مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* آراء الباحثين المختصين بخصوص أصل السومريين 1

اذهب الى الأسفل

* آراء الباحثين المختصين بخصوص أصل السومريين 1 Empty * آراء الباحثين المختصين بخصوص أصل السومريين 1

مُساهمة  طارق فتحي الإثنين يونيو 25, 2018 7:20 am

أما عن قضية مجيء السومريين الى وادي الرافدين وزمن هجرتهم فهناك أحتمالات عديدة لا توجد مبررات حضارية وتأريخية لتفضيل أحدها على الاخر والاخذ به، فمن هذه الاحتمالات أن السومريين لم يأتوا من جهات بعيدة خارج القطر ، وانما كانوا أحد الاقوام الذين عاشوا في مكان ما من وادي الرافدين في عصور ما قبل التاريخ ثم أستقروا في السهل الرسوبي منه في حدود الالف الخامس ق. م أو بعد ذلك الزمن عندما أصبح هذا السهل الرسوبي صالحا للسكنى، وأنهم لم يكونوا المستوطنين الوحيدين آنذاك، على أن هناك جماعة من الباحثين تحدد مجيء السومريين الى السهل الرسوبي في أواخر العصر (الحجري ـ المعدني)(النصف الثاني من دور الوركاء ودور جمدة نصّر) ومن هؤلاء الجماعة من يعيد الموطن الذي نزح منه السومريين بأنه أرض جبلية ولذلك نراهم، على حد زعم هذه الجماعة، يقيمون معابدهم فوق مرتفعات أصطناعية (هي الابراج المدرجة أو الزقورات)، وخصص البعض ذلك الموطن في الجهات الشرقية مثل بلاد أيران معتمدين في أفتراضهم هذا على تشابه فخار دور (العبيد)، وكان أقدم نوع من الفخار عثر عليه في السهل الرسوبي، مع فخار دور (سوسة)، ولكن الاكتشافات الاثارية الحديثة أسفرت عن وجود فخار أقدم من فخار دور (العبيد) ونعني بذلك فخار طور (أريدو)، كما أرتأت جماعة أخرى من الباحثين أن السومريين نزحوا من وادي السند أو جنوبي بلوجستان، مستندين في ذلك الى التشابه الحضاري ما بين حضارة هذا الوادي (حضارة هرابا وموهنجو دارو) وبين الحضارة السومرية، وأنهم جاءوا في موجتين أو هجرتين، أحداها عن طريق البحر وعبر الخليج العربي والثانية برا عن طريق أيران . وذهب بعض الباحثين الى أن السومريين عندما جاءوا الى وادي الرافدين كانوا في بداية أمرهم يجاورون أصحاب حضارة أرقى ومنها أقتبسوا عناصر ثقافتهم، بدليل ما نشأ عندهم من أدب بطولي أو ملحمي(Heroic Age) وهو نوع من الادب يظهر عادة عند الاقوام غير المتحضرة بتأثير جوارها الى حضارات أرقى، مثل عصر البطولة اليوناني (الممثل بالالياذة والاوديسة) حينما أتصل اليونان بحضارة الاقوام الايجية (ومركزها في جزيرة كريت) ومثل عصر البطولة الذي نشأ عند برابرة أوروبا ابان جوارهم للحضارة الرومانية . وهكذا يظهر مما عرضناه، أن أصل السومريين ما زال غير معلوما بشكل أكيد وان كل ما قيل بشأن هذا الموضوع لا يخرج عن نطاق التخمين والافتراضات وزيادة في القاء الضوء على هذا الموضوع نورد أدناه آراء ثلة من المختصين من ذوي المكانة الرصينة في مجال علم الاثار والدراسات اللغوية كي يستطيع القاريء الكريم الوقوف على مدى التباين في آراء تلك المجموعة من المختصين وبالتالي يمكن أن يكوّن بدوره صورة واضحة عن هذا الموضوع الشائك :

آراء الباحثين المختصين بخصوص أصل السومريين :

رأي الاستاذ طه باقر :
اذ يقول المرحوم الاستاذ طه باقر: (( أن السومريين هم أحدى الجماعات المنحدرة من بعض الاقوام المحلية في وادي الرافدين في عصور ما قبل التاريخ البعيدة وأنهم عرفوا بأسمهم الخاص أي السومريين نسبة الى أسم الاقليم الذي أستوطنوه أخيرا في القسم الجنوبي من العراق، أي أن التسمية لاحقة للاستيطان ومشتقة من أسم موضع جغرافي ولا تحمل مدلولا قوميا، يؤيد هذا أن كثيرا من الاقوام التأريخية التي أشتهرت في وادي الرافدين وأسهمت في تكوين حضارته وأحداث تأريخية سميت بأسم المواضع التي حلّت فيها مثل الاكديين نسبة الى (أكد) أو (أكادة) العاصمة التي أسسها سرجون الاكدي والبابليين نسبة الى مدينة بابل والاشوريين نسبة الى مدينة آشور على ما يرجح، كما يمكن تتبع أصول الحضارة السومرية الى جذورها الاولى في عصور ما قبل التاريخ مما نوهنا به مرارا)) ثم يردف قائلا : (( أن السومريين لم يكونوا أقدم المستوطنين في السهل الرسوبي من جنوبي العراق بل جاوروا أقواما أخرى وفي مقدمتهم الساميون، وبخلاف ما ذهب اليه البعض من نسبة الاصل الجبلي الخارجي الى المهد الذي نزح منه السومريون، لا نجد في المآثر السومرية وعلى رأس ذلك آدابهم وأساطيرهم وشعائرهم الدينية ما يشير الى أصل غريب عن بيئة وادي الرافدين الطبيعية، ولا سيما القسم الرسوبي منه بل طابع حضارتهم المميز مشتق من بيئة نهرية ذات أحراش وقصب ونخيل وأثل وطمى وغرين وفيضانات وسهول، الى غير ما هناك مما سبق أن نوهنا به من أثر البيئة الطبيعية في حضارة وادي الرافدين)) ويؤكد الاستاذ طه باقر: (( ويبدو مما عرضناه من آراء عن أصل السومريين ومهدهم أن ذلك من القضايا التي لم تستطع حلها الدراسات اللغوية والآثارية وأن كل ما قيل ويقال بشأنها مجرد تخمين وأفتراضات لا يمكن البرهنة عليه ولا رفضه بوجه قاطع )) .

رأي الخبير الآثاري هندكوك :
أما هندكوك فيرجّح : (( أن السومريين جاؤوا من المنطقة العيلامية البطائحية، حيث كان السومريون والعيلاميون يتكلمون بلغة غريبة غير سامية وكلاهما ورث عن أجداد العيلاميين ثقافة واحدة مشتركة وكلاهما أستعمل الكتابة المسمارية)) ولم يكتف هندكوك بهذا الرأي بل يذهب أبعد من ذلك فيقول: (( أما ما يتعلق بالكتابة المسمارية فأننا لا نعلم من هو الذي أستعمل الكتابة المسمارية قبل الاخر، أهم السومريون أم العيلاميون )) ؟

رأي المستشرق فرانكفورت :
ويؤيد فرانكفورت ما جاء به هندكوك ويقول: (( ولا يزال سكان المستنقعات في أيران الشرقية حتى اليوم يعيشون على شواطيء البحيرة الكبيرة لنهر الكارون، وهم مثل عرب مستنقعات جنوب العراق، يبنون مراكب واكواخ من قصب، ويصطادون السمك ويحتفظون بالجواميس والماشية ولا بد أن مثل هذه الاحوال كانت سائدة في كثير من أنحاء فارس في هذه الفترة والمهاجرون من مثل هذه المناطق يطونون دوما على أستعداد تام لمواجهة الحياة في منطقة كمنطقة دلتا الفرات)) ويضيف فرانكفورت الى ذلك قوله: (( ان الخزف الذي صنعه السكان القدماء في جنوب ما بين النهرين يبين أنهم جاؤوا به من فارس، وقد أحتفظوا بالبداية بالرسوم الهندسية الشديدة التشابك التي كانوا يستعملونها في بلادهم الاصلية)) .

رأي الدكتور صموئيل نوح كريمر :
أما أستاذ السومريات كريمر فيدلي برأيه في هذا الموضوع اذ يقول: (( ان من المؤكد الى درجة معقولة ان اوائل المستوطنين في بلاد سومر لم يكونوا من السومريين ولا يأتي الدليل على هذا الرأي من مصادر آثارية أو أنثروبولوجية التي هي في الواقع غامضة وغير حاسمة بالنسبة لهذا الموضوع ولكنه يأتي من الادلة اللغوية، أن أسمي النهرين اللذين يهبان الحياة لبلاد سومر دجلة والفرات، أو ( ايديجلات ـ Idiglat) وبورانون ـ Buranun) كما يقرآن في المسمارية كلمتان غير سومريتين كما أن أسماء أهم مراكز بلاد سومر (أريدو) (أور) (لارسا) (ادب) (كولاب) (لكش) (نيبور) (كيش) كلمات ليس لها أصل لغوي سومري مقنع)) ويخلص كريمر الى القول ((ومهما كان الامر فأنه من المحتمل جدا أن السومريين أنفسهم لم يصلوا الى بلاد سومر الا في وقت ما في النصف الثاني من الالف الرابع قبل الميلاد أما أين كان موطنهم الاصلي فأنه أمر ما زال غير مؤكد تماما)) .

رأي الدكتور فاضل عبد الواحد علي (أستاذ السومريات في جامعة بغداد) :
أما د0فاضل عبد الواحد فيعلق على هذا الموضوع قائلا: (( ان هذه الاراء وغيرها مما قيل بخصوص أصل السومريين بقيت في نطاق التخمين والافتراض ولم يحظ أي منها في يوم من الايام بقبول الاغلبية من علماء الاثار، وفي أعتقادنا أنه ليس هناك ما يبرر الافتراض القائل بهجرة السومريين من بلد آخر الى جنوب وادي الرافدين، صحيح أن هناك خصائص أو عناصر مميزة للحضارة السومرية لكن هذا لا يعني بالضرورة أن تلك العناصر جاء بها السومريون معهم من خارج القطر والشيء المنطقي هو أن نفترض بأن هذه العناصر المميزة للحضارة السومرية التي نشاهدها في عصر الوركاء (3500ـ 3000 ق.م) عبارة عن نتيجة وأمتداد طبيعيين لمدنيات عصور ما قبل التاريخ الاخرى التي سبقت هذا العصر مثل حسونة وسامراء وحلف في شمال القطر والعبيد(بضم العين وفتح الباء) في الجنوب، وبتعبير آخر أننا نرى قي السومريين أمتدادا لاقوام عصور ما قبل التاريخ في وادي الرافدين وأنهم أنحدروا من شمال القطر الى الجنوب وأستوطنوا في منطقة كانت على الارجح تعرف بأسم (سومر) والتي عرف السومريون بأسمها في العصور التأريخية اللاحقة)) .

رأي الدكتور أحمد سوسة :
أما د. أحمد سوسة فيقول عن السومريين: (( أن السومريين لم يكونوا أقدم المستوطنين في وادي الرافدين، بمعنى أن هناك أقواما أخرى سبقتهم في الاستيطان وفي مقدمتهم الساميون ))، كما يقول (( أن السومريين لا يحملون دلالة قومية بمعنى أنهم لا يمثلون شعبا ذا عنصر معين ولكنهم يمثلون ثقافة على أصح تعبير))، ثم يخلص الى القول(( أن لغة السومريين لغة أجنبية غريبة عن المنطقة، فلا بد أن يكون السومريين قد جاؤوا بهذه اللغة من مكان غير وادي الرافدين ذي اللغة السامية، والذي نرجحه أن هذا المكان هو منطقة عيلام البطائحية المجاورة الى منطقة الاهوار في جنوبي العراق والمشابهة لها في بيئتها الطبيعية ونحن نعلم أن أهل عيلام لم يكونوا من الساميين والارجح السومريين جاؤوا بلغتهم من مكان آخر غير عيلام، ثم أستقروا في أهوار عيلام ومنها أنتقلوا الى أهوار العراق الواسعة المجاورة التي لا توجد لها حدود تفصل بينها بدليل أن أصل السومريين أقرب الى حياة الاهوار من حياة الريف )) .

رأي د. هاري ساكز(رئيس قسم اللغات السامية ـ الكلية الجامعة ـ كارديف) :
وأما الدكتور هاري ساكز فيؤكد بدوره تضارب الاراء والنظريات حول أصل السومريين، أذ يقول: (( هناك نظريات عديدة، وليس هناك شيء مؤكد، عن الموطن الاول للسومريين، فصعوبة لغتهم الملصقة وغموضها قد دفعت بعضهم لمقارنتها، وفي غالب الاحيان بأسلوب غير علمي، بعدد كبير من اللغات الاخرى، من اللغة الصينية والتبتية والدرافيدية والهنغارية (كما يحلو لبعض الهواة حاليا) الى بعض اللغات البعيدة في القارة الافريقية، ولغات الهنود الحمر في أمريكا ولغات جزر الباسفيك ولم تترك لغة الباسك في هذه المقارنة أيضا في حين ذهب أحد العلماء اليهود ممن لهم أطلاع واسع، ولكن غير مستثنى من الضعف الانساني في التعصب القومي، فأعتبر اللغة السومرية بمستوى لغة (الفولابك ـ Volopuk)، وقال بأن اللغة السومرية لم تكن أصلا لغة طبيعية حية بل أنها من صنع الكهنة البابليين الساميين)) ! ، ثم يقول (( وليس هناك من بين العلماء من ذوي السمعة من يحاول أن يحل مشكلة أصل السومريين على أسس لغوية فقط، وأن علم الاجناس البشرية يقدم الادلة المستندة الى بقايا الجماجم البشرية الا أن تفسير تلك الادلة ما زال موضع خلاف كبير، أن مناقشة الموطن الاول للسومريين لا بد أن يبدأ، حتى الان، بأفتراض أنه مهما كان المكان الاول الذي جاؤوا منه، فأنه لم يكن بلاد سومر، وأن هناك من تحدى هذا الافتراض غير أنه لم تقدّم أية أدلة مقنعة لاسناده، فلم يكن في بلاد سومر في الواقع، سكان محليون، على الرغم من أن النظرة القديمة التي تقول أن الارض لم تظهر من الخليج العربي حتى الالف الخامس تعتبر الان نظرية خاطئة، غير أن الحقائق الاثارية ثابتة بأن ليس هناك وجود لاثار ثقافة الانسان في جنوبي بلاد بابل قبل فترة أريدو، التي يرجع تأريخها الى حوالي 4500 ق.م أو بعد ذلك بقليل)) وبعد أن يستعرض د. ساكز عدة آراء بشأن أصل السومريين الا أنه يعود ليؤكد على أنها مجرد أفتراضات لا تعتمد على أسس رصينة غير أنه ينهي هذا الموضوع بقوله (( وأكثر ما يمكن أن يستنتج بأطمئنان في الوقت الحاضر هو أن السومريين جاؤوا من مكان ما شرقي بلاد بابل)) .

رأي د. فوزي رشيد:
يقول الدكتور فوزي رشيد :
(اننا نعتقد بأنهم من سكان الاقسام الشمالية من العراق جاؤوا الى القسم الجنوبي منه على شكل جماعات مهاجرة وذلك بسبب تزايد السكان الذي حدث في الاقسام الشمالية اثناء حضارتي سامراء وحلف والذي أصبح لا يتناسب وكمية المواد الغذائية التي تنتجها المنطقة فأدى هذا التزايد الى هجرة الفائض ، وبعد كل هجرة يبدأ من جديد تزايد عدد السكان حتى يؤدي الى هجرة أخرى ، وكانت كل جماعة مهاجرة تسكن في منطقة معينة من القسم الجنوبي ، والمناطق التي سكنتها هذه الجماعات المهاجرة نمت وتطورت وكوّنت دويلات المدن السومرية المعروفة ، وبسبب كون مجيء السومريين الى القسم الجنوبي من العراق قد حدث في فترة سبقت ظهور الكتابة فأن اثبات ما ذكرناه بشكل قاطع أمر غير ممكن ).

رأي د. جورج رو:
وهذا الدكتور جورج رو يلج عباب تلك المشكلة بقوله:
( يقدم لنا الادب السومري صورة لشعب مجد مثقف ، وجد متديّن ، غير أنه لا يعطينا معلومات عن أصله ، وتدور حوادث القصص والاساطير السومرية في وسط غني بالانهار والبحيرات وبالبردي والنخيل ، وهذه خلفية نموذجية لمنطقة جنوب العراق ، وتعطي أنطباعا قويا بأن السومريين قد عاشوا دائما في ربوع هذه المنطقة ، وليس هناك ما يؤكد وجود أي موطن سالف للسومريين يختلف عن وادي الرافدين ) ، ثم يستدرك رو قائلا : ( وهكذا كلما حاولنا دفع حدود مشكلتنا أبعد في بطون التاريخ ، كلما ضاقت وأختفت في مجاهل عصور ما قبل التأريخ لدرجة أننا نصل في النهاية الى حد التشكك أصلا بمواجهتنا لثمة مشكلة جدية حقا ، لقد كان السومريون ، شأنهم شأننا، مزيجا من الاجناس وربما أيضا من الشعوب ، كما كانت حضارتهم، كحضارتنا، مزيجا من العناصر الاجنبية والمحلية الاصلية، أما لغتهم فتعود الى مجموعة لغوية كبيرة غطت كل منطقة غربي آسيا وربما أمتدت أبعد من ذلك، وأعتمادا على هذا، يمكن أن يكون السومريون تفرعا لشعب أستوطن الجزء الاكبر من الشرق الادنى في العصور الحجرية الحديثة والعصور الحجرية ـ المعدنية المبكرة ، أي أنهم، بأختصار، يمكن أن يكونوا قد تواجدوا دائما في أرض العراق منذ تلك العصور السحيقة في القدم)، ثم يواصل قائلا : ( وبهذا الاستنتاج نأتي على نهاية حديثنا حول مشكلة أصل السومريين متذكرين قول واحد من أكثر المستشرقين عبقرية في هذا الصدد (هـ0 فرانكفورت ـ H.Frankfort) : ( بأن المناقشة المسهبة لهذه المشكلة يمكن تماما أن تتحول في النهاية الى ملاحقة وهم لا وجود له مطلقا).

رأي الباحث آدام فلكنشتاين ـ Adam Falkenstein :
أما فلكنشتاين فيذكر بصيغة السؤال : ( من أين جاء السومريون ؟ فربما سوف لن نعرف الاجابة على هذا السؤال أبدا ، فكما رأينا سابقا لا بد من أنهم كانوا مهاجرين كبقية سكان السهل البابلي وأنهم دخلوا البلاد في وقت ما قبل العهد الشبيه بالكتابي ، أي في عصور ما قبل التاريخ ولكننا لا نتمكن من أن نسأل سؤالا تأريخيا من آثار في عصور ما قبل التاريخ وأن نتوقع اجابة مقنعة لذلك فأن الدلائل الاثارية وكذلك الدلائل اللغوية ، لا تقدم لنا أي عون بهذا الصدد...) ، ثم يضيف قائلا : ( وبذلك تكون الفجوة واسعة جدا لاعطاء أية أشارة عن أصل السومرية جغرافيا ويبدو ان اللغات التي كانت ذات علاقة بالسومرية كانت قد ماتت دون أن تترك أي أثر ، فالسومرية هي لغة فريدة أستنادا الى ما لدينا من معلومات ) .

رأينا بخصوص أصل السومريين :
أن رأينا بهذا الخصوص يعتمد على حقيقة عدم وجود أدلة قاطعة يمكن أن تدلنا عن أصل السومريين وزمن أستيطانهم جنوبي العراق وكما رأينا أعلاه من تضارب الاراء حول تلك (المشكلة) والتي يجمع الباحثون المختصون في النهاية ، ان ما جاؤوا به لا يتعدى آرائهم الخاصة والتي بلوروها بشكل أو بآخر معتمدين على تخمينات ودلائل معينة ، فبعض الباحثين أعتمدوا في أرجاع السومريين الى منطقة عيلام المجاورة على تشابه نمط حياة تلك المنطقتين وتشابه الظروف الطبيعية فيهما بالاضافة الى غرابة لغتيهما عن السامية وكون السومريين والعيلاميين من الاقوام غير السامية والبعض الاخر من الباحثين يعتمد على تشابه طرز الفخار بين تلك المنطقتين في أرجاع أصل السومريين الى الاراضي الايرانية ، بل لم يكتف الباحثون بذلك بل ذهب بعضهم الى أرجاع أصل السومريين الى هنغاريا وأوروبا الوسطى تاركين لخيالهم الواسع الحكم في هذا المجال الشائك ، وحيث أنه لا يوجد دليل على صحة ما جاؤوا به فالمنطق يفترض التفكير السليم في هذا المجال ، وبهذا فمن باب أولى أن نفترض أن السومريين هم أمتداد لشعب عاش منذ أقدم العصور في وادي الرافدين وأما ما يعتمد عليه الباحثون في تطور معين لارجاع أصل السومريين الى منطقة ما بعيدة عن وادي الرافدين فنحن نقول أن كل ما حصل من تطور في جوانب معينة من حضارة وادي الرافدين ما هو الا عبارة عن (معادلة) طبيعية معروفة ، وهو التطور الحاصل نتيجة التطور الطبيعي البطيء المتواتر للحضارة بشكل عام ، فكون أن يصبح المعبد على مصطبة يجعلنا نظن أن أصل السومريين جبلي يكون الامر مجرد أجتهاد واهم وكون تشابه طرز الفخار في فترة ما نعتقد رجوع أصل السومريين الى أيران ذلك أيضا مجرد وهم وكون وجود أسماء بعض المناطق في الخليج العربي في أساطير السومريين السحيقة في القدم يجعلنا نتخذها كأساس لفرضية قدومهم من مكان ما في آسيا وصلوا الى جنوبي وادي الرافدين عن طريق تلك المناطق الخليجية، ذلك أيضا لا يخرج عن نطاق التخمين الذيلم يؤخذ به من قبل معظم الباحثين ، فكما قال الاستاذ طه باقر والدكتور جورج رو ، ان كل ما جاءبه السومريين لا يخرج عن وادي الرافدين حتى في العودة الى الدلائل الانثروبولوجية والاثارية وحتى اللغوية، فكون اللغة غريبة ولا يوجد ما يشابهها في عائلة اللغات المعروفة لا يجعلنا نطلق فرضيات قد تكون مثيرة (للضحك) للغاية لا تليق بمكانة الباحث العلمي الذي يجب أن يعتمد على الدلائل العلمية الرصينة وان لم تساعده تلك فيجب أن لا يخرج عن المنطق العقلاني الذي ينأى بالباحث عن خياله الواسع الخصب المثير مثل ما فعل د. بندنك بمؤلفه (الاعجوبة السومرية) ، فأي أفتراض منطقي هذا الذي يرجع أصل السومريين الى هنغاريا أو الهنود الحمر في أمريكا (وهم في النصف الاخر من الكرة الارضية) أو الباسفيك لمجرّد تشابه ضئيل جدا بين تلك اللغات واذا فرضنا جدلا بأنهم جاؤوا من هنغاريا مثلا فما الذي يجعلهم يجتازون كل تلك المسافة كي يستوطنوا أرضا قاسية المعيشة وهي الاهوار تاركين في طريقهم أراض مثلى للعيش فيها وبهذا فأنه ليس بوسع أي باحث ان يثبت على رأي ما بهذا الخصوص خاصة الباحثين الذين يفترضون حصول هجرة ما بعيدة للسومريين جاءت بهم الى جنوبي وادي الرافدين وان التفكير السليم الخالي من العاطفة يجدر بنا أن نفترض أن كل ما في الامر ما هو الا تطّور ما قاد الى تلك الدلائل التي أعتمد عليها الباحثون في أرجاع أصل السومريين الى خارج وادي الرافدين ، وان ذلك التطور قد حصل بشكل طبيعي متدرّج مما يؤكد أن أصل السومريين هو أستيطانهم منذ أقدم العصور في وادي الرافدين وكما جاء به الاستاذ طه باقر والدكتور فاضل عبد الواحد علي والدكتور فوزي رشيد والدكتور جورج رو (وبشكل ضمني) الدكتور هاري ساكز ، هو نزوح السومريين من منطقة ما في وادي الرافدين ، ربما تكون شمالي البلاد نتيجة لتزايد السكان وقلة الموارد بالنسبة الى عدد السكان ، وبالنهاية أن الامر كله لا يعدو عن كونه مجرد أفتراضات تنتظر دليل علمي دامغ يثبت ما جاءت به من نظريات ، وربما التنقيبات التي ستجري في المستقبل في المناطق المعنية ستساعدنا في هذا المجال وبالنتيجة فقد عبّر الاستاذ الدكتور فرانكفورت عن حال الباحثين وهم يدورون في دائرة مفرغة في هذا الموضوع ، عندما قال في معرض حديثه عما يعرف بـ(المشكلة السومرية) قبل أكثر من أربعين عاما : ( أن المناقشة المسهبة لمشكلة أصل السومريين يمكن أن تتضح في النهاية انها مجرد وهم (Chase of Chimera) لا وجود له مطلقا ) .


الاصل الفضائي للسومريين
قد لا يسع الأذهان ذكر حقائق عن بلد يصنف ضمن الدرجات الدنيا في تصنيف دول العالم الثالثبأنه "أول" من ارتاد الفضاء، ولعل المفارقة أن ذلك جرى قبل نحو 6000 عام، أي أول من صعد إلى الفضاء على مر التاريخ مع تحقيق إنجازات حسبت لـ"السومريين" ولم يحققه العلماء المعاصرون حتى اللحظة.

أمر مذهل حقا أن يكون العراق وقبل آلاف الأعوام نظموا رحلات فضائية جابوا فيها الفضاء وقطعوا مسافاته ومروا بكواكب المجموعة الشمسية وكشفوا عن أسرارالفضاء بأكثر مما انجزه الانسان المعاصر.
بحوث عدة في الآثار أجراها علماء أجانب وعرب كالباحث عبد الرحمن كاظم زيارة تلخصت بأن أول مركبة فضائية جابت الفضاء كانت قد حلقت من أرض العراق وتحديدا من أرض أور (ذي قار) حاليا، كما بينته إحدى اللوحات التي عُثر عليها في نيبور وعمرها أربعة آلاف سنة وتوجد الآن في متحف بمدينة ين الألمانية وهي نسخة من لوحة اخرى تحوي معلومات عن شتى المسافات في الكون كالمسافة بين الأرض والقمر أو بينها وستة كواكب أخرى، والتي باتت تعتمد في قياسات وكالة الفضاء الدولية "ناسا" في رحلاتها بالعصر الحديث.

ويقول العالم الأميركي زكريا ستجن نقلا عن كاظم زيارة في هذا المجال إن "العلم الحديث فك رموز نص سومري على اللوحة قبل أمد غير بعيد، واعتُبر شيئا وسطا بين الميثولوجيا والتقرير التاريخي، وجاء في اللوحة أنها تحوي من نينوى خارطة حقيقية للرحلة وخطة الطيران تحت مسمى (السماء ــ الأرض)"، لافتا إلى أن "جهة غير معلومة رسمت بلغة الإشارات والكلمات الطريق من الكوكب العاشر إلى الأرض".

بينما يرى العالم موريس شاتيلان أميركي الجنسية أن "مثل هذه اللوحات التي تحوي أدلة ملموسة على إتصالات لكوكبنا مع ممثلي حضارات غير أرضية هي كثيرة وموزعة على شتى المتاحف، لكنها بقيت مجهولة لعدم إستاطعة العلماء حينها على تفسير مضامينها".
إدعاءات وزير النقل كاظم فنجان الحمامي الذي لحق بكابينة الحكومة العراقية مؤخرا أن "أول مركبة فضائية انطلقت قبل آلاف السنين من أرض سومر في أور" حتى وإن كانت روايات واستشهد بمصادر عدة عربية وأجنبية فلم يتكلم عن فراغ.
وأثارت تصريحات الحمامي موجة تعليقات وانتقادات في الشارع العراقي قبل البلدان الأخرى، بينما حرصت بلدان أخرى ووسائل إعلامهم على تسليض الضوء والبحث في تصريح الوزير، كون كلام مثل هذا لا ينبغي المرور دون الوقوف على أبرز ما فيه وتقصي الحقائق.
ونصح الحمامي، في مؤتمر صحفي عقد في محافظة ذي قار وحضرته السومرية نيوز، تم تداوله فيما بعد من قبل نشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي، من لا يصدق هذه المعلومة أن يعود إلى كتب التاريخ، ذاكرا عددا من المراجع بهذا الخصوص، مشيرا إلى أن "منطقة ذي قار تعد المكان الأكثر أمنا للإقلاع والهبوط كون أجواءه خالية من المؤثرات السلبية".

كبرنا ولم نعرف أن الحضارة السومرية هي أولى الحضارات في كوكب الأرض، وهي أقدمها وأكثرها تطورا، فقد درسنا في مقرراتنا المدرسية تحولات التاريخ الأوربي بكل تفاصيلها المملة، ابتداء من طغيان محاكم التفتيش، إلى عصر الإقطاع، والثورة الفرنسية، وعصر النهضة. نعرف نابليون وعشيقته جوزفين، ونعرف ماري انطوانيت، وهنري الثامن، ومارتن لوثر كنغ، وبسمارك، وروبسبير، وكليمنصو، وراسبوتين، وماجلان، وفاسكو دي غاما.
نعرف عنهم أكثر مما نعرفه عن إنليل، وتموز، وأنكيدو، وأتونابشتم، وسرجون، وآشور بانيبال، وأورنمو، وسنحاريب، وأسرحدون، وجلجامش، ونسروخ، وشبعاد، ولوكال زاكيزي، في حين كرست أوربا جهودها التنقيبية في البحث عن بقايا آثارنا السومرية والبابلية، والآشورية، والكلدانية، والأكدية. ذلك لأنها كانت تدرك تماما عظمة الميزوبوتاميا (بلاد ما بين النهرين)، وربما يعود لها الفضل في فك رموز كتاباتنا المسمارية القديمة، ولسنا مغالين إذا قلنا أنهم انتشلوا بوابة عشتار من الضياع والتلف عندما نقلوها قطعة بعد قطعة إلى برلين، ولو لم يقدموا على هذه الخطوة لكان مصيرها كمصير آلاف المواقع الأثرية، التي صارت الآن عرضة للنهب والعبث، ثم جاءت أمريكا بأسلحتها التخريبية الفتاكة لتجهز على ما تبقى من حضارتنا السومرية، وتفعل فعلتها الخسيسة في كنوز متحفنا الوطني.

أول الحضارات البشرية وأقدمها
مما لا خلاف فيه أن تاريخ الإنسانية مزور ومبني على أكاذيب، هذا ما أكدته الكتابات المسمارية المنقوشة على الألواح الطينية المدفونة في تجاويف المواقع السومرية المبعثرة حول زقورة (أور)، فما أن أطلع عليها كبار علماء الآثار في شتى أنحاء العالم حتى بدءوا يشككون بنظريات العلم الحديث، ويرون أن ما تقدمه الجامعات وكلياتها بخصوص المراحل التاريخية لتطور الإنسان، هو عبارة عن مجموعة من الأكاذيب والأوهام المنافية للحقيقة.
لقد وجد العلماء في غابر تاريخ بلاد ما بين النهرين حضارة متقدمة جدا، اكتسبت تقنيات متشعبة سمحت للسومريين من التحليق في الفضاء، وبناء هياكل شاهقة ومعابد شامخة، بينما يصور لنا تاريخ العلوم المتداول بيننا أن ما وجد في كوكب الأرض قبل خمسة آلاف سنة كان غارقا في العصور الحجرية المتخلفة، ومجتمعاتها البدائية، التي كان فيها الإنسان لا يزيد ارتقائه الثقافي عن الحيوان إلا بدرجات ضئيلة ومتفاوتة، في حين تكشف لنا الآثار والحفريات أن السومريين عرفوا الأنواع الأولى للسيارة لما اخترعوا العجلة، ولبسوا ثيابا جميلة، لها أزرار ونقوش مطرزة بخيوط الحرير، ومطهمة بالذهب واليواقيت، وشقوا الترع والسواقي، وأقاموا عليها الجسور والقناطر، وشيدوا السدود والخزانات المائية الضخمة، التي يعجز عن تفسيرها العلم الحديث، وجربوا الأدوية المختلفة، وعرفوا فوائد التحكم بالسيول وتياراتها، واخترعوا الكهرباء وأناروا الأبراج العالية بالمصابيح الملونة.
لقد أظهرت الأدلة على أن سكان جنوب العراق قد أحرزوا تقدما علمياً مذهلا يفوق في بعض مظاهره التقدم الذي نعيشه اليوم، لعلهم عرفوا استعمال الطائرات والمركبات الفضائية، وربما عرفوا الحواسيب والرادارات وأجهزة الاتصالات اللاسلكية والأسلحة الفتاكة، وعرفوا الهندسة الجينية، والهندسة المعمارية، لكنها طمست كلها تحت تراكمات الأطيان والأوحال والرسوبيات، التي طمرتها تحت الأنقاض، ودفنتها في أعماق الأرض، بينما تكفلت الفيضانات العارمة بتجريف المدن الكبيرة، والتلاعب بملامح الخارطة الجيولوجية على مدى القرون السحيقة، ولم نعد نعرف عنها شيئاً، بيد أن الأيام تفاجئنا بين الفينة والأخرى، بإشارة قوية تكشف عن جهلنا بتاريخ كوكب الأرض، وأننا لا نعرف إلا النزر اليسير عن التقدم الذي أحرزه أجدادنا في الحقبة السومرية.

هكذا تكلم زكريا ستشين
اكتشف المنقبون آلاف الألواح المكتوبة بالخط المسماري، وتخصص علماء اللسانيات بفك شفرتها اللغوية، ومن هؤلاء العلماء (زكريا سيتشن)، وهو عالم أمريكي من أصول روسية، كشف عن لوحات فيها رسوم متقدمة جدا عن نظام شمسي يتألف من (12) كوكباً، وبعد سنوات من الدراسة والتحليل، خلص به المطاف أن عمالقة هبطوا من الفضاء فوق سطح الأرض في زمن قدر بأكثر من (5000) سنة قبل الميلاد، وعلموا سكان جنوب العراق ما لم يكونوا يعلمون، وتقول النصوص السومرية القديمة في وصف العمالقة، أنهم قوم جاءوا من الفضاء الخارجي. من هنا يتعين علينا الكشف عن فحوى ما تم التوصل إليه قبل بضعة أعوام، وكان مصنفا على أنه سري، وغير مسموح بتداوله.
الأنوناكي هم الملائكة ولهم تسميات أخرى
يقول الباحث الكبير (زكريا سيتشن): أن في ماضينا القديم كائنات متقدمة، عرفت باسم (أنوناكي)، وترجمتها غير الدقيقة، تعني: الذين أتوا من السماء إلى الأرض، وفي هذا نقول: أن المؤرخين قد يكونوا ضحايا لأخطاء الترجمة، وربما تقودهم تلك الأخطاء إلى ارتكاب المزيد من الاستنتاجات الخاطئة، فالترجمة الأولى لمفردة (أنوناكي Anunnaki) كانت تعني (آلهة)، ثم قالوا أنها تعني: (الذين هبطوا من الفضاء)، وتعني: (رُسل السماء)، وتعني أيضاً: (الملائكة)، الذين لا يوصفون بالذكورة أو الأنوثة.
جاءت مفردة (أنوناكي) بالجمع، ومفردها (أنكى) بالسومرية، وتعني: (أنقى) و(نقي)، فعالمهم كله طهر ونقاء وصفاء، وهم كرام أتقياء. خلقهم الله على صور جميلة. متفاوتون في الخلق والمقدار، ولهم مقامات متفاوتة ومعلومة.
مما لا جدال فيه أن فكرة وجود جنس من الكائنات أذكى وأقدم منا، هي التي اضطرتنا لإعادة التفكير في العديد من المسائل، بما فيها مسألة أصل البشرية، من أين أتينا ؟، هل يمكن أن نكون نتاجاً لهندسة جينية وقعت في الماضي السحيق ؟، آخذين بنظر الاعتبار أن فرضية (العلوم الحديثة بدأت لتوها) قد تكون غير صحيحة، وربما تضطرنا لتكثيف جهودنا من أجل إعادة اكتشاف ما أضاعه الزمن، فبفضل علم الآثار عرف العلماء الآن، أن أولى الحضارات الكبرى قامت منذ حوالي ستة آلاف سنة قبل الميلاد. أقدم من الإغريق ومن حضارة المايا، وأقدم من حضارة الإنكا. بناة تلك الحضارة عرفوا بالسومريين تيمناً ببلادهم (سومر)، التي بسطت نفوذها على السهل الرسوبي في بلاد ما بين النهرين، ووردت في سفر التكوين باسم (شنيار). أجيال متتالية من المفكرين إما تجاهلوا ورود أسماء الحضارات القديمة، أو صنفوها من ضمن الأساطير البالية، لكن الباحثين وبعد مراجعتهم الألواح القديمة، أصبح الكثير منهم على دراية تامة بأهمية النصوص القديمة الضاربة في أعماق التاريخ، باعتبارها تمثل السجلات الرصينة لحضارات كانت مزدهرة ومتفوقة.
أقدم تقنيات الهندسة الوراثية
لو راجعنا الكتب السماوية المقدسة لوجدناها تختصر نشأة الخليقة بعبارات موجزة ومُختزلة، وتتفق على أن الله جل شأنه خلق آدم وحواء من الطين. قال تعالى في سورة السجدة: ((وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين))، بيد أننا عندما نراجع النصوص السومرية، نجدها أكثر تعقيداً في شرح دور الملائكة (الأنوناكي)، الذين كانوا على علم بمراحل تطور التعديلات الجينية في خلايا الأجيال البشرية المتعاقبة، وربما واكبوها خطوة بخطوة. وتتضح هذه الحقيقة على جدران معبد سومري، زاره (زكريا سيتشن) في مدينة (أوروك Uruk) القديمة، فقبل اكتشافها منذ حوالي (150) سنة، لم تعرف (أوروك) إلا من خلال فقرات في (الانجيل)، وقد شيد المعبد لملكة اسمها (إنانا)، والتي عرفناها فيما بعد باسم (عشتار)، والتي تظهر في النقوش السومرية حاملة إبريقا من ماء الحياة، ومحاطة بزخارف لثعبانين مجدولين، يرمزان للعلوم البيولوجية، التي كانت سائدة وقتذاك، ويجد البعض فيها نذيرا لـ (عنخ) الفرعوني، أو رمزا للحياة والخلق، لكن (زكريا سيتشن) نفسه، اكتشف فيما بعد أن الثعبانين المجدولين يرمزان إلى تراكيب الحمض النووي (DNA) لدى الجنس البشري، ظلت منقوشة على تلك الجدران منذ أكثر من ستة آلاف سنة، وظهرت (عشتار) في نقوش أخرى وهي تحلق في السماء، وتغادر الغلاف الجوي للأرض، لتعبر مدارات المجموعة الشمسية نحو الكواكب البعيدة.
لقد أحاط السومريون علومهم الفلكية بسرية تامة، وكانت علومهم تُدرس خلف الأبواب الموصدة. يتناقلها الكهنة من جيل إلى آخر، وكانت أختامهم الأسطوانية الحجرية هي الخيوط المتسربة من خزاناتهم الحصينة، لو نظرنا لبعض تلك الأختام لرأينا (إنليل) وهو يهب المحراث لسكان جنوب العراق، ويعلن عن افتتاح عصر الإنتاج الزراعي، وبمعاينة أدق يمكن مشاهدة بعض الرسوم المتكاملة عن نظامنا الشمسي، فتظهر الشمس في المركز، بينما تدور حولها الكواكب في مداراتها الصحيحة، وحسب أحجامها وترتيبها المتعارف عليه في علومنا المعاصرة، وربما يلفت انتباهك كوكب إضافي في المدار الخارجي الأبعد، يدور هناك من دون أن تكشفه المراصد الفلكية الحديثة، لكنه يظهر بوضوح تام. فعلى الرغم من تنامي الأدلة الحسية على وجوده، ظل العلماء في حيرة من أمرهم. أيعقل أن يراه السومريون قبل مئات القرون، ولا يراه الفلكيون في وكالة ناسا للفضاء ؟.
البحث عن الكوكب الغامض
لقد اكتشف العالم (كلايد تامبو) كوكب (بلوتو) في الثامن عشر من فبراير (شباط) 1930، ويظهر هذا الكوكب في بعض الأختام السومرية، بينما يظهر الكوكب الإضافي الأبعد، والذي يطلق عليه العلماء في الوقت الراهن: الكوكب (X) الغامض. وهو أبعد كواكب نظامنا الشمسي، لكنهم لم يتعرفوا عليه عن كثب حتى الآن.
لم يتعرف الإنسان على طبيعة الكواكب وتفاصيلها إلا بعد اختراع أجهز الرصد الفلكي، وكانت علومهم مقتصرة حتى القرن السابع عشر على كوكب (المشتري)، لكنهم لا يعرفوا شيئا آنذاك عن الكواكب الأبعد منه، والتي يتعذر عليهم رؤيتها بالعين المجردة.
لقد جمع العلماء منذ أيام (غاليلو) بيانات قيمة، ومتعددة المصادر عن الكواكب البعيدة، لكنها ظلت دون مستوى المعلومات الهائلة، التي وفرها لنا التلسكوب الفضائي (هابل)، والمعلومات المؤكدة التي وفرتها أيضاً المسابر الفضائية في رحلاتها الاستطلاعية خارج الغلاف الجوي، والتي استطاعت سبر أغوار الأطراف النائية لمجموعتنا الشمسية، ففي التاسع عشر من أغسطس (آب) 1977، أنطلق المسبر الفضائي (فويجر - 2) من قاعدة (كيب كنافيرال) في رحلة طويلة الأمد إلى تخوم نظامنا الشمسي، فنسفت الكثير من الاستنتاجات الفلكية الاكاديمية، لكنها أكدت على رصانة العلوم في سجلات السومريين، ونقلت لنا (فويجر - 2) صورا واضحة نشاهدها لأول مرة لكوكب (أورانوس)، وكانت مطابقة تماما لتصورات السومريين، فعلى الرغم من افتقارهم للمراصد والتلسكوبات إلا أنهم عرفوا (أورانوس)، وكانوا يسمونه (آنو)، ويسمونه أيضاً (ماش سيغ)، أي المخضوضر الزاهي، وفسروا الانحناءة الفريدة لأورانوس، بأنها جاءت نتيجة تعرضه لضربة عنيفة، بسبب ارتطامه بجسم فضائي، ويؤكد علماء الناسا هذا التفسير، بقولهم: (أن ذلك الجسم الفضائي كان بحجم الأرض، وكان يسير بسرعة (40) ألف ميل بالساعة، وهو السبب الرئيس لاعوجاج الكوكب، والتشوهات الظاهرة على سطحه، ووصف السومريون جاره كوكب (نبتون) بالكوكب الأزرق الأخضر منذ آلاف السنين، لكن أفضل علماء الفلك لم يؤكدوا هذه الحقيقة إلا في العقود القليلة الماضية.
لقد قام السومريون بتسجيل وتسمية كواكب نظامنا الشمسي، وشملت معارفهم القديمة (أورانوس) و(نبتون)، فوثقوها في جداول ثابتة، ولوحات بارزة، في حين تسعى مراصدنا الفلكية المتطورة الآن لإعادة اكتشاف ما اكتشفه السومريون قبل آلاف السنين، بينما توصل العلماء لاكتشاف أورانوس عام 1781، واكتشاف نبتون عام ، وحتى (بلوتو) لم يكتشفوه إلا في عام 1930.
دهشة علماء الناسا
كان السومريون يسمون الشمس (آبسو)، ويسمون القمر (كنكو)، ويسمون الزهرة (لاهامو)، ويسمون عطارد (مومو)، ويسمون نبتون (نوديمود)، ويسمون زحل (أنشار)، ويسمون المشتري (كيشار) وتعني: (أول اليابسة)، ويسمون حزام الكويكبات (راكيش)، وتعني (السوار المضروب)، ويسمون المريخ (لامو)، وتعني (ملك الحرب)، ويسمون الأرض (تي)، وهي عندهم الكوكب السابع، أما لماذا جاءت في الترتيب السابع، وليس الثالث ؟، فذلك لأنهم لم يبدءوا العد من الشمس، وإنما بدءوه من كوكب يقع خارج تخوم نظامنا الشمسي، يسمونه (نيبيرو)، وسنأتي على ذكره لاحقاً.
لقد شكل إطلاق المركبة (بايونير - 10) عام 1972 بداية لحقبة استطلاع أعماق الفضاء، في رحلات إلى ما وراء الكواكب المعروفة، لكي ترسل لنا ما نحتاجه م معلومات تفيد في البحث عن كوكب عاشر محتمل، فاكتشفوا أن لبلوتو قمراً، وبالتالي يمكن تحديد وزنه، وتبين فيما بعد أن بلوتو أصغر وأخف وزناً مما كنا نتصور، وليس له صلة بحركة كوكب أورانوس، أو بحركة كوكب نبتون، عندئذ استنتجوا وجود كوكب واحد على الأقل على حافة نظامنا الشمسي، فانضم علماء الفيزياء على مدى العقدين الماضيين، واشتركوا مع الفلكيين في البحث عن كوكب (X) الغامض.
ففي عام 1978 وبعد التنبؤ بوجود كوكب إضافي، راهن العلماء على فرضياتهم، وراحوا يبحثون عنه في منطقة (سنتوروس) إلى الجنوب من مجموعة الميزان، وتوقعوا حجمه أكبر من الأرض بأربع أو خمس مرات، وبالتالي فأنه سيتوسط بين الكواكب الغازية (أورانوس ونبتون)، وبين الكواكب الصلبة (المشتري والمريخ وزحل والأرض)، وتوقعوا أن تكون المدة التخمينية لدورته حول مداره في حدود (3600) سنة، عندئذ سيكون حجمه أكبر مما توقعوا.
تجدر الإشارة إلى أن السومريين اعتمدوا في جداولهم الزمنية على قياسات يصعب تصديقها، وذلك حين قاموا بتقسيم الوحدات الزمنية إلى وحدات أصغر، يطلقون عليها (سار sar)، وتساوي (3600) سنة، وهي المدة التي يستغرقها كوكب (نيبيرو) في دورانه حول الأرض.

http://en.wikipedia.org/wiki/Sumer
سومر في موقع ويكيبيد
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى