* هجرة رسول الله الى المدينة
صفحة 1 من اصل 1
* هجرة رسول الله الى المدينة
ذكر العقبة وكيف جرى
اعداد : طارق فتحي
قال ابن إسحق لما أراد الله تعالى إظهار دينه وإعزاز نبيه وإنجاز موعده خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه في النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج فذكرواأنه قال لهم ممن أنتم قالوا له من الخزرج قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله تعالى وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن وقد كانوا يسمعون من اليهود أن نبيا مبعوثا قد أظل زمانه فقال بعضهم لبعض والله يا قوم إن هذا النبي الذي تعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه فأجابوه وهم فيما يزعمون ستة أسعد بن زرارة وعوف بن مالك وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان وقطبة بن عامر بن حديدة وعقبة بن عامر بن نابى
وجابر بن عبد الله بن رئاب
فلما انصرفوا إلى بلادهم وقد آمنوا ذكروا لقومهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم اثنا عشر رجلا من الأنصار فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهي العقبة الأولى فبايعوه بيعة النساء قبل أن تفترض الحرب وفيهم عبادة بن الصامت قال عبادة بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف وذلك قبل أن تفترض الحرب فان وفيتم بذلك فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله إن شاء غفر وإن شاء عذب
فلما انصرف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن فنزل على أسعد بن زرارة فكان يسمى بالمدينة المقرىء فلم يزل يدعو الناس إلى الإسلام حتى شاع الإسلام ثم رجع مصعب إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية
قال كعب بن مالك خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالعقبة مع مشركي قومنا فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة أوسط أيام التشريق ونحن سبعون رجلا ومعهم امرأتان فلما كانت الليلة التي وعدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم نمنا أول الليل مع قومنا فلما استثقل الناس من النوم تسللنا من فراشنا تسلل القطا حتى اجتمعنا بالعقبة فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس ليس معه غيره فقال العباس يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث قد علمتم وهو في منعة من قومه وبلاده وقد أبى إلا الانقطاع إليكم فإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه فإنه في منعة من عشيرته وقومه فقلنا
قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله ورغب إلى الإسلام وتلا القرآن فأجبناه بالإيمان به والتصديق له وقلنا له يا رسول خذ لربك ولنفسك قال إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم فأجابه البراء بن معرور فقال نعم والذي بعثك بالحق مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله إن بيننا وبين أقوام حبالا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا فقال رسول الله بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم فقال له البراء بن معرور أبسط يدك يا رسول الله نبايعك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فأخرجوهم وهم أسعد بن زرارة وعبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ورافع بن مالك بن العجلان وعبد الله ابن وراحة وسعد بن الربيع وعبادة بن الصامت وأسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان وسعد بن خيثمة
فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عليها فكان أول من بايع وتتابع الناس فبايعوا
قال ابن اسحق فلما أيقنت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بويع وأمر أصحابه أن يلحقوا بالمدينة توامروا بينهم فقالوا والله لكأنه قد كر عليكم بالرجال فأثبتوه أو اقتلوه أو أخرجوه فاجتمعوا على قتله وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه فبات في غيره فلما أصبح أذن له في الخروج إلى المدينة
وعن ابن عباس في قوله وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فبات علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك قال لا أدري فاقتصوا أثره
ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
كانت بيعة العقبة في أوسط أيام التشريق وقدم رسول صلى الله عليه وسلم المدينة لأثنتي ليلة خلت من ربيع الأول
قال يزيد بن أبي حبيب خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة في صفر وقدم المدينة في ربيع الأول قال ابن إسحاق دخلها حين ارتفع الضحى وكادت الشمس تعتدل
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة قال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج أنت تكسب المعدم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فلم تكذب مرة وأنت بجوار ابن الدغنه وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره
ثم بدا لأبي بكر فبنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ
القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنه فقدم عليهم فقالوا إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فبنى مسجدا بفناء دره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فاسأله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الإستعلان
قالت عائشة فأتى ابن الدغنة إلى أبي فقال قد علمت الذي عاقدت لك عليه فأما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين إني أريت دار هجرتكم ذات
نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر
قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فبينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فدى له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج قال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله نعم قال أبو بكر
فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله بالثمن
قالت عائشة فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فريطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور فمكثنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقف فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش كبائت فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام يرعى عليهما عامر ابن فهيرة مولى لأبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهم حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما حتى ينعق
بها عامر بن فهيره بغلس يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الدبل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث فانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم على طريق السواحل
قال ابن شهاب وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخي سراقة بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي
فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر كثير الإلتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت ولم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزأاني ولم يسلاني إلا أن قال أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي
في رقعة من أدم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرونه فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو ابن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته هذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله ثم بناه مسجدا
وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في ثيابه ويقول وهو ينقل اللبن
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر
ويقول
اللهم إن الأجر أجر الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فتمثل بشعر رجل من المسلمين ولم يسم لي
قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات انفرد بإخراجه البخاري
وعن البراء بن عازب قال اشترى أبو بكر من عازب سرجا بثلاثة عشر درهما قال فقال أبو بكر مر البراء فليحمله إلى منزلي فقال لا حتى تحدثنا كيف صنعت حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت معه قال فقال أبو بكر خرجنا فأدلجنا فاحتثثنا يومنا وليينا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصري هل نرى ظلا نأوي إليه فإذا أنا بصخرة فأويت إليها فإذا بقية ظلها فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة وقلت اضجع يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضجع ثم خرجت أنظر هل أرى أحدا من الطلب فإذا أنا براعي غنم فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قال قلت هل أنت حالب لي قال نعم فأمرته فاعتقل شاة منها ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار ثم أمرته فنفض كفيه من الغبار ومعي إداوة على فمها خرقة فحلب لي كثبة من اللبن فصببت على القدح حتى برد أسفله ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيته وقد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى
رضيت ثم قلت هل انى الرحيل فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال لا تحزن إن الله معنا حتى إذا دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمح أو رمحين أو ثلاثة قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت فقال لماذا تبكي قال قلت أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك قال فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اكفناه بما شئت فساخت قوائم فرسه إلى بطنها في أرض صلد ووثب عنها وقال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله تعالى أن ينجيني مما أنا فيه فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر بابلي وغنمي في موضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي فيها قالودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ورجع إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة فتلقاه الناس فخرجوا في الطرق وعلى الأناجير واشتد الخدم والصبيان في الطريق الله أكبر جاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم جاء محمد قال وتنازع القوم أيهم ينزل عليه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب لأكرمهم بذلك فلما أصبح غدا حيث أمر
قال البراء بن عازب أول من قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو على أثري ثم قدم رسول الله ومعه أبو بكر قال البراء ولم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورا من المفصل أخرجاه في الصحيحين
وعن أنس أن أبا بكر حدثه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما أخرجاه في الصحيحين حديث أم معبد
عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة
إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعيه وكانت امرأة جلدة برزة تحتبي وتقعد بفناء الخيمة تسقي وتطعم فسألوها تمرا ولحما يشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك فإذا القوم مرملون مسنتون فقالت والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم فقال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال اللهم بارك لها في شاتها قال فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى غلبه الثمال فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرهم وقال ساقي القوم
آخرهم شربا فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى اراضوا ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها حتى ارتحلوا عنها فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا عجافا هزلى ما تساوق مخهن قليل لا نقى بهن فلما رأى اللبن عجب فقال من أين لك هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي
صوته صحل أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر في عنقه سطع وفي لحيته كثاثة إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء وكأن منطقه خرزات عقد يتحدرن حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر أجهر الناس وأجملهم من بعيدو أحلاهم وأحسنهم من قريب ربعه لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنظر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند
قال هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولو كنت وافقته لا لتمست أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا
وأصبج صوت بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرى من يقوله وهو يقول
جرى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجازى وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وانائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد
فغادره رهنا لديها لحالب ... بدرتها من مصدر ثم مورد
فأصبح القوم وقد فقدوا نبيهم وأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم قال فأجابه حسان بن ثابت يقول
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسرى إليه ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد
فهل يستوي ضلال قوم تسكعوا ... عمى وهداة يهتدون بمهتدى
نبي يرى مالا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في صخوة اليوم أو غد
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد
ويهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمسلمين بمرصد
قال عبد الملك بن مروان فبلغنا أن أم معبد هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلمت
تفسير غريب الحديث البرزة الكبيرة والمرملون الذين نفد زادهم ومستون من
السنة وهي الجدب وكسر الخيمة جانبها والجهد المشقة وتفاجت فتحت ما بين رجليها للحلب ويربض الرهط يثقلهم فيربضوا والثج السيلان والثمال الرغوة وقوله عللا بعد نهل أي مرة بعد أخرى حتى أراضوا أي رووا والحيل اللواتي لسن بحوامل والنقى المخ والشاة عازب أي بعيدة في المرعى متبلج الوجه
مشرقة والثجلة عظيم البطن واسترخاء أسفله والصعلة صغر الرأس والوسيم الحسن وكذلك القسيم والدعج السواد في العين والوطف الطول في هدب العين والصحل كالبحة والأحور الشديد سواد أصول أهداب العين خلقه والأزج من الزجج وهو دقة الحاجبين وحسنهما والأقرن المقرون الحواجب والسطع الطول وقولها إذا تكلم سما تريد علا رأسه أو يده وقولها لا نزر ولا هذر تريد أنه ليس بقليل ولا كثير وقولها لا تقتحمه عين من قصر أي لا تحتقره والمحفود المخدوم والمحشود من قولك احتشدت لفلان في كذا إذا أعددت له وجمعت وقولها ليس بعابس الوجه ولا فيه أثر هرم والفند الهرم والصريح الخالص والضرة لحم الضرع
ذكر ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة
قال الزهري نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بقباء فأقام فيهم بضع عشرة ليلة وقال عروة مكث بقباء ثلاث
ليال ثم ركب يوم الجمعة فمر على بني سالم فجمع بهم وكانت أول جمعة صلاها حين قدم المدينة ثم ركب في بني سالم قمرت الناقة حتى بركت في بني النجار على دار أبي أيوب الأنصاري فنزل عليه في سفل داره وكان أبو أيوب في العلو حتى ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا ومساكنه
عن عائشة قالت قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة فمرض أبو بكر فكان إذا أخذته الحمى يقول
كل امريء مصبح في رحله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أخذته الحمى يقول
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
اللهم العن شيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من مكة فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقوا قال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها إلى الجحفة قالت فكان المولود يولد بالجحفة فما يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى أخرجاه في الصحيحين
اعداد : طارق فتحي
قال ابن إسحق لما أراد الله تعالى إظهار دينه وإعزاز نبيه وإنجاز موعده خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموسم الذي لقيه في النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كل موسم فبينما هو عند العقبة لقي رهطا من الخزرج فذكرواأنه قال لهم ممن أنتم قالوا له من الخزرج قال أفلا تجلسون أكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه فدعاهم إلى الله تعالى وعرض عليهم الإسلام وتلا عليهم القرآن وقد كانوا يسمعون من اليهود أن نبيا مبعوثا قد أظل زمانه فقال بعضهم لبعض والله يا قوم إن هذا النبي الذي تعدكم به اليهود فلا يسبقنكم إليه فأجابوه وهم فيما يزعمون ستة أسعد بن زرارة وعوف بن مالك وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن العجلان وقطبة بن عامر بن حديدة وعقبة بن عامر بن نابى
وجابر بن عبد الله بن رئاب
فلما انصرفوا إلى بلادهم وقد آمنوا ذكروا لقومهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم فلم يبق دار من دور الأنصار إلا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان العام المقبل أتى الموسم اثنا عشر رجلا من الأنصار فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة وهي العقبة الأولى فبايعوه بيعة النساء قبل أن تفترض الحرب وفيهم عبادة بن الصامت قال عبادة بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الأولى على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف وذلك قبل أن تفترض الحرب فان وفيتم بذلك فلكم الجنة وإن غشيتم شيئا فأمركم إلى الله إن شاء غفر وإن شاء عذب
فلما انصرف القوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معهم مصعب بن عمير إلى المدينة يفقه أهلها ويقرئهم القرآن فنزل على أسعد بن زرارة فكان يسمى بالمدينة المقرىء فلم يزل يدعو الناس إلى الإسلام حتى شاع الإسلام ثم رجع مصعب إلى مكة قبل بيعة العقبة الثانية
قال كعب بن مالك خرجنا في الحجة التي بايعنا فيها رسول الله
صلى الله عليه وسلم بالعقبة مع مشركي قومنا فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة أوسط أيام التشريق ونحن سبعون رجلا ومعهم امرأتان فلما كانت الليلة التي وعدنا فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم نمنا أول الليل مع قومنا فلما استثقل الناس من النوم تسللنا من فراشنا تسلل القطا حتى اجتمعنا بالعقبة فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس ليس معه غيره فقال العباس يا معشر الخزرج إن محمدا منا حيث قد علمتم وهو في منعة من قومه وبلاده وقد أبى إلا الانقطاع إليكم فإن كنتم تخشون من أنفسكم خذلانا فاتركوه في قومه فإنه في منعة من عشيرته وقومه فقلنا
قد سمعنا ما قلت تكلم يا رسول الله فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا إلى الله ورغب إلى الإسلام وتلا القرآن فأجبناه بالإيمان به والتصديق له وقلنا له يا رسول خذ لربك ولنفسك قال إني أبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم فأجابه البراء بن معرور فقال نعم والذي بعثك بالحق مما نمنع منه أزرنا فبايعنا يا رسول الله فنحن والله أهل الحروب وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر
فعرض في الحديث أبو الهيثم بن التيهان فقال يا رسول الله إن بيننا وبين أقوام حبالا وإنا قاطعوها فهل عسيت إن أظهرك الله أن ترجع إلى قومك وتدعنا فقال رسول الله بل الدم الدم والهدم الهدم أنا منكم وأنتم مني أسالم من سالمتم وأحارب من حاربتم فقال له البراء بن معرور أبسط يدك يا رسول الله نبايعك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا فأخرجوهم وهم أسعد بن زرارة وعبد الله بن عمرو بن حرام وسعد بن عبادة والمنذر بن عمرو ورافع بن مالك بن العجلان وعبد الله ابن وراحة وسعد بن الربيع وعبادة بن الصامت وأسيد بن حضير وأبو الهيثم بن التيهان وسعد بن خيثمة
فأخذ البراء بن معرور بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب عليها فكان أول من بايع وتتابع الناس فبايعوا
قال ابن اسحق فلما أيقنت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بويع وأمر أصحابه أن يلحقوا بالمدينة توامروا بينهم فقالوا والله لكأنه قد كر عليكم بالرجال فأثبتوه أو اقتلوه أو أخرجوه فاجتمعوا على قتله وأتاه جبريل وأمره أن لا يبيت في مكانه الذي يبيت فيه فبات في غيره فلما أصبح أذن له في الخروج إلى المدينة
وعن ابن عباس في قوله وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فبات علي عليه السلام على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار وبات المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم
فلما أصبحوا ثاروا إليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك قال لا أدري فاقتصوا أثره
ذكر هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة
كانت بيعة العقبة في أوسط أيام التشريق وقدم رسول صلى الله عليه وسلم المدينة لأثنتي ليلة خلت من ربيع الأول
قال يزيد بن أبي حبيب خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة في صفر وقدم المدينة في ربيع الأول قال ابن إسحاق دخلها حين ارتفع الضحى وكادت الشمس تعتدل
عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم أعقل أبوي قط إلا وهما يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار بكرة وعشية فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة حتى إذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدغنة وهو سيد القارة قال أين تريد يا أبا بكر فقال أبو بكر أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض فأعبد ربي قال ابن الدغنة فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج أنت تكسب المعدم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق فلم تكذب مرة وأنت بجوار ابن الدغنه وقالوا لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه في داره فليصل فيها وليقرأ ما شاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعلن به فإنا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا فقال ذلك ابن الدغنة لأبي بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه في داره ولا يستعلن بصلاته ولا يقرأ في غير داره
ثم بدا لأبي بكر فبنى مسجدا بفناء داره فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن فيتقصف عليه نساء المشركين وأبناؤهم يعجبون منه وينظرون إليه وكان أبو بكر رجلا بكاء لا يملك عينيه إذا قرأ
القرآن فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين فأرسلوا إلى ابن الدغنه فقدم عليهم فقالوا إنا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه في داره فقد جاوز ذلك فبنى مسجدا بفناء دره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه وإنا خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فإن أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه في داره فعل وإن أبى إلا أن يعلن ذلك فاسأله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك ولسنا مقرين لأبي بكر الإستعلان
قالت عائشة فأتى ابن الدغنة إلى أبي فقال قد علمت الذي عاقدت لك عليه فأما أن تقتصر على ذلك وإما أن ترجع إلي ذمتي فإني لا أحب أن تسمع العرب أني أخفرت في رجل عقدت له فقال أبو بكر فإني أرد إليك جوارك وأرضى بجوار الله والنبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بمكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين إني أريت دار هجرتكم ذات
نخل بين لابتين وهما الحرتان فهاجر من هاجر قبل المدينة ورجع عامة من كان هاجر بأرض الحبشة إلى المدينة وتجهز أبو بكر قبل المدينة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فإني أرجو أن يؤذن لي فقال أبو بكر وهل ترجو ذلك بأبي أنت قال نعم فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصحبه وعلف راحلتين كانتا عنده ورق السمر وهو الخبط أربعة أشهر
قال ابن شهاب قال عروة قالت عائشة فبينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله متقنعا في ساعة لم يكن يأتينا فيها فقال أبو بكر فدى له أبي وأمي والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر أخرج من عندك فقال أبو بكر إنما هم أهلك بأبي أنت وأمي يا رسول الله قال فإني قد أذن لي في الخروج قال أبو بكر الصحبة بأبي أنت يا رسول الله قال رسول الله نعم قال أبو بكر
فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحدى راحلتي هاتين قال رسول الله بالثمن
قالت عائشة فجهزناهما أحث الجهاز وصنعنا لهما سفرة في جراب فقطعت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فريطت به على فم الجراب فبذلك سميت ذات النطاقين قالت ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر بغار في جبل ثور فمكثنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبد الله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف لقف فيدلج من عندهما بسحر فيصبح مع قريش كبائت فلا يسمع أمرا يكادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام يرعى عليهما عامر ابن فهيرة مولى لأبي بكر منحة من غنم فيريحها عليهم حين تذهب ساعة من العشاء فيبيتان في رسل وهو لبن منحتهما حتى ينعق
بها عامر بن فهيره بغلس يفعل ذلك في كل ليلة من تلك الليالي الثلاث واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بني الدبل وهو من بني عبد بن عدي هاديا خريتا والخريت الماهر بالهداية قد غمس حلفا في آل العاص بن وائل السهمي وهو على دين كفار قريش فأمناه فدفعا إليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث ليال براحلتيهما صبح ثلاث فانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل فأخذ بهم على طريق السواحل
قال ابن شهاب وأخبرني عبد الرحمن بن مالك المدلجي وهو ابن أخي سراقة بن جعشم أن أباه أخبره أنه سمع سراقة بن جعشم يقول جاءنا رسول كفار قريش يجعلون في رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر دية كل واحد منهما لمن قتله أو أسره فبينما أنا جالس في مجلس من مجالس قومي بني مدلج أقبل رجل منهم حتى قام علينا ونحن جلوس فقال يا سراقة إني قد رأيت آنفا أسودة بالساحل أراها محمدا وأصحابه قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت إنهم ليسوا هم ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا ثم لبثت في المجلس ساعة ثم قمت فدخلت فأمرت جاريتي أن تخرج بفرسي من وراء أكمة فتحبسها علي وأخذت رمحي
فخرجت به من ظهر البيت فخططت بزجه الأرض وخفضت عاليه حتى أتيت فرسي فركبتها فرفعتها تقرب بي حتى دنوت منهم فعثرت بي فرسي فخررت عنها فقمت فأهويت يدي إلى كنانتي فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا فخرج الذي أكره فركبت فرسي وعصيت الأزلام تقرب بي حتى إذا سمعت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر كثير الإلتفات ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين فخررت عنها ثم زجرتها فنهضت ولم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة إذا لأثر يديها غبار ساطع في السماء مثل الدخان فاستقسمت بالأزلام فخرج الذي أكره فناديتهم بالأمان فوقفوا فركبت فرسي حتى جئتهم ووقع في نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم أن سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له إن قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم أخبار ما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزأاني ولم يسلاني إلا أن قال أخف عنا فسألته أن يكتب لي كتاب أمن فأمر عامر بن فهيرة فكتب لي
في رقعة من أدم ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن شهاب فأخبرني عروة بن الزبير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارا قافلين من الشام فكسا الزبير رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ثياب بياض وسمع المسلمون بالمدينة بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فكانوا يغدون كل غداة إلى الحرة فينتظرونه حتى يردهم حر الظهيرة فانقلبوا يوما بعد ما أطالوا انتظارهم فلما أووا إلى بيوتهم أوفى رجل من اليهود على أطم من آطامهم لأمر ينظر إليه فبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مبيضين يزول بهم السراب فلم يملك اليهودي أن قال بأعلى صوته يا معشر العرب هذا جدكم الذي تنتظرونه فثار المسلمون إلى السلاح فتلقوا رسول
الله صلى الله عليه وسلم بظهر الحرة فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بهم في بني عمرو بن عوف وذلك يوم الإثنين من شهر ربيع الأول فقام أبو بكر للناس وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم صامتا فطفق من جاء من الأنصار ممن لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم يحيي أبا بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلل عليه بردائه فعرف الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك فلبث رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو ابن عوف بضع عشرة ليلة وأسس المسجد الذي أسس على التقوى وصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ركب راحلته فسار يمشي معه الناس حتى بركت عند مسجد الرسول بالمدينة وهو يصلي فيه يومئذ رجال من المسلمين وكان مربدا للتمر لسهل وسهيل غلامين يتيمين في حجر أسعد بن زرارة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بركت به راحلته هذا إن شاء الله المنزل ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الغلامين فساومهما بالمربد ليتخذه مسجدا فقالا بل نهبه لك يا رسول الله ثم بناه مسجدا
وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقل معهم اللبن في ثيابه ويقول وهو ينقل اللبن
هذا الحمال لا حمال خيبر ... هذا أبر ربنا وأطهر
ويقول
اللهم إن الأجر أجر الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة
فتمثل بشعر رجل من المسلمين ولم يسم لي
قال ابن شهاب ولم يبلغنا في الأحاديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمثل ببيت شعر تام غير هذه الأبيات انفرد بإخراجه البخاري
وعن البراء بن عازب قال اشترى أبو بكر من عازب سرجا بثلاثة عشر درهما قال فقال أبو بكر مر البراء فليحمله إلى منزلي فقال لا حتى تحدثنا كيف صنعت حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت معه قال فقال أبو بكر خرجنا فأدلجنا فاحتثثنا يومنا وليينا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصري هل نرى ظلا نأوي إليه فإذا أنا بصخرة فأويت إليها فإذا بقية ظلها فسويته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة وقلت اضجع يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضجع ثم خرجت أنظر هل أرى أحدا من الطلب فإذا أنا براعي غنم فقلت لمن أنت يا غلام فقال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل في غنمك من لبن قال نعم قال قلت هل أنت حالب لي قال نعم فأمرته فاعتقل شاة منها ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار ثم أمرته فنفض كفيه من الغبار ومعي إداوة على فمها خرقة فحلب لي كثبة من اللبن فصببت على القدح حتى برد أسفله ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيته وقد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله فشرب حتى
رضيت ثم قلت هل انى الرحيل فارتحلنا والقوم يطلبوننا فلم يدركنا أحد منهم إلا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال لا تحزن إن الله معنا حتى إذا دنا منا وكان بيننا وبينه قيد رمح أو رمحين أو ثلاثة قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت فقال لماذا تبكي قال قلت أما والله ما على نفسي أبكي ولكني أبكي عليك قال فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اكفناه بما شئت فساخت قوائم فرسه إلى بطنها في أرض صلد ووثب عنها وقال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله تعالى أن ينجيني مما أنا فيه فوالله لأعمين على من ورائي من الطلب وهذه كنانتي فخذ منها سهما فإنك ستمر بابلي وغنمي في موضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لي فيها قالودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق ورجع إلى أصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة فتلقاه الناس فخرجوا في الطرق وعلى الأناجير واشتد الخدم والصبيان في الطريق الله أكبر جاء رسول
الله صلى الله عليه وسلم جاء محمد قال وتنازع القوم أيهم ينزل عليه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل الليلة على بني النجار أخوال عبد المطلب لأكرمهم بذلك فلما أصبح غدا حيث أمر
قال البراء بن عازب أول من قدم علينا ابن أم مكتوم الأعمى أخو بني فهر ثم قدم علينا عمر بن الخطاب في عشرين راكبا فقلنا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هو على أثري ثم قدم رسول الله ومعه أبو بكر قال البراء ولم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورا من المفصل أخرجاه في الصحيحين
وعن أنس أن أبا بكر حدثه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى تحت قدميه لأبصرنا تحت قدميه فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما أخرجاه في الصحيحين حديث أم معبد
عن أبي معبد الخزاعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة
إلى المدينة هو وأبو بكر وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهم عبد الله بن أريقط الليثي فمروا بخيمتي أم معبد الخزاعيه وكانت امرأة جلدة برزة تحتبي وتقعد بفناء الخيمة تسقي وتطعم فسألوها تمرا ولحما يشترون فلم يصيبوا عندها شيئا من ذلك فإذا القوم مرملون مسنتون فقالت والله لو كان عندنا شيء ما أعوزكم القرى فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شاة في كسر الخيمة فقال ما هذه الشاة يا أم معبد قالت هذه شاة خلفها الجهد عن الغنم فقال هل بها من لبن قالت هي أجهد من ذلك قال أتأذنين لي أن أحلبها قالت نعم بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبا فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشاة فمسح ضرعها وذكر اسم الله وقال اللهم بارك لها في شاتها قال فتفاجت ودرت واجترت فدعا بإناء لها يربض الرهط فحلب فيه ثجا حتى غلبه الثمال فسقاها فشربت حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم آخرهم وقال ساقي القوم
آخرهم شربا فشربوا جميعا عللا بعد نهل حتى اراضوا ثم حلب فيه ثانيا عودا على بدء فغادره عندها حتى ارتحلوا عنها فقلما لبثت حتى جاء زوجها أبو معبد يسوق أعنزا حيلا عجافا هزلى ما تساوق مخهن قليل لا نقى بهن فلما رأى اللبن عجب فقال من أين لك هذا والشاة عازبة ولا حلوبة في البيت قالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك كان من حديثه كيت وكيت قال والله إني لأراه صاحب قريش الذي يطلب صفيه لي يا أم معبد قالت رأيت رجلا ظاهر الوضاءة متبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزر به صعلة وسيم قسيم في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي
صوته صحل أحور أكحل أزج أقرن شديد سواد الشعر في عنقه سطع وفي لحيته كثاثة إذا صمت فعليه الوقار وإذا تكلم سما وعلاه البهاء وكأن منطقه خرزات عقد يتحدرن حلو المنطق فصل لا نزر ولا هذر أجهر الناس وأجملهم من بعيدو أحلاهم وأحسنهم من قريب ربعه لا تشنؤه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين فهو أنظر الثلاثة منظرا وأحسنهم قدرا له رفقاء يحفون به إذا قال استمعوا لقوله وإن أمر تبادروا إلى أمره محفود محشود لا عابس ولا مفند
قال هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر ولو كنت وافقته لا لتمست أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلا
وأصبج صوت بمكة عاليا بين السماء والأرض يسمعونه ولا يرى من يقوله وهو يقول
جرى الله رب الناس خير جزائه ... رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر وارتحلا به ... فأفلح من أمسى رفيق محمد
فيال قصي ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجازى وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وانائها ... فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت ... له بصريح ضرة الشاة مزبد
فغادره رهنا لديها لحالب ... بدرتها من مصدر ثم مورد
فأصبح القوم وقد فقدوا نبيهم وأخذوا على خيمتي أم معبد حتى لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم قال فأجابه حسان بن ثابت يقول
لقد خاب قوم زال عنهم نبيهم ... وقدس من يسرى إليه ويغتدي
ترحل عن قوم فزالت عقولهم ... وحل على قوم بنور مجدد
فهل يستوي ضلال قوم تسكعوا ... عمى وهداة يهتدون بمهتدى
نبي يرى مالا يرى الناس حوله ... ويتلو كتاب الله في كل مشهد
فإن قال في يوم مقالة غائب ... فتصديقها في صخوة اليوم أو غد
ليهن أبا بكر سعادة جده ... بصحبته من يسعد الله يسعد
ويهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمسلمين بمرصد
قال عبد الملك بن مروان فبلغنا أن أم معبد هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأسلمت
تفسير غريب الحديث البرزة الكبيرة والمرملون الذين نفد زادهم ومستون من
السنة وهي الجدب وكسر الخيمة جانبها والجهد المشقة وتفاجت فتحت ما بين رجليها للحلب ويربض الرهط يثقلهم فيربضوا والثج السيلان والثمال الرغوة وقوله عللا بعد نهل أي مرة بعد أخرى حتى أراضوا أي رووا والحيل اللواتي لسن بحوامل والنقى المخ والشاة عازب أي بعيدة في المرعى متبلج الوجه
مشرقة والثجلة عظيم البطن واسترخاء أسفله والصعلة صغر الرأس والوسيم الحسن وكذلك القسيم والدعج السواد في العين والوطف الطول في هدب العين والصحل كالبحة والأحور الشديد سواد أصول أهداب العين خلقه والأزج من الزجج وهو دقة الحاجبين وحسنهما والأقرن المقرون الحواجب والسطع الطول وقولها إذا تكلم سما تريد علا رأسه أو يده وقولها لا نزر ولا هذر تريد أنه ليس بقليل ولا كثير وقولها لا تقتحمه عين من قصر أي لا تحتقره والمحفود المخدوم والمحشود من قولك احتشدت لفلان في كذا إذا أعددت له وجمعت وقولها ليس بعابس الوجه ولا فيه أثر هرم والفند الهرم والصريح الخالص والضرة لحم الضرع
ذكر ما جرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة
قال الزهري نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني عمرو بن عوف بقباء فأقام فيهم بضع عشرة ليلة وقال عروة مكث بقباء ثلاث
ليال ثم ركب يوم الجمعة فمر على بني سالم فجمع بهم وكانت أول جمعة صلاها حين قدم المدينة ثم ركب في بني سالم قمرت الناقة حتى بركت في بني النجار على دار أبي أيوب الأنصاري فنزل عليه في سفل داره وكان أبو أيوب في العلو حتى ابتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجدا ومساكنه
عن عائشة قالت قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهي وبيئة فمرض أبو بكر فكان إذا أخذته الحمى يقول
كل امريء مصبح في رحله ... والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أخذته الحمى يقول
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل
وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل
اللهم العن شيبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من مكة فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقوا قال اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها وانقل حماها إلى الجحفة قالت فكان المولود يولد بالجحفة فما يبلغ الحلم حتى تصرعه الحمى أخرجاه في الصحيحين
مواضيع مماثلة
» * مكائد المشركون لاذى رسول الله محمد (ص)
» * حب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1
» * حب رسول الله صلى الله عليه وسلم 2
» * طرف مما لا قى رسول الله من أذى
» * علامات النبوة في رسول الله ( ص )
» * حب رسول الله صلى الله عليه وسلم 1
» * حب رسول الله صلى الله عليه وسلم 2
» * طرف مما لا قى رسول الله من أذى
» * علامات النبوة في رسول الله ( ص )
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى