* دعوى أن أحاديث "النيل والفرات من الجنة " لا تخالف الواقع
صفحة 1 من اصل 1
* دعوى أن أحاديث "النيل والفرات من الجنة " لا تخالف الواقع
مضمون الشبهة:
يطعن بعض المشككين في الأحاديث التي ذكرت أن النيل والفرات من الجنة، والتي جاءت في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن، فقد روى البخاري في صحيحه في حديث المعراج الطويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها[1] مثل قلال هجر[2]، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان ياجبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات».
وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسيحان وجيحان».
ويستدلون على بطلان هذه الأحاديث بأنها تخالف الواقع المشاهد، إذ ثبت أن نهر النيل يتدفق من الحبشة لا من الجنة كما تقول الأحاديث، ويتساءلون: هل الجنة في الحبشة حتى ينبع منها النيل؟ وكذلك الفرات فهو نابع من الأرض لا من الجنة.
ويزعمون أن هذه الأحاديث أخذها أبو هريرة عن كعب الأحبار، فهي من الإسرائيليات المدسوسة على الإسلام.
رامين من وراء ذلك إلى الطعن في الأحاديث الصحيحة.
وجها إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث التي جاء فيها أن «النيل والفرات من الجنة» صحيحة في أعلى درجات الصحة، فقد اتفق عليها الشيخان، ولا تعارض الواقع في شيء؛ إذ إنها جاءت على سبيل التشبيه، بأنها تشبه الجنة في صفتها وعذوبتها وكثرة خيراتها، أو أن أصل النيل والفرات في الجنة، ولهما مادة من الجنة، وهذا الأخير لا يمنعه العقل، بل يشهد له ظاهر النصوص، وهو المعتمد.
2) إن الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النيل والفرات لا يشبه حديث كعب في شيء، والأقرب للصحة أن يكون حديث كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة، عملا بقوله عز وجل: )مثل الجنة التي وعد المتقون...( (محمد: ١٥) فدل هذا على بطلان القول أنه من الإسرائيليات.
التفصيل:
أولا. صحة حديث "النيل والفرات من الجنة"، وعدم مخالفته الواقع:
إن حديث النيل والفرات من الجنة صحيح في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو متفق على صحته عندهما، وكل ما في الصحيحين هو صحيح بإجماع الأمة على ذلك.
وقد روى البخاري هذا الحديث: عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - في باب المعراج في حديث طويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثه عن ليلة أسري به قال: «... ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»[3] الحديث.
وروى مسلم أيضا في صحيحه عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أنه قال: «... وحدث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقلت: ياجبريل ما هذه الأنهار؟ فقال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»[4] الحديث.
وروى أحمد في مسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيحان وجيحان[5] والنيل والفرات وكل من أنهار الجنة، قال عبد الله: قال أبي: قال أبو أسامة: كل من أنهار الجنة»[6].
فكان من هذه الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله حقيقة، وهو صحيح دون أدنى شك في ذلك من ناحية سنده، أما متنه فهو لا يعارض الواقع في شيء، وما كان لنبي الله أن ينطق بشيء يخالف الحقيقة أبدا، وهو الذي قال عنه الله عز وجل: )وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم).
أما ما ادعاه المشككون من تعارض ما جاء به الحديث مع الواقع، فهذا من الجهل الصارخ؛ إذ لو تواضع هؤلاء قليلا - كما يقول الدكتور القرضاوي - ورجعوا إلى شراح الأحاديث، أو سألوا العلماء المتضلعين لبان لهم الحق كالصبح لذي عينين، ولكن الكبر والغرور من أعظم الحجب عن رؤية الحقيقة[7].
وقد ذهب شراح الحديث في ذلك مذاهب عدة، فقال بعضهم: الحديث ليس على حقيقته، وإنما الكلام على سبيل التشبيه، وأن هذه الأنهار تشبه أنهار الجنة في صفتها وعذوبتها، وكثرة خيراتها ونفعها للناس، وهو تأويل مقبول ومستساغ لغة وشرعا، ومن تتبع كلام العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يجد من أمثال ذلك الشيء الكثير، فتلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة، كما تقول في اليوم الطيب: هذا يوم من أيام الجنة، وكما قال صلى الله عليه وسلم: «...واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف»[8] ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: «الحجر الأسود من الجنة»[9].
وقال بعضهم: "إن في الكلام حذفا، والتقدير من أنهار أهل الجنة، ففيه تبشير من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سينجز له وعده، وسينصره، وسيظهر له دينه على الأديان حتى يبلغ مواطن هذه الأنهار الأربعة وغيرها - إذ ذكرها على سبيل التمثيل لا الحصر - وهذا ما كان، فلم يمض قرن من الزمان حتى امتد سلطان الإسلام من المحيط الأطلسي إلى بلاد الهند"[10].
قال ابن حزم عند تعليقه على حديث الروضة وهذا الحديث:
"وهذان الحديثان ليس على ما يظنه أهل الجهل من أن تلك الروضة قطعة منقطعة من الجنة، وأن هذه الأنهار مهبطة من الجنة، هذا باطل وكذب؛ لأن الله - عز وجل - يقول في الجنة: )إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119)( (طه)، فهذه صفة الجنة بلا شك، وليست هذه صفة الأنهار المذكورة ولا تلك الروضة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا الحق، فصح أن كون تلك الروضة من الجنة إنما هو لفضلها، وإن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة، وإن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة، كما تقول في اليوم الطيب: هذا من أيام الجنة، وكما قيل في الضأن: إنها من دواب الجنة"[11].
وعليه فقد جاء هذا الحديث على سبيل التمثيل، "فقد مثل له - صلى الله عليه وسلم - النيل والفرات هنالك تمثيلا، كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط وهو قائم يصلي... وكما مثل له عيسى ابن مريم والمسيح الدجال، أحدهما يتبع الثاني، وكما مثل له موسى - عليه السلام - وهو راكب حاجا ينحدر من الوادي. وأمثاله كثير... وقد ذهبت طوائف من العلماء إلى أن ذلك كله على سبيل التمثيل والتصوير، فكذلك حديث النيل والفرات مثلا له - صلى الله عليه وسلم - في السماء قرب سدرة المنتهى فرآهما، فهذا الرأي يساير الحس والعقل والشرع واللغة، ولا يخالف منها واحدا، فلزم حمل الخبر عليه ولا مندوحة عنه.
ولله سر في تمثيل هذين النهرين له - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة العظيمة"[12].
فإن قيل: كيف طريق الجمع بين رواية: «إن النيل والفرات عند سدرة المنتهى أصلهما في السماء السابعة» ورواية: "أنهما في السماء الدنيا لذكره عنصرهما، وهو أصلهما؟"
ففي رواية مالك بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأى في أصل سدرة المنتهى أربعة أنهار، نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسأل عنهما جبريل فقال: «...أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»الحديث.
وجاء في رواية شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: "«... فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان، فقال: ما هذان النهران ياجبريل؟ قال: هذان النيل والفرات عنصرهما...»[13].
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "وظاهر هاتين الروايتين متغاير، والجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد أن أصل نبعهما - النيل والفرات - من تحت سدرة المنتهى، ومقرهما في السماء الدنيا، ومنها ينزلان إلى الأرض، والعنصر هو الأصل. أما الباطنان فهما السلسبيل والكوثر"[14].
"قال الحافظ ابن دحية: ولنا في التأويل وجهان سديدان:
أحدهما: أن يكون محمولا على ظاهره، ويكون معناه: أنه لما رأى عند سدرة المنتهى هذين النهرين مع نهري الجنة، وذلك في السماء السابعة، ورأى في السماء الدنيا هذين النهرين دون نهري الجنة كان لاختصاصهما بسماء الدنيا أصل من حيث الاختصاص، وهو الامتياز لهما دون نهري الجنة، سمى ذلك الامتياز والاختصاص عنصرا، أي عنصر امتيازهما، واختصاصهما، فهذا وجه سديد.
والوجه الثاني: أن يكون عنصرهما مبتدأ يتعلق به خبر سابق، لم يتقدم له ذكر من حيث اللفظ، لكن من حيث العهد، ويكون معناه: هذا النيل والفرات، فيتم الكلام، ثم يكون عنصرهما ما كنت رأيت عند سدرة المنتهى يا محمد، فاكتفى بالعهد السابق عن إعادة الكلام، وهذا وجه سديد أيضا. وقد صح الجمع بين الحديثين، فلم يتعارضا ولم يتنافيا ولم يتناقضا"[15].
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة»[16].
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فجرت أربع أنهار من الجنة: الفرات، والنيل، وسيحان وجيحان» [17].
قال الحافظ ابن حجر: فلا تغاير هاتين الروايتين ما قبلهما؛ لأن المراد بهما أن في الأرض أربعة أنهار أصلها في الجنة، وحينئذ لم يثبت لسيحون وجيحون أنهما ينبعان من أصل سدرة المنتهى، فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك، وأما الباطنان المذكوران في الحديث الطويل، فقد تبين - من قبل - أنهما السلسبيل والكوثر، فهما غير سيحون وجيحون[18].
ولا يلزم من هذا أن يكون أصل السدرة في الأرض، فإن المراد بكونهما - النيل والفرات - يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض.
والحاصل أن أصلها في الجنة، والنيل والفرات يخرجان أولا من أصلها، ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض، ثم ينبعان، واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما من الجنة، وكذا سيحان وجيحان.
ثانيا. الحديث الوارد في أن النيل والفرات من أنهار الجنة ليس من الإسرائيليات في شيء:
إن الزعم بورود حديث "النيل والفرات من الجنة" في التوراة في "سفر التكوين" لا يعد دليلا على أنه مأخوذ من الإسرائيليات؛ إذ ليس في العقل ولا في الشرع ما يمنع من أن تتوافق الرسالات في بعض التشريعات، وما حرف من الكتب السماوية السابقة لا يعني تحريف جميعها، والقرآن الكريم بحكم أنه سالم من التحريف والتبديل، فهو المهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه فهو باطل، وليس العكس كما يزعم أعداء السنة الشريفة.
يقول د.محمد أبو شهبة: "وبقليل من التأمل يتبين لنا أن ادعاء تأثر أبي هريرة فيما رواه كعب بعيد، ولا يعدو أن يكون تظننا وتخمينا، فالحديثان متغايران، والأقرب أن يكون كلام كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة على ضوء ما فهمه من قوله عز وجل: )مثل الجنة التي وعد المتقون...( (محمد: ١٥)"[19].
وهذا ما أكده د.عماد الشربيني قائلا: "وحديث كعب يقول: «أربعة أنهار من الجنة، وصفها الله - عز وجل - في الدنيا، النيل نهر العسل في الجنة، والفرات نهر الخمر في الجنة، وسيحان نهر الماء في الجنة، وجيحان نهر اللبن في الجنة»، وهو متغاير تماما عن حديث أبي هريرة الذي معنا، والأقرب أن يكون كلام كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة على ضوء ما فهمه من قوله تعالى: )مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم( (محمد: ١٥)[20].
وبناء على ما سبق فإن الأحاديث التي دلت على أن النيل والفرات من أنهار الجنة أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة، لا يشك أحد أنها خرجت من مشكاة النبوة، وهي لا تخالف العقل أو الواقع في شيء؛ إذ المقصود أنهما يشبهان أنهار الجنة في صفتها، وعذوبتها، وكثرة خيراتها، فقوله - صلى الله عليه وسلم - محمول على التشبيه لا على الحقيقة؛ ورأى بعض الأئمة أن النيل والفرات اللذين قصدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث هما نهران في الجنة غير النهرين اللذين في الدنيا، وبهذا يزول الإشكال في الحديث.
ونختم حديثنا بكلمة طيبة للأستاذ الدكتور محمد أبو شهبة عن هذا الحديث إذ يقول: "وأيا كان التأويل، فالحديث مستساغ لغة وشرعا، وقد كان الصحابة - بذكائهم، وصفاء نفوسهم، وإحاطتهم بالظروف والملابسات التي قيل فيها هذا الحديث وأمثاله يدركون ما يريده النبي - صلى الله عليه وسلم - من مثل هذا الحديث الذي قد يشكل ظاهره على البعض، ولذلك لم يؤثر عن أحد منهم - على ما كانوا عليه من حرية الرأي والصراحة في القول - استشكال مثل هذا الحديث" [21].
الخلاصة:
· إن الأحاديث القائلة بأن النيل والفرات من أنهار الجنة أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة، فقد رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما في أكثر من موضع، فهي أحاديث متفق على صحتها إلى جانب رواية أصحاب السنن والمسانيد لها في كتبهم.
· إن حديث «النيل والفرات الجنة» لا يخالف الواقع في شيء، فالمقصود بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «النيل والفرات من أنهار الجنة»، أي تشبه أنهار الجنة في صفتها وعذوبتها ونفعها، فأضيفت صفة الجنة إليهما، كما نقول مثلا: العجوة من الجنة لفضلها، وكذلك هذا يوم من أيام الجنة لفضله وغير ذلك.
· رأى بعض العلماء أن المقصود بالحديث: أنهار أهل الجنة، ففيه تبشير للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سيفتح عليه تلك البلاد، وتصبح هذه الأنهار للمسلمين الذين يسكنون الأرض التي فيها هذه الأنهار.
· لقد أجمع المحققون من أهل العلم مثل الحافظ ابن دحية، والحافظ النووي، والحافظ ابن حجر على أن الأرض بها أربعة أنهار أصلها من الجنة، أي لها مادة من الجنة، وظاهر النصوص يدل على هذا، وهو المعتمد عند أهل السنة، ولا يعني هذا أن سدرة المنتهى في الأرض كما توهم بعض الناس، بل إن حاصل هذا أن أصل هذه الأنهار من الجنة، ومنبعها في الأرض.
· إن الزعم بأن أبا هريرة أخذ هذا الحديث عن كعب الأحبار زعم باطل؛ إذ إن هناك اختلافا بينا بينهما، والصحيح أن قول كعب جاء تفسيرا لقوله تعالى: )مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم( (محمد: ١٥)، وليس في العقل ولا في الشرع ما يمنع أن تتوافق الشرائع في بعض التشريعات، وما حرف من الكتب السماوية السابقة لا يعني تحريف جميعها، والقرآن الكريم بحكم أنه سالم من التحريف والتبديل؛ فهو المهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه فهو باطل.
يطعن بعض المشككين في الأحاديث التي ذكرت أن النيل والفرات من الجنة، والتي جاءت في الصحيحين وغيرهما من كتب السنن، فقد روى البخاري في صحيحه في حديث المعراج الطويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها[1] مثل قلال هجر[2]، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان ياجبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات».
وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «أربعة أنهار من الجنة: النيل والفرات وسيحان وجيحان».
ويستدلون على بطلان هذه الأحاديث بأنها تخالف الواقع المشاهد، إذ ثبت أن نهر النيل يتدفق من الحبشة لا من الجنة كما تقول الأحاديث، ويتساءلون: هل الجنة في الحبشة حتى ينبع منها النيل؟ وكذلك الفرات فهو نابع من الأرض لا من الجنة.
ويزعمون أن هذه الأحاديث أخذها أبو هريرة عن كعب الأحبار، فهي من الإسرائيليات المدسوسة على الإسلام.
رامين من وراء ذلك إلى الطعن في الأحاديث الصحيحة.
وجها إبطال الشبهة:
1) إن الأحاديث التي جاء فيها أن «النيل والفرات من الجنة» صحيحة في أعلى درجات الصحة، فقد اتفق عليها الشيخان، ولا تعارض الواقع في شيء؛ إذ إنها جاءت على سبيل التشبيه، بأنها تشبه الجنة في صفتها وعذوبتها وكثرة خيراتها، أو أن أصل النيل والفرات في الجنة، ولهما مادة من الجنة، وهذا الأخير لا يمنعه العقل، بل يشهد له ظاهر النصوص، وهو المعتمد.
2) إن الحديث الذي رواه أبو هريرة عن النيل والفرات لا يشبه حديث كعب في شيء، والأقرب للصحة أن يكون حديث كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة، عملا بقوله عز وجل: )مثل الجنة التي وعد المتقون...( (محمد: ١٥) فدل هذا على بطلان القول أنه من الإسرائيليات.
التفصيل:
أولا. صحة حديث "النيل والفرات من الجنة"، وعدم مخالفته الواقع:
إن حديث النيل والفرات من الجنة صحيح في أعلى درجات الصحة؛ فقد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، فهو متفق على صحته عندهما، وكل ما في الصحيحين هو صحيح بإجماع الأمة على ذلك.
وقد روى البخاري هذا الحديث: عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - في باب المعراج في حديث طويل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حدثه عن ليلة أسري به قال: «... ثم رفعت لي سدرة المنتهى، فإذا نبقها مثل قلال هجر، وإذا ورقها مثل آذان الفيلة. قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران باطنان، ونهران ظاهران، فقلت: ما هذا يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»[3] الحديث.
وروى مسلم أيضا في صحيحه عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة - رضي الله عنه - أنه قال: «... وحدث نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى أربعة أنهار يخرج من أصلها نهران ظاهران، ونهران باطنان، فقلت: ياجبريل ما هذه الأنهار؟ فقال: أما النهران الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»[4] الحديث.
وروى أحمد في مسنده عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «سيحان وجيحان[5] والنيل والفرات وكل من أنهار الجنة، قال عبد الله: قال أبي: قال أبو أسامة: كل من أنهار الجنة»[6].
فكان من هذه الروايات أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قاله حقيقة، وهو صحيح دون أدنى شك في ذلك من ناحية سنده، أما متنه فهو لا يعارض الواقع في شيء، وما كان لنبي الله أن ينطق بشيء يخالف الحقيقة أبدا، وهو الذي قال عنه الله عز وجل: )وما ينطق عن الهوى (3) إن هو إلا وحي يوحى (4)( (النجم).
أما ما ادعاه المشككون من تعارض ما جاء به الحديث مع الواقع، فهذا من الجهل الصارخ؛ إذ لو تواضع هؤلاء قليلا - كما يقول الدكتور القرضاوي - ورجعوا إلى شراح الأحاديث، أو سألوا العلماء المتضلعين لبان لهم الحق كالصبح لذي عينين، ولكن الكبر والغرور من أعظم الحجب عن رؤية الحقيقة[7].
وقد ذهب شراح الحديث في ذلك مذاهب عدة، فقال بعضهم: الحديث ليس على حقيقته، وإنما الكلام على سبيل التشبيه، وأن هذه الأنهار تشبه أنهار الجنة في صفتها وعذوبتها، وكثرة خيراتها ونفعها للناس، وهو تأويل مقبول ومستساغ لغة وشرعا، ومن تتبع كلام العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يجد من أمثال ذلك الشيء الكثير، فتلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة، كما تقول في اليوم الطيب: هذا يوم من أيام الجنة، وكما قال صلى الله عليه وسلم: «...واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف»[8] ومثل قوله صلى الله عليه وسلم: «الحجر الأسود من الجنة»[9].
وقال بعضهم: "إن في الكلام حذفا، والتقدير من أنهار أهل الجنة، ففيه تبشير من النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سينجز له وعده، وسينصره، وسيظهر له دينه على الأديان حتى يبلغ مواطن هذه الأنهار الأربعة وغيرها - إذ ذكرها على سبيل التمثيل لا الحصر - وهذا ما كان، فلم يمض قرن من الزمان حتى امتد سلطان الإسلام من المحيط الأطلسي إلى بلاد الهند"[10].
قال ابن حزم عند تعليقه على حديث الروضة وهذا الحديث:
"وهذان الحديثان ليس على ما يظنه أهل الجهل من أن تلك الروضة قطعة منقطعة من الجنة، وأن هذه الأنهار مهبطة من الجنة، هذا باطل وكذب؛ لأن الله - عز وجل - يقول في الجنة: )إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118) وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى (119)( (طه)، فهذه صفة الجنة بلا شك، وليست هذه صفة الأنهار المذكورة ولا تلك الروضة، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يقول إلا الحق، فصح أن كون تلك الروضة من الجنة إنما هو لفضلها، وإن الصلاة فيها تؤدي إلى الجنة، وإن تلك الأنهار لبركتها أضيفت إلى الجنة، كما تقول في اليوم الطيب: هذا من أيام الجنة، وكما قيل في الضأن: إنها من دواب الجنة"[11].
وعليه فقد جاء هذا الحديث على سبيل التمثيل، "فقد مثل له - صلى الله عليه وسلم - النيل والفرات هنالك تمثيلا، كما مثلت له الجنة والنار في عرض الحائط وهو قائم يصلي... وكما مثل له عيسى ابن مريم والمسيح الدجال، أحدهما يتبع الثاني، وكما مثل له موسى - عليه السلام - وهو راكب حاجا ينحدر من الوادي. وأمثاله كثير... وقد ذهبت طوائف من العلماء إلى أن ذلك كله على سبيل التمثيل والتصوير، فكذلك حديث النيل والفرات مثلا له - صلى الله عليه وسلم - في السماء قرب سدرة المنتهى فرآهما، فهذا الرأي يساير الحس والعقل والشرع واللغة، ولا يخالف منها واحدا، فلزم حمل الخبر عليه ولا مندوحة عنه.
ولله سر في تمثيل هذين النهرين له - صلى الله عليه وسلم - في تلك الليلة العظيمة"[12].
فإن قيل: كيف طريق الجمع بين رواية: «إن النيل والفرات عند سدرة المنتهى أصلهما في السماء السابعة» ورواية: "أنهما في السماء الدنيا لذكره عنصرهما، وهو أصلهما؟"
ففي رواية مالك بن صعصعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: رأى في أصل سدرة المنتهى أربعة أنهار، نهران باطنان، ونهران ظاهران، فسأل عنهما جبريل فقال: «...أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات...»الحديث.
وجاء في رواية شريك بن عبد الله عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: "«... فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يطردان، فقال: ما هذان النهران ياجبريل؟ قال: هذان النيل والفرات عنصرهما...»[13].
قال الحافظ ابن حجر في الفتح: "وظاهر هاتين الروايتين متغاير، والجمع بينهما أنه رأى هذين النهرين عند سدرة المنتهى مع نهري الجنة، ورآهما في السماء الدنيا دون نهري الجنة، وأراد أن أصل نبعهما - النيل والفرات - من تحت سدرة المنتهى، ومقرهما في السماء الدنيا، ومنها ينزلان إلى الأرض، والعنصر هو الأصل. أما الباطنان فهما السلسبيل والكوثر"[14].
"قال الحافظ ابن دحية: ولنا في التأويل وجهان سديدان:
أحدهما: أن يكون محمولا على ظاهره، ويكون معناه: أنه لما رأى عند سدرة المنتهى هذين النهرين مع نهري الجنة، وذلك في السماء السابعة، ورأى في السماء الدنيا هذين النهرين دون نهري الجنة كان لاختصاصهما بسماء الدنيا أصل من حيث الاختصاص، وهو الامتياز لهما دون نهري الجنة، سمى ذلك الامتياز والاختصاص عنصرا، أي عنصر امتيازهما، واختصاصهما، فهذا وجه سديد.
والوجه الثاني: أن يكون عنصرهما مبتدأ يتعلق به خبر سابق، لم يتقدم له ذكر من حيث اللفظ، لكن من حيث العهد، ويكون معناه: هذا النيل والفرات، فيتم الكلام، ثم يكون عنصرهما ما كنت رأيت عند سدرة المنتهى يا محمد، فاكتفى بالعهد السابق عن إعادة الكلام، وهذا وجه سديد أيضا. وقد صح الجمع بين الحديثين، فلم يتعارضا ولم يتنافيا ولم يتناقضا"[15].
وأما قوله - صلى الله عليه وسلم - في صحيح مسلم: «سيحان، وجيحان، والفرات، والنيل، كل من أنهار الجنة»[16].
فقد أخرج الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فجرت أربع أنهار من الجنة: الفرات، والنيل، وسيحان وجيحان» [17].
قال الحافظ ابن حجر: فلا تغاير هاتين الروايتين ما قبلهما؛ لأن المراد بهما أن في الأرض أربعة أنهار أصلها في الجنة، وحينئذ لم يثبت لسيحون وجيحون أنهما ينبعان من أصل سدرة المنتهى، فيمتاز النيل والفرات عليهما بذلك، وأما الباطنان المذكوران في الحديث الطويل، فقد تبين - من قبل - أنهما السلسبيل والكوثر، فهما غير سيحون وجيحون[18].
ولا يلزم من هذا أن يكون أصل السدرة في الأرض، فإن المراد بكونهما - النيل والفرات - يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض.
والحاصل أن أصلها في الجنة، والنيل والفرات يخرجان أولا من أصلها، ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض، ثم ينبعان، واستدل به على فضيلة ماء النيل والفرات لكون منبعهما من الجنة، وكذا سيحان وجيحان.
ثانيا. الحديث الوارد في أن النيل والفرات من أنهار الجنة ليس من الإسرائيليات في شيء:
إن الزعم بورود حديث "النيل والفرات من الجنة" في التوراة في "سفر التكوين" لا يعد دليلا على أنه مأخوذ من الإسرائيليات؛ إذ ليس في العقل ولا في الشرع ما يمنع من أن تتوافق الرسالات في بعض التشريعات، وما حرف من الكتب السماوية السابقة لا يعني تحريف جميعها، والقرآن الكريم بحكم أنه سالم من التحريف والتبديل، فهو المهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه فهو باطل، وليس العكس كما يزعم أعداء السنة الشريفة.
يقول د.محمد أبو شهبة: "وبقليل من التأمل يتبين لنا أن ادعاء تأثر أبي هريرة فيما رواه كعب بعيد، ولا يعدو أن يكون تظننا وتخمينا، فالحديثان متغايران، والأقرب أن يكون كلام كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة على ضوء ما فهمه من قوله عز وجل: )مثل الجنة التي وعد المتقون...( (محمد: ١٥)"[19].
وهذا ما أكده د.عماد الشربيني قائلا: "وحديث كعب يقول: «أربعة أنهار من الجنة، وصفها الله - عز وجل - في الدنيا، النيل نهر العسل في الجنة، والفرات نهر الخمر في الجنة، وسيحان نهر الماء في الجنة، وجيحان نهر اللبن في الجنة»، وهو متغاير تماما عن حديث أبي هريرة الذي معنا، والأقرب أن يكون كلام كعب تفسيرا لحديث أبي هريرة على ضوء ما فهمه من قوله تعالى: )مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم( (محمد: ١٥)[20].
وبناء على ما سبق فإن الأحاديث التي دلت على أن النيل والفرات من أنهار الجنة أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة، لا يشك أحد أنها خرجت من مشكاة النبوة، وهي لا تخالف العقل أو الواقع في شيء؛ إذ المقصود أنهما يشبهان أنهار الجنة في صفتها، وعذوبتها، وكثرة خيراتها، فقوله - صلى الله عليه وسلم - محمول على التشبيه لا على الحقيقة؛ ورأى بعض الأئمة أن النيل والفرات اللذين قصدهما النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث هما نهران في الجنة غير النهرين اللذين في الدنيا، وبهذا يزول الإشكال في الحديث.
ونختم حديثنا بكلمة طيبة للأستاذ الدكتور محمد أبو شهبة عن هذا الحديث إذ يقول: "وأيا كان التأويل، فالحديث مستساغ لغة وشرعا، وقد كان الصحابة - بذكائهم، وصفاء نفوسهم، وإحاطتهم بالظروف والملابسات التي قيل فيها هذا الحديث وأمثاله يدركون ما يريده النبي - صلى الله عليه وسلم - من مثل هذا الحديث الذي قد يشكل ظاهره على البعض، ولذلك لم يؤثر عن أحد منهم - على ما كانوا عليه من حرية الرأي والصراحة في القول - استشكال مثل هذا الحديث" [21].
الخلاصة:
· إن الأحاديث القائلة بأن النيل والفرات من أنهار الجنة أحاديث صحيحة في أعلى درجات الصحة، فقد رواها البخاري ومسلم في صحيحيهما في أكثر من موضع، فهي أحاديث متفق على صحتها إلى جانب رواية أصحاب السنن والمسانيد لها في كتبهم.
· إن حديث «النيل والفرات الجنة» لا يخالف الواقع في شيء، فالمقصود بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «النيل والفرات من أنهار الجنة»، أي تشبه أنهار الجنة في صفتها وعذوبتها ونفعها، فأضيفت صفة الجنة إليهما، كما نقول مثلا: العجوة من الجنة لفضلها، وكذلك هذا يوم من أيام الجنة لفضله وغير ذلك.
· رأى بعض العلماء أن المقصود بالحديث: أنهار أهل الجنة، ففيه تبشير للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن الله سيفتح عليه تلك البلاد، وتصبح هذه الأنهار للمسلمين الذين يسكنون الأرض التي فيها هذه الأنهار.
· لقد أجمع المحققون من أهل العلم مثل الحافظ ابن دحية، والحافظ النووي، والحافظ ابن حجر على أن الأرض بها أربعة أنهار أصلها من الجنة، أي لها مادة من الجنة، وظاهر النصوص يدل على هذا، وهو المعتمد عند أهل السنة، ولا يعني هذا أن سدرة المنتهى في الأرض كما توهم بعض الناس، بل إن حاصل هذا أن أصل هذه الأنهار من الجنة، ومنبعها في الأرض.
· إن الزعم بأن أبا هريرة أخذ هذا الحديث عن كعب الأحبار زعم باطل؛ إذ إن هناك اختلافا بينا بينهما، والصحيح أن قول كعب جاء تفسيرا لقوله تعالى: )مثل الجنة التي وعد المتقون فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من ربهم( (محمد: ١٥)، وليس في العقل ولا في الشرع ما يمنع أن تتوافق الشرائع في بعض التشريعات، وما حرف من الكتب السماوية السابقة لا يعني تحريف جميعها، والقرآن الكريم بحكم أنه سالم من التحريف والتبديل؛ فهو المهيمن على الكتب السماوية السابقة، فما وافقه منها فهو حق، وما خالفه فهو باطل.
مواضيع مماثلة
» * دعوى أن أحاديث "النيل والفرات من الجنة " تخالف الواقع - الطعن في اللهم أحيني مسكينا
» * دعوى بطلان أحاديث قعود أولي الضرر عن الجهاد - الطعن في مغفرة الله لامرأة مومسة
» * إنكار أحاديث الشفاعة
» * إنكار أحاديث بدء الوحي
» * الاحاديث المكذوبة على خير البرية في ذكر الجنة
» * دعوى بطلان أحاديث قعود أولي الضرر عن الجهاد - الطعن في مغفرة الله لامرأة مومسة
» * إنكار أحاديث الشفاعة
» * إنكار أحاديث بدء الوحي
» * الاحاديث المكذوبة على خير البرية في ذكر الجنة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى