* البابا فرنسيس والمذاهب والأديان الأخرى - محاكم التفتيش الإسبانية - بشارة اعمال الرسل
صفحة 1 من اصل 1
* البابا فرنسيس والمذاهب والأديان الأخرى - محاكم التفتيش الإسبانية - بشارة اعمال الرسل
قال البابا فرنسيس في لقاءه مع ممثلين عن مختلف الأديان الأخرى بعيد انتخابه في الفاتيكان، بأن الكنيسة الكاثوليكية والمسيحية تحترم جميع الأديان الأخرى،التي تحاول الوصول إلى الله والإجابة عن الأسئلة الوجودية بالنسبة للبشر. البابا فرنسيس أعلن خلال اللقاء انتقاده للإلحاد داعيًا إلى حرب عالمية جديدة بوجه الإلحاد،]والتطرف وقال "بالمحبة نواجه التطرف".[132] تعتبر علاقات البابا جيدة مع مختلف الأديان وكذلك الطوائف المسيحية الأخرى، الأمر لا يتوقف على الأديان الإبراهيمية، على سبيل المثال فقد هنأ الدالاي لاما البابا فرنسيس بانتخابه وقال أنه متشوق للقائه كما التقى الباباوات الثلاثة السابقين.[133]
الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية
بعيد انتخابه قال البابا بأن جميع المؤمنين بالمسيح يجب أن يكونوا واحدًا. منذ أن كان أسقفًا عمل البابا على إنهاء أي مظهر من مظاهر الشقاق مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، وكان يشارك بصلوات تقام في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية في بيونس آيرس، وشجع نمو العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية والحكومة الأرجنتينية. هذه العلاقات الطيبة انعكست بحضور بطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، الأول بين بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية المتساوين، حضور حفل تنصيب البابا في روما، "للمرة الأولى في التاريخ تعبيرًا عن صدق الأخوة بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية"، وعبّر البطريرك عن سعادته بنشاط البابا على صعيد العولمة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر.على صعيد العلاقة مع الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، فقد أبرق البابا تواضروس الثاني برسالة تهنئة معبرًا أنه "استقبل بفرح وابتهاج أنباء اختيار البابا الجديد" ووصف الانتخاب "بالخيار المبارك"، وقد رد البابا ببرقية شكر طالبًا "أن يذكره بصلاته"؛لاحقًا عبّر البابا تواضروس الثاني عن رغبته في زيارة الفاتيكان ولقاء البابا بشكل شخصي.
أما من ناحية العلاقة مع ثالث العائلات المسيحية، فقد وصف البابا فرنسيس بكونه «صديق للبروتستانتية»، ويفهم "بشكل جيد مناحيها الفكرية واللاهوتية"، وقد عبّر الأنجليكان واللوثريون في الأرجنتين "عن السعادة والترحيب" عند انتخابه بابا، معربين أن "أواصر الصداقة، والعمل المشترك، سيزداد وثاقة" مع البابا فرنسيس. لويس باولا، وهو أحد قسس البروتستانت الإنجيليين وكان مسؤولاً ماليًا في أبرشية بيوس آيرس الكاثوليكية خلال رئاسة برجوليو للأرشية، وصف البابا بالصديق الذي "كنا نقرأ الكتاب ونصلّي سوية، وتنتناول الغداء، لدينا علاقات صداقة قوية قائمة على الثقة". باولا قال أيضًا عن العلاقة مع البروتستانت بأنها علاقة "بناء الجسور، وإظهار الاحترام، ومعرفة الاختلافات، غير أن الأساسيات جميعنا متفقين عليها، يسوع المسيح، القائم من بين الأموات، والمنتظرين لمجيئه الثاني". رئيس جميعة الكتاب المقدس البروتستانتية في الأرجنتين، طلب البابا في برقية صلاتهم لنيل البركة والتوفيق، ما دفع رئيس الجمعية المذكورة للتصريح "شبكنا أيدينا، نحو 6000 شخص، وصلينا له".
اليهودية
كان للبابا، منذ أن كان رئيسًا للأساقفة، علاقات وثيقة مع اليهود في الأرجنتين، وقد حضر صلوات يهودية في كنيس بيونس آيرس عام 2007 [141]، حيث قال خلال زيارته "أنا حاج معكم، أيها الإخوة الأكبر" "[141] و هي العبارة التي أطلقها يوحنا بولس الثاني عام 1987 في وصف اليهود. في عام 1994 وبعد تفجير بيونس آيرس الذي استهدف مقر إحدى الجمعيات اليهودية وأفضى إلى مقتل 85 شخصًا، كان البابا أول شخصية عامة توقع على عريضة إدانة الهجوم والدعوة لتحقيق العدالة. العديد من القيادات اليهودية في جميع أنحاء العالم، و ليس فقط في الأرجنتين، عبّرت عن شكرها "لمستوى التضامن العالي مع المجتمع اليهودي في الأرجنتين" في أعقاب هذا الهجوم.[141]
كذلك، فقد تعاون البابا خلال رئاسته الأساقفة في بيونس آير مع الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي العالمي، إسرائيل سنغر، خلال بداية العام 2000 في توزيع المساعدات لفقراء المجتمع، كجزء من برنامج مشترك بين اليهود والكاثوليك؛ وقد عبّر سنغر عن إعجابه بتواضع برجوليو. وقد شملت خطوات البابا الأخرى العديدة من دعم المجتمع اليهودي، استضافته في كاتدرائية بيونس آيرس الكبرى، للنصب التذكاري ضمن احتفالات ليلة البلور اليهودية التي تعتبر من ذكريات الهولوكست. وكان منأول أعماله، أو كتب رئالسة إلى حاخام روما دعاه فيها لحضور قداس التنصيب الحبري.
الإسلام
بعد انتخاب البابا، رحب رجال الدين المسلمين في الأرجنتين بخبر انتخابه، وقالوا في بيان أنه "أظهر نفسه دائمًا كصديق للمجتمع الإسلامي"، وأنه شخص يقف موقف "الداعم للحوار"[144]. كان البابا خلال رئاسته أساقفة بيونس آيرس قد زار مسجد ومدرسة إسلامية في المدينة، ودعا إلى تعزيز العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام. سومر النوفري، وهو الأمين العام للمركز الإسلامي في الأرجنتين قال بأن الإجراءات التي اتخذها البابا في الماضي جعل من خبر انتخابه سبب "فرح في المجتمع الإسلامي في الأرجنتين، وتوقع تعزيز الحوار بين الأديان"؛ وقال أيضًا أنه خلال عقد من الزمان ساهم البابا مساهمة فعالة في الحوار بين المسيحيين والمسلمين، وأنه "ترك تأثيرًا كبيرًا في تاريخ العلاقات بين الأديان الموحدة". في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي "لتحسين العلاقات" مع الإسلام،[145] وقال أمينها العام أكمل الدين إحسان أوغلو أنه يجب استثمار المناسبة "لاستعادة الصداقة الحميمية بين الديانتين السماويتين".[146] في حين أرسل أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، تهانيه للبابا الجديد، وكان الأزهر قد قطع علاقاته مع الكرسي الرسولي في أعقاب حبرية بندكت السادس عشر؛ إعادة العلاقات وجدت "دليل انفتاح في المستقبل". أيضًا ففي لقاءه الأول مع سفراء نحو 180 دولة حول العالم، قال البابا أنه سيهتم "بشكل خاص، بالحوار مع المسلمين"،[149] ورحب بحضور الكثير من القادة المدنيين والدينيين قداس تصيبه، وخلافًا للقانون الكنسي والتقليد قام البابا خلال استذكار غسل المسيح أرجل تلاميذه، قام البابا بالغسل حسب التقليد لاثني عشر شخصًا اثنان منهم مسلمين.
صحته
و تفيد تقارير أن البابا فرانسيس الذي انتخب في سن 76 في صحة جيدة بسبب أسلوب حياته البسيطة المتقشفة والصحية، وهوايته لرياضة المشي.[150] في عام 1969، بعد وقت قصير من رسامته كاهناً، هدد الالتهاب الرئوي حياة البابا. ووفقًا لمقابلة أجراها مع كاتب سيرته قال أنه كان بين الحياة والموت لمدة ثلاثة أيام حتى تم إزالة الجزء العلوي من رئته اليمنى.[151] يقول الأطباء أن الجزء العلوي المفقود في رئته لن يكون له تأثير كبير على صحته. في عام 2007 أصيب البابا بالتهاب في عرق النسا، تعالج على إثرها خارج الأرجنتين ومن ثم عاد متابعًا حياته بشكل طبيعي.[154]
مؤلفاته
جميع مؤلفات البابا حتى انتخابه عام 2013، كانت بالإسبانية، وتشمل على صعيد الكتب المنشورة:
في السماء والأرض - 2010.
أما الرسائل الرعوية التي وجهها بحكم كونه أسقفًا:
تأملات للمتدينيين - 1982.
تأملات بالحياة الرسولية - 1986.
تأملات أمل - 1992.
الحوارات بين يوحنا بولس الثاني وفيدل كاسترو - 1998.
وضع الوطن على أكتاف الشخص - 2004.
الأمة التي سيتم بنائها - 2005.
الفساد والخطيئة - 2006.
عن اتهام الذات - 2006.
القوة الحقيقية هي الخدمة - 2007.
عقل مفتوح، وقلب مؤمن - 2012.
انظر أيضًا
محاكم التفتيش الإسبانية
كانت مؤسسة تأسست في 1478 من قبل الملوك الكاثوليك، كبديل لمحكمة التفتيش البابوية التي كانت سائدة في القرون الوسطى، كمؤسسة لم يسبق لها مثيل في المؤسسات المماثلة في أوروبا في القرن الثالث عشر (انظر مادة محاكم التفتيش)، وكانت تحت السيطرة المباشرة للملكية، ولم يتم إلغاؤها حتى 1834. وقد تم التأسيس في 1 نوفمبر تشرين الثاني من عام 1478 بموافقة البابا سيكستوس الرابع.
تمت محاكمة ما لا يقل عن 150,000 حالة طوال فترة محاكم التفتيش منذ القرن الثاني عشر. وبلغت عدد حالات الإعدام الموثقة ما قبل 1530 حوالي 2,000 حالة وحوالي 1,000 ما بين 1530-1630 و250 ما بعد 1630.
سوابق
في القرن السادس عشر أصبحت إسبانيا أكبر قوة كاثوليكية في العالم آنذاك. وتم إجبار كل المسلمين في قشتالة على التنصر في عام 1502، ثم تم إجبار المسلمين في أراغون على التنصر عام 1526. وكانت إسبانيا نموذجًا لدولة دينية سلطوية، فتتحكم وتعين الكنيسة فيها الملوك والأباطرة الذين يحكمون بحاكميه تسمى ظل الله في الأرض أو قانون الحق الإلهي. وللقضاء على ما سموه وقتها بالفساد فقد قامت بتأسيس محاكم تفتيش، واستهدفت من تم إجبارهم على التنصر من المسلمين واليهود ثم استهدفت المعتقدات المسيحية الأخرى وخاصة البروتستانتية.
أهدافها
كانت محاكم التفتيش في إسبانيا منذ القرن الثاني عشر موجهة ضد الكاثاريون الذين حوكموا كهراطقة. وفي 1477 أقنع رئيس الرهبنة الدومنيكي الملكة إيزابيلا بأن بعض اليهود الذين تحولوا إلى المسيحية لا يزال يمارس اليهودية سراً فقامت بتشكيل محاكم خاصة للنظر في مصداقية هذا الإدعاء. كما شملت هذه المحاكمات المسلمين المتنصرين الذين اجبروا على اعتناق المسيحية عام 1502. وبحلول سنة 1571 أصبح 82% من المحاكمين من الموريسكو.
وكان القس "توماس دي تركيمادا"، يرأس هيئة التفتيش للبحث عن هؤلاء الهراطقه، فيقوم بوعظهم وتعذيبهم وقتلهم إن لم يعودوا إلى كنف الكنيسة الكاثوليكية، وكان يسمى بالمفتش العظيم أو جراند إنكويستر، وكان يعدم واحدًا على الأقل من كل عشرة أشخاص يمثلون أمام محكمته وكان ذلك بأسلوب خجلت منه الكنيسة الكاثوليكية واعتذرت عنه للعالم. ويكفي أن ننقل ما سطره غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب" حيث يقول عن محاكم التفتيش: «يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين، فلقد عمدوهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع. واقترح القس "بليدا" قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء والأطفال، وهكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين عربي». وكان الراهب بيلدا قد قتل في قافلة واحدة للمهاجرين قرابة مئة ألف في كمائن نصبها مع أتباعه..[ادعاء غير موثق منذ 639 يوماً] وكان بيلدا قد طالب بقتل جميع العرب في أسبانيا بما فيهم المتنصرين، وحجته أن من المستحيل التفريق بين الصادقين والكاذبين فرأى أن يقتلوا جميعاً بحد السيف، ثم يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى، فيدخل النار من لم يكن صادقاً منهم. يقول د. لوبون: «الراهب بليدي أبدى ارتياحه لقتل مئة ألف مهاجر من قافلة واحدة مؤلفة من 140 ألف مهاجر مسلم، حينما كانت متجهة إلى إفريقية»
تطبيقات محاكم التفتيش
كانت المحاكم غالباً ما تستعمل التعذيب في انتزاع الاعترافات وخاص في القرن الثاني عشر وأثناء محاكم اليهود السفرديين. كما كان المحاكمون غالباً ما يعتمدون على شهادة جيران المتهمين في التحقيق من التهم المنسوبة إليهم. وقام البابا في البداية بنشر إعلان ذكر فيه عدم شرعية هذه المحاكم غير أن ضغط ونفوذ ملوك إسبانيا أدى إلى إلغاء هذه الدعوة وإعطاء السلطات كافة الصلاحيات الدينية في هذه المحاكم.
غير أن الموريسكو لم يتعرضوا لمثل هذه المعاملات وغالباً ما استخدم الكرادلة في حملات تبشير إلى المناطق التي انتشر فيها هؤلاء.
وعند فشل هذه الحملات عمدت السلطات إلى ترحيلهم بشكل قسري إلى المغرب حيث حرم عليهم اصطحاب مجوهراتهم وأموالهم التي تركت للإسبان الذين استوطنوا بيوتهم لاحقاً، وتم هذا سنة 1609 عندما رحل مئات الآلاف من المسلمين "المتنصرين".
كانت محاكم التفتيش وسيلة ملوك أسبانيا الصليبيين لتطهير أسبانيا من المسلمين. وذلك برغم المعاهدة الموقعة منهم عندما سقطت غرناطة –آخر قلاع المسلمين في إسبانيا- سنة (898 هـ \ 1492م). حيث نصت المعاهدة بين أبي عبد الله الصغير والملوك الكاثوليك وضمنها البابا وأقسم عليها: "تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال إبقاء الناس في أماكنهم ودورهم ورباعهم وإقامة شريعتهم على ما كانت ولا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم وأن تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كما كذلك وألا يدخل نصراني دار المسلم ولا يغصبوا أحدا....و ألا يؤخذ أحد بذنب غيره وألا يُكره من أسلم على الرجوع للنصارى ودينهم ولا ينظر نصراني على دور المسلمين ولا يدخل مسجدا من مساجدهم ويسير في بلاد النصارى آمنا في نفسه وماله... ولا يمنع مؤذن ولا مصلي ولا صائم ولا غيره في أمور دينه".
تم نقض المعاهدة كلياً. وتم حظر اللغة العربية، وأحرق الكردينال "أكزيمينيس" عشرات الآلاف من كتب المسلمين. يقول غوستاف لوبون: "ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب أعدائه العرب (أي ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد. فما دَرَى أن ما تركه العرب من الأثار التي تملأ بلاد إسبانية يكفي لتخليد اسمهم إلى الأبد". وفي عام 1500 أجبر المسلمون في غرناطة على تسليم أكثر من 15 مليون كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط.
ثم تم إجبار المسلمين على التنصُّر. إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط: إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سراً. وكانت هناك محظورات كثيرة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر ارتداء الملابس العربية. وإذا وجدوا رجلا لابساً للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيصدر في حقه الإعدام. وكذلك لو وجدوا في بيته مصحفا، أو امتنع عن الطعام في رمضان، أو امتنع عن شرب الخمر وأكل الخنزير. وكانوا يكشفون عورة من يشكون أنه مسلم، فإذا وجدوه مختونًا أو كان أحد عائلته كذلك فليعلم أنه الموت ونهايته هو وأسرته. وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء عادات غير مسيحية، يجب معاقبة فاعلها.
وكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين المسيحيين في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها المسيحيون، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيءًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948 هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة. وأصدر الملك شارل كانت قراراً أن كل شخص يطمح لشغل وضيفة في أسبانيا عليه إثبات عدم وجود أي عضو يهودي أو مسلم في عائلنه منذ أربعة أجيال على الأقل.
ولكن حتى هذا الحل لم ينجح كليا في حل المشكلة الإسلامية في إسبانيا فكان اللجوء إلى الطرد الجماعي في القرن السابع عشر، أما الخسائر التي ستترتب عن الطرد فتم تعويضها بشكل كبير بالأرباح الناتجة عن مصادرة أملاك المورسكيين. حيث أصدر الملك فيليب الثالث قراراً بطرد مئات الآلاف من الموريكسيين بعد أن اقتنع بفشل محاكم التفتيش في إجبار المسلمين على ترك دينهم، على أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم مع إبقائهم عبيداً بغير زواج. فما بين عامي 1609-1614 تم طرد ما لا يقل عن 500 ألف شخص إلى البلدان الإسلامية المجاورة كالمغرب وتونس والجزائر بل وبعض البلدان المسيحية الأخرى، بعد نهب ومصادرة ثرواتهم وأملاكهم. وكان سكان إسبانيا حوالي 8 ملايين نسمة. وقد تمت إبادة كثير منهم أثناء هذا الترحيل حيث تلقيهم السفن بالبحر ليموتوا غرقاً. وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي وثلاثة أرباع مجموع عددهم.
وقد أدى هذا النفي لإدخال إسبانيا في أحلك فترة في تاريخها، حيث أن الكثير من الأراضي الخصبة أصبحت أراضي موات، واندثرت أكثر الحرف ازدهاراً (كالبناء وتنظيم السقاية والنقل). لم يبق من الموريكسيين بعد الطرد إلا القليل مختفين بدينهم. أخر ذكر لهم في السجلات كان تقريرا رُفع إلى الملك سنة 1769 يتضمن شكوكا حول أشخاص متهمين بالإسلام سرّا. ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى "بدية" توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التحقيق. وانتهت محاكم التفتيش رسمياً في 15 حزيران 1834. رغم بقاء العديد من يؤيدها إلى يومنا الحالي، حتى أنه تقرر في نهاية عام 1960 وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" (مخطط عملية الطرد والإبادة وخطف الأطفال) إلى قائمة القديسيين.
التعذيب من سمات محاكم التفتيش الإسبانية
مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب. ومن أنواع التعذيب: إملاء البطن بالماء حتى الاختناق، وسحق العظام بآلات ضاغطة، وربط يدى المتهم وراء ظهره، وربطه بحبل حول راحتيه وبطنه ورفعه وخفضه معلقا سواء بمفرده أو مع أثقال تربط به، والأسياخ المحمية على النار، وتمزيق الأرجل، وفسخ الفك. وكثيراً ما كانت تصدر أحكام إعدام حرقاً، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان الملك فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات. وكان لهم توابيت مغلقة بها مسامير حديدية ضخمة تنغرس في جسم المعذب تدريجيا، وأيضا أحواض يقيّد فيها الرجل ثم يسقط عليه الماء قطرة قطرة حتى يملأ الحوض ويموت. كانوا أيضا يقومون بدفنهم أحياء، ويجلدونهم بسياط من حديد شائك، وكانوا يقطعون اللسان بآلات خاصة.
وكان دستور محاكم التفتيش فييجيز محاكمة الموتى والغائبين وتصدر الأحكام في حقهم عليهم كالأحياء. فتصادر أموالهم وتنبش قبورهم. كما يتم حرمان أقاربهم من تولي الوظائف العامة وامتهان بعض المهن الخاصة
* بشارة سفر أعمال الرسل: بولـــص - حزقيال
مُساهمة طارق فتحي في الإثنين 20 يناير 2014 - 19:13
بشارة سفر أعمال الرسل: بولـــص
قال المهتدي الطبري أنه جاء في كتاب فراكسيس قول رئيس الحواريين: (إنه قد حان أن يبتدأ من بيت الله) قال المهتدي الطبري: (وتفسير ذلك أن بيت الله الذي ذكره الحواري هو مكة، وفيها كان ابتداء الحكم الجديد لا من غيرها. فإن قال قائل: إنه عني به حكم اليهود. فقد كان أخبرهم المسيح أنه لا يترك في بيت المقدس حجر على حجر حتى ينسف ويبقى على الخراب إلى يوم القيامة، فقد وضح أن الحكم الجديد الذي ذكره الحواري هو دين الإسلام وحكمه).
بشارة بولس في رسالته إلى أهل غلاطية:
قال فولس في رسالته إلى أهل غلاطية: (إنه كان لإبراهيم ابنان أحدهما من أمة والآخر من حرة، وقد كان مولد ابنه الذي من الأمة كمولد سائر البشر، فأما مولد الذي من الحرة فإنه ولد بالعدة من الله.
فهما مثالان مشبهان بالفرضين والناموسين، فأما هاجر فإنها تشبه بجبل سينا الذي في بلاد أرابيا الذي هو نظير أوراشلم هذه، فأما أوراشلم التي في السماء فهي نظير امرأته الحرة) قال المهتدي الطبري: (فقد ثبت فولس في قوله هذا معاني جمة:
أولهما: أن إسماعيل وهاجر قد كانا استوطنا بلاد العرب، وهي التي سماها بلاد أرابيا.
الثاني: أن جبل سيناء الذي بالشام يتصل ببلاد البوادي بقوله: إن هاجر تشبه بطور سينا الذي ببلاد أرابيا. وسينا هو الذي ذكرته التوارة في صدر هذه النبوات في قولها: (إن الرب جاء من سينا، وطلع لها من ساعير، وظهر من جبل فاران). فشهد فولس هذا بأن الذي قالت عنه التوراة: إنه جاء من سينا: هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي ظهر في بلاد أرابيا. وأين يكون من الإبانة والإيضاح أكثر من تسمية بلاد أرابيا التي عني بها بلاد العرب.
الثالث: أن بيت المقدس هو نظير مكة.
الرابع: أن هذا الناموس الثاني والفريضة الثانية وهي "الشريعة الإسلامية" سماوية لا شك فيها، فقد سماهما باسم واحد، ولم يفرق بينهما بمعنى من المعاني.
فأما تقديمه الحرة، وقوله: (ابن الأمة لم يولد بالعدة) فذلك منه بالعصبية والميل، وفيما استشهدت به من قوارع التوراة على إسماعيل ما فيه كفاية وبرهان على أنه – أيضاً – ولد ليس بعده واحدة بل بعدات كثيرة.
الخاتمـة
ليست هذه البشارات التي أوردتها هي كل ما في التوراة والإنجيل، وليست – أيضاً – هي كل ما استطاع هؤلاء المهتدون استنباطه منهما، لأنهم أوردوا أمثالاً وصوراً منها للتدليل على نبوته صلى الله عليه وسلم ، ويؤكد ذلك قول المهتدي الترجمان: (ولو ذكرت جميع ما في كتب الأنبياء المتقدمين من ذلك –أي البشارات- لطال الكتاب، وأنا أرجو أن أجمع لبشارات جميع الأنبياء به كتاباً مجرداً لذلك). وقال المهتدي النجار بعد ذكره لعدد من البشارات: (وهذا قليل من كثير).
وقد استخلص المهتدي إبراهيم خليل خلاصة هذه البشارات بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فوجد أنها تؤكد جانبين هما:
1. أنه الرسول الخاتم ولا نبي بعده.
2. أنه رسول الله للعالمين كافة. وأيد هذين الجانبين أو الوصفين بعشرين سبباً استخرجها من نصوص العهد القديم والجديد.
وقال المهتدي الطبري بعد فراغه من الاستدلال بالبشارات: (ولقد صرح عدة منهم – أي من أنبياء بني إسرائيل – باسم النبي صلى الله عليه وسلم ، ووصفوه أيضاً وسيافيه ورماته، وسير المنايا وسباع الطير أمام عساكره ... فهذه – أي البشارات – كلها محققة لدينه، ومفخمة لشأنه، ومصدقة لما أدت دعاته عنه).
هذه البشارات التي استعرضت جانبا منها تبين اتفاق كثير منها في ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم ، وصفته، وصفة جهاده وجنوده، وبلده وأمته ولغته ... فماذا يعني هذا التوافق والتعاضد ؟ إن هذا التعاضد يعني أموراً كثيرة لعل من أبرزها ما يلي:
1. أن هذه الرسالات كلها من عند الله، وهذه التحريف الذي طرأ عليها وأثبته القرآن، ولا ننفيه عنها – لم يستطع أن يخفي المعنى الذي ورد أصلا في اللفظ المنزل.
2. أن كتب الله ورسله يصدق بعضها بعضاً، ويؤمن بعضها ببعض، فالسابق يبشر باللاحق، واللاحق يؤمن بالسابق، فإبراهيم آمن بمن سبقه من رسل، وسأل الله أن يبعث في ذريته رسولاً يزكيهم يعلمهم الكتاب والحكمة، وموسى آمن بإبراهيم وبمن سبقه وبشر بعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وعيسى آمن بمن سبقه وبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
3. أن ما ورد من الحق فلا يخرج عن الصدق، ولا يناقض بعضه بعضاً، وأن ما ورد من الباطل فلا يكون حقاً أبداً.
4. يتأكد من هذه النبوات شيء واحد، وهو أن هذا النبي الذي بشرت به الأنبياء معروف لديهم كافة.
5. أن ظهور الرسالة المحمدية والملة الإسلامية على يد خاتم الرسل يعتبر آية لنبوتهم، إذ تحقق صدق ما أخبروا به، وظهور ما بشروا به، ولو لم يظهر لبطلت النبوات فيه وفي إسماعيل عليهما السلام.
6. توافق هذه النبوات في حق محمد صلى الله عليه وسلم يدل على فضيلته وانفراده بهذا الشرف الرفيع بين سائر الأنبياء صلوات عليهم وسلامه.
7. توافق هذه النصوص مؤيد لما أخبر به صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة من أنه مذكور في الكتب المتقدمة.
8. نستنتج من هذا التوافق عناية الله بهذه الأمة، ورعايته لها، وحفظه لدينها، فمن حفظه لدينها حفظ هذه الأدلة الدالة عليه والمبشرة – لا لحاجة هذا الدين إليها، وإنما لإقامة الحجة على أهلها.
9. أن البشر على عتوهم وتمردهم لوحي الشيطان في محاولة طمس نور الله وإضلال عباده – لا يستطيعون أن يطفئوا نور الله، يقول الحق تبارك وتعالى بعد ذكره بشارة المسيح عليه السلام بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
10. رأينا في البشارات السابقة كيف أثبت هؤلاء المهتدون اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصفته في التوراة والإنجيل، ورأينا كذلك كيف استبدلت هذه الأسماء وغيرت الأوصاف في الطبعات الحديثة، كفراً وحسداً وحقداً.
بشارات حزقيال
سابعاً: بشارة حزقيال:
قال حزقيال في الفصل التاسع: (إن أمّك مغروسة على الماء بدمك، فهي كالكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة، وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الأكابر والسادات، وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن، وحسنت أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن، فلم تلبث الكرمة أن قلعت بالسخط، ورمى بها على الأرض، وأحرقت السمائم ثمارها، وتفرق قواها، ويبس عصي عزها، وأتت عليها النار فأكلتها، فعند ذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة العطشى، وخرجت من أغصانه الفاضلة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ولا قضيب ينهض بأمر السلطان). فتأمل ما في هذا النص من بلاغة في التصوير، ودقة في التعبير، فشبه الأمة اليهودية إبان عزها وسؤددها – لما كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء – بالكرمة الحسنة، وبعد أن نزعت منها النبوة، وأغضبت ربها استأصل شأفتها، واقتلع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل الله بها أمة هي خير أمة أخرجت للناس، وشبهها بشجرة قد غرست في أرض البادية العطشى من الماء المعنوي والحسي، فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الفاضلة التي قضت على تلك الشجرة الأولى ولم تبق فيها عصا ولا قضيباً. وهذا حال الأمة اليهودية والأمة الإسلامية التي أشرق عزها، وتوسع نفوذها، حتى شمل بلاد بني إسرائيل وغيرها.
البشارة الأولى: قال دانيال في الإصحاح السابع: (إن ملكوت الله وعظمة المملكة الممتدة تحت رقعة السماء كلها سوف تعطي لعباد الله تعالى وأوليائه. وسيكون ملكوتهم هذا مملكة أبدية، تخدمها جميع الممالك الأخرى، وتعمل بطاعتها) إن هذه البشارة لتدل بوضوح على أن في الإسلام توجد وحدة لا انفصام لها بين الدين والدولة. فالإسلام ليس ديناً فحسب، بل أيضاً المملكة الدنيوية. ولا بد من إلقاء نظرة خاطفة على التدرج التأريخي لهذا الملكوت حتى بلغ غايته، واكتمل بناؤه على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا التدرج هو كما يلي:
1. أن الإسلام قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم تمثله دولة تحكم باسمه وتدافع عنه، وإنما كان الإسلام ديناً قائماً في حياة الأقوام التي آمنت به، ولم تقم له دولة في حياتهم، بل كان السلطان والقوة في أيدي الكفرة الوثنيين، في العموم الغالب، ويستثنى من ذلك فترات حكم كل من سليمان وداود ويوشع عليهم السلام.
2. إن المسيح عليه السلام قد بشر تلاميذه باقتراب ملكوت الله. وهذا الملكوت يعني وجود دين ومجتمع قوي من المؤمنين بالله، وهذا المجتمع يتسلح بالإيمان بالله وبالسيف لقتال أعدائهم الذين يريدون أن يحولوا بينهم وبين تبليغ كلمة الله إلى البشرية، أو بمعنى أوضح: إن ملكوت الله هو الإسلام. إذاً فالمسيح عليه السلام بشر تلاميذه باقتراب ظهور الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكد لليهود أن النبي الذي تنتظره اليهود ليس يهودياً، ولا من نسل داود عليه السلام، بل هو من نسل إسماعيل عليه السلام واسمه أحمد، وسيقيم الدولة الإسلامية وفق المنهج الذي ارتضاه الله لهم، وهذه الدولة مؤيدة بنصر الله ثم بسواعد المجاهدين في سبيله.
3. طبيعة هذا الملكوت وتكوينه: يتألف هذا الملكوت من المؤمنين بالله الذين يلازمهم ذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحوالهم، فلا يقومون بأي عمل إلا ويبدءونه بذكر الله، ويحمدونه بعد الانتهاء منه.
وطبيعة هذا الملكوت أنه يتكون في جوهره من شقين: الأول: دين صحيح قائم على وجه الأرض وفق المنهج الذي ارتضاه الله في كتابه القرآن. والثاني: دولة إسلامية تقوم على هذا المنهج ويتصف المؤمنون بهذا المنهج بما يأتي:
أ ) أنهم يكونون أمة واحدة تربطهم أخوة واحدة هي أخوة الدين.
ب) أنهم كما وصفهم دانيال: جماعة القديسين. وهذه صفة تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وعلى سائر المؤمنين بالله.
4. ديمومة هذه المملكة ورفعة شأنها: هذه الحقيقة أكدها دانيال بقوله: إن جميع الأمم تحت قبة السماء تخدم شعب الأبرار العامل بطاعة الله. ولم تتحقق هذه الصفة – وهي خدمة الأمم – إلا للأمة الإسلامية التي خدمتها الأمم في مشارق الأرض ومغاربها. ومن دواعي استمرار هذه الأمة وديمومتها أنها لا تعرف التمييز الطبقي في تشريعاتها بين أفرادها فالكل سواء أمام شرع الله، لا فرق بين الأبيض والأسود أو بين الحاكم والمحكوم.
البشارة الثانية: قال دانيال: (طوبى لمن أمل أن يدرك الأيام الألف والثلاثمائة والخمسة والثلاثين). قال المهتدي الطبري: (فأعملت فيه الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين، وهذه الدولة العباسية خاصة، وذلك أنه لا يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد: الأيام والشهور والسنين، أو سرا من أسرار النبوة بخرجه الحساب. فإن قال قائل: إنه أراد به الأيام. فإنه لم يحدث لبني إسرائيل، ولا في العالم بعد أربع سنين فرح ولا حادثة سارة، ولا بعد ألف والثلاثمائة وخمسة وثلاثين شهراً، فإن ذلك مائة وإحدى عشر سنة وأشهر. فإن قالوا: عني به السنين. فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة، لأن من زمن دانيال إلى المسيح نحواً من خمسمائة سنة... ومن المسيح إلى سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة ينتهي ذلك إلى هذه الدولة العباسية منذ ثلاثين سنة، أو يزيد شيئاً).
وبمقارنة هذا التاريخ الميلادي بالتاريخ الهجري تكون السنة التي أشار إليها هي سنة 253هـ تقريباً. ولعل في هذه البشارة سراً عجيباً وهو الإشارة إلى بلوغ الدولة الإسلامية غاية مجدها، وكمال سيطرتها، ونهاية فتوحاتها.
الكنائس الأرثوذكسية والبروتستانتية
بعيد انتخابه قال البابا بأن جميع المؤمنين بالمسيح يجب أن يكونوا واحدًا. منذ أن كان أسقفًا عمل البابا على إنهاء أي مظهر من مظاهر الشقاق مع الكنائس الأرثوذكسية الشرقية، وكان يشارك بصلوات تقام في الكنيسة الروسية الأرثوذكسية في بيونس آيرس، وشجع نمو العلاقات بين الكنيسة الأرثوذكسية والحكومة الأرجنتينية. هذه العلاقات الطيبة انعكست بحضور بطريرك القسطنطينية برثلماوس الأول، الأول بين بطاركة الكنائس الأرثوذكسية الشرقية المتساوين، حضور حفل تنصيب البابا في روما، "للمرة الأولى في التاريخ تعبيرًا عن صدق الأخوة بين الكنيسة الكاثوليكية والأرثوذكسية"، وعبّر البطريرك عن سعادته بنشاط البابا على صعيد العولمة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفقر.على صعيد العلاقة مع الكنائس الأرثوذكسية المشرقية، فقد أبرق البابا تواضروس الثاني برسالة تهنئة معبرًا أنه "استقبل بفرح وابتهاج أنباء اختيار البابا الجديد" ووصف الانتخاب "بالخيار المبارك"، وقد رد البابا ببرقية شكر طالبًا "أن يذكره بصلاته"؛لاحقًا عبّر البابا تواضروس الثاني عن رغبته في زيارة الفاتيكان ولقاء البابا بشكل شخصي.
أما من ناحية العلاقة مع ثالث العائلات المسيحية، فقد وصف البابا فرنسيس بكونه «صديق للبروتستانتية»، ويفهم "بشكل جيد مناحيها الفكرية واللاهوتية"، وقد عبّر الأنجليكان واللوثريون في الأرجنتين "عن السعادة والترحيب" عند انتخابه بابا، معربين أن "أواصر الصداقة، والعمل المشترك، سيزداد وثاقة" مع البابا فرنسيس. لويس باولا، وهو أحد قسس البروتستانت الإنجيليين وكان مسؤولاً ماليًا في أبرشية بيوس آيرس الكاثوليكية خلال رئاسة برجوليو للأرشية، وصف البابا بالصديق الذي "كنا نقرأ الكتاب ونصلّي سوية، وتنتناول الغداء، لدينا علاقات صداقة قوية قائمة على الثقة". باولا قال أيضًا عن العلاقة مع البروتستانت بأنها علاقة "بناء الجسور، وإظهار الاحترام، ومعرفة الاختلافات، غير أن الأساسيات جميعنا متفقين عليها، يسوع المسيح، القائم من بين الأموات، والمنتظرين لمجيئه الثاني". رئيس جميعة الكتاب المقدس البروتستانتية في الأرجنتين، طلب البابا في برقية صلاتهم لنيل البركة والتوفيق، ما دفع رئيس الجمعية المذكورة للتصريح "شبكنا أيدينا، نحو 6000 شخص، وصلينا له".
اليهودية
كان للبابا، منذ أن كان رئيسًا للأساقفة، علاقات وثيقة مع اليهود في الأرجنتين، وقد حضر صلوات يهودية في كنيس بيونس آيرس عام 2007 [141]، حيث قال خلال زيارته "أنا حاج معكم، أيها الإخوة الأكبر" "[141] و هي العبارة التي أطلقها يوحنا بولس الثاني عام 1987 في وصف اليهود. في عام 1994 وبعد تفجير بيونس آيرس الذي استهدف مقر إحدى الجمعيات اليهودية وأفضى إلى مقتل 85 شخصًا، كان البابا أول شخصية عامة توقع على عريضة إدانة الهجوم والدعوة لتحقيق العدالة. العديد من القيادات اليهودية في جميع أنحاء العالم، و ليس فقط في الأرجنتين، عبّرت عن شكرها "لمستوى التضامن العالي مع المجتمع اليهودي في الأرجنتين" في أعقاب هذا الهجوم.[141]
كذلك، فقد تعاون البابا خلال رئاسته الأساقفة في بيونس آير مع الرئيس السابق للمؤتمر اليهودي العالمي، إسرائيل سنغر، خلال بداية العام 2000 في توزيع المساعدات لفقراء المجتمع، كجزء من برنامج مشترك بين اليهود والكاثوليك؛ وقد عبّر سنغر عن إعجابه بتواضع برجوليو. وقد شملت خطوات البابا الأخرى العديدة من دعم المجتمع اليهودي، استضافته في كاتدرائية بيونس آيرس الكبرى، للنصب التذكاري ضمن احتفالات ليلة البلور اليهودية التي تعتبر من ذكريات الهولوكست. وكان منأول أعماله، أو كتب رئالسة إلى حاخام روما دعاه فيها لحضور قداس التنصيب الحبري.
الإسلام
بعد انتخاب البابا، رحب رجال الدين المسلمين في الأرجنتين بخبر انتخابه، وقالوا في بيان أنه "أظهر نفسه دائمًا كصديق للمجتمع الإسلامي"، وأنه شخص يقف موقف "الداعم للحوار"[144]. كان البابا خلال رئاسته أساقفة بيونس آيرس قد زار مسجد ومدرسة إسلامية في المدينة، ودعا إلى تعزيز العلاقة بين الكنيسة الكاثوليكية والإسلام. سومر النوفري، وهو الأمين العام للمركز الإسلامي في الأرجنتين قال بأن الإجراءات التي اتخذها البابا في الماضي جعل من خبر انتخابه سبب "فرح في المجتمع الإسلامي في الأرجنتين، وتوقع تعزيز الحوار بين الأديان"؛ وقال أيضًا أنه خلال عقد من الزمان ساهم البابا مساهمة فعالة في الحوار بين المسيحيين والمسلمين، وأنه "ترك تأثيرًا كبيرًا في تاريخ العلاقات بين الأديان الموحدة". في حين دعت منظمة التعاون الإسلامي "لتحسين العلاقات" مع الإسلام،[145] وقال أمينها العام أكمل الدين إحسان أوغلو أنه يجب استثمار المناسبة "لاستعادة الصداقة الحميمية بين الديانتين السماويتين".[146] في حين أرسل أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، تهانيه للبابا الجديد، وكان الأزهر قد قطع علاقاته مع الكرسي الرسولي في أعقاب حبرية بندكت السادس عشر؛ إعادة العلاقات وجدت "دليل انفتاح في المستقبل". أيضًا ففي لقاءه الأول مع سفراء نحو 180 دولة حول العالم، قال البابا أنه سيهتم "بشكل خاص، بالحوار مع المسلمين"،[149] ورحب بحضور الكثير من القادة المدنيين والدينيين قداس تصيبه، وخلافًا للقانون الكنسي والتقليد قام البابا خلال استذكار غسل المسيح أرجل تلاميذه، قام البابا بالغسل حسب التقليد لاثني عشر شخصًا اثنان منهم مسلمين.
صحته
و تفيد تقارير أن البابا فرانسيس الذي انتخب في سن 76 في صحة جيدة بسبب أسلوب حياته البسيطة المتقشفة والصحية، وهوايته لرياضة المشي.[150] في عام 1969، بعد وقت قصير من رسامته كاهناً، هدد الالتهاب الرئوي حياة البابا. ووفقًا لمقابلة أجراها مع كاتب سيرته قال أنه كان بين الحياة والموت لمدة ثلاثة أيام حتى تم إزالة الجزء العلوي من رئته اليمنى.[151] يقول الأطباء أن الجزء العلوي المفقود في رئته لن يكون له تأثير كبير على صحته. في عام 2007 أصيب البابا بالتهاب في عرق النسا، تعالج على إثرها خارج الأرجنتين ومن ثم عاد متابعًا حياته بشكل طبيعي.[154]
مؤلفاته
جميع مؤلفات البابا حتى انتخابه عام 2013، كانت بالإسبانية، وتشمل على صعيد الكتب المنشورة:
في السماء والأرض - 2010.
أما الرسائل الرعوية التي وجهها بحكم كونه أسقفًا:
تأملات للمتدينيين - 1982.
تأملات بالحياة الرسولية - 1986.
تأملات أمل - 1992.
الحوارات بين يوحنا بولس الثاني وفيدل كاسترو - 1998.
وضع الوطن على أكتاف الشخص - 2004.
الأمة التي سيتم بنائها - 2005.
الفساد والخطيئة - 2006.
عن اتهام الذات - 2006.
القوة الحقيقية هي الخدمة - 2007.
عقل مفتوح، وقلب مؤمن - 2012.
انظر أيضًا
محاكم التفتيش الإسبانية
كانت مؤسسة تأسست في 1478 من قبل الملوك الكاثوليك، كبديل لمحكمة التفتيش البابوية التي كانت سائدة في القرون الوسطى، كمؤسسة لم يسبق لها مثيل في المؤسسات المماثلة في أوروبا في القرن الثالث عشر (انظر مادة محاكم التفتيش)، وكانت تحت السيطرة المباشرة للملكية، ولم يتم إلغاؤها حتى 1834. وقد تم التأسيس في 1 نوفمبر تشرين الثاني من عام 1478 بموافقة البابا سيكستوس الرابع.
تمت محاكمة ما لا يقل عن 150,000 حالة طوال فترة محاكم التفتيش منذ القرن الثاني عشر. وبلغت عدد حالات الإعدام الموثقة ما قبل 1530 حوالي 2,000 حالة وحوالي 1,000 ما بين 1530-1630 و250 ما بعد 1630.
سوابق
في القرن السادس عشر أصبحت إسبانيا أكبر قوة كاثوليكية في العالم آنذاك. وتم إجبار كل المسلمين في قشتالة على التنصر في عام 1502، ثم تم إجبار المسلمين في أراغون على التنصر عام 1526. وكانت إسبانيا نموذجًا لدولة دينية سلطوية، فتتحكم وتعين الكنيسة فيها الملوك والأباطرة الذين يحكمون بحاكميه تسمى ظل الله في الأرض أو قانون الحق الإلهي. وللقضاء على ما سموه وقتها بالفساد فقد قامت بتأسيس محاكم تفتيش، واستهدفت من تم إجبارهم على التنصر من المسلمين واليهود ثم استهدفت المعتقدات المسيحية الأخرى وخاصة البروتستانتية.
أهدافها
كانت محاكم التفتيش في إسبانيا منذ القرن الثاني عشر موجهة ضد الكاثاريون الذين حوكموا كهراطقة. وفي 1477 أقنع رئيس الرهبنة الدومنيكي الملكة إيزابيلا بأن بعض اليهود الذين تحولوا إلى المسيحية لا يزال يمارس اليهودية سراً فقامت بتشكيل محاكم خاصة للنظر في مصداقية هذا الإدعاء. كما شملت هذه المحاكمات المسلمين المتنصرين الذين اجبروا على اعتناق المسيحية عام 1502. وبحلول سنة 1571 أصبح 82% من المحاكمين من الموريسكو.
وكان القس "توماس دي تركيمادا"، يرأس هيئة التفتيش للبحث عن هؤلاء الهراطقه، فيقوم بوعظهم وتعذيبهم وقتلهم إن لم يعودوا إلى كنف الكنيسة الكاثوليكية، وكان يسمى بالمفتش العظيم أو جراند إنكويستر، وكان يعدم واحدًا على الأقل من كل عشرة أشخاص يمثلون أمام محكمته وكان ذلك بأسلوب خجلت منه الكنيسة الكاثوليكية واعتذرت عنه للعالم. ويكفي أن ننقل ما سطره غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب" حيث يقول عن محاكم التفتيش: «يستحيل علينا أن نقرأ دون أن ترتعد فرائضنا من قصص التعذيب والاضطهاد التي قام بها المسيحيون المنتصرين على المسلمين المنهزمين، فلقد عمدوهم عنوة، وسلموهم لدواوين التفتيش التي أحرقت منهم ما استطاعت من الجموع. واقترح القس "بليدا" قطع رؤوس كل العرب دون أي استثناء ممن لم يعتنقوا المسيحية بعد، بما في ذلك النساء والأطفال، وهكذا تم قتل أو طرد ثلاثة ملايين عربي». وكان الراهب بيلدا قد قتل في قافلة واحدة للمهاجرين قرابة مئة ألف في كمائن نصبها مع أتباعه..[ادعاء غير موثق منذ 639 يوماً] وكان بيلدا قد طالب بقتل جميع العرب في أسبانيا بما فيهم المتنصرين، وحجته أن من المستحيل التفريق بين الصادقين والكاذبين فرأى أن يقتلوا جميعاً بحد السيف، ثم يحكم الرب بينهم في الحياة الأخرى، فيدخل النار من لم يكن صادقاً منهم. يقول د. لوبون: «الراهب بليدي أبدى ارتياحه لقتل مئة ألف مهاجر من قافلة واحدة مؤلفة من 140 ألف مهاجر مسلم، حينما كانت متجهة إلى إفريقية»
تطبيقات محاكم التفتيش
كانت المحاكم غالباً ما تستعمل التعذيب في انتزاع الاعترافات وخاص في القرن الثاني عشر وأثناء محاكم اليهود السفرديين. كما كان المحاكمون غالباً ما يعتمدون على شهادة جيران المتهمين في التحقيق من التهم المنسوبة إليهم. وقام البابا في البداية بنشر إعلان ذكر فيه عدم شرعية هذه المحاكم غير أن ضغط ونفوذ ملوك إسبانيا أدى إلى إلغاء هذه الدعوة وإعطاء السلطات كافة الصلاحيات الدينية في هذه المحاكم.
غير أن الموريسكو لم يتعرضوا لمثل هذه المعاملات وغالباً ما استخدم الكرادلة في حملات تبشير إلى المناطق التي انتشر فيها هؤلاء.
وعند فشل هذه الحملات عمدت السلطات إلى ترحيلهم بشكل قسري إلى المغرب حيث حرم عليهم اصطحاب مجوهراتهم وأموالهم التي تركت للإسبان الذين استوطنوا بيوتهم لاحقاً، وتم هذا سنة 1609 عندما رحل مئات الآلاف من المسلمين "المتنصرين".
كانت محاكم التفتيش وسيلة ملوك أسبانيا الصليبيين لتطهير أسبانيا من المسلمين. وذلك برغم المعاهدة الموقعة منهم عندما سقطت غرناطة –آخر قلاع المسلمين في إسبانيا- سنة (898 هـ \ 1492م). حيث نصت المعاهدة بين أبي عبد الله الصغير والملوك الكاثوليك وضمنها البابا وأقسم عليها: "تأمين الصغير والكبير في النفس والأهل والمال إبقاء الناس في أماكنهم ودورهم ورباعهم وإقامة شريعتهم على ما كانت ولا يحكم على أحد منهم إلا بشريعتهم وأن تبقى المساجد كما كانت والأوقاف كما كذلك وألا يدخل نصراني دار المسلم ولا يغصبوا أحدا....و ألا يؤخذ أحد بذنب غيره وألا يُكره من أسلم على الرجوع للنصارى ودينهم ولا ينظر نصراني على دور المسلمين ولا يدخل مسجدا من مساجدهم ويسير في بلاد النصارى آمنا في نفسه وماله... ولا يمنع مؤذن ولا مصلي ولا صائم ولا غيره في أمور دينه".
تم نقض المعاهدة كلياً. وتم حظر اللغة العربية، وأحرق الكردينال "أكزيمينيس" عشرات الآلاف من كتب المسلمين. يقول غوستاف لوبون: "ظن رئيس الأساقفة أكزيمينيس أنه بحرقه مؤخرا ما قدر على جمعه من كتب أعدائه العرب (أي ثمانين ألف كتاب) محا ذكراهم من الأندلس إلى الأبد. فما دَرَى أن ما تركه العرب من الأثار التي تملأ بلاد إسبانية يكفي لتخليد اسمهم إلى الأبد". وفي عام 1500 أجبر المسلمون في غرناطة على تسليم أكثر من 15 مليون كتاب تتميز بتجليدات زخرفية لا تقدر بثمن، فقد تمّ حرقها وبقي منها بعض الكتب الطبية فقط.
ثم تم إجبار المسلمين على التنصُّر. إلا أن معظم هذا الاعتناق الديني كان بالاسم فقط: إذ كان المسلمون يمارسون الطقوس الدينية المسيحية، إلا أنهم استمروا في تطبيق الدين الإسلامي سراً. وكانت هناك محظورات كثيرة منها: حظر الختان، وحظر الوقوف تجاه القبلة، وحظر ارتداء الملابس العربية. وإذا وجدوا رجلا لابساً للزينة يوم العيد عرفوا أنه مسلم فيصدر في حقه الإعدام. وكذلك لو وجدوا في بيته مصحفا، أو امتنع عن الطعام في رمضان، أو امتنع عن شرب الخمر وأكل الخنزير. وكانوا يكشفون عورة من يشكون أنه مسلم، فإذا وجدوه مختونًا أو كان أحد عائلته كذلك فليعلم أنه الموت ونهايته هو وأسرته. وتعتبر المحكمة الكاثوليكية والرأي العام أن تصرفات مثل تناول "الكوسكس"، واستخدام الحناء عادات غير مسيحية، يجب معاقبة فاعلها.
وكان الإمبراطور شارل الخامس حينما أصدر قراره بتنصير المسلمين، وعد بتحقيق المساواة بينهم وبين المسيحيين في الحقوق والواجبات، ولكن هذه المساواة لم تتحقق قط، وشعر هؤلاء أنهم ما زالوا موضع الريب والاضطهاد، ففرضت عليم ضرائب كثيرة لا يخضع لها المسيحيون، وكانت وطأة الحياة تثقل عليهم شيءًا فشيئًا، حتى أصبحوا أشبه بالرقيق والعبيد، ولما شعرت السلطات بميل الموريسكيين إلى الهجرة، صدر قرار في سنة (948 هـ=1514م)، يحرم عليهم تغيير مساكنهم، كما حرم عليهم النزوح إلى بلنسية التي كانت دائمًا طريقهم المفضل إلى الهجرة. وأصدر الملك شارل كانت قراراً أن كل شخص يطمح لشغل وضيفة في أسبانيا عليه إثبات عدم وجود أي عضو يهودي أو مسلم في عائلنه منذ أربعة أجيال على الأقل.
ولكن حتى هذا الحل لم ينجح كليا في حل المشكلة الإسلامية في إسبانيا فكان اللجوء إلى الطرد الجماعي في القرن السابع عشر، أما الخسائر التي ستترتب عن الطرد فتم تعويضها بشكل كبير بالأرباح الناتجة عن مصادرة أملاك المورسكيين. حيث أصدر الملك فيليب الثالث قراراً بطرد مئات الآلاف من الموريكسيين بعد أن اقتنع بفشل محاكم التفتيش في إجبار المسلمين على ترك دينهم، على أن يبقى الأطفال الذين كانت أعمارهم بين العاشرة أو أقل في إسبانيا ليقوم الرهبان أو أي أشخاص آخرين موثوق بهم بتعليمهم مع إبقائهم عبيداً بغير زواج. فما بين عامي 1609-1614 تم طرد ما لا يقل عن 500 ألف شخص إلى البلدان الإسلامية المجاورة كالمغرب وتونس والجزائر بل وبعض البلدان المسيحية الأخرى، بعد نهب ومصادرة ثرواتهم وأملاكهم. وكان سكان إسبانيا حوالي 8 ملايين نسمة. وقد تمت إبادة كثير منهم أثناء هذا الترحيل حيث تلقيهم السفن بالبحر ليموتوا غرقاً. وقد أشار "هنري تشارلز لي" بعد دراسة المصادر المعاصرة أن نسبة وفاة المسلمين تقع ما بين ثلثي وثلاثة أرباع مجموع عددهم.
وقد أدى هذا النفي لإدخال إسبانيا في أحلك فترة في تاريخها، حيث أن الكثير من الأراضي الخصبة أصبحت أراضي موات، واندثرت أكثر الحرف ازدهاراً (كالبناء وتنظيم السقاية والنقل). لم يبق من الموريكسيين بعد الطرد إلا القليل مختفين بدينهم. أخر ذكر لهم في السجلات كان تقريرا رُفع إلى الملك سنة 1769 يتضمن شكوكا حول أشخاص متهمين بالإسلام سرّا. ولعل من المفيد أن نذكر أن رجلاً أسبانيًا يدعى "بدية" توجه إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج سنة (1222هـ=1807م) أي بعد 329 سنة من قيام محاكم التحقيق. وانتهت محاكم التفتيش رسمياً في 15 حزيران 1834. رغم بقاء العديد من يؤيدها إلى يومنا الحالي، حتى أنه تقرر في نهاية عام 1960 وجوب إضافة اسم "جوان دو ريبيرا" (مخطط عملية الطرد والإبادة وخطف الأطفال) إلى قائمة القديسيين.
التعذيب من سمات محاكم التفتيش الإسبانية
مورست في هذه المحاكم معظم أنواع التعذيب المعروفة في العصور الوسطى، وأزهقت آلاف الأرواح تحت وطأة التعذيب. ومن أنواع التعذيب: إملاء البطن بالماء حتى الاختناق، وسحق العظام بآلات ضاغطة، وربط يدى المتهم وراء ظهره، وربطه بحبل حول راحتيه وبطنه ورفعه وخفضه معلقا سواء بمفرده أو مع أثقال تربط به، والأسياخ المحمية على النار، وتمزيق الأرجل، وفسخ الفك. وكثيراً ما كانت تصدر أحكام إعدام حرقاً، وكانت احتفالات الحرق جماعية، تبلغ في بعض الأحيان عشرات الأفراد، وكان الملك فرناندو الخامس من عشاق هذه الحفلات. وكان لهم توابيت مغلقة بها مسامير حديدية ضخمة تنغرس في جسم المعذب تدريجيا، وأيضا أحواض يقيّد فيها الرجل ثم يسقط عليه الماء قطرة قطرة حتى يملأ الحوض ويموت. كانوا أيضا يقومون بدفنهم أحياء، ويجلدونهم بسياط من حديد شائك، وكانوا يقطعون اللسان بآلات خاصة.
وكان دستور محاكم التفتيش فييجيز محاكمة الموتى والغائبين وتصدر الأحكام في حقهم عليهم كالأحياء. فتصادر أموالهم وتنبش قبورهم. كما يتم حرمان أقاربهم من تولي الوظائف العامة وامتهان بعض المهن الخاصة
* بشارة سفر أعمال الرسل: بولـــص - حزقيال
مُساهمة طارق فتحي في الإثنين 20 يناير 2014 - 19:13
بشارة سفر أعمال الرسل: بولـــص
قال المهتدي الطبري أنه جاء في كتاب فراكسيس قول رئيس الحواريين: (إنه قد حان أن يبتدأ من بيت الله) قال المهتدي الطبري: (وتفسير ذلك أن بيت الله الذي ذكره الحواري هو مكة، وفيها كان ابتداء الحكم الجديد لا من غيرها. فإن قال قائل: إنه عني به حكم اليهود. فقد كان أخبرهم المسيح أنه لا يترك في بيت المقدس حجر على حجر حتى ينسف ويبقى على الخراب إلى يوم القيامة، فقد وضح أن الحكم الجديد الذي ذكره الحواري هو دين الإسلام وحكمه).
بشارة بولس في رسالته إلى أهل غلاطية:
قال فولس في رسالته إلى أهل غلاطية: (إنه كان لإبراهيم ابنان أحدهما من أمة والآخر من حرة، وقد كان مولد ابنه الذي من الأمة كمولد سائر البشر، فأما مولد الذي من الحرة فإنه ولد بالعدة من الله.
فهما مثالان مشبهان بالفرضين والناموسين، فأما هاجر فإنها تشبه بجبل سينا الذي في بلاد أرابيا الذي هو نظير أوراشلم هذه، فأما أوراشلم التي في السماء فهي نظير امرأته الحرة) قال المهتدي الطبري: (فقد ثبت فولس في قوله هذا معاني جمة:
أولهما: أن إسماعيل وهاجر قد كانا استوطنا بلاد العرب، وهي التي سماها بلاد أرابيا.
الثاني: أن جبل سيناء الذي بالشام يتصل ببلاد البوادي بقوله: إن هاجر تشبه بطور سينا الذي ببلاد أرابيا. وسينا هو الذي ذكرته التوارة في صدر هذه النبوات في قولها: (إن الرب جاء من سينا، وطلع لها من ساعير، وظهر من جبل فاران). فشهد فولس هذا بأن الذي قالت عنه التوراة: إنه جاء من سينا: هو النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو الذي ظهر في بلاد أرابيا. وأين يكون من الإبانة والإيضاح أكثر من تسمية بلاد أرابيا التي عني بها بلاد العرب.
الثالث: أن بيت المقدس هو نظير مكة.
الرابع: أن هذا الناموس الثاني والفريضة الثانية وهي "الشريعة الإسلامية" سماوية لا شك فيها، فقد سماهما باسم واحد، ولم يفرق بينهما بمعنى من المعاني.
فأما تقديمه الحرة، وقوله: (ابن الأمة لم يولد بالعدة) فذلك منه بالعصبية والميل، وفيما استشهدت به من قوارع التوراة على إسماعيل ما فيه كفاية وبرهان على أنه – أيضاً – ولد ليس بعده واحدة بل بعدات كثيرة.
الخاتمـة
ليست هذه البشارات التي أوردتها هي كل ما في التوراة والإنجيل، وليست – أيضاً – هي كل ما استطاع هؤلاء المهتدون استنباطه منهما، لأنهم أوردوا أمثالاً وصوراً منها للتدليل على نبوته صلى الله عليه وسلم ، ويؤكد ذلك قول المهتدي الترجمان: (ولو ذكرت جميع ما في كتب الأنبياء المتقدمين من ذلك –أي البشارات- لطال الكتاب، وأنا أرجو أن أجمع لبشارات جميع الأنبياء به كتاباً مجرداً لذلك). وقال المهتدي النجار بعد ذكره لعدد من البشارات: (وهذا قليل من كثير).
وقد استخلص المهتدي إبراهيم خليل خلاصة هذه البشارات بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم فوجد أنها تؤكد جانبين هما:
1. أنه الرسول الخاتم ولا نبي بعده.
2. أنه رسول الله للعالمين كافة. وأيد هذين الجانبين أو الوصفين بعشرين سبباً استخرجها من نصوص العهد القديم والجديد.
وقال المهتدي الطبري بعد فراغه من الاستدلال بالبشارات: (ولقد صرح عدة منهم – أي من أنبياء بني إسرائيل – باسم النبي صلى الله عليه وسلم ، ووصفوه أيضاً وسيافيه ورماته، وسير المنايا وسباع الطير أمام عساكره ... فهذه – أي البشارات – كلها محققة لدينه، ومفخمة لشأنه، ومصدقة لما أدت دعاته عنه).
هذه البشارات التي استعرضت جانبا منها تبين اتفاق كثير منها في ذكر اسمه صلى الله عليه وسلم ، وصفته، وصفة جهاده وجنوده، وبلده وأمته ولغته ... فماذا يعني هذا التوافق والتعاضد ؟ إن هذا التعاضد يعني أموراً كثيرة لعل من أبرزها ما يلي:
1. أن هذه الرسالات كلها من عند الله، وهذه التحريف الذي طرأ عليها وأثبته القرآن، ولا ننفيه عنها – لم يستطع أن يخفي المعنى الذي ورد أصلا في اللفظ المنزل.
2. أن كتب الله ورسله يصدق بعضها بعضاً، ويؤمن بعضها ببعض، فالسابق يبشر باللاحق، واللاحق يؤمن بالسابق، فإبراهيم آمن بمن سبقه من رسل، وسأل الله أن يبعث في ذريته رسولاً يزكيهم يعلمهم الكتاب والحكمة، وموسى آمن بإبراهيم وبمن سبقه وبشر بعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام، وعيسى آمن بمن سبقه وبشر بمحمد صلى الله عليه وسلم.
3. أن ما ورد من الحق فلا يخرج عن الصدق، ولا يناقض بعضه بعضاً، وأن ما ورد من الباطل فلا يكون حقاً أبداً.
4. يتأكد من هذه النبوات شيء واحد، وهو أن هذا النبي الذي بشرت به الأنبياء معروف لديهم كافة.
5. أن ظهور الرسالة المحمدية والملة الإسلامية على يد خاتم الرسل يعتبر آية لنبوتهم، إذ تحقق صدق ما أخبروا به، وظهور ما بشروا به، ولو لم يظهر لبطلت النبوات فيه وفي إسماعيل عليهما السلام.
6. توافق هذه النبوات في حق محمد صلى الله عليه وسلم يدل على فضيلته وانفراده بهذا الشرف الرفيع بين سائر الأنبياء صلوات عليهم وسلامه.
7. توافق هذه النصوص مؤيد لما أخبر به صلى الله عليه وسلم في القرآن والسنة من أنه مذكور في الكتب المتقدمة.
8. نستنتج من هذا التوافق عناية الله بهذه الأمة، ورعايته لها، وحفظه لدينها، فمن حفظه لدينها حفظ هذه الأدلة الدالة عليه والمبشرة – لا لحاجة هذا الدين إليها، وإنما لإقامة الحجة على أهلها.
9. أن البشر على عتوهم وتمردهم لوحي الشيطان في محاولة طمس نور الله وإضلال عباده – لا يستطيعون أن يطفئوا نور الله، يقول الحق تبارك وتعالى بعد ذكره بشارة المسيح عليه السلام بهذا الرسول صلى الله عليه وسلم : (يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون).
10. رأينا في البشارات السابقة كيف أثبت هؤلاء المهتدون اسم النبي محمد صلى الله عليه وسلم وصفته في التوراة والإنجيل، ورأينا كذلك كيف استبدلت هذه الأسماء وغيرت الأوصاف في الطبعات الحديثة، كفراً وحسداً وحقداً.
بشارات حزقيال
سابعاً: بشارة حزقيال:
قال حزقيال في الفصل التاسع: (إن أمّك مغروسة على الماء بدمك، فهي كالكرمة التي أخرجت ثمارها وأغصانها من مياه كثيرة، وتفرعت منها أغصان كالعصى قوية مشرفة على أغصان الأكابر والسادات، وارتفعت وبسقت أفنانهن على غيرهن، وحسنت أقدارهن بارتفاعهن والتفاف سعفهن، فلم تلبث الكرمة أن قلعت بالسخط، ورمى بها على الأرض، وأحرقت السمائم ثمارها، وتفرق قواها، ويبس عصي عزها، وأتت عليها النار فأكلتها، فعند ذلك غرس في البدو وفي الأرض المهملة العطشى، وخرجت من أغصانه الفاضلة نار أكلت ثمار تلك حتى لم يوجد فيها عصا قوية بعدها ولا قضيب ينهض بأمر السلطان). فتأمل ما في هذا النص من بلاغة في التصوير، ودقة في التعبير، فشبه الأمة اليهودية إبان عزها وسؤددها – لما كانت تعيش تحت مظلة الأنبياء – بالكرمة الحسنة، وبعد أن نزعت منها النبوة، وأغضبت ربها استأصل شأفتها، واقتلع جذورها، فذرتها الرياح، وأكلتها النار، وانتهى مجدها. واستبدل الله بها أمة هي خير أمة أخرجت للناس، وشبهها بشجرة قد غرست في أرض البادية العطشى من الماء المعنوي والحسي، فأثمرت هذه الشجرة الأغصان الفاضلة التي قضت على تلك الشجرة الأولى ولم تبق فيها عصا ولا قضيباً. وهذا حال الأمة اليهودية والأمة الإسلامية التي أشرق عزها، وتوسع نفوذها، حتى شمل بلاد بني إسرائيل وغيرها.
البشارة الأولى: قال دانيال في الإصحاح السابع: (إن ملكوت الله وعظمة المملكة الممتدة تحت رقعة السماء كلها سوف تعطي لعباد الله تعالى وأوليائه. وسيكون ملكوتهم هذا مملكة أبدية، تخدمها جميع الممالك الأخرى، وتعمل بطاعتها) إن هذه البشارة لتدل بوضوح على أن في الإسلام توجد وحدة لا انفصام لها بين الدين والدولة. فالإسلام ليس ديناً فحسب، بل أيضاً المملكة الدنيوية. ولا بد من إلقاء نظرة خاطفة على التدرج التأريخي لهذا الملكوت حتى بلغ غايته، واكتمل بناؤه على يد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، وهذا التدرج هو كما يلي:
1. أن الإسلام قبل محمد صلى الله عليه وسلم لم تمثله دولة تحكم باسمه وتدافع عنه، وإنما كان الإسلام ديناً قائماً في حياة الأقوام التي آمنت به، ولم تقم له دولة في حياتهم، بل كان السلطان والقوة في أيدي الكفرة الوثنيين، في العموم الغالب، ويستثنى من ذلك فترات حكم كل من سليمان وداود ويوشع عليهم السلام.
2. إن المسيح عليه السلام قد بشر تلاميذه باقتراب ملكوت الله. وهذا الملكوت يعني وجود دين ومجتمع قوي من المؤمنين بالله، وهذا المجتمع يتسلح بالإيمان بالله وبالسيف لقتال أعدائهم الذين يريدون أن يحولوا بينهم وبين تبليغ كلمة الله إلى البشرية، أو بمعنى أوضح: إن ملكوت الله هو الإسلام. إذاً فالمسيح عليه السلام بشر تلاميذه باقتراب ظهور الإسلام على يد محمد صلى الله عليه وسلم ، وأكد لليهود أن النبي الذي تنتظره اليهود ليس يهودياً، ولا من نسل داود عليه السلام، بل هو من نسل إسماعيل عليه السلام واسمه أحمد، وسيقيم الدولة الإسلامية وفق المنهج الذي ارتضاه الله لهم، وهذه الدولة مؤيدة بنصر الله ثم بسواعد المجاهدين في سبيله.
3. طبيعة هذا الملكوت وتكوينه: يتألف هذا الملكوت من المؤمنين بالله الذين يلازمهم ذكر الله سبحانه وتعالى في كل أحوالهم، فلا يقومون بأي عمل إلا ويبدءونه بذكر الله، ويحمدونه بعد الانتهاء منه.
وطبيعة هذا الملكوت أنه يتكون في جوهره من شقين: الأول: دين صحيح قائم على وجه الأرض وفق المنهج الذي ارتضاه الله في كتابه القرآن. والثاني: دولة إسلامية تقوم على هذا المنهج ويتصف المؤمنون بهذا المنهج بما يأتي:
أ ) أنهم يكونون أمة واحدة تربطهم أخوة واحدة هي أخوة الدين.
ب) أنهم كما وصفهم دانيال: جماعة القديسين. وهذه صفة تنطبق على محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه من المهاجرين والأنصار وعلى سائر المؤمنين بالله.
4. ديمومة هذه المملكة ورفعة شأنها: هذه الحقيقة أكدها دانيال بقوله: إن جميع الأمم تحت قبة السماء تخدم شعب الأبرار العامل بطاعة الله. ولم تتحقق هذه الصفة – وهي خدمة الأمم – إلا للأمة الإسلامية التي خدمتها الأمم في مشارق الأرض ومغاربها. ومن دواعي استمرار هذه الأمة وديمومتها أنها لا تعرف التمييز الطبقي في تشريعاتها بين أفرادها فالكل سواء أمام شرع الله، لا فرق بين الأبيض والأسود أو بين الحاكم والمحكوم.
البشارة الثانية: قال دانيال: (طوبى لمن أمل أن يدرك الأيام الألف والثلاثمائة والخمسة والثلاثين). قال المهتدي الطبري: (فأعملت فيه الفكر فوجدته يوحي إلى هذا الدين، وهذه الدولة العباسية خاصة، وذلك أنه لا يخلو دانيال من أن يكون أراد بهذا العدد: الأيام والشهور والسنين، أو سرا من أسرار النبوة بخرجه الحساب. فإن قال قائل: إنه أراد به الأيام. فإنه لم يحدث لبني إسرائيل، ولا في العالم بعد أربع سنين فرح ولا حادثة سارة، ولا بعد ألف والثلاثمائة وخمسة وثلاثين شهراً، فإن ذلك مائة وإحدى عشر سنة وأشهر. فإن قالوا: عني به السنين. فإنما ينتهي ذلك إلى هذه الدولة، لأن من زمن دانيال إلى المسيح نحواً من خمسمائة سنة... ومن المسيح إلى سنتنا هذه ثمانمائة وسبع وستون سنة ينتهي ذلك إلى هذه الدولة العباسية منذ ثلاثين سنة، أو يزيد شيئاً).
وبمقارنة هذا التاريخ الميلادي بالتاريخ الهجري تكون السنة التي أشار إليها هي سنة 253هـ تقريباً. ولعل في هذه البشارة سراً عجيباً وهو الإشارة إلى بلوغ الدولة الإسلامية غاية مجدها، وكمال سيطرتها، ونهاية فتوحاتها.
مواضيع مماثلة
» * البابا فرنسيس
» * حرف الفاء : البابا فرنسيس- الانتخاب والتنصيب - الاصلاحات
» * المسيحية حسب دول العالم - المسيحية والأديان الأخرى - نبوءات عن المسيح
» الدين الحق والأديان المحرفة
» * بشارات رجال العهد القديم - ا شعيا - بشارة حزقيال
» * حرف الفاء : البابا فرنسيس- الانتخاب والتنصيب - الاصلاحات
» * المسيحية حسب دول العالم - المسيحية والأديان الأخرى - نبوءات عن المسيح
» الدين الحق والأديان المحرفة
» * بشارات رجال العهد القديم - ا شعيا - بشارة حزقيال
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى