأوامر والنواهي والزواجر والأخلاق التي تحفظ هذه الكليات الخمس.
السادس: أن يكون الدين رحمة للخلق من ظلم أنفسهم وظلم بعضهم لبعض، سواءًا كان هذا الظلم بانتهاك الحقوق، أم بالاستبداد بالخيرات، أم بإضلال الأكابر للأصاغر، قال تعالى مخبراً عن الرحمة التي في التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}[الأعراف:154].
وقال سبحانه مخبراً عن مبعث عيسى عليه السلام: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً}[مريم:21].
وقال جل ثناؤه عن صالح عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}[هود:63].
وقال عز من قائل عن القرآن: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء:82].
السابع: أن يتضمن الهداية إلى شرع الله، ودلالة الإنسان على مراد الله منه، وإخباره من أين أتى وإلى أين المصير؟ قال تعالى: مخبراً عن التوراة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ...}[المائدة:44].
وقال عز شأنه عن الإنجيل: {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}[المائدة:46].
وقال جل ثناؤه عن القرآن الكريم: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ}[التوبة:33].
والدين الحق هو الذي يتضمن الهداية إلى شرع الله ويحقق للنفس الأمن والطمأنينة، حيث يدفع عنها كل وسوسة، ويجيب عن كل تساؤل، ويُبين عن كل مشكل.
الثامن: أن يدعو إلى مكارم الأخلاق والأفعال: كالصدق والعدل والأمانة والحياء والعفاف والكرم، وينهى عن سيئها: كعقوق الوالدين وقتل النفس والفواحش والكذب والظلم والبغي والبخل والفجور.
التاسع: أن يحقق السعادة لمن آمن به قال تعالى: {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:1-2].
وأن يكون متفقاً مع الفطرة السوية؛ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم:30].
متفقاً مع العقل الصحيح لأن الدين الصحيح هو شرع الله، والعقل الصحيح هو خلق الله، ومحال أن يتناقض شرع الله وخلقه.
العاشر: يدل على الحق ويحذر من الباطل، ويرشد إلى الهدى وينفر من الضلال، وأن يدعو الناس إلى صراط مستقيم لا التواء فيه ولا اعوجاج، قال تعالى: مخبراً عن الجن أنهم حينما سمعوا القرآن قال بعضهم لبعض: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الأحقاف:30].
فلا يدعوهم إلى ما فيه شقاؤهم قال تعالى: {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:1-2] ولا يأمرهم بما فيه هلاكهم قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}[النساء:29].
ولا يفرق بين أتباعه بسبب الجنس أو اللون أو القبيلة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13].
وهذه الكتب المجهولة والحكايات والتقليد الأعمى لا تصلح حجة في باب الأديان والعقائد، فهل كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية صحيحة أم باطلة؟، يستحيل أن يكون الجميع على حق؛ لأن الحق واحد لا يتعدد، ويستحيل أن تكون كل هذه الأديان المحرفة والملل البشرية من عند الله، وأنها حق، وإذا تعددت -والحق واحد- فأيها الحق؟ إذا فلا بد من ضوابط نعرف بها الدين الحق من الدين الباطل، فإذا وجدنا هذه الضوابط منطبقة على دين علمنا أنه الحق، وإذا اختلت هذه الضوابط أو واحد منها في دين علمنا أنه باطل.
أقسام الديانات
تنقسم البشرية بحسب أديانها إلى قسمين:
القسم الأول:- قسم لهم كتاب منزل من عند الله كاليهود والنصارى والمسلمين، فاليهود والنصارى بسبب عدم عملهم بما ورد في كتبهم، وبسبب اتخاذهم البشر أرباباً من دون الله، وبسبب تطاول العهد فُقدت كتبهم التي أنزلها الله على أنبيائهم؛ فكتب لهم الأحبار كتباً زعموا أنها من عند الله، وما هي من عند الله، إنما هي انتحال المبطلين وتحريف الغالين.
أما كتاب المسلمين(القرآن العظيم) فهو آخر الكتب الإلهية عهداً، وأوثقها عقداً، تكفل الله بحفظه؛ ولم يكل ذلك إلى البشر قال تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9]، فهو محفوظ في الصدور والسطور؛ لأنه الكتاب الأخير الذي ضمنه الله الهدى لهذه البشرية، وجعله حجة عليهم إلى قيام الساعة، وكتب له البقاء، وهيأ له في كل زمان من يقيمون حدوده وحروفه، ويعملون بشريعته ويؤمنون به.
القسم الثاني:- قسم ليس لهم كتاب منزل من عند الله، وإن كان لديهم كتاب متوارث منسوب إلى صاحب ديانتهم كالهندوس والمجوس والبوذيين والكنفوشيسيين وكالعرب قبل مبعث النبي محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وما من أمة إلا ولها علم وعمل بحسب ما تقوم به مصالح دنياهم، وهذا من الهداية العامة التي جعلها الله لكل إنسان، بل لكل حيوان، كما يهدى الحيوان إلى جلب ما ينفعه من الأكل والشرب، ودفع ما يضره، وقد خلق الله فيه حباً لهذا، وبغضاً لهذا، قال تعالى: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1) الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى (2) وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى}[الأعلى:1-3]، وقال موسى لفرعون: {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}[طه:50]، وقال الخليل عليه السلام: {الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ}[الشعراء:78]، ومن المعلوم لكل عاقل -له أدنى نظر وتأمل- أن أهل الملل أكمل في العلوم النافعة، والأعمال الصالحة، ممن ليس من أهل الملل، فما من خير يوجد عند غير المسلمين من أهل الملل إلا وعند المسلمين ما هو أكمل منه، وعند أهل الأديان ما لا يوجد عند غيرهم.
الضوابط التي نميز بها بين الدين الحق والدين الباطل، وهي:
الأول: أن يكون الدين من عند الله أنزله بواسطة ملك من الملائكة على رسول من رسله ليبلغه إلى عباده؛ لأن الدين الحق هو دين الله، والله سبحانه هو الذي يدين ويحاسب الخلائق يوم القيامة على الدين الذي أنزله إليهم، قال تعالى: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً}[النساء:163].
وقال سبحانه: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
وبناء على ذلك فأي دين يأتي به شخص ما وينسبه إلى نفسه لا إلى الله فهو دين باطل لا محالة.
الثاني: أن يدعو إلى إفراد الله سبحانه بالعبادة، وتحريم الشرك، وتحريم الوسائل المفضية إليه؛ لأن الدعوة إلى التوحيد هي أساس دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، وكل نبي قال لقومه: {يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:73].
وعليه فإن أي دين اشتمل على الشرك وأشرك مع الله غيره من نبي أو ملك أو ولي فهو دين باطل ولو انتسب أصحابه إلى نبي من الأنبياء.
الثالث: أن يكون متفقاً مع الأصول التي دعت إليها الرسل من عبادة الله وحده، والدعوة إلى صراطه، وتحريم الشرك، وعقوق الوالدين، وقتل النفس بغير حق، وتحريم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}[الأنبياء:25].
وقال جل ثناؤه: {قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ}[الأنعام:151].
وقال تعالى: {وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ}[الزخرف:45].
الرابع: ألا يكون متناقضاً ولا مختلفاً بعضه مع البعض الآخر، فلا يأمر بأمر ثم ينقضه بأمر آخر، ولا يحرم شيئاً ثم يبيح ما يماثله من غير علة، ولا يحرم أمراً أو يجيزه لفرقة ثم يحرمه على أخرى قال تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً}[النساء:82].
الخامس: أن يتضمن الدين ما يحفظ على الناس دينهم وأعراضهم وأموالهم وأنفسهم وذرياتهم بما يشرع من الأوامر والنواهي والزواجر والأخلاق التي تحفظ هذه الكليات الخمس.
السادس: أن يكون الدين رحمة للخلق من ظلم أنفسهم وظلم بعضهم لبعض، سواءًا كان هذا الظلم بانتهاك الحقوق، أم بالاستبداد بالخيرات، أم بإضلال الأكابر للأصاغر، قال تعالى مخبراً عن الرحمة التي في التوراة التي أنزلها على موسى عليه السلام: {وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الأَلْوَاحَ وَفِي نُسْخَتِهَا هُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ}[الأعراف:154].
وقال سبحانه مخبراً عن مبعث عيسى عليه السلام: {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً}[مريم:21].
وقال جل ثناؤه عن صالح عليه السلام: {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِن كُنتُ عَلَى بَيِّنَةً مِّن رَّبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً}[هود:63].
وقال عز من قائل عن القرآن: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ}[الإسراء:82].
السابع: أن يتضمن الهداية إلى شرع الله، ودلالة الإنسان على مراد الله منه، وإخباره من أين أتى وإلى أين المصير؟ قال تعالى: مخبراً عن التوراة: {إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ...}[المائدة:44].
وقال عز شأنه عن الإنجيل: {وَآتَيْنَاهُ الإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ}[المائدة:46].
وقال جل ثناؤه عن القرآن الكريم: {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ}[التوبة:33].
والدين الحق هو الذي يتضمن الهداية إلى شرع الله ويحقق للنفس الأمن والطمأنينة، حيث يدفع عنها كل وسوسة، ويجيب عن كل تساؤل، ويُبين عن كل مشكل.
الثامن: أن يدعو إلى مكارم الأخلاق والأفعال: كالصدق والعدل والأمانة والحياء والعفاف والكرم، وينهى عن سيئها: كعقوق الوالدين وقتل النفس والفواحش والكذب والظلم والبغي والبخل والفجور.
التاسع: أن يحقق السعادة لمن آمن به قال تعالى: {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:1-2].
وأن يكون متفقاً مع الفطرة السوية؛ {فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا}[الروم:30].
متفقاً مع العقل الصحيح لأن الدين الصحيح هو شرع الله، والعقل الصحيح هو خلق الله، ومحال أن يتناقض شرع الله وخلقه.
العاشر: يدل على الحق ويحذر من الباطل، ويرشد إلى الهدى وينفر من الضلال، وأن يدعو الناس إلى صراط مستقيم لا التواء فيه ولا اعوجاج، قال تعالى: مخبراً عن الجن أنهم حينما سمعوا القرآن قال بعضهم لبعض: {يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَاباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُّسْتَقِيمٍ}[الأحقاف:30].
فلا يدعوهم إلى ما فيه شقاؤهم قال تعالى: {طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى}[طه:1-2] ولا يأمرهم بما فيه هلاكهم قال تعالى: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً}[النساء:29].
ولا يفرق بين أتباعه بسبب الجنس أو اللون أو القبيلة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[الحجرات:13].
مواضيع مماثلة
» رد شبهة الاديان المحرفة في خيرية امة الاسلام
» الزعم أن الإسلام يعترف بالشرائع الأخرى المحرفة
» * البابا فرنسيس والمذاهب والأديان الأخرى - محاكم التفتيش الإسبانية - بشارة اعمال الرسل
» المحرمات في الدين الصابئي
» الالحاد والعلمانية وحاضنتهم الدين
» الزعم أن الإسلام يعترف بالشرائع الأخرى المحرفة
» * البابا فرنسيس والمذاهب والأديان الأخرى - محاكم التفتيش الإسبانية - بشارة اعمال الرسل
» المحرمات في الدين الصابئي
» الالحاد والعلمانية وحاضنتهم الدين
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى