مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

دلائل الانكار على الملحدين

اذهب الى الأسفل

دلائل الانكار على الملحدين  Empty دلائل الانكار على الملحدين

مُساهمة  طارق فتحي الأربعاء ديسمبر 17, 2014 10:18 am

فإن قلت يلزم من هذا أن الأمة قد اجتمعت على ضلالة حيث سكتت عن إنكارها لأعظم جهالة.
قلتُ:
حقيقة الإجماع اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر بعد عصره. وفقهاء المذاهب الأربعة يحيلون الاجتهاد من بعد الأربعة، وإن كان هذا قولا باطلا وكلاما لا يقوله إلا من كان للحقائق جاهلا. فعلى زعمهم لا إجماع أبدا من بعد الأئمة الأربعة. فلا يرد السؤال. فإن هذا الابتداع والفتنة بالقبور لك يكن على عهد أئمة المذاهب الأربعة. وعلى ما نحققه فالإجماع وقوعه محال.
فإن الأمة المحمدية قد ملأت الآفاق وصارت في كل أرض وتحت كل نجم، فعلماؤها المحققون لا ينحصرون ولا يتم لأحد معرفة أحوالهم. فمن ادعى الإجماع بعد انتشار الدين وكثرة علماء المسلمين فإنها دعوى كاذبة، كما قاله أئمة التحقيق.
ثم لو فرض أنهم علموا بالمنكر وما أنكروه بل سكتوا هن إنكاره لما دل سكوتهم على جوازه، فإنه قد علم من قواعد الشريعة أن وظائف الإنكار ثلاثة.
أولها : الإنكار باليد، وذلك بتغيير المنكر وإزالته.
وثانيها : الإنكار باللسان مع عدم استطاعة التغيير.
ثالثها : الإنكار بالقلب عند عدم استطاعة التغيير باليد واللسان.
فإن انتفى أحدها لم ينتفِ الآخر. ومثاله: مرور فرد من أفراد علماء الدين بأحد المكاسين وهو يأخذ أموال المظلومين. فهذا الفرد من علماء الدين لا يستطيع التغيير على هذا الذي يأخذ أموال المساكين باليد ولا باللسان لأنه يكون سخرية لأهل العصيان، فانتفى شرط الإنكار بالوظيفتين. ولم يبق إلا الإنكار بالقلب الذي هو أضعف الإيمان. فيجب على من رأى ذلك العالم ساكتا على الإنكار مع مشاهدة ما يأخذه ذلك الجبار أن يعتقد أنه تعذر عليه الإنكار باليد واللسان وأنه قد أنكر بقلبه.
فإن حسن الظن بالمسلمين أهل الدين واجب والتأويل لهم ما أمكن ضربة لازب. فالداخلون إلى الحرم الشريف والمشاهدون لتلك الأبنية الشيطانية التي فرقت كلمة الدين وشتتت صلوات المسلمين معذورون عن الإنكار إلا بالقلب كالمارين على المكاسين وعلى القبوريين.
ومن هنا يعلم اختلال ما استمر عند أئمة الاستدلال من قولهم في بعض ما يستدلون عليه أنه "وقع ولم ينكر فكان إجماعا"، ووجه اختلاله أن قولهم "ولم ينكر" رجم بالغيب. فإنه قد يكون أنكرته قلوب كثيرة تعذر عليها الإنكار باليد واللسان. وأنت تشاهد في زمانك أنه كم من أمر يقع لا تنكره بلسانك ولا بيدك وأنت منكر له بقلبك، ويقول الجاهل إذا رآك تشاهده "سكت فلان عن الإنكار" يقوله إما لائما أو متأسيا بسكوته، فالسكوت لا يستدل به عارف. وكذا يعلم اختلال قولهم في الاستدلال: "فعلَ فلان كذا وسكت الباقون فكان إجماعا" مختلا من جهتين.
الأولى: دعوى أن سكوت الباقين تقرير لفعل فلان، لما عرفت من عدم دلالة السكوت على التقرير.
الثانية: قولهم: "فكان إجماعا" فإن الإجماع اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والساكت لا ينسب إليه وفاق ولا خلاف حتى يعرب عنه لسانه.
قال بعض الملوك ـ وقد أثنى الحاضرون على شخص من عماله وفيهم رجل ساكت ـ مالك لا تقول كما يقولون؟ فقال: إن تكلمت خالفتهم.
فما كل سكوت رضى. فإن هذه منكرات أسسها من بيده السيف والسنان، ودماء العباد وأموالهم تحت لسانه وقلمه وأعراضهم تحت قوله وكلمه. فكيف يقوى فرد من الأفراد على دفعه عما أراد؟ فإن هذه القباب والمشاهد التي صارت أعظم ذريعة إلى الشرك والإلحاد وأكبر وسيلة إلى هدم الإسلام وخراب بنيانه، غالب ـ بك كل ـ من يعمرها هم الملوك والسلاطين والرؤساء والولاة إما على قريب لهم أو على من يحسنون الظن فيه من فاضل أو عالم أو صوفي أو فقير أو شيخ أو كبير.
ويزوره الناس الذين يعرفونه زيارة الأموات من دون توسل به ولا هتف باسمه بل يدعون له ويستغفرون، حتى ينقرض من يعرفه أو أكثرهم فيأتي من بعدهم فيجدوا قبرا قد شيد عليه البناء وسرجت عليه الشموع وفرش بالفراش الفاخر وأرخيت عليه الستور وألقيت عليه الأوراد والزهور، فيعتقد أن ذلك لنفع أو لدفع ضر ويأتيه السدنة يكذبون على الميت بأنه فعل وفعل وأنزل بفلان الضرر وبفلان النفع، حتى يغرسوا في جبلته كل باطل. ولهذا الأمر ثبت في الأحاديث النبوية اللعن على من أسرج على القبور وكتب عليها وبنى عليها. وأحاديث ذلك واسعة معروفة. فإن ذلك في نفسه منها عنه، ثم هو ذريعة إلى مفسدة عظيمة.
فإن قلت هذا قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد عمرت عليه قبة عظيمة أنفقت فيها الأموال.
قلت :
هذا جهل عظيم بحقيقة الحال. فإن هذه القبة ليس بناؤها منه صلى الله عليه وسلم ولا من أصحابه ولا من تابعيهم ولا تابعي التابعين ولا من علماء أمته وأئمة ملته، بل هذه القبة المعمولة على قبره صلى الله عليه وسلم من أبنية بعض ملوك مصر المتأخرين وهو قلاوون الصالحي المعروف بالملك المنصور في سنة ثمان وسبعين وستمائة. ذكره في (تحقيق النصرة بتلخيص معالم دار الهجرة) فهذه أمور دولية لا دليلية، يتبع فيها الآخر الأول.
وهذا آخر ما أردناه مما أوردناه لما عمت البلوى واتبعت الأهواء وأعرض العلماء عن النكير الذي يجب عليهم ومالوا إلى ما مالت العامة إليه، وصار المنكر معروفا والمعروف منكرا، ولم نجد من الأعيان ناهيا عن ذلك ولا زاجرا.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى