* فس تفسير سورة الفاتحة 3

ربما تسأل ياولدي : فما يكون من المجموع الكلي ......؟
اقول لك :
أما من ناحية تفسير المجموع الكلي (8545) نطقه ( فهمه) وهو من مجموع الحروف من حيث العدد من سورة الفاتحة فهي :-
1 - استيلاء الماء تفسره الآية الكريمة { أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ } (30) سورة الأنبياء
وكما أن الفاتحة تكون في ابتداء سور القران ولذلك سميت بفاتحة الكتاب كذلك كان الماء ابتداء الخلق والتخلق لعالمنا الذي نعيش فيه لذا نرى حكمة الله تعالى وحسن تدبيره وجميل صنعه وإتقان تقديره بأن جعل الماء اكثر نسبة من العناصر الباقية وتمثل تقريبا 75 % من كرتنا الأرضية وكذلك جعل مثل هذه النسبة في داخل الانسان 75 % ايضا من الماء افهم هذه المناسبة العظيمة من خلال هذه النسبة الإلهية مما يدل على ان وراء كل ذلك ـ مليك ـ حسيب ـ مقتدر
2 - أما استيلاء التراب فهو اصل ثابت فمنه خلق أبانا ادم (ع) والآية ألدالة عليه هي { مِنْهَاخَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى } (55) سورة طـه اخرى
من التراب نكون واليه نصير
بنعمة نعم المولى ونعم النصير
وهو غاية ومنتهى المصير
اليك الإشارة يا بصير
انها والله تغني عن العبارة يا نكير
وان ذلك ليس على فهمك بعسير
فانظر وتدبر منه اليسير اليسير
حتى تلج في مكتبة العقل وتسير
بمراكب من عنده دون راكب واصل ذلك شيء ( آكد فهمه ) و ( فهمه آكد )
3 - وتأتي مرتبة النار بأعداد الحروف بتكرار لقوله تعالى : {فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ} (24) سورة البقرة هذه آية النار والجوى في اكتواء الفوأد وما هوى من ابتداء الامر عندما ابتدأ ولن يقف عند حد اذا ما انتهى وبرحمة من عنده ليست لنا سواها اللهم أعذنا منها وأبعدها عنا
4 - وتأتي مرتبة الهواء اقل ما يمكن في حروفه واقل ما يمكن في عدده مع ندرته وقلته واجتماعه بالأقل القليل ثم الأقل الا انه ينمو كالبقل اي ان هذا الطبع مع ندرته وقلته فنحن بأمس الحاجة إليه والى حروفه في الفاتحة لذلك من الله سبحانه وتعالى علينا بنعمه الهواء وجعله محيطا بالكرة الأرضية ظاهرا وباطنا حتى انه جعله في الماء والنبات والإنسان وكل ما في الخلق
بسبب كون هذه الارض هي مسكن ابن ادم من دون الأكوان ولا مكان يخلو من الهواء ولا يحده ألاين ولا يقف عنده الكيف فهو مبذول بالكم كيف يشاء رب العالمين ولك ان تتخيل ماذا سوف يحصل لك اذا انقطع عنك الهواء لدقائق معدودات سوف تتهدم من داخلك ويقع عليك الهلاك من خارجك اذا لنقول في سرنا وعلانيتنا الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين اياك نعبد واياك نستعين أهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين .
الجزء الخامس
فهلا سألت ياولدي : أم اكتفيت ....؟ سوف ازيدك واقول لك لماذا سميت الفاتحه بأكثر من اسم ......؟
ما رأيكم يا شباب .....؟
هل بعد هذا الباب باب .....؟
أمرا عجبا حتى الشعر منه شاب
أيا ليت شعري ما بعد الباب .....؟
وتطرح الأجيال أسئلتها ليتسنى لها الوقوف في ألمرآب
نقضم أعمارنا في الذهاب والإياب
فتدبر ذلك يا ولدي وانت ايها ألآب
نحن حقا في شهر آب
فلنقرأ الفاتحة على موات عقولنا بانتصاب
نحسبها بعيدة كل البعد وهي عند الاعتاب
هل نكون جزعنا من جهل عقولنا بأمور تخلب الألباب
هيا يا صاح فلقد دخلت اللباب
فزل قذارات الجهل وتطهر من الأجناب
إنها قربة قريبة فتجتمع الاحباب
ليس فيها دخيل او احد من الأجناب
انه عرس غريب له العجب العجاب
بسلوك دين حقا هو من الأسباب
التي فيها سعادة الدارين والخلود كأتراب
ورؤية الحق حقيقة دون سراب
شرابها سلسبيلا وأي شراب
وطعامها أصناف وألوان من الاعناب
ويزيد في ذلك ما تشتهي الأنفس من الارطاب
حين يكون الهوى قد طاب
في اجتماع الأحباب والأصحاب والشباب
كل ذلك خلف الباب
أيا ليت شعري ما بعد الباب...... ؟
حور عين وأمر مستطاب
يتوقف عنده الاسطرلاب
ويبرق النور كشهاب
من سنا نوره في سره المجاب
ومما فتح الله علينا وعليكم في تخليف اخر لعدد حروف سورة الفاتحة الشريفة :-
[ الحمد لله]
تتكون من ثمانية حروف وفيها إشارة خفية من الأمور السرية للآية الكريمة :
{ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِّنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّؤُونِي بِعِلْمٍ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } (143) سورة الأنعام
وهذا العدد يمثل الصورة الرمزية لعدد الحروف العربية الثمانية والعشرون إذ تتكون من ( ثمانية ) مقاطع على حساب أبجد, وهي :- أبجد- هوز - حطي- كلمن- سعفص - قرشت- ثخذ – ضظغ .
وهي اللغة التي نزل بها القران الكريم اي اللفظ العربي انظر عظم الواهب وعظيم العطية فنقف مبهورين أمام هول المناسبة ومعروف ان اللغة هي بداية معرفة الخلق بالخالق فكانت الحروف بمثابة الأدوات لهذه اللغة مثلما الآلات هي ترجمان علوم البشرية
ثماني وعشرون حرفا مصورة في ثماني مقاطع وهي العلم بعرش الملك والملكوت وإذ لابد أن تكون لهذه الحروف العربية شرفا كبيرا وامرا جسيما وشأناً عظيما بأن تكون مفتاح فهم العقول بالفروع والأصول وإعجاز هذه الثمانية مقاطع التي للغة العربية فيها الكثير مما نتصور او نتخيل فهي دفتي القران الكريم بكل ما فيه من الحروف والكلمات وكيف بها اذا كانت هي بالذات كلمات ربي :
{ قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدً } (109) سورة الكهف
[ رب العالمين ]
عشرة حروف وفيها الإشارة تغني عن العبارة مصداقا للآية الكريمة ( وتلك عشرة كاملة)( 196) البقرة فلا يجوز الكمال الا لرب العالمين وهي دالة عليه سبحانه ما أعظم شأنه لأنها من عالمه نزلت من عالم الفضيلة والكمال عالم الأنس والجمال عالم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر عالم اني انا الله ربكم من عهد الست بربكم فبأي ألاء ربكما تكذبان ياغصن البان عليك الأمان أقدم ولا تخف بعين لا تجف وبقلب واجف وروح راجف
[ الرحمن]
ستة حروف كمرايا لها تعلق بالآية :
{ وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِن لُّغُوبٍ } (38) سورة ق
فهو إذا رحمان الدنيا لانها من صنع يديه فأي شرف لنا من ربنا على ما يبديه من نعمة الفضل والمنة وما ندريه ان هذا لمن كان له قلب او القى السمع وهو شهيد
[ الرحيم]
ستة حروف أزلية (ال) ( الر) ( الم) ( يا) ( سين ) ( طه) في عالم السر أبدية وهي الشهادة بالكلية من جميع الأمور الباطنية في سرها و العلانية من عهد قديم رب رحيم اعوذ بالله من الشيطان الرجيم بأسمك اللهم اشهد ان لا اله الا انت واشهد ان محمد النبي الأمي رسولك شهادة اعتراف مني في ذل وخنوع وعبودية وخشوع بأنك انت الله لا اله غيرك رحمن الدنيا ورحيم الاخرة
امنت بك وبكلامك القديم وشهادة مني بتصديق نبؤه حبيبك محمد ابن عبد الله نبيا ورسولا مبعوث من عندك واشهد ان القران الكريم هو كلامك يارب العالمين واشهد بسيادة القران وهيمنته على بقية الكتب المنزلة من لدنك واشهد ان القران الكريم ينسخ جميع الشرائع التي قبله مصداقا لقولك تعالى :{ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ } (85) سورة آل عمران
واشهد ان الحمد والثناء بحقك هو من الفهوم العالية وفي حماها تدور معركة الافهام لمعرفتك يارب العالمين واشهد انك انت الله رب العالمين وانت الرحمن الرحيم كأني اقول بسم الله الرحمن الرحيم
فبسم الله هو الله
رب العالمين هو الله
الرحمن الرحيم هو الله
مالك يوم الدين هو الله
إياك نعبد هو الله
إياك نستعين هو الله
أهدنا الصراط المستقيم هو الله

صاحب الهداية والصراط معا صراط الذين أنعمت عليهم هو الله صاحب النعمة والفضل والمنة لسائر البشر وكأني بي أقول في كل حرف وفي كل كلمة وفي كل جملة من سورة الفاتحة الشريفة.الله . الله . الله . الله . الله . الله .
{ الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } (28) سورة الرعد اللهم ربي انك انت الله واني اليك مسلوب الارادة والعبارة والاشارة يا رحمن
[ مالك يوم الدين]
اثنى عشر حرفا بعدد كلمات الشهادتين وبعدد حروف الرحمن الرحيم وبعدد ساعات الليل وبعدد ساعات النهار وبعدد اشهر السنة وبعدد الأبراج السماوية والتي هي الفلك الذي هو ملك الزمان والمكان يا سبحان الله من سحر الحروف والأرقام بتجليات الفهم على الأوهام والآية مقسمة إلى ثلاث كلمات هن
( مالك) من ملك يملك فهو مالك فمالك هنا هو المستحوذ الذي بيده ملكوت كل شىء
( يوم ) يدل على الزمان اثنى عشر ساعة ليلا ومثلها نهارا وعليه مدار الدهر
( الدين) يدل على المكان دلالة فهم لا دلالة علم فهو مالك الزمان والمكان وفيه دلالة قوية على يوم الدين يوم الدينونة يوم الحساب يوم الحشر يوم النشر يوم العرض يوم الجوهر يوم الساعة يوم القيامة يوم الاخرة يوم الوقوف بعرصات الله
والعدد اثنى عشر يفسر لنا بوضوح ماهية الاية وسر تعلقها بالسماء والارض ففي السماء بروجا وفي الارض الليل والنهار وحتى في الإنسان لدية أثنى عشر منفذا
وهي ( الأذنين والعينين والمنخرين والفم والقبل والدبر والصرة والحلمتين ) سبحانك ربي ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار انها حقا لقواسم مشتركة
[ إياك نعبد ]
ثمانية حروف هن مقاطع حروف أبجد العربية وهي لغة القران ولها المناسبة في كل ثمانية في هذا الكون الواسع وفي تكعيبها دائرة الفلك تكون بأقاليمها وأبراجها والتي تقع عليه في الفلك الاعلى ( المجرات الاخرى) وما يقابلها من وقوع المناسبة على أقاليم الأرض ويشمل بما يشمل هذا العدد من الأقاليم " إقليم العراق" والأحداث التي وقعت فيه هي من مناسبات هذا العدد ومضاعفاته وتجديده حيث انه يتجدد بدوران الفلك دوره كاملة والمناسبة هنا في العراق كل عقد من السنين وكما يلي :-
1918 نهاية الامبراطورية العثمانية واتون حرب عالمية والناس في هرج ومرج
1928 وضعت الحرب العالمية الاولى أوزارها والناس في هرج ومرج
1938بدأت بوادر الحرب العالمية الثانية والناس في هرج ومرج
1948 قامت الحرب بين العرب والصهاينة والناس في هرج ومرج
1958 ثورة العراق وقلب النظام الملكي الى جمهوري والناس في هرج ومرج
1968 انقلاب في العراق وسيطرة احمد حسن البكر والناس في هرج ومرج
1978 انقلاب ابيض على احمد البكر وظهور صدام والناس في هرج ومرج
1988 وقف اطلاق النار بين العراق وإيران والناس في هرج ومرج وبالتحديد في 8/8/ 1988 ودامت هذه الحرب (Cool سنوات فتبصر ذلك وتدبر هذه المناسبات العجيبة والغريبة . ولله في خلقه شؤون .
1998 اعتداء أمريكي على العراق بالطائرات الحربية والناس في هرج ومرج
هذا في العقود أي كل عشرة سنين تبدأ بالرقم ثمانية
أما في كل ثماني سنوات فيكون الأمر التالي والله اعلم :-
2006 انبثاق اول حكم دستوري ديمقراطي في العراق والناس في هرج ومرج
2014 عودة الحكم الدكتاتوري الى العراق والناس في هرج ومرج
2022 بداية انهيار دويلة إسرائيل ودور العراق والشام فيها والناس في هرج ومرج
وكأن الرقم ثمانية هو رمز إقليم العراق في الفلك الاعلى وهنا تقع اكثر من مناسبة بين ما يحدث في الاعلى وبين ما يحدث في الاسفل وكل ذلك يجري بحسابات غاية في الدقة فسبحان صنع الله الذي اتقن كل شيء صنعه .
ففي الحقيقة مهما عظمت الاشياء في ناظرينا علمنا ان الذي يوصل هذا الكم الهائل من المعلومات الينا هي الحروف اذ انها بمثابة همزة الوصل التي تخرج الانسان من جاهليته الى ناحية العلم ومنه الى الفهم ومنه إلى الحب
( إياك نعبد)
هي اياك نحبك ولا نعشق سواك فهواك هو هوا من هواي فهوايا هواك فأياك اهوى وإياك الحب كله
[ إياك نستعين ]
احد عشر حرفا نطقه جفريا ( هو) هو الله نستعين به ولا أحد سواه كون الخير والفلاح والنجاة فيه فليس غير الله غير ولا في غير الله خير وسورة الفاتحة الشريفة تدل على الذات الالهية مثلما تدل على ذوات الخلق اجمعين
[ أهدنا الصراط المستقيم]
تسعة عشر حرفا ولها تناسبات عجيبة منها ان عدد حروف البسملة (19) وعدد اشكال الارقام اي صورها هي (9) والأقاليم السماوية في الفلك الاعلى (9) إقاليم موزعة على كافة الامصار والمدن
ومنها تعرف الحوادث التاريخية والعدد(19) هنا له تعلق باسم الذات الالهية يمثله حرف ( القاف) حيث يقول جل من قائل ( ق والقران المجيد ) ويسمى هذا الحرف بالقاف القدسية لتعلقه مع لفظ الجلالة ( الله) وهو مفتاح كل قاف في سورة او آية او اسم وهو الهداية والصراط والاستقامة .
[صراط الذين أنعمت عليهم]
تسعة عشر حرفا وله تعلق شريف في مفهوم الاية الكريمة { عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ} (30) سورة المدثر
هم خزنة أبواب جهنم ففيها الإشارة واضحة على نجاة قاري هذه الاية مع السورة كاملة من النار وهذا ما أكده علمائنا وعقله وفهمه رجال من أهل الله الصالحين فأنعمه بداهة لا تكون إلا في الخلاص من العقاب وأي عقاب اعظم من عقاب جهنم والجحيم ولظى والسعير عافانا الله واياكم وأعاذنا منها
[ غير المغضوب عليهم ]
عدد حروفها خمسة عشر فالخمسة نطقها ( الهاء ) والعشرة نطقها ( الياء ) والكلمة المستخرجة من باطن العدد هي ( هي) وهي ضمير مستتر وتعني سورة الفاتحة و( هي ) لفظة إشارة استعملت للدلالة عليها فمن تلاها وتدبر أمرها وفهم معناها اخرج من جملة المغضوب عليهم انظر كيف تدل كل آية على سابقتها وتشرحها فهما لا علما في حلقة تمثل غاية إتقان الصنع الرباني والإعجاز ألقراني في تفسير نفسه بنفسه لمن أمعن ونظر وتدبر الامر
[ ولا الضالين ]
عشرة أحرف هم الذين سلكوا الهداية منذ البداية وكانت البشارة ان ادخلوا الجنة وهم احياء في دنيا الله وهم العشرة المبشرة بالجنة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ومعجزة
كبرى تدل على أن ( القران الكريم) هو من عند الله لا غير وما أدراك إن زلت قدم احدهم بعد نزول هذه الاية او ارتد بعضهم عن الاسلام مثلما حصل لبعضهم او تملك الآخرين الغواية فأزلهم الشيطان لكان الطعن اولى بتكذيب القران وبالتالي بكلام الله فعندئذ سوف ينتهي دين الإسلام ويقوض سريعا والمعجزة هنا هو بقاء العشرة المبشرة على دينهم وإيمانهم ما عاشوا وكلهم توفاهم الله وهم مخلصين له الدين فأي معجزة اعظم من هذه
فيما سبق علمنا وعقلنا وفهمنا يا ولدي
إن هناك صور شتى ورموز عدة وإشارات جلية وأخرى خفية في شرح وتفسير سورة الفاتحة الشريفة ومن حيث نحن تولينا تفسير هذه السورة من خلال فنون اخرى من العلم ولان هذا النوع من الفن من العلم نسميه بعلم الباطن أو السر المستتر وهو من كلام أولياء الإسرار مما خفي عن الحواس .
ولكون جل علماء الدين اهتموا بالتفسير الظاهر من القران مما يشهد له أئمة التفسير والتأويل وأساطين النحو والفقه والصرف والعروض والإعراب والى غير ذلك ومنهم من فسر القران بالقران تفسيرا ماديا يستند على المنطق والعقل وهم أئمة فلاسفة التفسير في العالمين العربي والإسلامي
ومع تطور العلوم والتكنولوجيا ذهب اغلب الناس الى نوع من المقارنة نحو هذا الكم الهائل من العلوم الحديثة التي تتسارع بمثابة متوالية هندسية رهيبة وحتى عصرنا الحالي . ومع غياب الإلمام في قواعد اللغة العربية وتصاريفها ومعاني كلماتها وأضدادها ومرادفاتها أمسينا بحق جهال في لغتنا العربية الام الاصل حتى بات الامر عند شبابنا في عجزهم الكامل وجهلهم بقواعدها وتلفظها وحركاتها وسكناتها كأنها لغة جديدة أدخلت عليهم
فبات أمر التفسير الظاهر للقران الكريم يشكل عبئا حقيقيا في فهمه من قبل أجيالنا المعاصرة والذي اخذ ينعته البعض من انه كتاب مقدس وعظيم في حينه ومن انه لا يواكب هذا العصر فضربت لك مثلا على تفسير سورة الفاتحة الشريفة ونحوت في تفسير ها بعدة طرق غير مألوفة من ذي قبل
ولان هذه التفاسير أخذت تلقي أذان صاغية على قاعدة ( كل ممنوع مرغوب فيه ) علمت حقا ان التحولات التي تجري في تخوم العالم اليوم عقدت معها آلية التفكير بحيث أخذنا نهمل البساطة والتبسيط في الشرح والتعريف بقوانين الله على الأرض الى أمور يتطلب شرحها اكثر تعقيدا واعسر فهما
وهذا المنزلق خطير جدا فثقافة الجرائد والمجلات لا تحل المشكلة ومع كثرة الاساءة في استخدام المفردة العربية في غير موقعها من الكلام ومع نسيان او اهمال الالفاظ العربية الفصحى . والتعقيد في تعريف اللغة العربية هو في كثرة شروحاتها فالكلمة لها شرح اعرابها وشرح موقعها من الجملة وشرح لفظها وشرح معناها وشرح تغير اعرابها عند انتقالها من جملة الى اخرى
فكم شرحا يتابع ليفهم هذا الشاب او غيره المعنى الكامل لهذه اللفظة أو تلك وبالتالي لا يعي الا النزر القليل من مفهوم اللفظة فما بالك بجملة تحوي عدة ألفاظ أو معاني أو إعراب فما بالك بسورة كاملة لذا يبحث هذا الشاب او ذاك عن تفسير اخر عن طريق مغاير وبمعنى يحاكي عقدة جهله والمامه بلغته العربية الام
هذا من ناحية ومن ناحية اخرى القلوب ميالة الى فهم العسير أكثر منه الى فهم البسيط وفهم المقارنة عند الشرح والتوضيح أكثر فهما عندهم من شرح نفس المعنى لذات المعنى ولما كان العقل ميال الى المعقول والنفس ميالة الى المألوف يبقى القلب يهوى كل ما هو ممنوع وفضول النفس تدعوا الى معرفة التفاصيل الدقيقة وان كانت معقدة بعض الشيء والروح تؤمن بالفطرة في كل ما هو خارج عن حدود العقل والنفس بينما نجد العقل لا يقبل إلا بالمنطق ولا يؤمن إلا بالمادي من الكون
ربما تسأل يا ولدي :
أن بعض غير المدركات والمغيبيات معقولة
أقول لك ان هذا من باب ملكة ظلال الروح على العقل مثلما يحدث بين العلم والفهم من تضاد في الظاهر واتحاد في الباطن على قاعدة ( ليس كل ما هو غير صحيح خطأ ) حتى تثبت صحته وليس كل ما هو غير خطأ صحيح حتى يثبت خطأؤه
لذا كان الكلام الصحيح المحتمل للخطأ يصعب الأخذ به ولذلك نسميه مجازا ( كلام ميت) تأثيره آني وانه غير وجداني مثلما هو الحال في كلام جميع البشر والكلام الصحيح الذي لا يحتمل الخطأ أبدا هو فوق قدرة البشر ( لأنهم لم يؤتوا من العلم الا قليلا ) اذا فهو كلام الخالق كلام رب العالمين لذلك انه ( كلام حي ) لا يموت فهو ازلي
باقي بقاء الدهر ان اغلب العلوم تنحو منحى ماديا والقران غير ذلك فالقران ( عقل وروح ونفس) والعلم مستعصم للفرد حتى ينتقل الى مرحلة الفهم اذ قال الله تعالى :
{ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ } (79) سورة الأنبياء ولم يقل عز من قائل ( فعلمناها سليمان ) دليل اكيد على ان الفهم اعلى درجة من العلم وهو المقام العالي للفهم حيث يقع التجلي بسياحة الهامية في فردوس العقل لأنك تخوض في جنات الفهم الشامل للحقيقة والوهم دون مشقة أو هم
ولو شرحت الفاتحة لشخص ما بتفسير القرطبي او احد اعمدة واعلام وائمة التفسير لما انجذب هذا الشخص نحو السورة مثلما لو شرحتها على جبلته هو التي جبل عليها فلو كان هذا الشخص مثلا عالما في الرياضيات لأعجبته التوازنات العددية وبهرته سحر الأرقام والأعداد والمناسبات التي فيها حتى يتجلى به المقام الى أعظم واجل من تفسير الامام
وكذلك يفعل الطبيب عندما يمر بأيات الاعجاز الطبي في القران وكذلك يفعل الجيولوجي والمهندس وعالم الفيزياء والكيمياء وان تكون هذه العلوم الموجودة في القران بمثابة الجسر الذي يعبرون عليه منتقلين من حالة العلم الى حالة الفهم فمتى يتم الاجتياز ينتقل من حالة العالم المادي الملموس الى العالم الغير مادي وبعد ذلك تجده يأخذ بالإيمان حقا ويقينا وصدقا وأيمانا وبالتالي يقودنا ذلك إلى الأيمان بالغيبيات جميعها ما عقل منها وما لم يعقل بعد ان نكون قد عقلنا جهلنا وعلمنا ان الانسان ثرثار كبير في عالم صامت يسوده الحب الالهي .
من هنا كان لزاما علينا مخاطبة العقل من خلال الروح التي فيه وذلك للتأثير والتأثر مما يترك انطباعا حسنا لدى ملكة العقل الذي يقوم بدوره في ترجمة هذه الإشارات في قنوات العلم تارة وقنوات الفهم تارة أخرى حتى يتشبع به ويشع منه نور النور أللدني الرباني
فالعلم يستطيع أن يفسر لنا سورة الفاتحة الشريفة عن طريق المنطق والبلاغة الكلامية بما فيها جميع قواعد اللغة العربية و مع ان درجة العلم محدودة جدا كما اسلفنا سابقا يبقى هذا المنطق محدود جدا وكذلك الحال في محدودية كل من البلاغة وعلم الكلام وهو اصل ثابت اتبع منهجه جميع علماء العرب والمسلمين وما استحسن قوله في حينه ليس بالضرورة ان يكون من الكلام الجميل الان
أضف إلى ذلك تراكم العلوم منذ العصر الحجري ولغاية يومنا هذا مما ادى الى تحسين مستوى العقول بزيادة المساحة الغير مشغولة فيه فالايمان الفطري للعقل الجاهل هو بالتأكيد غير الايمان الفطري للعقل العاقل وهو غير الإيمان الفطري لروح العقل
والعجيب في الامر انه يستوي فيه الجاهل والعالم فما انفك الجاهل غارقا بجهله وما انفك العالم غارقا في جهله فآيا علوم ضحكت من جهلها الفهوم في معان يحوم حولها الحوم حوم . الان اصبح منطقيا ان يفسر قول الحق بالحق وان يؤل كلام الله الى العدل فأنواع التفسير هي التي اليها أشير
ولقد أكثرنا من شرح القران الكريم لغويا يا ولدي وتناوله أليا والأخذ به علميا وجعله ما أمكن عمليا حصريا أوليا عصريا
هنا أكثر من جرأة في تفسيره رياضيا وحسابيا وفيزيائيا وكيميائيا ونفسيا وروحيا وإلهاميا وإسلاميا ومذهبيا وصوفيا وعلميا وحتى عمليا ماديا والى ما هناك من شتى فنون وصنوف التفسير فليأخذ أحدكم من أيهما شاء قدر ما يشاء فمشيئة كل إنسان بحسب قدره وقدره معلق بقدرته والقدرة لها تعلق عظيم بصاحب القدرة
المصدر:طارق فتحي