* الثقوب السوداء مالها وما عليها - 1
صفحة 1 من اصل 1
* الثقوب السوداء مالها وما عليها - 1
الثقوب السوداء
آية كونية تشهد على صدق القرآن
سوف نعيش مع آية من آيات الخالق عز وجل في رحاب هذا الكون الواسع....
لو تأملنا اليوم في اكتشافات العلماء نلاحظ أنهم ومنذ أكثر من ربع قرن تقريباً يتحدثون عن مخلوقات غريبة لا تُرى، أطلقوا عليها اسم الثقوب السوداء، واعتبروها من أعظم الظواهر الكونية! والسؤال: كيف تتشكل هذه الثقوب ولماذا لا ترى، ولماذا هي تجري بسرعة هائلة وتكنس كل ما تصادفه في طريقها؟ وهل يمكن أن نجد حديثاً واضحاً عن هذه المخلوقات في القرآن الكريم؟ لنتدبر هذه الحقائق العلمية الإيمانية ونسبح الله تعالى.
ظاهرة الثقب الأسود
الثقب الأسود Black Holes كما يعرّفه علماء وكالة ناسا هو منطقة من المكان ضُغطت بشكل كبير فتجمعت فيها المادة بكثافة عالية جداً بشكل يمنع أي شيء من مغادرتها، حتى أشعة الضوء لا تستطيع الهروب من هذه المنطقة. ويتشكل الثقب الأسود عندما يبدأ أحد النجوم الكبيرة بالانهيار على نفسه نتيجة نفاد وقوده، ومع أن الثقب الأسود لا يُرى إلا أنه يمارس جاذبية فائقة على الأجسام من حوله. ولكن كيف بدأت قصة هذه المخلوقات المحيّرة؟
منذ عام 1790 اقترح الانكليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون وجود نجوم مخفية في السماء، ثم في عام 1915 توقعت نظرية النسبية العامة لآينشتاين وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثرها على الزمان والمكان، وأخيراً في عام 1967 تحدث الأمريكي جون ولير عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم. في عام 1994 أثبت العلماء بواسطة مرصد هابل وجود جسم غير مرئي في مركز المجرة M87 ويلتف حوله الغاز في دوامة واضحة، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون ضعف وزن الشمس! ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة الأشعة السينية.
إن أي نجم يبلغ وزنه عشرين ضعف وزن شمسنا يمكنه في نهاية حياته أن يتحول إلى ثقب أسود، وذلك بسبب حقل الجاذبية الكبير وبسبب كتلته الكبيرة. ولكن النجم إذا كان صغيراً ونفد وقوده فإن قوة الجاذبية وبسبب كتلته الصغيرة وغير الكافية لضغطه حتى يتحول إلى ثقب أسود، في هذه الحالة يتحول إلى قزم أبيض white dwarf أي نجم ميت.
حتى يتحول النجم إلى ثقب أسود في نهاية حياته يجب أن يتمتع بكتلة كبيرة، فالشمس مثلاً في نهاية حياتها سوف تستهلك وقودها النووي وتنطفئ بهدوء، ولن تتحول إلى ثقب أسود لأن وزنها غير كاف لذلك. وربما نجد في كتاب الله تعالى إشارة لطيفة إلى هذا التحول في قوله تعالى: (إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير: 1]. إذن ليس هنالك أي انهيار للشمس إنما انطفاء بطيء، وهذا ما عبّر عنه القرآن بكلمة (كُوِّرَتْ). ففي القاموس المحيط نجد كلمة (كوَّر) أي أدخل بعضه في بعض، وهذا ما سيحدث للشمس حيث تتداخل مادتها بعضها في بعض حتى تستهلك وقودها وتنطفئ.
يتميز الثقب الأسود بجاذبية فائقة، ولذلك فإن أي غاز قريب منه سينجذب إليه ويدور في دوامه عنيفة مولداً حرارة عالية نتيجة هذا الدوران مثل الإعصار السريع، هذه الحرارة تبث الأشعة السينية باستمرار، وهذه الأشعة يمكن للفلكيين التقاطها بسهولة بواسطة أجهزتهم، ولذلك يعلمون بأن هذه المنطقة تحوي ثقباً أسود.
لماذا لا تُرى؟
إن سرعة الهروب هي السرعة اللازمة للجسم لكي ينفلت من حقل الجاذبية المحيط به، وفي أرضنا نجد أن أي جسم حتى يتمكن من الخروج من نطاق الجاذبية الأرضية يجب أن يُقذف بسرعة أكبر من 11.2 كيلو متراً في الثانية الواحدة. وفي حالة الثقب الأسود تكون سرعة الهروب عالية جداً ولا يمكن لأي جسم تحقيقها، حتى الضوء الذي يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية لا يستطيع الهروب من جاذبية الثقب الأسود لأن سرعته غير كافيه لذلك!! وهذا ما يجعل الثقب الأسود مختفياً لا يُرى.
لكي ندرك عظمة هذه النجوم الخانسة، تخيل أنك رميت حجراً وأنت تقف على الأرض سوف يرتد هذا الحجر عائداً بفعل جاذبية الأرض، ولكن إذا زادت سرعة هذا الحجر حتى تصل إلى 11.2 كيلو متراً في الثانية سوف يخرج خارج الغلاف الجوي ويفلت من جاذبية الأرض. بالنسبة للقمر سرعة الهروب فقط 2.4 كيلو متر في الثانية لأن جاذبيته أقل. الآن تصور أن سرعة الهروب على سطح الثقب الأسود تزيد على سرعة الضوء، أي أكثر من 300 ألف كيلو متراً في الثانية، وبالتالي حتى الضوء لا يستطيع المغادرة، ولذلك فإن الثقب الأسود مظلم لا يُرى أبداً.
ولكي نتخيل عظمة هذه المخلوقات فإن أحد العلماء أجرى قياساً لوزن الثقب الأسود فوجد أن ملعقة من الشاي لو قمنا بأخذ حفنة قليلة من هذا الثقب الأسود بحجم ملعقة الشاي سيكون وزنها أكثر من أربع مئة ألف مليون طن ، كذلك وجد العلماء ثقوباً سوداء كتلتها أكبر بعشرة آلاف مرة من كتلة الشمس، وقد تصل كتلة الثقب الأسود إلى أكثر من ألف مليون كتلة الشمس!
القرآن يتحدث عن الثقوب السوداء بوضوح
يخبرنا علماء الغرب اليوم حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في إحدى الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء (حسب المرجع رقم Cool ما نصه:
It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner. As it moves, it sucks in all matter in its way — not even light can escape.
وهذا يعني:
إنها - أي الثقوب السوداء – تخلق قوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها.
وفي هذه الجملة نجد أن الكاتب اختصر حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:
1- هذه الأجسام لا تُرى: invisible
2- جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة: vacuum cleaner
3- تسير وتتحرك باستمرار: moves
وربما نعجب إذا علمنا أن هذا النص المنشور في عام 2006 قد جاء بشكل أكثر بلاغة ووضوحاً في كتاب منذ القرن السابع الميلادي!!! فقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط!! يقول تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16]. ونحن في هذا النص أمام ثلاث حقائق عن مخلوقات أقسم الله بها وهي:
1- الْخُنَّسِ : أي التي تختفي ولا تُرى أبداً، وقد سمِّي الشيطان بالخناس لأنه لا يُرى من قبل بني آدم. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة invisible أي غير مرئي.
2- الْجَوَارِ: أي التي تجري وتتحرك بسرعات كبيرة. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة move أي تتحرك.
3- الْكُنَّسِ: أي التي تكنس وتبتلع كل ما تصادفه في طريقها. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة vacuum cleaner أي مكنسة.
ماذا يعني ذلك؟
منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد على وجه الأرض يتصور أن في السماء نجوماً تجري وتكنسُ وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، ولم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، ولكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة، وبالتالي نستنتج أن القرآن يسبق العلماء في الحديث عن الحقائق الكونية، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق في كونه، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى وليس كتاب بشر، يقول تعالى عن كتابه المجيد: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].
بقلم عبد الدائم الكحيل
ما هو الثقب الأسود؟
الثقب الأسود عبارة عن جسم كثيف جدا (بكلمات أخرى, لديه كتلة كافية لحجم كاف), و قوته الجاذبة قوية بشكل كاف لمنع حتى الضوء أو أي شيء آخر من الهرب منه.
و أول مرة تم فيها اقتراح وجود الثقوب السوداء كان في القرن الثامن عشر, و كان ذلك بناءا على قوانين الجاذبية المعروفة آنذاك. فكلما كان الجسم أكثر كثافة, أو أصغر في الحجم, فإن قوته الجاذبة التي نشعر بها على سطحه ستكون أكبر. لقد قام كل من جون ميتشيل و بيير سيمون لابلاس و بشكل مستقل باقتراح أن الأجسام التي تكون كثيفة جدا أو صغيرة جدا, ليس من الممكن عندها أن يهرب أي شيء من جاذبيتها. حتى الضوء يمكن أن يحتجز هنا إلى الأبد.
إن تسمية الثقب الأسود Black Hole, تعود إلى العالم العظيم جون ويلر John Archibald Wheeler في العام 1967. لقد علقت هذه التسمية في الذاكرة و أصبحت تطلق أيضا على أي نموذج غريب من الأجسام التي لا قاع لها. لقد اكتشف كل من الفيزيائيين و الرياضيين أن الزمن و المكان يمتلكان العديد من الخواص غير الاعتيادية بالقرب من الثقب الأسود. و بسبب هذا الأمر, أصبحت الثقوب السوداء من المواضيع المفضلة لدى كتاب الخيال العلمي. و على أية حال, إن الثقوب السوداء ليست أمر خياليا. فالثقوب السوداء تتشكل عندما تموت النجوم الضخمة بشكل طبيعي. لا يمكننا رؤية الثقوب السوداء أبدا, و لكن يمكننا اكتشافها و تقصيها من خلال المادة التي تسقط فيها و تلك التي يتم جذبها من قبل الثقوب السوداء. و بهذه الطريقة, قام الفلكيين بقياس و تحديد كتلة العديد من الثقوب السوداء في الكون من خلال المراقبات الدقيقة للسماء. و اليوم نحن نعرف أن كوننا و بالمعنى الحرفي للكلمة مليء بالمليارات من الثقوب السوداء.
و توضح الصورة المرافقة تصوير فني لثقب أسود يقوم بسحب الغاز من النجوم القريبة منه.
ثقب أسود يغفو وسط فوضى نجمية
منذ عقد مضى تقريبا, التقط تلسكوب تشاندرا التابع لناسا إشارات لما يبدو أنه ثقب أسود يتغذى على غاز في وسط مجرة النحات المجاورة. الآن, قامت المصفوفة التلسكوبية الطيفية النووية (NuSTAR) التابعة لناسا, التي ترصد ضوء أشعة إكس عالية الطاقة, باختلاس النظر، ووجدت ثقبا أسود نائما.
يقول بريت ليمر من جامعة جونز هوبكنز, بالتيمور ومركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا, غرينبلد, ماريلاند: "تؤكد نتائجنا أن الثقب الأسود ساكن منذ عشرة سنين". ويتابع: "تخبرنا المراقبات الدورية من قبل كل من تشاندرا ونوستار وبشكل لا لبس فيه ما إذا كان الثقب الأسود سيستيقظ من جديد. إذا حدث ذلك في السنوات القليلة القادمة, نتمنى أن نشاهد ذلك". "ليمر" هو المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي تفصل الاكتشافات في مجلة الفيزياء الفلكية.
إن هذا الثقب الأسود الناعس يمتلك كتلة أكبر بنحو 5 ملايين مرة من كتلة شمسنا. ويقع في مجرة النحات, المعروفة أيضا بـ NGC 253, والمعروفة بأنها مجرة تشتعل نجميا بشكل نشط معطية الكثير من عمليات الولادة لنجوم جديدة. على بعد يبلغ قرابة 13 مليون سنة ضوئية, تعد هذه المجرة أحد أقرب المشاعل النجمية إلى مجرتنا, درب التبانة.
بالمجمل مجرة درب التبانة أكثر هدوءا من مجرة النحات. فهي تصنع عددا من النجوم الجديدة أقل بكثير, وثقبها الأسود العملاق, الذي له كتلة أكبر من كتلة الشمس بنحو 4 ملايين مرة, في غفوة أيضا.
تقول المؤلفة المساعدة آن هورنتشماير من مركز غودارد: "تتغذى الثقوب السوداء على القرص المتعاظم من المواد المحيطة بها. عندما تستهلك هذا الوقود, تذهب لتغفو". وتتابع: "NGC 253 بشكل ما غير اعتيادية؛ لأن الثقب الأسود العملاق يغفو في وسط نشاط هائل لتشكل النجوم في كل مكان حوله".
تعلم الاكتشافات الفلكيين كيفية نمو المجرة مع الزمن. تقريبا يُظن أن كل المجرات ميناء لثقب أسود فائق الكتلة في قلبها. وفي أكثرها كتلة, يُعتقد أن الثقوب السوداء تنمو عند نفس المعدل الذي تتشكل فيه النجوم الجديدة, حتى يقوم إشعاع ناسف من الثقوب السوداء في النهاية بإنهاء عمليات تشكل النجوم. في حالة مجرة النحات, لا يعرف الفلكيون تماما ما إذا كانت عمليات تشكل النجوم تخمد أما أنها في تصاعد.
يقول دانيال شتيرن, مؤلف مساعد وعالم في مشروع نوستار من مختبر الدفع النفاث في اسادينا, كاليفورنيا: "نمو الثقب الأسود وعمليات تشكل النجوم في الغالب تمضي جنبا إلى جنب في المجرات البعيدة". ويتابع: " ما يجري هنا يثير الاستغراب قليلا, لكن لدينا تلسكوبين قويين وعاملين ومتكاملين بأشعة إكس في هذه الحالة".
في البداية التقط تلسكوب تشاندرا إشارات لما ظهر أنه ثقب أسود فائق الكتلة يتغذى في قلب مجرة النحات في العام 2003. فمع توجه المواد حلزونيا إلى داخل الثقب الأسود, تسخن إلى عشرات الملايين من الدرجات وتتوهج بأشعة إكس التي يمكن لتلسكوبات مثل تشاندرا ونوستار رصدها.
لاحقا, في الشهر التاسع والحادي عشر من العام 2012, رصد تشاندرا ونوستار المنطقة نفسها بشكل متزامن. سمحت مراقبات نوستار – الأولى على الإطلاق من نوعها والتي ركزت على كشف أشعة إكس عالية الطاقة من المنطقة- للباحثين أن يقولوا وبشكل قاطع إن الثقب الأسود لا يتضخم. أقلع نوستار إلى الفضاء في الشهر السادس من العام 2012.
بكلمات أخرى, يبدو أن الثقب الأسود وقع في مرحلة سبات. هناك احتمالية أخرى، وهي أن الثقب الأسود لم يكن فعليا مستيقظا في السنوات العشر الأخيرة, وقام تشاندرا بمراقبة مصادر مختلفة لأشعة اكس. ربما تحل المراقبات المستقبلية من كلا التلسكوبين هذه الأحجية.
يقول لو كالوزينسكي، وهو عالم في مشروع نوستار في مقر ناسا بواشنطن: " إن المراقبات المتسقة والمدمجة القادمة من قبل تلسكوبي تشاندرا ونوستار تعد أداة قوية جدا للإجابة على سؤال كهذا". ويتابع: "الآن, يمكننا جمع كل جوانب القصة".
كشفت المراقبات أيضا عن جسم متوهج صغير, تمكن الباحثون من تحديده على أنه "مصدر أشعة إكس فائق اللمعان", أو ULX. إن الـ ULXs عبارة عن ثقوب سوداء تتغذى على المادة الموجودة في النجم الشريك لها. إنها تقوم بالإشعاع بشكل لامع أكثر من الثقوب السوداء النموذجية نجمية الكتلة والناتجة عن وفاة النجوم, ولكنها أكثر خفوتا وعشوائية في التوزيع من الثقوب السوداء فائقة الكتلة الموجودة في مراكز المجرات العملاقة. لا يزال الفلكيون يعملون على فهم حجم, أصل وفيزياء الــ ULXs.
يقول هورنتشماير: " إن الثقوب السوداء نجمية الكتلة تتحرك بصعوبة بالقرب من مركز تلك المجرة". ويتابع: " إنها تميل لأن تكون أكثر عددا بكثير في المناطق التي يكون فيها نشاط تشكل النجوم أعلى".
إذا ما استيقظ هذا العملاق الناعس في مجرة النحات في السنوات العدة القادمة في وسط كل تلك الضجة, فإن كلا من تشاندرا ونوستار سوف يراقبان الوضع. ويخطط الفريق لإجراء تحقيق دوري لهذا النظام.
ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود
دراسة تقودها ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود
دراسة جديدة للفلكيين في ناسا, جامعة جون هوبكنز ومعهد روشستر للتكنولوجيا أكدت الشكوك التي امتدت لفترة طويلة عن كيفية إنتاج ثقب أسود نجمي الكتلة لأضوائه الأشد طاقة.
يقول الباحث الرئيسي جيريمي شنايتمان, فيزيائي فلكي من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في غرينبلد, ماريلاند: "يتعقب عملنا الحركة المعقدة, تفاعلات الجسيمات والحقول المغناطيسية المضطربة للغاز الموجود عند درجة حرارة تبلغ المليار درجة عند عتبة الثقب الأسود, والتي تعتبر من أكثر البيئات الفيزيائية تطرفا في الكون".
وجد الفلكيون من خلال التحليل الذي جرى في محاكاة على حاسب فائق لجريان الغاز إلى داخل ثقب أسود؛ أنه يمكن إنتاج مجال مهم من مميزات الأشعة إكس، التي طالما رُصدت في الثقوب السوداء الفعالة.
إن الغاز الذي يسقط نحو ثقب أسود في البداية يدور حول الثقب الأسود، وبعد ذلك يتراكم في قرصه المسطح.
إن الغاز المخزن في القرص يتجه بشكل حلزوني وتدريجي نحو الداخل ويضغط بشكل شديد وتزداد درجة حرارته مع اقترابه من المركز. في النهاية تصل درجات الحرارة إلى نحو 20 مليون فهرنهايت (12 مليون درجة سيلزيوس) -أي أسخن بنحو 2000 مرة من درجة حرارة سطح الشمس- يتوهج الغاز بشكل لامع عند الطاقات المنخفضة, أو الناعمة لأشعة إكس.
على أية حال, ولأكثر من أربعين عاما، أظهرت المراقبات أن الثقوب السوداء تنتج أيضا كميات معتبرة من أشعة إكس "القاسية", وهو ضوء بطاقة تفوق طاقة أشعة إكس الناعمة بين عشرات إلى مئات الأضعاف. يؤكد هذا الضوء الأعلى طاقة وجود غاز حار جدا مسؤول عن ذلك, بدرجات حرارة تصل إلى مليارات الدرجات.
تردم الدراسة الجديدة الفجوة الحاصلة بين المراقبات والنظرية, مبينة بذلك أن كل من أشعة إكس الناعمة والقاسية تنبع من الغاز الذي يتحرك حلزونيا نحو الداخل من الثقب الأسود.
قام شنايتمان, وبالعمل مع جوليان كروليك -وهو بروفسور في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور- وعالم الأبحاث سكوت نوبلي -من معهد روشستر للتكنولوجيا في روشستر، نيويورك- بتطوير عملية محاكاة للمنطقة الداخلية من القرص المتعاظم للثقب الأسود, تتبع إصدار وحركة أشعة إكس ومقارنة النتائج مع المراقبات التي جرت على ثقوب سوداء حقيقية.
طور نوبلي محاكاة حاسوبية تقوم بحل كل المعادلات التي تغطي الحركة المعقدة لجريان الغاز نحو الداخل والحقول المغناطيسية المرافقة له بالقرب من الثقب الأسود المتعاظم. إن درجة الحرارة والكثافة والسرعة للغاز الساقط تقوم وبشكل دراماتيكي بتضخيم خطوط الحقول المغناطيسية في القرص, والتي تطبق لاحقا تأثيرا إضافيا على الغاز.
كانت النتيجة عبارة عن رغوة مضطربة تدور حول الثقب الأسود عند سرعات تصل إلى سرعة الضوء. تعقبت الحسابات وبشكل متزامن الخواص الكهربائية والمغناطيسية، وخواص الميوعة للغاز، وفي نفس الوقت أخذت بعين الاعتبار نظرية أينشتاين في النسبية.
استخدمت محاكاة نوبلي 960 من بين 63000 وحدة معالجة مركزية موجودة في الحاسب الفائق رانجر الموجود في مركز تكساس للحسابات المتقدمة في جامعة تكساس في أوستن, وتطلبت المحاكاة وقتا وصل إلى 27 يوم لتكتمل.
قدمت المراقبات المحسنة بأشعة إكس وعلى مدار السنين أدلة كثيرة على أن منبع أشعة إكس القاسية هو الكورونا الحارة والرقيقة الموجودة فوق القرص, وهي عبارة عن هيكل مشابه للكورونا الحارة المحيطة بالشمس.
يشرح نوبلي: "توقع الفلكيون أن يقوم القرص بدعم الحقول المغناطيسية القوية، وتمنوا أن تتجه تلك الحقول للخارج من القرص وتؤدي إلى نشوء الكورونا". ويتابع: "لكن لم يعرف أحد وبشكل مؤكد ما إذا كان ذلك يحدث بالفعل, ولو كان يحدث, هل ستصل أشعة إكس المُنتجة إلى المستوى الذي نرصده".
وبالاعتماد على البيانات الناتجة عن محاكاة نوبلي, طور شنايتمان وكروليك أدوات لتعقب كيفية إصدار أشعة اكس, وامتصاصها وتشتتها في كل من القرص المتعاظم ومنطقة الكورونا. أثبتوا وللمرة الأولى الاتصال المباشر بين الاضطراب المغناطيسي في القرص, تشكل الكورونا بحرارة تصل للمليارات وإنتاج أشعة إكس القاسية حول ثقب أسود نشط "التغذية".
نُشرت ورقة تلخص الاكتشافات في مجلة الفيزياء الفلكية في 1-6-2013.
في الكورونا, تتحرك الإلكترونات والجسيمات الأخرى بنسب معتبرة من سرعة الضوء. وعندما ترحل أشعة إكس منخفضة الطاقة من القرص إلى هذه المنطقة يمكن لها أن تصطدم بإحدى هذه الجسيمات المتحركة بسرعة. يزيد التصادم وبشكل كبير طاقة الأشعة إكس من خلال عملية تُعرف باسم تشتت كومبتون العكسي.
يقول كروليك: "الثقوب السوداء غريبة حقا, بدرجات حرارتها غير المعقولة, وحركاتها السريعة بشكل لا يصدق والجاذبية التي تظهر كامل غرابة النسبية العامة", ويتابع: "لكن حساباتنا أظهرت أنه يمكننا فهم الكثير حول ذلك بالاعتماد على المبادئ الفيزيائية الأساسية".
اعتمدت الدراسة على الثقب الأسود غير الدائر. يقوم الباحثون بتوسيع النتائج لتشمل الثقوب السوداء الدوارة, حيث يسحب الدوران الحافة الداخلية للقرص إلى الداخل أكثر وحتى الظروف تصبح أشد تطرفا. يخططون أيضا لمقارنة تفصيلية بين نتائجهم وبين مراقبات أشعة إكس المؤرشفة لدى ناسا والمعاهد الأخرى.
الثقوب السوداء هي أكثر الأجسام كثافة التي تمت معرفتها. تتشكل الثقوب السوداء نجمية الكتلة عندما يستهلك نجم فائق الكتلة وقوده وينهار ثقاليا, حيث يُسحق حينها إلى جسم مضغوط وله كتلة تعادل 20 ضعف كتلة الشمس بعرض يبلغ أقل من 75 ميل (120 كيلومتر).
ناسا بالعربي, حــول الصورة: توضح لنا الصورة ثقب أسود عملاق في مركز مجرة بعيدة يقوم بهضم بقايا نجم.
- فيديو, "دراسة تقودها ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود", (https://www.facebook.com/photo.php?v=395528877219732&set=vb.451326134928606&type=3&theater).
- فيديو, "مفعول كومبتون العكسي في منطقة الكورونا لثقب أسود", (https://www.facebook.com/photo.php?v=395540813885205&set=vb.451326134928606&type=3&theater).
المصـــدر: ناسا
آية كونية تشهد على صدق القرآن
سوف نعيش مع آية من آيات الخالق عز وجل في رحاب هذا الكون الواسع....
لو تأملنا اليوم في اكتشافات العلماء نلاحظ أنهم ومنذ أكثر من ربع قرن تقريباً يتحدثون عن مخلوقات غريبة لا تُرى، أطلقوا عليها اسم الثقوب السوداء، واعتبروها من أعظم الظواهر الكونية! والسؤال: كيف تتشكل هذه الثقوب ولماذا لا ترى، ولماذا هي تجري بسرعة هائلة وتكنس كل ما تصادفه في طريقها؟ وهل يمكن أن نجد حديثاً واضحاً عن هذه المخلوقات في القرآن الكريم؟ لنتدبر هذه الحقائق العلمية الإيمانية ونسبح الله تعالى.
ظاهرة الثقب الأسود
الثقب الأسود Black Holes كما يعرّفه علماء وكالة ناسا هو منطقة من المكان ضُغطت بشكل كبير فتجمعت فيها المادة بكثافة عالية جداً بشكل يمنع أي شيء من مغادرتها، حتى أشعة الضوء لا تستطيع الهروب من هذه المنطقة. ويتشكل الثقب الأسود عندما يبدأ أحد النجوم الكبيرة بالانهيار على نفسه نتيجة نفاد وقوده، ومع أن الثقب الأسود لا يُرى إلا أنه يمارس جاذبية فائقة على الأجسام من حوله. ولكن كيف بدأت قصة هذه المخلوقات المحيّرة؟
منذ عام 1790 اقترح الانكليزي جون ميشيل والفرنسي بيير سايمون وجود نجوم مخفية في السماء، ثم في عام 1915 توقعت نظرية النسبية العامة لآينشتاين وجود هذه الأجسام في الفضاء وأثرها على الزمان والمكان، وأخيراً في عام 1967 تحدث الأمريكي جون ولير عن الثقوب السوداء كنتيجة لانهيار النجوم. في عام 1994 أثبت العلماء بواسطة مرصد هابل وجود جسم غير مرئي في مركز المجرة M87 ويلتف حوله الغاز في دوامة واضحة، وقد قدروا وزن هذا الجسم بثلاثة آلاف مليون ضعف وزن الشمس! ثم توالت الأدلة على وجود هذه الأجسام بواسطة الأشعة السينية.
إن أي نجم يبلغ وزنه عشرين ضعف وزن شمسنا يمكنه في نهاية حياته أن يتحول إلى ثقب أسود، وذلك بسبب حقل الجاذبية الكبير وبسبب كتلته الكبيرة. ولكن النجم إذا كان صغيراً ونفد وقوده فإن قوة الجاذبية وبسبب كتلته الصغيرة وغير الكافية لضغطه حتى يتحول إلى ثقب أسود، في هذه الحالة يتحول إلى قزم أبيض white dwarf أي نجم ميت.
حتى يتحول النجم إلى ثقب أسود في نهاية حياته يجب أن يتمتع بكتلة كبيرة، فالشمس مثلاً في نهاية حياتها سوف تستهلك وقودها النووي وتنطفئ بهدوء، ولن تتحول إلى ثقب أسود لأن وزنها غير كاف لذلك. وربما نجد في كتاب الله تعالى إشارة لطيفة إلى هذا التحول في قوله تعالى: (إذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ) [التكوير: 1]. إذن ليس هنالك أي انهيار للشمس إنما انطفاء بطيء، وهذا ما عبّر عنه القرآن بكلمة (كُوِّرَتْ). ففي القاموس المحيط نجد كلمة (كوَّر) أي أدخل بعضه في بعض، وهذا ما سيحدث للشمس حيث تتداخل مادتها بعضها في بعض حتى تستهلك وقودها وتنطفئ.
يتميز الثقب الأسود بجاذبية فائقة، ولذلك فإن أي غاز قريب منه سينجذب إليه ويدور في دوامه عنيفة مولداً حرارة عالية نتيجة هذا الدوران مثل الإعصار السريع، هذه الحرارة تبث الأشعة السينية باستمرار، وهذه الأشعة يمكن للفلكيين التقاطها بسهولة بواسطة أجهزتهم، ولذلك يعلمون بأن هذه المنطقة تحوي ثقباً أسود.
لماذا لا تُرى؟
إن سرعة الهروب هي السرعة اللازمة للجسم لكي ينفلت من حقل الجاذبية المحيط به، وفي أرضنا نجد أن أي جسم حتى يتمكن من الخروج من نطاق الجاذبية الأرضية يجب أن يُقذف بسرعة أكبر من 11.2 كيلو متراً في الثانية الواحدة. وفي حالة الثقب الأسود تكون سرعة الهروب عالية جداً ولا يمكن لأي جسم تحقيقها، حتى الضوء الذي يتحرك بسرعة 300 ألف كيلو متر في الثانية لا يستطيع الهروب من جاذبية الثقب الأسود لأن سرعته غير كافيه لذلك!! وهذا ما يجعل الثقب الأسود مختفياً لا يُرى.
لكي ندرك عظمة هذه النجوم الخانسة، تخيل أنك رميت حجراً وأنت تقف على الأرض سوف يرتد هذا الحجر عائداً بفعل جاذبية الأرض، ولكن إذا زادت سرعة هذا الحجر حتى تصل إلى 11.2 كيلو متراً في الثانية سوف يخرج خارج الغلاف الجوي ويفلت من جاذبية الأرض. بالنسبة للقمر سرعة الهروب فقط 2.4 كيلو متر في الثانية لأن جاذبيته أقل. الآن تصور أن سرعة الهروب على سطح الثقب الأسود تزيد على سرعة الضوء، أي أكثر من 300 ألف كيلو متراً في الثانية، وبالتالي حتى الضوء لا يستطيع المغادرة، ولذلك فإن الثقب الأسود مظلم لا يُرى أبداً.
ولكي نتخيل عظمة هذه المخلوقات فإن أحد العلماء أجرى قياساً لوزن الثقب الأسود فوجد أن ملعقة من الشاي لو قمنا بأخذ حفنة قليلة من هذا الثقب الأسود بحجم ملعقة الشاي سيكون وزنها أكثر من أربع مئة ألف مليون طن ، كذلك وجد العلماء ثقوباً سوداء كتلتها أكبر بعشرة آلاف مرة من كتلة الشمس، وقد تصل كتلة الثقب الأسود إلى أكثر من ألف مليون كتلة الشمس!
القرآن يتحدث عن الثقوب السوداء بوضوح
يخبرنا علماء الغرب اليوم حقيقة علمية وهي أن الثقوب السوداء تسير وتجري وتكنس كل ما تصادفه في طريقها، وقد جاء في إحدى الدراسات حديثاً عن الثقوب السوداء (حسب المرجع رقم Cool ما نصه:
It creates an immense gravitational pull not unlike an invisible cosmic vacuum cleaner. As it moves, it sucks in all matter in its way — not even light can escape.
وهذا يعني:
إنها - أي الثقوب السوداء – تخلق قوة جاذبية هائلة تعمل مثل مكنسة كونية لا تُرى، عندما تتحرك تبتلع كل ما تصادفه في طريقها، حتى الضوء لا يستطيع الهروب منها.
وفي هذه الجملة نجد أن الكاتب اختصر حقيقة هذه الثقوب في ثلاثة أشياء:
1- هذه الأجسام لا تُرى: invisible
2- جاذبيتها فائقة تعمل مثل المكنسة: vacuum cleaner
3- تسير وتتحرك باستمرار: moves
وربما نعجب إذا علمنا أن هذا النص المنشور في عام 2006 قد جاء بشكل أكثر بلاغة ووضوحاً في كتاب منذ القرن السابع الميلادي!!! فقد اختصر القرآن كل ما قاله العلماء عن الثقوب السوداء بثلاث كلمات فقط!! يقول تعالى: (فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ * الْجَوَارِ الْكُنَّسِ) [التكوير: 15-16]. ونحن في هذا النص أمام ثلاث حقائق عن مخلوقات أقسم الله بها وهي:
1- الْخُنَّسِ : أي التي تختفي ولا تُرى أبداً، وقد سمِّي الشيطان بالخناس لأنه لا يُرى من قبل بني آدم. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة invisible أي غير مرئي.
2- الْجَوَارِ: أي التي تجري وتتحرك بسرعات كبيرة. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة move أي تتحرك.
3- الْكُنَّسِ: أي التي تكنس وتبتلع كل ما تصادفه في طريقها. وهذا ما يعبر عنه العلماء بكلمة vacuum cleaner أي مكنسة.
ماذا يعني ذلك؟
منذ القرن السابع الميلادي لم يكن أحد على وجه الأرض يتصور أن في السماء نجوماً تجري وتكنسُ وتجذب إليها كل ما تصادفه في طريقها، ولم يكن أحد يتوقع وجود هذه النجوم مع العلم أنها لا تُرى أبداً، ولكن القرآن العظيم كتاب رب العالمين حدثنا عن هذه المخلوقات بدقة علمية مذهلة، وبالتالي نستنتج أن القرآن يسبق العلماء في الحديث عن الحقائق الكونية، وأن هذه المخلوقات ما هي إلا آية تشهد على قدرة الخالق في كونه، وهذا يدل على أن القرآن كتاب الله تعالى وليس كتاب بشر، يقول تعالى عن كتابه المجيد: (وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا) [النساء: 82].
بقلم عبد الدائم الكحيل
ما هو الثقب الأسود؟
الثقب الأسود عبارة عن جسم كثيف جدا (بكلمات أخرى, لديه كتلة كافية لحجم كاف), و قوته الجاذبة قوية بشكل كاف لمنع حتى الضوء أو أي شيء آخر من الهرب منه.
و أول مرة تم فيها اقتراح وجود الثقوب السوداء كان في القرن الثامن عشر, و كان ذلك بناءا على قوانين الجاذبية المعروفة آنذاك. فكلما كان الجسم أكثر كثافة, أو أصغر في الحجم, فإن قوته الجاذبة التي نشعر بها على سطحه ستكون أكبر. لقد قام كل من جون ميتشيل و بيير سيمون لابلاس و بشكل مستقل باقتراح أن الأجسام التي تكون كثيفة جدا أو صغيرة جدا, ليس من الممكن عندها أن يهرب أي شيء من جاذبيتها. حتى الضوء يمكن أن يحتجز هنا إلى الأبد.
إن تسمية الثقب الأسود Black Hole, تعود إلى العالم العظيم جون ويلر John Archibald Wheeler في العام 1967. لقد علقت هذه التسمية في الذاكرة و أصبحت تطلق أيضا على أي نموذج غريب من الأجسام التي لا قاع لها. لقد اكتشف كل من الفيزيائيين و الرياضيين أن الزمن و المكان يمتلكان العديد من الخواص غير الاعتيادية بالقرب من الثقب الأسود. و بسبب هذا الأمر, أصبحت الثقوب السوداء من المواضيع المفضلة لدى كتاب الخيال العلمي. و على أية حال, إن الثقوب السوداء ليست أمر خياليا. فالثقوب السوداء تتشكل عندما تموت النجوم الضخمة بشكل طبيعي. لا يمكننا رؤية الثقوب السوداء أبدا, و لكن يمكننا اكتشافها و تقصيها من خلال المادة التي تسقط فيها و تلك التي يتم جذبها من قبل الثقوب السوداء. و بهذه الطريقة, قام الفلكيين بقياس و تحديد كتلة العديد من الثقوب السوداء في الكون من خلال المراقبات الدقيقة للسماء. و اليوم نحن نعرف أن كوننا و بالمعنى الحرفي للكلمة مليء بالمليارات من الثقوب السوداء.
و توضح الصورة المرافقة تصوير فني لثقب أسود يقوم بسحب الغاز من النجوم القريبة منه.
ثقب أسود يغفو وسط فوضى نجمية
منذ عقد مضى تقريبا, التقط تلسكوب تشاندرا التابع لناسا إشارات لما يبدو أنه ثقب أسود يتغذى على غاز في وسط مجرة النحات المجاورة. الآن, قامت المصفوفة التلسكوبية الطيفية النووية (NuSTAR) التابعة لناسا, التي ترصد ضوء أشعة إكس عالية الطاقة, باختلاس النظر، ووجدت ثقبا أسود نائما.
يقول بريت ليمر من جامعة جونز هوبكنز, بالتيمور ومركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا, غرينبلد, ماريلاند: "تؤكد نتائجنا أن الثقب الأسود ساكن منذ عشرة سنين". ويتابع: "تخبرنا المراقبات الدورية من قبل كل من تشاندرا ونوستار وبشكل لا لبس فيه ما إذا كان الثقب الأسود سيستيقظ من جديد. إذا حدث ذلك في السنوات القليلة القادمة, نتمنى أن نشاهد ذلك". "ليمر" هو المؤلف الرئيسي للدراسة الجديدة التي تفصل الاكتشافات في مجلة الفيزياء الفلكية.
إن هذا الثقب الأسود الناعس يمتلك كتلة أكبر بنحو 5 ملايين مرة من كتلة شمسنا. ويقع في مجرة النحات, المعروفة أيضا بـ NGC 253, والمعروفة بأنها مجرة تشتعل نجميا بشكل نشط معطية الكثير من عمليات الولادة لنجوم جديدة. على بعد يبلغ قرابة 13 مليون سنة ضوئية, تعد هذه المجرة أحد أقرب المشاعل النجمية إلى مجرتنا, درب التبانة.
بالمجمل مجرة درب التبانة أكثر هدوءا من مجرة النحات. فهي تصنع عددا من النجوم الجديدة أقل بكثير, وثقبها الأسود العملاق, الذي له كتلة أكبر من كتلة الشمس بنحو 4 ملايين مرة, في غفوة أيضا.
تقول المؤلفة المساعدة آن هورنتشماير من مركز غودارد: "تتغذى الثقوب السوداء على القرص المتعاظم من المواد المحيطة بها. عندما تستهلك هذا الوقود, تذهب لتغفو". وتتابع: "NGC 253 بشكل ما غير اعتيادية؛ لأن الثقب الأسود العملاق يغفو في وسط نشاط هائل لتشكل النجوم في كل مكان حوله".
تعلم الاكتشافات الفلكيين كيفية نمو المجرة مع الزمن. تقريبا يُظن أن كل المجرات ميناء لثقب أسود فائق الكتلة في قلبها. وفي أكثرها كتلة, يُعتقد أن الثقوب السوداء تنمو عند نفس المعدل الذي تتشكل فيه النجوم الجديدة, حتى يقوم إشعاع ناسف من الثقوب السوداء في النهاية بإنهاء عمليات تشكل النجوم. في حالة مجرة النحات, لا يعرف الفلكيون تماما ما إذا كانت عمليات تشكل النجوم تخمد أما أنها في تصاعد.
يقول دانيال شتيرن, مؤلف مساعد وعالم في مشروع نوستار من مختبر الدفع النفاث في اسادينا, كاليفورنيا: "نمو الثقب الأسود وعمليات تشكل النجوم في الغالب تمضي جنبا إلى جنب في المجرات البعيدة". ويتابع: " ما يجري هنا يثير الاستغراب قليلا, لكن لدينا تلسكوبين قويين وعاملين ومتكاملين بأشعة إكس في هذه الحالة".
في البداية التقط تلسكوب تشاندرا إشارات لما ظهر أنه ثقب أسود فائق الكتلة يتغذى في قلب مجرة النحات في العام 2003. فمع توجه المواد حلزونيا إلى داخل الثقب الأسود, تسخن إلى عشرات الملايين من الدرجات وتتوهج بأشعة إكس التي يمكن لتلسكوبات مثل تشاندرا ونوستار رصدها.
لاحقا, في الشهر التاسع والحادي عشر من العام 2012, رصد تشاندرا ونوستار المنطقة نفسها بشكل متزامن. سمحت مراقبات نوستار – الأولى على الإطلاق من نوعها والتي ركزت على كشف أشعة إكس عالية الطاقة من المنطقة- للباحثين أن يقولوا وبشكل قاطع إن الثقب الأسود لا يتضخم. أقلع نوستار إلى الفضاء في الشهر السادس من العام 2012.
بكلمات أخرى, يبدو أن الثقب الأسود وقع في مرحلة سبات. هناك احتمالية أخرى، وهي أن الثقب الأسود لم يكن فعليا مستيقظا في السنوات العشر الأخيرة, وقام تشاندرا بمراقبة مصادر مختلفة لأشعة اكس. ربما تحل المراقبات المستقبلية من كلا التلسكوبين هذه الأحجية.
يقول لو كالوزينسكي، وهو عالم في مشروع نوستار في مقر ناسا بواشنطن: " إن المراقبات المتسقة والمدمجة القادمة من قبل تلسكوبي تشاندرا ونوستار تعد أداة قوية جدا للإجابة على سؤال كهذا". ويتابع: "الآن, يمكننا جمع كل جوانب القصة".
كشفت المراقبات أيضا عن جسم متوهج صغير, تمكن الباحثون من تحديده على أنه "مصدر أشعة إكس فائق اللمعان", أو ULX. إن الـ ULXs عبارة عن ثقوب سوداء تتغذى على المادة الموجودة في النجم الشريك لها. إنها تقوم بالإشعاع بشكل لامع أكثر من الثقوب السوداء النموذجية نجمية الكتلة والناتجة عن وفاة النجوم, ولكنها أكثر خفوتا وعشوائية في التوزيع من الثقوب السوداء فائقة الكتلة الموجودة في مراكز المجرات العملاقة. لا يزال الفلكيون يعملون على فهم حجم, أصل وفيزياء الــ ULXs.
يقول هورنتشماير: " إن الثقوب السوداء نجمية الكتلة تتحرك بصعوبة بالقرب من مركز تلك المجرة". ويتابع: " إنها تميل لأن تكون أكثر عددا بكثير في المناطق التي يكون فيها نشاط تشكل النجوم أعلى".
إذا ما استيقظ هذا العملاق الناعس في مجرة النحات في السنوات العدة القادمة في وسط كل تلك الضجة, فإن كلا من تشاندرا ونوستار سوف يراقبان الوضع. ويخطط الفريق لإجراء تحقيق دوري لهذا النظام.
ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود
دراسة تقودها ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود
دراسة جديدة للفلكيين في ناسا, جامعة جون هوبكنز ومعهد روشستر للتكنولوجيا أكدت الشكوك التي امتدت لفترة طويلة عن كيفية إنتاج ثقب أسود نجمي الكتلة لأضوائه الأشد طاقة.
يقول الباحث الرئيسي جيريمي شنايتمان, فيزيائي فلكي من مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في غرينبلد, ماريلاند: "يتعقب عملنا الحركة المعقدة, تفاعلات الجسيمات والحقول المغناطيسية المضطربة للغاز الموجود عند درجة حرارة تبلغ المليار درجة عند عتبة الثقب الأسود, والتي تعتبر من أكثر البيئات الفيزيائية تطرفا في الكون".
وجد الفلكيون من خلال التحليل الذي جرى في محاكاة على حاسب فائق لجريان الغاز إلى داخل ثقب أسود؛ أنه يمكن إنتاج مجال مهم من مميزات الأشعة إكس، التي طالما رُصدت في الثقوب السوداء الفعالة.
إن الغاز الذي يسقط نحو ثقب أسود في البداية يدور حول الثقب الأسود، وبعد ذلك يتراكم في قرصه المسطح.
إن الغاز المخزن في القرص يتجه بشكل حلزوني وتدريجي نحو الداخل ويضغط بشكل شديد وتزداد درجة حرارته مع اقترابه من المركز. في النهاية تصل درجات الحرارة إلى نحو 20 مليون فهرنهايت (12 مليون درجة سيلزيوس) -أي أسخن بنحو 2000 مرة من درجة حرارة سطح الشمس- يتوهج الغاز بشكل لامع عند الطاقات المنخفضة, أو الناعمة لأشعة إكس.
على أية حال, ولأكثر من أربعين عاما، أظهرت المراقبات أن الثقوب السوداء تنتج أيضا كميات معتبرة من أشعة إكس "القاسية", وهو ضوء بطاقة تفوق طاقة أشعة إكس الناعمة بين عشرات إلى مئات الأضعاف. يؤكد هذا الضوء الأعلى طاقة وجود غاز حار جدا مسؤول عن ذلك, بدرجات حرارة تصل إلى مليارات الدرجات.
تردم الدراسة الجديدة الفجوة الحاصلة بين المراقبات والنظرية, مبينة بذلك أن كل من أشعة إكس الناعمة والقاسية تنبع من الغاز الذي يتحرك حلزونيا نحو الداخل من الثقب الأسود.
قام شنايتمان, وبالعمل مع جوليان كروليك -وهو بروفسور في جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور- وعالم الأبحاث سكوت نوبلي -من معهد روشستر للتكنولوجيا في روشستر، نيويورك- بتطوير عملية محاكاة للمنطقة الداخلية من القرص المتعاظم للثقب الأسود, تتبع إصدار وحركة أشعة إكس ومقارنة النتائج مع المراقبات التي جرت على ثقوب سوداء حقيقية.
طور نوبلي محاكاة حاسوبية تقوم بحل كل المعادلات التي تغطي الحركة المعقدة لجريان الغاز نحو الداخل والحقول المغناطيسية المرافقة له بالقرب من الثقب الأسود المتعاظم. إن درجة الحرارة والكثافة والسرعة للغاز الساقط تقوم وبشكل دراماتيكي بتضخيم خطوط الحقول المغناطيسية في القرص, والتي تطبق لاحقا تأثيرا إضافيا على الغاز.
كانت النتيجة عبارة عن رغوة مضطربة تدور حول الثقب الأسود عند سرعات تصل إلى سرعة الضوء. تعقبت الحسابات وبشكل متزامن الخواص الكهربائية والمغناطيسية، وخواص الميوعة للغاز، وفي نفس الوقت أخذت بعين الاعتبار نظرية أينشتاين في النسبية.
استخدمت محاكاة نوبلي 960 من بين 63000 وحدة معالجة مركزية موجودة في الحاسب الفائق رانجر الموجود في مركز تكساس للحسابات المتقدمة في جامعة تكساس في أوستن, وتطلبت المحاكاة وقتا وصل إلى 27 يوم لتكتمل.
قدمت المراقبات المحسنة بأشعة إكس وعلى مدار السنين أدلة كثيرة على أن منبع أشعة إكس القاسية هو الكورونا الحارة والرقيقة الموجودة فوق القرص, وهي عبارة عن هيكل مشابه للكورونا الحارة المحيطة بالشمس.
يشرح نوبلي: "توقع الفلكيون أن يقوم القرص بدعم الحقول المغناطيسية القوية، وتمنوا أن تتجه تلك الحقول للخارج من القرص وتؤدي إلى نشوء الكورونا". ويتابع: "لكن لم يعرف أحد وبشكل مؤكد ما إذا كان ذلك يحدث بالفعل, ولو كان يحدث, هل ستصل أشعة إكس المُنتجة إلى المستوى الذي نرصده".
وبالاعتماد على البيانات الناتجة عن محاكاة نوبلي, طور شنايتمان وكروليك أدوات لتعقب كيفية إصدار أشعة اكس, وامتصاصها وتشتتها في كل من القرص المتعاظم ومنطقة الكورونا. أثبتوا وللمرة الأولى الاتصال المباشر بين الاضطراب المغناطيسي في القرص, تشكل الكورونا بحرارة تصل للمليارات وإنتاج أشعة إكس القاسية حول ثقب أسود نشط "التغذية".
نُشرت ورقة تلخص الاكتشافات في مجلة الفيزياء الفلكية في 1-6-2013.
في الكورونا, تتحرك الإلكترونات والجسيمات الأخرى بنسب معتبرة من سرعة الضوء. وعندما ترحل أشعة إكس منخفضة الطاقة من القرص إلى هذه المنطقة يمكن لها أن تصطدم بإحدى هذه الجسيمات المتحركة بسرعة. يزيد التصادم وبشكل كبير طاقة الأشعة إكس من خلال عملية تُعرف باسم تشتت كومبتون العكسي.
يقول كروليك: "الثقوب السوداء غريبة حقا, بدرجات حرارتها غير المعقولة, وحركاتها السريعة بشكل لا يصدق والجاذبية التي تظهر كامل غرابة النسبية العامة", ويتابع: "لكن حساباتنا أظهرت أنه يمكننا فهم الكثير حول ذلك بالاعتماد على المبادئ الفيزيائية الأساسية".
اعتمدت الدراسة على الثقب الأسود غير الدائر. يقوم الباحثون بتوسيع النتائج لتشمل الثقوب السوداء الدوارة, حيث يسحب الدوران الحافة الداخلية للقرص إلى الداخل أكثر وحتى الظروف تصبح أشد تطرفا. يخططون أيضا لمقارنة تفصيلية بين نتائجهم وبين مراقبات أشعة إكس المؤرشفة لدى ناسا والمعاهد الأخرى.
الثقوب السوداء هي أكثر الأجسام كثافة التي تمت معرفتها. تتشكل الثقوب السوداء نجمية الكتلة عندما يستهلك نجم فائق الكتلة وقوده وينهار ثقاليا, حيث يُسحق حينها إلى جسم مضغوط وله كتلة تعادل 20 ضعف كتلة الشمس بعرض يبلغ أقل من 75 ميل (120 كيلومتر).
ناسا بالعربي, حــول الصورة: توضح لنا الصورة ثقب أسود عملاق في مركز مجرة بعيدة يقوم بهضم بقايا نجم.
- فيديو, "دراسة تقودها ناسا تشرح عقودا من مراقبات ثقب أسود", (https://www.facebook.com/photo.php?v=395528877219732&set=vb.451326134928606&type=3&theater).
- فيديو, "مفعول كومبتون العكسي في منطقة الكورونا لثقب أسود", (https://www.facebook.com/photo.php?v=395540813885205&set=vb.451326134928606&type=3&theater).
المصـــدر: ناسا
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى