مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* استشكال حديث : الصبر- يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر

اذهب الى الأسفل

 * استشكال حديث : الصبر- يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر Empty * استشكال حديث : الصبر- يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر

مُساهمة  طارق فتحي الثلاثاء ديسمبر 16, 2014 7:32 pm

استشكال الأحاديث الدالة على وصف الله بالصبر
استشكل بعض الناس حديث أبي موسى الأشعري الثابت في الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«ليس أحد أو ليس شيء أصبر على أذى سمعه من الله، إنهم ليدعون له ولدا، وإنه ليعافيهم ويرزقهم»[204].
ومنشأ الإشكال عند هؤلاء هو عدم ثبوت اسم الله الصبور في القرآن.
كما استشكلوا إضافة الصبر إلى الله تعالى وما يصاحب هذا المعنى من ألم وحزن ومشقة، إضافة إلى أنه قد يكون ناتجا عن ضعف وعدم قدرة، ومعلوم أن الله تعالى منزه عن هذا كله، فلا يلحقه نقص بوجه من الوجوه.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.
أشكل على كثير منهم هذا الاسم - يعني: الصبور - وقالوا: لم يأت في القرآن، فأعرضوا عن الاشتغال به صفحا، ثم اشتغلوا بالكلام في صبر العبد وأقسامه، ولو أنهم أعطوا هذا الاسم حقه لعلموا أن الرب تعالى أحق به من جميع الخلق، كما هو أحق باسم العليم، والرحيم، والقدير، والسميع، والبصير، والحي، وسائر أسمائه الحسنى من المخلوقين، وأن التفاوت الذي بين صبره سبحانه وصبرهم كالتفاوت الذي بين حياته وحياتهم، وعلمه وعلمهم، وسمعه وأسماعهم، وكذا سائر صفاته[205].
ولعل سبب هذا الإشكال من نسبة الصبر إلى الله تعالى، هو ما يصاحب الصبر من معنى الألم والحزن والمشقة، وأحيانا يكون الصبر ناتجا عن ضعف وعجز وعدم قدرة[206].

قال ابن القيم: "أما الصبر فقد أطلقه عليه أعرف الخلق به وأعظمهم تنزيها له بصيغة المبالغة"[207] ثم ذكر حديث أبي موسى المتقدم.

"فالله - عز وجل - يوصف بصفة الصبر؛ كما هو ثابت في السنة الصحيحة، أما (الصبور)؛ ففي إثبات أنه اسم لله تعالى نظر؛ لعدم ثبوته...

قال الخطابي: معنى الصبور في صفة الله سبحانه قريب من معنى الحليم؛ إلا أن الفرق بين الأمرين أنهم لا يأمنون العقوبة في صفة الصبور، كما يسلمون منها في صفة الحليم، والله أعلم بالصواب[208].

قال قوام السنة الأصبهاني: قال بعض أهل النظر: لا يوصف الله بالصبر، ولا يقال: صبور، وقال: الصبر تحمل الشيء، ولا وجه لإنكار هذا الاسم؛ لأن الحديث قد ورد به؛ ولولا التوقيف لم نقله[209].

وقال الحافظ ابن القيم: وصبره تعالى يفارق صبر المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة،... والفرق بين الصبر والحلم: أن الصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره، فالحلم في صفات الرب تعالى أوسع من الصبر... وكونه حليما من لوازم ذاته سبحانه، وأما صبره سبحانه فمتعلق بكفر العباد وشركهم ومسبتهم له سبحانه وأنواع معاصيهم وفجورهم - فلا يزعجه ذلك كله إلى تعجيل العقوبة، بل يصبر على عبده ويمهله، ويستصلحه ويرفق به ويحلم عنه، حتى إذا لم يبق فيه موضع للصنيعة ولا يصلح على الامهال والرفق والحلم، ولا ينيب إلى ربه ويدخل عليه لا من باب الإحسان والنعم ولا من باب البلاء والنقم أخذه أخذ عزيز مقتدر بعد غاية الأعذار إليه، وبذل النصيحة له، ودعائه إليه من كل باب[210].

فصبره تعالى يفارق صبر المخلوق ولا يماثله من وجوه متعددة منها:

• أنه عن قدرة تامة، وقوة كاملة، بخلاف صبر المخلوق، فإنه قد يكون عن ضعف وعجز.

• ومنها أنه لا يخاف بصبره فوت العقوبة، والعبد إنما يخاف ذلك؛ ولهذا فإنه يستعجل العقوبة أحيانا لخوف الفوت.

• ومنها أنه لا يلحقه بصبره ألم ولا حزن ولا نقص بوجه من الوجوه بخلاف صبر المخلوق[211].

فصبر الله عز وجل - كما قال ابن القيم: "صبر مع كمال علم وقدرة وعظمة وعزة، وهو صبر من أعظم مصبور عليه، فإن مقابلة أعظم العظماء وملك الملوك وأكرم الأكرمين، ومن إحسانه فوق كل إحسان، بغاية القبح، وأعظم الفجور، وأفحش الفواحش، ونسبته إلى كل ما لا يليق به، والقدح في كماله، وأسمائه، وصفاته، والإلحاد في آياته، وتكذيب رسله عليهم السلام، ومقابلتهم بالسب والشتم والأذى، وتحريق أوليائه، وقتلهم، وإهانتهم أمر لا يصبر عليه إلا الصبور، الذي لا أحد أصبر منه، ولا نسبة لصبر جميع الخلق من أولهم إلى آخرهم إلى صبره سبحانه"[212].

وقال الشيخ عبد الله الغنيمان في "شرح كتاب التوحيد من صحيح البخاري"، تعليقا على كلام المازري الذي نقله النووي في شرح حديث أبي موسى - رضي الله عنه - حيث قال المازري: "حقيقة الصبر: منع النفس من الانتقام أو غيره؛ فالصبر نتيجة الامتناع، فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى.

قال الغنيمان: قلت: قوله: فأطلق اسم الصبر على الامتناع في حق الله تعالى، فيه نظر، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطلق على ربه الصبر، وأنه ما أحد أصبر منه، وهو - صلى الله عليه وسلم - أعلم الخلق بالله تعالى، وأخشاهم له، وأقدرهم على البيان عن الحق، وأنصحهم للخلق؛ فلا استدراك عليه، فيجب أن يبقى ما أطلقه - صلى الله عليه وسلم - على الله تعالى دون تأويل، إلا إذا كان يريد بذلك تفسير معنى الصبر، ولكن الأولى أن يبقى كما قال؛ لأنه واضح، ليس بحاجة إلى تفسير[213].

قال الزجاجي: أصل الصبر في الكلام الحبس، يقال: صبرته على كذا صبرا إذا حبسته، ومعنى الصبر والصبور في اسم الله تعالى قريب من معنى الحليم[214].

قال ابن القيم: ولما كان اسم الحليم أدخل في الأوصاف واسم الصبور في الأفعال كان الحلم أصل الصبر فوقع الاستغناء بذكره في القرآن عن اسم الصبور والله أعلم[215].

والفرق بين الحلم والصبر:

• أن الصبر ثمرة الحلم وموجبه، فعلى قدر حلم العبد يكون صبره، فالحلم في صفات الرب تعالى أوسع من الصبر.

• أن الحلم صفة ذاتية لله لا تزول، وأما صبره تعالى فمتعلق بكفر العباد وشركهم وأنواع معاصيهم، فإذا زال متعلقه كان كسائر الأفعال التي توجد الحكمة وتزول بزوالها فتأمله فإنه فرق لطيف ما عثرت الحذاق بعشره وقل من تنبه له ونبه عليه[216].

وأما أذية الله الواردة في الحديث:

فقد جاء تفسيرها في آخر الحديث، وذلك بنسبة الولد لله تعالى، مع أنه الأحد الفرد الصمد، الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، وقد بين الله في كتابه عظم هذا القول وشناعته، فقال: )وقالوا اتخذ الرحمن ولدا (88) لقد جئتم شيئا إدا (89) تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هدا (90) أن دعوا للرحمن ولدا (91)( (مريم).

ومثل هذا ما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل: «يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[217].

وجاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأما تكذيبه إياي فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدا»[218].

ولا يلزم من وقوع الأذية حصول الضرر، فالله تعالى يؤذيه ما يقال فيه من قبيح الكلام، وما يقابل به من سيء الأفعال، ولكنه لا يتضرر بذلك، ولذا أثبت الأذى في كتابه، ونفى الضرر، فقال: )إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا (57)( (الأحزاب)، وقال: )ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر إنهم لن يضروا الله شيئا يريد الله ألا يجعل لهم حظا في الآخرة ولهم عذاب عظيم (176)( (آل عمران).

وفي صحيح مسلم من حديث أبي ذر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال: «...يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم - كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا...»[219].

فإن فعل الخلق لا يسبب الضرر له سبحانه، وإنما دلت النصوص على وقوع الأذى بأذى أولياء الله، والقول على الله بغير علم، كوصفه بما لا يليق بجلاله، ونسبة الولد إليه، ونحو ذلك من البهتان والزور.

قال ابن تيمية في هذا المعنى: فهو يفرح - أي الله سبحانه وتعالى - بما يحبه، ويؤذيه ما يبغضه، ويصبر على ما يؤذيه، وحبه، ورضاه، وفرحه، وسخطه، وصبره على ما يؤذيه، كل ذلك من كماله، وكل ذلك من صفاته وأفعاله، وهو الذي خلق الخلائق وأفعالهم، وهم لن يبلغوا ضره فيضروه، ولن يبلغوا نفعه فينفعوه، وإذا فرح ورضي بما فعله بعضهم، فهو سبحانه الذي خلق فعله، كما أنه إذا فرح ورضي بما يخلقه فهو الخالق، وكل الذين يؤذون الله ورسوله هو الذي مكنهم، وصبر على أذاهم بحكمته، فلم يفتقر إلى غيره، ولم يخرج شيء عن مشيئته، ولم يفعل أحد ما لا يريد[220].

ومن خلال هذا يكون ما أشكل من ألفاظ الحديث - كنسبة الصبر لله تعالى والأذى - مجرد وهم ممن أشكلت عليه هذه الألفاظ، ومع القراءة الواعية للنصوص، والفهم المستقيم لمعانيها، ورد العلم لأهل العلم، يزول الإشكال، بحمد الله.

10. استشكال أحاديث «الرحم شجنة[221] من الرحمن»، و«أخذها بحقو الرحمن» وغيرهما مما ورد في هذا الباب:

استشكل بعض الناس ما جاء في الصحيحين من أحاديث دلت على أن الرحم شجنة من الرحمن، وأنها آخذة بحقو الرحمن ومن ذلك:

حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«إن الرحم شجنة من الرحمن، فقال الله: من وصلك وصلته، ومن قطعك قطعته»[222].

وعن عائشة - رضي الله عنها - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرحم شجنة، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها قطعته»[223].

وعنها - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الرحم معلقة بالعرش تقول: من وصلني وصله الله، ومن قطعني قطعه الله»[224].

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى. قال: فذاك لك". ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اقرءوا إن شئتم )فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم (22) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم (23) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (24)( (محمد)»[225].

وفي لفظ للإمام البخاري" عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«خلق الله الخلق، فلما فرغ منه قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن، فقال لها: مه، قالت: هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب، قال: فذاك»[226].

وقالوا: من المعلوم أن الرحم ليست جزءا من الرحمن، ولا بعضا منه، ولا صفة من صفاته، وإذا كانت كذلك فلا معنى لكونها "شجنة من الرحمن".

ثم كيف للرحم أن تأخذ بحقو الرحمن؟ والحقو: هو معقد الإزار من الجنب، أليس هذا من التجسيم، والتشبيه المنزه عنه الخالق سبحانه وتعالى؟

الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.

حديث «إن الرحم شجنة من الرحمن» ذكرنا أن الشجنة: عروق الشجر المشتبكة. ويقال: بيني وبينه شجنة رحم وشجنة رحم، أي قرابة مشتبكة.

ومعنى حديث «الرحم شجنة»؛ يعني قرابة مشتبكة كاشتباك العروق[227].

قال ابن تيمية: يعني لها تعلق وتقرب من الرحمن"[228].

قال الإسماعيلي: معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة، وليس معناه أنها من ذات الله، تعالى الله عن ذلك[229].

فتوهم أنها جزء من ذات الله تعالى، أو بعض منه، توهم باطل؛ لأن الرحم مخلوقة، وقد جاء التصريح بذلك كما في الحديث المتقدم، وإذا كانت مخلوقة فكيف يتوهم أنها صفة لله تعالى، ومعلوم أن صفاته غير مخلوقة؟ فـ (من) في الحديث لابتداء الغاية، وليست للتبعيض، فالرحم من الله خلقا وإيجادا، لا صفة ونعتا[230].

وهذا الحديث نظير قوله تعالى في شأن المسيح عليه السلام: )إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه( (النساء:١٧١).
أي: من الأرواح التي خلقها وكملها بالصفات الفاضلة والأخلاق الكاملة[231].
قال ابن عثيمين، في معنى قوله تعالى )وروح منه(: "من" للابتداء، وليست للتبعيض؛ فهي كقوله تعالى: )وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه( (الجاثية:١٣)؛ فلا يمكن أن نقول: إن الشمس والقمر والأنهار جزء من الله، وهذا لم يقل به أحد. فقوله: "منه"؛ أي: روح صادرة من الله - عز وجل - وليست جزءا من الله كما تزعم النصارى[232].
ومن خلال هذا يتبين أن الرحم المنسوبة إلى الله تعالى ليست كما توهم هؤلاء جزءا من الرحمن، تعالى الله عن ذلك، وإنما "منه" أي لها تعلق به، وإضافتها لله على وجه التشريف.
كما أضيفت الناقة والبيت إلى الله تعالى في قوله تعالى: )هذه ناقة الله( (الأعراف:٧٣)، وفي قوله: )وطهر بيتي للطائفين( (الحج:٢٦).
أما حديث:«قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن» فإن مذهب السلف - كما مر بنا - هو إجراء نصوص الصفات على ظاهرها على المعنى اللائق بالله - عز وجل - مع نفي المماثلة، أو توهم النقص في حقه سبحانه. وهذا الحديث منها، فهو دليل على ثبوت صفة الحقو لله تعالى، على ما يليق بجلاله وعظمته، "ويجب ألا نستوحش من إطلاق هذا اللفظ، وقد ورد به السمع، كما لا نستوحش من إطلاق ذلك في غيره من الصفات[233].
وقد نص على الأخذ بظاهر الحديث جمع من أهل العلم كالإمام أحمد، وأبي عبد الله ابن حامد، والقاضي أبي يعلى، وأبي موسى المديني، وابن تيمية، وصديق حسن خان[234].
قال الإمام أحمد: "يمضي الحديث كما جاء" [235]. وقال ابن حامد: "ومما يجب التصديق به أن لله حقوا".
وقال: "وكذلك في الرحم تأخذ بحقو الرحمن صفة ذاته، لا يدرى؛ لا التكييف فيها، ولا ماذا صفتها".
وقال أيضا: "فأما الحديث في الرحم والحقو، فحديث صحيح، ذكره البخاري، وقد سئل إمامنا - يعني الإمام أحمد - عنه فأثبته، وقال: يمضي الحديث كما جاء"[236].
وقال أبو يعلى: "اعلم أنه غير ممتنع حمل هذا الخبر على ظاهره، وأن الحقو والحجزة[237] صفة ذات"[238].
وقال أبو موسى المديني: عن حديث الحجزة، بعد أن ذكر تأويلين لها: "وإجراؤه على ظاهره أولى"[239].
وقال ابن تيمية: "هذا الحديث في الجملة من أحاديث الصفات، التي نص الأئمة على أنه يمر كما جاء، وردوا على من نفى موجبه"[240].
وذكر صديق حسن خان "الحقو" في جملة من الصفات، ثم قال: "فكل هذه الصفات، تساق مساقا واحدا، ويجب الإيمان بها على أنها صفات حقيقة، لا تشبه صفات المخلوقين، ولا يمثل ولا يعطل ولا يرد ولا يجحد، ولا يؤول بتأويل ظاهره"[241].
وبهذه النقول عن هؤلاء العلماء يعلم خطأ الإمام الخطابي - رحمه الله - حينما أول هذه الصفة وقال: "لا أعلم أحدا من العلماء حمل الحقو على ظاهر مقتضى الاسم له في موضع اللغة، وإنما معناه: اللياذ والاعتصام"[242].
ولذا قال ابن تيمية معقبا على كلامه: "هذا الذي ذكره الخطابي، ذكره بمبلغ علمه، حيث لم يبلغه في حديث "الرحم" عن أحد من العلماء أنه جعله من أحاديث الصفات، التي تمر كما جاءت، والخطابي له مرتبة في العلم معروفة، ومرتبة أئمة الدين المتبوعين، فوق طبقة الخطابي ونحوه"[243].
وأما التأويل الذي ذهب إليه الخطابي، وهو حمل الحديث على معنى اللياذ والاعتصام بالله تعالى، فهو معنى صحيح، لكن ليس فيه ما ينافي إثبات هذه الصفة لله تعالى على ما يليق بجلاله.
قال أبو يعلى: "قولهم: إن معناه: أنها مستجيرة معتصمة بالله، فلا يمنع من هذا، لكن صفة الاستجارة والاعتصام، على ما ورد به الخبر، من الأخذ بحقو الرحمن جل اسمه"[244].
ومن خلال العرض السابق لجملة من أحاديث الصفات التي استشكلها بعض الناس، وظنوا أن ثمة تعارضا بينها وبين العقل من ناحية إثبات هذه الصفات لله تعالى وجدنا أن مذهب أهل السنة والجماعة هو أسلم مذهب في فهم هذه الصفات لكونهم وقفوا على حدود النص في كيفيات الغيب المجهولة، ولم يلجأوا إلى التأويل إلا بما اقتضته اللغة، ودلت عليه القرائن الواردة في هذه النصوص، فصار تأويلهم - وإن كان نادرا - تأويلا محمودا؛ لأنه يجري على قواعد وأصول اللغة، وليس بمنأى عن القرائن الدالة عليه، حتى قال بعضهم: إن هذا ليس تأويلا، وإنما هو إعمال ظاهر النص الذي اقتضته اللغة والقرائن الواردة في النص.
استشكال حديث - يؤذيني ابن آدم، يسب الدهر، وأنا الدهر
استشكل بعض الناس حديث أبي هريرة في الصحيحين، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «قال الله عز وجل: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر، وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[178].
وفي رواية، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قال الله: يسب بنو آدم الدهر، وأنا الدهر، بيدي الليل والنهار»[179].
وثالثة عند مسلم، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«لا يقولن أحدكم يا خيبة الدهر. فإن الله هو الدهر»[180].
وقالوا: إن الدهر في اللغة؛ هو الزمان، وقد نص بعض علماء اللغة على أنهما بمعنى واحد، [181] ومعلوم أن الدهر بهذا المعنى ليس هو الله تعالى.
"فقد أجمع المسلمون - وهو ما علم بالعقل الصريح - أن الله - سبحانه وتعالى - ليس هو الدهر الذي هو الزمان، أو ما يجري مجرى الزمان"[182].
فهل يصح بناء على هذه الأحاديث، أن نقول: إن الدهر اسم من أسماء الله، أو صفة من صفاته؟ بالإضافة إلى موافقة مذهب الدهرية الذين ينسبون كل شيء تجري به أقدار الله إلى الدهر.
الجواب عن هذا الإشكال المتوهم.
كانت العرب في جاهليتها من شأنها ذم الدهر؛ أي سبه عند النوازل، فكانوا إذا أصابتهم شدة أو بلاء؛ قالوا: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وقالوا: يا خيبة الدهر، فيسندون تلك الأفعال إلى الدهر ويسبونه، وإنما فاعل ذلك هو الله؛ فإذا أضافوا ما نالهم من الشدائد إلى الدهر؛ فإنما سبوا الله - عز وجل - لأن الله هو الفاعل لذلك حقيقة[183].
من أجل ذلك ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الحديث جاء ليرد على ما كان عليه أهل الجاهلية من نسبة المصائب - التي تصيبهم - والكوارث - التي تحل بهم - إلى الدهر.
ومعنى الحديث على قولهم: لا تسبوا الدهر إذا أصابتكم المصائب، ولا تنسبوها إليه، فإن الله - عز وجل - هو الذي أصابكم بهذا، لا الدهر، فإذا سببتم الفاعل وقع السب على الله تعالى إذ هو الفاعل لا الدهر.
ويكون معنى قوله تعالى: «وأنا الدهر»؛ ما فسره بقوله: «بيدي الأمر أقلب الليل والنهار». وهكذا قوله: فإن الله هو الدهر؛ أي مدبر الدهر ومصرفه[184].
وعلى هذا فالدهر ليس من أسماء الله؛ وذلك لأن أسماءه سبحانه كلها حسنى، أي بالغة في الحسن أكمله، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني في دلالة هذه الكلمة، ولهذا لا يوجد في أسماء الله تعالى اسم جامد لا يدل على معنى، والدهر اسم جامد لا يحمل معنى سوى أنه اسم للوقت والزمن.
"وإلى هذا القول ذهب جمهور أهل العلم؛ كالشافعي، وأبي عبيد، وابن جرير الطبري، وابن قتيبة، وإبراهيم الحربي، والخطابي، وأبي يعلى، وابن عبد البر، وقوام السنة الأصبهاني، والقرطبي، والنووي، وابن تيمية، وابن كثير، وابن حجر، وسليمان بن عبد الله آل الشيخ، ومحمد صالح العثيمين، وغيرهم[185].
قال أبو عبيد: تأويله عندي - والله أعلم - أن العرب كان شأنها أن تذم الدهر وتسبه عند المصائب التي تنزل بهم من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون: أصابتهم قوارع الدهر، وأبادهم الدهر، وأتى عليهم الدهر; فيجعلونه الذي يفعل ذلك فيذمونه عليه... فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تسبوا الدهر»على تأويل لا تسبوا الذي يفعل بكم هذه الأشياء ويصيبكم بهذه المصائب؛ فإنكم إذا سببتم فاعلها فإنما يقع السب على الله تعالى؛ لأنه - عز وجل - هو الفاعل لها لا الدهر، فهذا وجه الحديث إن شاء الله لا أعرف له وجها غيره[186].
قال الخطابي: قوله "أنا الدهر معناه أنا صاحب الدهر، ومدبر الأمور التي تنسبونها إلى الدهر، فإذا سب ابن آدم الدهر من أجل أنه فاعل هذه الأمور، عاد سبه إلي؛ لأني فاعلها، وإنما الدهر زمان ووقت جعلته ظرفا لمواقع الأمور، وكان من عادة أهل الجاهلية إذا أصابهم شدة من الزمان، أو مكروه من الأمر، أضافوه إلى الدهر، وسبوه،...فأعلم الله - عز وجل - أن الدهر محدث، يقلبه بين ليل ونهار، لا فعل له في شيء من خير أو شر، لكنه ظرف للحوادث ومحل لوقوعها، وأن الأمور كلها بيد الله تعالى، ومن قبله يكون حدوثها، وهو محدثها ومنشئها سبحانه لا شريك له"[187].
"وقرأ جماعة قوله:«أنا الدهر» بنصب الدهر على الظرفية، فيكون المعنى: أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار، وإلى هذا ذهب أبو بكر ابن داود الظاهري وغيره"[188].
قال الخطابي:كان أبو بكر يرويه«وأنا الدهر» مفتوحة الراء، منصوبا على الظرف، أي أنا طول الدهر بيدي الأمر،... وكان يقول: لو كان مضموما لانقلب الدهر اسما من أسماء الله "عز وجل[189].
وقال ابن عبد البر: فمن أهل العلم من يروي هذا الخبر بنصب الدهر على الظرف يقول:«أنا الدهر كله بيدي الأمر أقلب الليل والنهار»[190].
ويرد هذا القول أن الحديث جاء بلفظ:«فإن الله هو الدهر»، وهذا يوافق رواية الرفع في قوله: «أنا الدهر»، ثم إن رواية الرفع لا يلزم منها أن يكون الدهر اسما من أسماء الله تعالى.
قال ابن حجر مبينا خطأ هذا القول: "قال محمد بن داود - محتجا لما ذهب إليه من أنه بفتح الراء - فكان يقول: لو كان بضمها لكان الدهر من أسماء الله تعالى، وتعقب بأن ذلك ليس بلازم، ولاسيما مع روايته«فإن الله هو الدهر».
قال ابن الجوزي: يصوب ضم الراء من أوجه:
أحدها: أن المضبوط عند المحدثين بالضم.
ثانيها: لو كان بالنصب يصير التقدير«فأنا الدهر أقلبه» فلا تكون علة النهي عن سبه مذكورة؛ لأنه تعالى يقلب الخير والشر، فلا يستلزم ذلك منع الذم.
ثالثها: الرواية التي فيها «فإن الله هو الدهر».
وهذه الأخيرة لا تعين الرفع لأن للمخالف أن يقول: التقدير فإن الله هو الدهر يقلب، فترجع للرواية الأخرى، وكذا ترك ذكر علة النهي لا يعين الرفع؛ لأنها تعرف من السياق أي لا ذنب له فلا تسبوه"[191].
ومن الناس من قال: إن الدهر هذا اسم من أسماء الله تعالى ومعناه؛ القديم الأزلي، وإلى هذا ذهب نعيم بن حماد، وطائفة من أهل الحديث، والصوفية، وهو قول ابن حزم الظاهري[192].
وهذا القول بعيد جدا، وإلا لكان قول من قال: "وما يهلكنا إلا الدهر" صحيحا؛ لأنهم حينئذ قد نسبوا ذلك إلى الله تعالى، ولكن لما كان الأمر ليس كذلك، عابهم الله وذمهم، فقال: )وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون (24)( (الجاثية)، فهذه الآية دلالة واضحة على خطأ من سمى الله تعالى بهذا الاسم[193].
وقد أشار عدد من أهل العلم إلى عدم جواز تسمية الله تعالى بهذا الاسم، وإلى تخطئة ابن حزم في عده الدهر اسما من أسماء الله تعالى وممن أشار إلى ذلك: الخطابي، وأبو يعلى، وقوام السنة الأصبهاني، والقاضي عياض، والقرطبي، وابن كثير، وابن عثيمين[194].
وأما المعنى الذي ذكروه للدهر، وهو: القديم الأزلي، فقد قال ابن تيمية: "وهذا المعنى صحيح؛ لأن الله سبحانه هو الأول ليس قبله شيء، وهو الآخر ليس بعده شيء، فهذا المعنى صحيح إنما النزاع في كونه يسمى دهرا بكل حال.
فقد أجمع المسلمون - وهو مما علم بالعقل الصريح - أن الله - سبحانه وتعالى - ليس هو الدهر الذي هو الزمان أو ما يجري مجرى الزمان؛ فإن الناس متفقون على أن الزمان هو الليل والنهار"[195].
والذي يترجح أن معنى: «أنا الدهر»، و«فإن الله هو الدهر»؛ أي مدبر الدهر ومصرفه ومقلبه، على ما جاء في القول الأول؛ لأنه فسره بذلك في نفس الحديث، فقال: «بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»، وليس كون الدهر اسما من أسماء الله تعالى، وإنما خرج الحديث مخرج الرد على أهل الجاهلية في نسبة ما يصيبهم من مصائب وغيرها إلى الدهر، وعلى هذا القول جمهور أهل العلم كما تقدم.
ومما يدل على صحة هذا القول مايلي:
• أنه جاء مفسرا بذلك في نفس الحديث المتقدم.
قال ابن تيمية: قوله في الحديث «بيدي الأمر أقلب الليل والنهار» يبين أنه ليس المراد به أنه الزمان فإنه قد أخبر أنه يقلب الليل والنهار والزمان هو الليل والنهار؛ فدل نفس الحديث على أنه هو يقلب الزمان ويصرفه[196].
وقال ابن عثيمين: فهو سبحانه خالق الدهر وما فيه، وقد بين أنه يقلب الليل والنهار، وهما الدهر، ولا يمكن أن يكون المقلب "بكسر اللام" هو المقلب "بفتح اللام"، وبهذا تبين أنه يمتنع أن يكون الدهر في هذا الحديث مرادا به الله تعالى[197].
• أن الأصل في أسماء الله تعالى أن تكون حسنى، أي بالغة في الحسن غايته، فلابد أن تشتمل على وصف ومعنى هو أحسن ما يكون من الأوصاف والمعاني، والدهر اسم جامد، لا يتضمن معنى يلحقه بالأسماء الحسنى، ولا يحمل المعنى الذي يوصف بأنه أحسن، وحينئذ فليس من أسماء الله تعالى، وإنما هو اسم للوقت والزمن[198].
• أن الله تعالى قد أخبر عن المشركين، وما كانوا عليه من نسبة أفعاله وأقداره إلى الدهر، فقال تعالى: )وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وما لهم بذلك من علم إن هم إلا يظنون (24)( (الجاثية).
قال ابن جرير الطبري: ذكر أن هذه الآية نزلت من أجل أن أهل الشرك كانوا يقولون: الذي يهلكنا ويفنينا الدهر والزمان، ثم يسبون ما يفنيهم ويهلكهم، وهم يرون أنهم يسبون بذلك الدهر والزمان، فقال الله - عز وجل - لهم: أنا الذي أفنيكم وأهلككم، لا الدهر والزمان، ولا علم لكم بذلك[199].
ثم أورد بسنده حديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «كان أهل الجاهلية يقولون: إنما يهلكنا الليل والنهار، وهو الذي يهلكنا ويميتنا ويحيينا، فقال الله في كتابه: )وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر( قال: فيسبون الدهر، فقال الله تبارك وتعالى: يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر، بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار»[200].
قال سليمان بن عبد الله: والحديث صريح في النهي عن سب الدهر مطلقا سواء اعتقد أنه فاعل أو لم يعتقد ذلك كما يقع كثيرا ممن يعتقد الإسلام[201].
قال الشيخ ابن عثيمين: "وسب الدهر ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: أن يقصد الخبر المحض دون اللوم، فهذا جائز، مثل أن يقول: تعبنا من شدة حر هذا اليوم أو برده، وما أشبه ذلك، لأن الأعمال بالنيات، ومثل هذا اللفظ صالح لمجرد الخبر، ومنه قول لوط عليه السلام: )هذا يوم عصيب (77)( (هود).
الثاني: أن يسب الدهر على أنه هو الفاعل، كأن يعتقد بسبه الدهر أن الدهر هو الذي يقلب الأمور إلى الخير والشر؛ فهذا شرك أكبر لأنه اعتقد أن مع الله خالقا لأنه نسب الحوادث إلى غير الله، وكل من اعتقد أن مع الله خالقا فهو كافر، كما أن من اعتقد أن مع الله إلها يستحق أن يعبد، فإنه كافر.
الثالث: أن يسب الدهر لا لاعتقاد أنه هو الفاعل، بل يعتقد أن الله هو الفاعل، لكن يسبه لأنه محل لهذا الأمر المكروه عنده، فهذا محرم، ولا يصل إلى درجة الشرك، وهو من السفه في العقل والضلال في الدين؛ لأن حقيقة سبه تعود إلى الله سبحانه؛ لأن الله تعالى هو الذي يصرف الدهر ويكون فيه ما أراد من خير أو شر، فليس الدهر فاعلا، وليس السب بكفر، لأنه لم يسب الله تعالى مباشرة[202].
وذكر ابن القيم - رحمه الله - المفاسد المترتبة على سب الدهر فقال: "في هذا ثلاث مفاسد عظيمة:
إحداها: سبه من ليس بأهل أن يسب، فإن الدهر خلق مسخر من خلق الله، منقاد لأمره، مذلل لتسخيره، فسابه أولى بالذم والسب منه.
الثانية: أن سبه متضمن للشرك، فإنه إنما سبه لظنه أنه يضر وينفع، وأنه مع ذلك ظالم قد ضر من لا يستحق الضرر، وأعطى من لا يستحق العطاء، ورفع من لا يستحق الرفعة، وحرم من لا يستحق الحرمان، وهو عند شاتميه من أظلم الظلمة، وأشعار هؤلاء الظلمة الخونة في سبه كثيرة جدا، وكثير من الجهال يصرح بلعنه وتقبيحه.
الثالثة: أن السب منهم إنما يقع على من فعل هذه الأفعال التي لو اتبع الحق فيها أهواءهم لفسدت السماوات والأرض، وإذا وقعت أهواؤهم حمدوا الدهر وأثنوا عليه، وفي حقيقة الأمر فرب الدهر تعالى هو المعطي المانع الخافض الرافع المعز المذل، والدهر ليس له من الأمر شيء، فمسبتهم للدهر مسبة لله - عز وجل - ولهذا كانت مؤذية للرب تعالى، كما في الحديث... فساب الدهر دائر بين أمرين لا بد له من أحدهما، إما سبه لله، أو الشرك به، فإنه إذا اعتقد أن الدهر فاعل مع الله فهو مشرك، وإن اعتقد أن الله وحده هو الذي فعل ذلك وهو يسب من فعله فقد سب الله"[203].
وبهذا التوجيه يندفع الإشكال المتوهم من قوله تعالى: «أنا الدهر»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «فإن الله هو الدهر»، ويسقط استدلال من ذهب مذهب الدهرية والمبتدعة الذين ينسبون كل شيء تجري به أقدار الله إلى الدهر.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى