مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* الرجال يمتنعون - طعم الحليب بالدم - امرأة اربعينية

اذهب الى الأسفل

* الرجال يمتنعون - طعم الحليب بالدم - امرأة اربعينية  Empty * الرجال يمتنعون - طعم الحليب بالدم - امرأة اربعينية

مُساهمة  طارق فتحي الخميس أغسطس 02, 2018 8:54 pm

الرجال يمتنعون

انغرزت كلماته كالخنجر في قلبي ... فحملت قدمي وهرولت عائدة إلى غرفتي خوفاً من التهاوي ألما على عتبة باب أمي الموجوعة .
بداية سيئة ليوم قبيح ... كان مجدي محقاً .. لقد رفضت ثلاثة عرسان أتوني خلال السنة الماضية .. ولكن لاسباب منطقية ومعقولة ... ليس من اجل الرفض .. وليس لاني ابحث عن رجل تتناسب مقاساته مع خيالي .. سأنتقل إلى صفحات سابقة من دفتري لاذكّر نفسي بأسباب رفضي ..
العريس الأول .. عم أحمد .. نعم هكذا كنت ادعوه .. فقد كان صديق أبى المقرب ويكبرني بعشرون عاماً كاملة أي شيخ على أعتاب السبعين .. ماتت زوجته خالتي إحسان .. تزوج الأولاد والبنات فشعر بالوحدة وازدادت أمراضه .. أراد أن يعيد شبابه مع زوجة جديدة تصغره عمراً وتصلح أن تكون خادمة وممرضة في آن واحد رفضته برغم علمي بوجود الفياجرا في الأسواق ...
العريس الثاني .. المهندس أسامة .. كان يشرف على بناء بيت ميادة أختي التي تليني في العمر ومتزوجة منذ خمسة وعشرون عاماً وقد أصبحت جدة منذ فترة قصيرة .. رآني صدفة عندما ذهبت أتفقد سير البناء تحت إلحاح بنات شقيقتي ... عرض علي الزواج شريطة أن اترك عملي .. واتفرغ تماماً لرعاية أولاده الثلاثة ... صبي في السادسة عشرة من زوجته الأولى المتوفاة .. فتاتين في العاشرة والسابعة من زوجته الثانية التي طلقها لأنها لم تحسن معاملة ابنه المراهق فتركت له بناته وتزوجت هي الأخرى .. بالطبع رفضته لأنني مقتنعة بعملي كرئيسة قسم الاعتمادات بالبنك الوطني وليست لي رغبة في استبداله بوظيفة مربية بدوام كامل ...
العريس الثالث ... الموظف الجديد تحت إمرتي في القسم .. يصغرني بسبع سنوات لم يتزوج لضيق ذات اليد .. أتاني خاطباً بدعوى الحب كدت اقتنع وأتغاضى عن فارق العمر تحت ضغط أمي وأخواتي .. لولا مكالمة أتتني قبل الموعد المحدد لعقد القرآن بأسبوع من فتاة باكية تخبرني فيها بأنها حبيبة زوجي المنتظر منذ خمس سنوات وانه يعتزم الزواج مني فقط لتحسين وضعه المادي وضمان راتبي الكبير وبيت أسرتي الفسيح وسيارتي الفخمة .. رفضته لأنني اعمل في بنك .. لكني ارفض أن العب دور البنك .

الساعة التاسعة ...
ما زلت مستلقية على سريري فقدت الرغبة في الذهاب إلى العمل اليوم .. من حقي الحصول على يوم عطلة امتلك رصيدا هائلاً من الإجازات .. كلما فكرت في اخذ إجازة ينتابني الفزع من فكرة البقاء وحيدة أو تكرار الزيارة إلى بيوت أخواتي المتزوجات .. لم تعد لي صديقات مقربات منذ فترة طويلة .. مع تقدم العمر وزواج الأغلبية وتغير الاهتمامات المشتركة تباعدن عني واحدة تلو الأخرى .. حاولت جاهدة التمسك بروابطنا وان أظل جزء من حياتهن ولكن في كل مرة يأتيني إحساس كريه بأنهن يتعمدن إقصائي والتباعد عني .. في نهاية الأمر حثتني طبيعتي الواضحة على طرح السؤال الصعب عن سرّ التغير في المعاملة .. فكرت في كل الاحتمالات إلا ما صرحّت به تلك التي كانت أقربهن إلى قلبي ... " منار ما تزعلي مني ولا من الباقيات .. وجودك في حياتنا بقى مشكلة .. إحنا الولادة والشغل بهدلونا وانتي لسة قاعدة سمحة ومهتمة بنفسك شديد .. بصراحة كل ما تجي لواحدة مننا بعد ما تمشي رجالنا بياكلوا لحمنا بيك .. شوفوا صاحبتكم قاعدة كيف جميلة ورشيقة وانتو بقيتوا زي البقر ومنكشات .. شوفوا صاحبتكم وصلت وين في شغلها وانتو محلك سر .. بعد كل زيارة منك بتحصل المقارنات وبصراحة ما بتكون في مصلحتنا وبعدين يا منار انتي عارفة زوغان عين الرجال .. إحنا واثقين فيك لكن ما واثقين في رجالنا بالذات انتي وظيفتك كبيرة ومرتبك عالي ... ودة في حد ذاته إغراء ما بيقدروا يقاوموه .. إحنا قلنا بس نزح البنزين من جنب النار .. لكن والله معزتك في مكانها ولو عاوزانا نجيك في أي وقت انتي تحدديهوا في بيتك كلنا تحت امرك" كانت كلماتها تصيبي بالغثيان والرغبة في تقيؤ كل سنوات الصداقة التي ربطت بيننا فقطعت علاقتي بكل من اسميتهن صديقات .. بدات ادفع ضريبة عدم زواجي .. وصدقوني كانت باهظة ومؤلمة ...وعلمت فيما بعد من أخرى قابلتها صدفة بان قرار إبعادي أخذته تلك التي كنت أظنها الأقرب ألي ّ وحدث ذلك بعد أن عبّر لها زوجها عن إعجابه بي كانسانة محترمة وجميلة ومثابرة في عملها .. فما كان منها إلا أن أعلنت الحرب على وجودي و أقنعت البقية بخطري عليهن .

الساعة الحادية عشرة ...
لبست اجمل ثيابي ..تعطرت بأغلى عطوري وخرجت من غرفتي .. كان الصمت يعم المكان بعد خروج مجدي .. مررت بغرفة أمي ونظرت بحزن إلى وجهها النائم وآثار الدموع ما زالت محفورة على خديها المتغضنتين .. مررت بالمطبخ وذكرّت الخادمة بمواعيد دواء أمي ووجبتها .. قدت سيارتي وخرجت ..

هل تدرون إلى أين ؟؟ خرجت ابحث عن رجل بمسمى زوج كي يمنحني أهلية الدخول إلى بيوت صديقاتي ويرفع عني حظر الاقتراب من أزواجهن .. رجل بمسمى زوج يمنحني حق الانتماء إلى عالم النساء ... رجل يسحق عائق وجودي في طريق مجدي فيتزوج قبل أن تضيع فرصته .. لقد سئمت من نظرات الإشفاق في عيون الجميع .. وكرهت الأسئلة المحبوسة في عيون كل من يراني عن سبب عدم زواجي حتى الآن ... سئمت خوف الزوجات وتغامزهن لحظة وصولي إلى أي مجتمع ... وكلماتهن الممطوطة الجوفاء " والله يا منار الرجال ديل عميانين .. معقولة انتي بحلاوتك دي كلها ما شايفنك ؟؟ "... " والله يا منار انتي في نعيم .. كدة احسن ليك مرتاحة من قرف الرجال والأطفال .. عايشة حياتك زي ما أنتي عاوزة .. لا راجل يتحكم فيك ولا عيال يستنزفوا عمرك "

من أعطاهم حق تحديد الأحسن والأسوأ في حياتي ؟؟ من اخبرهم أنى سعيدة بحياتي الخاوية من كل انتماء ؟؟ إذا سألوني رأيي سأقول لهم لا أمانع في الحصول على رجل يملاني قرفاً وحباً .. رجلاً يملاني ضجيجاً وحناناً .. أتوق للحصول على أطفال يحملون ملامحي وطباعي وامنحهم مخزون الحب المحبوس في أعماقي ولا أجد له متنفساً ..
أعلنها صريحة ... أريد زوجاً .. اعرض لقب عانس للبيع ... وسأدفع كل ما املك لمن يشتريه ... فهل من مشتر ؟؟...


طعم الحليب بالدم
الخميس العاشر من سبتمبر الساعة الرابعة عصراً ...
انه احب الأيام إلى قلبي ... انه يوم الزيارة .. وسوف تأتى شقيقتي لزيارتي ... إنها الوحيدة التي تزورني منذ أن أودعني أبى مستشفى الأمراض العقلية ... برغم أني لا أعاني أي مرض ... أنا لست مجنونة أتمتع بكامل قواي العقلية .. مشكلتي الوحيدة أنى احب طعم الدم .. هل من الجنون أن يحب الإنسان طعم الدم ؟؟ لا اعتقد خصوصاً إذا امتزج بالحليب .. وبرائحة أمي .. هل تذوقتم مزيج الحليب بالدم ورائحة أمي ؟؟ متيقنة بانكم لم تفعلوا .. لان هذا المزيج خاص بي أنا فقط .. لم يتذوقه احداً غيري ... لانه يومها لم يكن هناك أحد غيري في المنزل .. فقط أنا وامي ..

كنت في الثانية من عمري .. وما زلت ارضع ثدي أمي برغم احتجاجات أبى المتواصلة على إصراري رفض كل الأطعمة والمشروبات عدا حليب أمي .. يعتقد أنني كبرت على الرضاعة ... ههة انه غيور .. يغار من حب أمي لي لانه لا يمنحه مساحة كافية ترضي أنانيته البغيضة في الاستحواذ عليها .. أمي المسكينة الضئيلة الحجم ... وضئيلة العقل ايضاً ..
كانت امرأة خائفة بصفة مستمرة .. فهي تخاف الناس والأصوات العالية .. تخاف الظلام والحشرات .. وتخاف أبي .. إنها تتنفس الخوف وتعيش به ... استشعرت خوفها بحسي الطفولي وحاولت أن أخرجها من عالمها المتحوصل حولنا أنا وأبي .. عندما بدأت أحبو اتجهت قوائمي مباشرة إلى الباب الخارجي في محاولة لاستكشاف ما يخيف أمي وراء جدران بيتنا الصغير ..
لكنها لم تمنحني الفرصة فقد انتزعتني بذعر هائل من العتبة الخارجية واصبح عالمي محصوراً في مسافة امتداد الحبل الذي يربط قدمي الصغيرة بقائمة السرير الخشبي القديم في غرفة نومها ... لم اهتم بالقيد كثيراً فقد وجدت ما يشغلني .. مجموعة من الحشرات الصغيرة التي اعتادت زيارتي بانتظام .. وملاحقة خطواتي المقيدة عندما أحاول الهروب منها ومن لسعاتها المؤلمة ..
برغم ذلك نشأت بيننا علاقة سرية قوية .. كنت أدرك خوف أمي منهم .. لكنهم أصدقائي ولن ادعها تتخلص منهم .. من سيؤنس وحدتي إذا فعلت .. فهي مشغولة بامور أخرى خارج نطاق فهمي وتتركني وحدي فترات طويلة .. لذلك اعتدت على إخفائهم تحتي حال سماعي خطوات أمي حتى لا تذهب بهم بعيدا .. لكن اعتقد انهم لا يرغبون في الاختفاء لانه بعد رحيلها يرفض معظمهم معاودة الحركة واللعب معي .. يظلون في سكون تام والقلة القليلة التي تتحرك تهرب مني بحركة مترنحة حالما ارفع جسدي الصغير منها ...

كان انطواء أمي يزداد بمرور الأيام .. ورغبتها في التقوقع والعزلة تتنامى .. أصبحت ترفض الخروج أو استقبال الزوار برغم محاولات أبي المستميتة لجعلها تعيش حياة طبيعية .. في يوم غائم مكفهر خرج أبي إلى عمله بعد أن اخبر أمي بأنه سيعود ومعه زوار أتوا من بلدته البعيدة .. أمرها بإعداد طعام لائق وتنظيف المنزل .. والاستحمام .. ههة نسيت إخباركم بان أمي خاصمت النظافة منذ أمد بعيد ... فقد أصبحت تخاف الماء ايضاً ..
.
اريد حلاً 2
طارق فتحي
اعترافات نسائية جريئة
طعم الحليب بالدم
بعد خروج آبي حملتني أمي كالمعتاد وأغلقت الباب من الداخل .. أرضعتني حتى غفوت كان نوماً مليئاً بالأحلام .. ولكن هل يحلم من هم في مثل عمري ؟؟ لا ادري لكنني كنت احلم بألوان جميلة ومساحات واسعة .. وقدم لا يربطها حبل ... صحوت على وقع الصمت الثقيل الغريب .. زحفت خارج فراشي الأرضي الذي صنعته أمه أمانا لي مخافة الوقوع من مكان عال .. وبخطوات متعثرة اتجهت إلى الخارج بحثاً عنها ... ووجدتها ..
كانت نائمة على الأرض بوضعية غريبة .. عيناها مغمضتان بسكون ... يداها مضمومتان على صدرها ... ومن حولها انتشرت بقعة لون احمر داكن .. نفس اللون الذي أراه في أحلامي .. كنت جائعة زحفت بهدوء كيلا أوقظها من نومها .. دفعني فضولي لمعرفة ماهية هذا اللون الذي يملا كل مكان في جسد أمي الضئيل .. عندما أعياني البحث وغلبني الجوع
أزحت يدها عن صدرها وبحثت عن مصدر غذائي حتى وجدته كان مليئاً بالحليب .. وملطخاً باللون الأحمر الداكن .. لم اهتم فأنا جائعة .. كان الطعم غريباً لكني جوعي كان أقوى فواصلت الرضاعة .. أغراني سكون أمي بارتشاف اكبر كمية ممكنة من المزيج الأبيض والأحمر .. بعد الشبع وكعادة الأطفال عدت إلى النوم في حضن أمي الذي أدهشتني برودته فقد اعتدته دافئاً ..
لم ادر كم مضى من الوقت ونحن نيام فقد استيقظت فزعة على صراخ آبي وهو ينتزعني من حضن أمي البارد ... وفجأة امتلا بيتنا الخالي دوماً بإعداد كبيرة من البشر .. كانوا يصدرون أصوات عالية ومزعجة .. وجدت نفسي أتنقل بين الأذرع الغريبة وأنا اصرخ مطالبة بان يعيدوني إلى حضن أمي ...
بعد عدة سنوات أخبرتني زوجة آبي التي تبادلني كرهاً بكره بأنني طفلة مجنونة وقد ورثت جنون أمي من دمها الذي رضعته مع الحليب بعد أن انتحرت بقطع معصميها خوفاً من مقابلة ضيوف آبي .. كانت الصفة التي ألصقتها بي رخصة استخدمتها بكل مهارة لفعل ما يحلو لي والهروب من العقاب القاسي عن أفعالي ضد زوجة آبي الشريرة وأطفالها القذرين المزعجين
آهـ ... كم أتوق إلى هدوء بيت أمي وعزلتها عن العالم .. كم اكره زحام بيت أبي واكره الأصوات التي تملاه .. كم اكره الناس كلهم ... لقد عثرت زوجة آبي على دفتر يومياتي الذي أخبئه بكل حرص .. قرأته بكل وقاحة .. أعطته لأبي كي تدلل به على جنوني الوراثي .. فما كتب فيه لا يمكن أن يصدر عن طفلة في الثانية عشرة من عمرها .. وهو يظهر بوضوح اختلال عقلي وجنوني الخفي الذي قد ينفجر في أي لحظة ..
خاف آبي من دفتري فمزقه إلى قطع صغيرة واحرقه .. لقد قتل آبي صديقي الوحيد الذي أودعته أسراري منذ أن تعلمت الكتابة والقراءة .. الوحيد الذي يسمعني ويفهمني .. الوحيد الذي لا ينعتني بالجنون ... لحظتها فقط أحسست بجوع إلى طعم الدم ...
في تلك الليلة تسللت إلى المطبخ واخترت سكينا كبيراً وحاداً .. جلست في الظلام ارقب آبي حتى خرج إلى الصلاة .. ودخلت إلى غرفة الشريرة التي تسببت في مقتل صديقي .. كانت ضربة واحدة أودعتها كل قوتي وحقدي لهذه المرأة التي احتلت مكان أمي في قلب آبي .. لم تصرخ .. فقط فتحت عينان فزعتان للحظة ونظرت في عمق عيوني ثم أغمضتهما إلى الأبد


اريد حلاً 3
طارق فتحي
اعترافات نسائية جريئة
طعم الحليب بالدم
.. ولم يكن طعم دمها كطعم دم أمي .. لا باس .. ربما أجد الطعم الذي ابحث عنه في دم أطفالها القذرين .. فهم مثل أمي يكرهون الماء ويقاطعون الاستحمام ...
ههة .. أيقنت الآن انه ليس هناك طعم دم شبيه بدم أمي .. ولكن هناك مشهد شبيه .. عودة أبي من الصلاة وصراخه .. أمواج البشر التي توافدت إلى بيتنا .. أصواتهم المزعجة ..
واخيراً ... هدؤ تام .. مثل هدؤ بيت أمي .. فقط من وقت لآخر يزعجونني بجلسات مع رجل وقور يتصنع الشجاعة في مواجهة نظراتي الثابتة .. ويطلب مني أن اخبره عن سبب إقدامي على قتل زوجة أبي وأطفالها ... انهم لا يفهمون .. لم أرد قتلهم .. فقط كنت ابحث عن طعم دم أمي ...
اقترب موعد الزيارة .. لقد وافقت على الاستحمام استعداداً لحضور أختي وطلبت أن يمنحوني ورقة وقلماً حتى اكتب رسالة لأبى تحملها أختي عند مغادرتها .. الممرضة التي اقتنعت بشفائي خلال الفترة التي قضتها معي منذ سنوات .. أحضرت لي ورقة بيضاء وقلم رصاص .. لكن ما هذا ؟؟ سنة القلم مكسورة .. كيف يريدونني أن اكتب بسنة مكسورة ؟؟ ماذا يظنونني ؟؟ مجنونة ؟؟ طلبت من الممرضة بهدؤ أن تسن القلم حتى أستطيع الكتابة بخط جميل سوف اطلب من أبي أن يأتي لزيارتي .. فقد رفض أن يزورني منذ كم من الوقت ؟؟ لا ادري ربما عشر سنوات أو اكثر منذ آخر لقاء لنا ..
أتت أختي .. أنها تشبهني كثيراً ... نفس الملامح والطول .. حتى وزني المتهاوي تشابهني فيه .. جلسنا .. تسامرنا سألتها عن آبي أخبرتني بأنه تزوج مرة أخرى وانجب طفلة وحيدة أعطاها اسمي .. كنا نضحك بحبور ... وفجأة .. شعرت بالجوع ... يا الهي احتاج إلى رضعتي .. عفواً اقصد وجبتي ... نظرت إلى أختي اللاهية عني بالنظر حولها .. كان العرق الموجود في عنقها النحيل ينبض بإغراء .. حاولت أن أقاوم بكل ما املك من إرادة .. اعذروني لم استطع .. فهويت بقلم الرصاص المسنون على ذلك النابض المغري ...
آهـ .. أخيرا .. طعم دم شبيه بدم أمي ... نفس المذاق .. كم احب هذا المذاق .. كم بحثت عنه منذ طفولتي ..
ما هذا الصوت المزعج ؟؟ إنها الممرضة .. لقد أصيبت بالجنون .. لابد انه تأثير مخالطة المرضى .. أنها تصرخ بهستريا .. إنها تحاول أن تخنقني ... إنها تضغط بكلتا يديها على عنقي النحيل ... لا استطيع التنفس ... طعم الدم يملا حلقي ... أمي .. أنا أراك .. أري يدك الممدودة إلى ... أشم رائحتك .. أخيرا سأعود إليك ونبقى سوياً ..
ملحوظة :
كتب في تقرير الطبيب الشرعي الذي عاين الجثة بان الضحية طعنت نفسها بقلم حاد في الشريان الرئيسي في العنق وكان اندفاع الدم قوياُ حيث فشلت محاولات الممرضة لإنقاذها عن طريق الضغط عليه .
كتب في تقرير الطبيب النفسي أن المذكورة أدخلت المصح منذ عشرة أعوام بعد أن قتلت زوجة أبيها وأطفالها .. وكانت هناك شكوك بأنها ربما شربت القليل من دمائهم .. .. هي شخصية ذهانية مصابة باكتئاب حاد وانفصام في الشخصية بصور لها وجود أخت تشبهها وتتكلم معها .. وتعاني من ميول انتحارية قوية وربما تلعب الوراثة دوراً فقد انتحرت والدتها بقطع شرايين يديها عندما كانت المذكورة طفلة في الثانية من عمرها ...





امرأة في الاربعين 1
طارق فتحي
‏ صباح الخير يا سيدي أكتب لك عقب ليلة مؤرقة لم أذق فيها طعم النوم وتشبه ليالي كثيرة فاتت وأخري بلاشك آتية‏..‏ لن أطيل عليك المقدمات‏,‏ لكن أرجو أن تعلم أن رأيك وأراء اعزائي في ناديكم الرائع سيكون هو الشعرة الذي أصل بها حياتي أو القشة التي تقصم ظهر البعير‏,.
أنا سيدة عمري‏39‏ عاما نشأت في أسرة أكثر من ميسورة أعطاني الله الكثير من نعمه التي أشكره عليها في كل لحظة‏,‏ ما زلت أراعيه في تصرفاتي قدر استطاعتي حتي هذه اللحظة‏,‏ فقد كنت دائما سندريلا العائلة كما كانوا يدعونني مما جعلني اشهر بنات الحي الراقي الذي نسكنه في ذلك الوقت لجمالي المبهر.الذي لا تخطئه العين وذكائي الذي أهلني لكلية القمة التي يبحث عنها الجميع ولباقتي التي كانت محل اعجاب العائلة ولاسيما شبابها الذين تهافتوا لخطبتي منذ كنت في المدرسة الثانوية‏,.
لكن أبي رحمه الله رفض لحين انتهائي من دراستي وكان محقا ومع أول شهر في الجامعة تعرفت علي زوجي الذي كان يكبرني بخمسة أعوام‏,‏ رأيته أوسم الجميع وعشقته بأعوامي السبعة عشر عشقا كما حكوا عن جولييت أو أكثر‏.‏ المهم تقدم لخطبتي فرفضه أبي لصعوبة دراستي وكذلك لأنه رأي أنه غير لائق من الناحية الاجتماعية وكان أول صدام في حياتي مع أبي‏,‏

بل قل الصدام الوحيد وأصررت ولم تفلح محاولاتي وافترقنا لسنوات لم أنساه فيها لحظة وحاولوا خطبتي عدة مرات فشلت جميعا‏,‏ لأنه كان طيفا في خيالي‏.‏ أما هو فتزوج بعد فترة وانجب ولدا وحيدا ولم تنجح حياته لأسباب أراها خارجة عن ارادته. وبعد مرور أكثر من ثماني سنوات من انفصاله عاود الاتصال بي ولم أشعر بأني تركته لحظة‏,‏ تواصل الكلام كأني كنت معه بالأمس وتقدم لي مرة أخري ورفضه والدي لنفس السبب السابق‏,‏ بالإضافة لظروفه الجديدة لكني كنت تخرجت وعملت وأصبحت أقوي‏,‏ ولن أطيل عليك تم الزواج وحققت حلم عمري مع الرجل الذي ذبت فيه عشقا.

سهرت من أجله الليالي الطوال ومن أول أسبوع اكتشفت يا سيدي أنه مريض بالبرود فهو لا يري جمالي إلا أمام الناس‏,‏ أما في البيت فهو يكاد لا يشعر بي‏,‏ عرفت معني الحرمان وأنا بعد عروس في أوج تألقها كلمته طلبت منه أن يأمرني بما يريد‏,‏ فعلت كل ما يمكن لفتاة مثلي بلا خبرة أن تفعل لجأت لصديقات أكبر‏,‏ تعلمت فنونا ربما لا تعلمها إلا بنات الليل لعله يشعر بي لكنه أبدا لم يشعر‏,‏

كان يقابلني كل أسبوعين‏,‏ أحيانا أكثر بعد محاولات مستميتة مني لأني كنت أحبه لحد الجنون‏,‏ وهنا يجب أن تعلم أني من الشخصيات شديدة العناد والكبرياء لكني أمام هذا الرجل كنت أذوب عشقا‏,‏ تفاصيل مخجلة لا أستطيع أن احكيها لك ولو كنت أعلم أن هذا الرجل لا يقدر أو مريض لحملته علي رأسي عمري كله‏,‏ لكني أصبت بلعنة من نوع غريب حبيبي أمامي وملكي ورجل كامل الرجولة لكنه لا يراني‏.‏

هل تعلم أني لجأت للدجالين أنا الطبيبة حاملة لـ‏2‏ دكتوراه وعائلتي بها أعظم أطباء مصر ألجأ للدجالين وما أفاد هذا ولا ذاك‏,‏ بكيت تحت قدميه ليالي لا أعرف عددها اطلب منه أن أفهم ليكون الجواب أحبك لا استطيع الحياة بدونك‏,‏ والرد ماذا يبعدك والجواب الانشغال بالعمل‏,‏ وأضحك جميع الناس يعملون لماذا أنت وأنا ولا جواب شافردودكلها تثير الضحك المر‏,‏
امرأة في الاربعين 2
طارق فتحي
مرت السنوات علي هذا المنوال رزقني الله بفتاتين‏13‏ و‏4‏ سنوات وطبعا فرق السن الكبير بينهما معروف سببه وفقدت القدرة علي المقاومة ما عدت استطيع‏,‏ وفقدت الرغبة فيما يمكن أن يعطيني بعد طول محايلة‏,‏ ما عاد لديه ما يلزمني وبعد مرور‏14‏ سنة علي هذه المهزلة الانسانية ومع اقتراب الأربعين أشعر بأني أضعت عمري هباء‏,‏

فقدت حبي له‏,‏ طلبت الطلاق عشرات المرات فكان يبكي ويعد بالاصلاح وفعلا ينصلح الحال لأيام ثم يعود لنفس العادات الآن لم أعد أطلب الاصلاح ولا أريده لأني فعلا زهدته أصبحت كرامتي التي تبعثرت سنوات عند قدميه تقف بيني وبينه‏,‏ ما عدت أريده حتي إن طلب هو‏,‏ أعلمته أن حبي مات أصر علي عدم الطلاق‏,‏ مدعيا أنه يحبني

أما أنا فاكاد أجزم أنه ما أحبني يوما بل أحب المظهر الاجتماعي الذي يوفره له وجودي بجانبه وأحب الزوجة المتفانية التي ربت أولاده حتي الولد الذي لم أنجبه وأصبح الآن بالجامعة شابا متفوقا رياضيا تحكي عنه مصر كلها لا يعرف أما سواي‏,‏
سيدي لا تلعني لم أكن يوما ضعيفة بل إني في قسمي بالجامعة يلقبونني بكونداليزا ايماءاً إلي صلابتي فقد كنت امرأة حقيقية عاشقة والعشق ليس كفرا‏,‏ لم أفقد ايماني بالحب ابدا ولن أفقده رغم حرماني الطويل‏,‏ الآن وأنا في هذه السن ـ وبكل ضمير مرتاح لأني وحدي أعلم كم حاولت وماذا قدمت ـ
أريد أن أبدا من جديد أن أعيش كما البشر أن أشعر بأني امرأة مرغوبة ولي رجل يشتهيني‏,‏ أعرف كيف أحصل علي الطلاق رغم أنفه لكن ما يوقفني هم أولادي الثلاثة حتي الولد الذي ليس من رحمي

يستعطفني أن استمر‏.‏ هم لا يعرفون السبب وحتي بداية هذا العام لم يكن أحد في هذه الدنيا يعلم بمصيبتي حتي فاض بي فلجأت لشقيقه وهو أكثر من أخي لم أحكي له, لكني طلبت الوساطة للطلاق الهادئ‏,‏ وأخبره زوجي بالسبب‏,‏ وذكر له أني لم أقصر‏,‏ لكنه سيحاول الاصلاح واستمر الحال كما هو ـ
حياتنا تبدو مثالية أمام الناس‏,‏ أنا امرأة عملية أري أن الناس إن لم تضر لن تفيد لذلك سيكون الطلاق صدمة لمجتمعنا لا يهمني لم يعد شئ يهمني سوي أن أنجو باعصابي وما بقي من شبابي من هذا الجحيم‏,‏ فقدت كثيرا من الجمال الذي كان لكني بعد أنثي جميلة أراها في عيون من حولي بل قل صرت أبحث عنها ولولا أني بعد بعقلي لانزلقت في علاقة مع شاب يصغرني بعشر سنوات منذ شهور قابلته في أحد المؤتمرات

وطاردني أسابيع أسلمت اذني له وسهرت معه ليالي علي النت وأفقت لأجد نفسي أفكر فيه لملمت اشلاء انوثتي‏,‏ وانسحبت بهدوء قبل أن أنزلق للهاوية ويكفي أني أشعر بأن روحي تهاوت لما يغضب الله وهذا ما لا أحتمله فليس أقسي علي المرأة الحرة من أن تعطي من لا يستحق ما لا يستحق حتي ولو كانت مجرد كلمات‏..‏
سيدي السؤال الآن هل أضيع ما بقي من عمري أم أنجو؟‏!‏
أريد إجابة واضحة ويعلم الله أني ما نقلت إلا قليلا من سواد الحقيقة‏.‏




امرأة في الاربعين 3
طارق فتحي

تعليق ادارة النادي
‏ ‏ سيدتي‏...
تسألينني هل تختارين طريق النجاة أم تضيعين ما بقي من عمرك‏,‏ وكأنك تختصرين حياتك في السؤالين‏,‏ إما النجاة بالطلاق‏,‏ أو إضاعة ما تبقي من عمر بالاستمرار مع هذا الزوج‏,‏ فيما الحقيقة التي أراها أن التفكير في إجابة حسب هذا المنهج أيا كانت‏,‏ ستكون خاطئة وظالمة لكل الأطراف‏,‏ فما بين الخيارين حكايات طويلة‏,‏ تضحية‏,‏ انتظار‏,‏ تحد وزواج وأبناء‏,‏ هل نسقط كل هذا‏,‏ ويكون الحل الانتحار بالاستمرار‏,‏ أو الفرار بالسعادة المنتظرة؟‏!
‏ سيدتي‏....‏
لقد انتظرت هذا الزوج طويلا‏,‏ وتحديت من أجله عائلتك‏,‏ وذهب‏,‏ تزوج وعاد إليك‏,‏ ليجدك في انتظاره‏,‏ وكأنه لم يغب يوما عنك‏,‏ ولكنك بعد أسبوع واحد من الزواج‏,‏ اكتشفت بروده العاطفي‏,‏ اختزلت حياتكما كلها في التعبير عن المشاعر به لفظا وحسا‏,‏ أنجبت طفلين‏,‏ وعشتما حياة يحسدكما الناس عليها‏,‏ فيما تتألمين لأنه لا يقدر هذا الجمال الذي تمناه الجميع‏,‏
لم تقولي كلمة واحدة في رسالتك عن سوء سلوكه عن بخله أو قسوته‏,‏ عيبه الكبير ويكاد يكون الوحيد أنه لا يقدر جمالك ولا يسعي لإرضائك‏,‏ حتي وصل بك الأمر إلي اللجوء للدجالين وأنت الطبيبة صاحبة الاثنين دكتوراه‏,‏ وها هو يسقط من قلبك‏,‏ وتندفعين في علاقة مراهقة مع شاب يصغرك بعشر سنوات‏,‏ وكأنك تدفعينني دفعا إلي نصحك بالطلاق حتي لا تسقطي في الخطيئة‏,‏ ولكني لن اقول لك هذا‏,‏ سأقول لك ما قد يصدمك‏:‏ إنها أزمة الأربعين يا سيدتي‏,‏ ولا تعتقدي أنه من العيب الاعتراف بأزمة هذا العمر‏,‏ تلك الأزمة التي يمر بها الرجال‏,‏ كما تمر بها النساء‏,‏ وإن كانت عندهن أكثر وضوحا‏.‏

فها أنت تتخبطين وتختصرين سعادتك في العلاقة الزوجية‏,‏ وكلمات الغزل التي مازالت تطاردك‏..‏ بالطبع لا أقلل من حقك واحتياجك لهذه العلاقة المشروعة‏,‏ ولكنها ليست كل السعادة‏,‏ كما تعتقدين‏..‏ تفكيرنا هو الذي يشعرنا بالسعادة أو بالشقاء‏,‏ وحبك الذي بدأ كالأسد ينصرف‏,‏ الآن كالحمل‏,‏ كاشفا كل السوءات‏,‏ بعد أن كان ساترا لكل المعاصي‏.‏

سيدتي‏...‏ أنت أم لطفلين وتربين ثالثا وصل إلي الجامعة‏,‏ ألا يسعدك هؤلاء‏....‏ ألا تسعدك صورتك أمام الجميع‏...‏ ألا يرضيك تمسك زوجك بك علي الرغم من إصرارك علي الطلاق‏,‏ وبعد أن اعترف بأخطائه وأشاد بك لشقيقه‏,‏ إلي أين تريدين الذهاب بقطار الحياة السريع‏,‏ وأنت تحملين علي كتفيك‏,‏ وفي قلبك طفلين‏,‏ هل إلي علاقة حب تؤمنين به‏,‏ أم إلي وهم سيدفع ثمنه آخرون؟‏!‏

لقد مررت يوما مثلك بمحنة الأربعين‏,‏ وشعرت في لحظة بأن العمر تسرب من يدي خلسة‏,‏ ولكني تلفت حولي‏,‏ فوجدت اشياء جميلة حققتها‏,‏ وتأملت آخرين وهبتهم الوجود‏,‏ واكتشفت أنها مرحلة قصيرة من التأمل ما تلبث أن تنقضي‏,‏ وأن الاستمتاع بما بين أيدينا أفضل بكثير من التضحية به من أجل مستقبل مجهول‏,‏ خاصة إذا كان الواقع يمكن بمزيد من الإصرار ــ إصلاحه وتغييره ــ فزوجك لا يعاني من علة‏,‏ ولكنه قد يحتاج إلي استشارة طبيب‏,‏ وإلي مزيد من حنانك واحتوائك‏.‏
سيدتي‏...‏
ليس لأحد حظ كل الأيام‏,‏ ونادرا ما يكون الزواج زواج عقل‏,‏ لكن الطلاق يجب ان يكون طلاق عقل‏,‏ لأن الزوجين يعرف كلاهما الآخر‏.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى