مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الماديين والطبيعيين ومن لف لفهم

اذهب الى الأسفل

الماديين والطبيعيين ومن لف لفهم Empty الماديين والطبيعيين ومن لف لفهم

مُساهمة  طارق فتحي الجمعة أغسطس 21, 2015 7:56 am

( ظاهرة الالحاد الغبية )
* المادية :
ويراد بالمادية ذلك الاتجاه العام القائل بقدم المادة، وعدم خلقها أو حدوثها، وأن نشأة العالم نتيجة قانونها.
وذلك اتجاه قديم، وجدت آثاره في الفلسفة اليونانية القديمة، في الاتجاهات القائمة على عناصر العالم الأربعة (الماء والهواء والتراب والنار)، وأنها أصل الوجود، وقال (أنبادوقليس) - فيما يعرف بمدرسة الطبيعيين المتأخرين - بقدمها، وإن كل شيء يتكون من اتحادها وافتراقها .
واستمرت تلك الاتجاهات -على خلافات بينها- موجودة فيمَن يعرف بالبراهمة، والسمنية، كما يشيع في التراث العربي تسميتهم، وهي ديانات ومذاهب أسيوية، ولعله أشير إلى هذا الصنف من الناس في مثل قوله تعالى: { وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ} [الجاثية: 24] .
ثم صارت تسميتهم الشائعة في الوسط الإسلامي الدُّهرية، نسبة إلى الدهر، والقصد أنهم يقولون بقدم العالم وأنه لا مبدأ له ، قال ابن حزم: (لَا يَخْلُو الْعَالم من أحد وَجْهَيْن: إِمَّا أَن يكون لم يزل، أَو أَن يكون مُحدثا لم يكن ثمَّ كَانَ، فَذَهَبت طَائِفَة إِلَى أَنه لم يزل وهم الدهرية وَذهب سَائِر النَّاس إِلَى أَنه مُحدث) .
ثم استمر ذلك الاتجاه حتى آلت إلى ما يعرف بمدرسة الفلسفة الطبيعية في القرن الثامن عشر ، التي انتهت إلى المادية الضرورية المحضة متمثلة في مدرسة ماركس وأتباعه.
تقوم تلك المادية على أن المادة قديمة، ولها قوانينها، وتلك القوانين هي التي أوجدت كل الموجودات، وقوانين المادة تلك هي البديل عن الاختراع الإلهي، فالمادة هي الله، وقوانينها هي الإرادة الإلهية، بحسب ماركس مثلًا: (إن العزة الإلهية والهدف الإلهي هي الكلمة الكبيرة المستعملة اليوم لتشرح حركة التاريخ، والواقع أن هذه الكلمة لا تشرح شيئًا) .
ويول كيلي وكوفالزون: (إن العلم إذ يكشف عن الصلات الطبيعية بين ظواهر الطبيعة؛ يطْرُد في تصوره الإله من الطبيعة، ويدحض خطأ المثالية، ويؤيد صحة النظرة المادية للعالم، والعلم يتفق مع المادية في بحثه عن الحقيقة في الحياة ذاتها، وفي الطبيعة، وهذا ما يدل على أن العلم الحقيقي هو ذو طابع مادي. إن العلم مادي بطبيعته وبجوهره، والمثالية غريبة عنه وعدوة له)
، ويرى دولباك
(أن المادة متحركة بذاتها، وأن كل شيء يفسر بالمادة والحركة، وأنهما أزليتان أبديتان، خاضعتان لقوانين ضرورية هي خصائصهما. فليس العالم متروكًا للصدفة، ولا مدبرًا بإله، وكل الأدلة على وجود الله منقوضة، ولا غائية في الطبيعة. ليست العين مصنوعة للرؤية، ولا القدم للمشي، ولكن المشي والرؤية نتيجتان لاجتماع أجزاء المادة. ولا نفس في الإنسان، ولكن الفكر وظيفة الدماغ، والفرق بين العقول نتيجة الفرق بين الأدمغة) .
ويتضاعف ذلك الغلو المادي في تصور أن المادة الصماء سابقة على العقل نفسه وكل آلاته وإدراكاته، فقد (وجدت الطبيعة ليس فقط قبل الناس، وإنما عمومًا قبل الكائنات الحية، وبالتالي مستقلة عن الإدراك، وهي أولية. أما الإدراك فلم يستطع التواجد قبل الطبيعة، فهو ثانوي) !!، (فواضح أنهم يعتبرون المادة هي الأصل الذي انشقت منه كل الكائنات الحية، وغير الحية، بما في ذلك الإنسان، وأنشأ كل ما يحتوي عليه عالم الإنسان من أفكار ومشاعر.
أما المادة ذاتها فلم تخلق، إنما كانت موجودة، وستظل دائمًا موجودة، أي أنها أزلية أبدية موجودة بذاتها ومنشئة لغيرها.
وأما الله الأزلي الأبدي الخالق البارئ المصور المريد الفعال لما يريد؛ فهو عندهم خرافة ابتدعها خيال الإنسان. والحقيقة الوحيدة هي المادة، والوحدة التي تجمع الكون هي ماديته) .
ـ وهذا القول ليس بأفضل من نظرية المصادفة (عدم النظام)، بل هو هو في الحقيقة، لأنه قائم على أن للمادة قوانين، تلك القوانين هي التي أبدعت النظام، لكنه لم يتعرض بالبحث لمنشأ تلك القوانين أصلًا!.
ففي الوقت الذي قد يعد فيه المذهب المادي غلوًا في باب العلِّية، لأنه يرجع كل الوجود لقوانين صارمة طبيعية قسرية، وأنه يمثل التناقض مع الفكر الهيومي في التشكك في العلية أو موقف كانط المرتاب منها؛ إلا أنه بالفحص في مقومات هذا المذهب يبدو أنه قائم على علِّية غير معقولة!، لأن العلة التي تنتج معلولات تفوقها في الطبع والقوة لا يمكن أن تكون علة ولا أن يكون المعلول معلولها!، وسنشير إلى هذا فيما يتعلق بسنخية العلة.

فـ (المادة لا يمكن أن تكون مطلقا مبدأ حياة ولا مصدر، لأن ما كان خاليًا من شيء قوة وفعلًا لا يمكنه مطلقًا أن يكون مصدرًا له، والمادة خالية من الحياة بالقوة والفعل، فإذًا لا يمكن أن تكون مصدرًا للحياة. أما خلوها من الحياة فعلًا فبالمشاهدة، لأن كلًا يرى أن المادة عرية منها، وإلا لاقتضى أن تحرك نفسها فعلًا بأن تنمو أو تحس أو تعقل، وذلك ظاهر البطلان ظهور الشمس في رابعة النهار. وأما خلوها منها بالقوة؛ فلأنها لو قدرت أن تبرز الحياة ذات يوم لقدرت أن تبرزها الآن؛ لأن طبائع الأشياء ثابتة لا تتغير، فكما كانت من قبل فهي الآن، ولا يمكن أن توجد في وقت وتضمحل في آخر، وذلك مقرر في مبادئ العلوم الطبيعية الثابتة، فما شوهد قط ولا يشاهد أدنى أثر للحياة في المادة؛ فإذا ثبت الافتقار إلى موجد هو مسبب الأسباب) .
و (الواقع الذي ينبغي أن نسلم به هو أن جميع الجهود التي بذلت للحصول على المادة الحية من غير الحية، قد باءت بخذلان وفشل ذريعين.
ومع ذلك فإن من ينكر وجود الله لا يستطيع أن يقيم الدليل المباشر للعالم المتطلع على أن مجرد تجمع بعض الذرات والجزيئات عن طرق المصادفة، يمكن أن يؤدي إلى ظهور الحياة وصيانتها وتوجيهها بالصورة التي شاهدناها في الخلايا الحية. وللشخص مطلق الحرية في أن يقبل هذا التفسير لنشأة الحياة، فهذا شأنه وحده. ولكنه إذ يفعل ذلك فإنما يسلم بأمر أشد إعجاز وصعوبة على العقل من الاعتقاد بوجود الله الذي خلق هذه الأشياء ودبرها) ، بحسب رسل تشارلز آرنست .
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى