* العلوم عند العرب: التضاريس - المتيورولوجيا - الطب واقسامه - العيون - العظام
صفحة 1 من اصل 1
* العلوم عند العرب: التضاريس - المتيورولوجيا - الطب واقسامه - العيون - العظام
العلوم عند العرب والمسلمين
علم التضاريس الجغرافية عند العرب
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:38
التضاريس. تناول العلماء المسلمون والعرب الجيومورفولوجيا بشقيها النظري والعملي، وقد توصلوا في ذلك إلى حقائق تتفق مع العلم الحديث. من ذلك أثر العامل الزمني في العمليات الجيومورفولوجية، وأثر الدورتيْن الصخرية والفلكية في تبادل اليابسة والماء، وكذلك أثر كل من المياه والرياح والمناخ عامة في التعرية. ويعد البيروني أفضل من تناول هذا الجانب. ويتضح ذلك في تعليله لكيفية تكوّن أحد السهول في الهند ¸فقد كان في مكان هذا السهل حوض بحري طمرته الترسبات حتى سوت منه سهلاً·، كما لاحظ الترسبات النهرية، خاصة كلما قرب النهر من المصب فإن التكوينات تكون ذات حجم كبير عند المنبع عند أول النهر وتأخذ في الدقة والنعومة كلما قرب من المصب؛ ¸فالحجارة عظيمة بالقرب من الجبال وشدة جريان مياه الأنهار، وأصغر عند التباعد وفتور الجري، ورمالاً عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر... (فما كانت) أرضهم إلا بحرًا في القديم قد انكبس بحمولات السيول·.
وأوضح المسعودي أيضًا دورة التبادل بين اليابسة والماء بأن المواضع الرطبة من الأرض لا تكون رطبة دائمًا إلى الأبد، ولا تكون اليابسة يابسة دائمًا، إذ يتغير هذا الوضع بانغمار اليابسة بالماء من الأنهار والبحار، أو العكس بأن تنحسر المياه أو تنقطع الأنهار عن اليابسة؛ لذا فإنه ¸ليس موضع البر أبدًا برًا، ولا موضع البحر أبدًا بحرًا؛ بل قد يكون براً حيث كان مرةً بحرًا، ويكون بحرًا حيث كان مرةً براً، وعلة ذلك الأنهار وبدؤها وجريها فإن لمواضع الأنهار شبابًا وهرمًا، وحياةً وموتًا ونشأة ونشورًا، كما يكون ذلك في الحيوان والنبات·.
أدلى إخوان الصفا بدلوهم في الجانب النظري في الجيومورفولوجيا؛ فأشاروا إلى تأثير عوامل التعرية والنحت في التضاريس. كما أكدوا حدوث عملية التبادل بين اليابسة والماء على مر العصور الجيولوجية وتكوّن السهول الرسوبية البحرية والجبال الالتوائية. فالجبال تعمل فيها عوامل التعرية من شمس وقمر ورياح وصواعق فتتصدع وتتحول إلى حجارة وحصى وصخور ورمال. وتجرف المياه هذه الحجارة والحصى وخلافها إلى الأودية والبحار فتراكمها أمواج البحار صفاً صفاً، ويتلبّد بعضها فوق بعض ويتماسك شيئًا فشيئًا فتأخذ هيئة التلال والجبال تمامًا كما يحدث للرمال والحصى في البراري والقفار. وكلما تراكمت هذه التلال والجبال زاد حجمها مما يؤدي إلى أن تأخذ حيزًا أكبر في الماء، فيرتفع الماء ويغمر مساحات من ساحل البحر أكبر. فلا يزال ذلك دأبه على مر الدهور حتى تصير مواضع البراري بحارًا، ومواضع البحار يبسًا وقفارًا. ثم تبدأ دورة أخرى بأن تتفتت هذه الجبال والتلال فتصير حجارة وحصى ورمالاً تحطها السيول والأمطار وتحملها إلى الأودية والأنهار والبحار، فتتراكم مرة أخرى عبر السنين وتنخفض الجبال الشامخة وتقصر حتى تستوي مع وجه الأرض. أما الطين والرمال التي جرفت من الجبال في اليابسة فتنبسط في قاع البحار وتتماسك فتكوّن على مر الزمن تلالاً وروابي وجبالاً. وينحسر الماء عنها رويدًا رويدًا حتى تنكشف فتصير جزائر وبراري، ويصير ما يبقى من الماء بين هذه التلال والجبال بحيرات وآجامًا وغدرانا، وبطول الزمن تنبت الأعشاب والأشجار وتصير صالحة لسكنى الحيوان والبشر
كانت آراء ابن سينا في الجيومورفولوجيا أقرب الآراء للنظريات الحديثة في هذا الحقل. فهو على سبيل المثال يعزو تكوّن بعض الجبال إلى سببين: ذاتي (مباشر) وعرضي (غير مباشر)؛ فالذاتي يحدث عندما تدفع الزلازل القوية مساحات من الأرض وتحدث رابية من الروابي مباشرة. أما السبب العرضي فيحدث عندما تعمل الرياح النسافة أو المياه الحفّارة على تعرية أجزاء من الأرض دون أجزاء أخرى مجاورة لها؛ فتنخفض، من جراء عوامل التعرية، تلك الأجزاء وتبقى المناطق المجاورة لها مرتفعة. ثم تعمل السيول على تعميق مجاريها إلى أن تغور غورًا شديدًا وتبقى المناطق المجاورة شاهقة. وهذا ما نلاحظه تمامًا في بعض الجبال وما بينها من مجاري السيول والمسالك. أو قد يتكوّن بعضها خلال الفيضانات خاصة إذا كانت أجزاء من الأرض ترابية منخفضة ويكون بعضها لينًا وبعضها حجرياً؛ فتنحفر الأجزاء الترابية اللينة وتبقى الحجرية مرتفعة، ثم يظل هذا المجرى ينحفر على مر الزمن ويتسع ويبقى النتوء ليرتفع قليلاً بانخفاض ما حوله. وإذا تأمل الشخص في أكثر الجبال التي تتكون بهذه الطريقة سيرى "الانحفار الفاصل فيما بينها متولدًا من السيول، ولكن ذلك أمر إنما تم وكان في مدد كثيرة، فلم يبق لكل سيل أثره، بل يُرى الأقرب منها عهدًا. وأكثر الجبال إنما هي في طور الانرضاض والتفتت؛ وذلك لأن عهد نشوئها وتكوّنها إنما كان مع انكشاف المياه عنها يسيرًا يسيرًا. والآن فإنها في سلطان التفتت؛ إلا ما شاء الله من جبال إن كانت تتزايد بس- بب مياه تتحجر فيها أو سيول تؤدي إليها طينًا كثيرًا فيتحجر فيها". ومن الواضح هنا أن ابن سينا قد سبق المحدثين بالإشارة إلى سببين من أسباب تكون الجبال وهي الحركات الأرضية الرافعة، وعوامل التعرية. كما لفت الأنظار إلى التراكمات الجيولوجية البطيئة التي تحدث بمضي الوقت وتعاقب السنين وآثارها الطويلة الأمد.
علم المتيورولوجيا عند العرب
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:39
المتيورولوجيا. عرف العلماء العرب أمورًا مهمة من هذا العلم الذي أطلقوا عليه علم الآثار العلوية. يتناول هذا العلم الجو وظواهره ودرجات الحرارة والكثافة والرياح والسحب وهو ما يسمى بالأرصاد الجوية. وسبق اللغويون العلماء في ذكر الكثير من المصطلحات في هذا العلم. من قبيل ذلك أنهم قسموا درجات الحرارة المنخفضة إلى برد، وحر، وقر، وزمهرير، وصقعة (من الصقيع)، وصر، وأريز (البرد الشديد). وقسموا درجات الحرارة المرتفعة إلى حر، وحرور، وقيظ، وهاجرة، وفيْح. أما الرياح فقد قسموها وفق الاتجاهات التي تهب منها أو وفق صفاتها؛ فهناك الشمأل والشّمال والشامية وهي التي تهب من الشمال، والجنوب أو التيمن وتهب من جهة الجنوب، والصَّبا التي تهب من الشرق، والدبور التي تهب من دبر (خلف) الكعبة. والرياح الشمالية الشرقية الصبابية، والجنوبية الشرقية الأزيْب، والجنوبية الغربية الداجن، والشمالية الغربية الجرْيباء. وما كان حاراً منها سموه رياح السموم، والباردة الصرصر، والرياح الممطرة المعصرة، وغير الممطرة العقيم.
كما أطلقوا على السحاب أسماء تدل على أجزائه ومراحل تكوينه؛ من ذلك: الغمام والمزن، وهو الأبيض الممطر، والسحاب، والعارض، والديمة، والرباب. ومن أجزاء السحابة الهيدب وهو أسفلها، ويعلوه الكفاف، فالرحا وهو ما دار حول الوسط، والخنذيذ، وهو الطرف البعيد للسحابة، وأعلى السحاب سموه البواسق. وللماء الذي يهطل من السماء أو يتجمع بفعل تدني درجات الحرارة أسماء منها: القطر والندى والسَّدَى (ندى الليل) والضباب والطل والغيث والرذاذ والوابل والهاطل والهتون.
ابن سينا والمتيورولوجيا. تناول ابن سينا الكثير من الظواهر المتيورولوجية في موسوعته الشفاء في الجزء الخاص بالمعادن والآثار العلوية. فقد تكلم عن السحب والثلوج والطل والضباب والهالة وقوس قزح والنيازك والرياح وغير ذلك. فالسحاب ¸جوهر بخاري متكاثف طافٍ في الهواء… وهذا الجوهر البخاري كأنه متوسط بوجه ما بين الماء والهواء، فلا يخلو إما أن يكون ماء قد تحلل وتصعّد، أو يكون هواء قد تقبض واجتمع…· أما الطل فيتكون من ¸البخار اليومي المتباطئ الصعود القليل المادة إذا أصابه برد الليل وكثفه وعقد ماء ينزل نزولاً ثقيلاً في أجزاء صغار جدًا لا تحس بنزولها إلا عند اجتماع شيء يعتد به، فإن جمد كان صقيعًا·. أما الثلج الصقيع والبَرَد فيتكوّن لأن السحاب عندما يتكثف ¸يجتمع فيه حب القطر يجمد ولم تتخلق الحبات بحيث تحبس فينزل جامدًا، فيكون ذلك هو الثلج، ونظيره من البخار الفاعل للطل هو الصقيع، وأما إذا جمد بعدما صار ماء وصار حبًا كبارًا فهو البرد. والضباب من جوهر الغمام إلا أنه ليس له قوام السحاب، فما كان منه منحدرًا من العلو وخصوصًا عقيب الأمطار فإنه ينذر بالصحو، وما كان منه مبتدئًا من الأسفل متصعدًا إلى فوق ولا يتحلل فهو ينذر بالمطر·.
ذكر ابن سينا أيضًا الهالة التي تُرى حول القمر أو الشمس. وقال إنها تنشأ من جراء وجود بخار الماء في الجو (سحاب لطيف)، فإذا وقع عليه الشعاع تكونت الهالة.
أما عن الرياح فيقول ابن سينا بوجود علاقة بينها وبين المطر، وأن العام الذي تكثر فيه الرياح يقل فيه المطر والعكس فيقول في ذلك ¸... وما يدل على أن مادة المطر الذي هو البخار الرطب، هو أنهما في أكثر الأمر يتمانعان، والسنة التي تكثر فيها الرياح تكون سنة جدب وقلة مطر، لكنه كثيرًا ما يتفق أن يعين المطر على حدوث الرياح تارة بأن يبل الأرض، فيعدها لأن يتصعّد منها دخان، فإن الرطوبة تعين على تحلل اليابس وتصعده، وتارة بما يبرد البخار الدخاني فيعطفه، كما أنه قد يسكنه بمنع حدوث البخار الدخاني وقهره. والريح أيضًا كثيرًا ما تعين على تولد المطر بأن تجمع السحاب، أو بأن تقبض برودة السحاب...·. أما البرق عنده ¸فيرى، والرعد يسمع. فإذا كان حدوثهما معًا رؤي البرق في الآن وتأخر سماع الرعد؛ لأن مدى البصر أبعد من مدى السمع·. وهذا ما يؤيده علم الفيزياء حالياً من أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت.
إخوان الصفا والمتيورولوجيا. تناول إخوان الصفا جوانب متفرقة من المتيورولوجيا؛ تحدثوا فيها عن الأمطار، والندى، والصقيع، والطل، والتكثف، وطبقات الجو العليا وأقسامها وجوانب أخرى يتقاسمها علم الجغرافيا مع المتيورولوجيا خاصة ما يتعلق منها بالمناخ. فالأمطار تحدث في رأيهم وفقًا لمراحل التصعيد والتكثف والتبريد تمامًا كما يقول العلم الحديث فإنه ¸إذا ارتفعت البخارات في الهواء ودافع الهواء إلى الجهات، ويكون تدافعه إلى جهة أكثر من جهة. ويكون من قدام له جبال شامخة مانعة، ومن فوق له برد الزمهرير له مانع. ومن أسفل مادة البخارين متصلة، فلا يزال البخاران يكثران ويغلظان في الهواء وتتداخل أجزاء البخارين بعضها في بعض حتى يسخن ويكون منها سحاب مؤلف متراكم. وكلما ارتفع السحاب بردت أجزاء البخارين، وانضمت أجزاء البخار الرطب بعضها إلى بعض، وصار ما كان دخانًا يابسًا ماء وأنداء، ثم تلتئم تلك الأجزاء المائية بعضها إلى بعض وتصير قَطْرًا بردًا، وتثقل فتهوي راجعة من العلو إلى السفل فتسمى حينئذ مطرًا. فإن كان صعود ذلك البخار الرطب بالليل والهواء شديد البرد، منع أن تصعد البخارات في الهواء، بل جمدها أول بأول وقربها من وجه الأرض فيصير من ذلك ندى وصقيع وطل. وإن ارتفعت تلك البخارات في الهواء قليلاً وعرض لها البرد صارت سحابًا رقيقًا. وإن كان البرد مفرطًا جمد القْطر الصغار في حلل الغيم، فكان من ذلك الجليد أو الثلج·.
قسم إخوان الصفا طبقات الهواء إلى ثلاث: الأثير؛ وهو أعلى طبقة وهو في غاية الحرارة، والزمهرير طبقة باردة في غاية البرودة، والنسيم؛ وهي الطبقة الهوائية التي تلي سطح الأرض، وهي مختلفة في اعتدال حرارتها. وعلى الرغم من تمييزهم لكل طبقة من تلك الطبقات، إلا أنهم قالوا إن هذه الطبقات قد يتداخل بعضها في بعض. وأكدوا على أن الهواء المحيط بالكرة الأرضية لا تأتيه الحرارة من الشمس مباشرة، بل يكتسبها من الأشعة التي تنعكس عليه من سطح الأرض والمياه.
الأحافير. تناول بعض العلماء العرب علم الأحافير في معرض تناولهم لعمر الأرض، وخلال استدلالهم من تحول البحر إلى مناطق يابسة. فالبيروني يستشهد في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن على أن جزيرة العرب كانت مغمورة بالمياه فانحسرت عنها بتعاقب الحقب الجيولوجية، وأن من يحفر حياضًا أو آبارًا يجد بها أحجارًا إذا شقت خرج منها الصدف والودع. ¸فهذه بادية العرب كانت بحرًا فانكبس، حتى أنّ آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها؛ فإنها تبدي أطباقًا من تراب ورمال ورضراض، ثم فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل تخرج أحجارًا إذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك؛ إما باقية فيها على حالها، وإما بالية قد تلاشت، وبقي مكانها خلاء فتشكَّل بشكلها·. وهنا يشير البيروني إلى المستحجرات وهي بقايا عضوية كاملة أو طوابعها التي تكون داخل الحجارة، ويستدل بذلك على أن بعض المناطق كانت تغطيها المياه ثم أصبحت ضمن اليابسة.
ومثل البيروني نجد أن المازيني في العقد السادس من القرن السادس الهجري يشير إلى العاج المتحجر الذي رآه بنفسه في حوض نهر الفولجا. وكان لابن سينا رأي شبيه برأي البيروني من حيث إن وجود المستحجرات الحيوانية المائية في منطقة يابسة دليل على أن تلك المنطقة كانت مغمورة بالمياه في حقبة زمنية قديمة. من ذلك ما جاء في الشفاء ¸... فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الأيام غير معمورة، بل مغمورة في البحار فتحجرت عامًا بعد الانكشاف قليلاً قليلاً ففي مدد لا تفي التأريخات بحفظ أطرافها، إما تحت المياه لشدة الحرارة المحتقنة تحت البحر، والأولى أن يكون بعد الانكشاف، وأن تكون طينتها تعينها على التحجر؛ إذ تكون طينتها لزجة. ولهذا ما يوجد في كثير من الأحجار، إذا كسرت أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها·. ويستطرد قائلاً ¸إن كان ما يحكى من تحجر حيوانات ونبات صحيحًا؛ فالسبب فيه شدة قوة معدنية محجرة تحدث في بعض البقاع البحرية، أو تنفصل دفعة من الأرض في الزلازل والخسوف فتحجر ما تلقاه·.
كروية الأرض. هناك من الدلائل ما يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا أن الأرض كروية منذ عهد المأمون (ت 218هـ،833م). فقد قام فريقان من علماء المسلمين بقياس محيط الأرض بأمر من المأمون، وتوصل الفريقان إلى أن طول المحيط 41248كم. و لعل أول من قال بكروية الأرض وكتب عنها صراحة هو الكندي. وقد أثبت ذلك بطريقة حسابية في رسالته العناصر والجرم الأقصى كرِّية الشكل. وكان ابن خرداذبه (ت 300هـ، 912م) ممن كتبوا في كروية الأرض في كتاب المسالك والممالك، واستعار لهيئة الأرض صورة المحة والبيضة، وكذلك الهمداني الذي قدم أدلّة كروية الأرض في كتاب صفة جزيرة العرب وكتاب الجوهرتين. ونجد إشارات أكثر وضوحًا لدى المسعودي في كتاب مروج الذهب وكتاب التنبيه والإشراف. انظر: الجغرافيا في هذه المقالة.
ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض المقدسي (ت 375هـ، 985م)، في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. وقد مثل لكروية الأرض في الفلك بصورة المحة في جوف البيضة أيضًا كما فعل ابن خرداذبه من قبل، وقسَّم دائرة الكرة الأرضية إلى 360 درجة. ولإخوان الصفا في كروية الأرض رأي واضح مباشر: ¸فالأرض جسم مدوَّر مثل الكرة، وهي واقفة في الهواء... ومركزها نقطة متوهمة في عمقها على نصف القطر، وبعدها من ظهر سطح الأرض ومن سطح البحر من جميع الجهات متساوٍ لأن الأرض بجميع البحار التي على ظهرها كرة واحدة·. ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض أيضًا ابن سينا، والبيروني، وياقوت الحموي، والقزويني وأخيرًا ابن خلدون.
الطب وأقسامه عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:44
تواريخ مهمة في الطب و الصيدلة
كانت للعرب في الجاهلية تجاربهم في الطب، وقد أضافوا إليها ما اكتسبوه من الأمم المجاورة كالفرس والهنود وغيرهم. وقد انتهجوا طريقتين للعلاج أولاهما الكهانة والعرافة، والثانية ما خبروه من عقاقير نباتية إضافة إلى الكي والحجامة والفصد. ومن أبرز أطباء الجاهلية زهير الحِمْيري، وابن حزيم، والحارث بن كلدة صاحب كتاب المحاورة في الطب، والنضر بن الحارث. أما في الإسلام، فقد بدأ الطب يتأثر رويدًا رويدًا بالطب المحدث بدءًا من العصر الأموي؛ إذ أخذ العلاج يتأثر بالطب الإغريقي، ومن أشهر الأطباء في ذلك الوقت ابن أثال والحكم الدمشقي وعبدالملك الكناني طبيب عمر بن عبدالعزيز. وقد علا شأن الطب في عهد الدولة العباسية بزيادة احتكاك العرب بالأمم الأخرى التي فتحوا بلدانها، واستقدم الخلفاء أفضل الأطباء منهم مثل جورجيس بن بختيشوع وابنه جبريل، ويوحنّا بن ماسويه، وقد اشتهروا بجانب كونهم أطباء بنبوغهم في الترجمة والتأليف. ومع تقدم الزمن ظهر نوع مما يمكن أن نسميه حاليًا بالتخصص في تناول فروع الطب المختلفة كالطب الجراحي، وطب العيون، وطب الأطفال وعلم التشريح، والطب النفسي، وما يتبع ذلك من تطور في طرق العلاج وبناء المستشفيات.
بعض أدوات جراحية اكتشفت في موقع الفسطاط.
الطب الجراحي. عُرف هذا الفرع من الطب عند الأقدمين من المسلمين بأسماء عدة منها: عمل اليد، وصناعة اليد، وعلاج الحديد لما يدخل فيه من استخدام أدوات تصنع من الحديد. وكان يطلق على من يزاول هذه المهنة اسم جرائحي أو دستكار؛ وهي كلمة فارسية الأصل أخذت من (دستكاري) وهي ترجمة للكلمة العربية التي تعني عمل اليد، أما الطبيب غير الجراح فكان يطلق عليه الطبائعي. وعلى الرغم من أن العرب ذكروا أنهم استقوا علمهم في الجراحة من الهند وبلاد فارس، فإن معظم ما نقلوه كان من اليونان، ومن ثم أبدعوا فيه. وهم أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الموضوعات الطبية، وألزموا الجراح أن يكون ملماً بعلم التشريح ومنافع الأعضاء ومواضعها. وكانوا يؤكدون على حاجة المشتغلين بالطب إلى تشريح الأجسام حية وميتة، وقد شرّحوا القرود كما فعل ابن ماسويه. وكانت معرفة الجراحين المسلمين بكتاب جالينوس المعروف بقاطاجانس في الجراحات والمراهم أمرًا إلزاميًا.
من إبداعات العرب في مجال الجراحة أنهم أول من تمكّن من استخراج حصى المثانة لدى النساء ـ عن طريق المهبل، كما توصلوا إلى وصف دقيق لعملية نزف الدم وقالوا بالعامل الوراثي في ذلك، حيث وجدوا أن بعض الأجسام لديها استعداد للنزف أكثر من غيرها، وتابعوا ذلك في عائلة واحدة لديها هذا الاستعداد وعالجوه بالكي، كما نجحوا في إيقاف الدم النزيف أيضًا بربط الشرايين الكبيرة. وأجروا العمليات الجراحية في كل موضع تقريبًا من البدن؛ وكتبوا عن جراحة الأسنان وتقويمها وجراحة العين. وبرعوا في قدح الماء الأزرق من العين، وكانت هذه العملية أمرًا يسيرًا ونتائجها مضمونة. وذكروا أكثر من ست طرق لاستخراج هذا الماء من العين منها طريقة الشفط. وأجروا العمليات الجراحية في القصبة الهوائية، بل إن الزهراوي (ت 427هـ، 1035م) كان أول من نجح في عملية فتح الحنجرة (القصبة الهوائية) وهي العملية التي أجراها على أحد خدمه. ويقول الرازي في هذا الصدد: "العلاج أن تشق الأغشية الواصلة بين حلق قصبة الرئة ليدخل النَّفَس منه، ويمكن بعد أن يتخلص الإنسان وتسكن تلك الأسباب المانعة من النَّفَس أن يخاط ويرجع إلى حاله، ووجه علاجه أن يمد الرأس إلى الخلف ويمد الجلد ويشق أسفل من الحنجرة ثم يمد بخيطين إلى فوق وأسفل حتى تظهر قصبة الرئة… فإذا سكن الورم، وكان النَّفَس فَلْيُخَطْ ويمسك قليلاً واجعل عليه دروزًا أصغر". كما شرحوا الطريقة التي يستطيع بها المصاب بحَصََر البول، ومن يتعذَّر عليه الإدرار؛ بأن تجرى له جراحة كي تركب له قثطرة. ولعل العرب كانوا من أوائل من أشاروا إلى ما يسمى الآن بجراحة التجميل، وقد بينوا كيفية هذه الجراحة في الشفة والأنف والأذن حينما تطرأ عليها الضخامة من نتوء بارز أو قطع، بحيث تعود هذه الأعضاء إلى حالتها الطبيعية فيرتفع القبح الناشئ عن اللحمة الزائدة. وكما أن الطب الجراحي الحديث لا يلجأ للجراحة إلا إذا كانت هي الحل الأخير، فكذلك كان يفعل الجراحون العرب؛ فما كانت الجراحة عندهم إلا كالشر الذي لابد منه. من ذلك ما نجده في قول الرازي في كتابه محنة الطبيب: "متى رأيت الطبيب يبرئ بالأدوية التي تعالج بعلاج الحديد والعملية الجراحية مثل الخراجات والدبيلات واللوزتين، والخنازير واللهاة الغليظة والسلع والغُدد… فمتى أجاد الطبيب في جميع هذه ولا يحتاج في شيء منها إلى البط والقطع إلا أن تدعو لذلك ضرورة شديدة فاحمد معرفته"، ومن ثم سار المثل: آخر الدواء الكي. كما مارس الجراحون العرب إجراء العمليات الناجحة في البطن، والمجاري البولية، والولادة القيصرية، وتجبير الكسور، والخلع، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وكانوا يخيطون الجروح خياطة داخلية لا تترك أثرًا ظاهرًا من الجانب الخارجي. وخاطوا مواضع العمليات بخيط واحد باستخدام إبرتين، واستخدموا الأوتار الجلدية وخيوطًا صنعوها من أمعاء القطط وحيوانات أخرى في جراحات الأمعاء ورتق الجروح؛ إذ إن الجسم يمتصها دون أن تلحق به أذىً. وتوصلوا إلى أساليب في تطهير الجروح وطوروا أدوات الجراحة وآلاتها. وكان للجراحين العرب فضل كبير في استخدام عمليتي التخدير والإنعاش على أسس تختلف عما نقلوه من الأمم الأخرى.
ادوات الجراحة عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:45
أدوات الجراحة. لم يكتف الجراحون العرب بالأدوات التي نقلوها عن الأمم التي سبقتهم، بل اخترعوا آلات جديدة وطوروا تلك التي آلت إليهم من غيرهم. وذكر الكثيرون منهم ـ في ثنايا مؤلفاتهم ـ الأدوات التي استخدمت في عصرهم. ومن هذه المؤلفات، على سبيل المثال، الكتاب الذي صنفه الزهراوي التصريف لمن عجز عن التأليف، وابن القُف أبو الفرج بن يعقوب (ت685هـ، 1286م) عمدة الإصلاح في صناعة الجراح، وأبو الحسن ابن بطلان دعوة الأطباء. وقد اكتشفت بعض الآلات الجراحية أثناء الحفريات التي جرت في موقع الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص سنة 21هـ،641م. ومن هذه الأدوات: أولاً الدَّست وهو يشبه الحقيبة التي تحفظ فيها المباضع. وهذه المباضع أنواع تختلف أشكالها باختلاف الوظائف التي تؤديها؛ فمنها مبضع شق الجلد وهو حاد الطرفين، ويستخدم في حالة فتح مكان في الجلد فوق الشرايين حتى يتمكن الجراح من ربطها. والمبضع المعطوف؛ ويكون أحد طرفيه حادًا ويستخدم لاستئصال اللوزتين. ومن الأدوات التي استخدمت للوزتين المقطع؛ ويشبه المقص بطرفيه المعطوفين، والمباضع الشوكية؛ وهي نوعان:أحدهما يستخدم لبزل البطن في حالة الحبن (الاستسقاء، الورم) ليسمح بإدخال أنبوب دقيق لسحب الماء، وآخر يشق به الناسور. ومبضع فتح الأورام؛ لاستخراج الصديد والقيح المتجمع فيها، وهو ذو نصل مستدير. والمبضع الأملس؛ ويستخدم في قطع الظفرة (لحمة تنبت عند المآقي) من العين. ومبضع الأذن لقطع ما يسقط في الأذن من أجسام غريبة. ومبضع الشق العجاني، ويستخدم لشق العجان (وهو الدُّبر ومافوقه) لاستخراج الحصاة. ومبضع الفصد؛ وهو مبضع عريض ذو نصل يشبه ورقة نبات الآس؛ يستخدم لفصد العروق. والمبضع أملس الحافتين؛ ويستخدم لفتح الأذن التي قد تسد إما من جراء جسم خارجي، أو لزائدة تنبت فيها.
إلى جانب المباضع توجد أدوات أخرى منها الصنانير، وهي أنواع أيضًا، منها البسيط ذو المخطاف الواحد، والمركب ذو المخطافين أو الثلاثة مخاطيف، وأخرى ذات ثلاث شوكات ومقبض واحد لشد الجلد. وصنانير خاصة بخلع بقايا السن المكسورة، طرفها مثلث الشكل فيها بعض الغلظ. أما بقايا جذور الأضراس المكسورة فكانت تخلع بأداة يدخلونها في السنخ فتخلعها. وتسمى هذه الأداة العتلة وهي ذات أشكال وأحجام مختلفة تحددها الوظيفة التي تقوم بها. ومن الأدوات الخاصة بخلع الأسنان والأضراس الكلاليب، ومنها ما يشبه مناقير الطيور تخلع الأضراس من أصولها. ومن الكلاليب ما يستخدم لاستخراج ما ينشب في الحلق من أجسام غريبة، وهي ذات أطراف معقوفة خشنة كالمبرد إذا لامست الجسم قلما تتركه. ومثلها مرْوَد الحلق؛ وهو آلة يستخرج بها الشوك أو العظم وما شابههما من الحلق، وهي ذات طرف معقوف كالصنارة. وآلة كي اللهاة، وتشبه المرود وطرفها كالملعقة تملأ بمادة كاوية توضع على اللهاة.
أما الأنابيب فكانت تتخذ من الريش أو تصنع من الفضة والنحاس أو الحديد. ويعتمد ذلك على نوع الوظيفة التي يؤديها الأنبوب؛ فهناك أنبوب لقطع الثملة؛ وهي الزوائد اللحمية التي تظهر في الوجه والعنق، ويصنع من ريش الأوز أو النسور، ويوضع فوق الثملة ويشد عليها حتى يقطعها من أصلها. وهناك أنبوب هوام الأذن، وهو ذو فوهة ضيقة ونهاية واسعة يدخل إلى الأذن بمقدار يحتمله المريض ويشفط به شفطًا قويًا حتى تخرج الهوام. ومن هذا النوع أنبوب يعبأ بزيت دافئ يدفع ببطء داخل الأذن فتخرج الهوام، ويصنع من الفضة أو النحاس. وهناك نوع من الأنابيب يُبرى على هيئة القلم يصنع من الفضة أو النحاس به ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد تستخدم لبزل الماء في الحبن أو جذبه. وهناك نوعان من الجفت واحد لاستخراج العظام المكسورة من الفك، وآخر صغير دقيق يستخدم في استخراج الأجسام الدقيقة من الأذن. ومن الأدوات التي استخدمت للأذن أيضًا المجرفة؛ وهي آلة كالمجرد (المكشط) لرفع الأجسام الغريبة منها. كما استخدموا القثاطر لتسهيل خروج البول من المثانة وطولها نحو شبر ونصف الشبر. وتصنع من الفضة المجوفة بحجم أنبوب ريش الطير.
ومن الآلات التي كانت تستخدمها القابلات في التوليد اللوالب؛ وهي آلات تساعد في فتح فم الرحم وتصنع من الأبنوس، ويكون في طرف اللولب خشبتان عرض كل منهما نحو أصبعين وطولهما شبر ونصف، وفي وسط الخشبتين زائدتان تربطان فيهما تدخلان في المهبل ليفتح بها عند إدارة اللولب. كما استخدموا نوعًا من الصنانير ذات الشوكتين لجذب الجنين. ومنها أيضًا المشداخ وهو آلة يشدخ بها رأس الجنين ليسهل إخراجه من فم الرحم، ويشبه المقص وله أسنان كأسنان المنشار. ومنها أيضاً أداة تسمى المبخرة للتبخير بها عند احتباس دم الطمث والمشيمة، وتصنع من النحاس ويوضع طرفها الرفيع في القُبل والواسع على النار والبخور فوق الجمر. ومدفع الجنين وهو على شكل صنارة يشبك طرفه في الجنين ويدفع به إلى الأمام. واستخدموا المجارد (المكاشط)، وهي آلات تجرد بها الأضراس والأسنان لإزالة الكلس والسواد والصفرة عنها، وبعضها مصمم ليجرد به من الداخل وبعضها من الخارج وبعضها للجرد بين الأسنان والأضراس. ومن المجارد ما يستخدم لكشط العظام، وهي كالمبرد وتسمى المجارد خشنة الرأس، وكل المجارد تصنع من الحديد.
المحاجم والمحاقن عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:46
كما استخدم الجراحون العرب المحاجم والمحاقن. والمحاجم على ثلاثة أشكال: منها الصغير والمتوسط والكبير، وتصنع من النحاس أو من الصيني مدورة أسطوانية تستخدم لقطع النزف، ولا بد أن يكون لدى الطبيب كل المقاسات. وهناك المحجمة النارية والمحجمة المائية؛ فالأولى تصنع من النحاس الأصفر، وفي منتصفها ثقب بمقدار ما يدخل الإبرة يغلقه الحاجم بإصبعه عند الاستعمال، وحالما ينتهي يرفع إصبعه عن الثقب فتنحل المحجمة في الحال. أما المحجمة المائية فليس بها ثقب، وإنما تعبأ بالماء وتوضع على العضو مباشرة، وكلما كان حجمها أكبر استوعبت كثيرًا من الماء الحار أو المخلوط بالأعشاب. أما المحاقن فنوعان؛ كبير وصغير، وتستخدم الصغيرة للأطفال. وتصنع من الفضة أو النحاس أو الصيني. وأعلى المحقن واسع على هيئة كيس توضع فيه المادة المحقونة، وطرفه الأسفل الذي يدخل في الشرج أملس رقيق مصمت. ومنها محقن المثانة وهو صغير لطيف تحقن به المثانة ويصنع من الفضة. يملأ بالسوائل المدفأة ويدخل طرف المحقن في الإحليل ويدفع السائل بالضغط على مؤخرة المحقن ضغطًا شديدًا فيندفع السائل إلى المثانة. ومن الآلات المستخدمة في جراحة المثانة أيضًا المزراقة؛ وهي أداة لتقطير الماء في جوف المثانة، وبها ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد والثالث على الجانب الآخر، وتستخدم في دفع السوائل أو جذبها من المثانة. وهناك المشعب وهو آلة مثلثة الطرف تصنع من الحديد الصلب ولها مقبض خشبي تستخدم لتفتيت الحصاة في القضيب أو مجرى البول.
الادوات الجراحية الدقيقة عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:47
ستخدم الجراحون أدوات دقيقة لاستئصال الأورام والناسور أو لقطعها؛ من ذلك البريد، وهو أداة كالمسبار تصنع من النحاس الأصفر أو الأبيض أو الرصاص، ويختلف حجمه وشكله باختلاف موضع الورم أو الناسور أو الخراج وحجمه. كما استخدموا المدس وهو آلة كالمرود لجس واستقصاء الأورام. وأنواع المدسات ثلاثة؛ كبير ومتوسط وصغير، ووظيفة المدس أن يُدخل (يدس) في أرطب مكان، ويدار بلطف بين الأصابع ثم ينزع ويفحص ما خرج معه من أنواع الرطوبات. ومما استخدم في جراحة الأورام المشرط، وهو آلة تشق بها الأورام، وهي على ثلاثة أنواع: كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وهي عريضة ذات طرفين أحدهما حاد يستعان به في شق الورم. وهناك المكبس المجوف؛ وهو آلة تصنع من الفضة أو النحاس مسطحة، ووظيفتها كبس اللسان ليتمكن الجراح من رؤية الحلق وكشف أورامه. ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة الناسور أيضًا المسبار المثقوب، كانوا يدخلون فيه خيطًا مفتولاً من خمسة خيوط ويربطون به أصل الناسور ويشدونه ويتركونه يومين أو ثلاثة حتى يسقط من تلقاء نفسه. ومن أدوات جراحة الأورام أيضًا الكاوية، وتشبه السكين المعوجة النصل، تكوى بها الأورام التي تنشأ في الأرجل كالفخذين والساقين والأقدام. وكذلك الكاوية المسمارية وتكوى بها بواسير الشرج والرحم. والكاوية الأنبوبية التي تكوى بها الأضراس وهي ذات أشكال متعددة، والكاوية الهلالية الطرف التي تكوى بها الفتوق، وكاوية البطن والكبد وكاويات قطع الشرايين وكاويات المفاصل. والكاوية الزيتونية ويكوى بها الفالج والصداع وعرق النَّسَا، إلى جانب كاويات تستخدم في الشقيقة وأمراض الكلى والمثانة وآلام الظهر.
جراحة العيون عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:48
أما في جراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، فقد استخدموا آلات عديدة. ومن ذلك أنهم استخدموا البريد وهو آلة شديدة الصلابة لثقب الملتحمة دون التعمق في الثقب، ومن ثم يستخدمون المقدح بعد إجراء الثقب. كما استخدموا القصبة في رفع جفن العين أثناء العملية. وكانت تتخذ قصبتان بطول الجفن وتشدان شدًا وثيقًا وتتركان مدة من الزمن حتى تموت الجلدة الزائدة وتسقط من تلقاء نفسها أو تقرض بالمقراض إن استغرقت مدة طويلة ولم تسقط. ومثل القصبة أيضًا مخالب التشمير، وهي آلات كالصنانير تستعمل أيضًا في رفع الأجفان. أما المقادح فهي آلات تشبه المباضع تستخدم في قدح الماء الذي يسيل من العين. كما استخدموا أنواعًا من المقصات في عمليات العيون منها الصغير الذي يستخدم لقطع ما يبقى من الجلد في عمليات الجفون ومقص التعقيم الذي تطهر به جروح العين بعد العملية. أما الشعر الذي ينبت في أشفار العين فكان يُتَخلص منه بوساطة كاوية يبلغ طولها نحو 15سم تسمى الكاوية الآسية لأن كيها على شكل ورقة نبات الآس. وكانت نواسير العين التي تنشأ في المآقي تزال بالكاوية المجوفة، أما استرخاء الجفن ومنطقة مافوق الحاجبين فكان يعالج جراحيًا بالكاوية الهلالية. كما استخدموا آلات الجراحة الرمدية؛ كالمقص ذي الشفرة العريضة والمقراض الذي يلقط السبل من الإكليل، والمنقاش لقطع الثآليل، والملقاط لأخذ الشعيرات الزائدة. ولقطع اللحم الزائد في داخل الأنف استخدموا ما يعرف بالمخرط، كما استخدموا للأنف أيضًا المسعط وهو آلة تقطر الدهن في الأنف، وكان يتخذ من الفضة أو النحاس وهو مسطح ذو مقبض في نهايته. أما ناسور الأنف فقد استخدموا له المنقب، وطرفه حاد مثلث الشكل ومقبضه خشبي مخروط.
ادوات جراحة العظام عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:49
ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة العظام البيرم؛ وهي تشبه العتلة الصغيرة تصنع من الحديد طولها ثماني أصابع، أما عرضها فيختلف باختلاف حجم الجروح والعظام، وتستخدم لرد العظام المكسورة الناتئة على الجلد وتسويتها. ومنها خشبة الرأس؛ وكانوا يزيلون بها العظم الفاسد؛ وهي ذات رأس مدوَّر وتصنع من الحديد الصلب، وتوضع على الموضع المراد إزالته وتدار حتى يكشط الجزء الفاسد. كما استخدموا نوعًا من المثاقب لثقب العظام بحيث لا يتجاوز عظم القحف إلى الجهة الأخرى، ومن هذه المثاقب الكبير والمتوسط والصغير. ولتسوية خشونة ما يبقى من عظام استخدموا آلة تسمى المقطع العدسي. إلى جانب الأدوات السابقة استخدم الجراحون العرب أدوات أخرى كثيرة.
التخدير والانعاش عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:50
التخدير والإنعاش. لم تقتصر إضافات العرب في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: 1ـ السحر والشعوذة 2ـ التبريد 3ـ إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم. ويعود الفضل إلى العرب في اكتشاف المرقِّد (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.
وإلى جانب اكتشافهم الكبير، وهو استخدام المرقِّد، جرب العرب أدوية مبنجة أو مخففة للألم لأولئك الذين يخضعون أو خضعوا للعمل الجراحي. من ذلك اللُّفَّاح؛ وهو نوع من النبات غليظ الجذر أصفر طيب الرائحة، كما استخدموا القنب الهندي (الحشيش)، والشوكران؛ وهو عشب سام ذو رائحة غير مقبولة إذا فُرك بالأصابع، والخشخاش؛ وأنواعه كثيرة، والبنج؛ وينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعروف بخواصه المبنجة، وحشيشة ست الحُسن. وعلى الرغم من أن مادة الإِثير أدخلت إلى حقل التخدير الاستنشاقي بشكل منتظم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإننا لا نعرف على وجه التحديد أول من اكتشف هذه المادة. إلا أن هناك من القرائن ما يشير إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى العرب؛ فالعرب هم الذين اكتشفوا مادة الغول، وهم الذين اكتشفوا حمـض الكبريتيك (الزَّاج الأخضر). ثم أنهم أجروا تفاعلات وعمليــات تقطير بين الغول وحمض الكبريتيك، مما يقوي احتمال أن يكون العرب أول من اكتشف هذه المادة المهمة في التخدير. ولا غرو فإنهم اكتشفوا مادة الكحول وهي المادة الرئيسية لكل المبنجات السائلة والطيّارة المستخدمة في مجال التخدير حاليًا.
أما الإنعاش وإن لم يكن للعرب فيه خبرة واسعة إلا أنهم قد عرفوا مبادئه. فكانوا يدفعون كميات من الهواء عبر الرئتين بالضغط المتناوب، واستخدموا في ذلك المنفاخ. وتدلنا على ذلك القصة التي أوردها ابن أبي أصيبعة في كتاب طبقات الأطباء؛ وذلك أنه لما جاء نعي إبراهيم بن صالح، ابن عم الرشيد، استأذن الطبيب صالح بن بهلة الدخول على إبراهيم وهو في أكفانه ثم ما لبثوا أن سمعوا صوت ضرب بدن بكف ثم تكبيرًا، ثم استدعى صالح الرشيد وأخرج إبرة فأدخلها تحت ظفر إبهام اليد اليسرى للميت فجذب إبراهيم المسجّى يده إلى بدنه، فطلب الطبيب أن يجردوه من كفنه وطلب كندسًا (نوع من الدواء) ومنفخة من الخزانة، ونفخ في أنف إبراهيم لمدة ثلث ساعة، فاضطرب بعدها بدنه وعطس ثم هبّ مستيقظًا.
علم التضاريس الجغرافية عند العرب
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:38
التضاريس. تناول العلماء المسلمون والعرب الجيومورفولوجيا بشقيها النظري والعملي، وقد توصلوا في ذلك إلى حقائق تتفق مع العلم الحديث. من ذلك أثر العامل الزمني في العمليات الجيومورفولوجية، وأثر الدورتيْن الصخرية والفلكية في تبادل اليابسة والماء، وكذلك أثر كل من المياه والرياح والمناخ عامة في التعرية. ويعد البيروني أفضل من تناول هذا الجانب. ويتضح ذلك في تعليله لكيفية تكوّن أحد السهول في الهند ¸فقد كان في مكان هذا السهل حوض بحري طمرته الترسبات حتى سوت منه سهلاً·، كما لاحظ الترسبات النهرية، خاصة كلما قرب النهر من المصب فإن التكوينات تكون ذات حجم كبير عند المنبع عند أول النهر وتأخذ في الدقة والنعومة كلما قرب من المصب؛ ¸فالحجارة عظيمة بالقرب من الجبال وشدة جريان مياه الأنهار، وأصغر عند التباعد وفتور الجري، ورمالاً عند الركود والاقتراب من المغايض والبحر... (فما كانت) أرضهم إلا بحرًا في القديم قد انكبس بحمولات السيول·.
وأوضح المسعودي أيضًا دورة التبادل بين اليابسة والماء بأن المواضع الرطبة من الأرض لا تكون رطبة دائمًا إلى الأبد، ولا تكون اليابسة يابسة دائمًا، إذ يتغير هذا الوضع بانغمار اليابسة بالماء من الأنهار والبحار، أو العكس بأن تنحسر المياه أو تنقطع الأنهار عن اليابسة؛ لذا فإنه ¸ليس موضع البر أبدًا برًا، ولا موضع البحر أبدًا بحرًا؛ بل قد يكون براً حيث كان مرةً بحرًا، ويكون بحرًا حيث كان مرةً براً، وعلة ذلك الأنهار وبدؤها وجريها فإن لمواضع الأنهار شبابًا وهرمًا، وحياةً وموتًا ونشأة ونشورًا، كما يكون ذلك في الحيوان والنبات·.
أدلى إخوان الصفا بدلوهم في الجانب النظري في الجيومورفولوجيا؛ فأشاروا إلى تأثير عوامل التعرية والنحت في التضاريس. كما أكدوا حدوث عملية التبادل بين اليابسة والماء على مر العصور الجيولوجية وتكوّن السهول الرسوبية البحرية والجبال الالتوائية. فالجبال تعمل فيها عوامل التعرية من شمس وقمر ورياح وصواعق فتتصدع وتتحول إلى حجارة وحصى وصخور ورمال. وتجرف المياه هذه الحجارة والحصى وخلافها إلى الأودية والبحار فتراكمها أمواج البحار صفاً صفاً، ويتلبّد بعضها فوق بعض ويتماسك شيئًا فشيئًا فتأخذ هيئة التلال والجبال تمامًا كما يحدث للرمال والحصى في البراري والقفار. وكلما تراكمت هذه التلال والجبال زاد حجمها مما يؤدي إلى أن تأخذ حيزًا أكبر في الماء، فيرتفع الماء ويغمر مساحات من ساحل البحر أكبر. فلا يزال ذلك دأبه على مر الدهور حتى تصير مواضع البراري بحارًا، ومواضع البحار يبسًا وقفارًا. ثم تبدأ دورة أخرى بأن تتفتت هذه الجبال والتلال فتصير حجارة وحصى ورمالاً تحطها السيول والأمطار وتحملها إلى الأودية والأنهار والبحار، فتتراكم مرة أخرى عبر السنين وتنخفض الجبال الشامخة وتقصر حتى تستوي مع وجه الأرض. أما الطين والرمال التي جرفت من الجبال في اليابسة فتنبسط في قاع البحار وتتماسك فتكوّن على مر الزمن تلالاً وروابي وجبالاً. وينحسر الماء عنها رويدًا رويدًا حتى تنكشف فتصير جزائر وبراري، ويصير ما يبقى من الماء بين هذه التلال والجبال بحيرات وآجامًا وغدرانا، وبطول الزمن تنبت الأعشاب والأشجار وتصير صالحة لسكنى الحيوان والبشر
كانت آراء ابن سينا في الجيومورفولوجيا أقرب الآراء للنظريات الحديثة في هذا الحقل. فهو على سبيل المثال يعزو تكوّن بعض الجبال إلى سببين: ذاتي (مباشر) وعرضي (غير مباشر)؛ فالذاتي يحدث عندما تدفع الزلازل القوية مساحات من الأرض وتحدث رابية من الروابي مباشرة. أما السبب العرضي فيحدث عندما تعمل الرياح النسافة أو المياه الحفّارة على تعرية أجزاء من الأرض دون أجزاء أخرى مجاورة لها؛ فتنخفض، من جراء عوامل التعرية، تلك الأجزاء وتبقى المناطق المجاورة لها مرتفعة. ثم تعمل السيول على تعميق مجاريها إلى أن تغور غورًا شديدًا وتبقى المناطق المجاورة شاهقة. وهذا ما نلاحظه تمامًا في بعض الجبال وما بينها من مجاري السيول والمسالك. أو قد يتكوّن بعضها خلال الفيضانات خاصة إذا كانت أجزاء من الأرض ترابية منخفضة ويكون بعضها لينًا وبعضها حجرياً؛ فتنحفر الأجزاء الترابية اللينة وتبقى الحجرية مرتفعة، ثم يظل هذا المجرى ينحفر على مر الزمن ويتسع ويبقى النتوء ليرتفع قليلاً بانخفاض ما حوله. وإذا تأمل الشخص في أكثر الجبال التي تتكون بهذه الطريقة سيرى "الانحفار الفاصل فيما بينها متولدًا من السيول، ولكن ذلك أمر إنما تم وكان في مدد كثيرة، فلم يبق لكل سيل أثره، بل يُرى الأقرب منها عهدًا. وأكثر الجبال إنما هي في طور الانرضاض والتفتت؛ وذلك لأن عهد نشوئها وتكوّنها إنما كان مع انكشاف المياه عنها يسيرًا يسيرًا. والآن فإنها في سلطان التفتت؛ إلا ما شاء الله من جبال إن كانت تتزايد بس- بب مياه تتحجر فيها أو سيول تؤدي إليها طينًا كثيرًا فيتحجر فيها". ومن الواضح هنا أن ابن سينا قد سبق المحدثين بالإشارة إلى سببين من أسباب تكون الجبال وهي الحركات الأرضية الرافعة، وعوامل التعرية. كما لفت الأنظار إلى التراكمات الجيولوجية البطيئة التي تحدث بمضي الوقت وتعاقب السنين وآثارها الطويلة الأمد.
علم المتيورولوجيا عند العرب
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:39
المتيورولوجيا. عرف العلماء العرب أمورًا مهمة من هذا العلم الذي أطلقوا عليه علم الآثار العلوية. يتناول هذا العلم الجو وظواهره ودرجات الحرارة والكثافة والرياح والسحب وهو ما يسمى بالأرصاد الجوية. وسبق اللغويون العلماء في ذكر الكثير من المصطلحات في هذا العلم. من قبيل ذلك أنهم قسموا درجات الحرارة المنخفضة إلى برد، وحر، وقر، وزمهرير، وصقعة (من الصقيع)، وصر، وأريز (البرد الشديد). وقسموا درجات الحرارة المرتفعة إلى حر، وحرور، وقيظ، وهاجرة، وفيْح. أما الرياح فقد قسموها وفق الاتجاهات التي تهب منها أو وفق صفاتها؛ فهناك الشمأل والشّمال والشامية وهي التي تهب من الشمال، والجنوب أو التيمن وتهب من جهة الجنوب، والصَّبا التي تهب من الشرق، والدبور التي تهب من دبر (خلف) الكعبة. والرياح الشمالية الشرقية الصبابية، والجنوبية الشرقية الأزيْب، والجنوبية الغربية الداجن، والشمالية الغربية الجرْيباء. وما كان حاراً منها سموه رياح السموم، والباردة الصرصر، والرياح الممطرة المعصرة، وغير الممطرة العقيم.
كما أطلقوا على السحاب أسماء تدل على أجزائه ومراحل تكوينه؛ من ذلك: الغمام والمزن، وهو الأبيض الممطر، والسحاب، والعارض، والديمة، والرباب. ومن أجزاء السحابة الهيدب وهو أسفلها، ويعلوه الكفاف، فالرحا وهو ما دار حول الوسط، والخنذيذ، وهو الطرف البعيد للسحابة، وأعلى السحاب سموه البواسق. وللماء الذي يهطل من السماء أو يتجمع بفعل تدني درجات الحرارة أسماء منها: القطر والندى والسَّدَى (ندى الليل) والضباب والطل والغيث والرذاذ والوابل والهاطل والهتون.
ابن سينا والمتيورولوجيا. تناول ابن سينا الكثير من الظواهر المتيورولوجية في موسوعته الشفاء في الجزء الخاص بالمعادن والآثار العلوية. فقد تكلم عن السحب والثلوج والطل والضباب والهالة وقوس قزح والنيازك والرياح وغير ذلك. فالسحاب ¸جوهر بخاري متكاثف طافٍ في الهواء… وهذا الجوهر البخاري كأنه متوسط بوجه ما بين الماء والهواء، فلا يخلو إما أن يكون ماء قد تحلل وتصعّد، أو يكون هواء قد تقبض واجتمع…· أما الطل فيتكون من ¸البخار اليومي المتباطئ الصعود القليل المادة إذا أصابه برد الليل وكثفه وعقد ماء ينزل نزولاً ثقيلاً في أجزاء صغار جدًا لا تحس بنزولها إلا عند اجتماع شيء يعتد به، فإن جمد كان صقيعًا·. أما الثلج الصقيع والبَرَد فيتكوّن لأن السحاب عندما يتكثف ¸يجتمع فيه حب القطر يجمد ولم تتخلق الحبات بحيث تحبس فينزل جامدًا، فيكون ذلك هو الثلج، ونظيره من البخار الفاعل للطل هو الصقيع، وأما إذا جمد بعدما صار ماء وصار حبًا كبارًا فهو البرد. والضباب من جوهر الغمام إلا أنه ليس له قوام السحاب، فما كان منه منحدرًا من العلو وخصوصًا عقيب الأمطار فإنه ينذر بالصحو، وما كان منه مبتدئًا من الأسفل متصعدًا إلى فوق ولا يتحلل فهو ينذر بالمطر·.
ذكر ابن سينا أيضًا الهالة التي تُرى حول القمر أو الشمس. وقال إنها تنشأ من جراء وجود بخار الماء في الجو (سحاب لطيف)، فإذا وقع عليه الشعاع تكونت الهالة.
أما عن الرياح فيقول ابن سينا بوجود علاقة بينها وبين المطر، وأن العام الذي تكثر فيه الرياح يقل فيه المطر والعكس فيقول في ذلك ¸... وما يدل على أن مادة المطر الذي هو البخار الرطب، هو أنهما في أكثر الأمر يتمانعان، والسنة التي تكثر فيها الرياح تكون سنة جدب وقلة مطر، لكنه كثيرًا ما يتفق أن يعين المطر على حدوث الرياح تارة بأن يبل الأرض، فيعدها لأن يتصعّد منها دخان، فإن الرطوبة تعين على تحلل اليابس وتصعده، وتارة بما يبرد البخار الدخاني فيعطفه، كما أنه قد يسكنه بمنع حدوث البخار الدخاني وقهره. والريح أيضًا كثيرًا ما تعين على تولد المطر بأن تجمع السحاب، أو بأن تقبض برودة السحاب...·. أما البرق عنده ¸فيرى، والرعد يسمع. فإذا كان حدوثهما معًا رؤي البرق في الآن وتأخر سماع الرعد؛ لأن مدى البصر أبعد من مدى السمع·. وهذا ما يؤيده علم الفيزياء حالياً من أن سرعة الضوء أكبر من سرعة الصوت.
إخوان الصفا والمتيورولوجيا. تناول إخوان الصفا جوانب متفرقة من المتيورولوجيا؛ تحدثوا فيها عن الأمطار، والندى، والصقيع، والطل، والتكثف، وطبقات الجو العليا وأقسامها وجوانب أخرى يتقاسمها علم الجغرافيا مع المتيورولوجيا خاصة ما يتعلق منها بالمناخ. فالأمطار تحدث في رأيهم وفقًا لمراحل التصعيد والتكثف والتبريد تمامًا كما يقول العلم الحديث فإنه ¸إذا ارتفعت البخارات في الهواء ودافع الهواء إلى الجهات، ويكون تدافعه إلى جهة أكثر من جهة. ويكون من قدام له جبال شامخة مانعة، ومن فوق له برد الزمهرير له مانع. ومن أسفل مادة البخارين متصلة، فلا يزال البخاران يكثران ويغلظان في الهواء وتتداخل أجزاء البخارين بعضها في بعض حتى يسخن ويكون منها سحاب مؤلف متراكم. وكلما ارتفع السحاب بردت أجزاء البخارين، وانضمت أجزاء البخار الرطب بعضها إلى بعض، وصار ما كان دخانًا يابسًا ماء وأنداء، ثم تلتئم تلك الأجزاء المائية بعضها إلى بعض وتصير قَطْرًا بردًا، وتثقل فتهوي راجعة من العلو إلى السفل فتسمى حينئذ مطرًا. فإن كان صعود ذلك البخار الرطب بالليل والهواء شديد البرد، منع أن تصعد البخارات في الهواء، بل جمدها أول بأول وقربها من وجه الأرض فيصير من ذلك ندى وصقيع وطل. وإن ارتفعت تلك البخارات في الهواء قليلاً وعرض لها البرد صارت سحابًا رقيقًا. وإن كان البرد مفرطًا جمد القْطر الصغار في حلل الغيم، فكان من ذلك الجليد أو الثلج·.
قسم إخوان الصفا طبقات الهواء إلى ثلاث: الأثير؛ وهو أعلى طبقة وهو في غاية الحرارة، والزمهرير طبقة باردة في غاية البرودة، والنسيم؛ وهي الطبقة الهوائية التي تلي سطح الأرض، وهي مختلفة في اعتدال حرارتها. وعلى الرغم من تمييزهم لكل طبقة من تلك الطبقات، إلا أنهم قالوا إن هذه الطبقات قد يتداخل بعضها في بعض. وأكدوا على أن الهواء المحيط بالكرة الأرضية لا تأتيه الحرارة من الشمس مباشرة، بل يكتسبها من الأشعة التي تنعكس عليه من سطح الأرض والمياه.
الأحافير. تناول بعض العلماء العرب علم الأحافير في معرض تناولهم لعمر الأرض، وخلال استدلالهم من تحول البحر إلى مناطق يابسة. فالبيروني يستشهد في كتابه تحديد نهايات الأماكن لتصحيح مسافات المساكن على أن جزيرة العرب كانت مغمورة بالمياه فانحسرت عنها بتعاقب الحقب الجيولوجية، وأن من يحفر حياضًا أو آبارًا يجد بها أحجارًا إذا شقت خرج منها الصدف والودع. ¸فهذه بادية العرب كانت بحرًا فانكبس، حتى أنّ آثار ذلك ظاهرة عند حفر الآبار والحياض بها؛ فإنها تبدي أطباقًا من تراب ورمال ورضراض، ثم فيها من الخزف والزجاج والعظام ما يمتنع أن يُحمل على دفن قاصد إياها هناك، بل تخرج أحجارًا إذا كسرت كانت مشتملة على أصداف وودع وما يسمى آذان السمك؛ إما باقية فيها على حالها، وإما بالية قد تلاشت، وبقي مكانها خلاء فتشكَّل بشكلها·. وهنا يشير البيروني إلى المستحجرات وهي بقايا عضوية كاملة أو طوابعها التي تكون داخل الحجارة، ويستدل بذلك على أن بعض المناطق كانت تغطيها المياه ثم أصبحت ضمن اليابسة.
ومثل البيروني نجد أن المازيني في العقد السادس من القرن السادس الهجري يشير إلى العاج المتحجر الذي رآه بنفسه في حوض نهر الفولجا. وكان لابن سينا رأي شبيه برأي البيروني من حيث إن وجود المستحجرات الحيوانية المائية في منطقة يابسة دليل على أن تلك المنطقة كانت مغمورة بالمياه في حقبة زمنية قديمة. من ذلك ما جاء في الشفاء ¸... فيشبه أن تكون هذه المعمورة قد كانت في سالف الأيام غير معمورة، بل مغمورة في البحار فتحجرت عامًا بعد الانكشاف قليلاً قليلاً ففي مدد لا تفي التأريخات بحفظ أطرافها، إما تحت المياه لشدة الحرارة المحتقنة تحت البحر، والأولى أن يكون بعد الانكشاف، وأن تكون طينتها تعينها على التحجر؛ إذ تكون طينتها لزجة. ولهذا ما يوجد في كثير من الأحجار، إذا كسرت أجزاء من الحيوانات المائية كالأصداف وغيرها·. ويستطرد قائلاً ¸إن كان ما يحكى من تحجر حيوانات ونبات صحيحًا؛ فالسبب فيه شدة قوة معدنية محجرة تحدث في بعض البقاع البحرية، أو تنفصل دفعة من الأرض في الزلازل والخسوف فتحجر ما تلقاه·.
كروية الأرض. هناك من الدلائل ما يشير إلى أن المسلمين قد عرفوا أن الأرض كروية منذ عهد المأمون (ت 218هـ،833م). فقد قام فريقان من علماء المسلمين بقياس محيط الأرض بأمر من المأمون، وتوصل الفريقان إلى أن طول المحيط 41248كم. و لعل أول من قال بكروية الأرض وكتب عنها صراحة هو الكندي. وقد أثبت ذلك بطريقة حسابية في رسالته العناصر والجرم الأقصى كرِّية الشكل. وكان ابن خرداذبه (ت 300هـ، 912م) ممن كتبوا في كروية الأرض في كتاب المسالك والممالك، واستعار لهيئة الأرض صورة المحة والبيضة، وكذلك الهمداني الذي قدم أدلّة كروية الأرض في كتاب صفة جزيرة العرب وكتاب الجوهرتين. ونجد إشارات أكثر وضوحًا لدى المسعودي في كتاب مروج الذهب وكتاب التنبيه والإشراف. انظر: الجغرافيا في هذه المقالة.
ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض المقدسي (ت 375هـ، 985م)، في كتابه أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. وقد مثل لكروية الأرض في الفلك بصورة المحة في جوف البيضة أيضًا كما فعل ابن خرداذبه من قبل، وقسَّم دائرة الكرة الأرضية إلى 360 درجة. ولإخوان الصفا في كروية الأرض رأي واضح مباشر: ¸فالأرض جسم مدوَّر مثل الكرة، وهي واقفة في الهواء... ومركزها نقطة متوهمة في عمقها على نصف القطر، وبعدها من ظهر سطح الأرض ومن سطح البحر من جميع الجهات متساوٍ لأن الأرض بجميع البحار التي على ظهرها كرة واحدة·. ومن العلماء المسلمين الذين قالوا بكروية الأرض أيضًا ابن سينا، والبيروني، وياقوت الحموي، والقزويني وأخيرًا ابن خلدون.
الطب وأقسامه عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:44
تواريخ مهمة في الطب و الصيدلة
كانت للعرب في الجاهلية تجاربهم في الطب، وقد أضافوا إليها ما اكتسبوه من الأمم المجاورة كالفرس والهنود وغيرهم. وقد انتهجوا طريقتين للعلاج أولاهما الكهانة والعرافة، والثانية ما خبروه من عقاقير نباتية إضافة إلى الكي والحجامة والفصد. ومن أبرز أطباء الجاهلية زهير الحِمْيري، وابن حزيم، والحارث بن كلدة صاحب كتاب المحاورة في الطب، والنضر بن الحارث. أما في الإسلام، فقد بدأ الطب يتأثر رويدًا رويدًا بالطب المحدث بدءًا من العصر الأموي؛ إذ أخذ العلاج يتأثر بالطب الإغريقي، ومن أشهر الأطباء في ذلك الوقت ابن أثال والحكم الدمشقي وعبدالملك الكناني طبيب عمر بن عبدالعزيز. وقد علا شأن الطب في عهد الدولة العباسية بزيادة احتكاك العرب بالأمم الأخرى التي فتحوا بلدانها، واستقدم الخلفاء أفضل الأطباء منهم مثل جورجيس بن بختيشوع وابنه جبريل، ويوحنّا بن ماسويه، وقد اشتهروا بجانب كونهم أطباء بنبوغهم في الترجمة والتأليف. ومع تقدم الزمن ظهر نوع مما يمكن أن نسميه حاليًا بالتخصص في تناول فروع الطب المختلفة كالطب الجراحي، وطب العيون، وطب الأطفال وعلم التشريح، والطب النفسي، وما يتبع ذلك من تطور في طرق العلاج وبناء المستشفيات.
بعض أدوات جراحية اكتشفت في موقع الفسطاط.
الطب الجراحي. عُرف هذا الفرع من الطب عند الأقدمين من المسلمين بأسماء عدة منها: عمل اليد، وصناعة اليد، وعلاج الحديد لما يدخل فيه من استخدام أدوات تصنع من الحديد. وكان يطلق على من يزاول هذه المهنة اسم جرائحي أو دستكار؛ وهي كلمة فارسية الأصل أخذت من (دستكاري) وهي ترجمة للكلمة العربية التي تعني عمل اليد، أما الطبيب غير الجراح فكان يطلق عليه الطبائعي. وعلى الرغم من أن العرب ذكروا أنهم استقوا علمهم في الجراحة من الهند وبلاد فارس، فإن معظم ما نقلوه كان من اليونان، ومن ثم أبدعوا فيه. وهم أول من فرّق بين الجراحة وغيرها من الموضوعات الطبية، وألزموا الجراح أن يكون ملماً بعلم التشريح ومنافع الأعضاء ومواضعها. وكانوا يؤكدون على حاجة المشتغلين بالطب إلى تشريح الأجسام حية وميتة، وقد شرّحوا القرود كما فعل ابن ماسويه. وكانت معرفة الجراحين المسلمين بكتاب جالينوس المعروف بقاطاجانس في الجراحات والمراهم أمرًا إلزاميًا.
من إبداعات العرب في مجال الجراحة أنهم أول من تمكّن من استخراج حصى المثانة لدى النساء ـ عن طريق المهبل، كما توصلوا إلى وصف دقيق لعملية نزف الدم وقالوا بالعامل الوراثي في ذلك، حيث وجدوا أن بعض الأجسام لديها استعداد للنزف أكثر من غيرها، وتابعوا ذلك في عائلة واحدة لديها هذا الاستعداد وعالجوه بالكي، كما نجحوا في إيقاف الدم النزيف أيضًا بربط الشرايين الكبيرة. وأجروا العمليات الجراحية في كل موضع تقريبًا من البدن؛ وكتبوا عن جراحة الأسنان وتقويمها وجراحة العين. وبرعوا في قدح الماء الأزرق من العين، وكانت هذه العملية أمرًا يسيرًا ونتائجها مضمونة. وذكروا أكثر من ست طرق لاستخراج هذا الماء من العين منها طريقة الشفط. وأجروا العمليات الجراحية في القصبة الهوائية، بل إن الزهراوي (ت 427هـ، 1035م) كان أول من نجح في عملية فتح الحنجرة (القصبة الهوائية) وهي العملية التي أجراها على أحد خدمه. ويقول الرازي في هذا الصدد: "العلاج أن تشق الأغشية الواصلة بين حلق قصبة الرئة ليدخل النَّفَس منه، ويمكن بعد أن يتخلص الإنسان وتسكن تلك الأسباب المانعة من النَّفَس أن يخاط ويرجع إلى حاله، ووجه علاجه أن يمد الرأس إلى الخلف ويمد الجلد ويشق أسفل من الحنجرة ثم يمد بخيطين إلى فوق وأسفل حتى تظهر قصبة الرئة… فإذا سكن الورم، وكان النَّفَس فَلْيُخَطْ ويمسك قليلاً واجعل عليه دروزًا أصغر". كما شرحوا الطريقة التي يستطيع بها المصاب بحَصََر البول، ومن يتعذَّر عليه الإدرار؛ بأن تجرى له جراحة كي تركب له قثطرة. ولعل العرب كانوا من أوائل من أشاروا إلى ما يسمى الآن بجراحة التجميل، وقد بينوا كيفية هذه الجراحة في الشفة والأنف والأذن حينما تطرأ عليها الضخامة من نتوء بارز أو قطع، بحيث تعود هذه الأعضاء إلى حالتها الطبيعية فيرتفع القبح الناشئ عن اللحمة الزائدة. وكما أن الطب الجراحي الحديث لا يلجأ للجراحة إلا إذا كانت هي الحل الأخير، فكذلك كان يفعل الجراحون العرب؛ فما كانت الجراحة عندهم إلا كالشر الذي لابد منه. من ذلك ما نجده في قول الرازي في كتابه محنة الطبيب: "متى رأيت الطبيب يبرئ بالأدوية التي تعالج بعلاج الحديد والعملية الجراحية مثل الخراجات والدبيلات واللوزتين، والخنازير واللهاة الغليظة والسلع والغُدد… فمتى أجاد الطبيب في جميع هذه ولا يحتاج في شيء منها إلى البط والقطع إلا أن تدعو لذلك ضرورة شديدة فاحمد معرفته"، ومن ثم سار المثل: آخر الدواء الكي. كما مارس الجراحون العرب إجراء العمليات الناجحة في البطن، والمجاري البولية، والولادة القيصرية، وتجبير الكسور، والخلع، وعمليات الأنف والأذن والحنجرة، وكانوا يخيطون الجروح خياطة داخلية لا تترك أثرًا ظاهرًا من الجانب الخارجي. وخاطوا مواضع العمليات بخيط واحد باستخدام إبرتين، واستخدموا الأوتار الجلدية وخيوطًا صنعوها من أمعاء القطط وحيوانات أخرى في جراحات الأمعاء ورتق الجروح؛ إذ إن الجسم يمتصها دون أن تلحق به أذىً. وتوصلوا إلى أساليب في تطهير الجروح وطوروا أدوات الجراحة وآلاتها. وكان للجراحين العرب فضل كبير في استخدام عمليتي التخدير والإنعاش على أسس تختلف عما نقلوه من الأمم الأخرى.
ادوات الجراحة عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:45
أدوات الجراحة. لم يكتف الجراحون العرب بالأدوات التي نقلوها عن الأمم التي سبقتهم، بل اخترعوا آلات جديدة وطوروا تلك التي آلت إليهم من غيرهم. وذكر الكثيرون منهم ـ في ثنايا مؤلفاتهم ـ الأدوات التي استخدمت في عصرهم. ومن هذه المؤلفات، على سبيل المثال، الكتاب الذي صنفه الزهراوي التصريف لمن عجز عن التأليف، وابن القُف أبو الفرج بن يعقوب (ت685هـ، 1286م) عمدة الإصلاح في صناعة الجراح، وأبو الحسن ابن بطلان دعوة الأطباء. وقد اكتشفت بعض الآلات الجراحية أثناء الحفريات التي جرت في موقع الفسطاط التي أسسها عمرو بن العاص سنة 21هـ،641م. ومن هذه الأدوات: أولاً الدَّست وهو يشبه الحقيبة التي تحفظ فيها المباضع. وهذه المباضع أنواع تختلف أشكالها باختلاف الوظائف التي تؤديها؛ فمنها مبضع شق الجلد وهو حاد الطرفين، ويستخدم في حالة فتح مكان في الجلد فوق الشرايين حتى يتمكن الجراح من ربطها. والمبضع المعطوف؛ ويكون أحد طرفيه حادًا ويستخدم لاستئصال اللوزتين. ومن الأدوات التي استخدمت للوزتين المقطع؛ ويشبه المقص بطرفيه المعطوفين، والمباضع الشوكية؛ وهي نوعان:أحدهما يستخدم لبزل البطن في حالة الحبن (الاستسقاء، الورم) ليسمح بإدخال أنبوب دقيق لسحب الماء، وآخر يشق به الناسور. ومبضع فتح الأورام؛ لاستخراج الصديد والقيح المتجمع فيها، وهو ذو نصل مستدير. والمبضع الأملس؛ ويستخدم في قطع الظفرة (لحمة تنبت عند المآقي) من العين. ومبضع الأذن لقطع ما يسقط في الأذن من أجسام غريبة. ومبضع الشق العجاني، ويستخدم لشق العجان (وهو الدُّبر ومافوقه) لاستخراج الحصاة. ومبضع الفصد؛ وهو مبضع عريض ذو نصل يشبه ورقة نبات الآس؛ يستخدم لفصد العروق. والمبضع أملس الحافتين؛ ويستخدم لفتح الأذن التي قد تسد إما من جراء جسم خارجي، أو لزائدة تنبت فيها.
إلى جانب المباضع توجد أدوات أخرى منها الصنانير، وهي أنواع أيضًا، منها البسيط ذو المخطاف الواحد، والمركب ذو المخطافين أو الثلاثة مخاطيف، وأخرى ذات ثلاث شوكات ومقبض واحد لشد الجلد. وصنانير خاصة بخلع بقايا السن المكسورة، طرفها مثلث الشكل فيها بعض الغلظ. أما بقايا جذور الأضراس المكسورة فكانت تخلع بأداة يدخلونها في السنخ فتخلعها. وتسمى هذه الأداة العتلة وهي ذات أشكال وأحجام مختلفة تحددها الوظيفة التي تقوم بها. ومن الأدوات الخاصة بخلع الأسنان والأضراس الكلاليب، ومنها ما يشبه مناقير الطيور تخلع الأضراس من أصولها. ومن الكلاليب ما يستخدم لاستخراج ما ينشب في الحلق من أجسام غريبة، وهي ذات أطراف معقوفة خشنة كالمبرد إذا لامست الجسم قلما تتركه. ومثلها مرْوَد الحلق؛ وهو آلة يستخرج بها الشوك أو العظم وما شابههما من الحلق، وهي ذات طرف معقوف كالصنارة. وآلة كي اللهاة، وتشبه المرود وطرفها كالملعقة تملأ بمادة كاوية توضع على اللهاة.
أما الأنابيب فكانت تتخذ من الريش أو تصنع من الفضة والنحاس أو الحديد. ويعتمد ذلك على نوع الوظيفة التي يؤديها الأنبوب؛ فهناك أنبوب لقطع الثملة؛ وهي الزوائد اللحمية التي تظهر في الوجه والعنق، ويصنع من ريش الأوز أو النسور، ويوضع فوق الثملة ويشد عليها حتى يقطعها من أصلها. وهناك أنبوب هوام الأذن، وهو ذو فوهة ضيقة ونهاية واسعة يدخل إلى الأذن بمقدار يحتمله المريض ويشفط به شفطًا قويًا حتى تخرج الهوام. ومن هذا النوع أنبوب يعبأ بزيت دافئ يدفع ببطء داخل الأذن فتخرج الهوام، ويصنع من الفضة أو النحاس. وهناك نوع من الأنابيب يُبرى على هيئة القلم يصنع من الفضة أو النحاس به ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد تستخدم لبزل الماء في الحبن أو جذبه. وهناك نوعان من الجفت واحد لاستخراج العظام المكسورة من الفك، وآخر صغير دقيق يستخدم في استخراج الأجسام الدقيقة من الأذن. ومن الأدوات التي استخدمت للأذن أيضًا المجرفة؛ وهي آلة كالمجرد (المكشط) لرفع الأجسام الغريبة منها. كما استخدموا القثاطر لتسهيل خروج البول من المثانة وطولها نحو شبر ونصف الشبر. وتصنع من الفضة المجوفة بحجم أنبوب ريش الطير.
ومن الآلات التي كانت تستخدمها القابلات في التوليد اللوالب؛ وهي آلات تساعد في فتح فم الرحم وتصنع من الأبنوس، ويكون في طرف اللولب خشبتان عرض كل منهما نحو أصبعين وطولهما شبر ونصف، وفي وسط الخشبتين زائدتان تربطان فيهما تدخلان في المهبل ليفتح بها عند إدارة اللولب. كما استخدموا نوعًا من الصنانير ذات الشوكتين لجذب الجنين. ومنها أيضًا المشداخ وهو آلة يشدخ بها رأس الجنين ليسهل إخراجه من فم الرحم، ويشبه المقص وله أسنان كأسنان المنشار. ومنها أيضاً أداة تسمى المبخرة للتبخير بها عند احتباس دم الطمث والمشيمة، وتصنع من النحاس ويوضع طرفها الرفيع في القُبل والواسع على النار والبخور فوق الجمر. ومدفع الجنين وهو على شكل صنارة يشبك طرفه في الجنين ويدفع به إلى الأمام. واستخدموا المجارد (المكاشط)، وهي آلات تجرد بها الأضراس والأسنان لإزالة الكلس والسواد والصفرة عنها، وبعضها مصمم ليجرد به من الداخل وبعضها من الخارج وبعضها للجرد بين الأسنان والأضراس. ومن المجارد ما يستخدم لكشط العظام، وهي كالمبرد وتسمى المجارد خشنة الرأس، وكل المجارد تصنع من الحديد.
المحاجم والمحاقن عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:46
كما استخدم الجراحون العرب المحاجم والمحاقن. والمحاجم على ثلاثة أشكال: منها الصغير والمتوسط والكبير، وتصنع من النحاس أو من الصيني مدورة أسطوانية تستخدم لقطع النزف، ولا بد أن يكون لدى الطبيب كل المقاسات. وهناك المحجمة النارية والمحجمة المائية؛ فالأولى تصنع من النحاس الأصفر، وفي منتصفها ثقب بمقدار ما يدخل الإبرة يغلقه الحاجم بإصبعه عند الاستعمال، وحالما ينتهي يرفع إصبعه عن الثقب فتنحل المحجمة في الحال. أما المحجمة المائية فليس بها ثقب، وإنما تعبأ بالماء وتوضع على العضو مباشرة، وكلما كان حجمها أكبر استوعبت كثيرًا من الماء الحار أو المخلوط بالأعشاب. أما المحاقن فنوعان؛ كبير وصغير، وتستخدم الصغيرة للأطفال. وتصنع من الفضة أو النحاس أو الصيني. وأعلى المحقن واسع على هيئة كيس توضع فيه المادة المحقونة، وطرفه الأسفل الذي يدخل في الشرج أملس رقيق مصمت. ومنها محقن المثانة وهو صغير لطيف تحقن به المثانة ويصنع من الفضة. يملأ بالسوائل المدفأة ويدخل طرف المحقن في الإحليل ويدفع السائل بالضغط على مؤخرة المحقن ضغطًا شديدًا فيندفع السائل إلى المثانة. ومن الآلات المستخدمة في جراحة المثانة أيضًا المزراقة؛ وهي أداة لتقطير الماء في جوف المثانة، وبها ثلاثة ثقوب: اثنان منها على جانب واحد والثالث على الجانب الآخر، وتستخدم في دفع السوائل أو جذبها من المثانة. وهناك المشعب وهو آلة مثلثة الطرف تصنع من الحديد الصلب ولها مقبض خشبي تستخدم لتفتيت الحصاة في القضيب أو مجرى البول.
الادوات الجراحية الدقيقة عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:47
ستخدم الجراحون أدوات دقيقة لاستئصال الأورام والناسور أو لقطعها؛ من ذلك البريد، وهو أداة كالمسبار تصنع من النحاس الأصفر أو الأبيض أو الرصاص، ويختلف حجمه وشكله باختلاف موضع الورم أو الناسور أو الخراج وحجمه. كما استخدموا المدس وهو آلة كالمرود لجس واستقصاء الأورام. وأنواع المدسات ثلاثة؛ كبير ومتوسط وصغير، ووظيفة المدس أن يُدخل (يدس) في أرطب مكان، ويدار بلطف بين الأصابع ثم ينزع ويفحص ما خرج معه من أنواع الرطوبات. ومما استخدم في جراحة الأورام المشرط، وهو آلة تشق بها الأورام، وهي على ثلاثة أنواع: كبيرة ومتوسطة وصغيرة، وهي عريضة ذات طرفين أحدهما حاد يستعان به في شق الورم. وهناك المكبس المجوف؛ وهو آلة تصنع من الفضة أو النحاس مسطحة، ووظيفتها كبس اللسان ليتمكن الجراح من رؤية الحلق وكشف أورامه. ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة الناسور أيضًا المسبار المثقوب، كانوا يدخلون فيه خيطًا مفتولاً من خمسة خيوط ويربطون به أصل الناسور ويشدونه ويتركونه يومين أو ثلاثة حتى يسقط من تلقاء نفسه. ومن أدوات جراحة الأورام أيضًا الكاوية، وتشبه السكين المعوجة النصل، تكوى بها الأورام التي تنشأ في الأرجل كالفخذين والساقين والأقدام. وكذلك الكاوية المسمارية وتكوى بها بواسير الشرج والرحم. والكاوية الأنبوبية التي تكوى بها الأضراس وهي ذات أشكال متعددة، والكاوية الهلالية الطرف التي تكوى بها الفتوق، وكاوية البطن والكبد وكاويات قطع الشرايين وكاويات المفاصل. والكاوية الزيتونية ويكوى بها الفالج والصداع وعرق النَّسَا، إلى جانب كاويات تستخدم في الشقيقة وأمراض الكلى والمثانة وآلام الظهر.
جراحة العيون عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:48
أما في جراحة العيون والأنف والأذن والحنجرة، فقد استخدموا آلات عديدة. ومن ذلك أنهم استخدموا البريد وهو آلة شديدة الصلابة لثقب الملتحمة دون التعمق في الثقب، ومن ثم يستخدمون المقدح بعد إجراء الثقب. كما استخدموا القصبة في رفع جفن العين أثناء العملية. وكانت تتخذ قصبتان بطول الجفن وتشدان شدًا وثيقًا وتتركان مدة من الزمن حتى تموت الجلدة الزائدة وتسقط من تلقاء نفسها أو تقرض بالمقراض إن استغرقت مدة طويلة ولم تسقط. ومثل القصبة أيضًا مخالب التشمير، وهي آلات كالصنانير تستعمل أيضًا في رفع الأجفان. أما المقادح فهي آلات تشبه المباضع تستخدم في قدح الماء الذي يسيل من العين. كما استخدموا أنواعًا من المقصات في عمليات العيون منها الصغير الذي يستخدم لقطع ما يبقى من الجلد في عمليات الجفون ومقص التعقيم الذي تطهر به جروح العين بعد العملية. أما الشعر الذي ينبت في أشفار العين فكان يُتَخلص منه بوساطة كاوية يبلغ طولها نحو 15سم تسمى الكاوية الآسية لأن كيها على شكل ورقة نبات الآس. وكانت نواسير العين التي تنشأ في المآقي تزال بالكاوية المجوفة، أما استرخاء الجفن ومنطقة مافوق الحاجبين فكان يعالج جراحيًا بالكاوية الهلالية. كما استخدموا آلات الجراحة الرمدية؛ كالمقص ذي الشفرة العريضة والمقراض الذي يلقط السبل من الإكليل، والمنقاش لقطع الثآليل، والملقاط لأخذ الشعيرات الزائدة. ولقطع اللحم الزائد في داخل الأنف استخدموا ما يعرف بالمخرط، كما استخدموا للأنف أيضًا المسعط وهو آلة تقطر الدهن في الأنف، وكان يتخذ من الفضة أو النحاس وهو مسطح ذو مقبض في نهايته. أما ناسور الأنف فقد استخدموا له المنقب، وطرفه حاد مثلث الشكل ومقبضه خشبي مخروط.
ادوات جراحة العظام عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:49
ومن الأدوات التي استخدموها في جراحة العظام البيرم؛ وهي تشبه العتلة الصغيرة تصنع من الحديد طولها ثماني أصابع، أما عرضها فيختلف باختلاف حجم الجروح والعظام، وتستخدم لرد العظام المكسورة الناتئة على الجلد وتسويتها. ومنها خشبة الرأس؛ وكانوا يزيلون بها العظم الفاسد؛ وهي ذات رأس مدوَّر وتصنع من الحديد الصلب، وتوضع على الموضع المراد إزالته وتدار حتى يكشط الجزء الفاسد. كما استخدموا نوعًا من المثاقب لثقب العظام بحيث لا يتجاوز عظم القحف إلى الجهة الأخرى، ومن هذه المثاقب الكبير والمتوسط والصغير. ولتسوية خشونة ما يبقى من عظام استخدموا آلة تسمى المقطع العدسي. إلى جانب الأدوات السابقة استخدم الجراحون العرب أدوات أخرى كثيرة.
التخدير والانعاش عند المسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:50
التخدير والإنعاش. لم تقتصر إضافات العرب في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: 1ـ السحر والشعوذة 2ـ التبريد 3ـ إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم. ويعود الفضل إلى العرب في اكتشاف المرقِّد (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.
وإلى جانب اكتشافهم الكبير، وهو استخدام المرقِّد، جرب العرب أدوية مبنجة أو مخففة للألم لأولئك الذين يخضعون أو خضعوا للعمل الجراحي. من ذلك اللُّفَّاح؛ وهو نوع من النبات غليظ الجذر أصفر طيب الرائحة، كما استخدموا القنب الهندي (الحشيش)، والشوكران؛ وهو عشب سام ذو رائحة غير مقبولة إذا فُرك بالأصابع، والخشخاش؛ وأنواعه كثيرة، والبنج؛ وينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعروف بخواصه المبنجة، وحشيشة ست الحُسن. وعلى الرغم من أن مادة الإِثير أدخلت إلى حقل التخدير الاستنشاقي بشكل منتظم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإننا لا نعرف على وجه التحديد أول من اكتشف هذه المادة. إلا أن هناك من القرائن ما يشير إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى العرب؛ فالعرب هم الذين اكتشفوا مادة الغول، وهم الذين اكتشفوا حمـض الكبريتيك (الزَّاج الأخضر). ثم أنهم أجروا تفاعلات وعمليــات تقطير بين الغول وحمض الكبريتيك، مما يقوي احتمال أن يكون العرب أول من اكتشف هذه المادة المهمة في التخدير. ولا غرو فإنهم اكتشفوا مادة الكحول وهي المادة الرئيسية لكل المبنجات السائلة والطيّارة المستخدمة في مجال التخدير حاليًا.
أما الإنعاش وإن لم يكن للعرب فيه خبرة واسعة إلا أنهم قد عرفوا مبادئه. فكانوا يدفعون كميات من الهواء عبر الرئتين بالضغط المتناوب، واستخدموا في ذلك المنفاخ. وتدلنا على ذلك القصة التي أوردها ابن أبي أصيبعة في كتاب طبقات الأطباء؛ وذلك أنه لما جاء نعي إبراهيم بن صالح، ابن عم الرشيد، استأذن الطبيب صالح بن بهلة الدخول على إبراهيم وهو في أكفانه ثم ما لبثوا أن سمعوا صوت ضرب بدن بكف ثم تكبيرًا، ثم استدعى صالح الرشيد وأخرج إبرة فأدخلها تحت ظفر إبهام اليد اليسرى للميت فجذب إبراهيم المسجّى يده إلى بدنه، فطلب الطبيب أن يجردوه من كفنه وطلب كندسًا (نوع من الدواء) ومنفخة من الخزانة، ونفخ في أنف إبراهيم لمدة ثلث ساعة، فاضطرب بعدها بدنه وعطس ثم هبّ مستيقظًا.
مواضيع مماثلة
» * العلوم عند العرب:التخدير- طب الاطفال - طب النساء - الطب النفسي -التشريح -الفيزياء - البصريات - الاصوات - الميكانيكا
» الطب عند العرب قبل الإسلام
» * تاريخ الطب عند العرب و المسلمين
» * العلوم عند العرب والمسلمين :الجيولوجيا - الزلازل - الصخور والمعادن - علم البحار
» * الطب عند الامم السالفة
» الطب عند العرب قبل الإسلام
» * تاريخ الطب عند العرب و المسلمين
» * العلوم عند العرب والمسلمين :الجيولوجيا - الزلازل - الصخور والمعادن - علم البحار
» * الطب عند الامم السالفة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى