مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المعتــزلــــــــة

اذهب الى الأسفل

المعتــزلــــــــة Empty المعتــزلــــــــة

مُساهمة  طارق فتحي الثلاثاء مارس 25, 2014 1:31 am

المعتزلة في أشهر الآراء أتباع واصل ابن عطاء (ت 131هـ) وعمرو بن عبيد (ت 144هـ) اللذين اعتزلا حلقة الحسن البصري عند الاختلاف في مسألة مرتكب الكبيرة كعقوق الوالدين والربا والسرقة والزنا من المسلم، هل هو مؤمن أو كافر، فأقرّ الحسن بإيمانه، وذهب واصل وعمرو إلى أنه لا مؤمن ولا كافر، بل هو في منزلة بين المنزلتين. ويُسمّون أيضاً أصحاب العدل والتوحيد، ويلقبون بالقَدَرية والعدلية، فهم يحكّمون العقل حيث لا يوجد نص صريح في المسألة، وظهروا في العصر الأموي إذ لم يجدوا من الأمويين معارضة لهم.
وكان سبب نشأتهم أنهم تأثروا بالفلسفة اليونانية التي وفدت على العالم الإسلامي عن طريق السريان. فدخل تأثيرها في آرائهم وأخذوا عنها كثيراً في استدلالاتهم على العقيدة، لأنها ترضي نهمهم العقلي، ومن أجل الرد على الفلاسفة لمّا هاجموا بعض المبادئ الإسلامية، فتصدى المعتزلة للرد عليهم، متأثرين ببعض طرق الفلاسفة في النظر والجدل، ليحققوا الفوز عليهم، فكانوا بحق فلاسفة المسلمين، لكن ذلك أوقعهم في اجتهاد فكري وعقلي خاص، ولو في مظلة النصوص، بسبب مقامهم في العراق وفارس، حيث انتشرت الحضارات القديمة، وكان أكثرهم غير عرب وإنما من الموالي، وتسربت إليهم آراء الفلاسفة الأقدمين لاختلاطهم باليهود والنصارى وغيرهم، ممن حملوا هذه الأفكار إلى العربية، وكانوا يحكمون بحسن الأشياء وقبحها عقلاً.
ومن إيجابياتهم دفاعهم عن الإسلام وإبطال آراء الفرق الضالة الهادمة للإسلام، مع أنها تحمل اسمه ظاهراً، مثل المجسمة الذين يشبِّهون الخالق بالمخلوق والرافضة القائلين بحلول الإله في جسم بعض الأئمة، والزنادقة الذين يبطنون الكفر ويَدْعون له بنشاط خفي ويظهرون الإسلام، والثنوية القائلين بوجود إلهين اثنين هما النور والظلمة، وغيرهم.
ومنها أيضاً جدلهم مع أهل الأهواء والكفار بقوة وحسن دليل، وفصاحة وبيان، وقدرة على الإقناع اكتسبوها من علومهم وممارستهم الجدال، فجادلوا المجوس والثنوية والجبرية وأهل البدع، وناقشوا أيضاً أهل السنة من الفقهاء والمحدِّثين، والأشاعرة والماتريدية في العقائد.
وقيامهم بحق الإسلام في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ورد كيد الزنادقة والملاحدة والكفار، فأوقفوا تيار الزنادقة الذي عم في أول ظهور الدولة العباسية، ولذا كان الخلفاء الأوائل من هذه الدولة يشجعونهم في موقفهم.
وكانوا حقاً فلاسفة الإسلام، لدراستهم العقائد الإسلامية دراسة عقلية، مع التقيّد بالحقائق الإسلامية، فهم يفهمون نصوص القرآن في العقائد فهماً فلسفياً، من دون إهمال للشريعة ولا تجاوز للنصوص.
ويذكر لهم أيضاً تجنبهم التقليد وإخضاعهم القضايا والمسائل العقدية للأدلة والقياس، فالاحترام عندهم للآراء، لا للأسماء، وللحقيقة لا للقائل؛ ولذلك لم يقلِّد بعضهم بعضاً، وتعددت اجتهاداتهم، وكثرت فرقهم في أصول الدين.
ومن حسناتهم أيضاً اعتمادهم على العقل لأخذ العلوم العقلية التي ترجمت في عصرهم، وامتيازهم باللسان والبيان: فكان منهم خطباء مصاقع ومناظرون أقوياء في الجدل وفنونه.
فرق المعتزلة
هم فرق كثيرة بسبب حرية الرأي والاجتهاد، أشهرهم ثلاث عشرة فرقة وهي:
1- الواصلية: الذين اختاروا آراء واصل بن عطاء مؤسس المذهب.
2- الهُذَيلية: أصحاب أبي الهذيل العلاف، شيخ المعتزلة في القرن الثاني.
3- النظّامية: أتباع إبراهيم بن سيَّار النظَّام تلميذ العلاف المتقدم، طالع كثيراً من كتب الفلاسفة، وخلط كلامهم بكلام المعتزلة.
4- الخابطية: أصحاب أحمد بن خابط، ومثلهم الحَدْثية أصحاب الفضل الحَدْثي.
5- البِشْريّة: أصحاب بِشْر بن المعتمر، كان من أفضل علماء المعتزلة.
6- المُعَمَّرية: أتباع مُعَمَّر بن عبَّاد السلمي، وهو من أعظم القدرية في تدقيق القول بنفي الصفات الإلهية، ونفي القدر خيره وشره من الله تعالى، والتكفير والتضليل على ذلك.
7- المرْدارية: أصحاب عيسى بن صبيح المكي أبي موسى الملقب بالمردار.
8- الثُّمامِية: أصحاب ثُمامة بن أشرس النميري.
9- الهِشَامية: أصحاب هشام بن عَمْرو الفُوَطي، ومبالغته في القدر أشد وأكثر من أصحابه.
10- الجاحظية: أصحاب الجاحظ الأديب المشهور، والذي كان معتزلياً.
11- الخيَّاطية: أصحاب أبي الحسين الخياط، ومثلهم الكعبية أتباع أبي القاسم بن محمد الكعبي تلميذ الخياط، وهما من معتزلة بغداد على مذهب واحد، إلا أن الخياط غالى في إثبات المعدوم شيئاً.
12- الجُبّائية: أتباع أبي علي الجبائي شيخ المعتزلة في القرن الثالث.
13- البهشمية: أتباع أبي هاشم عبد السلام بن الجبائي المتقدم، وهما من معتزلة البصرة، انفردا عن أصحابهما بمسائل.
أصول المعتزلة أو عقائدهم ومبادئهم: لهم أصول خمسة في الاعتقاد: التوحيد، والعدل، والوعد والوعيد، والمنزلة بين المنزلتين، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
أما التوحيد: فهو أساس مذهبهم، فالله واحد أحد، ليس كمثله شيء، وهو السميع البصير، وليس بجسم ولا صورة، ولا لحم ولا دم، ولا شخص، ولا جوهر ولا عرض، ولا يوصف بشيء من صفات الخلق الدالة على الحدوث، ولا تدركه الأبصار، ولا يشبه الخلْق بوجه من الوجوه. وبنوا على هذا الأصل استحالة رؤية الله تعالى يوم القيامة، لأن الرؤية تقتضي الجسمية والجهة، كما بنوا عليه أن الصفات ليست شيئاً غير الذات، وإلا تعدد القدماء في نظرهم، وبنوا على ذلك أيضاً أن القرآن مخلوق لله سبحانه وتعالى، لمنع تعدد القدماء، ولنفي صفة الكلام عن الله تعالى.
وأما العدل: فهو أن الله تعالى لا يحب الفسـاد، ولا يخلق أفعال العباد، بل يفعلون ما أُمروا به ونهوا عنه بالقدرة التي جعلها الله لهم وركّبها فيهم. وقد ردوا بهذا على الجبرية القائلين إن العبد في أفعاله غير مختار. لكنهم لاحظوا في هذا تنزيه الله تعالى عن العجز.
وأما الوعد والوعيد: فمعناه أنهما نازلان لا محالة، فوعده تعالى بالثواب واقع، ووعيده بالعقاب واقع أيضاً، ووعده بقبول التوبة النصوح واقع أيضاً
فلا عفو عن كبيرة من غير توبة، كما لا حرمان من ثواب لمن عمل خيراً. وفي هذا رد على المرجئة القائلين: لا يضر مع الإيمان معصية، ولا تنفع مع الكفر طاعة، إذ لو صح هذا لكان وعيد الله تعالى لغواً، والعياذ بالله.
وأما المنزلة بين المنزلتين: أي إن مرتكب الكبيرة بين المؤمن والكافر، وإنما هو فاسق لم يستكمل خصال الخير، ولا يستحق اسم المدح، فلا يسمى مؤمناً، وليس هو بكافر أيضاً، لنطقه بالشهادتين وفعله أعمال الخير، لكنه إذا خرج من الدنيا على كبيرة من غير توبة، فهو من أهل النار خالداً فيها، إذ ليس في الآخرة إلا الفريقان: فريق في الجنة، وفريق في السعير، ولكنْ تُخَفّف النار عليه.
وأما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: فهو من أصول المعتزلة المتفق عليها، وذلك واجب عقلاً ونقلاً باللسان والقلب واليد، نشراً لدعوة الإسلام وهداية الضالين، ودفعاً لهجوم الذين يحاولون تلبيس الحق بالباطل، ليفسدوا على المسلمين أمر دينهم، ولذا تصدوا للدفاع عن الحقائق الإسلامية أمام سيل الزندقة التي ظهرت في أول العصر العباسي لهدم حقائق الإسلام ونقض عراه عروة عروة، وجرَّدهم الخليفة المهدي لذلك.
مناصرة العباسيين لهم: ظهر المعتزلة في العصر الأموي كما تقدم، فلم يعارضهم الأمويون، لأنهم جماعة فكر، لا ثورة وشغب، ولم يعاونوهم في نشر آرائهم. على عكس العباسيين فإنهم لما انتشر سيل الإلحاد والزندقة، وجد خلفاء الدولة العباسية في المعتزلة سيفاً مسلولاً على الزنادقة، فشجعوهم على الاستمرار في نهجهم، وبلغ تقريبهم إلى الذروة في عهد المأمون الذي كان معتزلياً فشايعهم وأدناهم، وجعل منهم حُجَّاباً ووزراء، وكان يعقد المناظرات بينهم وبين الفقهاء والمحدثين للانتهاء إلى رأي متفق عليه، ثم في سـنة وفاته 218 هـ انتقل المأمون من المناظرات إلى التهديد والأذى الشديد برأي كاتبه أحمد بن أبي دؤاد المعتزلي وحاول أن يحمل الفقهاء على القول إن القرآن مخلوق، وسجن الإمام أحمد بن حنبل وعذَّبه، واستمرت الفتنة في عهد المعتصم والواثق لوصية المأمون بذلك، حتى جاء المتوكل ورفع هذه المحنة، بل إنه اضطهد المعتزلة.
النبوة والخلافة: ذهبت المعتزلة إلى أن بعث الأنبياء واجب بالأدلة النقلية (السمعية) والعقلية، وهو مقتضى اللطف الإلهي، واللطف واجب يتبعه التكليف السمعي، ولا يمكن معرفته إلا من قبل النبي، ووجود النبي يكون واجباً، لأن مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب، والنبي يجب أن يكون منزهاً عن المعاصي قبل البعثة وبعدها.
وعقيدتهم بالخلافة الوجوب؛ إذ ذهبوا إلى أن نصب الإمام واجب وجوباً عقلياً لفصل المنازعات والخصومات، وهو واجب أيضاً بالشرع ليقوم بتنفيذ الأحكام الشرعية من إنصاف المظلوم وإقامة الحدود وتعيين القضاة وإجراء العدل بين الناس والدفاع عن حمى الإسلام، وأوجبوا على الأمة تعيين الإمام بالانتخاب والشورى، وأنه لا يجوز أن يتولى الإمامة شخص لم يتفق عليه أهل الحل والعقد. وذهب معظم المعتزلة إلى أنه لا يجوز أن يتولى الإمامة غير القرشي، لقول النبيr - فيما يرويه أحمد والطبراني من حديث حسن- « الخلافة في قريش».
خلق القرآن: اقترنت هذه المسألة بتاريخ المعتزلة، لأنهم هم الذين أثاروها في العصر العباسي، وبرأيهم حاول ثلاثة من الخلفاء العباسيين: المأمون، والمعتصم، والواثق حمل الفقهاء والمحدِّثين على القول بذلك، وتعرض بعضهم لشدائد السجن والجلد وغير ذلك، وتعرضت حرية العقيدة للزوال.
وأول من قال بها قبل هؤلاء الخلفاء "الجعد بن درهم" و"الجهم بن صفوان" الذي نفى صفة الكلام عن الله، تنزيهاً له عن مشابهة الحوادث في زعمهم.
وتبنّى المعتزلة هذا الاتجاه، ونفوا عن الله تعالى صفات المعاني وهي القدرة والإرادة والعلم والسمع والبصر والكلام والحياة، وأوَّلوا ما ذُكر في القرآن على أنه أسماء للذات العلية، وليس وصفاً لها. وأنكروا من ثمّ كون الله تعالى متكلماً، وما ورد في القرآن من إسناد الكلام إليه في خطاب موسىu:}وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا{ (النساء، 164) أوّلوه بأنه تعالى خلق الكلام في الشجرة، كما يخلق كل شيء. وبما أن الكلام مخلوق لله تعالى، فالقرآن مخلوق لله تعالى. وابتدأ الخوض الشـديد في هذا في عهد الرشـيد في ضوء أقوال الفلاسـفة. وفي سـنة 218 هـ بدا للخليفة المأمون تلميذ أبي هذيل العلاف أن يدعو الناس بقوة السلطان إلى اعتناق القول بخلق القرآن، ومن لم يقل بذلك عوقب بحرمانه من مناصب الدولة وعدم سماع شهادته في القضاء، ثم صار يهدد وينذر بعقوبة الإعدام، وأرسل كتبه إلى ولاته، ومنهم إسحاق بن إبراهيم نائبه في بغداد، فنفَّذ هذا طلب المأمون، وأحضر الفقهاء والمحدّثين والمفتين، وأنذرهم بالعقوبة إن لم يقروا بما طلب منهم، فوافقوا ما عدا أربعة منهم أصروا على موقفهم، وهم أحمد بن حنبل، ومحمد بن نوح، والقواويري، وسجادة، فصفدوا في الأغلال، فتراجع سجادة والقواويري، فسُرِّحا، وبقي اثنان، فسيقا في الحديد، ليلتقيا بالمأمون في «طرسوس»، واستشهد «ابن نوح» في الطريق، ثم مات المأمون، والإمام أحمد في الطريق. واستمر البلاء به ومُزّق جسمه بالسياط في عهد المعتصم، واستمر بالحبس نحو ثمانية عشر شهراً، فلما يئسوا منه سرّحوه.
وموضع الخلاف: ليس في تلاوة القرآن، ولا بحروفه المكتوبة بالمداد في المصاحف، فهي محدثة من غير شك، وإنما الخلاف في أمرين:
أحدهما: النظر إلى مصدر القرآن: فهو كلام الله تعالى، والله متصف بالكلام، فقال الفقهاء والمحدثون: بما أن القرآن كلام الله، فيكون غير مخلوق كسائر المخلوقات.
وقال المعتزلة: هو كلام خلقه تعالى وأنزله بالوحي على قلب نبيه محمدr).
والثاني: النظر إلى هذه الحروف التي تقرأ والمعاني التي تدل عليها الكلمات، فقال أهل السنة: إنها غير مخلوقة لله تعالى، لأنها مظهر لكلامه سبحانه، وكلام الله قديم بقدم ذاته، فالقرآن غير مخلوق. وقال المعتزلة: هي مخلوقة لله تعالى، فالقرآن حادث غير قديم. ولكلٍ وجهته، ولا يكفّر أحدهما، لأن القول بقدم القرآن يؤدي إلى القول بتعدد الآلهة، كادعاء النصارى بأن عيسى ابن مريمu ليس بمخلوق، إذ كان كلمة الله، فادعوا قدم المسـيح، ثم عبدوه، واتخذوه إلهاً.
تقييم موقف المعتزلة أو الحكم عليهم: حمل الفقهاء والمحدثون على المعتزلة حملة شعواء، واتهموهم بالفسق وعدم قبول شهادتهم، وانتهاك المحرّمات، ولكنهم اقتصروا على ذلك، ولم يتهموهم بالكفر أو الخروج من الملة. وكذلك المعتزلة لم يكفّروا أهل السنة، ولكنهم طعنوا فيهم واتهموهم بالخطأ والانحراف الذي يستوجب العقاب أو التعزير. وصبر الفقهاء والمحدثون على المحنة والأذى وألوانه المختلفة، مما استدرّ عطف الناس عليهم وسخطهم على من كان سبب هذه المحنة، وأدى ذلك إلى سوء سمعة المعتزلة، والتشهير بهم، وتطويق آرائهم على مدى التاريخ.
_____________
وهبة الزحيلي
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى