مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: تعدد زوجات الرسول الكريم (ص) 2

اذهب الى الأسفل

* مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: تعدد زوجات الرسول الكريم (ص) 2 Empty * مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة: تعدد زوجات الرسول الكريم (ص) 2

مُساهمة  طارق فتحي الأحد أبريل 30, 2017 3:49 am

رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – ممن زوجاته – رضي الله تعالى عنهن
(6) أم المؤمنين/أم سلمة بنت أمية بن المغيرة– رضي الله عنها
نسب أم المؤمنين/ أم سلمة - رضي الله عنها -
نسبها:
هي هند بنت أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بني مخزوم، وأمُّها هي عاتكة بنت عامر بن ربيعة بن عبد المطلب، أخوالها لأبيها عبد الله وزهير ابنا عمَّة رسول الله . وهي قرشية مخزومية ، وكان أبوها -رضي الله عنها- من أجواد قريش،يقال له : زاد الركب ، وذلك لجوده ، حيث كان لا يدع أحدا يسافر معه حامل زاده، بل كان هو الذي يكفيهم. وقد تزوجها أبو سلمة عبد الله بن عبد الأسد المخزومي(1) محب الدين الطبري: السمط الثمين ص133.
وكانت أم سلمة هند بنت أبي أمية المخزومية متزوجة بأبي سلمة - وهو عبد الله بن عبد الأسد المخزومي - فولدت له أربعة أولاد، وقد جرح في معركة " أُحد " فداوى جرحه شهراً حتى برئ، ثم خرج في سرية " قطن " فغنم نعماً ومغنماً جيداً وبعد إقامته بقليل انتقض عليه جرحه فمات -رضي الله عنه- وهو صاحب النبيّ -صلّى الله عليه وسلَّم- وأخوه من الرضاعة، وهو أول من هاجر إلى الحبشة.(2) ابن الأثير: أسد الغابة 3/190. ابن خزيمة (2073)، وابن هشام: السيرة النبوية 1/ 334، 335، والسهيلي: الروض الأنف 2/107.
زواجها بالنبي – صلى الله عليه وسلم -

ولما انقضت عدتها في شهر شوال عام /4 هـ/،بعث إليها أبو بكر يخطبها فلم تتزوجه ، وخطبها النبي صلى الله عليه و سلم إشفاقا عليها ورحمة بأيتامها أبناء وبنات أخيه من الرضاعة . فقالت له: مثلي لا يصلح للزواج ، فإني تجاوزت السن ، فلا يولد لي، وأنا امرأة غيور، وعندي أطفال ، فأرسل إليها النبي صلى الله عليه و سلم خطابا يقول فيه : أما السن فأنا أكبر منكِ ، وأما الغيرة فيذهبها الله ، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهدِ ولا غائب إلا أرضاني. فأرسلت أم سلمةابنها عمر بن أبي سلمة ليزوجها بالرسول صلى الله عليه و سلم .
عَنْ زِيَادِ بنِ أَبِي مَرْيَمَ:
قَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ لأَبِي سَلَمَةَ: بَلَغَنِي أَنهُ لَيْسَ امْرَأَةٌ يَمُوْتُ زَوْجُهَا، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، ثم لَمْ تَزَوَّجْ، إِلاَّ جَمَعَ اللهُ بَيْنَهُمَا فِي الجَنَّةِ، فَتَعَالَ أُعَاهِدْكَ أَلاَّ تَزَوَّجَ بَعْدِي، ولاَ أَتَزَوَّجُ بَعْدَكِ.
قَالَ: أَتُطِيْعِيْنَنِي؟
قَالَتْ: نَعَمْ.
قَالَ: إِذَا مِتُّ تَزَوَّجِي، اللَّهُمَّ ارْزُقْ أُمَّ سَلَمَةَ بَعْدِي رَجُلاً خَيْراً مِنِّي، لاَ يُحْزِنُهَا وَلاَ يُؤْذِيْهَا.
فَلَمَّا مَاتَ, قلت: مَنْ خَيْرٌ مِنْ أَبِي سَلَمَةَ؟
فَمَا لَبِثت، وَجَاءَ رَسُوْلُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَامَ عَلَى البَابِ فَذَكَرَ الخِطْبَةَ إِلَى ابْنِ أَخِيْهَا، أَوِ ابْنِهَا.
فَقَالَتْ: أَرُد عَلَى رَسُوْلِ اللهِ، أَوْ أَتَقَدَّمُ عَلَيْهِ بِعِيَالِي.
ثم جَاءَ الغَدُ، فَخَطَبَ.

وعن أمِّ سلمة قالت:
أتاني أبو سلمة يومًا من عند رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: لقد سمعتُ من رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قولاً سُرِرْتُ به. قال: "لا يُصِيبُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ مُصِيبَةٌ فَيَسْتَرْجِعَ عِنْدَ مُصِيبَتِهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أْجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي،وَاخْلُفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا. إِلاَّ فُعِلَ ذَلِكَ بِهِ".
قالت أمُّ سلمة: فحفظت ذلك منه.
فلمَّا تُوُفِّي أبو سلمة استرجعتُ، وقلتُ: اللهم أجرني في مصيبتي، واخلف لي خيرًا منها. ثم رجعتُ إلى نفسي فقلتُ: مِن أين لي خيرٌ من أبي سلمة؟ فلمَّا انقضَتْ عدَّتي استأذن عليَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأنا أدبغ إهابًا لي، فغسلتُ يدي من القرظ(القَرَظ: شجر يُدبغ به. انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة قرظ 7/454(.وأذنتُ له، فوضعت له وسادة أدم حشوها ليف، فقعد عليها، فخطبني إلى نفسي،فلمَّا فرغ من مقالته قلتُ: يا رسول الله، ما بي أن لا تكون بك الرغبة فيَّ، ولكني امرأة بي غَيرة شديدة، فأخاف أن ترى منِّي شيئًا يعذبني الله به، وأنا امرأة قد دخلتُ في السن وأنا ذات عيال.
فقال: "أَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْغَيْرَةِ فَسَوْفَ يُذْهِبُهَا اللَّهُ مِنْكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ السِّنِّ فَقَدْ أَصَابَنِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَكِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرْتِ مِنَ الْعِيَالِ فَإِنَّمَا عِيَالُكِ عِيَالِي".
فقالت: فقد سَلَّمْتُ لرسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.
فقالت أمُّ سلمة: فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرًا منه رسولَ الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (3)ابن كثير: السيرة النبوية 3/175..
عن ابْنُ عُمَرَ بنِ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيْهِ:
أَن أم سَلَمَةَ لما انقضت عِدَّتُهَا، خَطَبَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَرَدته، ثم عُمَرُ، فَرَدته.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا رَسُوْلُ اللهِ، فَقَالَتْ: مَرْحَباً، أَخبر رسول اللهِ أَنِّي غَيْرَى، وَأَنِّي مُصْبِيَةٌ، وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْ أَوْلِيَائِي شَاهِداً.
فَبَعَثَ إِلَيْهَا: (أَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي مُصْبِيَةٌ؛ فَإِنَّ اللهَ سَيَكْفِيْكِ صِبْيَانَكِ، وَأَمَّا قَوْلُكِ: إِنِّي غَيْرَى، فَسَأَدْعُو اللهَ أَنْ يُذْهِبَ غَيْرَتَكِ، وَأَمَّا الأَوْلِيَاءُ؛ فَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْهُم إِلاَّ سَيَرْضَى بِي).
قَالَتْ: يَا عُمَرُ، قُمْ، فَزَوِّجْ رَسُوْلَ اللهِ.

الحكمة من زواج النبي – صلى الله عليه وسلم – من أم سلمة – رضي الله عنها –
لا ينكر أحد جود وكرم زاد الركب أمية بن المغيرة، ولا يُنكر أحد شرف وفضل زوج أم سلمة، فهو صاحب الهجرتين، وممنْ حضروا بدرا وأحد وغيرها من السرايا، ومات متأثرا بجرح أُحد، فضلا عن أن أبيها زاد الركب أمية بن المغيرة، أجود وأكرم رجال قريش، فقد جمعت أم سلمة الشرف كله من ناحية أبيها، ومن ناحية أمها: عاتكة بنت عامر من بني فراس الأمجاد، ومن ناحية زوجها عبد الله بن عبد الأسد ابن عمة الرسول – صلى الله عليه وسلم – وأخوه في الرضاعة، فقد مات عنها وله منها: سلمة وعمر وزينب ودرة – وقد دعا لها زوجها وهو على فراش الموت بأن يبدلها زوجا غيرا منه، فكان الزوج هو الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فكان زواجه منها – صلى الله عليه وسلم – تكريما لها، ثم تكريما لزوجها، فيرعى له زوجته، ويرعى له أبناءه على صلة الدم التي تربط بينهما، هذا بخلاف ما فعله أبو سلمة لنصرة الإسلام، خاصة بعد رفضها الزواج من كل من: أبو بكر الصديق، وعمر بن الخطاب – رضي الله عنهما –

فالرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أولى الناس برعاية أم سلمة و أبناءها من غيره، ولذا فقد تكفل برعاية الأيتام، فكانوا من ربائبه، وأهل بيته، حتى أنه – صلى الله عليه وسلم – زوج سلمة من أٌمامة بنت حمزة بن عبد المطلب، عمه الشهيد – رضي الله عنه – أبعد ذلك يمكن أن يُقٌال في ذلك الزواج الذي كان الهدف منه تكريم أم سلمة، وزوجها، ورعاية أبنائها، ثم إقامة روابط المصاهرة مع أجود وأكرم الرجال أمية بن المغيرة، أيمكن أن يُقال أنه زواج كان القصد منه الهوى والشهوة؟!

رابعا: مآخذ أعداء الإسلام بشأن المرأة:
(4) تعدد زوجات الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
ثانيا: أحوال و ملابسات زواجه – صلى الله عليه وسلم – من زوجاته – رضي الله تعالى عنهن -
(4) أم المؤمنين/حفصة بنت عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما -
هي حفصة بنت الفاروق عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بنكنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.وكانت من بني عدي من قريش من قبيلة كنانة من بني خندف من قبائل مضر من العرب العدنانية،أمها الصحابية الجليلة: زينب بنت مظعون بن وهب بن حبيب بن حذافة بن جمح بن عمرو بن هصيص بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان. وزينب هذه هي أخت الصحابي الجليل عثمان بن مظعون( الطبقات : لابن سعد ج 8\ 82
السيدة حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولدت قبل المبعث بخمسة أعوام وتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم سنة ثلاث من الهجرة بعد أن توفي زوجها المهاجر ( خنيس بن حذافة السهمي ) الذي توفي من آثار جراحة أصابته يوم أحد، وكان من السابقين إلى الإسلام هاجر إلى الحبشة وعاد إلى المدنية وشهد بدرا وأحدا فترملت ولها من العمر عشرون سنة ، وقيل ثمانية عشر عاما.

قد يتزوج الإنسان أحياناً من بعض القبائل أو الأشخاص ، إمّا ليقوّي أواصر العلاقة معهم ، أو ليأمن جانبهم فيما إذا كان يحذر منهم ، فإنّ الزواج يخلق رابطة يصعب على الطرف تجاوزها وغض النظر عنها ، وقد يكون الزواج المتقدم لنكتة سياسية هي تقوية الإسلام فيما إذا كان أب الزوجة له شوكة في قومه بحيث يكون الزواج موجباً لدخول القبيلة بأكملها في الإسلام، وقد يكون الزواج تكريما لأب الزوج وذلك إذا كان الزوج ذا منزلة ورفعة وعلو شأن من هذا الباب كان زواج النبي – صلى الله عليه وسلم – من السيدة حفصة بنت عمر – رضي الله عنهما – (2). الإتقان في علوم القرآن : للحافظ السيوطي ج 1 ص 58

ترملت حفصة رضي الله عنها وعمرها لم يتجاوز الثامنة عشر، وقد تألم لذلك والدها عمر رضي الله عنه وحزن عليها وآلمه أن يرى الهم يغتال شبابها، وأوجعه أن يرى ملامح الترمل تغتالها، وأصبح يشعر بانقباض في نفسه كلما رأى ابنته الشابة تعاني من عزلة الترمل، فأخذ يفكر بعد انقضاء عدتها في أمرها، ومنْ سيكون زوجا لابنته ثم هداه تفكيره إلى اختيار زوج لها يؤنس وحدتها بعد أن مضى عليها ستة أشهر على فراق الحبيب وهي حزينة، و مرت الأيام ولم يخطبها أحد، وقد كان من تقاليد العرب في الجاهلية والإسلام أن يسعى أحدهم إلى زواج ابنته أو أخته أو وليته، دون أن يرى بأسًا أو حرجًا، وذلك لاعتقادهم أن البقاء في البيت منقصة، وسعى في عرضها على من يرى فيه الكفاءة.
فعرضها عمر على أبي بكر الصديق، فسكت "الصديق" ولم ينطق بكلمة، فخرج من عنده مهمومًا، وعرضها على عثمان فرد عليه ردًا جميلاً واعتذر في رفق ولين قائلا: ، فقال: بدا لي اليوم ألا أتزوج، فوجد عليهما وانكسر، وزاد غضبه لأنه عرض التقية النقية على أحب الناس إليه وسأل نفسه وهل مثل حفصة ترد؟!وهي من هي في شرفها وشبابها وتقواها وتعبدها؟! ودخل عمر على النبي – صلى الله عليه وسلم – ورآه النبي – صلى الله عليه وسلم – على حاله تلك، فسأله عما به، فقص قصته ولمح النبي غضب عمر من صاحبيه، فطيب خاطره وهدأ من غضبه وقال له: "يتزوج حفصة منْ هو خير من عثمان – إن شاء الله – ويتزوج عثمان منْ هي خير من حفصة."

وعمر لا يدري معنى قول النبي لما به من هموم لابنته، وتمر الأيام ، وزوج رسول الله عثمان بابنته أم كلثوم بعد وفاة أختها رقية، ثم يخطب النبي – صلى الله عليه وسلم - السيدة حفصة ، فيزوجه عمر ابنته حفصة، وينال شرف مصاهرة النبي، ويرى نفسه أنه قارب المنزلة التي بلغها أبو بكر من مصاهرته من ابنته عائشة.
لقي أبا بكر الصديق عمر بن الخطاب – رضي الله عنهما – الذي أخبر عمر قائلاً: "لقد سمعت رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يذكر حفصة ولم أكن لأفشي سره، ولو تركها لتزوجتها فلا تجد في نفسك عليّ!!، يعني لا تغضب مني يا عمر، ومد يده مهنئًا ومعتذرًا وتهلل وجه عمر من الفرح على هذا الشرف العظيم، الذي ما كان يتطلع إليه عمر، ولا دار بخلده أبدًا، أتكون حفصة أمًا للمؤمنين وتنال شرف الزواج من أشرف الخلق أجمعين؟ وكان ذلك من أعظم الإكرام والمنة والإحسان لحفصة وأبيها – رضي الله عنهم-. وكان زواجه بحفصة سنة ثلاث من الهجرة على صداق قدره 400 درهم، وسنها يومئذ عشرون عاما(3) حفصة بنت عمر بن الخطاب أم المؤمنين - أعلام النساء، عمر رضا كحالة، 1959

وبذلك تحققت فرحة عمر وابنته حفصة، وبارك الصحابة يد محمد بن عبد الله -عليه الصلاة والسلام- وهي تمتد لتكرم عمر بن الخطاب بشرف المصاهرة منه عليه الصلاة والسلام، وتمسح عن حفصة آلام الترمل والفرقة. أليس من حق الفاروق صاحب المنعة في قومه، والذي أعز الله به الإسلام، والذي هاجر من مكة إلى المدينة علانية، مهددا متوعدا منْ يحاول أن يعترض طريقه، والذي كان خبر إسلامه صاعقة نزلت على أشراف قريش، والذي كان خير نصير للإسلام والمسلمين، ألا يحق له أن يحظى بمصاهرة النبي – صلى الله عليه وسلم – وينال ذلك الشرف، الذي ناله الصديق أبو بكر – رضي الله عنه - ؟! أم أن زواجه – صلى الله عليه وسلم – من السيدة حفصة – كان نابع من شهوة الجسد كما يزعم الحاقدون؟!

ثالثا: تعدد الزوجات في ظل الإسلام:
قبل الحديث عن تعدد الزوجات في الإسلام، نود أن نلفت الأنظار إلى أن الإسلام قد جاء إلى مجتمع جاهلي، كان التعدد من اخص واخلص صفاته، التي كان يمارسها في حياته دون تحديد لحد معين ومعروف من الزوجات، ولكن كان المعيار الوحيد، الذي يتحكم في كم زوجات الرجل في البيئة العصر الجاهلي، هو مقدار الثروة والمال، الذي تحت يديه، والذي يساعده في تحقيق غرضه بالزواج، أو التسري بالإماء والجواري.
فلقد ثبت عن عكرمة – رضي الله عنه – أن الرجل من قريش كان يتزوج العشر من النساء فأكثر، كما ثبت أن غيلان بن سلمة الثقفي قد أسلم، وله عشر نسوة قد أسلمن معه، فأمره الرسول – صلى الله عليه وسلم – بإمساك أربع ومفارقة الباقيات، كذلك الحال مع نوفل بن معاوية الذي أسلم وله خمس زوجات فأمسك أربعا، وفارق واحدة، وكذلك قيس بن الحارث الأسدي الذي أسلم وتحته ثمان نسوة فأمسك أربعا وفارق أربعا منهن.
من كل ما تقدم يتضح لنا بما لا ريب فيه، أن تعدد الزوجات كان شريعة معمولا بها وسائدة في جميع أجزاء الأرض، من أدناها إلى أقصاها، فلم يكن الإسلام بدعا في ذلك حينما أباح تعدد الزوجات المشروط، فكل ما فعله التشريع الإسلامي إقرار ما كان موجودا، ولكن مع التنظيم الذي لا يخدش ولا يمس كرامة المرأة، كما يزعم الجهلة من الحاقدين، وفي نفس الوقت يضمن صيانة الأعراض عن كل شائبة، ويحافظ على عدم انتشار البغاء والفسق والفجور، كما حدث في العصر الحديث في البلدان التي سارت خلف الكنيسة وقوانينها المحرمة لتعدد الزوجات.

والآن تعالين بنا نرى ماذا قال الإسلام في تعدد الزوجات قال تعالى: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِي ٱلْيَتَامَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ مَثْنَىٰ وَثُلَٰثَ وَرُبَٰعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَٰحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَٰنُكُمْ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلاَّ تَعُولُواْ } (1) النساء: 3
وإذا تسألنا عن معنى { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ } قوله: { فَٱنكِحُواْ } لوجدنا اختلاف أهل العلم على ثلاثة أراء جميعهم يعمل على رعاية وصون المرأة ماديا وأدبيا:
الرأي الأول: يبدو من حديث أم المؤمنين/ عائشة – رضي الله عنها -: فعن عروةبن الزبير قال: سألت عائشة أمّ الـمؤمنـين، فقلت: يا أمّ الـمؤمنـين أرأيت قول الله: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ }؟ قالت: يا ابن أختـي هي الـيتـيـمة تكون فـي حجر ولـيها، فـيرغب فـي جمالها ومالها، ويريد أن يتزوّجها بأدنى من سنة صداق نسائها، فنهوا عن ذلك أن ينكحوهنّ إلا أن يقسطوا فـيكملوا لهنّ الصداق، ثم أمروا أن ينكحوا سواهنّ من النساء إن لـم يكملوا لهنّ الصداق.
الرأي الثاني: وقال آخرون: بل معنى ذلك: النهي عن نكاح ما فوق الأربع، حذراً علـى أموال الـيتامى أن يتلفها أولـياؤهم، وذلك أن قريشاً، كان الرجل منهم يتزوّج العشر من النساء، والأكثر، والأقلّ، فإذا صار معدماً، مال علـى مال يتـيـمه الذي فـي حجره، فأنفقه، أو تزوّج به، فنهوا عن ذلك؛ وقـيـل لهم: إن أنتـم خفتـم علـى أموال أيتامكم أن تنفقوها، فلا تعدلوا فـيها من أجل حاجتكم إلـيها، لـما يـلزمكم من مؤن نسائكم، فلا تـجاوزوا فـيـما تنكحون من عدد النساء علـى أربع، وإن خفتـم أيضاً من الأربع ألا تعدلوا فـي أموالهم فـاقتصروا علـى الواحدة، أوعلـى ما ملكت أيـمانكم. ذكر من قال ذلك:
فعن سماك، قال: سمعت عكرمة يقول فـي هذه الآية: { وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ } قال: كان الرجل من قريش يكون عنده النسوة، ويكون عنده الأيتام، فـيذهب ماله، فـيـميـل علـى مال الأيتام. قال: فنزلت هذه الآية{وَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تُقْسِطُواْ فِى ٱلْيَتَـٰمَىٰ فَٱنكِحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ مِّنَ ٱلنِّسَاءِ }
الرأي الثالث:
وقال آخرون: بل معنى ذلك: أن القوم كانوا يتـحوّبون فـي أموال الـيتامى ألا يعدلوا فـيها، ولا يتـحوّبون فـي النساء ألا يعدلوا فـيهنّ، فقـيـل لهم: كما خفتـم أن لا تعدلوا فـي الـيتامى، فكذلك فخافوا فـي النساء أن لا تعدلوا فـيهنّ، ولا تنكحوا منهنّ إلا من واحدة إلـى الأربع، ولا تزيدوا علـى ذلك، وأن خفتـم ألا تعدلوا أيضاً فـي الزيادة علـى الواحدة، فلا تنكحوا إلا ما لا تـخافون أن تـجوروا فـيهنّ من واحدة أو ما ملكت أيـمانكم.(2) تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري

فالقرآن الكريم قد أباح التعدد، ولكن قيده يشرط صعب التحقيق، ذلك الشرط هو العدل بين الزوجات في كل شئ، ونظرا لصعوبة تحقيق ذلك الشرط ذكر الحق – تبارك وتعالى – تلك الصعوبة في موضع آخر من سورة النساء فقال - تعالى -
{ وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً} (3) النساء: 129

قال الإمام الرازي:
ثم قال تعالى: { وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ } وفيه قولان: الأول: لن تقدروا على التسوية بينهن في ميل الطباع، وإذا لم تقدروا عليه لم تكونوا مكلفين به. قالت المعتزلة: فهذا يدل على أن تكليف ما لا يطاق غير واقع ولا جائز الوقوع، وقد ذكرنا أن الأشكال لازم عليهم في العلم وفي الدواعي. الثاني: لا تستطيعون التسوية بينهن في الأقوال والأفعال لأن التفاوت في الحب يوجب التفاوت في نتائج الحب، لأن الفعل بدون الداعي ومع قيام الصارف محال.
ثم قال: { فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ } والمعنى أنكم لستم منهيين عن حصول التفاوت في الميل القلبي لأن ذلك خارج عن وسعكم، ولكنكم منهيون عن إظهار ذلك التفاوت في القول والفعل.

روى الشافعي رحمة الله عليه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقسم ويقول: " هذا قسمي فيما أملك وأنت أعلم بما لا أملك ". ثم قال تعالى: { فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ } يعين تبقى لا أيما ولا ذات بعل، كما أن الشيء المعلق لا يكون على الأرض ولا على السماء، وفي قراءة أبي: فتذروها كالمسجونة، وفي الحديث "من كانت له امرأتان يميل مع إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه مائل "
وروي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعث إلى أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمال فقالت عائشة: إلى كل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عمر بمثل هذا؟ فقالوا: لا، بعث إلى القرشيات بمثل هذا، وإلى غيرهن بغيره،فقالت للرسول ارفع رأسك وقل لعمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانيعدل بيننا قي القسمة بماله ونفسه، فرجع الرسول فأخبره فأتم لهن جميعاً.
ثم قال تعالى: { وَإِن تُصْلِحُواْ } بالعدل في القسم { وَتَتَّقُواْ } الجور { فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } ما حصل في القلب من الميل إلى بعضهن دون البعض.
وقيل: المعنى: وإن تصلحوا ما مضى من ميلكم وتتداركوه بالتوبة، وتتقوا فيالمستقبل عن مثله غفر الله لكم ذلك، وهذا الوجه أولى لأن التفاوت في الميلالقلبي لما كان خارجاً عن الوسع لم يكن فيه حاجة إلى المغفرة.(4) تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي

فالإسلام قد صان وراعا كرامة وإنسانية المرأة، كما أنه حرص على دفع كل ما يجلب الضرر للمرأة سواء كان ضررا ماديا أو ضررا معنويا، فهو يُبيح التعدد، ولكن إذا لم يستطع الزوج العدل بين زوجاته، وهو أمر بالغ الصعوبة ( نوهت عنه الآية السابقة) فعليه الاكتفاء بزوجة واحدة، حتى لا يضر نفسه، ولا يضر بغيره.
فالقاعدة الأساسية التي تحكم الحلال والحرام في الإسلام هي: لا ضرر ولا ضرار، فلا يضر المرء بنفسه، ولا يجلب الضرر عن غيره، ولذلك وجدنا الرسول الكريم كما تقدم – صلى الله عليه وسلم – يُحذر الرجال من مغبة عدم العدل بين الزوجات فقال – صلى الله عليه وسلم - " من كانت عنده امرأتان فلم يعدل بينهما جاء يوم القيامة وشقه ساقط" وفي رواية " وشقه مائل " (5) أحمد ( 2/ 347 ، 471) وأبو داود (2133) الترمذي (1141) النسائي ( 7/163) ابن ماجه (1969)
كما صح عنه – صلى الله عليه وسلم – أنه كان يقسم بين نسائه فيعدل بينهن في الكسوة والنفقة والمبيت والتودد، ويقول : " اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلومني فيما تملكه ولا أملكه" (6) أحمد ( 6/144) أبو داود (2134) الترمذي (1140)

تعدد الزوجات ضرورة ملحة:
هذا ولا يختلف اثنان على أن تعدد الزوجات يكون ضروريا لا مناص منه أو عنه في بعض الحالات منها:
أولا: - المرأة العاقر: التي لا أمل لها في الإنجاب، أمن الأفضل أن تبقى في ذمة زوجها، ويتزوج بأخرى تجلب له البنين والبنات أم يطلقها؟! أم يُحكم عليه بالحرمان من الأبناء؟!
ثانيا: الزوجة المريضة بمرض عُضال لا شفاء منه:يحول بين الرجل ولقائه الشرعي بها على النحو المعروف (الجماع)، والرجل ما زال في سن تلح فيه الغريزة عليه إلحاحا شديدًا يدفعه دفعا إلى طلب المرأة، وهو مع هذا ما يزال مرتبطا بزوجته، بالمودة والمحبة والرعاية والرحمة لا يريد أن يفارقها سواء كانت محتاجة إليه ماليا بعد ذلك أم لم تكن.
أمنْ الأفضل أن يُسمح للزوج بأن يتزوج بأخرى؟! وتظل الأولى في ذمته يرعاها على الأقل ماديا؟! أم يُفارقها ويلقي بها لمجرد مرضها ويتزوج بأخرى ؟! أ هذا أفضل؟! أم ذاك؟!
ثالثا:الوقوع في الحب: أن الرجل قد وقع في حب امرأة أخرى غير زوجته وأحبها حبًّا شديدًا ملك عليه قلبه ونفسه، ولم يستطع أن يدفع هذا الحب عن نفسه ويخشى عليها الوقوع في فاحشة الزنا.
رابعًا: عدم الانسجام الجنسي بين الزوجين والجهل به وهو ما يشكل 50% منالمشاكل الزوجية، وسنعرض لهذه الجزئية وكيفية علاجها والخروج من مشاكلهاخروجا جميلا يحقق للزوجين المتعة الكاملة والانسجام التام بإذن الله، وهو ما نجح فيه المتخصصون من علماء الطب، والاجتماع، والنفس بعد أن أصاب هذهالعلاقة الفتور والبرود.
خامسا: من الرجال من تلح عليه غريزته إلحاحا متكررًا، ومن النساء من هي على النقيض من ذلك تماما مع خلوها من المرض، لكن طبيعتها ومزاجها وتكوينها الجسدي والنفسي على نحو خاص يدفعها إلى الإقلال من النشاط الغريزي وينتهي بها إلى تعب نفسي وجسدي غير محتمل إذا هي استجابت بصفة دائمة لغريزة زوجها الملحة المتكررة، وهذا –إن يكن قليلا أو نادرًا– فهو موجود يوقع الزوجة فيما عرضنا له، ويوقع الزوج في العنت الشديد إذا طلبنا منه كبح جماحه ودفن غريزته، وقد يلجئه ذلك إلى فاحشة الزنا، أو يجعله أقرب إلى الوقوع فيه إذا عرضت له لحظات الضعف البشري وواتته الظروف.
وأيضًا فإن مطالبة الزوجة بالاستجابة الدائمة لزوجها التي تنتهي بها حتما إلى التعب الجسدي والنفسي الذي يجعلها تكره هذه العلاقة أصلا، وقد تكره الزوجية كلها من أجل ذلك. مع أنه إذا خلا الأمر من هذا الإلحاح فكل منهما محب للآخر حريص على استيفاء العلاقة الزوجية الأسرية.
سادسا: الدول التي يزيد فيها عدد الإناث على الذكور:
- فقد ثبت في الصحيحين من حديث أنس بن مالك أنه قال : ألا أحدثكـم حـديثاسمعته مـن رسـول الله صلى الله عليه وسلم لا يحدثكم أحد بعدي سمعه منه ؟ : إنمن أشراط الساعـة أن يُرفع العلم ، ويظهر الجهل ، ويفشو الزنا ويُشرب الخمـر ، ويذهب الرجال ، وتبقى النسـاء حتى يكون لخمسين امـرأة قيّم واحـد . رواهالبخاري ومسلم
- وفي حديث أبي موسى : ويُرى الرجل الواحد يتبعه أربعون امرأة يَلُذْنَ به منقِلّةِ الرجال وكثرة النساء . متفق عليه .
وتلك ظاهرة انتشرت في أغلب بلدان العالم أجمع،ففي فترة من الفترات كان عدد النساء يزيد على عدد الرجال في بريطانيا بثلاثة ملايين امرأة، ووصل في أواخر الحرب العالمية الثانية في ألمانيا أن عدد النساء وصلت إلى خمسة أضعاف عدد الرجال،فقد نقص عـدد رجـال الألمـان بعد حرب الثلاثين سنة كثيراً ، فقـرّر مجلس حكومـة ( فرانكونيـا ) إجـازةَ أن يتزوّج الرجل بامرأتين ،وفي عام 1948 أوصى مؤتمر الشباب العالمي في ميونخ بألمانيا بإباحة تعدد الزوجات حلا لمشكلة تكاثر الإناث وقلة الذكور بعد الحرب العالمية الثانية , وهناك الكثير منهم ألان يطالبوا بالتعدد .
وهكذا في الكثير من المجتمعات ليس بالكثير بل في كل المجتمعات عدد النساء أكثر من عدد الرجال، الآن نحن أمام حقيقة علمية وهي: أن عدد النساء أكثر من عدد الرجال، ألا يتم تعدد الزوجات، ويقتصر الرجل على امرأة واحدة، مما يعرض الكثيرات للفسق والشذوذ، كما هو الحال في أغلب بلدان العالم المتقدم؟! أم يُسمح بتعدد الزوجات لصيانة كرامة و إنسانية المرأة؟!

أراء في تعدد الزوجات:
• رأي الطب:
- يقول الدكتور محمد هلال الرفاعي أخصائي أمراض النساء والتوليد:
عدم الزواج أو تأخيره يعرض المرأة لأمراض الثدي أكثر من المتزوجة، وكذلك سرطان الرحم والأورام الليفية.. وقد سألت كثيرا من المترددات على العيادة: هل تفضلين عدم الزواج أم الاشتراك مع أخرى في زوج واحد ؟
كانت إجابة الأغلبية الساحقة هي تفضيل الزواج من رجل متزوج بأخرى على العنوسة الكئيبة، بل إن بعضهن فضلت أن تكون حتى زوجة ثالثة أو رابعة على البقاء في أسر العنوسة.


• رأي طبيبة:
وإذا كان هذا هو رأى العلم، فإن المرأة الطبيبة تكون أقدر على وصف الحال بأصدق مقال.. تقول طبيبة في رسالة بعثت بها إلى الكاتب الكبير أحمد بهجت( إنها قرأت إحصائية تقول: إن هناك ما يقرب من عشرة ملايين سيدة وآنسة بمصر يعشن بمفردهن.. وهن إما مطلقات أو أرامل لم ينجبن أو أنجبن، ثم كبر الأبناء وتزوجوا أو هاجروا، أو فتيات لم يتزوجن مطلقا..
وتقول الطبيبة: هل يستطيع أحد أن يتخيل حجم المأساة التي يواجهها عالم (النساء الوحيدات) ؟ إن نساء هذا العالم لا يستطعن إقامة علاقات متوازنة مع الآخرين، بل يعشن في حالة من التوتر والقلق والرغبة في الانزواء بعيدا عن مصادر العيون و الألسنة والاتهامات المسبقة بمحاولات خطف الأزواج من الصديقات أو القريبات أو الجارات.. وهذا كله يقود إلى مرض الاكتئاب، ورفض الحياة، وعدم القدرة على التكيف مع نسيج المجتمع.
وتدق الطبيبة ناقوس الخطر محذرة مما يواجه هؤلاء النسوة من أمراض نفسية وعضوية مثل الصداع النصفي و ارتفاع ضغط الدم والتهابات المفاصل وقرحة المعدة و الأثنى عشر والقولون العصبي واضطرابات الدورة الشهرية وسقوط الشعر والانحراف الخلقي.. ويضطر الكثير منهن للارتباط برجل متزوج. (7) صندوق الدنيا – الأهرام – عدد 13 مايو 1997

• تعدد الزوجات وعلم الجنين:
مراحل النشأة الأولى:
إن تكوين جنين بشري جديد يتطلب اندماج خليتين اثنتين، أحداهما من الأب والأخرى من الأم، فتساءلت: وهل تصلح أية خلية من الأب وأية خلية من الأم لمثل هذه المهمة الصعبة ؟ فأجابني العلم بلا تردد: طبعاً لا، فخلايا الجسم البشري وإن كانت متشابهة في صفاتها العامة فإنها تختلف فيما بينها اختلافات عميقة سواء من ناحية الشكل أو الوظيفة، ومن هنا لزم أن تكون الخليتان المطلوبتان لتشكيل الجنين خليتين تمتازان بصفات خاصة تجعلهما قادرتين على تحقيق وظيفة التناسل، وهذا ما نجده في كل من النطف ( Sperms ) التي تتشكل وتفرز من خصيتي الرجل، وفي البيوض (Ovum) التي تتشكل وتفرز من مبيضي المرأة، وتسمى هذه الخلايا الذكرية والأنثوية باسم ( الخلايا الجنسية ) تمييزاً لها عن بقية خلايا الجسم، لما لهذه الخلايا الجنسية من علاقة مباشرة بالإخصاب والإنجاب.
( الشكل 1 ) في الأيمن جنين بشري عمره ( 5 أسابيع ) لا تبدو عليه أية ملامح بشرية وفي الأيسر جنين بشري عمره ( 7 أسابيع ) لاحظ كيف ظهرت ملامحه البشرية
وبالرغم من أن جنس الجنين ـ ذكراً أو أنثى ـ يتحدد منذ لحظة تلقيح النطفة للبيضة إلا أن شكله الخارجي لا يبدي أية صفات تدل على أنه ذكر أو أنثى، ويبقى الجنين على هذه الصورة حتى نهاية الأسبوع السادس من عمره الرحمي، أي حتى ( اليوم 42 ) تقريباً، وحينئذ يبدأ شكل الغدد التناسلية بالتميز نحو الذكورة أو الأنوثة وفق التركيب الوراثي للجنين ( الشكل 2 )

( الشكل 2 ) A الغدة التناسلية في جنين ذكر ( 6 أسابيع ) B الغدة التناسلية في جنين أنثى ( 6 أسابيع ) لاحظ أن موقعهما بين الصلب والترائب والتشابه لا يزال كبيراً بينهما.
وهذا يتطابق تماماً مع ما أشار إليه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فقال:
(( إذا مَرَّ بالنُّطْفَةِ ثِنْتانِ وأربعونُ ليلةً، بَعَثَ اللهُ إليها مَلَكاً فَصَوَّرَها، وَخَلَقَ سَمْعَها وَبَصَرَها وَجِلْدَها وَلَحْمَها وَعَظْمَها، ثُمَّ قالَ: يا رَبِّ، أذَكَرٌ أمْ أنثى ؟ فَيَقْضي رَبُّكَ ما يَشاءُ وَيَكْتُبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، أجَلُهُ ؟ فيقضي رَبُّكَ ما يشاء ويكتبُ المَلَكُ، ثُمَّ يقولُ: يا رَبِّ، رِزْقُهُ ؟ فيقضي رَبُّكَ ما يشاءُ ويكتبُ المَلَكُ، ثُمَّ يَخْرُجُ المَلَكُ بالصَّحيفةِ في يَدِهِ فلا يزيدُ على ما أمَرَ ولا ينقص )) (Cool أخرجه مسلم 4783 من حديث حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه.، وفي هذا إعجاز نبوي لا ريب فيه، إذ أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن الفترة التي يتبين فيها جنس الجنين بدقة تامة لم يعرفها علماء الأجنة إلا منذ زمن قريب جداً !
نشأة الخلايا الجنسية:
وجد علماء الجنين أن تشكيل الغدد التناسلية في الجنين يبدأ بظهور مجموعة من الخلايا الضخمة كروية الشكل تدعى الخلايا المنشئة الأولية (PrimordialGerm Cells ) تتولد من الأديم الباطني ( Endoderm ) الذي يبطن جدار كيس المحِّ ( Yolk Sac )، ثم تهاجر هذه الخلايا إلى قشرة الغدد التناسلية الأولية التي تكون في بداية تشكلها على جانبي العمود الفقري للجنين بدءاً من الفقرة الظهرية الثانية ( D2 ) وحتى الفقرة القطنية الرابعة (L4 )، أي في المنطقة ما بين الصلب والترائب التي ورد ذكرها في قوله تعالى: (( فَلْيَنْظُرِ الإنسانُ مِمَّ خُلِقَ 0 خُلِقَ من ماءٍ دافِقٍ 0 يَخْرُجُ من بينِ الصُّلْبِ والتَّرائِبِ )) (9) الطارق 5 ـ 7.
وفي هذا البيان الإلهي كذلك إعجاز علمي أخبرنا عنه الخالق عزَّ وجلَّ قبل أن يكتشفه علم الأجنة بقرون طويلة !
وعندما تنغرس الخلايا المنشئة الأولية في الغدد التناسلية الأولية تدفعها إلى التمايز(Differentiation ) نحو الذكورة أو الأنوثة تبعاً للصبغيات الجنسية (Sex Chromosomes ) التي تحملها هذه الخلايا، فإذا كانت الخلايا تضم الصبغي المذكر ( Y ) تحوَّل لب الغدد التناسلية الأولية إلى خصيتين، بينما يتحول قشر الغدد إلى كيس الصفن ( Scrotum)الذي يحيط بالخصيتين ويحفظهما من تأثير العوامل الخارجية.
وتتحول الخلايا المنشئة الأولية إلى خلايا نطفية أولية (Spermiocytes) وهذه الخلايا تبقى هاجعة منذ ولادة الجنين الذكر حتى سن البلوغ، وحينئذ تستعيد نشاطها، وتمر بعملية إنضاج تنقسم كل منها أثناء ذلك انقسامين اثنين، ندعوهما انقسامي الإنضاج ( Maturation Division )، وهما انقسامان هامان جداً في سياق نشأة الخلايا الجنسية لأنهما يحولان الخلايا النطفية الأولية إلى ( نطف ) ناضجة قادرة على تلقيح بيضة الأنثى والإنجاب بإذن الله تعالى.
( الشكل 3 ) بداية ظهور الخلايا المنشئة الأولية التي تهاجر إلى الغدد التناسلية فتحولها إلى خصيتين أو مبيضين وفق التكوين الوراثي
للجنين.
أما إذا كانت الخلايا المنشئة الأولية تحتوي على صبغي الأنوثة ( X ) فإنها تحوِّل قشر الغدد التناسلية إلى مبيض، وتحوِّل لب الغدد إلى نسيج ضامّ (Connective Tissue )، أما الخلايا المنشئة نفسها فتتحول إلى خلايا بيضية أولية(Primordial Ovum Cells ) تتكاثر سراعاً حتى تصل أوج تكاثرها فيالشهر الخامس من عمر الجنين الأنثى ( نحو 6 ملايين خلية )، ثم تدخل مرحلةالهجوع إلى أن تولد البنت، وعندئذ تبدأ تتنكس (Degeneration) وتتحلل شيئاًفشيئاً حتى لا يبقى منها عند بلوغ البنت سوى ( 40.000 بيضة ) تقريباً.
وعند البلوغ تنشط هذه الخلايا واحدة بعد الأخرى، وكلما نشطت واحدة منها انقسمت انقسامين ينضجانها ويحولانها إلى بيضة ( Ovum ) قابلة للتلقيح بنطفة الذكر.
• ( الشكل 4 ) A الغدة التناسلية في جنين ذكر ( 4 شهور ) ظهرت ملامح الخصية والحبل المنوي . B الخصية في جنين (7 أسابيع ) نزحت إلى الأسفل.
( الشكل 5 ) A جنين أنثى ( شهران ) المبيض غير واضح المعالم موقعه بين الصلب والترائب . B جنين أنثى ( 7 شهور ) نزح المبيض إلى الحوض ، واتحدت القنوات لتكوين الرحم والبوقين.jpg
ومن المعلوم أن كل خلية من خلايا جسم الإنسان تحوي في نواتها ( 46 صبغياً ) تحمل صفات الإنسان الوراثية المختلفة، ويؤدي انقسام هذه الخلايا إلى تكوين خليتين جديدتين في كل منهما نفس العدد من الصبغيات ( أي 46 صبغياً ).
أما الخلايا المنشئة الأولية التي أشرنا لها آنفاً فإنها تنقسم بأسلوب آخر، فهي بعد تحولها إلى خلايا نطفية أولية في الذكر، أو خلايا بيضية أولية في الأنثى، تمر بانقسامين اثنين قبل أن تتحول إلى نطف أو بيوض، ويمتاز الانقسام الأول بأنه انقسام منصِّف ( Meiosis ) ينتج عنه خليتين في كل منهما نصف عدد الصبغيات التي كانت في الخلية المنشئة الأولية، أي ( 23 صبغياً ) بدلاً من ( 46 صبغياً )، وينتج عن الانقسام الثاني ( 4 خلايا ) في كل منها ( 23 صبغياً ) أيضاً، وهو يساهم في إنضاج هذه الخلايا وتمايزها إلى بيوض أو نطف حسب جنس الجنين.
ومن هنا تظهر أهمية الانقسام المنصِّف، فلولاه لتضاعف عدد الصبغيات في خلايا الجنين، ولنفترض مثلاً بأن نطفة الذكر تحتوي على العدد الكامل من الصبغيات ( 46 صبغياً ) وأن بيضة الأنثى تحتوي أيضاً على العدد الكامل ( 46 صبغياً ) ففي هذه الحال سوف يؤدي اندماج النطفة والبيضة عند الإلقاح إلى تكوين خلية تحتوي على ( 46 + 46 صبغياً = 92 صبغياً ) ومثل هذا التكوين لا يتلاءم مع الحياة، ولهذا كان تنصيف الصبغيات في كل من النطفة والبيضة أمراً ضرورياً لتكوين جنين يحمل العدد المعتاد من الصبغيات في سائر خلاياه ( 46 صبغياً )، أما النطف في الذكر والبيوض في الأنثى فتحوي كل منها نصف العدد كما ذكرنا.
وليس الذكر كالأنثى:
وهنا نصل إلى النقطة الحاسمة في البحث، فإن الانقسامين اللذين أشرنا لهما لا يجريان في الذكر والأنثى على الوتيرة نفسها، بل توجد بينهما فروق جوهرية ( الشكل 6 ) كما يلي:
ففي الذكر: ينتج عن هذين الانقسامين ( 4 خلايا ) نسميها أرومات النطف، وهي تنمو بعد ذلك دون انقسام لتغدو نطفاً ناضجة ( Sperms ) قادرة على تلقيح بيضة الأنثى.
أما في الأنثى: فينتج عن انقسامي الإنضاج ( 4 خلايا ) أيضاً كما في الذكر، ولكن لا ينضج منها في النهاية سوى ( خلية واحدة ) فقط، وذلك لأن الانقسام الأول ينتج عنه خلية نامية كبيرة تسمى الخلية البيضية الثانوية (Secondary Oocyte ) تستأثر بالقسم الأعظم من الهيولى ( Cytoplasm )، أما الخلية الأخرى وتسمى الجسم القطبي الأول (First Polar Body ) فتكون ضامرة لافتقارها إلى الهيولى ويكون مآلها الموت والتحلل، أما الخلية البيضية الثانوية فتنقسم مرة أخرى إلى خليتين إحداهما خلية كبيرة ناضجة هي (البيضة) وخلية أخرى ضامرة هي الجسم القطبي الثاني ( Second Polar Body ) مآله مثل سابقه الموت والتحلل.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى