المشكلة في التحاور مع رجال الدين الجدد
صفحة 1 من اصل 1
المشكلة في التحاور مع رجال الدين الجدد
وهو الإلحاد
هي نفس مشكلة التحاور مع رجال الدين القديم ..
هناك خطاب جاهز ومكرر، تم ابتلاعه بطريقة إيمانية ، تستطيع أن تحاور كل ملاحدة العالم اذا حاورت ملحداً واحداً ، وسوف تعاني من تكرار كلامك لأن كلامهم متكرر. وكلهم يتكلمون عن المنطق، كبداية ، ثم إذا بلعت الخدعة وتحمست للمنطق، خرجوا منه كما تخرج الشعرة من العجين! وبكل سهولة وعدم إكتراث! تريه تناقضه بعد أن تجتهد ، يبتسم لك بافتخار أنه تناقض ! ثم يعود ليكرّر من جديد : ما أجمل المنطق! وهكذا تستمر قصة توم وجيري : مقدمة منطقية، يتلوها فرح بالتناقض، يعقبها افتخار بالمنطق! و كأن التناقض جزء من المنطق!
ماذا استطيع أن اقدم لك سوى ان أبين تناقض طرحك، لن استطيع أن احضر الإله لتراه، أستطيع أن أحضر تناقضك وتناقض الماديين كلهم، لكنه لا ينفع أبداً ومجهود ضائع! وبعد أن أثبت عدم المنطقية في كل ما قالوه، يعودون ويفتخرون بالمنطق ويقولون : ما اجمل المنطق! وكأنك لم تكتب شيئاً ! فهل سندخل في هذا الحلزون ؟
هل تستطيع أن تقف عند التناقض ولا تترك الفكرة حتى أتركها أنا وأعجز عنها ؟ أم تعود لتشغيل نفس السمفونية الالحادية التي نسمعها بكل اللغات ؟ و هي أدق سمفونية دينية من حيث التشابه. إنها نسخة أصلية واحدة غير قابلة للزيادة، أتدري لماذا ؟ بسبب عدمية الإلحاد لا تستطيع أن تزيد ، ولو تأملت هذه الكلمة بحد ذاتها، لتبين لك معنى صحراء الإلحاد القاحلة التي لا تنبت الا الشر والضياع والالم النفسي قبل الجسدي.
وأنت تعترف ان الايمان يسبب سعادة ، ولا أظنك ستنكر ان الالحاد لا يسبب سعادة ، بعدما اثبتَّ أن الايمان يسبب السعادة ،ولا يمكن أن يكون كلا الاثنين يسببان سعادة مع تناقضهما.
كان يكفي هذا الموضوع لتعرف عبثية الالحاد ، وأنه ليس الحل الذي يحتاجه الانسان، لأنه كما فهمت من كلامك أنه لا يسبب اطمئنان ولا سعادة، بل شقاء، ويكفي ان تحس بعبثية كل شيء حتى وجودك. وهذا مخالف لمطالب النفس البشرية، اذن عليك ان تعترف ان الالحاد فشل على الاقل في مجال علم النفس، لأنه لا يسبب سعادة للإنسان، اي انسان ، فهل تعترف ام تكابر؟ هل تستطيع ان تقول ان الايمان يعالج الامراض النفسية افضل من الالحاد ؟ حتى لو كان خطأ و بغض النظر عن صوابه او خطئه ؟ هل تقول هذا وتثبت على كلامك ؟ سيكون هذا عمل يستحق الإحترام منك.
النقطة الاخرى التي لم يستطع الملاحدة الاجابة عليها : لماذا الدين يسبب راحة وسعادة وقوة وتحمل ؟ بينما الإلحاد يسبب العكس ؟ هل تستطيع أن تجيب عن هذا بتحليلك العلمي الذي يحترم العقل ؟ ما دام الانسان لا غائي ، لماذا تتعبه اللاغائية ؟ أجب عن هذا السؤال. كيف ترتاح نفس الإنسان لشيء مختلف عن طبيعتها ، وهو الإيمان بحسب الملاحدة ، بل عن الطبيعة كلها ما دامت كلها فوضوية ولا غائية ؟
اليس الإنسان من الطبيعة اللاغائية؟ لماذا اختلف عنها؟ هذا ينتظر جوابا ايضا .
اذن عليك ان تعترف ان الالحاد يخالف طبيعة النفس البشرية و يسبب لها تعاسة . وأن تلك النفس التي تقبل الالحاد تتحمل الالام والضيق لانها تحترم العقل والمنطق وتضحي بنفسها لأجله ! اذن على تلك النفس التي ضحت لأجل المنطق ألا تتملص من المنطق. و تفسر الوجود بالمنطق، لا باللاشيء الذي جاء من اللا شيء ولأجل لا شيء ! لا أظن هذا منطقاً ! اليس كذلك ؟ انت ضحيت بسعادتك لأجل المنطق ! تضحي بالمنطق لأجل ماذا ؟
هل تستطيع أن تعترف ان التفسير البديل الذي يقدمه الالحاد غير منطقي ؟ أم أنك تصر على أنه منطقي؟ عقلك ينشغل بالدين لكنه لم ينشغل بالالحاد ! سلّط عقلك على دين الالحاد لترى مدى منطقيته ما دمت لست مقتنعا بمنطقية الدين ، والشيء الذي تـُرك لعدم منطقيته، فذلك الترك هو بسبب وجود ما هو اكثر منطقية منه، اذن أثبت زيادة المنطقية في دين الالحاد على دين الله.
أعرف ان كل ملحد ينتظر دفاعا من المؤمنين، وهذا سر قوته، ولكنه يتفاجأ بمن يهجم على دين الالحاد نفسه و يترك الدفاع عن الدين أو يؤجله، وأنا الآن أسايرك : لنقل مثلك أن الدين كله خطأ ، هيا أخبرنا عن صحة الإلحاد ومنطقيته ! لاحظ ان كل مقالك نقد للدين وليس فيه شيء يبرز الالحاد كوجود ! ترى ما قيمة هذا البديل الذي يُخفَى ولا يُبرَز ؟ الملحد يخفي دينه وراء هجومه على الدين ، حسنا اتفقنا معك ! كل الدين باطل ! لنقل هذا و نريحك ! أخرج بديلك ! اطرحه ! حدد معالمه ! لا تخجل منه!
هل بديلك هو الفوضى ؟ هل تقبل الفوضى في التعامل معك ؟ ألا ترى الكون فوضى ؟ لماذا لا تقبلها في حياتك؟ المنطق لا يُجزّأ ولا يُكال بمكيالين ! هل الملحد يقبل الحياة الكونية كما هي ما دام يراها فوضى ؟ لماذا يتضايق من الفوضى اذا كان هو ضحيتها ؟ أليس مرجع الملحد هو الطبيعة ؟ هل تجيب عن هذه النقطة أم ستقفز على نقطة أخرى ؟ أنا أريد محاورا لا يقفز حتى أفهم منه أو أفهِّمه. و مدح المنطق لا قيمة له من قبل الملحد اذا لم يتقيد به . من يدّعي شيئا فسوف يطالب بالالتزام به ، و أنت إدعيت العقلانية والمنطقية من البداية ، اذن التزم بها حتى النهاية .
انا اعرف ان الالحاد لا يستطيع ان يستمر مع المنطقية، لهذا أنا اصنفه كطرح دعائي اجتماعي اعلاني ، يعرف كيف يقلّب النظرات الى الامور بطريقة تخدم هدفه وهو إبعاد الدين والتقليل من شأنه لأجل الوصول الى المجتمع ، والالحاد ليس طرحاً فلسفياً بل هو طرح اجتماعي، الطرح الفلسفي يفرح بالنقاش ويستمر بالالتزام بمسلماته، ولا يقفز على السطور. اما صاحب القضية الاجتماعية فهو يتكاثف في المناطق التي تخدمه ويتبخر بسرعة عند ما لا يخدم هدفه.
الدعوة الالحادية غائية، وأنت تعلن غايتها ، وهي حرب الأديان، بينما أنت من كون لا غائي ! ومخلوق غير غائي أصلاً ! لماذا صرت غائياً في هذه النقطة ؟ أنت تقول ان الانسان ليس غائي والملحد متحرر من الدين، اذن يجب ان يكون متحررا من الغائية ،لأنه رجع الى الاصل، إذن لماذا غايته حرب الاديان ؟ بينما الإنسان ليس له غاية ؟
انت كإنسان ترى وتفهم كل شيء من خلال النظرة الى غايته ، كل ما يخدم الانسان وما يتعلق بحياته تتعامل معه بغائية ، إلا هذا الإنسان فليس له غاية ! هل هذا منطق ؟ أن تكون جزمة الانسان لها غاية والانسان لا غاية له ؟ هذا هو طرحكم ايها السيد المنطيق.
ثم ان نقدك للدين قائم على فقدان الغائية ، مثل سؤال لماذا خلق الله المرضى ، لماذا خلق الله البشر ، مع أنك المفترض أنك تقبل عدم الغائية، وأن تكون غير غائي ، وتعتبر هذه نقاطا ايجابية في الدين،وهذا ليس بالعجيب لأن الكون كله لا غائي ! إذن المجنون هو الاعقل من وجهة نظركم، لأنه ماشي تبعا للاصل ، والعاقل هو الشاذ عن الطبيعة الفوضوية ! لأن العقل مرتبط بالغائية والسببية، فهل هذا هو المنطق؟ والعلم صدى العقل على الطبيعة ، بمعرفة ظواهرها من حيث أسبابها وغاياتها . إذن العلم أيضا مخالف للطبيعة، لأنه يحمل غائية. وبموجب طرح الالحاد فالجنون والجهل مسايِران للطبيعة والفوضى ! وعلى الملحد أن يكون صريحا ويرفض العقل والعلم لخلوهما من الفوضى .
والمنطق أن قيمة كل شيء تحددها غايته وعلاقته، وما له قيمة غائية أهم مما ليس له قيمة، أليس كذلك ؟ إذن الإلحاد يقرر ان الجزمة أثمن من الإنسان، لأن الجزمة لها غاية والانسان ليس له غاية ! وقيمة الاشياء بغايتها ! فقيمة السيارة لانها تنقل الركاب والبضائع، اما الركاب فلا قيمة لهم ! لأنه لا غاية من وجودهم ! هذا ما أنتجته عقلية الالحاد، وهذه هي المكانة التي وضعها للإنسان : أسفل من السافلين و أسخف من الجزمة ! ألا تذكّرك هذه النظرة بنظرة الشيطان للإنسان التحقيرية دائما؟ لهذا نعرف ان الإلحاد من الشيطان.
انت ترى ان الانسان تافه وبسيط ولا قيمة له، لكن الويل لمن يتعرض لمصالح هذا التافه! اليس هذا تناقض؟ هذا غير أنه يجب ألا يكون له مصالح ، لأن اصله لا غائي ! أليس المنطق واجب التعميم ؟ إذن عمّم كل ما تقول ولا تنتقي، وإلا فسأعمم بدلا عنك !
المؤمن يقول كل شيء غائي، الواقع منسجم مع طرحه أكثر من طرحك ، هل تعترف بهذه النقطة أم لا ؟ المؤمن اذن عقلاني اكثر، على الاقل في هذه النقطة ..
ثم : من الذي يحدد الغاية ؟ أنت لم تنتبه لهذه الغاية، هل هو أنت أم أنا أم الجيل الذي بعدنا ، سلفك الملحد قبل 140 سنة عدّوا 111 عضوا في الانسان كلها لا فائدة من وجودها، الآن العلم يضحك من تفكيرهم ، بما فيها الزائدة الدودية . هل هذه طريقة تفكير منطقية يتبناها الملاحدة ويستطيعون تعميمها في حياتهم أنه كل ما لم أعرف (أنا) فائدته ، سيكون فوضوي وعديم الجدوى ؟!
الاطفال وهم يرون في التلفزيون أناسا يفعلون أشياء لا يعرفون فائدتها ، لا بد أنهم يخمنون ان لها فائدة ولكن لا نعرفها ، اسألك الآن : هل هذه الطريقة ذكية وعقلانية ومنطقية وتستطيع ان تطبقها في حياتك ؟ لن تقول نعم ، على الاقل احتراماً لمقدمتك في مدح العقل !
اليس العلم يتطور ؟ ما معنى أن يتطور ؟ أي يكتشف غايات ، يكتشف اشياء و امور تستطيع الاستفادة منها لم نكن نعرف انها مفيدة، اذن العلم ضد هذه الطريقة العقلية البسيطة جدا مع احترامي لك . نحن لا نعرف اشياء بسيطة في حياتنا وحتى اجسامنا، فما بالك ان نعرف غايات كونية كبرى ؟ لكن فكرة : "لا أعرف فائدته ، اذن هو فوضى وعبث" ، قل معي رجاء أنها فكرة سخيفة، حتى احترم عقلك !
وتعجبي من سذاجة هذه الفكرة ليس أكبر من تعجبي من الفكرة الاخرى ، وهي : "وجد الشيء لغياب المانع" ! كتبرير و تفسير منطقي ومريح ! بالله هل تطبقها في حياتك اليومية ؟ أو هناك من يطبقها ؟ أم أن للملاحدة منطق خاص بهم ؟ وكأنهم من كوكب آخر ؟ مع أنهم يدعون الواقعية !
يسألك إبنك : لماذا الساعة موجودة على الجدار ؟
تجيب : لغياب المانع من وجودها !
الطفل : نعم ، جواب مقنع !
هل بهذه المنطقية تقنعون الناس وتتوقعون ان يستجيبوا ؟ أنا اعرف قوة الطرح الالحادي من اين يأخذ قوته، يأخذ قوته من فساد الكثير من رجال الدين مع الأسف وعلمانيتهم المقنعة، وهذا الشيء يدركه الداعية الملحد، و بناء عليه يخفي الإلحاد ولا يركّز عليه، بل يركز على نقد الدين ويركز من شواهد وممارسات رجال الدين ، وبالتالي يُخفي ضعف الالحاد وتهالكه، على مبدأ : خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
معذرة ، ديانة الالحاد ضعيفة جداً ولا تقوى على الصمود للعقل، فلا تعرضها كثيراً أمام العقل. "أنتوني فلو" ناقش هذا الموضوع وهو إمام الملاحدة في زمانه ، ولما كبر وكبر عقله و بلغ سن الرشد اعترف بتهافت الطرح الالحادي عقليا وعلميا، مع أنه لا يؤمن بكل الاديان. وهذا مثال لا حصر. في حين ينبش داوكينز في رقبة الزرافة عله يجد عصبا لا فائدة منه، متهما "فلو" بالتخريف لكبر سنه .. أسألك : هل العلم يبحث عن النظام ام عن الفوضى؟ علم الملاحدة يبحث عن الفوضى، هل أحد يستطيع أن يستفيد من الفوضى؟ هل توظّف الفوضى لمصلحة الإنسان؟ الإقرار بالفوضى هو نفي للعلم وهدمٌ له من اساسه، وأنت تقر بالفوضى وأنها هي الأساس. عليك أن تفخر بالفوضى لا بالعلم. ولا تقل أن العلم اكتشف فوضى، فهذا من استعمال الجهاز في غير ما صُمّم له ..
اللادينية اكثر عقلانية من الالحاد، و يظهر ضعف الالحاد عندما يقدّم البديل للدين ، و إن كانت قوته في نقده للأديان وما علقها من خرافات و مستثمرين للخرافات. لهذا لجأ الدعاة الملاحدة الى الاسلوب الاعلاني والهروب عن الحوارات الطويلة، مركـّزين على شريحة الشباب والشهوات باسم الحرية. لكن ليس الالحاد فلسفة يمكن أن توضع مقابل الفلسفات المحترمة، و اقول" المحترمة" لأنها تحترم المنطق، بينما الالحاد اذا احرجه المنطق ذهب ليقلل من شأنه ، و حجته نظرية الكم الفوضوية، وإن كان في البداية يمدح المنطق ! ومن هذا دأبه يُصنّف في المجال الدعائي لا المجال العقلاني والفلسفي.
اي فلسفة مستعدة بحجج عند اي نقد منطقي يقدم لها ، الا الإلحاد ! مستعد للقفز والالعاب الاولمبية ! انا طرحت عليك عدة تناقضات الان، أتمنى أن تجيب عليها بنعم او لا ، ولا تكن كملاحدة الجمباز الفكري ..
و النقد الذي يقدمه الملاحدة لتعنّت رجال الاديان ، يقدمه غيرهم ايضا من اتباع الاديان ، وليس حكرا عليهم، واذا كان في الدين أخطاء وأساسه منطقي وإيجابي ، فالمنطق أن تُصلّح الاخطاء، لا أن يذبح الجمل بما حمل، وهذا سؤال ينتظر الجواب بنعم او لا .
اسمح لي أولاً أن أُسجِّل تحفظي على مقدمتك إذ وجدتها اتهامية تهكمية دونما حُجَّة ولا مبرر ..
أنت يا أخي من تتعمد تجاهل المنطق والواقع، لا أنا ..
أنت من تتجاهل نقاط الخلاف وتقفز إلى مفاهيم هي ليست محل اختلاف وتتوسع فيها استعراضيًا دونما مبرر ..
أتمنى عليك أن تخوض في المنطق والحجج دونما تسفيه للطرف الآخر ..
أسلوب التسفيه سهل لكنه دليل ضعف حُجَّة ورغبة في دفع النقاش باتجاه العبثية وسطحية التعاطي مع الفكرة ..
- في ردك، أسميت الإلحاد بالدين الجديد ، وهذه مغالطة وأحسبها تلاعبًا بالألفاظ وتشتيتًا متعمدًا منك للأفكار وجلبًا للأنصار، فأنت تعلم بأن الإلحاد ليس دينًا ، بل الإلحاد نقض للدين، فهو ردة فعل وليس فعلاً بالأساس (وقد قلتُ لك هذا في مشاركتي السابقة وتجاهلته حضرتك)، فلا أحد يدعو إلى الإلحاد أو يتحدث عنه انطلاقًا من لاشيء – كما يفعل دعاة الأديان ..
الإلحاد ظهر كدفاع من الأفراد عن أنفسهم وأفكارهم وعن حرياتهم الشخصية ضد من ينتهكونها باسم الدين أو بسبب الدين، فكان لا بد من المساس بالدين طالما أنه هو الذريعة التي يستعملها المعتدون على حرية الناس ..
أنا على المستوى الشخصي تأذيت ولا أزال من الدين في وقت أنا محسوب فيه على المؤمنين، ولم أتأذَ يومًا من الإلحاد، ولا أعرف شخصًا واحدًا ملحدًا ..
كل كلمة أو فكرة تقولها مخالفة لما يعتقدون، تجد من حولك جموعًا مجيشة تهددك بالتكفير والإخراج من الملة واستباحة دمك وعرضك ..
هجرتهم ولزمت بيتي حتى أني لم أعد أرَ جيراني ولا أهلي، فاتهموني بالجنون والاكتئاب وكراهية المسلمين ..
الإلحاد ردة فعل فردية طبيعية نتيجة لظلم البشر لبعضهم بسبب الدين ، فلو كان الدين شأناً شخصيًا اختياريًا (فرديًا أو جماعيًا) وليس مصدرًا للتسلط والعداء والكراهية والبغضاء والازدراء وتشريعًا للسبي والاستعباد باسم الإله – كما هو الحال لدى المسلمين ..، لما كانت هناك حاجة للحديث عن الإلحاد ..، ولكان البشر دينيين ولا دينيين أو مؤمنين ولا أدريين وحسب ..
لو نجح الدين في مجتمع بشري واحد، لاتخذه البشر مثالاً لهم ..
القول بأن الخلل في البشر يعني أن الدين ليس صالحًا لهؤلاء البشر الموجودين على الأرض ..
لا أنا ولا سواي يقول بأن كل المؤمنين (المسلمين) أشرار وكل الملحدين أخيار ..
ما نقوله هو أن كل البشر قابلون للانحراف والضلال والهدى، ولا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة، لكن انحراف البشر من عدمه يُقاس من خلال النتائج على أرض الواقع وليس بالكلام، ولا يمكن أن يُحسب انحرافهم وأضرارهم إلا على شخوصهم وعلى النظريات التي يعتنقونها ..
المشكلة مع المؤمنين عامة والمسلمين خاصة، هي أنهم يحسبون نجاحات الأفراد للإسلام، ويُبرئون الإسلام من أخطاء المسلمين ..
القوانين الوضعية أثبتت أنها أقدر من الدين على تنظيم شئون الناس ..
حاجة البشر لتنظيم شئونهم هي حاجة حياتية وجودية طبيعية، ليست دليل غائية، ولا تحتاج دستورًا خارجيًا، كغيرهم من الكائنات (النمل والنحل والفيلة وكل الكائنات التي تعيش في جماعات) ..
كل النظريات البشرية مليئة بالأخطاء والسلبيات، ولا أحد من الفلاسفة والمنظرين ادعى العصمة والكمال يومًا، هم مجرد بشر نابغين يحاولون قيادة البشر إلى الأصلح، ويقولون ما يبدو لهم صوابًا، وهذا ما يُميز النظريات الفلسفية - أمانة واضعيها متمثلة في تبنيهم البشري لها وعدم ادعاء قدسيتها وعدم نسبتها للغيب، مما جعلها قابلة للنقد والطعن والتعديل المستمر ..، وهو ما تفتقده الأديان!
المقارنة ليست صحيحة وتعوزها الأمانة بين نظريات بشرية ونظريات إلهية!
مقارنة فشل النظريات الإلهية (الأديان) بفشل النظريات البشرية يضعهما في ذات المقام ..، وحينها لا تكون هناك مشكلة، المهم أن ترفع القداسة والحصانة عن الأديان لكي يتم نقدها وتصحيحها أو تجاوزها ومحاكمة مستغليها - كما يحصل مع النظريات البشرية حين يثبت خطؤها وفشلها!
الرؤساء العرب الذين قامت عليهم الثورات وتمت معاقبتهم على أخطائهم، حصل ذلك لأنهم صادقون يتكلمون ببشريتهم ويتبنون أخطاءهم ..، وما كانت الثورات لتحصل على حكام يرتدون عباءة الدين حتى لو كانت جرائمهم أكثر من جرائم هؤلاء!
يتبع الجزء .. 2 (بسبب محدودية عدد الحروف المسموح بها في التعليق)
الدين يُخيف البسطاء من كل متحدث باسم الدين، والدين ليس محصنًا ضد الكاذبين والمستغلين ..
إذا كان الهدف هو مصلحة الإنسان وفق المنطق والاحتكام للواقع من حيث النتائج، فلا خلاف بيننا إذن!
إذا كنت أنا لا أحتاج الدين، فغيري يحتاجه لطمأنة نفسه وتحقيق سعادته، وعلي احترام ذلك، وعلي عدم تشكيكه في معتقده الذي وفَّر له سعادة – بغض النظر عن رأيي في حقيقة وصواب معتقده ..، لكن هذا يحدث عندما يحترم هو كذلك اختلافي عنه، ولا ينظر لي من خلال نظارة معتقده على أنه الصواب المقدس وأن كل من يخالفه شيطان رجيم!
معذرة .. ماذا تقصد بالدين القديم الذي شبهت الإلحاد به؟
هل هناك إسلام قديم وإسلام حديث - مثلاً؟
أم تقصد الكنيسة المسيحية القديمة التي كانت مصدرًا لاستعباد البشر وتكميم الأفواه ومصادرة الفكر، والكنسية الحديثة (العلمانية) التي منحت البشر حرية الإيمان وعدم الإيمان، وحرية الانتقال بين الأديان وأوجبت احترام كل المعتقدات – شرط ألا يكون المعتقد سببًا أو ذريعة للمساس بحرية الآخرين - وهو المنطق الذي لم يبلغه المسلمون بعد، ولذلك تجد – تقريبًا – جل المتحدثين باسم الإلحاد والمدافعين عنه هم من أصول إسلامية، لأنهم إما أُكرِهوا على مغادرة بلادهم وفراق أهلهم، أو اضطروا لحياة النفاق والمراوغة والكبت الفكري!
- هنا أمر هام ..
تبين لي من خلال ملاحظاتك وتساؤلاتك أن ثمة اختلاف فلسفي بيننا ..
أنا أتحدث عن الحقيقة وأنت تتحدث عن المصلحة ..
أنا أتحدث عن الحقيقة وأنت تتحدث عن السعادة ..
فأن نتفق على أمر ما – اسمه دين أو غيره – حقيقي أو غير حقيقي – أرضي أو سماوي - المهم أن نرى أنه الأصلح لحياة البشر وطمأنة نفوسهم، فهذا أمر لا خلاف حوله طالما حاز على اتفاقنا وأثبت الواقع صلاحه، لكن شيء آخر تمامًا أن يُقال بأن هذا الدين حقيقة مقدَّسة وعلي اعتناقه ولا ينبغي لي انتقاده، وأنا أرى الواقع يُثبت أن مضاره للبشر أكثر من منافعه ..، هذا ما أرفضه!
لستُ أنا من اختار جنسيتي وجعل إقامتي في بلد مسلم، وجعلني عاجزًا عن تغييرها ..، ولا تعنيني ولا تفيدني في شيء رؤيتك أنت الخاصة الجميلة للإسلام، فأنا أعيش الإسلام واقعًا عمليًا مفروضًا علي متأذيًا منه، ودمَّر حياتي!
كل الكائنات الحية لها وسائلها الفطرية والغريزية (الذاتية) التي مكنتها من مواصلة حياتها وتنظيم شئونها والتكيف مع متغيرات الواقع، والتي تختلف باختلاف بيئة وطبيعة الكائنات، ولم نجدها بحاجة لتدخل خارجي ..، فهل يكون الإنسان العاقل أقل من كل الكائنات لكي يحتاج إلى توجيه خارجي مباشر؟؟
أنت تقول بأن الغائية خير من الفوضى، وكأن هناك من يخالفك في ذلك، لا أحد يخالفك في ذلك يا سيدي، لكن ما هي الحقيقة، ما هو الواقع؟
أنا أقول بأن الأخلاق خير من اللا أخلاق، الصدق خير من الكذب، الأمانة خير من الخيانة ..، لأنها تمنح حياتنا قيمة واستقرارًا وجمالاً وليس لأنها مفروضة علينا وأننا سنكافأ عليها بالجنة أو نعاقب بالنار .. كما يقول المسلمون أو كل المؤمنين!
في مثالك بالسيارة والجزمة حول الغائية .. تحليلك ليس منطقيًا أو ليس أمينًا ..
الإنسان وجد نفسه مرميًا في هذا الوجود، ولم يعرف لماذا كان وجوده ..،
حبذا أن تكون هناك غاية ، لكن الجدل بشأنها لا يزال دائرًا ، لأن المدافعين عن الغائية حجتهم ضعيفة وواقعهم يتنافى مع حُجتهم ..
السبب المباشر والمعروف لوجود أي إنسان هو أنه جاء نتيجة لخضوع والديه لغريزتهم الجنسية كغيرهم من الكائنات، وبذات الكيفية الغريزية غير الكريمة وغير محسوبة العواقب!
بالنسبة للإنسان لا فرق بين عدم وجود غاية من حياته، وبين عجزه عن إدراك الغاية!
يمكن للبشر أن يصنعوا مبررًا لحياتهم يعرفونه ويتفقون حوله، لكن لا معنى لافتراض مبرر لا يمكن التحقق منه!
حاول الإنسان أن يجد مبررًا لحياته، فلاحظ وجود كائنات عديدة من حوله ولعلها تتساءل مثله – لكنه لا يفقه قولها، قادته غرائزه وفطرته كما قادت غيره من الكائنات إلى تسهيل حياته وتجنب الألم المادي المباشر قدر استطاعته ..
آلمته الأشواك والأحجار ، فقادته غريزته إلى صنع حذاء تقليدًا للحيوانات التي لا تؤذيها الأشواك والحجارة .. فصنع حذاءه من جلد الإبل بادئ الأمر ..
آلمه السير لمسافات كبيرة ونقل الأحمال، فاستعمل الحيوانات، إلى أن صنع السيارة ..
هذه أشياء فرضتها ضرورات الحياة الوقتية، استوجبتها الحاجة المباشرة لا الغاية – تمامًا كما استوجبت حياة الفأر غريزيًا أن يصنع حفرة يختبئ ويتوالد فيها ..، فهل نقول بأن الحفرة أشرف من الفأر بالنسبة للفأر صانع الحفرة ..، كلا لا يستقيم القول حتى وإن كان الفأر لا يعرف الغاية من حياته ..، فلا معنى للقول بأن ممتلكات أو مصنوعات الإنسان أفضل منه - بحجة أن لها غاية وليست له غاية ..، فيكفي أن تكون غايتها متوقفة عنده ليكون هو أفضل منها بكل معنى!
كذلك ينبغي القول بأن السيارة بالنسبة لمالكها هي أكبر قيمة من إنسان آخر مثله يسرقها أو يعبث بها، ولذلك قد يُقتل الإنسان بسبب سرقة سيارة، وقد تقطع يده بسبب جزمة – وفق الدين!
الدين مثل وسيلة النقل العمومية، لا يستعملها إلا من لا يستطيع امتلاك وسيلة نقل خاصة!
تقول:
لماذا الدين يسبب راحة وسعادة وقوة تحمل، بينما الإلحاد يسبب العكس؟
هذا أمر مفهوم، فالحقيقة دائمًا مؤلمة، والوهم دائمًا مريح وحالم ..
الذي يُصدِّق بأن إلهًا قد أمره بالتحمل ووعده بالجنة إن هو تحمل، وتوعده بالنار إذا لم يتحمل، لا شك أنه سيتحمل .. فهذه ردة فعل نفسية لا إرادية مفهومة، .. لكن من الذي يُصدِّق ومن الذي لا يُصدِّق؟ ..، لعل الجواب تجده باديًا على سلوك الغالبية العظمى من المؤمنين (المسلمين)، حيث العوام الذين لا يفقهون عن إلههم ودينهم وإيمانهم إلا ما يقوله لهم فقهاؤهم المتصارعون، الذين وجدوا أنفسهم أتباعًا لهم بالصدفة المكانية والزمانية واللغوية، فيتوزع عوام المؤمنين إلى جماعات بحسب اختلاف الفقهاء، ولذلك تجد العوام يتباغضون ويتقاتلون ويُكفِّرون بعضهم، وهم من ذات الدين وذات الطائفة تبعًا للفقهاء، ويرجعون عن رأيهم تبعًا للفقهاء ..، فهل يصلح هؤلاء مقياسًا للحقيقة؟
ما دام الإنسان لا غائي، لماذا تتعبه اللا غائية؟
وكيف ترتاح نفس الإنسان لشيء مختلف عن طبيعتها؟
الإنسان ومنذ زمن – خاصة منذ ظهور الأديان التوحيدية - أصبح إنسانًا ثقافيًا، صناعة ثقافية، إنسان صناعة بشرية، ملوث الفطرة، ليس كائنًا فطريًا طبيعيًا، ليس حرًا، هو ضحية لضخ إعلامي فقهي مبكر، هو ضحية للتلقين بالغائية منذ طفولته، لذلك من الطبيعي أن يكون تحرره من الغائية اليوم أمرًا صادمًا وصعبًا!
لعلي أريحك من عديد الاستفهامات حول رؤيتي للإنسان والأديان ..
الدين خير من الإلحاد بما لا يُقارن .. لو كان الدين حقيقة!
الدين مفيد لغالبية البشر (الفقراء والبسطاء)، والإلحاد مفيد لقلة قلية من البشر (الأغنياء والمفكرين)، وأهم ما يجعل المفكرين يرفضون الدين هو أنه يمنح الحق للبشر بالتسلط على بعضهم بالصدفة لا بالمنطق، ويأمر الغوغاء بطاعة رجال الدين طاعة عمياء!
جميل أن يكون لحياتنا مغزى ولوجودنا غاية .. لكن ما هي الحقيقة؟
الإلحاد صحراء قاحلة وهوة سحيقة لا قرار لها .. لكن ما العمل إذا كانت هذه هي حقيقة الوجود؟
الدين جنة خضراء وراحة نفسية .. لكن ما الفائدة إذا كانت مجرد سراب وأوهام؟
لا يمكننا افتعال سعادة غير موجودة .. الأمر يحتاج إلى وهم أو سذاجة كبيرة أو ضعف نفسي شديد يوقف عمل المنطق!
بالإلحاد يمكننا صنع سعادة قصيرة محدودة آنية في هذه الحياة ..، لكن لا يمكننا افتعال سعادة أبدية مفترضة بعد الموت نعيش على أنغامها الآن ..
إذا كنت تقصد بأن الدين أفيد نفسيًا للإنسان ، فهذا صحيح، لكن ليس كل البشر، الدين يعالج فقط الضعفاء والبسطاء الذين لا فرق لديهم بين رجال الدين والمشعوذين، فهم سائرون بلا بصيرة خلف كل من يُمنِّيهم بالسعادة!
القوانين الوضعية الواقعية المتطورة التي تواكب تطور البشر أقدر من الدين على حفظ استقرار المجتمعات البشرية!
الإلحاد يأتيه الإنسان البالغ العاقل الحر المفكر طواعية دون تلقين ودون توجيه ودون إكراه .. فهل الدين كذلك؟
كلا ، ليس الدين كذلك، فلو تُرِك البشر دون توجيه وتلقين وتخويف وإغراء منذ طفولتهم لرأيت المساجد خالية ..، فأين رغبة النفس البشرية وميولها الطبيعي تجاه الدين؟
أنت ترى وتعلم ماذا يحدث في السعودية وإيران واندونيسيا وغيرها من بلاد المسلمين، حيث الشرطة الدينية تطارد الناس في الشوارع وتكرههم على الصلاة والصوم وغيرها!
من ناحية الصدق والأمانة وحسن المعاملة، هي سلوك فطرية تولد مع الإنسان، وتنميها أو تعرقلها البيئة والمعطيات والخبرة ..، لا يصنعها الدين ولا الإلحاد!
اعتناق الدين لا يغير إعدادات الإنسان ..، فتجد بعضهم مسلمًا وكاذبًا وظالمًا .. فما قيمة الدين هنا؟
وتجد بعضهم ملحدًا وصادقًا وعادلاً .. فما ضرر الإلحاد هنا؟
لا يملك المؤمن أكثر من اعتناق الدين، فإذا لم تتغير إعداداته فما ذنبه؟
أنا أقول أنه بإمكان البشر الاتفاق على أخلاق ومبادئ معينة، تضمن لهم حياة جميلة مستقرة ..، لكن القول بأن الأخلاق والمبادئ لها أصول كونية أو جذور في نفوس كل البشر، هو ما جعلها موضع اختبار لا موضع تنفيذ، وبالتالي فشلت!
القول بأن الدين من عند الله، هو ما عطَّل عقول البسطاء، وجعل الحذاق يستغلونهم ويقودونهم كما القطعان!
النظريات البشرية يعتنقها البشر طواعية، ولا يترددون في تركها حالما يثبت الواقع فشلها أو ضررها ..، وعلى الأقل لا يُقتل منتقدوها ، وبالتالي تجد من ينبه الناس إلى أخطائها ..، وهذا ما لا وجود له في الدين!
إجابة على سؤالك الأخير:
أولاً .. ليس من حقك أن تحصر الإجابة بين نعم أو لا ..، فهذا أسلوب مغالطة متعمدة، يُقصد منها عادةً تشريع وتمرير فكرة خاطئة ..
لا يا سيدي .. معذرة ..
الدين فكرته إيجابية نعم لكنها مجرد حلم غير قابل للتحقق .. ، أما أساسه فليس منطقيًا ..
فأساس الدين هو أن إلهًا وحيدًا عليمًا ، أوجد مسرحية على الأرض ، مؤلمة للحيوان والنبات والبشر، وأخذ يشاهدها بانتظار انتهاء التجربة، بينما هو يعرف نتائجها مسبقًا ..، ولا يوجد معه إله آخر يريد أن يُثبت له صحة تنبؤاته ..، هذا واحد من أدلة انعدام المنطق في أساس الدين ..
وآخر .. أن إلهًا عادلاً رحيمًا قديرًا ، أمره كن فيكون ، يخلق مشهدًا بهذا البؤس والعبث والألم والضبابية ، ثم يتوعد مخلوقاته الضعيفة الجاهلة بالويل والثبور وعظائم الأمور - إن هي أخطأت عن غير قصد - حيث حتمًا لا أحد يتعمد الكفر والإلحاد، ولا أحد يمكنه الاعتقاد بخلاف عقله الذي منحه له ذات الإله!
والسؤال ينبغي أن يوجه إلى رجال الدين والملوك المسلمين الذين مكن الله لهم في الأرض وآتاهم الملك، فهم القادرون على الإصلاح والمنوطون به - إذا اعترفوا بالأخطاء الصارخة التي إذا اعترفوا بها فقدوا مشروعية سلطتهم وتميزهم ..، ولا يوجه إلى الضعفاء الذين أمرهم الله بالهجرة في أرضه الواسعة - عندما كانت أرضه واسعة وكانت الهجرة فيها ممكنة أيام نزول الأديان - قبل أن تظهر الجنسيات وجوازات السفر والوظائف والعملات وتكاليف السفر وغيرها من العقبات التي جعلت من الهجرة ضربًا من المستحيل والانتحار ..
الالحاد كفكر ودافع الاشهار
هناك خلط يحصل لدى الكثيرين بين الإلحاد كفكرة، وبين الدافع لإشهار الإلحاد أو الدفاع عنه ..
الدافع لإشهار الإلحاد والدفاع عنه هو دافع اجتماعي بالضرورة ..، لأن مفاهيم مثل الله والدين والإيمان، لا يعرفها الإنسان أساسًا إلا بواسطة إنسان آخر، ولذلك ما كان ولا يكون الإلحاد يومًا إلا ردة فعل - دفاعًا عن النفس والعقل، أما لو تصورنا إنسانًا يعيش وحيدًا فلن يخطر بباله إلحاد ولا إيمان، ولو كان الأمر غير ذلك لتُرِك الناس اليوم ليتساءلوا بأنفسهم بدل نشر الأديان وفرض الإيمان بالسيف والإغراء والتخويف والتسفيه!
أما الإلحاد كفكرة فهو أمر منطقي في مقابل الإله الديني، وليس في مقابل الإله الحقيقي الذي لا يعرفه أحد ..
الإله الديني لا يمكن أن يكون حقيقة، لسبب بسيط وواضح وهو سذاجة الفكرة ..، لكن لم تكن هناك حاجة للمساس بمشاعر المؤمنين لولا تطاولهم على حقوق وعقول الناس بحُجَّة أنهم مأمورون من قِبل ذلك الإله!
أما الإله الحقيقي الذي يمكن تسميته سر الوجود، والذي ربما يمكن تعريفه أو تصوره من خلال الفيزياء النظرية – مثلاً ..، هذا الإله لا معنى للإلحاد تجاهه، سواء أسميناه قوانين طبيعة أو جاذبية أو طاقة أو بوزون هيقز أو .. الخ ، ولا أحد يدعي معرفته إلا افتراضًا وفلسفةً، وحتى ادعاء معرفته لا يترتب عليه مسئولية عامة ..، فالمسئولية في علاقتنا بالإله هي التي استوجبت التحقق من وجوده - منطقيًا على الأقل وليس بالضرورة عمليًا ..
أن تظل الغاية من الوجود لغزًا قائمًا إلى الأبد، أو يُفسرها كل إنسان حسب رؤيته وقدرته، ويتفق البشر على قواسم مشتركة واقعية يدركونها جميعًا لجعل حياتهم أفضل، هو خير من افتراض غاية موحدة لا منطقية، خاصة إذا ترتب على هذا الافتراض استغلال ومآسٍ وآلام كالتي نراها عند المسلمين، أو دروشة فاضحة كالتي نراها لدى من يقدسون القردة والفئران والصخور والمواقع الجغرافية .. الخ!
هي نفس مشكلة التحاور مع رجال الدين القديم ..
هناك خطاب جاهز ومكرر، تم ابتلاعه بطريقة إيمانية ، تستطيع أن تحاور كل ملاحدة العالم اذا حاورت ملحداً واحداً ، وسوف تعاني من تكرار كلامك لأن كلامهم متكرر. وكلهم يتكلمون عن المنطق، كبداية ، ثم إذا بلعت الخدعة وتحمست للمنطق، خرجوا منه كما تخرج الشعرة من العجين! وبكل سهولة وعدم إكتراث! تريه تناقضه بعد أن تجتهد ، يبتسم لك بافتخار أنه تناقض ! ثم يعود ليكرّر من جديد : ما أجمل المنطق! وهكذا تستمر قصة توم وجيري : مقدمة منطقية، يتلوها فرح بالتناقض، يعقبها افتخار بالمنطق! و كأن التناقض جزء من المنطق!
ماذا استطيع أن اقدم لك سوى ان أبين تناقض طرحك، لن استطيع أن احضر الإله لتراه، أستطيع أن أحضر تناقضك وتناقض الماديين كلهم، لكنه لا ينفع أبداً ومجهود ضائع! وبعد أن أثبت عدم المنطقية في كل ما قالوه، يعودون ويفتخرون بالمنطق ويقولون : ما اجمل المنطق! وكأنك لم تكتب شيئاً ! فهل سندخل في هذا الحلزون ؟
هل تستطيع أن تقف عند التناقض ولا تترك الفكرة حتى أتركها أنا وأعجز عنها ؟ أم تعود لتشغيل نفس السمفونية الالحادية التي نسمعها بكل اللغات ؟ و هي أدق سمفونية دينية من حيث التشابه. إنها نسخة أصلية واحدة غير قابلة للزيادة، أتدري لماذا ؟ بسبب عدمية الإلحاد لا تستطيع أن تزيد ، ولو تأملت هذه الكلمة بحد ذاتها، لتبين لك معنى صحراء الإلحاد القاحلة التي لا تنبت الا الشر والضياع والالم النفسي قبل الجسدي.
وأنت تعترف ان الايمان يسبب سعادة ، ولا أظنك ستنكر ان الالحاد لا يسبب سعادة ، بعدما اثبتَّ أن الايمان يسبب السعادة ،ولا يمكن أن يكون كلا الاثنين يسببان سعادة مع تناقضهما.
كان يكفي هذا الموضوع لتعرف عبثية الالحاد ، وأنه ليس الحل الذي يحتاجه الانسان، لأنه كما فهمت من كلامك أنه لا يسبب اطمئنان ولا سعادة، بل شقاء، ويكفي ان تحس بعبثية كل شيء حتى وجودك. وهذا مخالف لمطالب النفس البشرية، اذن عليك ان تعترف ان الالحاد فشل على الاقل في مجال علم النفس، لأنه لا يسبب سعادة للإنسان، اي انسان ، فهل تعترف ام تكابر؟ هل تستطيع ان تقول ان الايمان يعالج الامراض النفسية افضل من الالحاد ؟ حتى لو كان خطأ و بغض النظر عن صوابه او خطئه ؟ هل تقول هذا وتثبت على كلامك ؟ سيكون هذا عمل يستحق الإحترام منك.
النقطة الاخرى التي لم يستطع الملاحدة الاجابة عليها : لماذا الدين يسبب راحة وسعادة وقوة وتحمل ؟ بينما الإلحاد يسبب العكس ؟ هل تستطيع أن تجيب عن هذا بتحليلك العلمي الذي يحترم العقل ؟ ما دام الانسان لا غائي ، لماذا تتعبه اللاغائية ؟ أجب عن هذا السؤال. كيف ترتاح نفس الإنسان لشيء مختلف عن طبيعتها ، وهو الإيمان بحسب الملاحدة ، بل عن الطبيعة كلها ما دامت كلها فوضوية ولا غائية ؟
اليس الإنسان من الطبيعة اللاغائية؟ لماذا اختلف عنها؟ هذا ينتظر جوابا ايضا .
اذن عليك ان تعترف ان الالحاد يخالف طبيعة النفس البشرية و يسبب لها تعاسة . وأن تلك النفس التي تقبل الالحاد تتحمل الالام والضيق لانها تحترم العقل والمنطق وتضحي بنفسها لأجله ! اذن على تلك النفس التي ضحت لأجل المنطق ألا تتملص من المنطق. و تفسر الوجود بالمنطق، لا باللاشيء الذي جاء من اللا شيء ولأجل لا شيء ! لا أظن هذا منطقاً ! اليس كذلك ؟ انت ضحيت بسعادتك لأجل المنطق ! تضحي بالمنطق لأجل ماذا ؟
هل تستطيع أن تعترف ان التفسير البديل الذي يقدمه الالحاد غير منطقي ؟ أم أنك تصر على أنه منطقي؟ عقلك ينشغل بالدين لكنه لم ينشغل بالالحاد ! سلّط عقلك على دين الالحاد لترى مدى منطقيته ما دمت لست مقتنعا بمنطقية الدين ، والشيء الذي تـُرك لعدم منطقيته، فذلك الترك هو بسبب وجود ما هو اكثر منطقية منه، اذن أثبت زيادة المنطقية في دين الالحاد على دين الله.
أعرف ان كل ملحد ينتظر دفاعا من المؤمنين، وهذا سر قوته، ولكنه يتفاجأ بمن يهجم على دين الالحاد نفسه و يترك الدفاع عن الدين أو يؤجله، وأنا الآن أسايرك : لنقل مثلك أن الدين كله خطأ ، هيا أخبرنا عن صحة الإلحاد ومنطقيته ! لاحظ ان كل مقالك نقد للدين وليس فيه شيء يبرز الالحاد كوجود ! ترى ما قيمة هذا البديل الذي يُخفَى ولا يُبرَز ؟ الملحد يخفي دينه وراء هجومه على الدين ، حسنا اتفقنا معك ! كل الدين باطل ! لنقل هذا و نريحك ! أخرج بديلك ! اطرحه ! حدد معالمه ! لا تخجل منه!
هل بديلك هو الفوضى ؟ هل تقبل الفوضى في التعامل معك ؟ ألا ترى الكون فوضى ؟ لماذا لا تقبلها في حياتك؟ المنطق لا يُجزّأ ولا يُكال بمكيالين ! هل الملحد يقبل الحياة الكونية كما هي ما دام يراها فوضى ؟ لماذا يتضايق من الفوضى اذا كان هو ضحيتها ؟ أليس مرجع الملحد هو الطبيعة ؟ هل تجيب عن هذه النقطة أم ستقفز على نقطة أخرى ؟ أنا أريد محاورا لا يقفز حتى أفهم منه أو أفهِّمه. و مدح المنطق لا قيمة له من قبل الملحد اذا لم يتقيد به . من يدّعي شيئا فسوف يطالب بالالتزام به ، و أنت إدعيت العقلانية والمنطقية من البداية ، اذن التزم بها حتى النهاية .
انا اعرف ان الالحاد لا يستطيع ان يستمر مع المنطقية، لهذا أنا اصنفه كطرح دعائي اجتماعي اعلاني ، يعرف كيف يقلّب النظرات الى الامور بطريقة تخدم هدفه وهو إبعاد الدين والتقليل من شأنه لأجل الوصول الى المجتمع ، والالحاد ليس طرحاً فلسفياً بل هو طرح اجتماعي، الطرح الفلسفي يفرح بالنقاش ويستمر بالالتزام بمسلماته، ولا يقفز على السطور. اما صاحب القضية الاجتماعية فهو يتكاثف في المناطق التي تخدمه ويتبخر بسرعة عند ما لا يخدم هدفه.
الدعوة الالحادية غائية، وأنت تعلن غايتها ، وهي حرب الأديان، بينما أنت من كون لا غائي ! ومخلوق غير غائي أصلاً ! لماذا صرت غائياً في هذه النقطة ؟ أنت تقول ان الانسان ليس غائي والملحد متحرر من الدين، اذن يجب ان يكون متحررا من الغائية ،لأنه رجع الى الاصل، إذن لماذا غايته حرب الاديان ؟ بينما الإنسان ليس له غاية ؟
انت كإنسان ترى وتفهم كل شيء من خلال النظرة الى غايته ، كل ما يخدم الانسان وما يتعلق بحياته تتعامل معه بغائية ، إلا هذا الإنسان فليس له غاية ! هل هذا منطق ؟ أن تكون جزمة الانسان لها غاية والانسان لا غاية له ؟ هذا هو طرحكم ايها السيد المنطيق.
ثم ان نقدك للدين قائم على فقدان الغائية ، مثل سؤال لماذا خلق الله المرضى ، لماذا خلق الله البشر ، مع أنك المفترض أنك تقبل عدم الغائية، وأن تكون غير غائي ، وتعتبر هذه نقاطا ايجابية في الدين،وهذا ليس بالعجيب لأن الكون كله لا غائي ! إذن المجنون هو الاعقل من وجهة نظركم، لأنه ماشي تبعا للاصل ، والعاقل هو الشاذ عن الطبيعة الفوضوية ! لأن العقل مرتبط بالغائية والسببية، فهل هذا هو المنطق؟ والعلم صدى العقل على الطبيعة ، بمعرفة ظواهرها من حيث أسبابها وغاياتها . إذن العلم أيضا مخالف للطبيعة، لأنه يحمل غائية. وبموجب طرح الالحاد فالجنون والجهل مسايِران للطبيعة والفوضى ! وعلى الملحد أن يكون صريحا ويرفض العقل والعلم لخلوهما من الفوضى .
والمنطق أن قيمة كل شيء تحددها غايته وعلاقته، وما له قيمة غائية أهم مما ليس له قيمة، أليس كذلك ؟ إذن الإلحاد يقرر ان الجزمة أثمن من الإنسان، لأن الجزمة لها غاية والانسان ليس له غاية ! وقيمة الاشياء بغايتها ! فقيمة السيارة لانها تنقل الركاب والبضائع، اما الركاب فلا قيمة لهم ! لأنه لا غاية من وجودهم ! هذا ما أنتجته عقلية الالحاد، وهذه هي المكانة التي وضعها للإنسان : أسفل من السافلين و أسخف من الجزمة ! ألا تذكّرك هذه النظرة بنظرة الشيطان للإنسان التحقيرية دائما؟ لهذا نعرف ان الإلحاد من الشيطان.
انت ترى ان الانسان تافه وبسيط ولا قيمة له، لكن الويل لمن يتعرض لمصالح هذا التافه! اليس هذا تناقض؟ هذا غير أنه يجب ألا يكون له مصالح ، لأن اصله لا غائي ! أليس المنطق واجب التعميم ؟ إذن عمّم كل ما تقول ولا تنتقي، وإلا فسأعمم بدلا عنك !
المؤمن يقول كل شيء غائي، الواقع منسجم مع طرحه أكثر من طرحك ، هل تعترف بهذه النقطة أم لا ؟ المؤمن اذن عقلاني اكثر، على الاقل في هذه النقطة ..
ثم : من الذي يحدد الغاية ؟ أنت لم تنتبه لهذه الغاية، هل هو أنت أم أنا أم الجيل الذي بعدنا ، سلفك الملحد قبل 140 سنة عدّوا 111 عضوا في الانسان كلها لا فائدة من وجودها، الآن العلم يضحك من تفكيرهم ، بما فيها الزائدة الدودية . هل هذه طريقة تفكير منطقية يتبناها الملاحدة ويستطيعون تعميمها في حياتهم أنه كل ما لم أعرف (أنا) فائدته ، سيكون فوضوي وعديم الجدوى ؟!
الاطفال وهم يرون في التلفزيون أناسا يفعلون أشياء لا يعرفون فائدتها ، لا بد أنهم يخمنون ان لها فائدة ولكن لا نعرفها ، اسألك الآن : هل هذه الطريقة ذكية وعقلانية ومنطقية وتستطيع ان تطبقها في حياتك ؟ لن تقول نعم ، على الاقل احتراماً لمقدمتك في مدح العقل !
اليس العلم يتطور ؟ ما معنى أن يتطور ؟ أي يكتشف غايات ، يكتشف اشياء و امور تستطيع الاستفادة منها لم نكن نعرف انها مفيدة، اذن العلم ضد هذه الطريقة العقلية البسيطة جدا مع احترامي لك . نحن لا نعرف اشياء بسيطة في حياتنا وحتى اجسامنا، فما بالك ان نعرف غايات كونية كبرى ؟ لكن فكرة : "لا أعرف فائدته ، اذن هو فوضى وعبث" ، قل معي رجاء أنها فكرة سخيفة، حتى احترم عقلك !
وتعجبي من سذاجة هذه الفكرة ليس أكبر من تعجبي من الفكرة الاخرى ، وهي : "وجد الشيء لغياب المانع" ! كتبرير و تفسير منطقي ومريح ! بالله هل تطبقها في حياتك اليومية ؟ أو هناك من يطبقها ؟ أم أن للملاحدة منطق خاص بهم ؟ وكأنهم من كوكب آخر ؟ مع أنهم يدعون الواقعية !
يسألك إبنك : لماذا الساعة موجودة على الجدار ؟
تجيب : لغياب المانع من وجودها !
الطفل : نعم ، جواب مقنع !
هل بهذه المنطقية تقنعون الناس وتتوقعون ان يستجيبوا ؟ أنا اعرف قوة الطرح الالحادي من اين يأخذ قوته، يأخذ قوته من فساد الكثير من رجال الدين مع الأسف وعلمانيتهم المقنعة، وهذا الشيء يدركه الداعية الملحد، و بناء عليه يخفي الإلحاد ولا يركّز عليه، بل يركز على نقد الدين ويركز من شواهد وممارسات رجال الدين ، وبالتالي يُخفي ضعف الالحاد وتهالكه، على مبدأ : خير وسيلة للدفاع هي الهجوم.
معذرة ، ديانة الالحاد ضعيفة جداً ولا تقوى على الصمود للعقل، فلا تعرضها كثيراً أمام العقل. "أنتوني فلو" ناقش هذا الموضوع وهو إمام الملاحدة في زمانه ، ولما كبر وكبر عقله و بلغ سن الرشد اعترف بتهافت الطرح الالحادي عقليا وعلميا، مع أنه لا يؤمن بكل الاديان. وهذا مثال لا حصر. في حين ينبش داوكينز في رقبة الزرافة عله يجد عصبا لا فائدة منه، متهما "فلو" بالتخريف لكبر سنه .. أسألك : هل العلم يبحث عن النظام ام عن الفوضى؟ علم الملاحدة يبحث عن الفوضى، هل أحد يستطيع أن يستفيد من الفوضى؟ هل توظّف الفوضى لمصلحة الإنسان؟ الإقرار بالفوضى هو نفي للعلم وهدمٌ له من اساسه، وأنت تقر بالفوضى وأنها هي الأساس. عليك أن تفخر بالفوضى لا بالعلم. ولا تقل أن العلم اكتشف فوضى، فهذا من استعمال الجهاز في غير ما صُمّم له ..
اللادينية اكثر عقلانية من الالحاد، و يظهر ضعف الالحاد عندما يقدّم البديل للدين ، و إن كانت قوته في نقده للأديان وما علقها من خرافات و مستثمرين للخرافات. لهذا لجأ الدعاة الملاحدة الى الاسلوب الاعلاني والهروب عن الحوارات الطويلة، مركـّزين على شريحة الشباب والشهوات باسم الحرية. لكن ليس الالحاد فلسفة يمكن أن توضع مقابل الفلسفات المحترمة، و اقول" المحترمة" لأنها تحترم المنطق، بينما الالحاد اذا احرجه المنطق ذهب ليقلل من شأنه ، و حجته نظرية الكم الفوضوية، وإن كان في البداية يمدح المنطق ! ومن هذا دأبه يُصنّف في المجال الدعائي لا المجال العقلاني والفلسفي.
اي فلسفة مستعدة بحجج عند اي نقد منطقي يقدم لها ، الا الإلحاد ! مستعد للقفز والالعاب الاولمبية ! انا طرحت عليك عدة تناقضات الان، أتمنى أن تجيب عليها بنعم او لا ، ولا تكن كملاحدة الجمباز الفكري ..
و النقد الذي يقدمه الملاحدة لتعنّت رجال الاديان ، يقدمه غيرهم ايضا من اتباع الاديان ، وليس حكرا عليهم، واذا كان في الدين أخطاء وأساسه منطقي وإيجابي ، فالمنطق أن تُصلّح الاخطاء، لا أن يذبح الجمل بما حمل، وهذا سؤال ينتظر الجواب بنعم او لا .
اسمح لي أولاً أن أُسجِّل تحفظي على مقدمتك إذ وجدتها اتهامية تهكمية دونما حُجَّة ولا مبرر ..
أنت يا أخي من تتعمد تجاهل المنطق والواقع، لا أنا ..
أنت من تتجاهل نقاط الخلاف وتقفز إلى مفاهيم هي ليست محل اختلاف وتتوسع فيها استعراضيًا دونما مبرر ..
أتمنى عليك أن تخوض في المنطق والحجج دونما تسفيه للطرف الآخر ..
أسلوب التسفيه سهل لكنه دليل ضعف حُجَّة ورغبة في دفع النقاش باتجاه العبثية وسطحية التعاطي مع الفكرة ..
- في ردك، أسميت الإلحاد بالدين الجديد ، وهذه مغالطة وأحسبها تلاعبًا بالألفاظ وتشتيتًا متعمدًا منك للأفكار وجلبًا للأنصار، فأنت تعلم بأن الإلحاد ليس دينًا ، بل الإلحاد نقض للدين، فهو ردة فعل وليس فعلاً بالأساس (وقد قلتُ لك هذا في مشاركتي السابقة وتجاهلته حضرتك)، فلا أحد يدعو إلى الإلحاد أو يتحدث عنه انطلاقًا من لاشيء – كما يفعل دعاة الأديان ..
الإلحاد ظهر كدفاع من الأفراد عن أنفسهم وأفكارهم وعن حرياتهم الشخصية ضد من ينتهكونها باسم الدين أو بسبب الدين، فكان لا بد من المساس بالدين طالما أنه هو الذريعة التي يستعملها المعتدون على حرية الناس ..
أنا على المستوى الشخصي تأذيت ولا أزال من الدين في وقت أنا محسوب فيه على المؤمنين، ولم أتأذَ يومًا من الإلحاد، ولا أعرف شخصًا واحدًا ملحدًا ..
كل كلمة أو فكرة تقولها مخالفة لما يعتقدون، تجد من حولك جموعًا مجيشة تهددك بالتكفير والإخراج من الملة واستباحة دمك وعرضك ..
هجرتهم ولزمت بيتي حتى أني لم أعد أرَ جيراني ولا أهلي، فاتهموني بالجنون والاكتئاب وكراهية المسلمين ..
الإلحاد ردة فعل فردية طبيعية نتيجة لظلم البشر لبعضهم بسبب الدين ، فلو كان الدين شأناً شخصيًا اختياريًا (فرديًا أو جماعيًا) وليس مصدرًا للتسلط والعداء والكراهية والبغضاء والازدراء وتشريعًا للسبي والاستعباد باسم الإله – كما هو الحال لدى المسلمين ..، لما كانت هناك حاجة للحديث عن الإلحاد ..، ولكان البشر دينيين ولا دينيين أو مؤمنين ولا أدريين وحسب ..
لو نجح الدين في مجتمع بشري واحد، لاتخذه البشر مثالاً لهم ..
القول بأن الخلل في البشر يعني أن الدين ليس صالحًا لهؤلاء البشر الموجودين على الأرض ..
لا أنا ولا سواي يقول بأن كل المؤمنين (المسلمين) أشرار وكل الملحدين أخيار ..
ما نقوله هو أن كل البشر قابلون للانحراف والضلال والهدى، ولا أحد يمتلك الحقيقة الكاملة، لكن انحراف البشر من عدمه يُقاس من خلال النتائج على أرض الواقع وليس بالكلام، ولا يمكن أن يُحسب انحرافهم وأضرارهم إلا على شخوصهم وعلى النظريات التي يعتنقونها ..
المشكلة مع المؤمنين عامة والمسلمين خاصة، هي أنهم يحسبون نجاحات الأفراد للإسلام، ويُبرئون الإسلام من أخطاء المسلمين ..
القوانين الوضعية أثبتت أنها أقدر من الدين على تنظيم شئون الناس ..
حاجة البشر لتنظيم شئونهم هي حاجة حياتية وجودية طبيعية، ليست دليل غائية، ولا تحتاج دستورًا خارجيًا، كغيرهم من الكائنات (النمل والنحل والفيلة وكل الكائنات التي تعيش في جماعات) ..
كل النظريات البشرية مليئة بالأخطاء والسلبيات، ولا أحد من الفلاسفة والمنظرين ادعى العصمة والكمال يومًا، هم مجرد بشر نابغين يحاولون قيادة البشر إلى الأصلح، ويقولون ما يبدو لهم صوابًا، وهذا ما يُميز النظريات الفلسفية - أمانة واضعيها متمثلة في تبنيهم البشري لها وعدم ادعاء قدسيتها وعدم نسبتها للغيب، مما جعلها قابلة للنقد والطعن والتعديل المستمر ..، وهو ما تفتقده الأديان!
المقارنة ليست صحيحة وتعوزها الأمانة بين نظريات بشرية ونظريات إلهية!
مقارنة فشل النظريات الإلهية (الأديان) بفشل النظريات البشرية يضعهما في ذات المقام ..، وحينها لا تكون هناك مشكلة، المهم أن ترفع القداسة والحصانة عن الأديان لكي يتم نقدها وتصحيحها أو تجاوزها ومحاكمة مستغليها - كما يحصل مع النظريات البشرية حين يثبت خطؤها وفشلها!
الرؤساء العرب الذين قامت عليهم الثورات وتمت معاقبتهم على أخطائهم، حصل ذلك لأنهم صادقون يتكلمون ببشريتهم ويتبنون أخطاءهم ..، وما كانت الثورات لتحصل على حكام يرتدون عباءة الدين حتى لو كانت جرائمهم أكثر من جرائم هؤلاء!
يتبع الجزء .. 2 (بسبب محدودية عدد الحروف المسموح بها في التعليق)
الدين يُخيف البسطاء من كل متحدث باسم الدين، والدين ليس محصنًا ضد الكاذبين والمستغلين ..
إذا كان الهدف هو مصلحة الإنسان وفق المنطق والاحتكام للواقع من حيث النتائج، فلا خلاف بيننا إذن!
إذا كنت أنا لا أحتاج الدين، فغيري يحتاجه لطمأنة نفسه وتحقيق سعادته، وعلي احترام ذلك، وعلي عدم تشكيكه في معتقده الذي وفَّر له سعادة – بغض النظر عن رأيي في حقيقة وصواب معتقده ..، لكن هذا يحدث عندما يحترم هو كذلك اختلافي عنه، ولا ينظر لي من خلال نظارة معتقده على أنه الصواب المقدس وأن كل من يخالفه شيطان رجيم!
معذرة .. ماذا تقصد بالدين القديم الذي شبهت الإلحاد به؟
هل هناك إسلام قديم وإسلام حديث - مثلاً؟
أم تقصد الكنيسة المسيحية القديمة التي كانت مصدرًا لاستعباد البشر وتكميم الأفواه ومصادرة الفكر، والكنسية الحديثة (العلمانية) التي منحت البشر حرية الإيمان وعدم الإيمان، وحرية الانتقال بين الأديان وأوجبت احترام كل المعتقدات – شرط ألا يكون المعتقد سببًا أو ذريعة للمساس بحرية الآخرين - وهو المنطق الذي لم يبلغه المسلمون بعد، ولذلك تجد – تقريبًا – جل المتحدثين باسم الإلحاد والمدافعين عنه هم من أصول إسلامية، لأنهم إما أُكرِهوا على مغادرة بلادهم وفراق أهلهم، أو اضطروا لحياة النفاق والمراوغة والكبت الفكري!
- هنا أمر هام ..
تبين لي من خلال ملاحظاتك وتساؤلاتك أن ثمة اختلاف فلسفي بيننا ..
أنا أتحدث عن الحقيقة وأنت تتحدث عن المصلحة ..
أنا أتحدث عن الحقيقة وأنت تتحدث عن السعادة ..
فأن نتفق على أمر ما – اسمه دين أو غيره – حقيقي أو غير حقيقي – أرضي أو سماوي - المهم أن نرى أنه الأصلح لحياة البشر وطمأنة نفوسهم، فهذا أمر لا خلاف حوله طالما حاز على اتفاقنا وأثبت الواقع صلاحه، لكن شيء آخر تمامًا أن يُقال بأن هذا الدين حقيقة مقدَّسة وعلي اعتناقه ولا ينبغي لي انتقاده، وأنا أرى الواقع يُثبت أن مضاره للبشر أكثر من منافعه ..، هذا ما أرفضه!
لستُ أنا من اختار جنسيتي وجعل إقامتي في بلد مسلم، وجعلني عاجزًا عن تغييرها ..، ولا تعنيني ولا تفيدني في شيء رؤيتك أنت الخاصة الجميلة للإسلام، فأنا أعيش الإسلام واقعًا عمليًا مفروضًا علي متأذيًا منه، ودمَّر حياتي!
كل الكائنات الحية لها وسائلها الفطرية والغريزية (الذاتية) التي مكنتها من مواصلة حياتها وتنظيم شئونها والتكيف مع متغيرات الواقع، والتي تختلف باختلاف بيئة وطبيعة الكائنات، ولم نجدها بحاجة لتدخل خارجي ..، فهل يكون الإنسان العاقل أقل من كل الكائنات لكي يحتاج إلى توجيه خارجي مباشر؟؟
أنت تقول بأن الغائية خير من الفوضى، وكأن هناك من يخالفك في ذلك، لا أحد يخالفك في ذلك يا سيدي، لكن ما هي الحقيقة، ما هو الواقع؟
أنا أقول بأن الأخلاق خير من اللا أخلاق، الصدق خير من الكذب، الأمانة خير من الخيانة ..، لأنها تمنح حياتنا قيمة واستقرارًا وجمالاً وليس لأنها مفروضة علينا وأننا سنكافأ عليها بالجنة أو نعاقب بالنار .. كما يقول المسلمون أو كل المؤمنين!
في مثالك بالسيارة والجزمة حول الغائية .. تحليلك ليس منطقيًا أو ليس أمينًا ..
الإنسان وجد نفسه مرميًا في هذا الوجود، ولم يعرف لماذا كان وجوده ..،
حبذا أن تكون هناك غاية ، لكن الجدل بشأنها لا يزال دائرًا ، لأن المدافعين عن الغائية حجتهم ضعيفة وواقعهم يتنافى مع حُجتهم ..
السبب المباشر والمعروف لوجود أي إنسان هو أنه جاء نتيجة لخضوع والديه لغريزتهم الجنسية كغيرهم من الكائنات، وبذات الكيفية الغريزية غير الكريمة وغير محسوبة العواقب!
بالنسبة للإنسان لا فرق بين عدم وجود غاية من حياته، وبين عجزه عن إدراك الغاية!
يمكن للبشر أن يصنعوا مبررًا لحياتهم يعرفونه ويتفقون حوله، لكن لا معنى لافتراض مبرر لا يمكن التحقق منه!
حاول الإنسان أن يجد مبررًا لحياته، فلاحظ وجود كائنات عديدة من حوله ولعلها تتساءل مثله – لكنه لا يفقه قولها، قادته غرائزه وفطرته كما قادت غيره من الكائنات إلى تسهيل حياته وتجنب الألم المادي المباشر قدر استطاعته ..
آلمته الأشواك والأحجار ، فقادته غريزته إلى صنع حذاء تقليدًا للحيوانات التي لا تؤذيها الأشواك والحجارة .. فصنع حذاءه من جلد الإبل بادئ الأمر ..
آلمه السير لمسافات كبيرة ونقل الأحمال، فاستعمل الحيوانات، إلى أن صنع السيارة ..
هذه أشياء فرضتها ضرورات الحياة الوقتية، استوجبتها الحاجة المباشرة لا الغاية – تمامًا كما استوجبت حياة الفأر غريزيًا أن يصنع حفرة يختبئ ويتوالد فيها ..، فهل نقول بأن الحفرة أشرف من الفأر بالنسبة للفأر صانع الحفرة ..، كلا لا يستقيم القول حتى وإن كان الفأر لا يعرف الغاية من حياته ..، فلا معنى للقول بأن ممتلكات أو مصنوعات الإنسان أفضل منه - بحجة أن لها غاية وليست له غاية ..، فيكفي أن تكون غايتها متوقفة عنده ليكون هو أفضل منها بكل معنى!
كذلك ينبغي القول بأن السيارة بالنسبة لمالكها هي أكبر قيمة من إنسان آخر مثله يسرقها أو يعبث بها، ولذلك قد يُقتل الإنسان بسبب سرقة سيارة، وقد تقطع يده بسبب جزمة – وفق الدين!
الدين مثل وسيلة النقل العمومية، لا يستعملها إلا من لا يستطيع امتلاك وسيلة نقل خاصة!
تقول:
لماذا الدين يسبب راحة وسعادة وقوة تحمل، بينما الإلحاد يسبب العكس؟
هذا أمر مفهوم، فالحقيقة دائمًا مؤلمة، والوهم دائمًا مريح وحالم ..
الذي يُصدِّق بأن إلهًا قد أمره بالتحمل ووعده بالجنة إن هو تحمل، وتوعده بالنار إذا لم يتحمل، لا شك أنه سيتحمل .. فهذه ردة فعل نفسية لا إرادية مفهومة، .. لكن من الذي يُصدِّق ومن الذي لا يُصدِّق؟ ..، لعل الجواب تجده باديًا على سلوك الغالبية العظمى من المؤمنين (المسلمين)، حيث العوام الذين لا يفقهون عن إلههم ودينهم وإيمانهم إلا ما يقوله لهم فقهاؤهم المتصارعون، الذين وجدوا أنفسهم أتباعًا لهم بالصدفة المكانية والزمانية واللغوية، فيتوزع عوام المؤمنين إلى جماعات بحسب اختلاف الفقهاء، ولذلك تجد العوام يتباغضون ويتقاتلون ويُكفِّرون بعضهم، وهم من ذات الدين وذات الطائفة تبعًا للفقهاء، ويرجعون عن رأيهم تبعًا للفقهاء ..، فهل يصلح هؤلاء مقياسًا للحقيقة؟
ما دام الإنسان لا غائي، لماذا تتعبه اللا غائية؟
وكيف ترتاح نفس الإنسان لشيء مختلف عن طبيعتها؟
الإنسان ومنذ زمن – خاصة منذ ظهور الأديان التوحيدية - أصبح إنسانًا ثقافيًا، صناعة ثقافية، إنسان صناعة بشرية، ملوث الفطرة، ليس كائنًا فطريًا طبيعيًا، ليس حرًا، هو ضحية لضخ إعلامي فقهي مبكر، هو ضحية للتلقين بالغائية منذ طفولته، لذلك من الطبيعي أن يكون تحرره من الغائية اليوم أمرًا صادمًا وصعبًا!
لعلي أريحك من عديد الاستفهامات حول رؤيتي للإنسان والأديان ..
الدين خير من الإلحاد بما لا يُقارن .. لو كان الدين حقيقة!
الدين مفيد لغالبية البشر (الفقراء والبسطاء)، والإلحاد مفيد لقلة قلية من البشر (الأغنياء والمفكرين)، وأهم ما يجعل المفكرين يرفضون الدين هو أنه يمنح الحق للبشر بالتسلط على بعضهم بالصدفة لا بالمنطق، ويأمر الغوغاء بطاعة رجال الدين طاعة عمياء!
جميل أن يكون لحياتنا مغزى ولوجودنا غاية .. لكن ما هي الحقيقة؟
الإلحاد صحراء قاحلة وهوة سحيقة لا قرار لها .. لكن ما العمل إذا كانت هذه هي حقيقة الوجود؟
الدين جنة خضراء وراحة نفسية .. لكن ما الفائدة إذا كانت مجرد سراب وأوهام؟
لا يمكننا افتعال سعادة غير موجودة .. الأمر يحتاج إلى وهم أو سذاجة كبيرة أو ضعف نفسي شديد يوقف عمل المنطق!
بالإلحاد يمكننا صنع سعادة قصيرة محدودة آنية في هذه الحياة ..، لكن لا يمكننا افتعال سعادة أبدية مفترضة بعد الموت نعيش على أنغامها الآن ..
إذا كنت تقصد بأن الدين أفيد نفسيًا للإنسان ، فهذا صحيح، لكن ليس كل البشر، الدين يعالج فقط الضعفاء والبسطاء الذين لا فرق لديهم بين رجال الدين والمشعوذين، فهم سائرون بلا بصيرة خلف كل من يُمنِّيهم بالسعادة!
القوانين الوضعية الواقعية المتطورة التي تواكب تطور البشر أقدر من الدين على حفظ استقرار المجتمعات البشرية!
الإلحاد يأتيه الإنسان البالغ العاقل الحر المفكر طواعية دون تلقين ودون توجيه ودون إكراه .. فهل الدين كذلك؟
كلا ، ليس الدين كذلك، فلو تُرِك البشر دون توجيه وتلقين وتخويف وإغراء منذ طفولتهم لرأيت المساجد خالية ..، فأين رغبة النفس البشرية وميولها الطبيعي تجاه الدين؟
أنت ترى وتعلم ماذا يحدث في السعودية وإيران واندونيسيا وغيرها من بلاد المسلمين، حيث الشرطة الدينية تطارد الناس في الشوارع وتكرههم على الصلاة والصوم وغيرها!
من ناحية الصدق والأمانة وحسن المعاملة، هي سلوك فطرية تولد مع الإنسان، وتنميها أو تعرقلها البيئة والمعطيات والخبرة ..، لا يصنعها الدين ولا الإلحاد!
اعتناق الدين لا يغير إعدادات الإنسان ..، فتجد بعضهم مسلمًا وكاذبًا وظالمًا .. فما قيمة الدين هنا؟
وتجد بعضهم ملحدًا وصادقًا وعادلاً .. فما ضرر الإلحاد هنا؟
لا يملك المؤمن أكثر من اعتناق الدين، فإذا لم تتغير إعداداته فما ذنبه؟
أنا أقول أنه بإمكان البشر الاتفاق على أخلاق ومبادئ معينة، تضمن لهم حياة جميلة مستقرة ..، لكن القول بأن الأخلاق والمبادئ لها أصول كونية أو جذور في نفوس كل البشر، هو ما جعلها موضع اختبار لا موضع تنفيذ، وبالتالي فشلت!
القول بأن الدين من عند الله، هو ما عطَّل عقول البسطاء، وجعل الحذاق يستغلونهم ويقودونهم كما القطعان!
النظريات البشرية يعتنقها البشر طواعية، ولا يترددون في تركها حالما يثبت الواقع فشلها أو ضررها ..، وعلى الأقل لا يُقتل منتقدوها ، وبالتالي تجد من ينبه الناس إلى أخطائها ..، وهذا ما لا وجود له في الدين!
إجابة على سؤالك الأخير:
أولاً .. ليس من حقك أن تحصر الإجابة بين نعم أو لا ..، فهذا أسلوب مغالطة متعمدة، يُقصد منها عادةً تشريع وتمرير فكرة خاطئة ..
لا يا سيدي .. معذرة ..
الدين فكرته إيجابية نعم لكنها مجرد حلم غير قابل للتحقق .. ، أما أساسه فليس منطقيًا ..
فأساس الدين هو أن إلهًا وحيدًا عليمًا ، أوجد مسرحية على الأرض ، مؤلمة للحيوان والنبات والبشر، وأخذ يشاهدها بانتظار انتهاء التجربة، بينما هو يعرف نتائجها مسبقًا ..، ولا يوجد معه إله آخر يريد أن يُثبت له صحة تنبؤاته ..، هذا واحد من أدلة انعدام المنطق في أساس الدين ..
وآخر .. أن إلهًا عادلاً رحيمًا قديرًا ، أمره كن فيكون ، يخلق مشهدًا بهذا البؤس والعبث والألم والضبابية ، ثم يتوعد مخلوقاته الضعيفة الجاهلة بالويل والثبور وعظائم الأمور - إن هي أخطأت عن غير قصد - حيث حتمًا لا أحد يتعمد الكفر والإلحاد، ولا أحد يمكنه الاعتقاد بخلاف عقله الذي منحه له ذات الإله!
والسؤال ينبغي أن يوجه إلى رجال الدين والملوك المسلمين الذين مكن الله لهم في الأرض وآتاهم الملك، فهم القادرون على الإصلاح والمنوطون به - إذا اعترفوا بالأخطاء الصارخة التي إذا اعترفوا بها فقدوا مشروعية سلطتهم وتميزهم ..، ولا يوجه إلى الضعفاء الذين أمرهم الله بالهجرة في أرضه الواسعة - عندما كانت أرضه واسعة وكانت الهجرة فيها ممكنة أيام نزول الأديان - قبل أن تظهر الجنسيات وجوازات السفر والوظائف والعملات وتكاليف السفر وغيرها من العقبات التي جعلت من الهجرة ضربًا من المستحيل والانتحار ..
الالحاد كفكر ودافع الاشهار
هناك خلط يحصل لدى الكثيرين بين الإلحاد كفكرة، وبين الدافع لإشهار الإلحاد أو الدفاع عنه ..
الدافع لإشهار الإلحاد والدفاع عنه هو دافع اجتماعي بالضرورة ..، لأن مفاهيم مثل الله والدين والإيمان، لا يعرفها الإنسان أساسًا إلا بواسطة إنسان آخر، ولذلك ما كان ولا يكون الإلحاد يومًا إلا ردة فعل - دفاعًا عن النفس والعقل، أما لو تصورنا إنسانًا يعيش وحيدًا فلن يخطر بباله إلحاد ولا إيمان، ولو كان الأمر غير ذلك لتُرِك الناس اليوم ليتساءلوا بأنفسهم بدل نشر الأديان وفرض الإيمان بالسيف والإغراء والتخويف والتسفيه!
أما الإلحاد كفكرة فهو أمر منطقي في مقابل الإله الديني، وليس في مقابل الإله الحقيقي الذي لا يعرفه أحد ..
الإله الديني لا يمكن أن يكون حقيقة، لسبب بسيط وواضح وهو سذاجة الفكرة ..، لكن لم تكن هناك حاجة للمساس بمشاعر المؤمنين لولا تطاولهم على حقوق وعقول الناس بحُجَّة أنهم مأمورون من قِبل ذلك الإله!
أما الإله الحقيقي الذي يمكن تسميته سر الوجود، والذي ربما يمكن تعريفه أو تصوره من خلال الفيزياء النظرية – مثلاً ..، هذا الإله لا معنى للإلحاد تجاهه، سواء أسميناه قوانين طبيعة أو جاذبية أو طاقة أو بوزون هيقز أو .. الخ ، ولا أحد يدعي معرفته إلا افتراضًا وفلسفةً، وحتى ادعاء معرفته لا يترتب عليه مسئولية عامة ..، فالمسئولية في علاقتنا بالإله هي التي استوجبت التحقق من وجوده - منطقيًا على الأقل وليس بالضرورة عمليًا ..
أن تظل الغاية من الوجود لغزًا قائمًا إلى الأبد، أو يُفسرها كل إنسان حسب رؤيته وقدرته، ويتفق البشر على قواسم مشتركة واقعية يدركونها جميعًا لجعل حياتهم أفضل، هو خير من افتراض غاية موحدة لا منطقية، خاصة إذا ترتب على هذا الافتراض استغلال ومآسٍ وآلام كالتي نراها عند المسلمين، أو دروشة فاضحة كالتي نراها لدى من يقدسون القردة والفئران والصخور والمواقع الجغرافية .. الخ!
مواضيع مماثلة
» القرآنيون :(الباطنيون الجدد)
» * بشارات رجال العهد القديم - ا شعيا - بشارة حزقيال
» * شخصيات عربية يهودية - رجال الماسونية - جواسيس - ملا مصطفى
» المحرمات في الدين الصابئي
» الدين الحق والأديان المحرفة
» * بشارات رجال العهد القديم - ا شعيا - بشارة حزقيال
» * شخصيات عربية يهودية - رجال الماسونية - جواسيس - ملا مصطفى
» المحرمات في الدين الصابئي
» الدين الحق والأديان المحرفة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى