مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* الجزء الخامس :أحلام الصهيونية بين الواقع والخيال ص 2

اذهب الى الأسفل

* الجزء الخامس :أحلام الصهيونية بين الواقع والخيال ص 2 Empty * الجزء الخامس :أحلام الصهيونية بين الواقع والخيال ص 2

مُساهمة  طارق فتحي السبت أبريل 29, 2017 3:38 pm


- وجاء في سفر التثنية 30: 15-20على لسان موسى عليه السلام: "أنظر، قد جعلتُ اليوم قدامك الحياة والخير والموت والشر. بما أنى أوصيتك اليوم أن تحب الرب إلهك وتسلك في طرقه وتحفظ وصاياه وفرائضه وأحكامه لكي تحيا وتنمو ويباركك الرب إلهك في الأرض التي أنت داخل إليها لكي تمتلكها. فإن انصرف قلبك ولم تسمع بل غويت وسجدت لآلهة أخرى وعبدتها. فإني أنبئكم اليوم أنكم لا محالة تهلكون، لا تطيل الأيام على الأرض التي أنت عابر الأردن لكي تدخلها وتمتلكها. أشهد عليكم اليوم السماء والأرض، قد جعلت قدامك الحياة والموت، البركة واللعنة، فاختر الحياة لكي تحيا أنت ونسلك. إذ تحب الرب إلهك وتسمع لصوته وتلتصق به لأنه هو حياتك والذي يُطيل أيامك لكي تسكن على الأرض التي حلف الرب لآبائك إبراهيم وإسحاق ويعقوب أن يعطيهم إياها".
والسؤال: هل وفي بنو إسرائيل بعهودهم ومواثيقهم؟! وهل نفذوا تعاليم دينهم؟! وهل التزموا بأوامر أنبيائهم؟! وهل تغير حال أشياعهم .. في واقعنا المعاصر عن حال أسلافهم في الأزمان الغابرة؟!. بالطبع لا.
فقد جاءت تصريحات التوراة والإنجيل والقرآن لتؤكد: عبادة القوم ومن تلاهم من الأبناء والأحفاد لغير الله وقتلهم الأنبياء بغير حق ونقضهم المواثيق التي أخذها الله عليهم في معظم فترات حياتهم، مما يعنى أن ما حُكى عنهم في هذا الصدد مما لا يستطيعون إنكاره أو تكذيبه هو الذي أدي بهم إلى إيقاع وعيد الله بهم من تشتيت ومحق كانوا هم السبب فيه.
- ففي سفر الملوك الثاني 17: 11- 20 "عملوا أموراً قبيحة لإغاظة الرب. وعبدوا الأصنام التي قال الرب لهم عنها لا تعملوا هذا الأمر. وأشهد الرب على إسرائيل وعلى يهوذا ـ أي بنيهما ـ عن يد جميع الأنبياء وكل راء قائلا: ارجعوا عن طرقكم الردية واحفظوا وصاياي- فرائضي- حسب كل الشريعة التي أوصيت بها آباءكم والتي أرسلتها إليكم عن يد عبيدي الأنبياء. فلم يسمعوا بل صلبوا أقفيهم كأفقية آبائهم الذين لم يؤمنوا بالرب إلههم. ورفضوا فرائضه وعهده الذي قطعه مع آبائهم وشهاداته التي شهد بها عليهم وساروا وراء الباطل وصاروا باطلاً وراء الأمم الذين حولهم الذين أمرهم الرب أن لا يعملوا مثلهم. وتركوا جميع وصايا الرب إلههم وعملوا لأنفسهم مسبوكات عجلين وعملوا سواريَ وسجدوا لجميع جند السماء وعبدوا البعل. وعبّروا بنيهم وبناتهم في النار وعرفوا عرافة وتفاءلوا وباعوا أنفسهم لعمل الشر في عيني الرب لأغاظته. فغضب الرب جداً علي إسرائيل ونحاهم من إمامه ولم يبق إلا سبط يهوذا وحده. ويهوذا أيضا لم يحفظوا وصايا الرب إلههم بل سلكوا في فرائض إسرائيل التي عملوها. فرذل الرب كل نسل بني إسرائيل وأذلهم ودفعهم ليد ناهبين حتى طرحهم من أمامه"، فهل بعد تحدي الرب وإغاظته وإعلان الكفر به وعبادة العجل والأصنام وجند السماء وغير ذلك من دونه، من ذنب؟.

البحر ينشق لموسى - عليه السلام - فيعبر بنو إسرائيل هربا من فرعون
- وعلى لسان موسى كليم الله ورد في سفر التثنية 9: 23، 24 "عصيتم قول الرب إلهكم ولم تصدقوه ولم تسمعوا لقوله. قد كنتم تعصون الرب منذ يوم عرفتكم"، وفيه31: 27-30 يقول: "إني أنا عارف تمردكم ورقابكم الصلبة، هو ذا وأنا بعد حيّ معكم، اليوم قد صرتم تقاومون الرب، فكم بالحريّ بعد موتي. اجمعوا إلىّ كل شيوخ أسباطكم وعرفاءكم لأنطق في مسامعهم بهذه الكلمات وأشهد عليكم السماء والأرض .لأني عارف أنكم بعد موتى تفسدون وتزيغون عن الطريق ألذي أوصيتكم به ويصيبكم الشر في آخر الأيام لأنكم تعملون الشر أمام الرب حتى تغيظوه بأعمال أيديكم. فنطق موسى في مسامع كل جماعة إسرائيل بكلمات هذا النشيد إلى تمامه"، وأقام عليهم بذلك حجة الله.
قال عيسى - لبني إسرائيل - أنتم تشهدون على أنفسكم أنكم قتلة الأنبياء
الإنجيل:
- وفي الإنجيل على لسان عيسى روح الله جاء في إنجيل متى 23: 31-33 "أنتم تشهدون على أنفسكم أنكم أبناء قتلة الأنبياء . فاملأوا أنتم مكيال آبائكم. أيها الحيات أولاد الأفاعي كيف تهربون من دينونة جهنم". (5)

موسى يعظ بني إسرائيل.
القرآن الكريم:
- وفي القرآن الكريم نفس المعنى في سورة النساء قال تعالى:
{153} يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا{154} وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لَا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا{155} فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا{156} وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا{157} وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا}

- وفي سورة طه قال تعالى:
{وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا لَا تَخَافُ دَرَكًا وَلَا تَخْشَى {78} فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ {79} وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى {80} يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ قَدْ أَنْجَيْنَاكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى {81} كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَلَا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى {82} وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى {83} وَمَا أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يَا مُوسَى {84} قَالَ هُمْ أُولَاءِ عَلَى أَثَرِي وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى {85} قَالَ فَإِنَّا قَدْ فَتَنَّا قَوْمَكَ مِنْ بَعْدِكَ وَأَضَلَّهُمُ السَّامِرِيُّ {86} فَرَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ يَا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا أَفَطَالَ عَلَيْكُمُ الْعَهْدُ أَمْ أَرَدْتُمْ أَنْ يَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي {87} قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا وَلَكِنَّا حُمِّلْنَا أَوْزَارًا مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْنَاهَا فَكَذَلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ {88} فَأَخْرَجَ لَهُمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ فَقَالُوا هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ {89} أَفَلَا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلًا وَلَا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا {90} وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِنْ قَبْلُ يَا قَوْمِ إِنَّمَا فُتِنْتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ الرَّحْمَنُ فَاتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوا أَمْرِي {91} قَالُوا لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى}

(ج) أن لليهود الحق المطلق والكامل في حكم وتسيد العالم، فهم السادة فكيف بهم يرضوا أن يعبث بمقدرات العالم بعض العبيد، الذين هم في الحقيقة عبيد لليهود، كما يزعمون.
وبناء على تلك الأفكار التي تتشكل منها عقيدة اليهود، والتي اعتمدوا في تكوينها على توراتهم المزيفة، وتلمودهم المسموم، وأقوال حاخاماتهم الفاسدون فقد عمدوا من خلال بروتوكولات حكمائهم الهدامة في وضع خطة محكمة التنفيذ( تعتمد على كل ما هو غير أخلاقي حسب مبدأ الغاية تُبرر الوسيلة) تصل بهم في نهاية المطاف إلى حكم وتسيد العالم، على أن يمر ذلك بعدة مراحل هي:
المرحلة الأولى: وفيها يتم قيام وتجميع أكبر قدر من اليهود على أرض الشتات أو الميعاد وإقامة دولة إسرائيل الصغرى على تلك الأرض، وهذا ما تحقق لهم عام 1948 وأقاموا دولتهم على أرض فلسطين.
خريطة اسرائيل الكبرى كما تدرس في مدارسهم
المرحلة الثانية: وفيها يتم إقامة دولة إسرائيل الكبرى والتي تمتد من النيل إلى الفرات، وهي المرحلة التي هم بصدد تنفيذها على أرض الواقع بعد أن قطعوا شوطا طويلا في طريق الوصول إلى هدفهم من خلال تدمير العراق، وتقسيمه ووضعه على أبواب الحرب الأهلية، وذلك بفضل مساعدة الغرب الصليبي ( أوربا وأمريكا) يُضاف إليهم الأغبياء من حكام عالمنا العربي، أضف إلى ذلك ما تم من تقسيم للسودان، وما يحدث في تونس ومصر وليبيا واليمن ثم السعودية في نهاية المطاف.

- المرحلة الثالثة: وفيها إقامة حكم إسرائيل للعالم من خلال اقتلاع البابا الكاثوليكي الحليف القديم لهم من على كرسي البابوية في روما وجلوس ملكهم المنتظر أو مشياحهم المنتظر من نسل الملك داود – عليه السلام – ليحكم العالم الذي سيخضع لسلطان بني يهود.
وهكذا تحولت التوراة على يد أحبار اليهود:من كتاب هداية وحق وأمر بمعروف ونهي عن منكر إلى طلاب دنيا وبلاغات حرب وأصبحت تدور حول تأريخ بني إسرائيل وتمليك أرض فلسطين وتوزع أدوارها وتسمي أسفارها الخمسة تبعا لها:
1 - سفر التكوين: تكوين قبيلة بني إسرائيل.
2 - سفر الخروج: خروج بني إسرائيل من مصر على يد موسى.
3 - سفر العدد: أعداد الخارجين من مصر على يد موسى.
4 - سفر الأحبار: كهنة بني إسرائيل وطقوسهم.
5 - سفر التثنية: إعادة ما سبق تقريره من أحكام وخطط لامتلاك الأرض وإبادة أصحابها وتوزيعها على بني إسرائيل.
وهكذا أصبحت رسالة موسى أن يثير حربا ويملك أرضا لا أن يخرج قومه من الظلمات إلى النور، تحولت التوراة إلى كتاب قومية وتأريخ لمعارك حربية لا تقرأ فيها دعوة إلى خير عام مثل:
1 - العدل والإحسان والنهي عن الفحشاء والمنكر والبغي.
2 - أخوة عامة ورحم إنسانية (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تسائلون به والأرحام).
3 - التزام الحق المطلق (كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم).
4 - ارتقاء الكمال الإنساني (أدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل).
لا تجد شيئا من ذلك مما هو أصل في كل دين وضروري لأمن الحياة وسعادة الناس.
وإنما تجد الانفراد بالخير والإضرار بالغير (لأخيك لا تقرض بربا للأجنبي اقرض بربا) ، والانحصار في الشعب والصاحب والأخ والقريب (أحبب قريبك وأعن أخاك ولا تحقد على شعبك لا تشته امرأة صاحبك) أما غيرهم فما عليهم في إيذائهم من سبيل، بل إنك تجد الأمر بالقسوة وعدم الشفقة أو الرحمة في معاملة الغير (فلا تشفق عليهم ولا تقطع لهم عهدا) (إذا قربت من مدينة لتحاربها فادعها للسلم فإن استجابت فتكون تحت الجزية وكل ما فيها يستعبد لك وإن رفضت ودفعها الرب إلهك إلى يدك فتحر بما تحرمها بالسيف تقتل الرجال والنساء والأطفال).
قال الشيخ:عبد المعز عبد الستار
وقد حدثنا الإمام فقيد الإسلام السيد محمد أمين الحسيني مفتي فلسطين ورئيس الهيئة العربية العليا لفلسطين رحمه الله قال: كنت أرد زيارة للمندوب البريطاني حاكم فلسطين فقال لي: إن أمي علمت بوجودك وتود مقابلتك فقلت له: أهلا وسهلا.
وجاءت العجوز فكان أول ما قالته لي أرجوك ألا تقف ضد إرادة الرب فقلت لها: يا سيدة ومن يستطيع أن يقف ضد إرادة الرب؟ قالت: أنت. قلت لها: كيف؟ قالت: لأنك لا تريد أن تعطيهم الأرض التي أعطاها الله لهم. قلت: إنها أرضي وبيتي وكيف يعطيها الله لهم وأنا أين أذهب؟ قالت: إنها إرادة الله ولما انتهت المقابلة قلت لابنها: إن والدتك طيبة متأثرة باليهود.
قال: لا، بل نحن البروتستانت نؤمن بهذا والأناجيل تبشر به.
ولما أصدرت بريطانيا الكتاب الأبيض 1939 م تحدد فيه أعداد المهاجرين اليهود إلى فلسطين سنويا بمائة ألف، ثار اليهود وسيروا المظاهرات في عواصم أوروبا تهتف:
الكتاب المقدس لا الكتاب الأبيض يعطينا حقنا في فلسطين.
التوراة لا الكتاب الأبيض تعطينا حقنا في فلسطين.
العهد القديم والعهد الجديد وثائق حقنا في فلسطين.(6)
وللأسف الشديد فقد نجح اليهود في تنفيذ المرحلة الأولى من خطتهم بإقامة دولة إسرائيل على أرض فلسطين، فهل سينجحون في المرحلتين الثانيتين في إقامة إسرائيل الكبرى من النيل إلى الفرات؟! ثم في حكم وتسيد العالم؟!
جنازة يهودية بحراسة الجنود البريطانيين سنة 1936
(2) العلاقات وعقدة التحالفات مع الدول الكبرى
(أ) العلاقة مع بريطانيا:
لقد بُني التحالف البريطاني الصهيوني على مرتكزات وقواسم دينية مشتركة ومصالح استراتيجية استعمارية استغلتها الحركة الصهيونية لتحقيق مشروعها في فلسطين.
انطوى هذا التحالف على أن تقوم بريطانيا، وبالتعاون مع الدول الكبرى، بتنفيذ المشروع الاستيطاني بانتهاج سياسيات إدارية وعسكرية، بدأت بتقاسم التركة العثمانية بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، لتنتهي بالانتداب البريطاني على فلسطين لرعاية إقامة الوطن القومي اليهودي، وتحت غطاء ودعم دولي واضح.
مثلت قضية اليهود في البلدان الأوروبية مجال اهتمام الزعماء اليهود والأوروبيين في صورة مشكلة اجتاحت تفكير الساسة، واحتاجت إلى التفكير في حلها، الأمر الذي وجد أسسه في أبعاد دينية واقتصادية وسياسية مشتركة.وبنمو مشاعر اللاسامية والتهجير الذي تعرض له اليهود من بلدان أوروبا الشرقية، تتحول المشكلة اليهودية إلى مأزق أوروبي ب ذلت من أجل حله جهود عديدة كان أهمها العمل على توطين اليهود خارج البلدان .الأوربية (1995:3Shimoni)
هذا وقام التحالف البريطاني الصهيوني على دافعين أساسيين هما:

(1) الدافع الديني:
شكل الصراع الإسلامي- المسيحي ابتداء بالفتوحات الإسلامية، ومرورا بالحروب الصليبية، وانتهاء بالصراع مع الدولة العثمانية، مقدمات تاريخية مغلفة بالبعد الديني العقائدي لبناء تحالف أوروبي- يهودي قادته بريطانيا، باعتبارها القوة العالمية المهيمنة، وضمن إطار حربها مع الإمبراطورية الإسلامية العثمانية. (7)
فكان أن استند هذا التحالف على الأفكار والعقائد الدينية المسيحية-اليهودية المشتركة التي شكلت أرضية لخلق تعاطف أوروبي على المستوى الشعبي والنخبوي مع اليهود.فالأفكار البروتستانتية دفعت نحو تجميل صورة اليهود والتعاطف معهم، من خلال ما تضمنته الأدبيات الدينية المسيحية، كما جاء في كتاب مارتن لوثر "المسيح ولد يهوديا"، كذلك أفكار الفرنسي جون كالفن التي ساهمت برفع شأن اليهود ومعتقداتهم
التوراتية في أوروبا بنشوء الجماعات الطهورية أو التطهيرية شديدة المحافظة على التقاليد العبرانية التي تعتبر اليهود جزءا" هاما" من خطة قدرها الرب بصفتهم شعب الله المختار في أرضهم المختارة "كنعان الجديدة" (Cool
في سياق ذلك شكلت "التنبؤات المستقبلية" أبرز القواسم المشتركة لمعتقدات البروتستانت واليهود، I ومنها تحقيق نبؤة اختيار الله شعبه لسكنى الأرض المقدسة (أرض الميعاد، الأرض الموعودة) التي وعد الله بها إبراهيم.
كما التقت المعتقدات البروتستانتية مع المعتقد اليهودي حول هيكل سليمان؛ إذ يؤمن البروتستانت المتهودون بإعادة بناء الهيكل الذي يعجل بقدوم المسيح. واليهود بدورهم يعتقدون أن الإله يهودا قد غضب عليهم جراء هدم الهيكل في القدس، وهم بذلك مغتربون في هذا العالم، ولن يتخلصوا من اغترابهم إلا برضي الإله بإعادة بناء الهيكل، بذلك مثلت السيطرة على القدس ولا سيما المسجد الأقصى واجبا دينيا مقدسا (9)

ساهم برفد ذلك نشوء عدة جمعيات بريطانية مسيحية منذ مطلع القرن التاسع عشر تعنى بإعادة اليهود إلى فلسطين، أشهرها جمعية التوراة، وجمعية فلسطين، وجمعية لندن للتبشير بالمسيحية بين اليهود، وجميعها رأت في تحقيق ذلك الهدف واجبا: بريطانيا تجاه اليهود، بل ف:سرت الحروب الصليبية كمقدمة لهذا الواجب. (10)
بهذا وظفت الصهيونية السياسية تلك المعتقدات في تعاملها وحججها مع الآخرين منذ نشوئها،باعتبارها جزءا من الثقافة اليهودية التي روج لها رجال الدين اليهود، وهذا الحاخام شلومو غورين يؤكد العلاقة العضوية بين المعتقدات وفلسطين بقوله: "إنه لا يمكننا الفصل بين أرض إسرائيل وتعاليم اليهودية (11)
إن تلك المعتقدات شكلت أحد ركائز المبررات البريطانية في توطين اليهود كتعبير عن الوحي الإلهي القديم بعودة اليهود إلى فلسطين، وكوسيلة لتطوير حياة أهل الشرق واستثمار أراضي فلسطين البور بأموال

لورنس العرب في شمال جدة عام 1917
اليهود، وترسيخ النفوذ البريطاني على طريق الهند. وقد عبر عن ذلك "الفنت لورنس" في كتابه "أرض جلعاد"
الذي يؤكد فيه: " أن تأسيس الوطن اليهودي في فلسطين برعاية بريطانية إنما هو خدمة سياسية وعسكرية لبريطانيا مثلما هو خدمة إنسانية للعالم. (12)
ولم تكن تلك الأفكار والمعتقدات مقصورة على المتدينين من القادة الدينيين والناس العاديين، بل انتقلت أيضا إلى المجال السياسي عبر بعض السياسيين ممن وصلوا إلى سلطة الحكم والنفوذ السياسي في البلدان الغربية.

ففكرة تجميع اليهود في الأراضي المقدسة المنبثقة من الأفكار البروتستانتية نالت دعم النخبة السياسية البريطانية على وجه التحديد، بحيث تم رفد الحركة الصهيونية السياسية بدماء دينية تسري عبر العروق المسيحية واليهودية وظفت لغايات سياسية ومصلحية تبادلية بين بريطانيا والصهاينة، عبر عنها الموقف البريطاني الذي لخصه لويد جورج رئيس الوزراء "بضرورة وجود دولة حليفة تمكن بريطانيا من السيطرة على قناة السويس" (13)

الملك إدورد الأول
(2) الدافع الاقتصادي:
كان النشاط البريطاني الاستعماري مغلفا دائما بالغطاء الديني والإنساني واستخدام الجمعيات التبشيرية المسيحية، لذلك قامت البرجوازية الإنكليزية في مرحلة مبكرة بتصدير المبشرين والتجار والرحالة والمغامرين إلى فلسطين والبلدان العربية، ليمهدوا الطريق لمصالحها ونفوذها. الاستعمار وفلسطين: (14)
على هذا الأساس نمت بذور الصهيونية في تربة الأطماع الأوروبية في الشرق عبر التعاون بين اليهود وبعض الحكومات الأوروبية. ولما كانت لندن مركزا ماليا للحركة الصهيونية فقد استثمره الأثرياء اليهود الذين
ارتبطوا بعلاقات خاصة مع النخبة السياسية الإنجليزية، ومع المصلحة الاستعمارية البريطانية في قناة السويس، لتأمين الطريق إلى الهند وتحقيق الأطماع في مصر وفلسطين .(15)
فالوضع الاقتصادي لليهود في بريطانيا مكنهم من نسج علاقات مباشرة وقريبة من النخبة السياسية في نهاية القرن التاسع عشر، انتهت ببناء علاقات ود وصداقة مع الملك ادوارد ، وكذلك مع آرثر بلفور زعيم حزب المحافظين مكنهم ذلك من احتلال موقع مؤثر اقتصاديا في النظام المالي الدولي، وسيطرة المال اليهودي خلال الحرب العالمية الأولى على الاقتصاد البريطاني. وفوق ذلك تمكن اليهود من دخول حزب المحافظين وحزب العمال البريطاني؛ وصار من الممكن خلال الحرب العالمية الأولى أن يصبح اليهودي رجلا إنكليزيا من النخبة(16)
بهذا ارتبط التعاطف مع اليهود باعتبارات استعمارية تمثلت بحماية السويس وطريق الهند البري وصراع النفوذ بين القوى العالمية في حينه، والعمل على خلق أسافين التفرقة وإضعاف المنطقة العربية للحيلولة دون قيام دولة عربية موحدة، مما أسهم في السيطرة على الثروات الطبيعية وخاصة البترول بوصفه سلعة استراتيجية (17)
وهكذا مثلت الجذور والمقدمات التاريخية الدينية وتلازمها مع المصالح الاستراتيجية الاستعمارية رافدا لظهور ونشوء الصهيونية السياسية في السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر بين يهود وسط أوروبا، بحيث عمدت إلى إحياء العقيدة والتقاليد الثقافية اليهودية التي تؤكد ما جاء في التوراة حول فكرة أرض إسرائيل. ومن هنا كان معظم الذين استوطنوا فلسطين منحدرين من الصهيونية التي نشأت في أوروبا القرن التاسع عشر (18)

دنشواي
وهكذا شكلت تلك الأبعاد الدينية والاقتصادية والمصالح الاستراتيجية المشتركة أرضية لظهور تحالف عملي بريطاني صهيوني لتحقيق وتنفيذ المشروع الصهيوني في فلسطين (19)
كان الدور البريطاني وتحالفه مع الصهيونية كافيا لإنجاز المشروع الصهيوني، وكما أكد المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي "بأنه ما كان من الممكن لهؤلاء المهاجرين أن يدخلوا لو لم تكن تحميهم أسوار بريطانية شائكة، ولو كانت فلسطين قد بقيت تحت الحكم التركي العثماني، أو لو أصبحت دولة عربية مستقلة لما سمح أبدا" للمهاجرين اليهود بالدخول إلى فلسطين بأعداد كبيرة تكفي لتمكينهم من قهر العرب الفلسطينيين (20)
المؤرخ الإسرائيلي "موطي جولاني" من جامعة حيفا أكد في بحثه المعنون ب"المندوب السامي الأخير" على أن دور البريطانيين كان حاسما في التأثير الكبير فيما آلت إليه الأوضاع في فلسطين، فلولا تصدي البريطانيين للجيشين السوري والمصري في محاولتهما دخول فلسطين قبل أيار لكان من المرجح أن لا يستطيع الجيش الإسرائيلي الجديد الصمود، ولكان وجه التاريخ في المنطقة مختلفا(21)

والواقع أن بريطانيا توصلت إلي أن قيام دولة صهيونية مرتبطة بها في فلسطين ملتقي القارات الثلاث وقلب الوطن العربي يحقق لها عدة أغراض إستراتيجية أساسية، فهذه الدولة:
1- تشكل مركزا استراتيجيا مهما لحماية طرق المواصلات الإمبراطورية إلي الهند وأفريقيا من جهة، وللسيطرة علي سواحل البحر المتوسط والبحر الأحمر من جهة ثانية.
2- تؤمن حماية الوجود البريطاني في مصر وفيها قناة السويس، أهم ممر مائي في العالم اقتصاديا وعسكريا.
3- تكون جدارا عازلا أمام الأطماع الاستعمارية ونقطة انطلاق إلي باقي بلاد المشرق العربي.
4- تشكل قوة تعتمد علي بريطانيا وتدين لها بالولاء وتشطر الوطن العربي، وتمنع الاتصال البري بين مشرقه ومغربه.
5- تعمل هذه الدولة علي استنزاف طاقات الدول العربية أولا بأول.

(ب) العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية:
شهدت نهايات القرن الثامن عشر بعث الأمة الأمريكية، التي شكل البعث اليهودي جانباً مهماً من مرتكزاتها الفكرية، حيث كان واضحاً أثر العهد القديم على الفكر الأمريكي.
وهذا ما نتلمّسه في مجريات التطورات والأحداث في الولايات المتحدة الأمريكية، ومنذ لحظة الاستقلال، إذ نجد الرئيس توماس جيفرسون، واضع وثيقة الاستقلال، يقترح بأن يمثل رمز الولايات المتحدة الأمريكية، على شكل أبناء إسرائيل تقودهم في النهار غيمة وفي الليل عمود من النار، بدلاً من الرمز المعمول به حالياً. وهذا الأمر يتفق مع النص التوراتي الوارد في سفر الخروج، والذي يقول: "كان الرب يسير أمامهم نهاراً في عمود سحاب يهديهم في الطريق، وليلاً في عمود نور ليضيء لهم".
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، وبالتحديد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، حيث ظهرت في أمريكا عدة مذاهب بروتستانتية نادت بعودة اليهود إلى فلسطين.ولم يكتف أصحاب هذه المذاهب بالدعوة، بل عملوا من أجلها، فقد تبنت كثير من الفرق البروتستانتية الدعوة إلى هذه الأفكار، مثل المعمدانيين والسبتيين وغيرهما من الفرق.
وقد علق على ذلك هنري فورد في كتابه "اليهودي العالمي"، بقوله: "لقد سيطر اليهود على الكنيسة في عقائدها وفي حركة التحرر الفكري المسماة بالليبرالية، وإذا كان ثمة مكان تدرس فيه القضية اليهودية دراسة صريحة وصادقة، فهو موجود في الكنيسة العصرية، لأنها المؤسسة التي أخذت تمنح الولاء دون وعي أو إدراك إلى مجموعة الدعاية الصهيونية".

وقد سيطرت الأفكار اليهودية على سياسيي الولايات المتحدة وصانعي القرار فيها، مم دفع بالرئيس الثاني لأمريكا جون آدمز، إلى أن يرسل في عام 1818 برسالة إلى الصحفي اليهودي مردخاي مانويل نوح يعبر له فيها عن أمنيته في" أن يعود إلى جوديا ـ يهودا ـ لتصبح أمة مستقلة".
في نهاية النصف الأول من القرن التاسع عشر، بدأ التعاطف الأمريكي مع اليهود يتحول إلى عمل ملموس لتحقيق النبوءات التوراتية، سواء عن طريق أفراد أو جمعيات أو كنائس.
وقامت هذه الفئات بأعمال تخدم فكرة العودة اليهودية، كتأسيس المستوطنات في فلسطين. ومنها ما قام به في عام 1850 واردكريون القنصل الأمريكي في القدس، من تأسيس لمستوطنة زراعية في منطقة القدس، والتخطيط لإنشاء مستوطنات أخرى.
كما شهد هذا القرن ظهور الطوائف والجمعيات المسيحية التي دعت إلى ضرورة إعادة اليهود إلى أرض فلسطين، حيث أخذت تنشر دعوتها بين العامة، بالإضافة إلى سعيها للتأثير على الشخصيات المهمة في أمريكا، منها جماعة (أخوة المسيح)، والتي تقوم دعوتها التبشيرية بشكل رئيسي على تطبيق النبوءات التوراتية وسفر الرؤيا على الأحداث الحاضرة والمستقبلية، وجمعية بنات بريث (أبناء العهد) في مدينة نيويورك، بهدف تسهيل إعادة اليهود إلى فلسطين.

في أواخر القرن التاسع عشر، ظهر رجال دين يطالبون بعمل شعبي لإعادة اليهود إلى فلسطين، وكان من أبرز هؤلاء وليم بلاكستون، رجل الدين والمؤلف والمليونير الذي ينفق الملايين على التبشير، والذي يعتبر أباً للصهيونية اليهودية، بسبب نشاطه المتواصل من أجل تحقيق النبوءات التوراتية، وهو صاحب الشعار المعروف: "أرض بلا شعب لشعب بلا أرض ".
وبلغ نشاط بلاكستون ذروته عندما قاد حملة لجمع توقيعات على عريضة قدمها للرئيس الأمريكي بنيامين هارسون في عام 1891، حيث طالب فيها بالمساعدة في إعادة فلسطين لليهود وإنشاء وطن قومي لهم هناك.
وعندما أنشئت الحركة الصهيونية بزعامة هرتزل، قام القس بلاكستون بإرسال نسخة من التوراة إلى هرتزل، واضعاً خطوطاً وعلامات تحت النصوص التي تشير إلى استعادة فلسطين، ولقد حفظت هذه النسخة في ضريح هرتزل
لم تكتف بريطانيا بدورها القوي في خدمة القضية الصهيونية بل إنها عملت على إدخال المارد الأمريكي في دائرة خدمة الصهيونية، حيث تابعت بريطانيا دورها في خدمة المشروع الصهيوني، عبر ترتيب لقاءات بين وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور والقاضي الأمريكي- الصهيوني برانديس صديق الرئيس الأمريكي ولسون ومستشاره لحثه على إقناع ولسون، بالوقوف إلى جانب المشروع الصهيوني، لينتهي ذلك بالاتفاق على إصدار وعد بلفور.

ويليام بلاك ستون
أعلن الرئيس ويلسون عن تأييده لمنح اليهود وطناً قومياً في فلسطين فقد صرّح عشية صدور الوعد بقوله: " لن تصبح فلسطين مؤهلة للديمقراطية إلاّ إذا امتلك اليهود فلسطين كما سوف يمتلك العرب شبه جزيرتهم أو البولونيون بولونية"، كما أنه لم يتوان عن تأييده لهذا العهد بعد صدوره وإعلان موافقته عليه. وقد عبر ويلسون عن ذلك في آب 1918 بقوله:" أعتقد أن الأمم الحليفة قررت وضع حجر الأساس للدولة اليهودية في فلسطين بتأييد تام من حكومتنا وشعبنا".
وكان الرئيس ويلسون مدفوعاً لتحقيق آمال اليهود انطلاقاً من خلفيته الدينية، حيث تربى على التعاليم البروتستانتية التي تؤمن بالنبوءات التوراتية، وكان يسعده أن يكون له دور في إعادة اليهود إلى فلسطين، وذلك في قوله: "إن ربيب بيت القسيس ينبغي أن يكون قادراً على المساعدة في إعادة الأرض المقدسة لأهلها".
وفي تشرين الأول أبرق الكولونيل هاوس، نيابة عن ولسون، إلى الحكومة البريطانية يعلن فيها تأييد الحكومة الأمريكية لمشروع توطين اليهود في فلسطين.(22)
وقد سار على هذه السياسة خلفاء ويلسون، فقد عبر الرئيس الأمريكي هاردنج في عام 1921 عن تعاطفه مع الحركة الصهيونية وتأييده الشديد لإنشاء صندوق فلسطين
وفي عام 1922، اتخذ الكونغرس الأمريكي قراراً، وقّع عليه الرئيس هاردنج جاء فيه "بأنه نتيجة للحرب، أعطى بني إسرائيل الفرصة التي حرموا منها منذ أمد بعيد لإقامة حياة وثقافة يهوديتين مثمرتين في الأراضي اليهودية القديمة، وإن كونغرس الولايات المتحدة يوافق على إقامة وطن قومي في فلسطين للشعب اليهودي".
أخذت بريطانيا بالعمل على الصعيد الدولي( لخدمة القضية الصهيونية) إذ طلب الوفد البريطاني إلى مؤتمر السلام في باريس من القاضي برانديس أن يرسل "فليكس فرانكفورتر" القطب الصهيوني الأمريكي، إلى باريس عضوا" مسئولا" في الوفد الأمريكي، كي يتعاون مع البريطانيين لتحديد النقاط الأساسية التي يريد الصهاينة ضمها إلى صك الانتداب، ولتستمر بريطانيا في إدارة البلاد حتى يصبح عدد اليهود في فلسطين كافيا لإقامة دولة يهودية (23)
لقد تحولت أنظار اليهود إلى أمريكا عندما أدركوا أنّ نفوذ وسطوة بريطانيا العظمى بدأت تتقلص خلال الحرب العالمية الثانية وبعدها. يقول "ديزموند سيتوارث" في كتابه (تاريخ الشرق الأوسط): "إن بن غوريون شعر خلال الحرب العالمية الثانية أن مصدر القوة سيكون أمريكا لأن الحرب ستترك بريطانيا منهوكة مهما كانت نتائجها، لذلك أمضى في الولايات المتحدة خلال الحرب فترة طويلة، وهو يحاول الحصول على تأييد الحكومة لتكوين جيش يهودي في فلسطين ، ولأغراض الصهيونية العامة فيها، ويعمل أيضاً بين الهيئات اليهودية المختلفة ليعدّها لطلب الدولة اليهودية بعد الحرب".
ألقى اليهود ثقلهم الاقتصادي والسياسي والفكري الديني وتغلغلوا في عقلية المجتمع الأمريكي، مستخدمين كل ما أمكنهم من وسائل الإعلام والتعليم، واستغلوا المجامع الكنسية والمؤتمرات الدينية، ووضعوا التفسيرات والشروحات الدينية للعهد القديم. لقد استطاع اليهود أن يجعلوا الرأي العام الأمريكي ينطلق من المرتكزات التوراتية الصهيونية في الدين والفكر والسياسة.

يقول بول فندلي عضو الكونجرس الأمريكي في كتابه: (من يجرؤ على الكلام): "الواقع أنّ جميع النصارى ينظرون إلى الشرق الأوسط من منظار الصلة الروحية بإسرائيل، ومن زاوية الميل إلى معارضة أو عدم تصديق أي شيء يشكك في سياسة إسرائيل، والقناعات الدينية هي التي جعلت الأمريكيين يستجيبون لنداءات اللوبي الإسرائيلي".
ويضيف: "أعتقد أنّ أسباب البركة في أمريكا عبر السنين أننا أكرمنا اليهود الذين لجئوا إلى هذه البلاد، وبورك فينا لأنّنا دافعنا عن إسرائيل بانتظام واعترفنا بحقها في الأرض".
بعد أن أصدرت بريطانيا الكتاب الأبيض في عام 1939، والذي حدَّ من الهجرة اليهودية إلى فلسطين، قابل الزعماء الصهاينة والمتعاطفون معهم هذا الكتاب بالرفض والاستنكار، وبدأوا يشعرون أن بريطانيا بدأت تتخلى عنهم ولو جزئياً بسبب ظروف الحرب العالمية الثانية، هذا التحول دفع الزعماء الصهاينة لتركيز جهودهم في الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد كتب بن غوريون في عام 1940 يصف مشاعره في هذه الفترة، فقال: "أما أنا فلم أكن أشك في أن مركز الثقل بالنسبة لعملنا السياسي كان قد انتقل من بريطانيا إلى الولايات المتحدة، التي كانت قد احتلت المرتبة الأولى في العالم كدولة كبرى".

وعندما اجتمع الزعماء الصهاينة في مؤتمر "بلتيمور" في عام 1942، قرروا نقل جهودهم إلى أمريكا لكي تساعدهم في تحقيق مطالبهم. فقد أعلن بن غوريون أمام المؤتمر، أن اليهود لم يعد باستطاعتهم الاعتماد على الإدارة البريطانية في تسهيل إنشاء الوطن القومي اليهودي في فلسطين.
وفي عام 1943 انعقد مؤتمر بورد مودا بتدخل قوي وضغوط مباشرة من الرئيس الأمريكي روزفلت، وهو المؤتمر الذي فتح أبواب الهجرة إلى فلسطين على مصراعيها أمام اليهود
عندما تولى ترومان منصب الرئاسة خلفاً لرزوفلت، كان من أكثر الرؤساء الأمريكيين تأييداً للمطالب الصهيونية. في 31 آب عام 1945، طلب الرئيس ترومان ـ نيابة عن الصهيونية ـ من رئيس الوزراء البريطاني أتلى، إدخال مائة ألف لاجىء يهودي إلى فلسطين، ولكن رد أتلى كان غير مشجع، حيث أنه اشترط أن تتحمل أمريكا الأعباء العسكرية والاقتصادية لتنفيذ هذا المطلب، ولكن الرئيس ترومان رفض ذلك وقال إنه لا يرغب في إرسال 50.000 جندي لإقرار السلام في فلسطين.
ونتيجة لذلك، بدأت اتصالات بين الحكومة البريطانية وبين الزعماء الصهاينة المدعومين من أمريكا، لتحقيق مطالبهم، ولكن هذه الاتصالات فشلت، ما دفع ترومان إلى تأييد الحل الصهيوني المتمثل بتقسيم فلسطين، وأصدر في 4 تشرين الأول من عام 1945 بياناً طالب فيه بإدخال مائة ألف يهودي فوراً إلى فلسطين، كما أوصى بتطبيق خطة التقسيم حسب الخطوط التي اقترحتها الوكالة اليهودية، وقال ترومان: "إنه كان يعتقد بأن حلاً على هذه الصورة سيصادف تأييداً من الرأي العام في الولايات المتحدة"، ومن المعلوم أن هذا البيان صدر في يوم عيد كيبور ـ الغفران ـ اليهودي". معتبراً "أن تأييد وطن قومي يهودي كان دائماً من صلب السياسية الأمريكية المنسجمة مع نفسها".
عندما أعلن عن قيام دولة إسرائيل، اعترف الرئيس ترومان بها بعد دقيقة من إعلان قيامها، كما أنه قام بتصرف يخالف كل المبادئ الدبلوماسية المعروفة، عندما اعترف بدولة إسرائيل قبل أن تطلب الاعتراف رسمياً وقبل انتهاء الانتداب البريطاني بعشر ساعات. وقدمت حكومة الولايات المتحدة لها قرضاً قيمته مليون دولار

كان ترومان صهيونياً أكثر من الصهاينة، فانعكس ذلك على سياسته تجاه المسألة الفلسطينية، والتي كانت سياسة رئاسية تم تنفيذها من جانب واحد رغم معارضة كثير من المستشارين الحكوميين لها، وقد اعترف ترومان نفسه بحقيقة سياسته هذه، حيث قال في مذكراته: "لقد كنت أعلم بأن المستشارين جميعاً لا ينظرون إلى المسألة الفلسطينية نظرتي أنا إليها، وأكثر من ذلك، كان الاختصاصيون من موظفي وزارة الخارجية في شؤون الشرق الأوسط جميعهم تقريباً ضد فكرة دولة يهودية".
إذا كان الدافع الديني والاقتصادي هما المحركان للتحالف الصهيوني البريطاني، فإن الدافع الديني فقط هو الذي حرك التحالف الصهيوني الأمريكي وأصبحت المرتكزات العقائدية للصهيونية المسيحية والصهيونية اليهودية تتلخص في ثلاثة أمور، هي:
أولاً: اليهود هم شعب الله المختار، وهم الأمة المفضلة على بقية الأمم والشعوب.

ثانياً: هناك ميثاقاً إلهياً ووعداً مقدساً يربط اليهود بالأرض المباركة فلسطين ، إنّ هذا الميثاق والوعد أعطاه الله تعالى لإبراهيم ونسله، وخاصة يعقوب (إسرائيل) بن إسحاق عليهم السلام، وهو ميثاق أبدي. يقول الحاخام اليهودي ألمر بيرجر: من الغريب أنّ الطوائف المسيحية البروتستانتية والتي تقبل التفسير الحرفي للكتاب المقدس أصبحت تتطلع إلى عودة اليهود إلى أرض الميعاد".

ثالثاً: ربط الإيمان المسيحي بعودة المسيح ونزوله إلى الأرض بقيام دولة يهودية صهيونية في فلسطين . في سنة 1649 م وجه من هولندا عالما اللاهوت التطهريّان الإنجليزيان: جوانا، وأليندز كارترايت مذكرة إلى الحكومة البريطانية عبّرا فيها عن مدى التحوّل في النظرة اللاهوتية إلى فلسطين و القدس من كونها أرض المسيح المقدسة التي قامت من أجلها الحروب الصليبية إلى كونها وطناً قومياً لليهود، كما عبرّا عن التحول من الإيمان بأنّ عودة المسيح يجب أن تسبقها عودة اليهود إلى فلسطين ، وأنّ العودتين لن تتحققا إلا بتدخل إلهي إلى الإيمان بأنّ هاتين العودتين ممكن أن تتحققا بعمل بشري". (24)

طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى