محمد باقر الصدر
صفحة 1 من اصل 1
محمد باقر الصدر
العراق عبر العصور
تأليف : طارق فتحي
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر بن السيد حيدر الصدر, هو مرجع ديني شيعي ومفكر وفيلسوف إسلامي ومؤسس حزب الدعوة الإسلامية بالعراق, ولد بمدينة الكاظمية يوم 25 ذو القعدة عام 1353هـ وقد نشأ يتيماً منذ صغره فتكفل به أخوه الأكبر آية الله السيد إسماعيل الصدر الذي اهتم بتعليمه وتدريسه أيضاً, وقد ظهرت علامات النبوغ والذكاء عليه منذ صغره.
اسمه وكنيته ونسبه السيّد أبو جعفر، محمّد باقر ابن السيّد حيدر ابن السيّد إسماعيل الصدر، وينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) .
ولادته
ولد في الخامس والعشرين من ذي القعدة 1353ﻫ بمدينة الكاظمية المقدّسة.
دراسته
تعلّم القراءة والكتابة، وتلقّى جانباً من الدراسة في مدرسة منتدى النشر الابتدائية بمدينة الكاظمية المقدّسة، وهو صغير السنّ، وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلّاب لشدّة ذكائه ونبوغه المبكّر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية من دون أُستاذ، فبدأ بدراسة كتاب المنطق، وهو في سنّ الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية.
وفي بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأُصول عند أخيه السيّد إسماعيل الصدر، وكان يعترض على صاحب المعالم، فقال له أخوه: إنّ هذه الاعتراضات هي نفسها التي اعترض بها صاحب كفاية الأُصول على صاحب المعالم، وفي عام 1365ﻫ سافر السيّد الشهيد إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية.
وبالرغم من أنّ مدّة دراسة السيّد الصدر منذ الصبا وحتّى إكمالها لم تتجاوز (17 أو 18) عاماً، إلّا أنّها من حيث نوعية الدراسة تعدُّ فترة طويلة جدّاً، لأنّ السيّد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكّراً وإلى حين ساعة منامه ليلاً يتابع البحث والتفكير، حتّى عند قيامه وجلوسه ومشيه.
من أساتذته
1. آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وهو خال السيد الصدر وقد حضر عنده مرحلة البحث الخارج في صغره.
2. آية الله الشيخ ملا صدرا البادكوبي وقد درس عنده الجزء الثاني من الكفاية والأسفار الأربعة.
3. آية الله الشيخ عباس الرميثي.
4. آية الله السيد أبو القاسم الخوئي وقد درس عنده مرحلة البحث الخارج وقد كان السيد أبو القاسم الخوئي أول من أجاز السيد محمد باقر الصدر وقد كان السيد يرجع طلابه إلى السيد الصدر عند عدم فهمهم لبعض عناصر الدرس.
5. آية الله الشيخ محمد تقي الجواهري وقد درس عنده الجزء الأول من الكفاية وجزءً من اللمعة.
6. آية الله السيد إسماعيل الصدر.
كانت بعض الكتب الدراسية يناقشها ويتباحث فيها مع أساتذته فقط أو أنه يعرض عليهم الدرس. قال السيد الصدر عن نفسه" إني لم أقلد أحداً منذ بلوغي سن الرشد". وقد كان السيد الصدر في تلك الفترة قد كتب تعليقة على الرسالة العملية لخاله الشيخ محمد رضا آل ياسين المسماة بـ"بلغة الراغبين". من شواهد تواضع السيد الصدر أن آية الله السيد كاظم الحائري قال: "حدثني ذات يوم: أنه حينما كتب كتاب فلسفتنا أراد طبعه باسم جماعة العلماء في النجف الأشرف بعد عرضه عليهم متنازلاً عن حقه في وضع اسمه الشريف على هذا الكتاب. إلا أن الذي منعه عن ذلك أن جماعة العلماء أرادوا وضع بعض التعديلات في هذا الكتاب وكانت تلك التعديلات غير صحيحة في رأي أستاذنا الصدر ولم يكن يقبل بإجرائها فيه فاضطر أن يطبعه باسمه" وقد كان للسيد الصدر منهجاً خاصاً في تحصيل العلم إذ أنه كان يقرأ ويكتب ويفكر لمدة ستة عشر ساعةً في اليوم وأغلب الظن أن أكثر شيء يشتغل به هو التفكير.
تدريسه
كان للسيد الصدر مجلسان للتدريس:
1. بحث الأصول, وكان يلقيه في مسجد الجواهري بعد أذان المغرب بساعة في الأيام الدراسية في الأسبوع.
2. بحث الفقه, وكان يلقيه في جامع الطوسي في الساعة العاشرة صباح كل يوم من الأيام الدراسية.
بدأ في إلقاء دروسه في البحث ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الأُولى في علم الأُصول في الثاني عشر من جمادى الثانية 1378ﻫ، وأنهاها في الثاني عشر من ربيع الأوّل 1391ﻫ، وبدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى عام 1381ﻫ.
من تلامذته
السيّد محمّد باقر الحكيم، السيّد عبد الصاحب الحكيم، السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي، السيّد كاظم الحسيني الحائري، السيّد محمّد الصدر، السيّد علي رضا الحائري، السيّد عبد الكريم القزويني، الشيخ عبد الهادي الفضلي، السيّد علي أكبر الحائري، السيّد عزّ الدين القبانجي، السيّد محمّد باقر المهري، السيّد عبد العزيز الحكيم، الشيخ عيسى أحمد قاسم، السيّد علي الأشكوري، السيّد صدر الدين القبانجي، الشيخ فاضل المالكي، السيّد كمال الحيدري، ابن أخيه، السيّد حسين الصدر.
من صفاته وأخلاقه
1ـ حبّه وعاطفته: إنّ من سِمات شخصيته تلك العاطفة الحارّة، والأحاسيس الصادقة، والشعور الأبوي تجاه كلّ أبناء الأُمّة، فتراهُ يلتقيك بوجه طَليق، تعلوه ابتسامة تُشعرك بحبٍّ كبير، وحنان عظيم، حتّى يحسب الزائر أنّ السيّد لا يحبّ غيره، وإن تحدّث معه أصغى إليه باهتمامٍ كبير ورعاية كاملة، وكان سماحته يقول: «إذا كنّا لا نسع الناس بأموالنا، فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا »؟
2ـ زهده: لم يكن الصدر زاهداً في حطام الدنيا، لأنّه كان لا يملك شيئاً منها، أو لأنّه فقد أسباب الرفاهية في حياته، فصار الزهد خياره القهري، بل زهد في الدنيا وهي مقبلة عليه، وزهد في الرفاه وهو في قبضة يمينه، وكأنّه يقول: يا دنيا غُرّي غيري، فقد كان زاهداً في ملبسه ومأكله.
3ـ عبادته: من الجوانب الرائعة في حياة السيّد هو الجانب العبادي، ولا يُستغرب إذا قلنا: إنّه كان يهتم في هذا الجانب بالكيف دون الكم، فكان يقتصر على الواجبات والمهم من المستحبّات، وكانت السِمَة التي تميّز تلك العبادات هي الانقطاع الكامل لله تعالى، والإخلاص والخشوع التامّين، فقد كان لا يصلّي ولا يدعو ولا يمارس أمثال هذه العبادات إلّا إذا حصل له توجّه وانقطاع كاملين.
4ـ صبره وتسامحه: كان السيّد الصدر أُسوة في الصبر، والتحمّل، والعفو عند المقدرة، فقد كان يتلقّى ما يوجّه إليه بصبر تنوء منه الجبال، وكان يصفح عمّن أساء إليه بروح محمّدية.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الإمام الخميني في برقية تعزيته: «هذا المجاهد الذي كان من مفاخر الحوزات العلمية، ومن مراجع الدين ومفكّري المسلمين».
2ـ قال السيّد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة: «هو مؤسّس مدرسة فكرية إسلامية أصيلة تماماً، اتّسمت بالشمول من حيث المشكلات التي عنيت بها ميادين البحث، فكتبه فلسفتنا والأُسس المنطقية للاستقراء والمرسل والرسول والرسالة عالجت البُنى الفكرية العليا للإسلام، في حين أن اقتصادنا والبنك اللاربوي في الإسلام والإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية عنيت بطرح التصوّر الإسلامي لمشاكل الإنسان المعاصر... مجموعة محاضراته حول التفسير الموضوعي للقرآن الكريم التي طرح فيها منهجاً جديداً في التفسير اتَّسم بعبقريّته وأصالته».
3ـ قال السيّد كاظم الحسيني الحائري في مباحث الأُصول: «هو العلم العلّامة، مفخرة عصره، وأعجوبة دهره، نابغة الزمان، ومعجزة القرن، حامي بيضة الدين، وماحي آثار المفسدين، فقيه أُصولي، فيلسوف إسلامي، كان مرجعاً من مراجع المسلمين في النجف الأشرف، فجّر الثورة الإسلامية في العراق، وقادها حتّى استشهد».
من مؤلّفاته
1. غاية الفكر في علم الأصول، وهو عشرة أجزاء طبع منه الجزء الخامس فقط وفقدت الأجزاء الأخرى.
2. فدك في التاريخ، وهو كتيب كتب فيه بعض الملاحظات عن تاريخ فدك في سن الحادية عشر, ومع ذلك فإنه يعد مرجعاً بين الكتب الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع.
3. فلسفتنا، وهو كتاب يناقش المذاهب الفلسفية وخاصةً الفلسفة الماركسية التي كانت تنتشر بحدة في أوساط العراقيين.
4. اقتصادنا، وهو كتاب يتحدث فيه عن الاقتصاد الإسلامي ويناقش فيه النظريات الاقتصادية مثل الرأسمالية وغيرها.
5. البنك اللاربوي في الإسلام.
6. المدرسة الإسلامية.
7. المعالم الجديدة للأصول.
8. الأسس المنطقية للاستقراء.
9. بحوث في شرح العروة الوثقى(أربعة أجزاء).
10. موجز أحكام الحج.
11. الفتاوى الواضحة.
12. دروس في علم الأصول(جزءان)، وهو كتاب يدرس كمنهج في علم الأصول في مرحلة السطوح.
13. بحث حول الولاية.
14. بحث حول المهدي، وهو مقدمة لموسوعة السيد محمد محمد صادق الصدر عن الإمام المهدي (عج).
15. تعليقة على رسالة بلغة الراغبين.
16. تعليقة على منهاج الصالحين.
17. الإسلام يقود الحياة، وهو عبارة عن بعض المواضيع الإسلامية.
18. المدرسة القرآنية، وهو عبارة عن محاضرات عن التفسير الموضوعي.
19. أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف، وهو عبارة عن محاضرات جمعها بعض طلابه وطبعوها ككتاب.
للسيد الصدر كتب أخرى صادرتها السلطة, منها كتاب لم يحدد له عنواناً ولكن موضوعه هو أصول الدين. و كتاب آخر عن تحليلي الذهن البشري. وقد كان السيد الصدر في نيته تأليف كتاب بعنوان مجتمعنا.وللسيدمقالات في بعض المجلات الفكرية التي كانت تنشر في صيدا .
وله مقالة عن رجال الفكر في القرن السابع وممن ذكرهم الشيخ الزاهد عبد القادر الكيلاني ويقول عنه انه رجل مصلح وكان محبوب ومحترم من قبل العامة والخاصة ومن الطائفتين ومن اشاد بكتابه الفتح الرباني ويعتبره مؤلفه الحقيقي ومؤكدا ان الغنية كان قد تعرض للتحريف من قبل الاجيال القادمة واكد انه من المعيب تجير شخصية إسلامية اصلاحية كعبد القادر لطائفة بعينها ويؤكد ان عبد القادر سيد حسني وانه سمع ذلك من مصطفى جواد نفسه
ومن الجدير بالذكر ان للامام الخميني موقف مشابه من الكيلاني وتلميذه ابن عربي وللشهيد مرتضى مطهري في كتابه ايران والإسلام اشادة بالكيلاني وتاكيد على نسبه الحسني وهذا يدلل على عظمة الامام الصدر وانفتاحه الفكري على الإسلام عامة بكل مجاريه الفكرية وهذة المقالة ذكرها الدكتور يقظان سعدون العامر في احدى محاظراته العامة وهذة امانة علميه وشهادة تاريخية خاصة بامام الامة الشهيد السعيد الصدر.
استشهاده
بعد أن أمضى عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، تمّ اعتقاله في التاسع عشر من جمادى الأُولى 1400ﻫ، وبعد ثلاثة أيّام من اعتقاله استشهد السيّد الصدربنحوٍ فجيع، مع أخته العلوية بنت الهدى.
وفي مساء يوم 23 جمادى الأُولى 1400ﻫ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً، قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف، وفي ظلام الليل الدامس تسلّلت مجموعة من قوّات الأمن إلى دار السيّد محمّد الصدر، وطلبوا منه الحضور معهم إلى بناية محافظة مدينة النجف الأشرف، فكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن مدينة النجف الأشرف، فقال له: هذه جنازة الصدر وأخته قد تمّ إعدامهما، وطلب منه أن يذهب معهم لدفنهما، فأمر مدير الأمن الجلاوزة بفتح التابوت، فشاهد السيّد الصدرمضرّجاً بدمائه، وآثار التعذيب على كلّ مكان من وجهه، وكذلك كانت الشهيدة بنت الهدى، وتمّ دفنهما بمقبرة وادي السلام في مدينة النجف الأشرف.
وبعد انتشار خبر استشهاده عن طريق الإذاعات العالمية أصدر الإمام الخميني حينذاك بياناً تاريخياً ابنّ فيه السيّد الصدر وأُخته المظلومة، وأعلن فيه الحداد العام لكلّ إيران.
أخواله
1. آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين.
2. الشيخ راضي آل ياسين.
3. آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين.
الهجرة إلى النجف الأشرف
في عام 1365 هـ هاجر أخوه السيد إسماعيل الصدر إلى مدينة النجف الأشرف التي تعد أكثر المدن العلمية التي تحتضن مراجع الشيعة الإمامية, فاستأجروا داراً متواضعاً فيها. وقد كان أكبر همه هو استيعاب المناهج الدراسية والعلمية, وفي تلك الفترة ألف كتاباً يضم اعتراضاته على الكتب المنطقية بعنوان (رسالة في المنطق).
في أوائل السنة الثانية عشرة من عمره درس كتاب "معالم الأصول" على يد أخيه السيد إسماعيل الصدر فكان لفرط ذكائه يعترض على صاحب المعالم باعتراضات وردت في كتاب كفاية الأصول للخراساني. و من هذه الاعتراضات أنه ورد في بحث الضد في كتاب معالم الأصول الاستدلال على حرمة الضد بأن ترك أحدهما مقدمة للآخر. فاعترض عليه الصدر بقوله "إذاً يلزم الدور" فقال له السيد إسماعيل الصدر "هذا ما اعترض به صاحب الكفاية على صاحب المعالم".
مصرعه
في مساء يوم 5 إبريل 1980 تم إعدامه مع أخته بنت الهدى بالرصاص بأمر من الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفي اليوم التاسع من نفس الشهر بحدود الساعة التاسعة ليلاً قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الاشرف وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الامن إلى بيت محمد صادق الصدر وطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف وكان بانتظاره مدير أمن النجف فقال له : هذه جنازة الصدر واخته وقد تم اعدامهما وطلب منه أن يذهب معهم للدفن وبعد أن طلب محمد صادق الصدر أن يرى جثتيهما شاهد محمد باقر الصدر مضرجاً بدمه وآثار التعذيب على كل مكان من وجهه وكذلك اخته بنت الهدى .
تأليف : طارق فتحي
السيد محمد باقر الصدر
السيد محمد باقر بن السيد حيدر الصدر, هو مرجع ديني شيعي ومفكر وفيلسوف إسلامي ومؤسس حزب الدعوة الإسلامية بالعراق, ولد بمدينة الكاظمية يوم 25 ذو القعدة عام 1353هـ وقد نشأ يتيماً منذ صغره فتكفل به أخوه الأكبر آية الله السيد إسماعيل الصدر الذي اهتم بتعليمه وتدريسه أيضاً, وقد ظهرت علامات النبوغ والذكاء عليه منذ صغره.
اسمه وكنيته ونسبه السيّد أبو جعفر، محمّد باقر ابن السيّد حيدر ابن السيّد إسماعيل الصدر، وينتهي نسبه إلى إبراهيم الأصغر ابن الإمام موسى الكاظم(عليه السلام) .
ولادته
ولد في الخامس والعشرين من ذي القعدة 1353ﻫ بمدينة الكاظمية المقدّسة.
دراسته
تعلّم القراءة والكتابة، وتلقّى جانباً من الدراسة في مدرسة منتدى النشر الابتدائية بمدينة الكاظمية المقدّسة، وهو صغير السنّ، وكان موضع إعجاب الأساتذة والطلّاب لشدّة ذكائه ونبوغه المبكّر، ولهذا درس أكثر كتب السطوح العالية من دون أُستاذ، فبدأ بدراسة كتاب المنطق، وهو في سنّ الحادية عشرة من عمره، وفي نفس الفترة كتب رسالة في المنطق، وكانت له بعض الإشكالات على الكتب المنطقية.
وفي بداية الثانية عشرة من عمره بدأ بدراسة كتاب معالم الأُصول عند أخيه السيّد إسماعيل الصدر، وكان يعترض على صاحب المعالم، فقال له أخوه: إنّ هذه الاعتراضات هي نفسها التي اعترض بها صاحب كفاية الأُصول على صاحب المعالم، وفي عام 1365ﻫ سافر السيّد الشهيد إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية.
وبالرغم من أنّ مدّة دراسة السيّد الصدر منذ الصبا وحتّى إكمالها لم تتجاوز (17 أو 18) عاماً، إلّا أنّها من حيث نوعية الدراسة تعدُّ فترة طويلة جدّاً، لأنّ السيّد كان خلال فترة اشتغاله بالدراسة منصرفاً بكلّه لتحصيل العلم، فكان منذ استيقاظه من النوم مبكّراً وإلى حين ساعة منامه ليلاً يتابع البحث والتفكير، حتّى عند قيامه وجلوسه ومشيه.
من أساتذته
1. آية الله الشيخ محمد رضا آل ياسين وهو خال السيد الصدر وقد حضر عنده مرحلة البحث الخارج في صغره.
2. آية الله الشيخ ملا صدرا البادكوبي وقد درس عنده الجزء الثاني من الكفاية والأسفار الأربعة.
3. آية الله الشيخ عباس الرميثي.
4. آية الله السيد أبو القاسم الخوئي وقد درس عنده مرحلة البحث الخارج وقد كان السيد أبو القاسم الخوئي أول من أجاز السيد محمد باقر الصدر وقد كان السيد يرجع طلابه إلى السيد الصدر عند عدم فهمهم لبعض عناصر الدرس.
5. آية الله الشيخ محمد تقي الجواهري وقد درس عنده الجزء الأول من الكفاية وجزءً من اللمعة.
6. آية الله السيد إسماعيل الصدر.
كانت بعض الكتب الدراسية يناقشها ويتباحث فيها مع أساتذته فقط أو أنه يعرض عليهم الدرس. قال السيد الصدر عن نفسه" إني لم أقلد أحداً منذ بلوغي سن الرشد". وقد كان السيد الصدر في تلك الفترة قد كتب تعليقة على الرسالة العملية لخاله الشيخ محمد رضا آل ياسين المسماة بـ"بلغة الراغبين". من شواهد تواضع السيد الصدر أن آية الله السيد كاظم الحائري قال: "حدثني ذات يوم: أنه حينما كتب كتاب فلسفتنا أراد طبعه باسم جماعة العلماء في النجف الأشرف بعد عرضه عليهم متنازلاً عن حقه في وضع اسمه الشريف على هذا الكتاب. إلا أن الذي منعه عن ذلك أن جماعة العلماء أرادوا وضع بعض التعديلات في هذا الكتاب وكانت تلك التعديلات غير صحيحة في رأي أستاذنا الصدر ولم يكن يقبل بإجرائها فيه فاضطر أن يطبعه باسمه" وقد كان للسيد الصدر منهجاً خاصاً في تحصيل العلم إذ أنه كان يقرأ ويكتب ويفكر لمدة ستة عشر ساعةً في اليوم وأغلب الظن أن أكثر شيء يشتغل به هو التفكير.
تدريسه
كان للسيد الصدر مجلسان للتدريس:
1. بحث الأصول, وكان يلقيه في مسجد الجواهري بعد أذان المغرب بساعة في الأيام الدراسية في الأسبوع.
2. بحث الفقه, وكان يلقيه في جامع الطوسي في الساعة العاشرة صباح كل يوم من الأيام الدراسية.
بدأ في إلقاء دروسه في البحث ولم يتجاوز عمره خمس وعشرون عاماً، فقد بدأ بتدريس الدورة الأُولى في علم الأُصول في الثاني عشر من جمادى الثانية 1378ﻫ، وأنهاها في الثاني عشر من ربيع الأوّل 1391ﻫ، وبدأ بتدريس البحث الخارج في الفقه على نهج العروة الوثقى عام 1381ﻫ.
من تلامذته
السيّد محمّد باقر الحكيم، السيّد عبد الصاحب الحكيم، السيّد محمود الهاشمي الشاهرودي، السيّد كاظم الحسيني الحائري، السيّد محمّد الصدر، السيّد علي رضا الحائري، السيّد عبد الكريم القزويني، الشيخ عبد الهادي الفضلي، السيّد علي أكبر الحائري، السيّد عزّ الدين القبانجي، السيّد محمّد باقر المهري، السيّد عبد العزيز الحكيم، الشيخ عيسى أحمد قاسم، السيّد علي الأشكوري، السيّد صدر الدين القبانجي، الشيخ فاضل المالكي، السيّد كمال الحيدري، ابن أخيه، السيّد حسين الصدر.
من صفاته وأخلاقه
1ـ حبّه وعاطفته: إنّ من سِمات شخصيته تلك العاطفة الحارّة، والأحاسيس الصادقة، والشعور الأبوي تجاه كلّ أبناء الأُمّة، فتراهُ يلتقيك بوجه طَليق، تعلوه ابتسامة تُشعرك بحبٍّ كبير، وحنان عظيم، حتّى يحسب الزائر أنّ السيّد لا يحبّ غيره، وإن تحدّث معه أصغى إليه باهتمامٍ كبير ورعاية كاملة، وكان سماحته يقول: «إذا كنّا لا نسع الناس بأموالنا، فلماذا لا نسعهم بأخلاقنا وقلوبنا وعواطفنا »؟
2ـ زهده: لم يكن الصدر زاهداً في حطام الدنيا، لأنّه كان لا يملك شيئاً منها، أو لأنّه فقد أسباب الرفاهية في حياته، فصار الزهد خياره القهري، بل زهد في الدنيا وهي مقبلة عليه، وزهد في الرفاه وهو في قبضة يمينه، وكأنّه يقول: يا دنيا غُرّي غيري، فقد كان زاهداً في ملبسه ومأكله.
3ـ عبادته: من الجوانب الرائعة في حياة السيّد هو الجانب العبادي، ولا يُستغرب إذا قلنا: إنّه كان يهتم في هذا الجانب بالكيف دون الكم، فكان يقتصر على الواجبات والمهم من المستحبّات، وكانت السِمَة التي تميّز تلك العبادات هي الانقطاع الكامل لله تعالى، والإخلاص والخشوع التامّين، فقد كان لا يصلّي ولا يدعو ولا يمارس أمثال هذه العبادات إلّا إذا حصل له توجّه وانقطاع كاملين.
4ـ صبره وتسامحه: كان السيّد الصدر أُسوة في الصبر، والتحمّل، والعفو عند المقدرة، فقد كان يتلقّى ما يوجّه إليه بصبر تنوء منه الجبال، وكان يصفح عمّن أساء إليه بروح محمّدية.
من أقوال العلماء فيه
1ـ قال الإمام الخميني في برقية تعزيته: «هذا المجاهد الذي كان من مفاخر الحوزات العلمية، ومن مراجع الدين ومفكّري المسلمين».
2ـ قال السيّد حسن الأمين في مستدركات أعيان الشيعة: «هو مؤسّس مدرسة فكرية إسلامية أصيلة تماماً، اتّسمت بالشمول من حيث المشكلات التي عنيت بها ميادين البحث، فكتبه فلسفتنا والأُسس المنطقية للاستقراء والمرسل والرسول والرسالة عالجت البُنى الفكرية العليا للإسلام، في حين أن اقتصادنا والبنك اللاربوي في الإسلام والإنسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية عنيت بطرح التصوّر الإسلامي لمشاكل الإنسان المعاصر... مجموعة محاضراته حول التفسير الموضوعي للقرآن الكريم التي طرح فيها منهجاً جديداً في التفسير اتَّسم بعبقريّته وأصالته».
3ـ قال السيّد كاظم الحسيني الحائري في مباحث الأُصول: «هو العلم العلّامة، مفخرة عصره، وأعجوبة دهره، نابغة الزمان، ومعجزة القرن، حامي بيضة الدين، وماحي آثار المفسدين، فقيه أُصولي، فيلسوف إسلامي، كان مرجعاً من مراجع المسلمين في النجف الأشرف، فجّر الثورة الإسلامية في العراق، وقادها حتّى استشهد».
من مؤلّفاته
1. غاية الفكر في علم الأصول، وهو عشرة أجزاء طبع منه الجزء الخامس فقط وفقدت الأجزاء الأخرى.
2. فدك في التاريخ، وهو كتيب كتب فيه بعض الملاحظات عن تاريخ فدك في سن الحادية عشر, ومع ذلك فإنه يعد مرجعاً بين الكتب الأخرى التي تتحدث عن نفس الموضوع.
3. فلسفتنا، وهو كتاب يناقش المذاهب الفلسفية وخاصةً الفلسفة الماركسية التي كانت تنتشر بحدة في أوساط العراقيين.
4. اقتصادنا، وهو كتاب يتحدث فيه عن الاقتصاد الإسلامي ويناقش فيه النظريات الاقتصادية مثل الرأسمالية وغيرها.
5. البنك اللاربوي في الإسلام.
6. المدرسة الإسلامية.
7. المعالم الجديدة للأصول.
8. الأسس المنطقية للاستقراء.
9. بحوث في شرح العروة الوثقى(أربعة أجزاء).
10. موجز أحكام الحج.
11. الفتاوى الواضحة.
12. دروس في علم الأصول(جزءان)، وهو كتاب يدرس كمنهج في علم الأصول في مرحلة السطوح.
13. بحث حول الولاية.
14. بحث حول المهدي، وهو مقدمة لموسوعة السيد محمد محمد صادق الصدر عن الإمام المهدي (عج).
15. تعليقة على رسالة بلغة الراغبين.
16. تعليقة على منهاج الصالحين.
17. الإسلام يقود الحياة، وهو عبارة عن بعض المواضيع الإسلامية.
18. المدرسة القرآنية، وهو عبارة عن محاضرات عن التفسير الموضوعي.
19. أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف، وهو عبارة عن محاضرات جمعها بعض طلابه وطبعوها ككتاب.
للسيد الصدر كتب أخرى صادرتها السلطة, منها كتاب لم يحدد له عنواناً ولكن موضوعه هو أصول الدين. و كتاب آخر عن تحليلي الذهن البشري. وقد كان السيد الصدر في نيته تأليف كتاب بعنوان مجتمعنا.وللسيدمقالات في بعض المجلات الفكرية التي كانت تنشر في صيدا .
وله مقالة عن رجال الفكر في القرن السابع وممن ذكرهم الشيخ الزاهد عبد القادر الكيلاني ويقول عنه انه رجل مصلح وكان محبوب ومحترم من قبل العامة والخاصة ومن الطائفتين ومن اشاد بكتابه الفتح الرباني ويعتبره مؤلفه الحقيقي ومؤكدا ان الغنية كان قد تعرض للتحريف من قبل الاجيال القادمة واكد انه من المعيب تجير شخصية إسلامية اصلاحية كعبد القادر لطائفة بعينها ويؤكد ان عبد القادر سيد حسني وانه سمع ذلك من مصطفى جواد نفسه
ومن الجدير بالذكر ان للامام الخميني موقف مشابه من الكيلاني وتلميذه ابن عربي وللشهيد مرتضى مطهري في كتابه ايران والإسلام اشادة بالكيلاني وتاكيد على نسبه الحسني وهذا يدلل على عظمة الامام الصدر وانفتاحه الفكري على الإسلام عامة بكل مجاريه الفكرية وهذة المقالة ذكرها الدكتور يقظان سعدون العامر في احدى محاظراته العامة وهذة امانة علميه وشهادة تاريخية خاصة بامام الامة الشهيد السعيد الصدر.
استشهاده
بعد أن أمضى عشرة أشهر في الإقامة الجبرية، تمّ اعتقاله في التاسع عشر من جمادى الأُولى 1400ﻫ، وبعد ثلاثة أيّام من اعتقاله استشهد السيّد الصدربنحوٍ فجيع، مع أخته العلوية بنت الهدى.
وفي مساء يوم 23 جمادى الأُولى 1400ﻫ، وفي حدود الساعة التاسعة أو العاشرة مساءً، قطعت السلطة البعثية التيار الكهربائي عن مدينة النجف الأشرف، وفي ظلام الليل الدامس تسلّلت مجموعة من قوّات الأمن إلى دار السيّد محمّد الصدر، وطلبوا منه الحضور معهم إلى بناية محافظة مدينة النجف الأشرف، فكان بانتظاره هناك المجرم مدير أمن مدينة النجف الأشرف، فقال له: هذه جنازة الصدر وأخته قد تمّ إعدامهما، وطلب منه أن يذهب معهم لدفنهما، فأمر مدير الأمن الجلاوزة بفتح التابوت، فشاهد السيّد الصدرمضرّجاً بدمائه، وآثار التعذيب على كلّ مكان من وجهه، وكذلك كانت الشهيدة بنت الهدى، وتمّ دفنهما بمقبرة وادي السلام في مدينة النجف الأشرف.
وبعد انتشار خبر استشهاده عن طريق الإذاعات العالمية أصدر الإمام الخميني حينذاك بياناً تاريخياً ابنّ فيه السيّد الصدر وأُخته المظلومة، وأعلن فيه الحداد العام لكلّ إيران.
أخواله
1. آية الله العظمى الشيخ محمد رضا آل ياسين.
2. الشيخ راضي آل ياسين.
3. آية الله العظمى الشيخ مرتضى آل ياسين.
الهجرة إلى النجف الأشرف
في عام 1365 هـ هاجر أخوه السيد إسماعيل الصدر إلى مدينة النجف الأشرف التي تعد أكثر المدن العلمية التي تحتضن مراجع الشيعة الإمامية, فاستأجروا داراً متواضعاً فيها. وقد كان أكبر همه هو استيعاب المناهج الدراسية والعلمية, وفي تلك الفترة ألف كتاباً يضم اعتراضاته على الكتب المنطقية بعنوان (رسالة في المنطق).
في أوائل السنة الثانية عشرة من عمره درس كتاب "معالم الأصول" على يد أخيه السيد إسماعيل الصدر فكان لفرط ذكائه يعترض على صاحب المعالم باعتراضات وردت في كتاب كفاية الأصول للخراساني. و من هذه الاعتراضات أنه ورد في بحث الضد في كتاب معالم الأصول الاستدلال على حرمة الضد بأن ترك أحدهما مقدمة للآخر. فاعترض عليه الصدر بقوله "إذاً يلزم الدور" فقال له السيد إسماعيل الصدر "هذا ما اعترض به صاحب الكفاية على صاحب المعالم".
مصرعه
في مساء يوم 5 إبريل 1980 تم إعدامه مع أخته بنت الهدى بالرصاص بأمر من الرئيس العراقي السابق صدام حسين وفي اليوم التاسع من نفس الشهر بحدود الساعة التاسعة ليلاً قطعت السلطة التيار الكهربائي عن مدينة النجف الاشرف وفي ظلام الليل الدامس تسللت مجموعة من قوات الامن إلى بيت محمد صادق الصدر وطلبوا منه الحضور إلى بناية محافظة النجف وكان بانتظاره مدير أمن النجف فقال له : هذه جنازة الصدر واخته وقد تم اعدامهما وطلب منه أن يذهب معهم للدفن وبعد أن طلب محمد صادق الصدر أن يرى جثتيهما شاهد محمد باقر الصدر مضرجاً بدمه وآثار التعذيب على كل مكان من وجهه وكذلك اخته بنت الهدى .
مواضيع مماثلة
» * مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة للاستاذ طه باقر .
» * الملحمة الكبرى - خاصية القلب - حادثة شق الصدر - الجن في المرايا - ماء المطر والشيطان .
» محمد فاضل الجمالي الماسوني العراقي
» * محمد (ص) في غار حراء - معجزاته - اسمائه.
» * اعجاز كتابة القرءان الكريم
» * الملحمة الكبرى - خاصية القلب - حادثة شق الصدر - الجن في المرايا - ماء المطر والشيطان .
» محمد فاضل الجمالي الماسوني العراقي
» * محمد (ص) في غار حراء - معجزاته - اسمائه.
» * اعجاز كتابة القرءان الكريم
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى