* قصص قصيرة : الميت الحي - التواجد المزدوج - تجربة تحضير الارواح - تصديق عقد زواج
صفحة 1 من اصل 1
* قصص قصيرة : الميت الحي - التواجد المزدوج - تجربة تحضير الارواح - تصديق عقد زواج
الميت الحي
بقلم : طارق فتحي
ان النشأة الروحية الخالصة في فترة الصبا وما يعقبها في فترة المراهقة تجعل الانسان في صفاء ذهني عجيب واخلاص في القلب رهيب وهو يحفظ كل شيء ويصور عقله الموجودات والمحسوسات كلها احسن تصوير لتبقى مخزونه في عقله الى ما شاء الله . فارتشفت من معين التربية الاسلامية الروحية منها والمادية الشيء الكثير . وقرأت ايضا الشيء الكثير عن مختلف الاديان والمذاهب والنحل والملل
ومن باب كل ممنوع مرغوب فيه , دخلت الى عالم الارواح , بالعلم تارةً وبالفهم تارةً اخرى , مقلداً وليس مجتهداً , ومررت بمرحلة التجارب الروحية جميعها , من باب التجربة والقياس , لطرح الغث منها واتناول السمين بعناية فائقة , فخرجت من تجاربي لا الوي على شيء , ولم اهتدي لا الى الغث ولا الى السمين , فالتجربة الفاشلة عندي هي عينها التجربة الناجحة عند غيري والعكس صحيح , وايقنت حينها ان النفوس البشرية تختلف من شخص الى آخر , وليس بالضرورة ان تكون عندي تجاربي الروحية ناجحة ام فاشلة المهم ان تمر بالتجربة . لاشباع فضول النفس البشرية ليس الا . وفي هذا المناخ الروحي والتدرج في المعارف تحصلت معي امور كثيرة لم افقهها لغاية يومنا هذا ومنها :
كانت في محلتنا امراءة عجوز دارها غير بعيد عن دارنا وهي تعمل (معينة) في مدرسة ابتدائية للبنات . وكانت هذه العجوز لا تتقن العربية المحلية وكنا نتكلم معها في غدوها وعدوها من والى المدرسة بغية ان نستمتع بكلماتها المضحكة في حال ردت علينا , وكنا لا نضحك امامها البتة احتراما لكبر سنها , وكنا نحفظ لها بعض الكلمات والمصطلحات الرهيبة بلغة لا يعلمها حتى اهل المريخ .
وذات يوم فجعنا بنبأ وفاتها بسبب الشيخوخة , وكل اهل المحلة بدون استثناء شاركوا في جنازتها وحمل نعشها حيث واروها الثرى . وترحم الجميع عليها .
وذات عصر يوم جميل وبعد مرور اشهر قلائل على وفاتها . وبينما كنت انا ووالدتي نقف على عتبة باب دارنا , فاذا بي ارى العجوز من بعيد قادمة كعادتها التي عليها في كل يوم وهي تتحرك بحركات جنونية ترفع يديها الاثنتين للاعلى ثم ترسلهما للاسفل, فهمست الى والدتي بان العجوز قادمة حيث كنت اراها . وكانت تولول بكلام لم استطيع سماعها لبعدها النسبي عني . ولما اقتربت اكثر فاكثر من باب دارنا . قلت لها مابك يا (ام علي) تولولين وتتكلمين مع نفسك . قبادرتني بايتسامتها المعهودة مع جميع اهل المحلة , وقالت لي ,
لست ادري يا ابني ذهبت هناك عندهم عريانة من كل ملابسي فاعطوني ثوبا ضيقا صغيرا , وقالت بلهجتها العامية ( اريده يطب بيه ما يطب بيه ) تقصد الثوب وكررت هذه العبارة اكثر من مرة وهي تتحرك بشكل جنوني كمن يلبس الثوب من اعلى قمة راسه , وهكذا كانت حركاتها تتكرر من بعيد حيث لم اكن اسمعها جيدا . وحينها علمت سبب حركاتها الجنونية هذه حيث انها تحمل ثوبا بيدها تريد ان تلبسه لتغطي جسدها العاري , ولكنني كنت لا أرى الثوب المزعوم بل مجرد حركات وايماءات بما يشبه من يريد ان يلبس ثوبا .
وهكذا رحلت غير بعيد عنا والتفت خلفي حيث كانت والدتي وقلت لها , ماهذا الذي تقولين فيه عن ام علي ؟ انها عريانه وحركاتها كمن مسه الجنون . فردت علي والدتي . أي ام علي هذه التي رايتها بتعجب !!
فقلت لها ام علي المعينة , مرقت للتو من امامي , تعالي شاهديها ففسحت لها ونظرت امي فلم تشاهد شيئا وكذلك فعلت انا ولم ارى ام علي على الرغم من انها مرقت للتو من امامي .
فقالت الوالدة ادخل الى الدار فدخلنا معا . وقالت ما بالك يا بني ام علي المعينة توفيت منذ اشهر , فقلت لها والله وبكل المقدسات اني تكلمت معها وردت علي وشاهدتها نهارا جهارا في يقظة وانت معي شاهد على ما رأيت . فابتسمت والدتي وقالت كف عن اجراء تجاربك الروحية وخفف عنك قراءاتك وخلواتك الليلية . وللحقيقة اقول انها قصة وقعت معي ورويتها لكم بكل امانة وصدق , وان كنت لا افقه ما حدث معي حينها ولغاية يومنا هذا ... .
التواجد المزدوج
بقلم : طارق فتحي
في العامين 1969 – 1970 انهيت دراستي الاعدادية . حيث اثرت الخوض في دراسة العلوم القديمة والغريبة على اكمال دراستي الجامعية ونهلت من معين المخطوطات فترة من الزمن تجاوزت الثلاث سنوات بقليل وكنت حينها اشغل ولوحدي غرفة في الطابق الثاني من منزلنا اقيم فيها الليل حتى الصباح الباكر في خلال هذه المدة من الزمن .
ومن الطبيعي كنت امحص هذه المخطوطات تمحيصاً تاماً بغية استخراج الغث من السمين منها بعين الباحث والناقد والمحقق والمدقق تاركا الشكوك والظنون فيما اقرأ وراء ظهري . وكنت اسجل ملاحظاتي الكثيرة واقوم في بعض الاحيان بتجاربي الخاصة بغية الوقوف على حقيقة ما اتناوله من هذه العلوم الغريبة .
واثناء قيامي ببعض التجارب في ما يخص الجلاء البصري والتوغل فيه عميقاً لما يقرب من عام كامل . استطعت ان ارى ما لا يراه غيري . الا اني كنت غير مسيطر على الامر . كانها كانت تحدث معي مصادفة . وبالتركيز الشديد وتنقية النفس من شوائبها وصفاء القلب والروح واستحضار الهمة العالية والاستعداد البدني والنفسي الجيد . اخذ يتكرر معي تمرين الجلاء البصري واستطعت حينها ان اسيطر على الامر بصورة افضل ولا زال امامي عمل كثير فعلي ان اجتاز تمارين الجلاء السمعي وتمارين الحواس الخمسة الاخرى .
وها انا ذا توصلت الى نوع من التحسن في تمارين الجلاء السمعي الا ان هذا الامر اتعبني كثيرا وكانت تراودني الاصوات وتنادي باسمي وانا ارد عليها في الوقت الذي اكون فيه على مائدة العشاء او اسير مع احد اصدقائي في الشارع او تواجدي في مكان غير مناسب واذا بي ارد على الهاتف بصوت عال يجلب الانتباه مما يضعني في اكثر المواقف حرجاً .
كل هذا ومن حولي لا يعلمون ما انا مقبل عليه حتى بين افراد عائلتي لا احد يعلم ما اصنعه في غرفتي بالطابق الثاني من منزلنا .
وعدت ثانية الى تجاربي في الجلاء البصري وقطعت فيه شوطاً طويلا الا انني هذه المرة اكتسبت مهارات جديدة وتحكم اكثر فاعلية من ذي قبل . وفي احد الايام طلب مني صديق ان اختبره بمادة الرياضيات للصف الاعدادي المنتهي . وكان الوقت مساءاً . فصعدنا معاً الى غرفتي وما ان جلس على الاريكة حتى طرأت على بالي فكرة الجلاء البصري وبقليل من الحظ وسكون الهيئة مغمضاً عيناي. واذا بهاتفي يقول لي ان سعيد هذا لم يأتي للدراسة بل لشيء آخر سمعه من اخوه الكبير . وانه متلون ذو وجهين وما ان فتحت عيناي حتى كنت غارقا بالكلية في حضرة الجلاء البصري والسمعي .
ورأيت لسعيد هذا وجهان فعلا احدهما الطبيعي كسائر الوجوه البشرية وآلاخر وجه صغير نابت من تحت اذنه اليسرى حتى فكه الاسفل وهو اشبه ما يكون بوجه حيوان شبه ما بين الذئب والثعلب . فقلت له صراحةً سعيد انت انسان متلون ذو وجهين وانت لم تأتي للدراسة معي ولك غرض لا اعلم ما هو ولا اريد ان اعلمه .
بكى سعيد امامي بكاءاً مراً واعترف لي بصحة ما ذهبت اليه واثناء هذه اللحظات الرهيبة خرجت قطة كبيرة سوداء اللون من تحت الاريكة متوجهة الى حائط غرفتي فاخترقتها نحو الصالة فاخبرت سعيد بما شاهدت وقام من فوره وفتح باب الغرفة ليجد القطة السوداء كما وصفتها له وحينها تغيرت ملامح وجهه وتحول الى مخلوق لا اعلم بماذا يشبه .
ودخل سعيد ثانية الى غرفتي وهو يتحدث معي تارة ويتحدث مع شخص اخر بجانبي تارة اخرى وعيناه تزوغان يمنة ويسرة لا تستقران على شيء فقلت له بعد ان اخافني حقاً .. سعيد !!! سعيد !!! سعيد !!! ما بالك اجبني فقال لي انظر الى من يجلس بجانبك فالتفت الى جانبي واذا بي ارني انا ايضاً بشخصي وملامحي ونفس ملابسي بمسافة تفصلني عني متراً او متراً ونصف المتر . وتحدثت مع نفسي قليلا كأن الامر طبيعي ولم انتبه حينها الى ما تجري من امور غريبة . فالتفت الى سعيد فوجدته ولى هاربا خارجا من دارنا . والتفت الى غرفتي ثانية فعلمت ان الذي جرى امر لا يمكن تفسيره . من حيث اني تواجدت في مكانين بنفس الزمان . وكان وجودي مزدوجاً حقيقة شاهدتها انا وان كنت لا افقه تفسيرها وكذلك شاهدني سعيد فهو شاهد اثبات جيد يشهد لي اني لم اكن اهلوس او اني في احد احلام اليقظة . وفرحت كثيراً لان تجاربي اثمرت وها هو شاهد آخر يشهد على صحة ما رأيناه معاً في تلك الليلة .
وبعد ان هدأ روعي وتماسكت جيدا قررت الذهاب الى دار عبد الحميد صديقي والاخ الاكبر لسعيد . لا ستفسر من سعيد ما شاهده في غرفتي ليثبت بكلامه قلبي ويسكن روعي . وخرجت نحو سعيد الذي يسكن داراً غير بعيدة عن دارنا .
طرقت الباب بحماسة واذا بصديقي عبد الحميد يفتح لي الباب ويرحب بي ترحيباً كبيراً , اذ كانت العادة عندي اني لم التقي اصدقائي الا نادراً . وردت التحية باحسن منها . وقلت له من فضلك اريد اكلم سعيد في بعض الامور. فضحك صديقي من كلامي وقال لي ان اخاه سعيد في البصرة من ثلاثة ايام ولا يعود الا بعد انقضاء اسبوع على سفره وهو بصحبة والده ..
وهنا تجمد الدم في عروقي وتقطعت انفاسي ودار في عقلي الف سؤال وسؤال بدون جواب ؟؟؟؟
تجربة تحضير الارواح
بقلم : طارق فتحي
قبل ما يزيد عن الخمسون عاما بقليل كنت فتى مراهقا مولعا بالاعمال الروحانية والعلوم الخفية وغرائب وعجائب العلم والمعرفه . انهل منهما قراءةً واعمالاً وتجارب .
ذات يوم نكبنا بصدمة عنيفة جدا افقدت العائلة صوابها وذلك بسبب حادث اصطدام سيارة عائلة اختي الكبيرة بشاحنة كبيرة محملة بالبضائع في الساعة الثالثة بعد منتصف الليل على طريق بيجي – تكريت منطقة ( مكحول ) راح ضحيتها جميع من كانوا في داخل السيارة اختي وزوجها واربعة من اطفالها .
وبعد مرور بضعة اشهر طرق بابنا رجل مصري الجنسية كان في حينة يعمل مقاولا في بناء بيت اختي الكبيرة . وتحدث مع والدي حول مبلغا كبيرا له بذمة اختي ومقداره اربعمائة دينار عراقي . وكانت الصدمة الثانية لنا حيث لا يزال دار اختي مغلقا لا يجروء احد على فتحه . وهنا انبرت والدتي وقالت نعم كلام المقاول صحيح لقد اخبرتني رحمها الله عن المبلغ ولكن لا اعلم اين وضعته . ذهبت امي وابي الى دار اختي بحثاً عن المبلغ , واقاموا الدنيا ولم يقعدوها . فلم يجدوا المبلغ ولا اثر له .
ولما كنت شاهدا على مجريات الاحداث قفزت نسبة الادرنالين في دمي الى مستويات خرافية وبطيش المراهقة وعنفوان الصبا قررت ان اخوض تجربة تحضير الارواح لا ستحضار روح اختي لتخبرنا اين وضعت النقود .
فاجتمعت ذات يوم باخوتي وحكيت لهم موضوعاً عن تحضير الارواح فاخذتنا جميعا الحماسة لتجربة ذلك . ومن اجل عين الاموات وتبرئة ذمتهم امام الله .
واخذنا ثلاثتنا بتحضيرات عملية تحضير الارواح بطريقة ( مس الفنجان ) وهي احدى الطرق المشهورة في هذا الفن من العلم . وهي عبارة عن لوح دائري على محيطه رسمت الحروف الابجدية العربية . وفي وسط الدائرة دائرة اخرى صغيرة على قدر فوهة الفنجان . وفي ميحط الدائرة الصغيرة من اعلا اليمين توجد كلمتان هما ( حضر ) و ( ودع ) وفي اعلا اليسار من نفس الدائرة توجد كلمتان ايضا وهما ( نعم ) و ( لا) .
وفي محيط هذه الكلمات الاربع وعلى هيئة نصف دائرة ومن اعلاها رسمت ارقام الاعداد من الصفر الى العدد 9 .
وفي اسفل الدائرة الصغيرة كتبت العبارات التالية على هيئة نصف قوس محاذية لها ونص العبارة تقول ( ان كنت من الارواح الشريرة ( فودع – ودع- ودع ) واذا كنت من الارواح الطاهرة والطيبة ( فاحضر – احضر – احضر ) .
بعد ذلك بدأنا بالاستعداد النفسي والذهني للمباشرة في العمل . وتم اطفاء الانوار في الغرفة الا بصيص من ضوء احمر قاتم يقبع تماما فوق رقعة الحروف وخيم سكون رهيب على الجميع .
وتحلقنا نحن الثلاثة حول الفنجان الموضوع بالمقلوب على الدائرة الصغيرة . بانتظار ان يتحرك الفنجان من تلقاء نفسه . وكل منا يمس الفنجان مسا خفيفا او كاد ان يمسه . وكل منا يراقب الاخر كي ما يغش في العمل . وكنت دائم المراقبة على اخي الكبير كونه يخاف بشدة من هذه الاعمال ويتملكه الرعب الشديد . وحمدت الله اذ وجدته متماسكا وبعد مرور ساعتين تقريبا ونحن نتمتم بعارات مخصوصات مع ادعية مخصوصة لهذا الغرض من العمل .
تحرك الفنجان نحو كلمة (حضر) وتكلمت انا حول مسألة النقود الضائعة لتبرئة ذمة عائلة اختي امام الله يوم الحساب . فتحرك الفنجان نحو حرف ( م ) ووقف الفنجان لثواني قليلة حتى بدأ يتحرك ببطيء شديد من جديد نحو حرف آخر . وهنا كانت المفاجئة رفع اخي الكبير جميع ايادينا الى الاعلى ضنا منه انا نحن نحرك الفنجان بمسه باناملنا . وكم كانت المفاجئة قد عقدت السنة الجميع ونحن غير مصدقين ان الفنجان لازال يتحرك حتى سكن على حرف ( خ ) .
اقسم ان حركة الفنجان لحاله كانت لعدة ثواني قليلة جدا وشاهدناه جميعا يتحرك لوحده دون مس او غير ذلك . وقتها حانت صرخة مدوية كالرعد اطلقها اخي الكبير ثم فقد الوعي وانهمك البيت كله بافاقته بعد حضور جارنا وكان يعمل ( مضمداً صحياً ) وافتضح امرنا ونهرنا والدنا بشدة وقرر معاقبتنا جميعاً ان لم نكف عن هذه الافعال المجنونة .
وبعد ان ذهب والدنا مع المضمد الى مقهى قريبة حكينا لوالدتنا ما حصل لنا وكنا نحن انفسنا غير مصدقين ماحصل معنا . يالله يا للروعة نجحت التجربة الاولى لي كنت فخورا جدا جدا جدا . وقالت والدتي نعم ماذا حصل وهل اخبرتكم الروح عن النقود . فالقيت اللوم على اخي الكبير حيث انه افسد الجلسة . فجلسنا نفكر جميعا ما المقصود بحرفي الـ ( م ) و ( خ ) . ولم نهتدي الى ذلك سبيلا . وشقت والدتنا علينا السكون والتفكر والتدبر وقالت بلغة الواثقة من نفسها عرفت معنى الحرفين انها الحروف الاولى من كلمة ( مخدة ) وضحكنا جميعا لسذاجة وطيب قلب الوالدة . ولكنها لن تعير اذاننا سماعاً وارسلت احدانا الى المقهى لجلب والدي حيث ذهبت معه ثانيةً الى دار اختي الكبيرة . وكم كانت دهشتنا جميعا اذ عثرت والدتي على كامل النقود اربعمائة دينار بالتمام والكمال في احد وسائد النوم .
والامر المحير هل كان ما حصل معنا حقيقة ام انها لعبة مصادفة حرفية . واخذت اعمل تجارب كثيرة بعد هذه الحادثة ولم ينجح عندي أي شيء على مدى سنوات عديدة فقفلت على الموضوع واعتبرته مصادفة غريبة حدثت معنا جميعا ً...
تصديق عقد زواج
بقلم : طارق فتحي
لقد سنحت لي فرصة السفر الى خارج العراق وكنت قد استبشرت خيرا سيما وخطر على بالي رؤية اولادي بعد فراق دام طويلا لم ارهم فيها . ومن متطلبات السفر ومنح الاقامة في بلدان اوربا استخراج الوثائق الرسمية المتسلسلة في ادناه :
1 - عمل صورة قيد للاحوال المدنية مترجمة ومصدقة من الخارجية العراقية .
2 – عمل تصديق وثيقة الزواج من الخارجية العراقية .
3 – عمل عدم محكومية مترجمة ومصدقة من الخارجية العراقية .
4 – عمل اجازة سوق دولية .
5 – عمل وكالة خاصة على هويتي التقاعدية في دائرة التقاعد العامة
ولقد تم نشر (Cool مشاهد مختصرة في عمل صورة قيد نفوس مصدقة من الخارجية
وتم ايضاً نشر انجاز معاملة الوكالة الخاصة على راتبي التقاعدي .
وتم نشر انجاز معاملة استخراج عدم المحكومية
اما الان ساكتب عن محاولة انجاز معاملة وثيقة الزواج وتصديقها من الخارجية العراقية ايضاً .
نهضت صباحا باكرا وسألت اخي مباشرة وهو يرتدي ربطة عنقه على عجل . كيف اصدق وثيقة الزواج خاصتي . فضحك لي ضحكة واحدة لها الالاف من المعاني وقال لي ( هاي شلون راح ادبرها ) . وبما انه كان على عجلة من امره اكتفي بارشادي الى محكمة القضاء الاعلى في بداية شارع ( 52 ) واردف قائلا وهو يهبط درجات سلم شقته هناك اسأل العرضحالجي وهو سوف يقوم بتوجيهك وماذا تفعل .
فاخذت سيارة اجرة حيث العنوان ودلفت على احد المكاتب القابعة امام بناية المحكمة التي لم اراها جيدا وعلى الطرف الاخر من الشارع . وبعد الاستفسار تم توجيهي الى النفوس العامة في بداية شارع الرشيد للحصول على تأييد صحة صدور وثيقة الزواج والتي كان التاريخ المذكور فيها يعود الى اربعون عاما خلت . انطلقت الى شارع الرشيد وبعد السؤال . علمت في الحال , اني غير بعيد عن هدفي . ومررت من امامه ولم انتبه له . وذلك لانشغالي بحزني على شارعي المفضل اذ وجدته خاويا مهجورا . ودخلت بيتا فارها عتيقا يقطر التاريخ منه تقطيرا . كل شيء يعود بك الى مائة عام من الماضي . الارضية بطابوقها الفرشي الاصفر المربع . وطابوق الجدران تفوح منه عبق الماضي السعيد . والسلم ذو الاتجاهين المتعاكسين . شعرت حينها اني من سلالة الملوك او السلاطين .
وكان المكان فسيحاً وهادئاً والغرف فيه كانها صالونات لاجتماع اكابر القوم . طلبت من احدهم امراً فسهل لي امراً . وتسألت باستغراب عن ماهية هذا المكان المريح ولماذا لايوجد فيه زحام كبقية دوائر الجنسية . فرد الموظف علي بهدوء رصين وقال استاذ هذه الدائرة توجد فيها سجلات مركزية من عهد الدولة العثمانية لغاية يومنا هذا ومختصة بامرين هما :
1 – جميع حالات الولادة والوفاة تجدها في هذه السجلات
2 – جميع حالات الزواج والطلاق تجدها ايضا في هذه السجلات
فقلت : لماذا ارسلوني اليكم اذا ..؟
قال : لكي نؤيد لك صحة صدور وثيقة الزواج خاصتك .
قال : استاذ يظهر انك ليس في العراق ومع هذا سوف اساعدك واؤيد صحة ما جاء في استمارتك التي امامي . لتنهي معاملتك بدون عراقيل , فشكرته كثيرا .
وانصرفت منه الى غرفة الطابعة وعملوا لي كتاب موجه الى دائرة نفوس الكرادة لتأييد صحة صدور عقد الزواج وما ان انتهى طبع الكتاب حتى توجهت من فوري الى غرفة المدير . وانا اتمم بعبارات وادعية ولم اكن افهم ما اقول . اهلا استاذ تفضل بالجلوس فالتفت خلفي فلم اجد احدا غيري فتبسمت له بكل الوان الطيف الشمسي واتضح لي اني دخلت على السيد المدير اثناء مناقشاتنا الحادة انا وعقلي ( مدمرني هذا العقل يفكر على طول في الصغيرة والكبيرة من الامور ) في الحقيقة لم اجلس لانه خلال ثواني وقع الكتاب وقال لي اذهب الى الصادرة وشكرته بحرارة منقطعة النظير واحببته اكثر من والدي ولولا الحياء لقبلته من كل مكان .
ومن غرفة الصادرة الى باب الدائرة الى شارع الرشيد الى سيارة الاجرة الى 52 الى نفوس الكرادة !!!!! هااااا !!! وصلنا الى وجع الرأس !!! لا بأس !!! كان الزحام خفيفا ونحن مقبلين على نهاية الدوام وقفزت كل سلمتين برجل واحدة هااا شنو الموضوع !!! ( نعم برجل وحدة شنو عصفور اصعد برجلين اثنين ) وانتهى بي الامر امام اسماء وجهة لوجه مع الحقيقة الصارخة وبكل فخر واعتزاز قدمت لها الكتاب مشفوعا بالاستمارات . وكان المكان هادي وشبه فارغ . واكملت تاييد صحة الصدور وتوجهت من فوري الى محكمة القضاء في بداية شارع (52) وكان الشارع حينها مزدحما واصحاب السيارات فيها قد اتكئوا على ابواب سياراتهم بانتظار حركة المرور . مما حدا بي ان اسير من بداية الشارع وحتى المحكمة زهاء المائة متر او ما يزيد سيرا على الاقدام . وانا رافع بصري للاعلى لعلي اقراء لافتة او عنوان يدلني على مكان الدائرة واخيرا شاهدت العلم العراقي يرفرف حيث لمحت نصفه العلوي فقط بسبب الكتل الكونكريتة التي تحيط بالمكان وبارتفاع خمسة امتار قد حجبت رؤية كل شيء من المباني والابواب وغيرها بالرغم ان البناء يتكون من طابقين .
وبعد مسير مائة مترا اخرى لم اهتدي الى باب الدخول فالاسيجة الكونكريتية متصلة ببعضها وليس هناك فسحة للدخول فقفلت عائدا نحو المكاتب في الطرف المقابل من الشارع مستفسرا عن كيفية الدخول الى المحكمة وعن ماهية الكيفية في سبيل تحقيق ذلك . فاخبروني انه على مسافة 25 متر توجد فسحة صغيرة جدا بين ممرين عملاقيين شامخين من الكتل الكونكريتية . ومن هنا كانت البداية ودخلت في نفق بطول مائة متر تقريبا وانا احث الخطى وبعد متاهات من التعرجات والالتفافات البوهيمية . قذفني هذا الممر الى ممر ثاني عائدا من حيث اتيت وكانت الكتل الكونكريتية العملاقه فيه اقل ارتفاعا وبانت ملامح الدائرة من فوقها . وهكذا سرت ميل آخر وانا اصارع في ممر ضيق لايسع اثنان من البشر رواحا ومجيئا .
واخذت أسال المارة من الناس عن كيفية انجاز معاملتي وماذا افعل فارشدوني الى احد الغرف الكئيبة الخالية من كل شيء سوى منضدة حديدية تتوسط المكان يجلس خلفها شخص ببدلة مبهدلة وربط عنق معقوفة يخيل اليك انها صنعت من البلاستيك الخفيف . وكان لسان حال هذه البدلة يقول ( انجدوني انقذوني ) . وبعد التحية والسلام وياسلام سلم على الاسلام . وبعد حديث طويل وهو يصغي لي بانتباه ولم يحر جوابا . كمن فقد لسانه او اعيته الحيلة . وبعد السرد التفصيلي وعلى نفس واحدة انتهى نفسي حيث انقطع الكلام وعم الصمت المكان . وسلمني ورقة صغيرة فيها اسم مكتب للاستنساخ وقال لي ( حجي روح لهذا المكتب هو يكملك المعاملة)
وخرجت من عنده مسرعا جاد السير لماراثون العودة وبعد تقطع الانفاس وحلول الروح في الجسد مرة ثانية استطعت ان اتلمس بناظري ( مكتب السرور للطباعة والاستنساخ ) في الطرف الآخر من الشارع . فتنفست الصعداء وحمد الله وشكرته كثيرا وتصورت نفسي اني البطل الخارق في انجاز المعاملات الحكومية وهذه خطوة جريئة بعد اكمال عدم المحكومية وانا اجر الخطى مثقلةً بالمعاملات اليومية
السلام عليكم : لا احد يرد المكتب مكتض وكل يغني على ليلاه حتى انهم لم ينتبهوا لدخولي عليهم . فتهالكت على مقعد بلاستيكي في موضع خلف الباب مباشرةً وانا التقط انفاسي بصعوبة . حيث انتبه احدهم ورمقني بنظرة فاحصة شاخصة خاصة ماصةً كل اتعابي ولم يتكلم معي مباشرةً وانتظر زهاء العشر دقائق وكلمني بلهجة لطيفة جدا .. جدا ً ( ها حجي شعندك ) فاردفته قائلاً وانا ناهض على قدمي وكل حماسة كحماس الفرسان المغاوير ( تصديق عقد زواج ) قلتها بصوت جهوري واضح وابتسامة المنتصر ترتسم على شفتي وامسيت واثق الخطوة يمشي ملكاً
( حجي هاك اقراء هذه الورقة فيها خطوات المعاملة ) فسلمني قصاصة ورقية صغيرة تحوي على (6) فقرات جهنميات لاكمال معاملة تصديق عقد زواجي الذي انقضى عليه نحو اربعون عاماً خلت . وذكر في هذه القصاصة ما يلي :
تصديق عقود الزواج وقرارات الحكم لاستخدامها خارج العراق
1 – المصادقة من قبل المحكمة التي تم فيها العقد وكانت محكمتي التي تم فيها عقد قراني رسميا تقع في شارع النهر حينها وهو شارع متاخم لشارع الرشيد من جهة نهر دجلة .
2 – المصادقة من قبل محكمة الاستئناف / قصر العدالة خلف مستشفى الجملة العصبية / قرب سيد حمد الله . ولا اعلم اين يقع قصر العدالة والحمد لله ذكر في القصاصة اسم حمد الله . فحمدت الله كثيرا ..
3 – المصادقة من مجلس القضاء الاعلى / محكمة الساعة في الحارثية
4 – الترجمة من جمعية المترجمين / شارع فلسطين مقابل باب الجامعة المستنصرية الخلفي .. ولا اعلم لماذا الخلفي ..
5 – التصديق من كاتب عدل الصالحية / منطقة العلاوي / مقابل معهد الاتصالات/ مجاور كراج العلاوي . ما شاء الله هذا العنوان زين ..
6 – تصديق الخارجية / وزارة الخارجية – التصديقات / في منطقة العلاوي ايضاً
واحتدم النقاش بيني وبين عقلي (( يعني من شارع 52 الى شارع النهر يكلفني من 8 – 10 الاف دينار عراقي . ومن شارع النهر الى سيد حمد الله كول هم 10 الاف دينار لكن المصيبة من سيد حمد الله للحارثية ما يقبل اقل من 15 الف دينار ومثلها من الحارثية الى الجامعة المستنصرية 15 الف دينار . ومن الجامعة المستنصرية الى علاوي الحلة بلكت افضها بـ 15 الف دينار وربك رحيم روؤف الخارجية بنفس العلاوي اروحلها مشي . هسه نجمع الكروة اشوف تكفي الفلوس اللي عندي لو متكفي . هااا 8 كول 10 +10 +15 +15 + 15 + 10 لفات وشرابت وزايدة ناقصة اصبح المجموع ( 75 ) الف دينار حيييييل هواية . خلي احجي وية ابو المكتب بلكت يسهله ويسويهه من عنده . أي خوش فكرة وهماتين اختصر الوقت. صدك اني وين اكدر اراجع باليوم اكثر من دائرة وحدة .. هله .. هله .. يرادلي اسبوع على الاقل . هههههه وعطل ومناسبات وازدحامات وسيطرات أي خو مو الدائرة تنتظرني بس اني اجي حتى تمشي معاملتي . بابا شنو هذا التفكير اللي ماله داعي ورقله لابو المكتب هسه هوه يسويها ويفضها من عنده . لا ما يصير اني صاحب مبدأ وكضيت عمري كله لم ادفع رشوة لاي شخص . هسه حضرة جنابك وبكل بساطة تكولي ادفع رشوة . هاااا ... والله هي هم خوش فكرة خلي اكوله لابو المكتب . لا عيب اني رجال جبير ومحترم نفسي اخاف اسمع حجي ما يعجبني )).
( ها حجي اشوي تحجي ويه نفسك واتأشر بيدك خير خو ماكو شيء ) فاردفته قائلا على الفور ( لا يا بوي كلشي ماكو ) يعني حكومتنا الرشيدة ما كدرت تجمع هذه الدوائر في موقع معين او رقعة جغرافية محددة . شنو ذنب المواطن يقطع بغداد باتجاهاتها الاربعة في سبيل انجاز معاملة واحدة والله يا ابني هاي ما صايرة بكل بلدان العالم . حتى بموزمبيق ماكو هيجي حجي ..
بالكاد سيطرت على اعصابي وقفلت فمي وضحكت عليهم جميعا وعند الخروج ضحكت على نفسي كثيرا .. ويمكن همه هم ضحكوا عليه من ورايه . وقررت ان لا اعمل تصديق لعقد الزواج . واذا اضطررت لذلك اقول لهم اني ارمل وحسبي الله ونعم الوكيل ..
مواضيع مماثلة
» * عالم الارواح - الدوامة - جدار الصمت - القلعة المحاصرة
» * تجربتي في تحضير الارواح - الزئبق الأحمر وعالم الجن
» * دوائر الحقول - تحضير الارواح بالماء - مقبرة أمبيخة - الاسقاط النجمي - التنبؤ بالمستقبل - الإحتراق التلقائي - العقل الباطن - ستونهنج
» * قصص قصيرة : جنون حمهوري - قصص رعب قصيرة جدا - خروج الروح وعودتها
» * علم الجفر (مقاربة و تدقيق )
» * تجربتي في تحضير الارواح - الزئبق الأحمر وعالم الجن
» * دوائر الحقول - تحضير الارواح بالماء - مقبرة أمبيخة - الاسقاط النجمي - التنبؤ بالمستقبل - الإحتراق التلقائي - العقل الباطن - ستونهنج
» * قصص قصيرة : جنون حمهوري - قصص رعب قصيرة جدا - خروج الروح وعودتها
» * علم الجفر (مقاربة و تدقيق )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى