* معجزات القرآن - الرقمية - الحبك صورة كونية
صفحة 1 من اصل 1
* معجزات القرآن - الرقمية - الحبك صورة كونية
القرآن الكريم بحر زاخر
بالمعجزات الرقمية
اعداد : طارق فتحي
حوار مع المؤلف أجراه الصحفي خالد عواد الأحمد
توصل الباحث السوري عبد الدائم الكحيل الى رؤية جديدة من نوعها للإعجاز الرقمي في القران الكريم بأسلوب علمي حاسوبي فريد يعتمد العدد 7 كـأساس لدراسة النظام المذهل للغة الأرقام في كتاب الله عزَّ وجلَّ. وهي المرة الأولى التي يتم التوصل فيها الى اكتشاف نظام رقمي في القرآن الكريم بهذه الطريقة.
وستصدر للباحث تباعا مجموعة كتب تحت عنوان سلسلة الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم وتهدف إلى عرض حقائق رقمية ثابتة في كتاب الله تعالى. وقد صدر الجزء الاول بعنوان: معجزة القرآن في عصر المعلوماتية، عن دار الفكر بدمشق، وفيه إجابات وافية عن اسئلة ملحة في هذا المجال من مثل: أين معجزة القران في هذا العصر، وما هو الإثبات الرقمي على أن القران كتاب الله تعالى، و ما هو الإثبات على أن البشر عاجزون عن الإتيان بمثل القران، وهل رسم كلمات القران هو وحيٌ من عند الله عزَّ وجلَّ، و لماذا تختلف طريقة كتابة كلمات القران عن أي كتاب في العالم، وغيرها من الأسئلة.
وكان معه الحوار التالي:
بداية ما هو مفهوم الإعجاز الرقمي في القران الكريم؟
الإعجاز الرقمي ببساطة هو ذلك العلم الذي يبحث في العلاقات الرقمية بين أحرف وكلمات القرآن الكريم بشكل يثبت معجزة القرآن العظيم، وأنه كتاب الله لكل البشر. هذا من جهة ومن جهة ثانية يهدف هذا العلم الناشئ إلى إيجاد الحقائق الرقمية الثابتة على استحالة الإتيان بمثل هذا القرآن وبشكل لا يترك مجالا للشك أو الارتياب. ونجد مصداق هذا التعريف في كتاب الله تعالى حيث يخاطب كل من يشكّ بصدق الرسالة الإلهية: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 2/23-24].
إذا دخلنا إلى مكتبة ضخمة تمتلىء بالكتب وسألنا القائمين عليها : كيف تحافظون على هذا العدد الضخم من الكتب من النقصان أو التغيير أو الضياع ؟ إن الإجابة ستكون طبعاً بواسطة لغة الأرقام .
فقد تم ترقيم هذه الكتب بتسلسل معين بحيث تجري عملية جرد وإحصاء مستمرة لها كل فترة من الزمن من خلال مراجعة أرقام الكتب التسلسلية وحيث نجد خللاً في سلسلة الأرقام فهذا يعني وجود نقص في الكتب داخل المكتبة .
هذا مثال مبسط لتخيل فكرة الإعجاز العددي ، فقد رتب البارئ سبحانه كلمات وحروف وآيات وسور كتابه المجيد وفق تسلسل رقمي دقيق جداً بحيث أنه إذا نقص حرف أو زاد حرف أو تغير موضع كلمة من كلماته، فإن هذا سيؤدي إلى تغير وخلل في البناء الرقمي القرآني.
وهكذا كتاب الله تبارك وتعالى إذا نقص منه حرف أو زاد لاختل البناء الرقمي لآياته، ومهمة الإعجاز الرقمي هي تقديم البراهين اليقينية على أن الله قد حفظ كلَّ حرف في كتابه من التحريف أو التبديل أو التغيير.
نظام مذهل
كيف بدأتَ الاهتمام بموضوع الأرقام ودلالاتها في القران الكريم؟
سؤال طالما فكرت فيه، كيف يمكن لنا أن نقنع أولئك المشكِّكين بصدق القرآن بلغتهم التي يفهمونها جيداً – الأرقام؟ خصوصاً وأننا نعيش في عصر لا يعترف بالقيم الروحية فكل شيء بالحسابات والأرقام والماديّات. لذلك فقد وجدت في لغة الأرقام وسيلة فعالة جداً لإثبات أن البشر عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن وهذا ما لا تستطيعه الكلمات.
فمثلاً يمكن لأي ملحد أن يقول لك إنني أستطيع أن أؤلف كلمات تشبه كلمات القرآن، فكيف نردُّ على أمثال هذا وكيف نقيم الحجة عليه؟ مهما حاولنا إقناعه بالمنطق والعلم فلن يقتنع، ولكن عندما يرى النظام المذهل الذي تسير وفقه أحرف وكلمات القرآن سوف يقرُّ – ولو في قرارة نفسه – بأن هذا الكلام ليس بقول بشر وذلك لسبب بسيط وهو أنه عاجز تماماً عن الإتيان بمثل هذا النظام المحُكَم.
يرى البعض أن الأرقام تقول بلغة الحساب ماتقوله الأحرف بلغة الكلمات، أي أن الأرقام تؤيد وتعزز الآيات القرآنية، ما هو رأيك بهذه المقولة؟
هذا الكلام صحيح وهنالك شيء آخر أيضاً وهو أن الأرقام يمكن أن تكون شاهداً مؤكداً على صدق كلام الله تعالى، وعلى صدق رسالة الإسلام إلى البشر جميعاً. وإنني أعتقد أن المؤمن بحاجة إلى دراسة الإعجاز الرقمي للقرآن لأننا حين نكتشف النظام المُعجْز لكلمات القرآن سوف نزداد إيمانا ًبمُنَزّل القرآن عز وجل، وسوف نزداد حباً لمن أُنز ل عليه القرآن محمد عليه الصلاة والسلام.
إن أي بحث علمي غير مدعوم بالنتائج الرقمية لا يرقى لمستوى اليقين، وهذه حقيقة مؤكدة اليوم، ولذلك نجد الاكتشافات الحديثة والمخترعات مثل الحاسبات الرقمية والاتصالات الرقمية.... كل هذه المنجزات قد تحققت بفضل البحث العلمي المدعوم بلغة الأرقام.
لذلك أقول أما آن لنا نحن المسلمون أصحاب أعظم وأقدس كتاب على وجه الأرض أن ندخل إلى أعماق النصوص القرآنية لنرى عَظَمَة وروعة هذه المعجزة الإلهية؟
عصر الأرقام
في عصر الحاسبات الإلكترونية والسوبّر كمبيوتر والذرة.. كيف تتجلَّى معجزة القرآن الكريم؟
لقد نزل القرآن الكريم ليتحدى جميع البشر في كل العصور والأمكنة، فالقرآن كتاب معجز لعالم اللغة و الشعر و الأدب، و معجز لعالم الذرة في مختبره، ولعالم الرياضيات والكومبيوتر و للطبيب و الفيزيائي و لعالم النبات..و لكل البشر كلًّ حسب اختصاصه.
و لكن في العصر الحديث و نحن في مطلع هذا القرن – القرن 21 – تتربع جميع هذه العلوم على قاعدة متينة من الرياضيات فجميع الاكتشافات و المخترعات و لاسيما مجال الذرة و الكومبيوتر و الاتصالات الرقمية و علوم الفضاء و الطيران.. جميع هذه الأشياء قامت أساساً على لغة الأرقام فلولا لغة الرقم لم يتقدم العلم خطوة واحدة.
و من الحكمة أن يكون التحدي بالقرآن في عصرٍ كهذا يستند إلى لغة الرقم، ليظهر للعالم أجمع أن القرآن كتاب الله فيه علم الله الذي لا يحده حدود. و فيه من العلوم مالا يُحصى.
إن معجزة القرآن مستمرة وتناسب كل عصر من العصور ومن فضل الله تعالى ورحمته أنه جعل في كتابه برنامجاً دقيقاً من المعجزات، ليس هذا فحسب بل نظّم توقيت ظهور كل معجزة بما يتناسب مع لغة ومدارك البشر! وعصرنا هذا عصر الأرقام فمعظم الاختراعات الحديثة تقوم على أساس النظام الرقمي.
وقد تبيَّن لي بعد دراسة الكثير من نصوص القرآن وآياته أن أحرف هذه النصوص منظمة تنظيماً دقيقاً يعتمد على الرقم سبعة.
تكامل النظام القرآني
نعلم بأنه مضى على نزول القرآن أكثر من أربعة عشر قرناً، فلم لم يُكتشف هذا النظام الرقمي من قبل؟
¬إن قمَّة الإعجاز القرآني أنك تجد المعجزة تبقى مختفية فترة طويلة من الزمن ثم تظهر بالتوقيت المناسب. فقبل مئة سنة مثلاً لم نكن نعلم شيئاً عن النظام الرقمي، لأن التطبيقات العملية لهذا النظام لم تظهر إلا منذ عدة عقود فقط، ولو ظهرت هذه المعجزة قبل مئة سنة فلا معنى لها.
لذلك وعلى الرغم من آلاف الباحثين في علوم القرآن بقيت هذه المعجزة حتى يومنا هذا لندرك أن الله تعالى الذي خلق السماوات السبع والأراضين السبع وجعل أيام الأسبوع سبعة وجعل الطواف حول بيته العتيق سبعة أشواط هو الذي أنزل القرآن ونظم كلماته وأحرفه بشكلٍ يتناسب مع هذا الرقم.
الرقم هو لغة الكون
ما هو سر الرقم سبعة ولماذا ركَّزتَ دراستك على هذا الرقم؟ وهل توجد أرقام أخرى غير الرقم سبعة في القرآن الكريم؟
للرقم سبعة حضور في حياتنا وعباداتنا، فالسماوات سبع، والأراضين سبع، والأيام سبعة، وطبقات الذرة سبع، ونحن نسجد لله على سبع، ونطوف حول الكعبة سبعاً، ونسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ونرمي إبليس بسبع، وأُمرنا بسبع، ونُهينا عن سبع، والموبقات سبع، والذين يظلّهم الله في ظله سبعة، وأبواب جهنم سبعة، ونستجير بالله منها سبعاً، وأُنزل القرآن على سبعة أحرف، .....وأشياء يصعب حصرها، بشكل يضع هذا الرقم على قمة الأرقام بعد الرقم واحد الذي يعبر عن وحدانية الله تعالى، فهو الواحد الأحد.
إن الرقم الأكثر مدلولاً في حياة البشر هو الرقم 7. فالإنسان جسمه مركب من ذرات، كل ذرة من هذه الذرات تتركب من 7 طبقات إلكترونية، الإنسان يعيش على أرض مكونة من 7 طبقات، ويعيش تحت 7 سماوات، وتتكرر دورة الأسبوع كل 7 أيام.
وعندما أنزل الله سبحانه و تعالى هذا القرآن، اقتضت حكمته أيضاً أن ينظم آياته بشكل يتناسب مع الرقم 7، لنعلم ونستيقن أن خالق الكون عزَّ وجلَّ هو نفسه مُنَزِّل القرآن. ولا نعجب إذا علمنا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد تحدث عن علاقة الرقم 7 بالقرآن فقال: (إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف) [البخاري و مسلـم].
ولو فتحنا هذا القرآن لرأينا السورة الأولى فيه هي فاتحة الكتاب وهي سبع آيات وعدد الحروف التي تركبت منها واحد وعشرون حرفاً أي من مضاعفات السبعة! والشيء العجيب في هذه السورة أيضاً أن حروف اسم (الله) تعالى تكررت في السورة كاملة بالتمام والكمال 49 مرة أي سبعة في سبعة !! عدد السماوات سبع، وتكررت عبارة (السماوات السبع) و(سبع سماوات) بالضبط 7 مرات وذلك في القرآن كله بعدد هذه السماوات! أليست هذه التناسقات تستحق التدبُّر والدراسة والاهتمام؟
بقي أن نشير إلى أن القرآن يحوي من الأعداد ما لا يمكن إحصاؤه، ومن خلال بحثي في كتاب الله تعالى تبين وجود إعجاز مذهل للأرقام الأولية مثل الرقم 11 والرقم 13 وهذه الأرقام لا تنقسم إلا على نفسها وعلى الواحد. وقد يكون السر في اختيار الله تعالى لهذه الأعداد الأولية هو ليدلنا على أنه إله واحد لا شريك له، بكلمة أخرى: إن وجود الأعداد الأولية في كتاب الله تعالى ومنها الرقم سبعة هو بمثابة توقيع إلهي على أن القرآن كلام الله الحقّ ورسالته الخالدة.
مرتكزات الدراسة
ما هي القواعد التي ارتكزت عليها في دراستك للإعجاز الرقمي في القرآن الكريم؟
القرآن العظيم يخاطب كل من لديه شك بصدق هذا الكتاب المُحكم، فإذا كان هذا القرآن قول بشر فإن المنطق يفرض إمكانية الإتيان بمثله بل بما هوأفضل منه.
فنحن لا نعلم أبداً أي كتاب ألَّفه إنسان ولم يتمكَّن أحد من التفوق عليه، بل لا يوجد كتاب في العالم إلا وهنالك أفضل منه. لذلك إذا كانت دعواهم صحيحة فلا بدَّ من إثباتها، لذلك يقول تبارك وتعالى: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [النمل: 27/64].
هذا هو المنهج العلمي للقرآن، لذلك عندما يعجز هؤلاء عن تقديم برهان على أن القرآن قول بشر، يأتي كتاب الله جلَّ وعلا ليقدِّم آلاف البراهين والحقائق البيانية والعددية على أن كل كلمة وكل حرف وكل رقم في هذا القرآن جاء بتقدير العزيز العليم القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 25/6].
وقد اعتمدت قواعد البحث العلمي الحديث فكل حرف مكتوب في القرآن نعده حرفاً والحرف غير المكتوب لا نعده حرفاً – سواء لُفظ أم لم يُلفظ وهذا يقود إلى دراسة آيات الحقّ تعالى كما أرادها هو سبحانه. لذلك حصلت على آلاف النتائج الرقمية.
في الإعجاز الرقمي ما يثبت أن القرآن لم يُحرَّف، فالحقائق الرقمية الثابتة في كتاب الله تؤكد أن هذا القرآن لايمكن أن يكون من قول بشرٍ إطلاقاً. ليس هذا فحسب بل إن معجزة القرآن الرقمية تتحدى علماء البشر وكل الملحدين أن يأتوا بسورةٍ من مثل القرآن.
والمذهل في الإعجاز الرقمي أنه يقدم البراهين المادية على ذلك، فعندما نقدِّم الأنظمة الرقمية لكلمات القرآن في بحثٍ علمي ونطلب من علماء الغرب بكل إمكانياتهم و حواسيبهم وعلومهم أن ينظموا كلمات وباللغة التي يحبون تحقق هذه الأنظمة الرقمية، النتيجة المؤكدة: لن يستطيعوا على الرغم من رؤيتهم لهذه المعجزة بدقائقها وتفاصيلها.
سنريهم آياتنا في الآفاق
يتحدث كثير من الباحثين المعاصرين عن إشارات في القرآن الكريم إلى مكتشفات وحقائق علمية حديثة مثل الثقوب السوداء وعلم الأجنَّة وعلوم الفلك والطب والبحار وغيرها، هل يوجد في القرآن ما يشير إلى وجود معجزة رقمية مذهلة؟
انظر معي إلى قول البارئ عزوجل يصف كتابه: (وتَفْصِيلَ كُلِّ شَيء) [يوسف: 12/111]. هذا الكلام يؤكد أن في القرآن تفصيلاً لكل شيء وإنني على ثقة تامة بأن كل علوم الرياضيات الحديثة موجودة في هذا القرآن. ولكن أين من يبحث ليرى ويدرك ذلك؟
ومن أهمّ الإشارات لوجود نظام رقمي يعتمد على الرقم سبعة في القرآن أن أول سورة فيه هي الفاتحة سماها الله عز وجل السبع المثاني وهي سبع آيات فلماذا وضع الله تعالى هذه السورة على قصرها في مقدمة كتابه واختار لها الرقم سبعة؟
ثم إن الله تعالى يقول: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 41/53]، فهل يوجد في عصرنا هذا أوسع من آفاق الأرقام؟
كما توجد إشارة لطيفة في كتاب الله تعالى ودعوة لتأمل وتدبّر التناسق والإحكام والنظام الموجود في كلام الله تعالى، والتمييز بينه وبين كلام البشر المليء بالاضطرابات والاختلافات والتناقضات. يقول تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 4/82].
ولو تدبرنا كتاب الله تعالى حق التدبر لرأيناه مليئاً بالإشارات التي تؤكد وجود الإعجاز الرقمي لحروف وكلمات القرآن.
يقول تعالى عن القرآن وأن فيه بياناً لكل شيء: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 16/89] ألا يدخل الإعجاز الرقمي وعلم الرياضيات القرآني تحت قوله سبحانه وتعالى: (تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ )؟!
في عصر المعلوماتية
في كتابك «معجزة القرآن في عصر المعلوماتية» ركزت على دراسة العلاقات الرياضية مسترشداً بعدد أحرف كل كلمة علماً بأن هنالك جوانب إعجازية في لغة الأرقام القرآنية، فلماذا لم تدرسها؟
كلَّما فتحتُ كتاب الله تعالى أحسست أنني أمام بحرٍ زاخر بالمعجزات الرقمية! فأدوِّن ما أستطيع تدوينه حتى أصبحت أمام سيل من الحقائق الرقمية الثابتة. لذلك نشأت عندي فكرة سلسلة الإعجاز الرقمي التي أحاول من خلالها أن أفرد لكل نظامٍ جزءاً، وهذا هو أساس البحث العلمي الحديث.
فقد خصصت الجزء الأول من هذه السلسلة للحديث عن النظام الرقمي لأحرف الآيات، والجزء الثاني سوف يتناول بإذن الله النظام الرقمي لأرقام هذه الآيات، والثالث سوف يتناول نظام سور القرآن، ثم الرابع لتكرار القصة في القرآن والنظام المذهل لهذا التكرار.
أما الحروف المميزة في القرآن فقد بحثتها من خلال كتاب (أسرار معجزة الـم)، وبالنسبة لسورة الفاتحة أعظم سورة في كتاب الله تعالى فقد أفردت لها بحثاً مستقلاً ليرى القارئ حقائق جديدة في كل بحث. وفي كتاب الله تعالى سورة عظيمة هي سورة الإخلاص وقد أفردت لها كتاباً بعنوان (معجزة قل هو الله أحد). ويمكن أن تمتد هذه السلسلة إلى عشرات الأجزاء إن شاء الله تعالى.
لا يطمئن قلبي إلى النتيجة حتى أحصل على مئات النتائج التي تؤيدها
ثمة قاعدة معروفة في الأساس الحسابي هي حساب الجُمّل التي تقوم على إبدال كل حرف من أحرف الأبجدية برقم حسب ترتيب الأبجدية القديمة فهل تطرقت في دراستك إلى شيء من هذا القبيل؟
هذا الحساب لا اساس له من المنطق أو العلم، لذلك في الإعجاز الرقمي نحن نتعامل مع أقدس كتاب على الإطلاق – القرآن – فلا يجوز لنا أن نقحم فيه أشياء لا أساس لها. فلماذا نبدل حرف الألف بـ 1 وحرف الباء بـ 2 وحرف الجيم بـ 3 ..... وما فائدة ذلك، بل ماذا يعطي ذلك، أقول لك عن تجربة إن كل من يحاول أن يُدخل في كتاب الله ما لا يرضاه الله تعالى، فلن يصل إلى نتيجة أبداً.
وفي أبحاثي هذه قد ألزمت نفسي بضوابط صارمة أثناء التعامل مع القرآن رقمياً، ومن أهم هذه الضوابط أن أي نتيجة رقمية لا يطمئن قلبي إليها إلا إذا حصلت على مئات من النتائج الرقمية المشابهة بشكلٍ تنتفي معه المصادفة نهائياً فلا يمكن لمصادفة أن تتكرر مئة مرة!
وملخص هذه الأبحاث: أن في كتاب الله تعالى معجزة عجيبة قائمة على الأرقام الأولية وأساسها الرقم سبعة .
في كل حرفٍ معجزة
في دراستك هذه تقول: " من عظمة الإعجاز في كتاب الله أن نصوص القرآن تشكل نظاماً رقمياً متكاملاً "، كيف يمكن توضيح هذا القول بلغة الأرقام؟
سوف أضرب لك مثالاً رقمياً اخترته من بين مئات الأمثلة ليدرك القارئ عَظَمَة هذا القرآن الذي قال الله تعالى فيه : (إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) [الطارق: 86/13] كيف يدخل الرقم سبعة في تنظيم هذه الكلمات؟
فلوكتبنا عدد حروف كل كلمة سوف نجد أنفسنا أمام عدد هو 343 يقبل القسمة على سبعة من دون باق، بل هذا العدد ساوي سبعة في سبعة في سبعة!!
هذه القاعدة نجدها تتكرر كثيراً في القرآن الكريم. ولو قال تعالى: (إنه قول فصل) لأصبح العدد الذي يمثل الآية هو 333 وهذا عدد لا يقبل القسمة على سبعة، فانظر إلى دقة كلمات الله ففي كل حرفٍ معجزة.
أما لكي تدرك التكامل في النظام القرآني المُعجز فسوف أصحبك لأول آية وآخر آية من القرآن الكريم لتجد هذا النظام نفسه يتكرر نكتب أول آية من القرآن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1]، وبنفس الطريقة نعبر عن كل كلمة برقم يمثل عدد حروفها لنجد الذي يمثل حروف هذه الآية هو 6643 من مضاعفات الرقم سبعة.
ولو ذهبنا لآخر آية من كتاب الله تعالى نجد النظام ذاته يتكرر. فآخر آية من القرآن هي قوله تعالى: (مِنَ الجِنَّة والناس) [الناس: 114/6]، لنكتب عدد حروف كل كلمة، وهنا نجد من جديد أن العدد الذي يمثل حروف هذه الآية هو 5152 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً، والسؤال هل جاء تناسب حروف أول آية وآخر آية مع الرقم سبعة بالمصادفة؟
ماذا لو علمنا بأنه في كتاب الله تعالى آلاف الحقائق الرقمية التي تشمل حروف وآيات وسور القرآن وجاء التناسب فيها دائماً مع الرقم سبعة؟!
ـــــــــــــ
نُشر هذا الحوار مختصراً على بعض الصحف، منها جريدة السياسة الكويتية، في العدد الصادر بتاريخ 13 ذو الحجة 1423هـ الموافق 14 شباط (فبراير) 2003، وجريدة الخليج الإماراتية، في العدد الصادر بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2004.
خـاتمــة
وبعد كل هذه الحقائق المبهرة، ماذا يمكن أن نقول؟ وبم نختم هذه المجموعة من الأبحاث التي لا تمثل إلا البداية لعلم جديد أسأل الله تعالى أن ينفع به ويتقبّله. وكيف يمكن أن نلخص معجزة كبرى وقد رأينا قطرة من بحرها المحيط؟
لا أملك إلا أن أحمد الله تعالى حمداً كثيراً على ما من به علي من فيض غزير من هذه الحقائق الرقمية الثابتة، والتي أرجو أن أكون قد وُفّقت في أسلوب عرضها الذي حاولت جاهداً أن يكون بسيطاً ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
فعسى أن تكون هذه الآية الرقمية وسيلة لكل ذي بصيرة يرى من خلالها قدرة الخالق العظيم على إحصاء وتنظيم وإحكام آيات وكلمات وحروف كتابه المجيد. كما أرجو أن تكون هذه العجائب وسيلة لكل مؤمن أحب القرآن وتعطّش لروائعه وعجائبه، ليزداد إيماناً مع إيمانه، ويزداد حباً لمن أُنزل عليه القرآن عليه صلوات الله وسلامه، ويزداد ثقة بدينه وانتمائه لهذا الدين الحنيف، ويزداد يقيناً بالله ولقائه ووعده.
يجب ألا يغيب عنا بأن الله تعالى أودع في كتابه معجزات كثيرة غيبية وبيانية وتشريعية وعلمية وغير ذلك من المعجزات، والمعجزة الرقمية التي نلمسها ونشاهدها اليوم تُضاف إلى الرصيد الإعجازي للقرآن الكريم.
الهدف من هذه المعجزات ليس المعجزة بحدّ ذاتها، بل الهدف منها زيادة الإيمان والتثبيت اليقيني، إذاً المعجزة هي وسيلة وليست غاية. وينطبق هذا الكلام على الإعجاز الرقمي، فعندما نتأمل هذه الأرقام وما تعبر عنه من قصص وأوامر ونواه وأحكام وتشريعات وحقائق علمية وكونية، ندرك أن القرآن أكبر مما نظنّ.
فالإعجاز الرقمي هو وسيلة لإعلاء شأن هذا الدين في نظر غير المسلمين، ووسيلة يفتخر كل مسلم من خلالها بأن الله قد منّ عليه بالإيمان والهدى. وليعلم بأن الإسلام هو دين العلم.
وفي النهاية نلخص كل ما جاء في هذه الموسوعة بهذه الكلمات:
إن الله تعالى كما نظّم وأحكم وحفظ كل شيء في هذا الكون، كذلك نظّم وأحكم وحفظ كل شيء في هذا القرآن. وكما أنه تعالى قد وضع البراهين المادية والتي تدلّ على وحدانيته في هذا الكون، كذلك أودع في كتابه هذه البراهين العلمية لتكون دليلاً على وحدانيته وقدرته.
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
المصدر : الكحيل
الحُبُك: صور كونية تسبح الله
مُساهمة طارق فتحي في الأحد 9 يناير 2011 - 7:26
الحُبُك: صور كونية تسبح الله
اعداد : طارق فتحي
من الآيات العظيمة قول الحق تبارك وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) هذه الآية تحدثنا عن خاصية موجودة في السماء وهي أنها ذات حُبُك أي: ذات نسيج محكم، لنتأمل روعة الخلق....
طرح العلماء سؤالاً عن شكل الكون: ما هو شكل كوننا الذي نعيش فيه؟ فبعدما اكتشفوا أن مجرتنا ليست هي الوحيدة في الكون، وجدوا أن الكون مليء بالمجرات، وأن هذه المجرات تصطف على ما يشبه خيوط النسيج!
المجرة هي: تجمع من النجوم يحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم، ومجرتنا هي مجرة درب التبانة وتحوي هذا العدد الهائل من النجوم، ولو نظرنا إلى السماء في ليلة صافية فإن معظم النجوم التي نراها تنتمي إلى هذه المجرة ولكن هذه المجرة ليست هي الوحيدة في الكون إنما هنالك أكثر من أربع مئة ألف مليون مجرة!
هذه المجرات تتوضّع كما كان يعتقد العلماء عشوائياً يعني ظل الاعتقاد السائد أنها تتوضع عشوائياً وليس هناك أي نظام يربط بينها، ولكن في العام الماضي قام علماء من الولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ومن ألمانيا بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان الهدف من هذه العملية معرفة شكل الكون ولكن هذه المهمة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق هو السوبر كمبيوتر.
السوبر كمبيوتر هو جهاز كمبيوتر عملاق يزن أكثر من مائة ألف كيلو غرام وهذا الجهاز يحتاج إلى مبنى ضخم وتكاليف باهظة والعجيب أن سرعة هذا الجهاز في معالجة المعلومات أو البيانات أنه ينجز في ثانية واحدة ما تنجزه الحاسبات الرقمية العادية في عشرة مليون سنة، فتأملوا معي ضخامة هذا الجهاز الذي سموه العلماء بـ (سوبر كمبيوتر).
لقد أدخل العلماء عدداَ ضخماً من البيانات حول هذا الكون فأدخلوا بياناتٍ حول أكثر من عشرة آلاف مليون مجرة وبيانات حول الدخان الكوني وبيانات حول المادة المظلمة في الكون وبقي هذا الكمبيوتر العملاق وعلى الرغم من سرعته الفائقة بقي شهراً كاملاً في معالجة هذه البيانات وكانت الصورة التي رسمها للكون تشبه تماماً نسيج العنكبوت.
إن الذي يتأمل هذه الصورة وما فيها من نسيج محكم يلاحظ على الفور أن المجرات لا تتوضع عشوائياً إنما تصطف على خيوط طويلة ودقيقة ويبلغ طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية، عندما رأى العلماء هذه الصورة أدركوا على الفور وجود نسيج محكم في السماء فأطلقوا مصطلح (النسيج الكوني). بدأ العلماء بعد ذلك بدراسة تفاصيل هذا النسيج وبدؤوا يصدرون أبحاثاً ومقالاتٍ حول هذا النسيج ومن أهمها مقالة بعنوان(كيف حُبِكَت الخيوط في النسيج الكوني) وقد لفت انتباهي في هذا البحث أن هؤلاء العلماء يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمون كلمة Weave باللغة الإنكليزية وهي تماماً تعني حبك، وأدركت مباشرة أن هذه الآية تصوّر لنا تماماً هذا النسيج في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ).
يقول الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ: إذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه). إذاً الإمام الزمخشري تحدث عن نسيج تم حبكه بإحكام. والإمام القرطبي تناول هذه الآية أيضاً وقال فيها: (ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه يقال منه حبَك الثوب يَحبِكُه حَبكاً أي: أجاد نسجه)، ولكن الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى له تفسير جميل وعجيب ويطابق مئة بالمئة ما يقوله اليوم علماء الغرب! فالإمام ابن كثير يقول: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: حُبكت بالنجوم، ولو تأملنا المقالات الصادرة حديثاً عن هذا النسيج نلاحظ أن العلماء يقولون: إن الكون حُبك بالمجرات.
تحدث العلماء عن هذا النسيج طويلاً، ووجدوا بأن هذا النسيج هو نسيج مُحكم لأننا إذا تأملنا صورة النسيج الكوني نلاحظ أن لدينا كل خيط تتوضع عليه آلاف المجرات ولا ننسَ أن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم وهي تبدو في هذه الصورة كنقطة صغيرة لا تكاد ترى فالنقاط الصغيرة في هذه الصورة النقاط المضيئة هي مجرات، ونلاحظ أن هذه المجرات تصطف على خيوطٍ دقيقة جداً وكل خيط يبلغ طوله ملايين بل مئات الملايين من السنوات الضوئية والسنة الضوئية!!
إن هذا النسيج يتحدث عنه علماء الغرب بقولهم إن خيوطه قد شُدّت بإحكام مذهل أي أنه نسيج وأنه محكم وهو أيضاً متعدد، يعني هذا النسيج الكوني لا يتألف من طبقة واحدة، إنما هنالك طبقات بعضها فوق بعض ولو تأملنا الصور التي رسمها السوبر كمبيوتر لهذا النسيج وما فيه من تعقيد وإحكام مُبهر نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أحكم صناعة هذا النسيج بشكل يدلّ على أنه عز وجل قد أتقن كل شيء، كيف لا وهو القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
السنة الضوئية: هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، فالضوء يسير بسرعة تبلغ ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ففي سنة كاملة يقطع مسافة تساوي: سنة ضوئية واحدة. إن مجرتنا والتي تحوي أكثر من مائة ألف مليون نجم يبلغ قطرها أو طولها مائة ألف سنة ضوئية أي أن الضوء يحتاج حتى يقطع مجرتنا من حافتها إلى حافتها مائة ألف سنة كاملة، فتأملوا كم يحتاج الضوء ليقطع الكون من حافته إلى حافته والعلماء يقدرون حجم هذا الكون بحدود ثلاثين ألف مليون سنة ضوئية، طبعاً هذا الكون المرئي وما بعد هذا الكون لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
لو تأملنا كلمة (الحُبُك) نلاحظ أنها تتضمن عدة معانٍ: الشد، والإحكام، والنسيج، وأيضاً تتضمن معاني الجمع لأن كلمة الحبك جاءت بالجمع وليست بالمفرد، يعني الله تبارك وتعالى لم يقل (والسماء ذات الحبيكة الواحدة) بل قال (الحُبُك) وكلمة الحبك هي جمع لكلمة (حبيكة) ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد جمع في كلمة واحدة عدة معانٍ لهذا النسيج، فالنسيج قد يكون محكماً أو هزيلاً وقد يكون قوياً وقد يكون ضعيفاً وقد يكون مفككاً أو مترابطاً، ولكن كلمة (الحبك) تعني النسيج المحكم، و(حَبك) تعني أنه أتقن وأحكم صناعة هذا النسيج وهذا ما يقوله العلماء اليوم يؤكدون أن النسيج الكوني ليس نسيجاً عادياً، إنما هو نسيج محكم وقد شُدّت خيوطه بإحكام.
ومن هنا نستطيع أن نستنج أن الله تبارك وتعالى قد أودع في كل كلمة من كلمات كتابه معجزة مبهرة، ففي كلمة واحدة هي كلمة (الحُبُك) تتجلى أمامنا معجزة عظيمة، هذه المعجزة العظيمة تتضح أمامنا من خلال أن الله تبارك وتعالى عبّر بكلمة واحدة عن حقيقة هذا النسيج، بينما العلماء يستخدمون كلماتٍ متعددة حتى يصلوا إلى النتيجة ذاتها.
من الأشياء الغريبة التي لاحظتها أننا لو جئنا بمقطع من دماغ إنسان مثلاً وقمنا بتكبير خلايا الدماغ العصبية نلاحظ أن الصورة الناتجة صورة نسيج الدماغ تشبه تماماً صورة النسيج وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الخالق واحد: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة في كتابه المجيد؟!
نعلم أن علماء اليوم يندفعون باتجاه اكتشاف أسرار الكون ودافعهم في ذلك حب الفضول وحب المعرفة، ولكن القرآن لا نجد آية واحدة إلا ومن وراءها هدف عظيم. فلو تأملنا سلسلة الآيات في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [ الذاريات: 7-9] والإفك هو الكذب، أي أن هؤلاء الذين يفترون على الله كذباً ويقولون إن هذا القرآن ليس من عند الله إنما كلامهم مضطرب ولا يستقيم أبداً، ولو تأملنا سلسلة الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول بعد ذلك: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) [الذاريات: 20-23].
وهنا نصل إلى الهدف من هذه الحقيقة الكونية: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، أي: أيها الملحدون المشككون بكتاب الله تبارك وتعالى كما أنكم لا تشكون أبداً في رؤيتكم لهذا النسيج المحكم، وكما أنكم لا تشكُّون في أنكم تنطقون، كذلك ينبغي أن تدركوا وتتأكدوا أن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، لأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بالبنية النسيجية للكون قبل أربعة عشر قرناً.
المصدر : عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com/ar
بالمعجزات الرقمية
اعداد : طارق فتحي
حوار مع المؤلف أجراه الصحفي خالد عواد الأحمد
توصل الباحث السوري عبد الدائم الكحيل الى رؤية جديدة من نوعها للإعجاز الرقمي في القران الكريم بأسلوب علمي حاسوبي فريد يعتمد العدد 7 كـأساس لدراسة النظام المذهل للغة الأرقام في كتاب الله عزَّ وجلَّ. وهي المرة الأولى التي يتم التوصل فيها الى اكتشاف نظام رقمي في القرآن الكريم بهذه الطريقة.
وستصدر للباحث تباعا مجموعة كتب تحت عنوان سلسلة الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم وتهدف إلى عرض حقائق رقمية ثابتة في كتاب الله تعالى. وقد صدر الجزء الاول بعنوان: معجزة القرآن في عصر المعلوماتية، عن دار الفكر بدمشق، وفيه إجابات وافية عن اسئلة ملحة في هذا المجال من مثل: أين معجزة القران في هذا العصر، وما هو الإثبات الرقمي على أن القران كتاب الله تعالى، و ما هو الإثبات على أن البشر عاجزون عن الإتيان بمثل القران، وهل رسم كلمات القران هو وحيٌ من عند الله عزَّ وجلَّ، و لماذا تختلف طريقة كتابة كلمات القران عن أي كتاب في العالم، وغيرها من الأسئلة.
وكان معه الحوار التالي:
بداية ما هو مفهوم الإعجاز الرقمي في القران الكريم؟
الإعجاز الرقمي ببساطة هو ذلك العلم الذي يبحث في العلاقات الرقمية بين أحرف وكلمات القرآن الكريم بشكل يثبت معجزة القرآن العظيم، وأنه كتاب الله لكل البشر. هذا من جهة ومن جهة ثانية يهدف هذا العلم الناشئ إلى إيجاد الحقائق الرقمية الثابتة على استحالة الإتيان بمثل هذا القرآن وبشكل لا يترك مجالا للشك أو الارتياب. ونجد مصداق هذا التعريف في كتاب الله تعالى حيث يخاطب كل من يشكّ بصدق الرسالة الإلهية: (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءكُم مِّن دُونِ اللّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) [البقرة: 2/23-24].
إذا دخلنا إلى مكتبة ضخمة تمتلىء بالكتب وسألنا القائمين عليها : كيف تحافظون على هذا العدد الضخم من الكتب من النقصان أو التغيير أو الضياع ؟ إن الإجابة ستكون طبعاً بواسطة لغة الأرقام .
فقد تم ترقيم هذه الكتب بتسلسل معين بحيث تجري عملية جرد وإحصاء مستمرة لها كل فترة من الزمن من خلال مراجعة أرقام الكتب التسلسلية وحيث نجد خللاً في سلسلة الأرقام فهذا يعني وجود نقص في الكتب داخل المكتبة .
هذا مثال مبسط لتخيل فكرة الإعجاز العددي ، فقد رتب البارئ سبحانه كلمات وحروف وآيات وسور كتابه المجيد وفق تسلسل رقمي دقيق جداً بحيث أنه إذا نقص حرف أو زاد حرف أو تغير موضع كلمة من كلماته، فإن هذا سيؤدي إلى تغير وخلل في البناء الرقمي القرآني.
وهكذا كتاب الله تبارك وتعالى إذا نقص منه حرف أو زاد لاختل البناء الرقمي لآياته، ومهمة الإعجاز الرقمي هي تقديم البراهين اليقينية على أن الله قد حفظ كلَّ حرف في كتابه من التحريف أو التبديل أو التغيير.
نظام مذهل
كيف بدأتَ الاهتمام بموضوع الأرقام ودلالاتها في القران الكريم؟
سؤال طالما فكرت فيه، كيف يمكن لنا أن نقنع أولئك المشكِّكين بصدق القرآن بلغتهم التي يفهمونها جيداً – الأرقام؟ خصوصاً وأننا نعيش في عصر لا يعترف بالقيم الروحية فكل شيء بالحسابات والأرقام والماديّات. لذلك فقد وجدت في لغة الأرقام وسيلة فعالة جداً لإثبات أن البشر عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن وهذا ما لا تستطيعه الكلمات.
فمثلاً يمكن لأي ملحد أن يقول لك إنني أستطيع أن أؤلف كلمات تشبه كلمات القرآن، فكيف نردُّ على أمثال هذا وكيف نقيم الحجة عليه؟ مهما حاولنا إقناعه بالمنطق والعلم فلن يقتنع، ولكن عندما يرى النظام المذهل الذي تسير وفقه أحرف وكلمات القرآن سوف يقرُّ – ولو في قرارة نفسه – بأن هذا الكلام ليس بقول بشر وذلك لسبب بسيط وهو أنه عاجز تماماً عن الإتيان بمثل هذا النظام المحُكَم.
يرى البعض أن الأرقام تقول بلغة الحساب ماتقوله الأحرف بلغة الكلمات، أي أن الأرقام تؤيد وتعزز الآيات القرآنية، ما هو رأيك بهذه المقولة؟
هذا الكلام صحيح وهنالك شيء آخر أيضاً وهو أن الأرقام يمكن أن تكون شاهداً مؤكداً على صدق كلام الله تعالى، وعلى صدق رسالة الإسلام إلى البشر جميعاً. وإنني أعتقد أن المؤمن بحاجة إلى دراسة الإعجاز الرقمي للقرآن لأننا حين نكتشف النظام المُعجْز لكلمات القرآن سوف نزداد إيمانا ًبمُنَزّل القرآن عز وجل، وسوف نزداد حباً لمن أُنز ل عليه القرآن محمد عليه الصلاة والسلام.
إن أي بحث علمي غير مدعوم بالنتائج الرقمية لا يرقى لمستوى اليقين، وهذه حقيقة مؤكدة اليوم، ولذلك نجد الاكتشافات الحديثة والمخترعات مثل الحاسبات الرقمية والاتصالات الرقمية.... كل هذه المنجزات قد تحققت بفضل البحث العلمي المدعوم بلغة الأرقام.
لذلك أقول أما آن لنا نحن المسلمون أصحاب أعظم وأقدس كتاب على وجه الأرض أن ندخل إلى أعماق النصوص القرآنية لنرى عَظَمَة وروعة هذه المعجزة الإلهية؟
عصر الأرقام
في عصر الحاسبات الإلكترونية والسوبّر كمبيوتر والذرة.. كيف تتجلَّى معجزة القرآن الكريم؟
لقد نزل القرآن الكريم ليتحدى جميع البشر في كل العصور والأمكنة، فالقرآن كتاب معجز لعالم اللغة و الشعر و الأدب، و معجز لعالم الذرة في مختبره، ولعالم الرياضيات والكومبيوتر و للطبيب و الفيزيائي و لعالم النبات..و لكل البشر كلًّ حسب اختصاصه.
و لكن في العصر الحديث و نحن في مطلع هذا القرن – القرن 21 – تتربع جميع هذه العلوم على قاعدة متينة من الرياضيات فجميع الاكتشافات و المخترعات و لاسيما مجال الذرة و الكومبيوتر و الاتصالات الرقمية و علوم الفضاء و الطيران.. جميع هذه الأشياء قامت أساساً على لغة الأرقام فلولا لغة الرقم لم يتقدم العلم خطوة واحدة.
و من الحكمة أن يكون التحدي بالقرآن في عصرٍ كهذا يستند إلى لغة الرقم، ليظهر للعالم أجمع أن القرآن كتاب الله فيه علم الله الذي لا يحده حدود. و فيه من العلوم مالا يُحصى.
إن معجزة القرآن مستمرة وتناسب كل عصر من العصور ومن فضل الله تعالى ورحمته أنه جعل في كتابه برنامجاً دقيقاً من المعجزات، ليس هذا فحسب بل نظّم توقيت ظهور كل معجزة بما يتناسب مع لغة ومدارك البشر! وعصرنا هذا عصر الأرقام فمعظم الاختراعات الحديثة تقوم على أساس النظام الرقمي.
وقد تبيَّن لي بعد دراسة الكثير من نصوص القرآن وآياته أن أحرف هذه النصوص منظمة تنظيماً دقيقاً يعتمد على الرقم سبعة.
تكامل النظام القرآني
نعلم بأنه مضى على نزول القرآن أكثر من أربعة عشر قرناً، فلم لم يُكتشف هذا النظام الرقمي من قبل؟
¬إن قمَّة الإعجاز القرآني أنك تجد المعجزة تبقى مختفية فترة طويلة من الزمن ثم تظهر بالتوقيت المناسب. فقبل مئة سنة مثلاً لم نكن نعلم شيئاً عن النظام الرقمي، لأن التطبيقات العملية لهذا النظام لم تظهر إلا منذ عدة عقود فقط، ولو ظهرت هذه المعجزة قبل مئة سنة فلا معنى لها.
لذلك وعلى الرغم من آلاف الباحثين في علوم القرآن بقيت هذه المعجزة حتى يومنا هذا لندرك أن الله تعالى الذي خلق السماوات السبع والأراضين السبع وجعل أيام الأسبوع سبعة وجعل الطواف حول بيته العتيق سبعة أشواط هو الذي أنزل القرآن ونظم كلماته وأحرفه بشكلٍ يتناسب مع هذا الرقم.
الرقم هو لغة الكون
ما هو سر الرقم سبعة ولماذا ركَّزتَ دراستك على هذا الرقم؟ وهل توجد أرقام أخرى غير الرقم سبعة في القرآن الكريم؟
للرقم سبعة حضور في حياتنا وعباداتنا، فالسماوات سبع، والأراضين سبع، والأيام سبعة، وطبقات الذرة سبع، ونحن نسجد لله على سبع، ونطوف حول الكعبة سبعاً، ونسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ونرمي إبليس بسبع، وأُمرنا بسبع، ونُهينا عن سبع، والموبقات سبع، والذين يظلّهم الله في ظله سبعة، وأبواب جهنم سبعة، ونستجير بالله منها سبعاً، وأُنزل القرآن على سبعة أحرف، .....وأشياء يصعب حصرها، بشكل يضع هذا الرقم على قمة الأرقام بعد الرقم واحد الذي يعبر عن وحدانية الله تعالى، فهو الواحد الأحد.
إن الرقم الأكثر مدلولاً في حياة البشر هو الرقم 7. فالإنسان جسمه مركب من ذرات، كل ذرة من هذه الذرات تتركب من 7 طبقات إلكترونية، الإنسان يعيش على أرض مكونة من 7 طبقات، ويعيش تحت 7 سماوات، وتتكرر دورة الأسبوع كل 7 أيام.
وعندما أنزل الله سبحانه و تعالى هذا القرآن، اقتضت حكمته أيضاً أن ينظم آياته بشكل يتناسب مع الرقم 7، لنعلم ونستيقن أن خالق الكون عزَّ وجلَّ هو نفسه مُنَزِّل القرآن. ولا نعجب إذا علمنا أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد تحدث عن علاقة الرقم 7 بالقرآن فقال: (إن هذا القرآن أُنزل على سبعة أحرف) [البخاري و مسلـم].
ولو فتحنا هذا القرآن لرأينا السورة الأولى فيه هي فاتحة الكتاب وهي سبع آيات وعدد الحروف التي تركبت منها واحد وعشرون حرفاً أي من مضاعفات السبعة! والشيء العجيب في هذه السورة أيضاً أن حروف اسم (الله) تعالى تكررت في السورة كاملة بالتمام والكمال 49 مرة أي سبعة في سبعة !! عدد السماوات سبع، وتكررت عبارة (السماوات السبع) و(سبع سماوات) بالضبط 7 مرات وذلك في القرآن كله بعدد هذه السماوات! أليست هذه التناسقات تستحق التدبُّر والدراسة والاهتمام؟
بقي أن نشير إلى أن القرآن يحوي من الأعداد ما لا يمكن إحصاؤه، ومن خلال بحثي في كتاب الله تعالى تبين وجود إعجاز مذهل للأرقام الأولية مثل الرقم 11 والرقم 13 وهذه الأرقام لا تنقسم إلا على نفسها وعلى الواحد. وقد يكون السر في اختيار الله تعالى لهذه الأعداد الأولية هو ليدلنا على أنه إله واحد لا شريك له، بكلمة أخرى: إن وجود الأعداد الأولية في كتاب الله تعالى ومنها الرقم سبعة هو بمثابة توقيع إلهي على أن القرآن كلام الله الحقّ ورسالته الخالدة.
مرتكزات الدراسة
ما هي القواعد التي ارتكزت عليها في دراستك للإعجاز الرقمي في القرآن الكريم؟
القرآن العظيم يخاطب كل من لديه شك بصدق هذا الكتاب المُحكم، فإذا كان هذا القرآن قول بشر فإن المنطق يفرض إمكانية الإتيان بمثله بل بما هوأفضل منه.
فنحن لا نعلم أبداً أي كتاب ألَّفه إنسان ولم يتمكَّن أحد من التفوق عليه، بل لا يوجد كتاب في العالم إلا وهنالك أفضل منه. لذلك إذا كانت دعواهم صحيحة فلا بدَّ من إثباتها، لذلك يقول تبارك وتعالى: (قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) [النمل: 27/64].
هذا هو المنهج العلمي للقرآن، لذلك عندما يعجز هؤلاء عن تقديم برهان على أن القرآن قول بشر، يأتي كتاب الله جلَّ وعلا ليقدِّم آلاف البراهين والحقائق البيانية والعددية على أن كل كلمة وكل حرف وكل رقم في هذا القرآن جاء بتقدير العزيز العليم القائل: (قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان: 25/6].
وقد اعتمدت قواعد البحث العلمي الحديث فكل حرف مكتوب في القرآن نعده حرفاً والحرف غير المكتوب لا نعده حرفاً – سواء لُفظ أم لم يُلفظ وهذا يقود إلى دراسة آيات الحقّ تعالى كما أرادها هو سبحانه. لذلك حصلت على آلاف النتائج الرقمية.
في الإعجاز الرقمي ما يثبت أن القرآن لم يُحرَّف، فالحقائق الرقمية الثابتة في كتاب الله تؤكد أن هذا القرآن لايمكن أن يكون من قول بشرٍ إطلاقاً. ليس هذا فحسب بل إن معجزة القرآن الرقمية تتحدى علماء البشر وكل الملحدين أن يأتوا بسورةٍ من مثل القرآن.
والمذهل في الإعجاز الرقمي أنه يقدم البراهين المادية على ذلك، فعندما نقدِّم الأنظمة الرقمية لكلمات القرآن في بحثٍ علمي ونطلب من علماء الغرب بكل إمكانياتهم و حواسيبهم وعلومهم أن ينظموا كلمات وباللغة التي يحبون تحقق هذه الأنظمة الرقمية، النتيجة المؤكدة: لن يستطيعوا على الرغم من رؤيتهم لهذه المعجزة بدقائقها وتفاصيلها.
سنريهم آياتنا في الآفاق
يتحدث كثير من الباحثين المعاصرين عن إشارات في القرآن الكريم إلى مكتشفات وحقائق علمية حديثة مثل الثقوب السوداء وعلم الأجنَّة وعلوم الفلك والطب والبحار وغيرها، هل يوجد في القرآن ما يشير إلى وجود معجزة رقمية مذهلة؟
انظر معي إلى قول البارئ عزوجل يصف كتابه: (وتَفْصِيلَ كُلِّ شَيء) [يوسف: 12/111]. هذا الكلام يؤكد أن في القرآن تفصيلاً لكل شيء وإنني على ثقة تامة بأن كل علوم الرياضيات الحديثة موجودة في هذا القرآن. ولكن أين من يبحث ليرى ويدرك ذلك؟
ومن أهمّ الإشارات لوجود نظام رقمي يعتمد على الرقم سبعة في القرآن أن أول سورة فيه هي الفاتحة سماها الله عز وجل السبع المثاني وهي سبع آيات فلماذا وضع الله تعالى هذه السورة على قصرها في مقدمة كتابه واختار لها الرقم سبعة؟
ثم إن الله تعالى يقول: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت: 41/53]، فهل يوجد في عصرنا هذا أوسع من آفاق الأرقام؟
كما توجد إشارة لطيفة في كتاب الله تعالى ودعوة لتأمل وتدبّر التناسق والإحكام والنظام الموجود في كلام الله تعالى، والتمييز بينه وبين كلام البشر المليء بالاضطرابات والاختلافات والتناقضات. يقول تعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 4/82].
ولو تدبرنا كتاب الله تعالى حق التدبر لرأيناه مليئاً بالإشارات التي تؤكد وجود الإعجاز الرقمي لحروف وكلمات القرآن.
يقول تعالى عن القرآن وأن فيه بياناً لكل شيء: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) [النحل: 16/89] ألا يدخل الإعجاز الرقمي وعلم الرياضيات القرآني تحت قوله سبحانه وتعالى: (تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ )؟!
في عصر المعلوماتية
في كتابك «معجزة القرآن في عصر المعلوماتية» ركزت على دراسة العلاقات الرياضية مسترشداً بعدد أحرف كل كلمة علماً بأن هنالك جوانب إعجازية في لغة الأرقام القرآنية، فلماذا لم تدرسها؟
كلَّما فتحتُ كتاب الله تعالى أحسست أنني أمام بحرٍ زاخر بالمعجزات الرقمية! فأدوِّن ما أستطيع تدوينه حتى أصبحت أمام سيل من الحقائق الرقمية الثابتة. لذلك نشأت عندي فكرة سلسلة الإعجاز الرقمي التي أحاول من خلالها أن أفرد لكل نظامٍ جزءاً، وهذا هو أساس البحث العلمي الحديث.
فقد خصصت الجزء الأول من هذه السلسلة للحديث عن النظام الرقمي لأحرف الآيات، والجزء الثاني سوف يتناول بإذن الله النظام الرقمي لأرقام هذه الآيات، والثالث سوف يتناول نظام سور القرآن، ثم الرابع لتكرار القصة في القرآن والنظام المذهل لهذا التكرار.
أما الحروف المميزة في القرآن فقد بحثتها من خلال كتاب (أسرار معجزة الـم)، وبالنسبة لسورة الفاتحة أعظم سورة في كتاب الله تعالى فقد أفردت لها بحثاً مستقلاً ليرى القارئ حقائق جديدة في كل بحث. وفي كتاب الله تعالى سورة عظيمة هي سورة الإخلاص وقد أفردت لها كتاباً بعنوان (معجزة قل هو الله أحد). ويمكن أن تمتد هذه السلسلة إلى عشرات الأجزاء إن شاء الله تعالى.
لا يطمئن قلبي إلى النتيجة حتى أحصل على مئات النتائج التي تؤيدها
ثمة قاعدة معروفة في الأساس الحسابي هي حساب الجُمّل التي تقوم على إبدال كل حرف من أحرف الأبجدية برقم حسب ترتيب الأبجدية القديمة فهل تطرقت في دراستك إلى شيء من هذا القبيل؟
هذا الحساب لا اساس له من المنطق أو العلم، لذلك في الإعجاز الرقمي نحن نتعامل مع أقدس كتاب على الإطلاق – القرآن – فلا يجوز لنا أن نقحم فيه أشياء لا أساس لها. فلماذا نبدل حرف الألف بـ 1 وحرف الباء بـ 2 وحرف الجيم بـ 3 ..... وما فائدة ذلك، بل ماذا يعطي ذلك، أقول لك عن تجربة إن كل من يحاول أن يُدخل في كتاب الله ما لا يرضاه الله تعالى، فلن يصل إلى نتيجة أبداً.
وفي أبحاثي هذه قد ألزمت نفسي بضوابط صارمة أثناء التعامل مع القرآن رقمياً، ومن أهم هذه الضوابط أن أي نتيجة رقمية لا يطمئن قلبي إليها إلا إذا حصلت على مئات من النتائج الرقمية المشابهة بشكلٍ تنتفي معه المصادفة نهائياً فلا يمكن لمصادفة أن تتكرر مئة مرة!
وملخص هذه الأبحاث: أن في كتاب الله تعالى معجزة عجيبة قائمة على الأرقام الأولية وأساسها الرقم سبعة .
في كل حرفٍ معجزة
في دراستك هذه تقول: " من عظمة الإعجاز في كتاب الله أن نصوص القرآن تشكل نظاماً رقمياً متكاملاً "، كيف يمكن توضيح هذا القول بلغة الأرقام؟
سوف أضرب لك مثالاً رقمياً اخترته من بين مئات الأمثلة ليدرك القارئ عَظَمَة هذا القرآن الذي قال الله تعالى فيه : (إنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ) [الطارق: 86/13] كيف يدخل الرقم سبعة في تنظيم هذه الكلمات؟
فلوكتبنا عدد حروف كل كلمة سوف نجد أنفسنا أمام عدد هو 343 يقبل القسمة على سبعة من دون باق، بل هذا العدد ساوي سبعة في سبعة في سبعة!!
هذه القاعدة نجدها تتكرر كثيراً في القرآن الكريم. ولو قال تعالى: (إنه قول فصل) لأصبح العدد الذي يمثل الآية هو 333 وهذا عدد لا يقبل القسمة على سبعة، فانظر إلى دقة كلمات الله ففي كل حرفٍ معجزة.
أما لكي تدرك التكامل في النظام القرآني المُعجز فسوف أصحبك لأول آية وآخر آية من القرآن الكريم لتجد هذا النظام نفسه يتكرر نكتب أول آية من القرآن (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) [الفاتحة: 1/1]، وبنفس الطريقة نعبر عن كل كلمة برقم يمثل عدد حروفها لنجد الذي يمثل حروف هذه الآية هو 6643 من مضاعفات الرقم سبعة.
ولو ذهبنا لآخر آية من كتاب الله تعالى نجد النظام ذاته يتكرر. فآخر آية من القرآن هي قوله تعالى: (مِنَ الجِنَّة والناس) [الناس: 114/6]، لنكتب عدد حروف كل كلمة، وهنا نجد من جديد أن العدد الذي يمثل حروف هذه الآية هو 5152 من مضاعفات الرقم سبعة أيضاً، والسؤال هل جاء تناسب حروف أول آية وآخر آية مع الرقم سبعة بالمصادفة؟
ماذا لو علمنا بأنه في كتاب الله تعالى آلاف الحقائق الرقمية التي تشمل حروف وآيات وسور القرآن وجاء التناسب فيها دائماً مع الرقم سبعة؟!
ـــــــــــــ
نُشر هذا الحوار مختصراً على بعض الصحف، منها جريدة السياسة الكويتية، في العدد الصادر بتاريخ 13 ذو الحجة 1423هـ الموافق 14 شباط (فبراير) 2003، وجريدة الخليج الإماراتية، في العدد الصادر بتاريخ 8 شباط (فبراير) 2004.
خـاتمــة
وبعد كل هذه الحقائق المبهرة، ماذا يمكن أن نقول؟ وبم نختم هذه المجموعة من الأبحاث التي لا تمثل إلا البداية لعلم جديد أسأل الله تعالى أن ينفع به ويتقبّله. وكيف يمكن أن نلخص معجزة كبرى وقد رأينا قطرة من بحرها المحيط؟
لا أملك إلا أن أحمد الله تعالى حمداً كثيراً على ما من به علي من فيض غزير من هذه الحقائق الرقمية الثابتة، والتي أرجو أن أكون قد وُفّقت في أسلوب عرضها الذي حاولت جاهداً أن يكون بسيطاً ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.
فعسى أن تكون هذه الآية الرقمية وسيلة لكل ذي بصيرة يرى من خلالها قدرة الخالق العظيم على إحصاء وتنظيم وإحكام آيات وكلمات وحروف كتابه المجيد. كما أرجو أن تكون هذه العجائب وسيلة لكل مؤمن أحب القرآن وتعطّش لروائعه وعجائبه، ليزداد إيماناً مع إيمانه، ويزداد حباً لمن أُنزل عليه القرآن عليه صلوات الله وسلامه، ويزداد ثقة بدينه وانتمائه لهذا الدين الحنيف، ويزداد يقيناً بالله ولقائه ووعده.
يجب ألا يغيب عنا بأن الله تعالى أودع في كتابه معجزات كثيرة غيبية وبيانية وتشريعية وعلمية وغير ذلك من المعجزات، والمعجزة الرقمية التي نلمسها ونشاهدها اليوم تُضاف إلى الرصيد الإعجازي للقرآن الكريم.
الهدف من هذه المعجزات ليس المعجزة بحدّ ذاتها، بل الهدف منها زيادة الإيمان والتثبيت اليقيني، إذاً المعجزة هي وسيلة وليست غاية. وينطبق هذا الكلام على الإعجاز الرقمي، فعندما نتأمل هذه الأرقام وما تعبر عنه من قصص وأوامر ونواه وأحكام وتشريعات وحقائق علمية وكونية، ندرك أن القرآن أكبر مما نظنّ.
فالإعجاز الرقمي هو وسيلة لإعلاء شأن هذا الدين في نظر غير المسلمين، ووسيلة يفتخر كل مسلم من خلالها بأن الله قد منّ عليه بالإيمان والهدى. وليعلم بأن الإسلام هو دين العلم.
وفي النهاية نلخص كل ما جاء في هذه الموسوعة بهذه الكلمات:
إن الله تعالى كما نظّم وأحكم وحفظ كل شيء في هذا الكون، كذلك نظّم وأحكم وحفظ كل شيء في هذا القرآن. وكما أنه تعالى قد وضع البراهين المادية والتي تدلّ على وحدانيته في هذا الكون، كذلك أودع في كتابه هذه البراهين العلمية لتكون دليلاً على وحدانيته وقدرته.
وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا
وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ
المصدر : الكحيل
الحُبُك: صور كونية تسبح الله
مُساهمة طارق فتحي في الأحد 9 يناير 2011 - 7:26
الحُبُك: صور كونية تسبح الله
اعداد : طارق فتحي
من الآيات العظيمة قول الحق تبارك وتعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ* إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ) هذه الآية تحدثنا عن خاصية موجودة في السماء وهي أنها ذات حُبُك أي: ذات نسيج محكم، لنتأمل روعة الخلق....
طرح العلماء سؤالاً عن شكل الكون: ما هو شكل كوننا الذي نعيش فيه؟ فبعدما اكتشفوا أن مجرتنا ليست هي الوحيدة في الكون، وجدوا أن الكون مليء بالمجرات، وأن هذه المجرات تصطف على ما يشبه خيوط النسيج!
المجرة هي: تجمع من النجوم يحوي أكثر من مئة ألف مليون نجم، ومجرتنا هي مجرة درب التبانة وتحوي هذا العدد الهائل من النجوم، ولو نظرنا إلى السماء في ليلة صافية فإن معظم النجوم التي نراها تنتمي إلى هذه المجرة ولكن هذه المجرة ليست هي الوحيدة في الكون إنما هنالك أكثر من أربع مئة ألف مليون مجرة!
هذه المجرات تتوضّع كما كان يعتقد العلماء عشوائياً يعني ظل الاعتقاد السائد أنها تتوضع عشوائياً وليس هناك أي نظام يربط بينها، ولكن في العام الماضي قام علماء من الولايات المتحدة الأمريكية ومن كندا ومن ألمانيا بأضخم عملية حاسوبية على الإطلاق كان الهدف من هذه العملية معرفة شكل الكون ولكن هذه المهمة تطلبت تصميم كمبيوتر عملاق هو السوبر كمبيوتر.
السوبر كمبيوتر هو جهاز كمبيوتر عملاق يزن أكثر من مائة ألف كيلو غرام وهذا الجهاز يحتاج إلى مبنى ضخم وتكاليف باهظة والعجيب أن سرعة هذا الجهاز في معالجة المعلومات أو البيانات أنه ينجز في ثانية واحدة ما تنجزه الحاسبات الرقمية العادية في عشرة مليون سنة، فتأملوا معي ضخامة هذا الجهاز الذي سموه العلماء بـ (سوبر كمبيوتر).
لقد أدخل العلماء عدداَ ضخماً من البيانات حول هذا الكون فأدخلوا بياناتٍ حول أكثر من عشرة آلاف مليون مجرة وبيانات حول الدخان الكوني وبيانات حول المادة المظلمة في الكون وبقي هذا الكمبيوتر العملاق وعلى الرغم من سرعته الفائقة بقي شهراً كاملاً في معالجة هذه البيانات وكانت الصورة التي رسمها للكون تشبه تماماً نسيج العنكبوت.
إن الذي يتأمل هذه الصورة وما فيها من نسيج محكم يلاحظ على الفور أن المجرات لا تتوضع عشوائياً إنما تصطف على خيوط طويلة ودقيقة ويبلغ طول الخيط الواحد مئات الملايين من السنوات الضوئية، عندما رأى العلماء هذه الصورة أدركوا على الفور وجود نسيج محكم في السماء فأطلقوا مصطلح (النسيج الكوني). بدأ العلماء بعد ذلك بدراسة تفاصيل هذا النسيج وبدؤوا يصدرون أبحاثاً ومقالاتٍ حول هذا النسيج ومن أهمها مقالة بعنوان(كيف حُبِكَت الخيوط في النسيج الكوني) وقد لفت انتباهي في هذا البحث أن هؤلاء العلماء يستخدمون الكلمة القرآنية ذاتها يستخدمون كلمة Weave باللغة الإنكليزية وهي تماماً تعني حبك، وأدركت مباشرة أن هذه الآية تصوّر لنا تماماً هذا النسيج في قوله تعالى (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ).
يقول الإمام الزمخشري رحمه الله تعالى: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ: إذا أجاد الحائك الحياكة قالوا ما أحسن حبكه). إذاً الإمام الزمخشري تحدث عن نسيج تم حبكه بإحكام. والإمام القرطبي تناول هذه الآية أيضاً وقال فيها: (ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه يقال منه حبَك الثوب يَحبِكُه حَبكاً أي: أجاد نسجه)، ولكن الإمام ابن كثير رحمه الله تعالى له تفسير جميل وعجيب ويطابق مئة بالمئة ما يقوله اليوم علماء الغرب! فالإمام ابن كثير يقول: (وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ أي: حُبكت بالنجوم، ولو تأملنا المقالات الصادرة حديثاً عن هذا النسيج نلاحظ أن العلماء يقولون: إن الكون حُبك بالمجرات.
تحدث العلماء عن هذا النسيج طويلاً، ووجدوا بأن هذا النسيج هو نسيج مُحكم لأننا إذا تأملنا صورة النسيج الكوني نلاحظ أن لدينا كل خيط تتوضع عليه آلاف المجرات ولا ننسَ أن كل مجرة فيها مائة ألف مليون نجم وهي تبدو في هذه الصورة كنقطة صغيرة لا تكاد ترى فالنقاط الصغيرة في هذه الصورة النقاط المضيئة هي مجرات، ونلاحظ أن هذه المجرات تصطف على خيوطٍ دقيقة جداً وكل خيط يبلغ طوله ملايين بل مئات الملايين من السنوات الضوئية والسنة الضوئية!!
إن هذا النسيج يتحدث عنه علماء الغرب بقولهم إن خيوطه قد شُدّت بإحكام مذهل أي أنه نسيج وأنه محكم وهو أيضاً متعدد، يعني هذا النسيج الكوني لا يتألف من طبقة واحدة، إنما هنالك طبقات بعضها فوق بعض ولو تأملنا الصور التي رسمها السوبر كمبيوتر لهذا النسيج وما فيه من تعقيد وإحكام مُبهر نلاحظ أن الله تبارك وتعالى قد أحكم صناعة هذا النسيج بشكل يدلّ على أنه عز وجل قد أتقن كل شيء، كيف لا وهو القائل: (صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ) [النمل: 88].
السنة الضوئية: هي ما يقطعه الضوء في سنة كاملة، فالضوء يسير بسرعة تبلغ ثلاثمائة ألف كيلو متر في الثانية الواحدة، ففي سنة كاملة يقطع مسافة تساوي: سنة ضوئية واحدة. إن مجرتنا والتي تحوي أكثر من مائة ألف مليون نجم يبلغ قطرها أو طولها مائة ألف سنة ضوئية أي أن الضوء يحتاج حتى يقطع مجرتنا من حافتها إلى حافتها مائة ألف سنة كاملة، فتأملوا كم يحتاج الضوء ليقطع الكون من حافته إلى حافته والعلماء يقدرون حجم هذا الكون بحدود ثلاثين ألف مليون سنة ضوئية، طبعاً هذا الكون المرئي وما بعد هذا الكون لا يعلمه إلا الله تبارك وتعالى.
لو تأملنا كلمة (الحُبُك) نلاحظ أنها تتضمن عدة معانٍ: الشد، والإحكام، والنسيج، وأيضاً تتضمن معاني الجمع لأن كلمة الحبك جاءت بالجمع وليست بالمفرد، يعني الله تبارك وتعالى لم يقل (والسماء ذات الحبيكة الواحدة) بل قال (الحُبُك) وكلمة الحبك هي جمع لكلمة (حبيكة) ولذلك فإن الله تبارك وتعالى قد جمع في كلمة واحدة عدة معانٍ لهذا النسيج، فالنسيج قد يكون محكماً أو هزيلاً وقد يكون قوياً وقد يكون ضعيفاً وقد يكون مفككاً أو مترابطاً، ولكن كلمة (الحبك) تعني النسيج المحكم، و(حَبك) تعني أنه أتقن وأحكم صناعة هذا النسيج وهذا ما يقوله العلماء اليوم يؤكدون أن النسيج الكوني ليس نسيجاً عادياً، إنما هو نسيج محكم وقد شُدّت خيوطه بإحكام.
ومن هنا نستطيع أن نستنج أن الله تبارك وتعالى قد أودع في كل كلمة من كلمات كتابه معجزة مبهرة، ففي كلمة واحدة هي كلمة (الحُبُك) تتجلى أمامنا معجزة عظيمة، هذه المعجزة العظيمة تتضح أمامنا من خلال أن الله تبارك وتعالى عبّر بكلمة واحدة عن حقيقة هذا النسيج، بينما العلماء يستخدمون كلماتٍ متعددة حتى يصلوا إلى النتيجة ذاتها.
من الأشياء الغريبة التي لاحظتها أننا لو جئنا بمقطع من دماغ إنسان مثلاً وقمنا بتكبير خلايا الدماغ العصبية نلاحظ أن الصورة الناتجة صورة نسيج الدماغ تشبه تماماً صورة النسيج وهذا إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الخالق واحد: (اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) [الزمر: 62].
لماذا ذكر الله تبارك وتعالى هذه الحقيقة في كتابه المجيد؟!
نعلم أن علماء اليوم يندفعون باتجاه اكتشاف أسرار الكون ودافعهم في ذلك حب الفضول وحب المعرفة، ولكن القرآن لا نجد آية واحدة إلا ومن وراءها هدف عظيم. فلو تأملنا سلسلة الآيات في قوله تعالى: { وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْحُبُكِ * إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ * يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ) [ الذاريات: 7-9] والإفك هو الكذب، أي أن هؤلاء الذين يفترون على الله كذباً ويقولون إن هذا القرآن ليس من عند الله إنما كلامهم مضطرب ولا يستقيم أبداً، ولو تأملنا سلسلة الآيات نلاحظ أن الله تبارك وتعالى يقول بعد ذلك: (وَفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ * وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ * وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ* فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ) [الذاريات: 20-23].
وهنا نصل إلى الهدف من هذه الحقيقة الكونية: (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)، أي: أيها الملحدون المشككون بكتاب الله تبارك وتعالى كما أنكم لا تشكون أبداً في رؤيتكم لهذا النسيج المحكم، وكما أنكم لا تشكُّون في أنكم تنطقون، كذلك ينبغي أن تدركوا وتتأكدوا أن هذا الكلام هو كلام الله تبارك وتعالى، لأنه لا يمكن لبشر أن يتنبأ بالبنية النسيجية للكون قبل أربعة عشر قرناً.
المصدر : عبد الدائم الكحيل
www.kaheel7.com/ar
مواضيع مماثلة
» * حقائق كونية ذكرت في القرآن الكريم
» * من عجائب القرآن : النبات يتألم - بداية الايات - الدماغ - الارض لا تدور- الحبك
» * هل يمكن معرفة الغيب باستخدام الأرقام القرآنية؟- عشر حقائق كونية مذهلة كشفها القرآن
» *معجزات القرآن-الابل-الحفريات-الثعابين لاتزحف-الذبح-الروح القدس-الاسراء
» * قصص القرآن - يونس - نساء من القرآن - زواج عمر وهجرته - وفاة فاطمة
» * من عجائب القرآن : النبات يتألم - بداية الايات - الدماغ - الارض لا تدور- الحبك
» * هل يمكن معرفة الغيب باستخدام الأرقام القرآنية؟- عشر حقائق كونية مذهلة كشفها القرآن
» *معجزات القرآن-الابل-الحفريات-الثعابين لاتزحف-الذبح-الروح القدس-الاسراء
» * قصص القرآن - يونس - نساء من القرآن - زواج عمر وهجرته - وفاة فاطمة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى