مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* جواد سليم - جعفر حمندي - جلال الحنفي - عبد الرحمن عارف - العلامة نعمان الاعظمي

اذهب الى الأسفل

* جواد سليم - جعفر حمندي - جلال الحنفي - عبد الرحمن عارف - العلامة نعمان الاعظمي Empty * جواد سليم - جعفر حمندي - جلال الحنفي - عبد الرحمن عارف - العلامة نعمان الاعظمي

مُساهمة  طارق فتحي الإثنين يوليو 14, 2014 9:32 am

النحاة جواد محمد سليم علي عبدالقادر
مُساهمة طارق فتحي في الأربعاء 14 نوفمبر 2012 - 6:25
جواد سليم وهو جواد محمد سليم علي عبدالقادر الموصلي ولد عام 1921 – وتوفي عام 1961.
وهو نحات عراقي، يعتبر من أشهر النحاتين في تاريخ العراق الحديث، ولد في انقرة لابوين عراقيين واشتهرت عائلتة بالرسم فقد كان والده الحاج سليم وأخوته سعاد ونزار ونزيهة كلهم فنانين تشكيليين.
وكان في طفولته يصنع من الطين تماثيل تحاكي لعب الأطفال، ولقد أكمل دراسته الابتدائية والثانوية في بغداد، نال وهو بعمر 11 عاما الجائزة الفضية في النحت في أول معرض للفنون في بغداد سنة 1931.
وأرسل في بعثة إلى فرنسا حيث درس النحت في باريس عام 1938، وكذلك في روما عام 1939- وفي لندن عام 1946 ورأس قسم النحت في معهد الفنون الجميلة في بغداد حتى وفاته في 23 كانون الثاني 1961، وكان يجيد اللغة الإنكليزية والإيطالية والفرنسية والتركية إضافة إلى لغته العربية، وكان يحب الموسيقى والشعر والمقام العراقي.
أسس جماعة بغداد للفن الحديث مع الفنان شاكر حسن آل سعيد، والفنان محمد غني حكمت.
كما إنّه أحد مؤسسي جمعية التشكيليين العراقيين.
وضع عبر بحثه الفني المتواصل أسس مدرسة عراقية في الفن الحديث فاز نصبه(السجين السياسي المجهول) بالجائزة الثانية في مسابقة نحت عالمية وكان المشترك الوحيد من الشرق الأوسط وتحتفظ الأمم المتحدة لنموذج مصغر من البرونز لهذا النصب.
في 1959 شارك مع المعماري رفعت الجادرجي والنحات محمد غني حكمت في تحقيق نصب الحرية القائم في ساحة التحرير ببغداد وهو من أهم النصب الفنية في الشرق الأوسط، ولجسامة المهمة ومشقة تنفيذ هذا العمل الهائل ففد تعرض إلى نوبة قلبية شديدة أودت بحياته في 23 كانون الثاني يناير عام 1961م، الموافق 6شعبان 1380هـ، وشيع بموكب مهيب ودفن في مقبرة الخيزران في الأعظمية.
صدرت عدة بحوث عنه وعن فنه خاصة بحث السيد عباس الصراف الذي نشرته وزارة الاعلام.
أقيم معرض شامل لأعماله في المتحف الوطني للفن الحديث بعد وفاته ببضع سنوات.
لوحاته :
* عائلة بغدادية، 1953.
* أطفال يلعبون، 1954.
* زخارف هلالية، 1955.
* الزفـّة، 1956.
* موسيقيون في الشارع، 1956.
* بغداديات، 1957.
* كيد النساء، 1957.
* امرأة ودلة، 1957.
* ليلة الحناء، 1957.
* بائع الشتلات، 1957.
* امرأة تتزين، 1957.
* صبيان يأكلان الرقي، 1958.
* الفتاة والبستاني، 1958.
* القيلولة، 1958.
* الشجرة القتيلة، 1958.
* فتاة وحمامة، 1958.
* مسجد الكوفة، 1958.
* الخيّاطة، 1958.
* في محفل الخليفة، 1958.

جعفر حمندي
ولد جعفر حمندي في بغداد عام 1894 من عائلة عربية، عرفت بالصلاح والتقوى ،اتخذت هذه العائلة التجارة مهنة لها، على نطاق محدود و مارس حمندي في مقتبل حياته مهنة التجارة وفي الوقت نفسه واصل تحصيله العلمي في المدرسة الجعفرية حتى اجتياز المرحلة الثانوية، فيها واصبح مؤهلا للدراسة الجامعية، فقد تسنى له الالتحاق بكلية الحقوق و تخرج منها سنة 1925 مع مجموعة منهم: صالح جبر و رؤوف البحراني و عباس مهدي و محمد حسن كبة و منير القاضي و احمد زكي الخياط وسعد صالح جريو و عبد الرزاق الازري و عمر العلوان و احمد القشطيني. وقد تبنى الملك فيصل الاول هؤلاء الشباب و شجعهم على مواصلة دراستهم العليا، واثبتت هذه المجموعة ومنهم جعفر حمندي بانهم كانوا على قدر المسؤولية و السيرة الحسنة و النزاهة و الاستقامة و التواضع. وبعدها عين جعفر حمندي قاضيا في محاكم بغداد و الكاظمية، وبعدها قاضيا منفردا في النجف الاشرف، واصبح قائمقام لنفس المدينة، بترشيح شخصي من قبل الملك فيصل الاول عند زيارته لمرقد الامام علي بن ابي طالب، تنقل حمندي بين عدد من الاقضية كقائمقام،ثم رقي الى منصب متصرف (محافظ)وبعدها تنقل كمحافظ لعدة محافظات، و في سنة 1937، أصبح وزيرا للمعارف في وزارة حكمت سليمان و بعد استقالة الوزارة اعيد تعيينه محافظا، كان اخرها محافظة الدليم (الانبار حاليا)
بعد استقالة تلك الوزارة بسبب معارضة الوصي و نوري السعيد لسياستها السلمية مع من عاضدوا و ناصروا حركة رشيد عالي المناوئة للحكومة البريطانية و لكون الوزارة جنحت الى انتهاج سياسة التسامح معهم واخفقت في اتخاذ اي اجراء صارم ورادع ضدهم وانها لم تستجب الى طلبهما والعدول عن هذا النهج السلمي الذي اختطته في سياستها
اعيد تعين جعفر حمندي محافظا لعدة محافظات كان اخرها محافظا لبغداد حتى استقال منها عندما اشتد خلافه مع المستشار البريطاني في عهد صالح جبر وزير الداخلية آنذاك نتيجة تدخل المستشار البريطاني في امور هي من صميم واجبات المحافظ و خاصة فيما يتعلق بالمسائل المعيشية وتوجيهها لصالح القوات البريطانية على حساب الشعب العراقي الذي كان ينوء تحت اثار الحرب العالمية الدائرة آنذاك وبعد انفكاكه من وظيفته كمحافظ اتجه الى ممارسة المحاماة وعندما قررت الحكومة اجراء الانتخابات العامة للمجلس النيابي في بدابة كانون الاول سنة 1944 اثر حل المجلس السابق في 9/6/943 رشح نفسه عن محافظة الحلة (بابل حاليا) وفاز فيها وقد سجلت له اثناء عضويته في المجلس مواقف وطنية جريئة منها توجيه النقد الشديد لخطاب العرش الذي القاه الوصي في الدورة الاولى لذلك المجلس الذي انعقد في 12/1/ 1944 معتبرا انه كسابقه مليئا بالوعود دون تنفيذها، و غيرها من المواقف الوطنية دون الاكتراث بتداعيات تلك المواقف التي تثير حفيظة الحكومة و غضبها.
وبعد حل المجلس واجراء انتخابات جديدة في شهر مايس سنة 1947 في ظل حكومة نوري السعيد التاسعة، فاز جعفر حمندي للمرة الثانية نائبا عن مدينة الكاظمية التابعة لمحافظة بغداد، وبعد استقالة الوزارة وتشكيل صالح جبر لوزارته، وتضمن منهاجها عزمها على ابرام معاهدة مع بريطانيا لتحل محل معاهدة 1930 وفعلا اجريت المفاوضات لهذا الغرض مع الجانب البريطاني في بغداد تحت اشراف الوصي واستمرت هذه المفاوضات حتى بداية سنة 1948 حيث توصل الطرفان الى وضع الصيغة النهائية للمعاهدة التي اطلق عليها (معاهدة بورتسموث) و جرى نشر هذا الخبر والترجمة العربية لنصوصها في الصحف العراقية، فاعلنت الاحزاب الوطنية شجبها لها كحزب الاستقلال والوطني الديمقراطي وحزب الاحرار و الجبهه الدستورية التي تشكلت من عدد من النواب المعارضين بينهم النائب جعفر حمندي واعتبرت هذه الجهات ان هذه المعاهدة لا تلبي اماني الشعب الذي كان يتوق الى الانعتاق من براثن الاستعمار البريطاني .
وعلى اثر المواقف التي اتخذتها تلك الاحزاب من المعاهدة اجتاحت العراق مظاهرات صاخبة مطالبة بسقوط حكومة صالح جبر إلإ ان الحكومة تصدت لها وحاولت قمعها بقوة السلاح مما زاد من توسعها وتصاعدها.
وفي خضم ذلك الوضع المتأزم دعى الوصي على العرش عددا من الزعماء السياسيين بينهم رؤوساء الاحزاب و بعض الشخصيات من قيادات المعارضة وبينهم جعفر حمندي الى حضور اجتماع عاجل. اصدر المجتمعون اثر انعقاده بيانا اعلنوا فيه رفضهم الكامل لتلك المعاهدة فاستقبل الشعب هذا البيان بالترحاب.
إلا ان اصرار صالح جبر رئيس الوزاراء على عرض نصوص المعاهدة على مجلس النواب لبيان مدى تحقيقها لاماني الشعب الوطنية وذلك حسب رايه وارادته، مما اثار هذا الاصرار الرأي العام من جديد و عادت المظاهرات بشكل اعنف من ذي قبل واشتدت في يوم 26/1/1948 ما جعل الحكومة تلجأ الى استعمال السلاح ضد المتظاهرين العزل وادى الى استشهاد عدد من المتظاهرين .
وازاء تفاقم هذا الوضع المتوتر الذي وصلت اليه البلاد توالت اجتماعات السادة النواب المنتمين الى الجبهة الدستورية وروؤساء الاحزاب وبعض القادة السياسيين لتدارس ما ينبغي القيام به، اذ عقدت تلك الاجتماعات في دار جعفر حمندي احد اركان الجبهة الدستورية المعارضة وضمت الاجتماعات الكثير من القادة السياسيين انذاك منهم على سبيل المثال لا الحصر محمد رضا الشبيبي ونصرت الفارسي وجعفر حمندي عن الجبهة الدستورية وكامل الجادرجي وحسين جميل ومحمد حديد عن الحزب الوطني الديقراطي وعلي ممتاز الدفتري وسعد صالح عن حزب الاحرار ومحمد مهدي كبة وفائق السامرائي وصديق شنشل عن حزب الاستقلال وغيرهم من القادة السياسيين والنواب مثل نجيب الصائغ ونجيب الراوي وغيرهم وقرروا بالاجماع، رفع احتجاج شديد الى الوصي مطالبين الحكومة بوقف ممارساتها تلك و قدُُم هذا الاحتجاج مشفوعا باستقالة اثنين وعشرين نائبا من مجلس النواب بينهم نائب بغداد جعفر حمندي. وبعدما وصلت الازمة الى تلك المرحلة من الاحتقان وتوتر الاجواء اذعن رئيس الوزراء الى الامر الواقع فقدم استقالته منصاعا، فقبلت استقالته وكلف السيد محمد الصدر بتشكيلها فالفها، وكان قرارها الاول هو حل المجلس النيابي واجراء انتخابات عامة جديدة .
تقدم جعفر حمندي بترشيح نفسه لهذه الانتخابات مرة ثانية عن مدينة الكاظمية ضمن محافظة بغداد فقوبل هذا الترشيح من قبل اهالي المنطقة الانتخابية بالترحاب والتأييد الساحق بالنظر لمواقفه الوطنية و حسن سيرته و نزاهته إلا ان الحكومة اتخذت كافة التدابير وحتى العسكرية منها للوقوف دون نجاحه بسبب موقفه الصلب المعارض لابرام معاهدة بور تسموث وازاء الموقف الحكومي هذا آثر جعفر حمندي الانسحاب من الانتخابات درءً لما سيؤول اليه هذا الواقع من احتمال حدوث تصادم بين ابناء الكاظمية وبين القوات الحكومية فيما لو استمرت عملية الانتخابات.
وخلال تلك الفترة من الاحداث رشح جعفر حمندي نفسه لتولي رئاسة نقابة المحامين وفاز فيها لدورتين متتاليتين بعد ان حصل على شبه اجماع على ترشيحه.
وعمل اثناء تسنمه المنصب على ادخال اصلاحات كثيرة على مهنية النقابة كما دأب على رفع شأنها واعلاء مكانتها و الحفاظ على كرامة واحترام منتسبيها لدى مرافق الدولة على اختلافها.
كانت المعارضة التي تمثلت بشخصيات سنية و شيعية مستبعد فكرة الطائفية، جملة وتفصيلا، فقد وقفت ضد حكومة صالح جبر لتبنيها المعاهده الجائرة بحق الشعب العراقي فقط ، بل لم يكن هذا الأمر محل اعتبار او محط خلاف لديها. ومن أمثلة الشخصيات الشيعية المعارضة نذكر: محمد مهدي كبة، محمد رضا الشبيبي، جعفر حمندي، صادق البصام، ذيبان الغبان غيرهم. ومن المعارضين السنة نذكر: كامل الجادرجي، علي ممتاز الدفتري، وحسين جميل، ونجيب الراوي، ونصرة الفارسي.
لا بد لنا الان بعد عرض تلك الاحداث ان نعرج على ذكر ما انجزه جعفرحمندي من اعمال خلال تسلمه المناصب الادارية وغيرها بصورة مقتضبة وعلى سبيل المثال فقد تمكن بعد جهد حثيث متواصل مع الجهات المعنية من افتتاح مدرسة ثانوية في مدينة النجف الاشرف في الوقت الذي لم تكن فيه مثل هذه المدارس الا في المدن الكبرى وهي: بغداد _ الموصل _ البصرة، وآزره الكثير من سكان هذه المدينة على انجاز هذا المشروع. كما تمكن من افتتاح مدرسة للبنات في نفس المدينة، رغم المعارضة الشديدة التي اصطدم بها من قبل رجال الدين آنذاك والتهديدات التي تلقاها من بعض الجهات المنغلقة ذهنيا واجتماعيا، و التي كانت تعتبر تعليم المرأة امرا معيبا. كما انه قام بتوسيع مدينة النجف الاشرف بفتحه عدة منافذ في السور الذي كان يحيط بمدينة النجف الاشرف، وانشاء مراكز حكومية واجتماعية وحدائق ومنتزهات ومستشفى ونوادي خارج السور .. وتخصيص اراضي معدة للسكن وعرضها باسعار زهيدة تشجيعا لسكان المدينة على ترك البؤر السكنية غير الصحية ونجح هذا المشروع نجاحا منقطع النظير.
توفى السيد جعفر حمندي في مطلع عام 1952 و لم يكن تخطى الستين من عمره وشيع جثمانه تشييعا شعبيا كبيرا اشترك فيه اصدقاؤه ومحبوه، وفي ذكرى الاربعين، اقيم له احتفال تأبيني كبير شارك فيه عدد من فطاحل الشعراء الكبار منهم الشاعر محمد علي اليعقوبي والحاج عبد الحسين الازري والسيد طالب الحيدري والدكتور عبد الحسن زلزلة كما رثاه كل من الاستاذ فؤاد عباس وعالم الاجتماع الدكتور علي الوردي وانشد الشاعر محمد علي اليعقوبي رائعته العينية:
بكوا فسقوا ضريحك بالدموع صبيحة ودعوك ابا وديع
فداك الخائنون و كم تشكت بلادك من خؤون او خدوعة
لك النجف استشاط جوى و شجوا و اسبلها دموعا من نجيع
ابا زيد و من عمروٌ و زيدٌ لدى الحدثان و الهول المريع
كما رثاه الشاعر عبد الحسين الازري في منظزمته الدالية ننتقي منها هذه الابيات
أهزةٌ أيقظت من روعها البلدا أم انه الاجل المحتوم فيك حدا
يا راحلا شيعته النفس خاشعة و العين دامعة و القلب مرتعدا
و قد عهتك حرا لم يسعك اذا ما ضيم واديك ريفا كان او بلدا
لم يعجز الموت عمن يفتديك به لو شاء ساق من انذال الف فدا
كما رثاه الشاعر عبد الحسن زلزلة في معلقته او ملحمته الرائعة (العدل مات) فبموت جعفر حمندي وزيرا سابقا للعدل له مدلولاته باعتباره احد الضامنين للعدالة آنذاك منها هذه الابيات
بالامس شيعناه ملفوفا باردية القضاء
و تلاقفت جثمانه ، سمر السواعد ، حاسراتُ
الصمت يخرقه النشيج ، و حشرجات خافتات
ما بال هاتيك الجموع ، و قد تصدرها السراة؟
يمشون في نعش الضحية ، خُشَّعاً، و هم الجناة
يا ايها المُتحشّدونْ رويدكم من تحملون؟
اليوم مات العدل، في بلدي، و اجهضت الحياة
هيهات ينفع قومنا، نَدُمٌ، فأن العدل مات

جلال الحنفي
شكل جلال الحنفي البغدادي ظاهرة فريدة في سيرته ومواهبه وطبيعة الشعبية وحتى شطحاته ونوادره، وعد خلال تلك الرحلة الطويلة مع العمر ومناخات العراق ومعاصرته لحقبه أن يكون شاهدا على القرن العشرين، ليدون الكثير عن خواطر ومعلومات وقراءات وبحوث موسوعية تركت بصماتها وستمكث من علامات الرجل والحقبة والوعي العراقي. ولد جلال الحنفي البغدادي في بغداد عام 1912 ودرس في مدارسها و لازم الشيخ امجد الزهاوي والعديد من العلماء ، ثم تسنى له أن يسافر الى القاهرة حيث قضى عاماً واحداً في جامع الازهر بعدها عاد آيبا الى بغداد عام 1940 .أسبغ عليه لقب الشيخ العلامة الموسوعي الاب انستاس ماري الكرملي سنة 1933 حينما كان يقوم بعمله اليومي المعتاد كإمام لجامع الخلفاء، وهو من أقدم ما مكث من مساجد بغداد العباسية. وقام بتدريس اللغة العربية في معهد اللغات الأجنبية في بكين وشنغهاي في الصين في 1966، وتزوج من سيدة صينية كانت أم لذريته. وكان له رؤية للحياة اكتشفها منذ طفولته يلخصها ببيت لابي نواس، يقول فيه: (ما ارتد طرف امرئ بلذته إلا وشيء يموت من جسده) ونقل عنه الباحث حميد المطبعي قوله Sadالحياة مدرسة تدرس الاحياء وقائع الحياة باسلوب النظرية الصينية"تعلم السباحة في السباحة"). و ذكره الموسوعي هادي العلوي الذي ربطته صداقة وذكريات معه بان الحنفي مثقف علماني في العمق متعدد الكفاءات من فقه وادب و فلسفة و ثقافة حديثة ، وهو من عشاق بغداد والهائمين بها . وغير مساهماته العامة فأنه تميز بغزارة منتجه التدويني ومنها كتبه: معاني القران،مقدمات الجنوح في الاحداث ، بقايا ديوان ، التشريع الاسلامي :تاريخه وفلسفته ، الصناعات والحرف البغدادية ، الامثال البغدادية ، معجم اللغة العامية ، معجم اللغة العامية الكويتية والتونسية واليمنية، مبغى البصرة ، العروض ، المقام العراقي ، الرصافي في اوجه وحضيضه، وغيرها . وما ميز تلك الأسفار تنوعها ،فنجد كتب في التاريخ واخرى في الموروث الشعبي وفي الشعر وفي الفقه . ومن مناقبه الفنية أنه درس علم التجويد في معهد الفنون الموسيقية في بغداد،وتسنى له أن يجرى تصحيحات كثيرة في علم العروض لينتشر في مؤلف.وأوجد نماذج للعروض فالرجز مثلا هو 8 بحور جعلها الحنفي 50 بحرا وأخترع بها أوزان جديدة،وغيرها من العلوم مما يؤكد وسع أفقه الموسوعي وذوقه الفني المهذب .. وفي سياق المنتج فقد ترك مخطوطاته جليلة تنتظر من يأخذ بيدها وينشرها ، و منها وليس للحصر الاجزاء الباقية من معجمه "معجم اللغة العامية البغدادية " و المعجم يقع في 7 اجزاء وسبق ان طبعت 3 أجزاء منه في حياته ، وبقيت الأجزاء الأخرى جاهزة للطبع،وعساها أن تمكث بيد أمينة ،ويقودنا السياق إلى التساؤل عن مصير كتابه "الكنايات البغدادية البذيئة " الذي أرسله في حياته إلى أحد دور النشر في المانيا ولايزال مصيره مجهول. لم يفارق جامع الخلاني فترة طويلة حيث كان يذهب اليه مشياً على الاقدام يومياً الى يوم وفاته .وحدث ان أقمنا له قبل وفاته بأشهر أمسية وتكريم اقامها التجمع الثقافي في شارع المتنبي وسر الحنفي بحضورها وقدم لنا محاضرة عن الحضارة الاسلامية دهش الحاضرين لموسوعة وذاكرته المتوقدة، و اقترحت على زملائي في التجمع الثقافي في شاعر المتنبي ان نهدي له كتاب "الشخصية المحمدية "لمعروف الرصافي " وهو كتاب اثار مشكلة في بداية اربعينيات القرن العشرين وطبع عام 2002واخبرتهم ان لهذا الكتاب ذكرى لشيخنا الحنفي بعد انتهاء الامسية سلمت له الهدية و أخبرته أن الهدية الموجودة في الظرف هو كتاب الشخصية المحمدية فقال نصاً"طبعه الملاعين"وقال أنا كنت من محاربي هذا الكتاب في وقتها. في الرابع من آذار عام 2006 فقدت الثقافة العراقية إحدى أعلامها المخضرمين المعمرين بعد وفاته زار ت عائلته قبره بمناسبة اربيعينية الحنفي فوجدت من عبث بقبره وكتب عليه "لا أمام الا الشافعي ".وهكذا حال الثقافة العراقية ورموزها، فلا تكريم لأحياء مبدعين ولا حرمة وراحة لدفين

عبدالرحمن عارف
سيرة موجزة
دخل الكلية العسكرية سنة 1936 وتخرج فيها برتبة ملازم ثان. كان عبدالرحمن عارف أحد الضباط الذين شاركوا في حركة او ثورة تموز 1958 . تفرغ للعسكرية طوال الفترة ما بين 58- 66 . وتدرج في المناصب العسكرية حتى بلغ رتبة لواء في 1964 وشغل عدة مناصب عسكرية مهمة، وفي عام 1962 أحيل الى التقاعد، وأعيد إلى الخدمة ثانية في 8 شباط 1963، ثم أسندت إليه مهمة قيادة الجيش العراقي.وظل في هذا المنصب حتى يوم 13 نيسان 66 عندما احترقت وهوت الهليوكوبتر المقلة لعبد السلام فوق البصرة. حينها كان في موسكو لمهمة، فاستدعي على عجل ولم يكن يدري أنه في لجة سباق على الرئاسة ما كان في حسبانه أبدا. وبعد وفاة عبدالسلام عارف أجمع القياديون في الوزارة على اختياره رئيسا للجمهورية أمام المرشح المنافس رئيس الوزراء عبدالرحمن البزاز ليكون ثاني رئيس للجمهورية في العراق، وثالث رئيس دولة أو حاكم بعد إعلان الجمهورية.وقد توفي عبدالرحمن عارف يوم 23 آب2007 في عمان- الأردن عن عمر ناهز الـ91 عاماً.
في رئاسة الحكومة كان عبدالرحمن البزاز القومي المستقل النافر من العسكر، والأميَل لطيف الاعتدال القومي ذو اللمسة اليمينية (هو يناظر في القاهرة عبداللطيف البغدادي وكمال الدين حسين ونور الدين طراف وتيارهم). من هنا كان من طلاب علاقة طبيعية وودودة مع آلي سعود وهاشم، فضلا عن تطبيع هادئ مع شاه إيران وأطالسة تركيا. البزاز اعتبر أن وقته قد أزف، وان انتقال 14 تموز من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية قد آن أوانه، وأن هذا الإنتقال سيكون على يديه ومن دون إعاقة عسكريتارية. على يمينه كان عبدالعزيز العقيلي أحد ضباط 14 تموز الأحرار ووزير الدفاع حينها وأحد أهم صقور الصراع المسلح مع أكراد الشمال، ونسيجه مزيج من قومي وعراقوي مع اصطفاف يميني. وعلى يساره كان عارف عبدالرزاق الذي كان حينها لاجئا في القاهرة بعد فشل انقلابه على عبد السلام في أيلول . كان مرشح عبدالحكيم عامر بامتياز. عامر هذا كان يمقت عبدالسلام مقتا شديدا. معتبرا إياه مراوغا ماكرا لا يريد وحدة ولا إتحادا وإنما هو "قاسم" جديد بمسحة عروبية. والطريف أن عبدالحكيم وصل للقناعة باستنساب عارف عبدالرزاق بمشورة من عبدالحميد السراج، الذي كان خصم عامر اللدود أيام دمشق الخوالي .. لكنهما بعد أعوام خمسة توافقا في بغداد. حينها كان لمصر سفير فوق العادة في بغداد هو أمين هويدي، والذي قدّر أن الوقوف وراء عارف عبد الرزاق خليفة لعبدالسلام سيؤلب عليه القوميين المعتدلين فضلا عن البعث والشيوعي واليمين ومراجع النجف والكرد، وبالتالي فهو مرشح مخاطرة إنقسامية سيتحمل عبدالناصر وزرها. حسنا،ربما أصاب هويدي، لكنه أخطأ خطأ قاتلا بتزكية عبدالرحمن عارف،هذا المسالم الوديع الذي ينفع في تونس ربما ولكن ليس في العراق.والدليل هو أنه أضاع عهده بعد عامين فقط لا غير. كان الأصوب والأفضل والأجدر هو ناجي طالب الضابط الحر، عالي الرتبة، الشيعي، القومي العربي، النزيه، المحترم من كل الأطراف، والبعيد عن الصراعات الجانبية. لو تبناه عبدالناصر حينها بدلا من عبدالرحمن عارف لكان فعل عين الصواب، ولكان أسهم في تنفيس الإحتقان السني - الشيعي بل في وأد استفحاله واطفاء مهيجاته. لكنه استمع لنصيحة هويدي القاتلة، واعتمد عبدالرحمن عارف رئيسا. ويذكر خالد محيي الدين عضو مجلس قيادة الثورة المصري في برنامج زيارة خاصة / ج2 "ق. الجزيرة" ان حكومة عبدالناصر كانت تفضل ترشيح عبدالرحمن عارف رئيسا للعراق بهدف الرغبة باستمرار ما بدأ به اخوه لميلهما المشترك للتيار الوحدوي بغية اتمام مشروع الوحدة الثلاثية بين مصر والعراق وسوريا.
أما الرئيس عبدالرحمن عارف فكان ذا شخصية متسامحة، يحاول ارضاء جميع التيارات. وفي اجتماع عاجل لمجلس الوزراء تم التداول بين 3 مرشحين لرئاسة العراق وهم: عبدالرحمن عارف و عبدالرحمن البزاز و عبدالعزيز العقيلي، قائد الفرقة العسكرية الأولى، وقد فاز البزاز بفارق صوت واحد في الإقتراع الأول.
لم يتمتع الرئيس عبدالرحمن عارف بخبرة واسعة في السياسة الدولية، ولم تكن خلال فترة حكمه أي سياسة مميزة أو واضحة إلا بعض الانجازات المحدودة على صعيد إكمال القليل مما بدأ به الرئيس السابق عبدالسلام عارف في مجال العمران، وكذلك في مجال التسليح. من إنجازاته انه كان يُعرف بتسامحه ومحاولاته فسح المجال لمعارضيه بنوع من الديمقراطية، فأسس ما يعرف بالمجلس الرئاسي الاستشاري الذي ضم عدداً من رؤساء الوزارات السابقين، كان يعد بعضهم من الخصوم. كما أسهم بحرب تموز- يوليو 1967 بقطعات كبيرة كانت رابضة في الأردن على خط المواجهة، واستقبل عددا من القطعات العسكرية والأسراب الجوية المصرية والفلسطينية للقيام بعمليات عسكرية انطلاقا من الأراضي العراقية من ضمنها عملية إيلات. ومن بين الشخصيات المصرية المعروفة التي عملت في العراق الرئيس حسني مبارك الذي كان من بين آمري أسراب الطائرات الموجودين في قاعدة الحبانية في الفلوجة.
اهم الاحداث في حكمه
انقلاب عارف عبدالرزاق الثاني في 30 حزيران 1966 ، والذي لاقى فشلا مماثلا لسابقه. تألب عسكريي 14 تموز على البزاز ونجاحهم بإخراحه من سدة الحكومة. اشتداد انقسامات القوميين وتفرقهم جماعات شتى كتفرق أيدي سبأ، ما تمثل في إخراج ناجي طالب من رئاسة الوزارة في ايار 67 ، ثم في التحالف على طاهر يحيى عشية إنقلاب النايف - البعث في تموز 68.
هروب روفا بالميج 21 لإسرائيل
أحد الأحداث المهمة أثناء حكم عبدالرحمن عارف كانت اختطاف الطائرة المقاتلة ميغ 21 من قبل الجاسوس منير روفا حيث تمكن في عام 1966 من الهروب بالطائرة واعطائها إلى إسرائيل في عملية جاسوسية إشتهرت بالمهمة 007 ، بعد هبوط الطائرة عقد مؤتمر صحفي سمح لمنير روفا بالتحدث لفترة وجيزة تحدث فيها عن دوافعه لخيانة بلده وسلاحه مدعياً بانه كان يعاني من التفرقة الدينية وانه يشعر بان العراق ليس بلده لذلك طلب اللجوء والهجرة إلى الولايات المتحدة. وبعد فترة وجيزة لحقت عائلته به في إسرائيل ولم يسمح له بمغادرة الاراضي الإسرائيلية والتوجه إلى اميركا. بل منح الجنسية "الإسرائيلية" وكوفئ بمنحة مالية.
انجازاته
الحق أن عبدالرحمن عارف رجل ذو نزوع قومي واضح، تجلى في عقده لصفقة الميراج مع شارل ديغول في شباط 68 وفي منح عقد استخراج الكبريت لإيراب الفرنسية ، وفي تعزيز إسهام شركة النفط الوطنية العراقية في العملية النفطية
حرب حزيران 1967
الحدث المهم الثالث هو العدوان الذي قامت به الإسرائيل في حرب 5 حزيران عام 1967 حيث شنت القوات الإسرائيلية هجوماً مدبراً على بعض القطعات العسكرية لدول المواجهة العربية بأسلوب الحرب الخاطفة المشابه للهجوم الذي قامت به القوات النازية على بولندا في مستهل الحرب العالمية الثانية. استخدمت إسرائيل وعلى نطاق واسع الاسلحة المحرمة دوليا كما استخدمت حربا نفسية ضروسا اريد منها افهام المواطن العربي بأنها نكسة وهزيمة، وان الجيش الإسرائيلي اسطورة لاتقهر للحط من معنويات المواطن العربي ووضع حاجز بينه وبين قياداته التي كانت تطمح لهزيمة إسرائيل. شارك الرئيس عبدالرحمن عارف بقوات عسكرية لدعم الجبهة على الرغم من القوات الكبيرة الرابضة في المفرق في الأردن الا ان الدعم الاميركي والبريطاني والفرنسي المعلن بالتدخل في حالة رد الدول العربية على العدوان ما لم تستجب لقرار مجلس الامن الدولي 242 ، الامر الذي افشل خطط الهجوم المقابل العربية وجعل إسرائيل بواقع المنتصر. وفي إرسال القوات العراقية للأردن بقوة فرقة ولواء عشية وغداة حرب 67. لكن أخطر ما أوشك على القيام به -وهو فعليا ما تسبب في القرار الأنغلو / أمريكي بالإطاحة به- قراره في ربيع 68 برفع عديد قواته في الأردن إلى فرق ثلاث (أي قوة فيلق).
أخطاؤه
قرب ضباط عشيرته الجميلات منه وارثا لتلك النزعة عن أخيه عبدالسلام، فسلمهم الحرس الجمهوري والمخابرات العسكرية وموقع بغداد من دون أن يدري أن بعضهم مخترق حتى النخاع ومبتاع من المخابرات الأجنبية التي أرادت بهم أن تجهض مضي عبدالرحمن عارف في نيته لتعزيز الجبهة الشرقية إلى الحدود القصوى، كما وعد جمال عبدالناصر في قمتهما الأخيرة في شباط 68. رأس هؤلاء المخترقين كان عبدالرزاق النايف وكيل رئيس المخابرات العسكرية (شفيق الدراجي)، الذي طاف على عدد من الأحزاب القومية طلبا لغطائها عبر شراكة معه تطيح بعارف، فلم يقبل منها إلا بعث اليمين بزعامة أحمد حسن البكر. لاقى خيار بعث اليمين هوى عند "مراجع" النايف لكونه عدو بعث اليسار السوري، وفي ذات الحين خصم عبدالناصر اللدود منذ كانون الأول 59.. وبالأخص منذ تموز 63.... إذن لا جبهة شرقية، كما المأمول، ولا من يحزنون. نحن أمام رجل حسن النوايا، طيب،وديع، لا يحب الدم ولا الاحتراب، لكنه محدود القدرة، وسريع العطب ، وغير مؤهل.
اقصاؤه من الحكم
وتم إقصاء الرئيس عبدالرحمن عارف من الحكم على إثر حركة 17 تموز 1968 التي اشترك فيها عدد من الضباط والسياسيين بقيادة حزب البعث، حيث داهموا الرئيس في القصر الجمهوري وأجبروه على التنحي عن الحكم مقابل ضمان سلامته، فوافق وكان من مطالبه ضمان سلامة ابنه الذي كان ضابطا في الجيش. ثم تم إبعاد الرئيس عبدالرحمن عارف إلى اسطنبول، وبقى منفيا هناك حتى عاد لبغداد في أوائل الثمانينيات بعد أن أذن له الرئيس السابق صدام حسين بالعودة. توفي عبدالرحمن عارف يوم الجمعة الموافق لـ 24 من آب عام 2007 في عمان.

العلامة الشيخ نعمان الأعظمي
هو العلامة الشيخ نعمان بن احمد الحاج اسماعيل بن الحاج احمد بن الحاج محمود بن الحاج محمد بن الملا صالح العبيدي الأعظمي (رحمه الله وطيب ثراه). ولد الشيخ نعمان في محلة الشيوخ بالأعظمية سنة 1293 هجري 1874م ونشأ بها وترعرع حتى بلغ سن الصبا، وكانت اسرته ضيقة الحال فاشتغل مع اخيه الحاج محمود في السوق حتى بلغ عشرين عاما ولما تحسنت حالته المادية كانت له رغبة وشوق شديدان في طلب العلم. فانتسب الى مدرسة الامام ابي حنيفة حيث اتم تحصيله العلمي على يد علماء عصره منهم الشيخ محمد سعيد النقشبندي واخوه عبدالوهاب النائب والشيخ احمد السمين الالباني واجازه الشيخ حسن الخانبوري ولما ذهب لأداء فريضة الحج سنة(1314 هجرية - 1923م) اجتمع بالشيخ شعيب اليماني والشيخ محمد الشنقيطي والشيخ ابراهيم بن جاسر والشيخ عبدالله عمر وغيرهم من شيوخ العلم في الحجاز، فأجازوه واصبح أهلا لأن يتوظف فعُين معلما في مدرسة الأعظمية الرسمية سنة 1899م وواصل دراسته على يد العلامة الشيخ عبدالرزاق جلبي الأعظمي ولازمه كثيرا وتأثر بشخصيته العلمية، ونال اجازته سنة 1908م ثم عين مدرسا في رشدية الكرخ، وقد ذاع صيته وشهرته -رحمه الله- في العراق والعالم الاسلامي، وارتفعت منزلته عند الولاة والحكام والوزراء لجرأته في الحق وصراحته واخلاصه للامة والبلاد. وفي سنة 1910م اصدر مجلة (تنوير الافكار) في الاعظمية مع الاستاذ عبد الهادي الاعظمي فكانت صوتا هادرا في ايقاظ الهمم وتنبيه المسلمين عما يراد بهم من شرور ومؤمرات. وقد كتب رسالة بليغة عى لسان الامام ابو حنيفة (رض)الى مجلس المبعوثان العثماني، حررها في مجلته يطالب فيها بإحياء مدرسة الامام ابي حنيفة العلمية. وقد حقق ما اراد وانتدبته الحكومة على رأس وفد لمفاوضة الامير عبدالعزيز آل سعود للوقوف الى جانب الدولة العثمانية في الحرب العالمية الاولى (1914م) ليقف المسلمون صفا واحدا بوجه اعدائهم وخاصة الانكليز الطامعين في الدولة وتجزئة اراضيها وذلك سنة(1915م). وكان هذا الوفد يضم الشيخ محمود شكري الالوسي والشيح علي علاء الدين الالوسي والحاج بكر افندي الضابط، وعند عودة الوفد الى الشام ذهب الحاج نعمان الاعظمي الى واليها جمال باشا في القدس، وقد اصطحب معه الدكتور عبدالرحمن الشاهبندر وعبدالكريم قاسم خليل، حيث كان الوالي يحترمه كثيرا ويجله وكان معجبا به فلقبه بـ(بلبل العراق) للباقته في الخطابة الارتجالية وحجته الدامغة في الدفاع عن مصالح الامة واقناع المسؤولين بما يطالب وتحقيق مراده. وقد تعيّن واعظا عاماُ للعراق براتب 25 ليرة ذهبية شهريا،وكان ينفق معظمها على ضيوفه وزائريه واحتياجات مجلسه. ولقوة حجته وتأثيره في الناس كافة طلبه قائد الجيش التركي نور الدين بك للذهاب الى جبهات القتال في قطاع الكوت ليعظ المتطوعين للجهاد ودعوة انضمامهم الى الجيش لمقاتلة الانكليز وطردهم من بلاد المسلمين.
ولما احتل الانكليز بغداد كانوا له بالمرصاد واخذوه من مدرسته التي كان يعمل فيها اسيرا بتاريخ (31 مارس 1917) واودعوه في معتقلهم في خان كبة ثم نقل الى معتقل آخر في مركز ام العظام ليمكث فيه شهرا آخر ثم نقلوه الى البصرة ليبقى فيها منفيا شهرا ثم اسيرا مع الاسرى العراقيين الذين نقلوهم الى الهند ليمكث في الاسر (32) شهرا. وهو في الاسر لم ينس واجبه الديني حيث كان بعض الاسرى المسلمين من التتار والافغان والهنود والعراقيين العرب وغيرهم من الاسرى يعلمهم اللغة العربية واحكام الدين. وفي عام (1919م) اطلق سراحه من الاسر وعاد الى الوطن واعيد تعيينه مدرسا في كلية الامام ابي حنيفة وفي عام 1924 عين مديرا لها، وقد ابدل اسمها الى (دار العلوم العربية والاسلامية).
لقد كان الحاج العلامة الشيخ نعمان الاعظمي شعلة وقادة من الذكاء والغيرة والحمية عمل صلات حميدة ومودة حميمة مع كثير من الشخصيات الاسلامية اللامعة من الاقطار العربية وغيرها كالشيخ عبدالله خلف الكويتي ومحمد بهجت البيطار والعليمي وجمال الدين قاسم وعبدالقادر المغربي ومفتي فلسطين الحاج امين الحسيني وغيرهم. وكل من عرفه واتصل به كان معجبا بعلمه وادبه واخلاصه وحرصه على خدمة الدين واهتمامه بشؤون المسلمين وامورهم في كل مكان من ارضهم ووعيه السياسي الناضج. وله صلات موفقة في العالم الاسلامي في البوسنة والهرسك والجبل الاسود وله صلة موثقة بمفتي المسلمين في (فيينا) وارسل الكتب والمجلات الاسلامية لهم .
وقد شارك في المؤتمرات الاسلامية الذي عقد في فلسطين سنة 1930 وكان رحمه الله محترما ومحبوبا من سائر طبقات الناس لتأثرهم بوعظه في مساجد بغداد وبخاصة وعظه في شهر رمضان كجامع السراي والقبلانية والمساجد الكبيرة المشهورة. ومن ذكريات الشيخ الصواف المدونة في سجل ذكرياته (ص149 و 188) إذ يصف مجلسه بأنه ملتقى علية القوم ورجال الدولة.
توفي الحاج نعمان الاعظمي يوم الاثنين 15 من جمادي الاخر سنة 1355 هجري الموافق 2 ايلول من عام 1936، فاهتزت لنبأ وفاته الاوساط الدينية والرسمية، وشيع بموكب مهيب مشت فيه الجماهير من جميع انحاء العراق ووجوه البلد من العلماء والادباء والصحفيين ورجال الدولة. وكان هذا التشييع مشهودا في تاريخ بغداد، ودفن في مقبرة الامام الاعظم ابي حنيفة النعمان -رحمه الله-. وبموته طويت صفحة جهادية من تاريخ العراق الحديث. واحدث فقده ثغرة واسعة لا تسد بسهولة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

جعفر ابو التمن 1881 ـ 1945
محمد جعفر بن محمد حسن بن داود بن سلمان آل أبي التمن (1881 - 1945) سياسي عراقي معروف، ولد في بغداد سنة 1881 من اسرة معروفة في عالم التجارة، ونشأ في كنف جده الحاج داود وابيه الحاج محمد حسن.
درس علوم العربية والدين، ومارس التجارة منذ نعومة اظفاره. سافر في صدر شبابه إلى إيران في بعض الاعمال التجارية، كان جعفر أبو التمن أحد الذين أوحوا بثورة العشرين ضد الاحتلال البريطاني للعراق. كان زعيم الحزب الوطني في بداية القرن العشرين وأسس جماعة الأهالي عام 1922. وكان له الفضل في الجمع بين الشيعة والسنة الموضوع الذي ظل شغله الشاغل طوال حياته.
.كان وطنيا مثاليا لم يساوم ولم يهادن الا ان خيبته الاولى كانت عام 1936 عقب انقلاب الفريق بكر صدقي حيث وجد نفسه وزيرا في الوزارة التي شكلها حكمت سليمان باسناد بكر صدقى ووجد نفسه وسط مخطط تآمري يتنافى مع مبادئ الديمقراطية التي آمن بها ودعا اليها والتي اطاح بها الانقلاب العسكري والتي لا تنسجم مع اخلاقه ونهجه مما ادى الي وضع حد لنهايته السياسية بعد عام واحد فقط من الانقلاب وابتعد عن النشاط السياسي عام 1937 ثم امضى بقية عمره منعزلا حتي وفاته عام 1945.
درس العلوم الدينية والفقهية (ابان حداثته التجارية) علي يد العلامة الشيخ شكر البغدادي (1855-1938) كما درس الادب والشعر والبيان في مجالس آل الصدر في الكاظمية فكتب الشعر في شبابه وفي اواسط عمره حرر المقالات الاقتصادية في مجلة غرفة التجارة ونوه بشعره ونثره الجميل محمد مهدي البصير في كتابه (سوانح1976) واشاد بثقافته الفقهية القاضي توفيق المالكي قائلاً : (كان جعفر يحل اعقد المسائل الفقهية والشرعية).
في اواخر شباط 1919 آلف الوطنيون العراقيون جمعية سرية سميت (حرس الاستقلال) بزعامة السيد محمد الصدر وتضم علي بزركان وجلال بابان ومحمود رامز ثم اصبحت اكثر نشاطاً حينما انضم اليها اخرون مثل يوسف السويدي وناجي شوكت وسامي شوكت ومحيي الدين السهروردي والشيخ باقر الشبيبي وعبد الغفور البدري وعبد المجيد كنة وكذلك جعفر ابو التمن بعد عودته من طهران في تشرين الاول عام 1919 الذي انتخب امين سر عام. ويقول ناجي شوكت في مذكراته ان جعفر كان القائد الفعلي لحرس الاستقلال التي نادت بالاستقلال التام للعراق الذي كان يضم ثلاث ولايات هي بغداد والبصرة والموصل.
** نموذج الوطنية العراقية:-
مبكرا أدرك جعفر أبو التمن خطورة التكتلات الطائفية على الوطن، فبادر بالرفض القاطع لمحاولات ضمه في نشاط سياسي على اساس طائفي، بل إنه، ورغم تدينه، كان من دعاة التمييز بين الدين والسياسة وقد اتصل المجتهد الشيعي البارز محمد حسين آل كاشف الغطاء بأبي التمن في كانون الثاني 1927، وحثه على الانضمام إلى التكتل الشيعي، غير أن أبا التمن رفض بصلابة، لأنه (لم يرغب بإدخال الدين في السياسة) ويرجع التعاون بين الشيعة والسنة في ذلك المنعطف التاريخي الى الوضع الناشئ عن الاحتلال الإنجليزي، غير أن الفضل في الفعل الواعي وراء هذا التعاون يرجع بالأساس ، الى جعفر أبو التمن. وقد ركز فكره ونشاطه لتحويل هذا التعاون الظرفي الى واقع سياسي دائم. إذ لم يكن هناك، برأيه، من سبيل آخر لكسر النفوذ الإنجليزي.
وقد حاول بعض السياسيين من طائفته جره مراراً، الى النشاط على اساس طائفي، فأدار لهم ظهره بإصرار. وكرس جعفر أبو التمن جهود( الحزب الوطني) الذي اسسه وتزعمه لتحقيق هذين الهدفين المترابطين، وهما وحدة النسيج الاجتماعي والوطني العراقي بكل مكوناته، وتصفية النفوذ الإنجليزي. ولعب الحزب الوطني دوراً هاماً خلال العشرينيات، والنصف الأول من الثلاثينيات في ترسيخ الوعي الوطني العراقي.
كان جعفر حلقة الوصل بين الزعامات الدينية في الطائفتين (قاضيا بغداد السني والشيعي) في كانون الثاني 1919، وعمل على تقريب وجهات نظرهما حيث تحدث في الاجتماع الذي ضمهما مع ممثلي الطوائف المسيحية واليهودية، داعيا إلى عراق موحد بحكومة عربية وحاكم مسلم)، مما عمق دوره في تكريس الوحدة الوطنية العراقية.
دزره في ثورة العشرين:-
لعب ابو التمن دورا مهما في ثورة العشرين حيث انضم في آب 1920 الى مناطق الثورة في كربلاء والنجف إذ رحب به كزعيم بغدادي مشهور وممثل للمجتهد الشيرازي وعامل ارتباط بين حركة الاستقلال في بغداد والكاظمية وبين العلماء في المدن المقدسة وكان يلقي خطابات في الناس حول الثورة مشجعا اياهم علي الاشتراك، كما شارك مع مثقفين اخرين امثال علي بزركان وعارف حكمت في مقالات افتتاحية في صحف الثورة في النجف وخاصة الفرات التي كان يديرها محمد باقر الشبيبي.
كان جعفر ابو التمن احدى الشخصيات العراقية التي وصلت الي مكة يوم 9 اذار 1921 للالتقاء بالشريف حسين والطلب منه تعيين ولده عبد الله ملكا على العراق فرحب بهم واخبرهم بانه والحكومة البريطانية يفضلون الامير فيصل لذلك الا ان جعفر بقي مصرا علي مبايعة الامير عبد الله.
جماعة الاهالي:-
وحينما تأسست جماعة الاهالي بزعامة حسين جميل وكامل الجادرجي وعبد الله اسماعيل ومحمد حديد وعبد الفتاح ابراهيم كانوا يتطلعون الي عرض القيادة علي جعفر ابو التمن الذي اعتزل العمل السياسي بعد وفاة الملك فيصل لما شاهده من فساد ونفاق، ووافق ابو التمن علي الانضمام الي الاهالي بعد ان تأكد من انها لم تكن منظمة سياسية الا انه فيما بعد انشأ تنظيما سريا هو (الشعبية ) واختير جعفر رئيسا له ويضم جماعة الاهالي التي ساهمت مساهمة مباشرة في الانقلاب العسكري الذي قاده الفريق بكر صدقي وضرب عرض الحائط كل الافكار الديمقراطية التي كان يدعو لها ابو التمن الذي اصبح وزيرا للمالية في حكومة الانقلاب برئاسة حكمت سليمان مما اضطره في الاخير الي تقديم استقالته واعتزال السياسة نهائيا حتي وفاته.
يقـول روفائيـل بطـي " إنّ جريـدة صوت الأهـالي أخـذت تأدية واجبـها الوطـني الصحافي في الدفـاع عن حقوق الشـعب و إفهـام الجمهور مصلحته و تنبيهـه إلى ما يراد به، وطابعها الانتصار للطبقة الكادحة. و كانت الجريـدة تنهج نهجا تقدميـا في سياساتها ، فقد انتصرت لزعامة جعفر أبو التمن و أيدته و آمنت بإخلاصه.
نهجه الاقتصادي:-
كان تاجراً كبيراً، حول خبرة السوق لصالح وطنه ووطنيته، ـ وهذه الشفافية التي طبع فيها جعلت التجار يدعونه لتأسيس غرفة تجارة بغداد فحصل على عضويتها ونيابتها 1929-1935 ورئاستها 1935 - 1939.
كان يمتلك عقلا اقتصاديا حاول ان يقدم من خلاله بعض مايستطيع لاصلاح الواقع الاقتصادي والاجتماعي، فقد رأس مجلس ادارة شركة تجارة وحلج الاقطان العراقية ورأس مجلس ادارة شركة استخراج الزيوت النباتية وهو ايضاً اشترك في تأسيس هاتين الشركتين وهما قاعدة الصناعة العراقية وكان اول من قال وركز علي نظرية حرية التجارة فبدونها (لانضمن للعراق استمرار التقدم والرخاء الاقتصادي.).
يذكر الدكتور عبد الوهاب حميد رشيد (انه عمل على انشاء (جمعية اصحاب الصنايع التي حملت في بدايتها طابع نقابة الحرفيين ولكن سرعان ماجذبت اليها عمالا من ورش السكك الحديد وبفضل زعيمها (محمد صالح القزاز) وهو ميكانيكي واول قائد عمالي في العراق.
**قالوا فيه:-
يقول عنه حميد المطبعي: كان فيصل الاول يقول لجعفر ابو التمن سراً، (كم يعجبني حوارك مع التاريخ) بينما برسي كوكس يجمع الخصوم ويقول لهم: (هل من طريق لازاحة ابي التمن من الساحة)، حتي الوثائق البريطانية الاخرى لم تستطع ان تطعن برجل مخيف كأبي التمن، انما عالجته بروح المناورة (اعطوه الكرسي لناعم كي نحيده)، ولم يحد لان في اعماقه نشأت صرخة مدوية (ايها العراق انت الاغلى والاعظم والاشمل).؟
قال عنه شاعر ثورة العشرين مهدي البصير (كان هو هو لايتغير ولا يتبدل ولايعتريه ضعف ولا وهن)، ولاتشوبه شائبة وتعلق به ريبة، ولاتلين حصاته ولا تغمز قناته).
وقال عنه كامل الجادرجي (كان من الاشخاص القلائل الذين لم توجه اليهم الطعون كما وجهت الي كثير من رجال الثورة، ولعله كان ابرز شخصية من بين اهل المدن العراقية).
وقال شاعر العراق الجواهري من قصيدة يرثيه:
طالت ولو قصرت يد الاقدار لرمت سواك عظمت من مختار
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى