* في تفسير سورة الفاتحة 1
صفحة 1 من اصل 1
* في تفسير سورة الفاتحة 1
في تفسير سورة الفاتحة
بقلم : طارق فتحي
الجزء الاول
الى من يمعن النظر و يتدبر التفكير في آلية خلق الكون وما فيه من تدبير
ومنه الانسان وماله من قول عسير فيؤمن بالله بالفطرة من هو بصير
وايقن برب المرجع في اليوم الكبير وتدبر ذلك بفكره الضيق الحسير
ان وراء كل ذلك مليك حسيب قدير ازف له سورة الفاتحة بيسر يسير
لعل الذكرى تنفع مع القول اليسير والى الله مآلنا واليه ينتهي المصير
المقدمة
الحمد لله رب العالمين الذي لا يليق الحمد إلا به فسبحان الذي لا يحمد على مكروه سواه وعلى رسوله ونبيه وصفيه المبعوث لخير الأمم ( محمد) النبي الأمي وأهل بيته الأطهار المبرئين من الأدناس وعلى صحبه الكرام والأئمة البررة المجتهدين في الدين و العلماء العاملين الغر الميامين صلوات الله عليه وسلامه .
أن باب الحق له حومه .
يحوم الحوم حوله حومه
لا تأخذه فيه لومه
ولا يكون له طرفة عين سومه
ولا ينبغي لأحد فهمه إلا بعد صومه
مرسومه - معلومه - مفهومه
خارجة عن غفوته ونومه
بديباجة خضراء لا تنعق فيها البومه
ولا تنعت بالأيام يومه
وليس له صورة مرسومه معلومه او معدومه
ولا من قبيل الحس أمرها محسومه
محسوسه ام غير محسوسه
إنها أشياء مدسوسه
في العقل مدروسه
وفي الفهم محسوبه
تقضم من علومنا وتطرح فضلاتها فهومه
إنها كالسوسه
حشرة مدسوسه
تدرس الدرس جيدا وتحفر إنفاقا محروسه
انها حقا عروس مهوسه
بحب الجواهر تلك هي عقولنا المهروسه
في بودقه الفهم محروسه
كانما هي عرس عروسه
ربما تسال يا ولدي : ما هذا .......؟
أقول لك بأن هذا هو اول درس في الفهم
وتقول وما هو هذا الفهم ........؟
أقول لك :-
أن سمة النظر بالشيء يسمى التحديق
والإمعان فيه يسمى التدقيق
والايغال فيه يسمى التحقيق
وعند ذلك يأتي العلم بماهية هذا الشيء والدخول في جوهر العلم يسمى الفهم وبعد التمكن من هذه العملية يأتي الحب .
وهو غاية ومنتهى الفهم وهو سر الحياة وأساس الوجود كله ومن هذا المنطق نستطيع أن نقول أن ليس كل عالم فاهم ولكن أن كل فاهم عالم بسبب كون الفهم مرحلة أعلى مقاما من العلم كما الحب أعلى مقاما من الفهم . لذلك قال جل من قائل مخاطبا النبي سليمان على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام في الاية الكريمة ( ففهمناها سليمان ) ولم يقل جل من قائل ( فعلمناها سليمان ). الآية فيها دلالة قوية على ان الفهم اكبر درجة من العلم واعلى مقاما ً .
ربما تسال يا ولدي : ما هو هذا الحب....... ؟
أقول لك : أن عملية التجاذب بين جرمين سماويين منشاؤه الحب بينهما وإلا لما حصل التجاذب بينهما مما يؤل أمره إلى خراب هذا الكون فالحب هنا اخذ صفة ( التجاذب )
ولولا عملية التنافر بين قطبي المغناطيس لذهبت عمارة الأرض باتجاه واحد وكان الخراب فيها بالاتجاه الآخر . فالحب هنا آخذ صفة التنافر .
وكذلك القول ينطبق على وجود التنافر بين كواكب المجموعة الشمسية وكذلك بين المجرات نفسها ولولا الحب لتقوض نظام الكون كله فالحب هنا آخذ صفة ( التنافر)
ولولا قانوني التلاصق والتماسك في الماء . لتغير وجه الكون وكذلك قوانين السوائل كلها فالحب هنا آخذ صفة ( التماسك والتلاصق ) .
فكل القوانين الأرضية المعروفة لدينا الان سبب وجودها الحب وسبب اختراعها الفهم وسبب اكتشافها العلم وسبب العلم هو التحقيق ومن ثم التدقيق وبالتالي التحديق بالأشياء :
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (20) سورة العنكبوت
ومن هذا المنطق الخفي عن عقولنا نستطيع أن نجوب في أحوال فهمنا للاشياء وماهية هذا الفهم يتوقف على النظرة الاولى للأشياء :
فأبعاد الكون ثلاثة الطول والعرض والارتفاع .
وبها نفهم ماهية الخلق المادي وما فيه من انتفاع .
وهناك بعد اخر خلقا اخر يأتي الحس به في قوة واندفاع .
والعقل يقسم بالتالي الى أربعة أرباع .
ثلاثة خلقن لتبسيط العلم وواحدة انتصبت للفهم فكملت بها الطباع .
وانك لتجدهن في جميع خلق الله وفي جميع الإنحاء والأصقاع .
إنها يا ولدي متاهة في جنات الوهم . والعلم بالفهم بمثابة سياحة الهامية في فردوس العقل . ومما فتح الله العلي القدير علينا وعليكم من مبار عطاياه ومن فيض نوره وكرمه ومن سخاء لدنه القدير العزيز . أن نرى بحواسنا الظاهرة منها ونبصر ونتبصر في الباطنة من تلكم الحواس . وان نكون حقيقة ربانية ترزَخ في البرزَخ فنرى العالمين في آن واحد
العالم المادي والعالم غير المادي فسبحان من جمع بين الأضداد كلها ومن فضله علينا انه جعل نواميسه التي تحكم العالمين المادي وغير المادي مطابقة تماما لجميل صنعه ألا وهو الكائن البشري .
وخلق جلت قدرته أول ما خلق ( العقل ) من جوهر مخزون في علمه المكنون وجعل فيه التفكير وعد من ارقى وظائف العقل وأعلاها سموا . ومن هنا فهمنا ولا أقول علمنا لأن العقل عاقلا بالفطرة منذ النشأة الاولى منذ عهد الست بربكم :
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (172) سورة الأعراف
والعقل عندي هو باب يمكن الدخول منه الى الحضرة الربوبية ومشاهدة الأنوار البهية من حضرت قدس الأقداس القدسية وهذا الباب اعني ( العقل) له مفتاحان :ـ
احدهما العلم والآخر هو الفهم والعقل هنا هو الحد الفاصل بينهما اي انه بمثابة البرزَخ وأنهما هنا يبغيان بينهما ولا يبغيان فالعلم بالفهم قطعا هو غير الفهم بالعلم فكأني بهما عالمين متضادين لبعضهما تارة ويعضدان بعضهما تارة اخرى والتضاد هنا يقع لزيادة الفهم وهذا اصل ثابت فيه .
إما المطابقة بينهما فتقع في زيادة العلم فقط فعطايا الرب حاشا ان تكون فيها نقصان لعدم أهلية ذلك بسبب الواهب وقال رب العزة :
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
ففي الآية الكريمة إشارة واضحة على ما قلناه اي ان التحصيل من العلوم هو غيض من فيض منة علينا ورحمة بنا وليس ظناً بنا :
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا } (114) سورة طـه
ولاستحصال الكثير من القليل وكلما ازداد الإنسان علما ازداد علمه بجهله وذلك يحصل بسبب تجوهره وقرب حصول خروجه من عالم العلم حيث اذ ذاك يتطهر بالعقل و يتجوهر بالفكر حتى يليق بعالم الفهم .
وفي الحديث ( اطلب العلم من المهد الى اللحد ) دلالة قوية على امكان تحصيله بالتعلم والتعليم وقد يطول الامر في تحصيله بفناء الانسان نفسه وهو غير مكمل تحصيل علمه بينما نجد ان الفهم لا يستغرق اكثر من طرفة عين وفي احيان كثيرة لا تطرف هذه العين أبداً ولقد قال جل من قائل :
{ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } (76) سورة يوسف
علمنا ان الخالق هو الجامع لكل العلوم ما علمنا منها وما لم نعلم فلا يصح والحالة هذه أن نقول لفلان أنه عالم إلا من باب القول المجاز فقط .
والعالم عندي لا يكون عالما , ما لم يكون يعلم ببواطن ما لم يعلم . وهذا لا يستوي عند البشر مع كونهم أرقى مخلوقات الله والعلم له ثلاث ابعاد ( العقل التفكير التدبير ) وابعاد العالم المادي أيضا ثلاث ( الطول العرض الارتفاع )
ففي ابعاد العالم المادي تظهر لنا الجسمية والتجسم , أما في أبعاد العلم فيظهر لنا الفهم والحب فالعالم المادي تتعرف عليه حواسنا المادية بسهولة ويسر , فتعلم من ذلك الجسم المجسم ما طوله ما عرضه ما وزنه ما ارتفاعه ما حجمه ما شكله ما حركته ما طاقته ما مادته
فيكون لنا أن نعلم بماهية هذا الشيء الذي يقع تحت إدراك حواسنا . نراه أو نسمعه أو نلمسه أو نشمه أو نتذوقه . ونحدد بذلك صفات وصفات لا عد لها ولا حصر فنعلم لونه وأريجه ومذاقه حلوه من مره فكلما تعلمنا اكثر علمنا اكثر عن أسرار العالم الذي نعيش فيه سواء أكان هذا العلم مكتسبا او فطريا او الاثنان معا كل هذا يجري في الكون المحسوس فقط .
فهل يا ترى هذا هو عالمنا الذي نعيش فيه ....؟
ونصدقه ونصدق ذواتنا على إننا أحياء صحيحة في هذه الدنيا الشحيحة الى هنا الصورة غير مكتملة والإبعاد الثلاثة غير كافية اذا لابد ان يكون هناك بعد رابع
فما هو هذا البعد.......؟ يا ولدي :ـ
وهل هو بعد مادي او غير مادي خصوصا بعد ما علمنا من تلاقي الأضداد وتنافر التوافقات .
وأما البعد الرابع فمنهم من قال انه ( الزمان ) وآخرون قالوا انه ( المكان) ومنهم من قال انه ( الزمكان ) وغيرهم قال أنه ( اللازمكان ) ونحن نعلم أن الأبعاد كلها مخلوقة موجودة معلومة , اذ لابد ان يكون البعد الرابع من غير الجنس المادي المعلوم ومن هذه البديهيات والفرضيات والنظريات والقواعد والطرائق في شتى صنوف العلم يبقى الإحساس دائما ان هناك بعد رابع يكمل فيه الصورة العقلية للكون المحسوس إذا فرضنا عدم وجود أبعاد أخرى وأخرى .
ترى ما هو هذا البعد .......؟
القول عندي انه بعد ليس خاضع للجسمية ولا علاقة له بالزمان اوالمكان من حيث انه يطويهما بداخله وانه ايضا غير خاضع لقواعد ثابتة او قوانين أرضية بشرية وانه كذلك ليس من الخوارق التي لا تؤيدها العقول ولا حتى العلم المعلوم .
وهذا البعد لا تتأتى دراسته بالعلم بل انه يؤخذ بالفهم فقط وانه ليس من خوارق العادات كما اسلفت ولكنه خارج عن المألوفات وسيأتي زمان يثبت فيه ان البعد الرابع حقيقة خلقية كونية لا مراء فيها , موجودة منذ الأزل ولكنها مازالت ضمن نواميس الخلق الغير مكتشفة . من هنا كان حقيقة الفهم هو كل ما يقبله العقل ولا يرفضه المنطق وكل ما هو حقيقة ظاهرة دالة عليه سبحانه وتعالى .
هذا ما انطبع في زوايا عقولنا منذ عهد الست بربكم . ومن هنا ندرك ان عقولنا تدرك كل الحقائق بالفطرة الا ان الذي يحد الامر هي حواسنا الضيقة وادراكاتنا المادية البحتة كأننا في هذا لا نستخدم سوى جزء ضئيل من مساحة تفكيرنا وما تبقى من هذه المساحة فيافي شاسعة وصحارى واسعة لا ندرك ما فيها بالمرة .
ان حدود العلم ضيقه جدا ومع هذا التضيق لم نؤتى العلم الا قليلا ومع كل هذا الكم الهائل من العلوم نحن في الحقيقة كأطفال يتعلمون في روضة الحق الإلهي .
الجزء الثاني
هذه هي حدود العلم التي من الله بها علينا نحن جنس البشر ليس ضنا بنا بل رحمة علينا
وربما تكمن سعادتنا الحقيقة في هذا الحد الضيق من العلم ( المعلوم والمجهول ) ولو شاء ربي لكان أعطى الكثير الكثير وبذلك تكون ربما سببا في تعاستنا وشقاؤنا فنحن في هذا القرن من الزمان نزمر ونطبل بالمخترعات والمكتشفات وباختراق الكون والأفاق والخروج من المجرة وهلم جرى. فيا لغرور الإنسان وجهله وعناده واستكباره الا من رحم ربي .
ما هو البديل إذا....... ؟ يا ولدي :-
أذا كانت هذه النسبة الأزلية تلاحقنا الى يوم يبعثون كيف نتعلم اكثر و اكثر من العلم إذا ما علمنا أن نسبته ونسبة وهبه الينا محدودة جدا. جدا .جدا .
هنا يأتي دور البعد الرابع في العقل الا وهو( الفهم) ونسبته الى العلم كنسبة القانون الى البديهية والدليل على ذلك قوله جل شأنه مخاطبا النبي سليمان بن داود عليهما السلام
{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} (79) سورة الأنبياء
ولم يقل عز من قائل ( فعلمناها سليمان ) والحكمة من ذلك ان الفهم أعلى مرتبة من العلم وارقى في الدرجات . لذلك كانت لسليمان علوما شتى لم تؤتى لبشر من قبله ولا من بعده . والفهم هنا كان بحق البعد الرابع للعقل الذي يجتاز به من العالم المادي الى العالم الغير المادي ويجعلك تبصر وتنظر في ان واحد وترى الأشياء من خلالهما من حيث أن العلم يبحث في حقيقة الأشياء من حيث هي هي حقيقة كانت ام وهم .
أما الفهم فهو يبحث في جوهر حقيقة الأشياء ولذواتها وحسب . ويفتش دائما عن الجوهر الفرد الاصل من حيث انه حق حقيق او حقيقة محضة لا غير وهذا التجوهر في منطق الفهم ينطق بلسان الحق ويشمل العرض والجوهر معا والعلم أيضا ينظر في حقائق الامور لكنه غالب ما لا يغوص في جواهرها ومن هنا نستطيع القول بأن كل فاهم عالم ولكن ليس كل عالم فاهم .
ولتقريب الصورة أليك أضرب لك مثالا على عملية ( احتراق الخشب ) وأجراء مقارنة لطيفة بهذا الشأن من هذه العملية من ناحيتي العلم والفهم فأقول لك : ـ
من ناحية العلم :-
العلم يقول أن الخشب مادة قابلة للاشتعال بالحرارة وذلك نتيجة لوجود الأوكسجين الذي هو طليق في الهواء فباتحادهما تتم عملية الاحتراق ونحن نشاهد هذه العملية مرارا وتكرارا منذ نعومة إظفارنا ونعلم ان هذه العملية هي أمر مسلم به آلفته عقولنا كونه من الأشياء المألوفة لدينا في حياتنا اليومية حتى إننا لم نجهد أنفسنا في تفسير هذه العملية فكل الذي تعلمناه ان النار يحتاج الى الهواء لكي يستمر في الاشتعال بسبب وجود الاوكسجين في الهواء والهواء حر طليق في الجو .
أما من ناحية الفهم :-
نقول انه من غير الممكن اشتعال الخشب بالنار ويقدم الفهم حججه في ذلك آخذا كما أسلفت بجوهر الحقيقة المادية وبذلك يكون الفهم لا ينافي قواعد وقوانين لعبة العلم في عملية احتراق الخشب وهذا هو عين سر قوة الفهم الذي يؤدي غالبا ما الى تجوهر العلم عنده وبالتالي تقزمه .
وضألت وسطحية العلم فيقدم الفهم مقارنة ظريفة وطريفة في آن واحد بين جوهر الخشب من ناحية وجوهر النار من ناحية اخرى فتعال معي نحلل كل منهما على حدة
بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} (71) {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ} (72) سورة الواقعة
جوهر الخشب جوهر النار
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- جوهر مادتة كثيفة جوهر مادتة لطيفة
2- لا ترى الأجسام من خلاله ترى الأجسام من خلاله
3- غذاؤه من أسفل غذاؤه من أعلى
4- يعتمد على الماء يعتمد على الهواء
5- طبعه الماء طبعه الهواء
6- جوهر (لبه) ظلمة جوهر ( لبه) نور
7- ديمومته في الارض ديمومته في السماء
8- مادته أرضية له كتلة مادته هوائيه لا كتلة له
9- له ابعاد ثلاثة ( التجسم ) ليس له ذلك
10- له حجم ويشغل حيزا من الفراغ ليس له ذلك
ا 11- يتحول بتجوهره الى فحم اسود يتحول بتجوهره الى نور ابيض
12- يعطي الحرارة يعطي الضوء
13- مصدره ارضي نباتي مصدره غير أرضي
14- يمكن تحويله الى إشكال عدة لا يمكن ذلك
15- جرمه مادي جرمه غير مادي
16 - ملموس بالحواس محسوس بالفكر
وهكذا نرى هذا الكم الهائل من الأضداد في جرمين آلفنا اتحادهما معا منذ أقدم العصور التاريخية ولغاية يومنا هذا وإذا كان هذا شأن جوهرين متضادين مع بعضهما في كل شيء .
اذا فكيف يتم التآلف بينهما..........؟
من اجل تقديم هذه الخدمة الجليلة العظيمة للإنسان والإنسانية جمعاء على كوكبنا الصغير ووفق النواميس الأرضية الخاصة به والرد على ذلك يأتي من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين دفتيه انه كلام رب العالمين في القران الكريم حيث يقول جل من قائل : {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} (71) {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ} (72) سورة الواقعة
والقصد من الآية ها هنا انه سبحانه وتعالى أودع الشجر (سرالاحتراق) فأحترق الخشب بالنار وهناك ايات اخرى واخرى تدل في معانيها على عظيم صنع الله وجزيل عطاياه ومننه وأفضاله علينا ما لا تعد ولا تحصى
فهل وجدت لسنة الله تبديلا او تحويلا .......؟
سبحانك ربي ما أعظم شأنك سبحان من جمع بين الأضداد كلها وآلف بينها سبحان رب العزة عما يصفون .
فالفهم يفسر لنا الأشياء موغلا في عمق العقل باحثا عن مساحات خارج دائرة الوهم كون الفهم لأحد له ولا كم ولا كيف ولو شاء ربي لجعله مئة بالمائة عقل او ما يزيد عن ذلك انه البعد الرابع كما أسميته مجازا .
ربما تسأل يا ولدي : ما هو هذا الناموس .........؟
فا قول لك :-
الفهم هو الذي يفسر لنا اسرار الحياة ونواميسه الحقيقية الصرفة ويصور لنا الاشياء كما تقع عليها ذواتها تارة على الافراد واخرى على الازواج وتارة من كليهما ويخلق ربي ما يشاء مثنى وثلاث ورباع وكل يوم هو في شأن . من هنا كان كتاب الله العظيم القران الكريم بمثابة الرئة التي نتنفس بها الصعداء لمن يريد أن يعرف من هو ذلك الانسان ولأي شيء خلق وما المغزى من حياته وما معنى خلوده حين يتبدل الناموس والناس جلوس وأفئدتهم هواء وفي الحديث ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) دلالة قوية على فهم كل تساولاتك ياولدي من حيث ان القران الكريم هو ناموس الله الاكبر الذي خص به ابن ادم وفي الحديث ( خيركم من تفقه بالدين ) وخير الدين هو دين الله جل في علاه وخير الكلام هو كلام الله وكلامه سبحانه وتعالى موجود في القران الكريم الذي يفتتح بسورة الفاتحة لشرفها وعلو كعبها .
وبمناسبة الحديث عن سورة الفاتحة :
ربما تسأل يا ولدي : ما أهمية سورة الفاتحة ........ ؟
ولماذا هذا الإطناب في تفسيرها من قبل علماء التفسير ودعوتها بأسماء شتى ......؟
أقول لك :-
أنها أول سورة في ترتيب سور القران الكريم الذي هو كلام رب العالمين الموحى به إلى سيد الخلق أجمعين محمد ( ص ) النبي الأمي والفاتحة أطنب المفسرون في وصفها وتسميتها بأسماء شتى تحمل دلالات قوية على اسمائها وصفاتها على حد سواء فسموها :
( أم الكتاب ) من حيث انها جامعة لجميع ما انزله الله في محكم كتابه من الترهيب والترغيب والعبادات والعادات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستجد كل ذلك في سورة الفاتحة الشريفة إذا تبصرت فيها جيدا فما بالك إن فهمتها .
و( فاتحة الكتاب ) لافتتاح كتاب الله الكريم بها
و( السبع المثاني ) لانها تثنى وتكرر في الصلاة او لانها نزلت مرتين مرة في مكة ومرة ثانية في المدينة
و ( سورة الحمد ) لابتدائها بلفظة الحمد لله
و ( سورة الفاتحة ) لافتتاح القران بها
و ( سورة الشافية ) لانها شفاء لكل داء من علل البدن والدين
و (الكافية ) لانها كافية لمن قرأت له
و ( المنجية ) لانها تنجيء قارئها من الزلل والهلاك
و ( الراقية ) لانها يرقى بها
و ( والواقية ) لانها تقي قارئها نار جهنم
و( ام القران ) ويعني المقصد منها إثبات الربوبية والعبودية وهي مشتملة على ذلك
او لانها جمعت معاني القرآن كله بسبب كون
كل مدح وثناء وشكر لله سبحانه وتعالى يندرج تحت الحمد لله
وكل ما فيه من ذكر الملائكة والإنس والجن يندرج تحت رب العالمين
وكل ما فيه من رحمة ورزق مندرج تحت الرحمن
وكل ما فيه من العفو والمغفرة مندرج تحت الرحيم
وكل ما فيه من ذكر القيامة وأهوال الحساب وقراءة الصحف والميزان والصراط والجنة والنار يندرج تحت مالك يوم الدين
وكل ما فيه من عبادة وأمر ونهي يندرج تحت إياك نعبد
وكل ما فيه من ذكر الصبر والتوفيق والاستقامة يندرج تحت إياك نستعين
وكل ما فيه من طلب الهداية والرشد يندرج تحت أهدنا الصراط المستقيم
وكل للمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين مندرج تحت صراط الذين أنعمت عليهم
وكل ما فيه من ذكر غير ذلك مندرج تحت غير المغضوب عليهم
وكل ما فيه من ذكر الأهواء المختلفة والبدع مندرج تحت ولا الضالين
حتى أنهم أعطوها أكثر من ثلاثين اسما ومنها أنها تغني عن القران كله لانها مشتملة عليه وجعلوا لها تصاريف كثيرة حتى ان المقبل على قراءة الفاتحة من شبابنا المعاصر لا يفقه أهميتها ويصر على انه لماذا هذا التصريف وما أهمية الفاتحة وفضلها على بقية السور والآيات القرآنية العظيمة وما سبب اهتمام النبي محمد ( ص ) فيها ومن بعده أهل بيته الكرام وصحابته الإجلاء والأئمة المجتهدون والتابعين وتابعين التابعين وكافة أهل الله الكرام
وهذا معنى قول الحسن البصري رحمه الله وغيره ممن وافق قوله ( ان الله انزل من السماء مائة وأربعة كتب و أودع علمها اربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والقران وبالجملة ان الفاتحة أعظم سورة في القران الكريم
وكما جاء في الخبر ان الله خص امة محمد (ص) بهذه السورة فلو اعطاها الى موسى لما تهود قومه ولو اعطاها الى قوم عيسى لما تنصر قومه ولو اعطاها لقوم إبراهيم الخليل (ع) لما عبد قومه الأصنام
وورد في الحديث المتصل ان من قرأ سورة الفاتحة مع البسملة في نفس واحدة غفر الله له سيئاته وقبلت منه حسناته وأجير من عذاب القبر والفزع الاكبر ومن عذاب النار ومن قراءها مع سورة الإخلاص عند دخول البيت ينفي الله عنه الفقر وتكثر خيرات بيته
الجزء الثالث
وقد اشتملت الفاتحة يا ولدي :
على خمسة اسماء من اسماء الله تعالى وهي لفظ الجلالة ( الله ) ولفظ (الرب ) ولفظ (الرحمن ) ولفظ ( الرحيم ) ولفظ ( الملك ) وهي ملفوظ بها ايضا كقولك المحمود من ( الحمد ) والمعبود من ( نعبد ) والمعين من ( نستعين ) والهادي من ( أهدنا ) والمنعم من ( أنعمت ) والغاضب من ( المغضوب ) والمضل من ( الضالين ) هذه الاسماء مودعة بها ام الاسماء لانها تتولد عنها .
اما قولهم في معاني الفاتحة مجموعة في البسملة لانها تتضمن جميع الشرع لدلالتها على الذات والصفات والأفعال فهي جامعة لأصول الاعتقاد لان لفظة ( الله ) هي إشارة للموحدين و( الرحمن ) اشارة الى الرحمانية التي هي الوجود الدنيوي من خلق ورزق وارسال الرسل بالدعوة الى الحق و(الرحيم ) إشارة الى مظهر الرحمة في الحشر والميعاد لان الرحيم خاص بالمؤمنين وثمرة ذلك انما تظهر في الاخرة وفي معاني البسملة وهي عبارة عن لفظة واحدة تعطي معنى الذات والصفات والافعال التي هي الاصل الذي يرجع اليه كل الاصول وان معناها ( بي كان ما كان ) و ( بي يكون ما يكون ) وانها تصل العبد بربه
اما قولهم في معنى النقطة التي تحت الباء من البسملة انها تعني نقطة الكون فهو تعالى اصل الاصول وجبريل الاصل التالي من الاصول من عند الله محمد (ص) هو الاصل الذي جاءت اليه الاصول والوحدانية هي الاصل التي ترجع اليها كل الاصول
والفاتحة يا ولدي :
نزلت مرتين مرة في مكة عندما فرضت الصلاة ومرة اخرى في المدينة عندما تحولت القبلة ولذلك سميت بالمثاني وقيل نزل نصفها في مكة والنصف الأخر بالمدينة والأول هو الصحيح لقولة تعالى :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } (87) سورة الحجر
ولا يعرف بالإسلام صلاة بغير الفاتحة ويدل على ذلك قوله ( ص) ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب العزيز )
وتسمى الفاتحة سورة الكنز لأنها نزلت من كنز تحت العرش وسورة التفويض وسورة السؤال لقوله تعالى ( ولعبدي ما سأل )
يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول رب العالمين حمدني عبدي يقول العبد الرحمن الرحيم يقول رب العالمين اثنى علي عبدي يقول العبد مالك يوم الدين يقول رب العالمين مجدني عبدي
يقول العبد اياك نعبد واياك نستعين
يقول رب العالمين هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل
يقول العبد أهدنا الصراط المستقيم صراط الذي أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
يقول رب العالمين اما هذه فهي لعبدي ولعبدي ما سأل
ربما تسأل يا ولدي : ماذا وجدوا فيها ........ ؟
على ماذا عثروا خلال تنقيبهم بآياتها وكلماتها وحروفها ؟ وكيف عقلوها ؟ امن ناحية العلم ام من ناحية الفهم لاسيما وهما مفتاحا العقل للولوج إلى سر اسرار هذه السورة الشريفة
فأقول لك كنا قد ضربنا مثلا سابقا في كلامنا من ناحية الفهم في شرح عملية احتراق الخشب بالنار وسأورد لك مثالا ثانيا من ناحية الفهم في تفسير سورة الفاتحة
فهل يقدح زناد عقلك ............ ؟
أن عدد آياتها سبعا ولها المناسبة في كل سبع من المخلوقات فالسموات سبع والأرضيين سبع وأيام الله الذي خلق الخلق فيها سبع وايام الأسبوع سبعة أيام والكواكب السيارة القديمة سبعة والأبحر سبعة وعدد ايات الفاتحة سبعة آيات آلا يعني هذا شيئا من ناحية الفهم لا من ناحية العلم
وعدد كلماتها (25 ) كلمة مجموعها المعنوي مساويا للعدد ( 7 ) وعدد حروفها ( 125) حرفا
وهذا أول إعجاز فيه فبإضافة ( ق والقران الكريم ) إلى عدد كلماتها تعطيك مفصلا عدد حروفها إذا ما حسبنا القاف بمائة على قانون حساب أبجد الكبير ومنهم من
تصرف بها بحسب طبيعة كل آية فيها على نحو مزجها مع أيام الخلق السبع لوقوع المناسبة بينها وبين عدد آيات الفاتحة الشريفة فكل له سبع من الثناء على الله لخلقهن ومن هنا سميت الفاتحة ( بالسبع المثاني) أ- هـ ( روح البيان- للطبراني )
وأقاموا الآيات السبع على أيام الأسبوع السبعة وقراءتها بمجموع عدد أحرف كل آية على حساب أبجد الكبير وفي هذا الترتيب سر عظيم وفهم غريب
1- يوم الأحد :- الحمد لله رب العالمين عدده 616 مرة
2- يوم الاثنين :- الرحمن الرحيم عدده 619 مرة
3-يوم الثلاثاء :- مالك يوم الدين عدده 242 مرة
4- يوم الأربعاء :- إياك نعبد وإياك نستعين عدده 856 مرة
5- يوم الخميس :- أهدنا الصراط المستقيم عدده 1073 مرة
6- يوم الجمعة :- صراط الذين أنعمت عليهم عدده 1837 مرة
7- يوم السبت :- غير المغضوب عليهم ولا الضالين عدده 4233 مرة كذلك ورد في كتاب الخواص
بقلم : طارق فتحي
الجزء الاول
الى من يمعن النظر و يتدبر التفكير في آلية خلق الكون وما فيه من تدبير
ومنه الانسان وماله من قول عسير فيؤمن بالله بالفطرة من هو بصير
وايقن برب المرجع في اليوم الكبير وتدبر ذلك بفكره الضيق الحسير
ان وراء كل ذلك مليك حسيب قدير ازف له سورة الفاتحة بيسر يسير
لعل الذكرى تنفع مع القول اليسير والى الله مآلنا واليه ينتهي المصير
المقدمة
الحمد لله رب العالمين الذي لا يليق الحمد إلا به فسبحان الذي لا يحمد على مكروه سواه وعلى رسوله ونبيه وصفيه المبعوث لخير الأمم ( محمد) النبي الأمي وأهل بيته الأطهار المبرئين من الأدناس وعلى صحبه الكرام والأئمة البررة المجتهدين في الدين و العلماء العاملين الغر الميامين صلوات الله عليه وسلامه .
أن باب الحق له حومه .
يحوم الحوم حوله حومه
لا تأخذه فيه لومه
ولا يكون له طرفة عين سومه
ولا ينبغي لأحد فهمه إلا بعد صومه
مرسومه - معلومه - مفهومه
خارجة عن غفوته ونومه
بديباجة خضراء لا تنعق فيها البومه
ولا تنعت بالأيام يومه
وليس له صورة مرسومه معلومه او معدومه
ولا من قبيل الحس أمرها محسومه
محسوسه ام غير محسوسه
إنها أشياء مدسوسه
في العقل مدروسه
وفي الفهم محسوبه
تقضم من علومنا وتطرح فضلاتها فهومه
إنها كالسوسه
حشرة مدسوسه
تدرس الدرس جيدا وتحفر إنفاقا محروسه
انها حقا عروس مهوسه
بحب الجواهر تلك هي عقولنا المهروسه
في بودقه الفهم محروسه
كانما هي عرس عروسه
ربما تسال يا ولدي : ما هذا .......؟
أقول لك بأن هذا هو اول درس في الفهم
وتقول وما هو هذا الفهم ........؟
أقول لك :-
أن سمة النظر بالشيء يسمى التحديق
والإمعان فيه يسمى التدقيق
والايغال فيه يسمى التحقيق
وعند ذلك يأتي العلم بماهية هذا الشيء والدخول في جوهر العلم يسمى الفهم وبعد التمكن من هذه العملية يأتي الحب .
وهو غاية ومنتهى الفهم وهو سر الحياة وأساس الوجود كله ومن هذا المنطق نستطيع أن نقول أن ليس كل عالم فاهم ولكن أن كل فاهم عالم بسبب كون الفهم مرحلة أعلى مقاما من العلم كما الحب أعلى مقاما من الفهم . لذلك قال جل من قائل مخاطبا النبي سليمان على نبينا وعليه افضل الصلاة والسلام في الاية الكريمة ( ففهمناها سليمان ) ولم يقل جل من قائل ( فعلمناها سليمان ). الآية فيها دلالة قوية على ان الفهم اكبر درجة من العلم واعلى مقاما ً .
ربما تسال يا ولدي : ما هو هذا الحب....... ؟
أقول لك : أن عملية التجاذب بين جرمين سماويين منشاؤه الحب بينهما وإلا لما حصل التجاذب بينهما مما يؤل أمره إلى خراب هذا الكون فالحب هنا اخذ صفة ( التجاذب )
ولولا عملية التنافر بين قطبي المغناطيس لذهبت عمارة الأرض باتجاه واحد وكان الخراب فيها بالاتجاه الآخر . فالحب هنا آخذ صفة التنافر .
وكذلك القول ينطبق على وجود التنافر بين كواكب المجموعة الشمسية وكذلك بين المجرات نفسها ولولا الحب لتقوض نظام الكون كله فالحب هنا آخذ صفة ( التنافر)
ولولا قانوني التلاصق والتماسك في الماء . لتغير وجه الكون وكذلك قوانين السوائل كلها فالحب هنا آخذ صفة ( التماسك والتلاصق ) .
فكل القوانين الأرضية المعروفة لدينا الان سبب وجودها الحب وسبب اختراعها الفهم وسبب اكتشافها العلم وسبب العلم هو التحقيق ومن ثم التدقيق وبالتالي التحديق بالأشياء :
{ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (20) سورة العنكبوت
ومن هذا المنطق الخفي عن عقولنا نستطيع أن نجوب في أحوال فهمنا للاشياء وماهية هذا الفهم يتوقف على النظرة الاولى للأشياء :
فأبعاد الكون ثلاثة الطول والعرض والارتفاع .
وبها نفهم ماهية الخلق المادي وما فيه من انتفاع .
وهناك بعد اخر خلقا اخر يأتي الحس به في قوة واندفاع .
والعقل يقسم بالتالي الى أربعة أرباع .
ثلاثة خلقن لتبسيط العلم وواحدة انتصبت للفهم فكملت بها الطباع .
وانك لتجدهن في جميع خلق الله وفي جميع الإنحاء والأصقاع .
إنها يا ولدي متاهة في جنات الوهم . والعلم بالفهم بمثابة سياحة الهامية في فردوس العقل . ومما فتح الله العلي القدير علينا وعليكم من مبار عطاياه ومن فيض نوره وكرمه ومن سخاء لدنه القدير العزيز . أن نرى بحواسنا الظاهرة منها ونبصر ونتبصر في الباطنة من تلكم الحواس . وان نكون حقيقة ربانية ترزَخ في البرزَخ فنرى العالمين في آن واحد
العالم المادي والعالم غير المادي فسبحان من جمع بين الأضداد كلها ومن فضله علينا انه جعل نواميسه التي تحكم العالمين المادي وغير المادي مطابقة تماما لجميل صنعه ألا وهو الكائن البشري .
وخلق جلت قدرته أول ما خلق ( العقل ) من جوهر مخزون في علمه المكنون وجعل فيه التفكير وعد من ارقى وظائف العقل وأعلاها سموا . ومن هنا فهمنا ولا أقول علمنا لأن العقل عاقلا بالفطرة منذ النشأة الاولى منذ عهد الست بربكم :
{ وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ} (172) سورة الأعراف
والعقل عندي هو باب يمكن الدخول منه الى الحضرة الربوبية ومشاهدة الأنوار البهية من حضرت قدس الأقداس القدسية وهذا الباب اعني ( العقل) له مفتاحان :ـ
احدهما العلم والآخر هو الفهم والعقل هنا هو الحد الفاصل بينهما اي انه بمثابة البرزَخ وأنهما هنا يبغيان بينهما ولا يبغيان فالعلم بالفهم قطعا هو غير الفهم بالعلم فكأني بهما عالمين متضادين لبعضهما تارة ويعضدان بعضهما تارة اخرى والتضاد هنا يقع لزيادة الفهم وهذا اصل ثابت فيه .
إما المطابقة بينهما فتقع في زيادة العلم فقط فعطايا الرب حاشا ان تكون فيها نقصان لعدم أهلية ذلك بسبب الواهب وقال رب العزة :
{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} (85) سورة الإسراء
ففي الآية الكريمة إشارة واضحة على ما قلناه اي ان التحصيل من العلوم هو غيض من فيض منة علينا ورحمة بنا وليس ظناً بنا :
{ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَلَا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا } (114) سورة طـه
ولاستحصال الكثير من القليل وكلما ازداد الإنسان علما ازداد علمه بجهله وذلك يحصل بسبب تجوهره وقرب حصول خروجه من عالم العلم حيث اذ ذاك يتطهر بالعقل و يتجوهر بالفكر حتى يليق بعالم الفهم .
وفي الحديث ( اطلب العلم من المهد الى اللحد ) دلالة قوية على امكان تحصيله بالتعلم والتعليم وقد يطول الامر في تحصيله بفناء الانسان نفسه وهو غير مكمل تحصيل علمه بينما نجد ان الفهم لا يستغرق اكثر من طرفة عين وفي احيان كثيرة لا تطرف هذه العين أبداً ولقد قال جل من قائل :
{ فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعَاء أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِن وِعَاء أَخِيهِ كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مِّن نَّشَاء وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } (76) سورة يوسف
علمنا ان الخالق هو الجامع لكل العلوم ما علمنا منها وما لم نعلم فلا يصح والحالة هذه أن نقول لفلان أنه عالم إلا من باب القول المجاز فقط .
والعالم عندي لا يكون عالما , ما لم يكون يعلم ببواطن ما لم يعلم . وهذا لا يستوي عند البشر مع كونهم أرقى مخلوقات الله والعلم له ثلاث ابعاد ( العقل التفكير التدبير ) وابعاد العالم المادي أيضا ثلاث ( الطول العرض الارتفاع )
ففي ابعاد العالم المادي تظهر لنا الجسمية والتجسم , أما في أبعاد العلم فيظهر لنا الفهم والحب فالعالم المادي تتعرف عليه حواسنا المادية بسهولة ويسر , فتعلم من ذلك الجسم المجسم ما طوله ما عرضه ما وزنه ما ارتفاعه ما حجمه ما شكله ما حركته ما طاقته ما مادته
فيكون لنا أن نعلم بماهية هذا الشيء الذي يقع تحت إدراك حواسنا . نراه أو نسمعه أو نلمسه أو نشمه أو نتذوقه . ونحدد بذلك صفات وصفات لا عد لها ولا حصر فنعلم لونه وأريجه ومذاقه حلوه من مره فكلما تعلمنا اكثر علمنا اكثر عن أسرار العالم الذي نعيش فيه سواء أكان هذا العلم مكتسبا او فطريا او الاثنان معا كل هذا يجري في الكون المحسوس فقط .
فهل يا ترى هذا هو عالمنا الذي نعيش فيه ....؟
ونصدقه ونصدق ذواتنا على إننا أحياء صحيحة في هذه الدنيا الشحيحة الى هنا الصورة غير مكتملة والإبعاد الثلاثة غير كافية اذا لابد ان يكون هناك بعد رابع
فما هو هذا البعد.......؟ يا ولدي :ـ
وهل هو بعد مادي او غير مادي خصوصا بعد ما علمنا من تلاقي الأضداد وتنافر التوافقات .
وأما البعد الرابع فمنهم من قال انه ( الزمان ) وآخرون قالوا انه ( المكان) ومنهم من قال انه ( الزمكان ) وغيرهم قال أنه ( اللازمكان ) ونحن نعلم أن الأبعاد كلها مخلوقة موجودة معلومة , اذ لابد ان يكون البعد الرابع من غير الجنس المادي المعلوم ومن هذه البديهيات والفرضيات والنظريات والقواعد والطرائق في شتى صنوف العلم يبقى الإحساس دائما ان هناك بعد رابع يكمل فيه الصورة العقلية للكون المحسوس إذا فرضنا عدم وجود أبعاد أخرى وأخرى .
ترى ما هو هذا البعد .......؟
القول عندي انه بعد ليس خاضع للجسمية ولا علاقة له بالزمان اوالمكان من حيث انه يطويهما بداخله وانه ايضا غير خاضع لقواعد ثابتة او قوانين أرضية بشرية وانه كذلك ليس من الخوارق التي لا تؤيدها العقول ولا حتى العلم المعلوم .
وهذا البعد لا تتأتى دراسته بالعلم بل انه يؤخذ بالفهم فقط وانه ليس من خوارق العادات كما اسلفت ولكنه خارج عن المألوفات وسيأتي زمان يثبت فيه ان البعد الرابع حقيقة خلقية كونية لا مراء فيها , موجودة منذ الأزل ولكنها مازالت ضمن نواميس الخلق الغير مكتشفة . من هنا كان حقيقة الفهم هو كل ما يقبله العقل ولا يرفضه المنطق وكل ما هو حقيقة ظاهرة دالة عليه سبحانه وتعالى .
هذا ما انطبع في زوايا عقولنا منذ عهد الست بربكم . ومن هنا ندرك ان عقولنا تدرك كل الحقائق بالفطرة الا ان الذي يحد الامر هي حواسنا الضيقة وادراكاتنا المادية البحتة كأننا في هذا لا نستخدم سوى جزء ضئيل من مساحة تفكيرنا وما تبقى من هذه المساحة فيافي شاسعة وصحارى واسعة لا ندرك ما فيها بالمرة .
ان حدود العلم ضيقه جدا ومع هذا التضيق لم نؤتى العلم الا قليلا ومع كل هذا الكم الهائل من العلوم نحن في الحقيقة كأطفال يتعلمون في روضة الحق الإلهي .
الجزء الثاني
هذه هي حدود العلم التي من الله بها علينا نحن جنس البشر ليس ضنا بنا بل رحمة علينا
وربما تكمن سعادتنا الحقيقة في هذا الحد الضيق من العلم ( المعلوم والمجهول ) ولو شاء ربي لكان أعطى الكثير الكثير وبذلك تكون ربما سببا في تعاستنا وشقاؤنا فنحن في هذا القرن من الزمان نزمر ونطبل بالمخترعات والمكتشفات وباختراق الكون والأفاق والخروج من المجرة وهلم جرى. فيا لغرور الإنسان وجهله وعناده واستكباره الا من رحم ربي .
ما هو البديل إذا....... ؟ يا ولدي :-
أذا كانت هذه النسبة الأزلية تلاحقنا الى يوم يبعثون كيف نتعلم اكثر و اكثر من العلم إذا ما علمنا أن نسبته ونسبة وهبه الينا محدودة جدا. جدا .جدا .
هنا يأتي دور البعد الرابع في العقل الا وهو( الفهم) ونسبته الى العلم كنسبة القانون الى البديهية والدليل على ذلك قوله جل شأنه مخاطبا النبي سليمان بن داود عليهما السلام
{فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ} (79) سورة الأنبياء
ولم يقل عز من قائل ( فعلمناها سليمان ) والحكمة من ذلك ان الفهم أعلى مرتبة من العلم وارقى في الدرجات . لذلك كانت لسليمان علوما شتى لم تؤتى لبشر من قبله ولا من بعده . والفهم هنا كان بحق البعد الرابع للعقل الذي يجتاز به من العالم المادي الى العالم الغير المادي ويجعلك تبصر وتنظر في ان واحد وترى الأشياء من خلالهما من حيث أن العلم يبحث في حقيقة الأشياء من حيث هي هي حقيقة كانت ام وهم .
أما الفهم فهو يبحث في جوهر حقيقة الأشياء ولذواتها وحسب . ويفتش دائما عن الجوهر الفرد الاصل من حيث انه حق حقيق او حقيقة محضة لا غير وهذا التجوهر في منطق الفهم ينطق بلسان الحق ويشمل العرض والجوهر معا والعلم أيضا ينظر في حقائق الامور لكنه غالب ما لا يغوص في جواهرها ومن هنا نستطيع القول بأن كل فاهم عالم ولكن ليس كل عالم فاهم .
ولتقريب الصورة أليك أضرب لك مثالا على عملية ( احتراق الخشب ) وأجراء مقارنة لطيفة بهذا الشأن من هذه العملية من ناحيتي العلم والفهم فأقول لك : ـ
من ناحية العلم :-
العلم يقول أن الخشب مادة قابلة للاشتعال بالحرارة وذلك نتيجة لوجود الأوكسجين الذي هو طليق في الهواء فباتحادهما تتم عملية الاحتراق ونحن نشاهد هذه العملية مرارا وتكرارا منذ نعومة إظفارنا ونعلم ان هذه العملية هي أمر مسلم به آلفته عقولنا كونه من الأشياء المألوفة لدينا في حياتنا اليومية حتى إننا لم نجهد أنفسنا في تفسير هذه العملية فكل الذي تعلمناه ان النار يحتاج الى الهواء لكي يستمر في الاشتعال بسبب وجود الاوكسجين في الهواء والهواء حر طليق في الجو .
أما من ناحية الفهم :-
نقول انه من غير الممكن اشتعال الخشب بالنار ويقدم الفهم حججه في ذلك آخذا كما أسلفت بجوهر الحقيقة المادية وبذلك يكون الفهم لا ينافي قواعد وقوانين لعبة العلم في عملية احتراق الخشب وهذا هو عين سر قوة الفهم الذي يؤدي غالبا ما الى تجوهر العلم عنده وبالتالي تقزمه .
وضألت وسطحية العلم فيقدم الفهم مقارنة ظريفة وطريفة في آن واحد بين جوهر الخشب من ناحية وجوهر النار من ناحية اخرى فتعال معي نحلل كل منهما على حدة
بقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم :
{أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} (71) {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ} (72) سورة الواقعة
جوهر الخشب جوهر النار
ــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــ
1- جوهر مادتة كثيفة جوهر مادتة لطيفة
2- لا ترى الأجسام من خلاله ترى الأجسام من خلاله
3- غذاؤه من أسفل غذاؤه من أعلى
4- يعتمد على الماء يعتمد على الهواء
5- طبعه الماء طبعه الهواء
6- جوهر (لبه) ظلمة جوهر ( لبه) نور
7- ديمومته في الارض ديمومته في السماء
8- مادته أرضية له كتلة مادته هوائيه لا كتلة له
9- له ابعاد ثلاثة ( التجسم ) ليس له ذلك
10- له حجم ويشغل حيزا من الفراغ ليس له ذلك
ا 11- يتحول بتجوهره الى فحم اسود يتحول بتجوهره الى نور ابيض
12- يعطي الحرارة يعطي الضوء
13- مصدره ارضي نباتي مصدره غير أرضي
14- يمكن تحويله الى إشكال عدة لا يمكن ذلك
15- جرمه مادي جرمه غير مادي
16 - ملموس بالحواس محسوس بالفكر
وهكذا نرى هذا الكم الهائل من الأضداد في جرمين آلفنا اتحادهما معا منذ أقدم العصور التاريخية ولغاية يومنا هذا وإذا كان هذا شأن جوهرين متضادين مع بعضهما في كل شيء .
اذا فكيف يتم التآلف بينهما..........؟
من اجل تقديم هذه الخدمة الجليلة العظيمة للإنسان والإنسانية جمعاء على كوكبنا الصغير ووفق النواميس الأرضية الخاصة به والرد على ذلك يأتي من كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين دفتيه انه كلام رب العالمين في القران الكريم حيث يقول جل من قائل : {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} (71) {أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنشِؤُونَ} (72) سورة الواقعة
والقصد من الآية ها هنا انه سبحانه وتعالى أودع الشجر (سرالاحتراق) فأحترق الخشب بالنار وهناك ايات اخرى واخرى تدل في معانيها على عظيم صنع الله وجزيل عطاياه ومننه وأفضاله علينا ما لا تعد ولا تحصى
فهل وجدت لسنة الله تبديلا او تحويلا .......؟
سبحانك ربي ما أعظم شأنك سبحان من جمع بين الأضداد كلها وآلف بينها سبحان رب العزة عما يصفون .
فالفهم يفسر لنا الأشياء موغلا في عمق العقل باحثا عن مساحات خارج دائرة الوهم كون الفهم لأحد له ولا كم ولا كيف ولو شاء ربي لجعله مئة بالمائة عقل او ما يزيد عن ذلك انه البعد الرابع كما أسميته مجازا .
ربما تسأل يا ولدي : ما هو هذا الناموس .........؟
فا قول لك :-
الفهم هو الذي يفسر لنا اسرار الحياة ونواميسه الحقيقية الصرفة ويصور لنا الاشياء كما تقع عليها ذواتها تارة على الافراد واخرى على الازواج وتارة من كليهما ويخلق ربي ما يشاء مثنى وثلاث ورباع وكل يوم هو في شأن . من هنا كان كتاب الله العظيم القران الكريم بمثابة الرئة التي نتنفس بها الصعداء لمن يريد أن يعرف من هو ذلك الانسان ولأي شيء خلق وما المغزى من حياته وما معنى خلوده حين يتبدل الناموس والناس جلوس وأفئدتهم هواء وفي الحديث ( خيركم من تعلم القران وعلمه ) دلالة قوية على فهم كل تساولاتك ياولدي من حيث ان القران الكريم هو ناموس الله الاكبر الذي خص به ابن ادم وفي الحديث ( خيركم من تفقه بالدين ) وخير الدين هو دين الله جل في علاه وخير الكلام هو كلام الله وكلامه سبحانه وتعالى موجود في القران الكريم الذي يفتتح بسورة الفاتحة لشرفها وعلو كعبها .
وبمناسبة الحديث عن سورة الفاتحة :
ربما تسأل يا ولدي : ما أهمية سورة الفاتحة ........ ؟
ولماذا هذا الإطناب في تفسيرها من قبل علماء التفسير ودعوتها بأسماء شتى ......؟
أقول لك :-
أنها أول سورة في ترتيب سور القران الكريم الذي هو كلام رب العالمين الموحى به إلى سيد الخلق أجمعين محمد ( ص ) النبي الأمي والفاتحة أطنب المفسرون في وصفها وتسميتها بأسماء شتى تحمل دلالات قوية على اسمائها وصفاتها على حد سواء فسموها :
( أم الكتاب ) من حيث انها جامعة لجميع ما انزله الله في محكم كتابه من الترهيب والترغيب والعبادات والعادات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ستجد كل ذلك في سورة الفاتحة الشريفة إذا تبصرت فيها جيدا فما بالك إن فهمتها .
و( فاتحة الكتاب ) لافتتاح كتاب الله الكريم بها
و( السبع المثاني ) لانها تثنى وتكرر في الصلاة او لانها نزلت مرتين مرة في مكة ومرة ثانية في المدينة
و ( سورة الحمد ) لابتدائها بلفظة الحمد لله
و ( سورة الفاتحة ) لافتتاح القران بها
و ( سورة الشافية ) لانها شفاء لكل داء من علل البدن والدين
و (الكافية ) لانها كافية لمن قرأت له
و ( المنجية ) لانها تنجيء قارئها من الزلل والهلاك
و ( الراقية ) لانها يرقى بها
و ( والواقية ) لانها تقي قارئها نار جهنم
و( ام القران ) ويعني المقصد منها إثبات الربوبية والعبودية وهي مشتملة على ذلك
او لانها جمعت معاني القرآن كله بسبب كون
كل مدح وثناء وشكر لله سبحانه وتعالى يندرج تحت الحمد لله
وكل ما فيه من ذكر الملائكة والإنس والجن يندرج تحت رب العالمين
وكل ما فيه من رحمة ورزق مندرج تحت الرحمن
وكل ما فيه من العفو والمغفرة مندرج تحت الرحيم
وكل ما فيه من ذكر القيامة وأهوال الحساب وقراءة الصحف والميزان والصراط والجنة والنار يندرج تحت مالك يوم الدين
وكل ما فيه من عبادة وأمر ونهي يندرج تحت إياك نعبد
وكل ما فيه من ذكر الصبر والتوفيق والاستقامة يندرج تحت إياك نستعين
وكل ما فيه من طلب الهداية والرشد يندرج تحت أهدنا الصراط المستقيم
وكل للمرسلين والصديقين والشهداء والصالحين مندرج تحت صراط الذين أنعمت عليهم
وكل ما فيه من ذكر غير ذلك مندرج تحت غير المغضوب عليهم
وكل ما فيه من ذكر الأهواء المختلفة والبدع مندرج تحت ولا الضالين
حتى أنهم أعطوها أكثر من ثلاثين اسما ومنها أنها تغني عن القران كله لانها مشتملة عليه وجعلوا لها تصاريف كثيرة حتى ان المقبل على قراءة الفاتحة من شبابنا المعاصر لا يفقه أهميتها ويصر على انه لماذا هذا التصريف وما أهمية الفاتحة وفضلها على بقية السور والآيات القرآنية العظيمة وما سبب اهتمام النبي محمد ( ص ) فيها ومن بعده أهل بيته الكرام وصحابته الإجلاء والأئمة المجتهدون والتابعين وتابعين التابعين وكافة أهل الله الكرام
وهذا معنى قول الحسن البصري رحمه الله وغيره ممن وافق قوله ( ان الله انزل من السماء مائة وأربعة كتب و أودع علمها اربعة منها التوراة والإنجيل والزبور والقران وبالجملة ان الفاتحة أعظم سورة في القران الكريم
وكما جاء في الخبر ان الله خص امة محمد (ص) بهذه السورة فلو اعطاها الى موسى لما تهود قومه ولو اعطاها الى قوم عيسى لما تنصر قومه ولو اعطاها لقوم إبراهيم الخليل (ع) لما عبد قومه الأصنام
وورد في الحديث المتصل ان من قرأ سورة الفاتحة مع البسملة في نفس واحدة غفر الله له سيئاته وقبلت منه حسناته وأجير من عذاب القبر والفزع الاكبر ومن عذاب النار ومن قراءها مع سورة الإخلاص عند دخول البيت ينفي الله عنه الفقر وتكثر خيرات بيته
الجزء الثالث
وقد اشتملت الفاتحة يا ولدي :
على خمسة اسماء من اسماء الله تعالى وهي لفظ الجلالة ( الله ) ولفظ (الرب ) ولفظ (الرحمن ) ولفظ ( الرحيم ) ولفظ ( الملك ) وهي ملفوظ بها ايضا كقولك المحمود من ( الحمد ) والمعبود من ( نعبد ) والمعين من ( نستعين ) والهادي من ( أهدنا ) والمنعم من ( أنعمت ) والغاضب من ( المغضوب ) والمضل من ( الضالين ) هذه الاسماء مودعة بها ام الاسماء لانها تتولد عنها .
اما قولهم في معاني الفاتحة مجموعة في البسملة لانها تتضمن جميع الشرع لدلالتها على الذات والصفات والأفعال فهي جامعة لأصول الاعتقاد لان لفظة ( الله ) هي إشارة للموحدين و( الرحمن ) اشارة الى الرحمانية التي هي الوجود الدنيوي من خلق ورزق وارسال الرسل بالدعوة الى الحق و(الرحيم ) إشارة الى مظهر الرحمة في الحشر والميعاد لان الرحيم خاص بالمؤمنين وثمرة ذلك انما تظهر في الاخرة وفي معاني البسملة وهي عبارة عن لفظة واحدة تعطي معنى الذات والصفات والافعال التي هي الاصل الذي يرجع اليه كل الاصول وان معناها ( بي كان ما كان ) و ( بي يكون ما يكون ) وانها تصل العبد بربه
اما قولهم في معنى النقطة التي تحت الباء من البسملة انها تعني نقطة الكون فهو تعالى اصل الاصول وجبريل الاصل التالي من الاصول من عند الله محمد (ص) هو الاصل الذي جاءت اليه الاصول والوحدانية هي الاصل التي ترجع اليها كل الاصول
والفاتحة يا ولدي :
نزلت مرتين مرة في مكة عندما فرضت الصلاة ومرة اخرى في المدينة عندما تحولت القبلة ولذلك سميت بالمثاني وقيل نزل نصفها في مكة والنصف الأخر بالمدينة والأول هو الصحيح لقولة تعالى :
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } (87) سورة الحجر
ولا يعرف بالإسلام صلاة بغير الفاتحة ويدل على ذلك قوله ( ص) ( لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب العزيز )
وتسمى الفاتحة سورة الكنز لأنها نزلت من كنز تحت العرش وسورة التفويض وسورة السؤال لقوله تعالى ( ولعبدي ما سأل )
يقول العبد الحمد لله رب العالمين يقول رب العالمين حمدني عبدي يقول العبد الرحمن الرحيم يقول رب العالمين اثنى علي عبدي يقول العبد مالك يوم الدين يقول رب العالمين مجدني عبدي
يقول العبد اياك نعبد واياك نستعين
يقول رب العالمين هذه الآية بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل
يقول العبد أهدنا الصراط المستقيم صراط الذي أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
يقول رب العالمين اما هذه فهي لعبدي ولعبدي ما سأل
ربما تسأل يا ولدي : ماذا وجدوا فيها ........ ؟
على ماذا عثروا خلال تنقيبهم بآياتها وكلماتها وحروفها ؟ وكيف عقلوها ؟ امن ناحية العلم ام من ناحية الفهم لاسيما وهما مفتاحا العقل للولوج إلى سر اسرار هذه السورة الشريفة
فأقول لك كنا قد ضربنا مثلا سابقا في كلامنا من ناحية الفهم في شرح عملية احتراق الخشب بالنار وسأورد لك مثالا ثانيا من ناحية الفهم في تفسير سورة الفاتحة
فهل يقدح زناد عقلك ............ ؟
أن عدد آياتها سبعا ولها المناسبة في كل سبع من المخلوقات فالسموات سبع والأرضيين سبع وأيام الله الذي خلق الخلق فيها سبع وايام الأسبوع سبعة أيام والكواكب السيارة القديمة سبعة والأبحر سبعة وعدد ايات الفاتحة سبعة آيات آلا يعني هذا شيئا من ناحية الفهم لا من ناحية العلم
وعدد كلماتها (25 ) كلمة مجموعها المعنوي مساويا للعدد ( 7 ) وعدد حروفها ( 125) حرفا
وهذا أول إعجاز فيه فبإضافة ( ق والقران الكريم ) إلى عدد كلماتها تعطيك مفصلا عدد حروفها إذا ما حسبنا القاف بمائة على قانون حساب أبجد الكبير ومنهم من
تصرف بها بحسب طبيعة كل آية فيها على نحو مزجها مع أيام الخلق السبع لوقوع المناسبة بينها وبين عدد آيات الفاتحة الشريفة فكل له سبع من الثناء على الله لخلقهن ومن هنا سميت الفاتحة ( بالسبع المثاني) أ- هـ ( روح البيان- للطبراني )
وأقاموا الآيات السبع على أيام الأسبوع السبعة وقراءتها بمجموع عدد أحرف كل آية على حساب أبجد الكبير وفي هذا الترتيب سر عظيم وفهم غريب
1- يوم الأحد :- الحمد لله رب العالمين عدده 616 مرة
2- يوم الاثنين :- الرحمن الرحيم عدده 619 مرة
3-يوم الثلاثاء :- مالك يوم الدين عدده 242 مرة
4- يوم الأربعاء :- إياك نعبد وإياك نستعين عدده 856 مرة
5- يوم الخميس :- أهدنا الصراط المستقيم عدده 1073 مرة
6- يوم الجمعة :- صراط الذين أنعمت عليهم عدده 1837 مرة
7- يوم السبت :- غير المغضوب عليهم ولا الضالين عدده 4233 مرة كذلك ورد في كتاب الخواص
مواضيع مماثلة
» * في تفسير سورة الفاتحة 2
» * فس تفسير سورة الفاتحة 3
» في تفسير الفاتحة 6
» * الاعجاز العددي في سورة الفاتحة
» * تفسير سورة مريم 3
» * فس تفسير سورة الفاتحة 3
» في تفسير الفاتحة 6
» * الاعجاز العددي في سورة الفاتحة
» * تفسير سورة مريم 3
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى