مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* أسرار "قوة الشكر" وكشف الكذب

اذهب الى الأسفل

* أسرار "قوة الشكر" وكشف الكذب Empty * أسرار "قوة الشكر" وكشف الكذب

مُساهمة  طارق فتحي الأحد يناير 09, 2011 5:24 pm

أسرار "قوة الشكر"
اعداد : طارق فتحي
للشكر والامتنان طاقة غريبة تمنح صاحبها النجاح والشفاء، هذا ما يقوله الخبراء اليوم وهذا ما قاله النبي الكريم قبل ذلك....
كنتُ أتأمل سيرة بعض الناجحين على مر التاريخ ولفت انتباهي أمر مهم ألا وهو أنهم يستخدمون التقنيات ذاتها في سبيل النجاح وتحقيق ما يطمحون إليه بسهولة. ومن الأشياء الملفتة أنهم يستخدمون "قوة الشكر" فالشكر والامتنان له سحر غريب وتأثير عجيب في حياة الإنسان، ولكن كيف؟
الشكر طريق سهل للنجاح
يؤكد الدكتور جون غراي وهو طبيب نفسي وأحد المبدعين الذين بيعت ملايين النسخ من كتبه، يؤكد على أهمية الشكر في حياة الإنسان الناجح، فالزوجة مثلاً التي تشكر زوجها على ما يقوم به، فإن هذا الشكر يحفزه للقيام بمزيد من الإبداعات والنجاح. فالامتنان يقدم لك المزيد من الدعم والقوة.
ويوضح الخبير "جيمس راي" هذه الحقيقة بقوله: إن قوة الشكر كبيرة جداً فأنا أبدأ يومي كلما استيقظت صباحاً بعبارة "الحمد لله" لأنني وجدتها مفيدة جداً وتمنحني طاقة عظيمة! ليس هذا فحسب بل إنني أشكر الله على كل صغيرة وكبيرة وهذا سرّ نجاحي أنني أقول "الحمد لله" وأكررها مراراً طيلة اليوم!!
الشكر طريق سهل للإبداع
للشكر تأثير مذهل في حياة معظم المبدعين، فالامتنان والشكر للآخرين هو أسهل الطرق للنجاح، والشكر طريقة قوية ومؤثرة حتى عندما يقدم لك أحد معروفاً صغيراً فإنك عندما تشكره تشعر بقوة في داخلك تحفزك للقيام بالمزيد من الأعمال الخيرة. وفي دراسة حديثة تبين أن الامتنان والشكر يؤدي إلى السعادة وتقليل الاكتئاب وزيادة المناعة ضد الأمراض!
لقد قام العلماء بتجارب كثيرة لدراسة تأثير الشكر على الدماغ ونظام المناعة والعمليات الدقيقة في العقل الباطن، ووجدوا أن للشكر تأثيراً محفزاً لطاقة الدماغ الإيجابية، مما يساعد الإنسان على مزيد من الإبداع وإنجاز الأعمال الجديدة. كما تؤكد بعض الدراسات أن الامتنان للآخرين وممارسة الشكر والإحساس الدائم بفضل الله تعالى يزيد من قدرة النظام المناعي للجسم!
يقوم الدكتور Robert Emmon وفريق البحث في جامعة كاليفورنيا بدراسة الفوائد الصحية للشكر، وقد وجد بنتيجة تجاربه على الطلاب أن الشكر يؤدي إلى السعادة وإلى استقرار الحالة العاطفية وإلى صحة نفسية وجسدية أفضل. فالطلاب الذين يمارسون الشكر كانوا أكثر تفاؤلاً وأكثر تمتعاً بالحياة ومناعتهم أفضل ضد الأمراض. وحتى إن مستوى النوم لديهم أفضل!
الشكر لعلاج المشاكل اليومية
يؤكد الباحثون في علم النفس أن الشكر له قوة هائلة في علاج المشاكل، لأن قدرتك على مواجهة الصعاب وحل المشاكل المستعصية تتعلق بمدى امتنانك وشكرك للآخرين على ما يقدمونه لك. ولذلك فإن المشاعر السلبية تقف حاجزاً بينك وبين النجاح، لأنها مثل الجدار الذي يحجب عنك الرؤيا الصادقة، ويجعلك تتقاعس على أداء أي عمل ناجح.
عندما تمارس عادة "الشكر" لمن يؤدي إليك معروفاً فإنك تعطي دفعة قوية من الطاقة لدماغك ليقوم بتقديم المزيد من الأعمال النافعة، لأن الدماغ مصمم ليقارن ويقلّد ويقتدي بالآخرين وبمن تثق بهم. ولذلك تحفز لديك القدرة على جذب الشكر لك من قبل الآخرين، وأسهل طريقة لتحقيق ذلك أن تقدم عملاً نافعاً لهم.
فن ممارسة الشكر
الاختصاصي "لي برو" مؤسس شركة تفعيل الطاقة لإحراز الثروة، ينصح بأن تمارس الشكر والامتنان باستمرار بل أن تقنع نفسك بذلك من خلال الكلام، أي لا يكفي الاعتقاد أو الامتنان إنما يجب أن تقول وتكتب ذلك على ورقة مثلاً: إنني سعيد جداً ... لأنني أشكر الناس على معروفهم... وهذا الشكر سيقدم لي النجاح والإبداع...
ويقول هذا الخبير المتخصص بجمع الثروات: اجعل الشكر عادة تمارسها كل صباح، أن تبدأ بشكر الله، ثم تشكر الناس خلال ممارسة أعمالك اليومية لكل عمل أو معروف يقدّم لك... وخلال أيام قليلة ستشعر بقوة غريبة وجديدة من نوعها تسهل طريقة النجاح لك.
آلية عمل الشكر
بعد دراسات طويلة لعدد من الباحثين في البرمجة اللغوية العصبية وعلم النفس تبين أن معظم المبدعين والأثرياء كانوا يشكرون الناس على أي عمل يقدمونه لهم، وكانوا كثيري الامتنان والإحساس بفضل الآخرين عليهم، ولا ينكرون هذا الفضل حتى بعد أن جمعوا ثروات طائلة.
ولو تساءلنا: كيف يقوم هذا "الشكر" بعمله، وكيف يمكن أن يصبح الإنسان ناجحاً، وما علاقة ممارسة الشكر بالإبداع مثلاً؟ إن الجواب يكمن في عقلك الباطن!
يؤكد العلماء أن كل تصرف تقوم به أو حركة تعملها أو كلمة تنطق بها... إنما تصدر نتيجة برامج معقدة موجودة في داخل الدماغ في منطقة تسمى العقل الباطن (وهي منطقة مجهولة حتى الآن). وهناك تفاعلات يقوم عقلك الباطن في كل لحظة مع الأحداث التي تمر بك، وعند ممارستك لأي عمل هناك عمليات معقدة تحدث في دماغك لا تشعر بها.
فكثير منا يحاول حفظ القرآن مثلاً ولا يستطيع بل يجد ثقلاً وكأن شيئاً يبعده عن هذا الحفظ. وكثير منا يحاول أن ينجز عملاً فلا يجد رغبة في ذلك فيتقاعس وتجده كئيباً منعزلاً لا يجد لذة في هذا العمل فلا يقدم عليه. وكثير أيضاً لديهم طموحات في مجال الدراسة أو العمل أو العاطفة... ولكن لا ينجزون أي شيء!
هل تعلمون ما هو سبب هذه الظاهرة الخطيرة؟ إنه عقلك الباطن الذي امتلأ بالأفكار السلبية وتمَّ حشوه بالمعلومات الخاطئة عن الآخرين وفقد التوجه الصحيح، وبالتالي لابد من إعادة شحنه وبرمجته وتنشيطه.
للشكر طاقة هائلة تظهر بعد فترة من ممارسته، فالمبدعون الذين كانوا يشكرون الآخرين ويعبرون عن امتنانهم بشتى الطرق، أدركوا فوائد هذا العمل وبالتالي أكثروا منه واستثمروه وحصدوا نتائجه من خلال ما قدموه من إبداع واكتشاف.
والآن يأتي دور الشكر والامتنان، حيث أنك عندما تشكر الناس وتشكر الله فإن كل عملية شكر تقوم بها تشكل في عقلك الباطن معلومة جديدة تحفزه ليدفعك للعمل أكثر، لأنك ستعتقد أن الناس سيقدرون عملك ويهتمون به ويشكرونك عليه، وهذا يقودك لمزيد من العمل.
بينما نجد الإنسان الذي لا يشكر الناس يظن بأن الآخرين لن يشكروه على أي عمل يقدمه مهما كان مهماً، وبالتالي يختفي الحافز والدافع لأي عمل جديد، فتجده يفقد الرغبة في الإنجاز ومع الزمن يتطور الأمر فيصاب باكتئاب خفيف وقد يتطور إلى اضطراب مزمن...
كيف نمارس فن الشكر؟
بالقول والعمل. فعندما يؤدي لك شخص ما عملاً ينبغي أن تشكره بقولك: شكراً لكم، أو إنني أشكرك شكراً جزيلاً، أو تعبر له عن فرحتك وسرورك بهذا العمل ومن ثم تشكره على ذلك. وهذا لن ينقص من قدرك شيئاً، لأن بعض الناس يعتقدون أن شكر الآخرين هو ضعف، على العكس هو قوة وطاقة تجد أثرها في نجاحك في المستقبل.
الطريقة الثانية هي العمل، فينبغي عليك أن تنجز عملاً للآخرين تعبر لهم عن امتنانك لهم. تساعد أخاك على قضاء حاجة ما، أو تفرج عنه هماً، أو ترسم الابتسامة على وجهه، أو تدخل السرور إلى قلب طفلك أو زوجتك أو أخيك أو أبيك...
ويمكن القول إن العلماء لم يدركوا أهمية هذه العملية إلا حديثاً جداً، ولكن الإسلام جعل الشكر جزءاً مهماً يمارسه المؤمن عبادة وطاعة لله عز وجل، وقد جعل الله جزاءك الجنة إذا شكرت الله وشكرت الناس... لنتأمل الآن هذه الأحاديث والآيات عسى أن نتذوق حلاوة الشكر.
النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالاستفادة من قوة الشكر
إن أكثر ما لفت انتباهي في أقوال الخبراء في علم النجاح وتطوير الشخصية والإبداع، هو أنهم يبدأون صباحهم بالشكر لله، وربما أتذكر نبينا عليه الصلاة والسلام الذي كان يبدأ يومه بعد الاستيقاظ مباشرة بحمد الله تعالى فيقول: (الحمد لله)، فقد جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا انتبه من الليل قال: (الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور) [البخاري ومسلم].
ولذلك فإن النبي صلى الله عليه وسلم أراد لنا الخير وأمرنا أن نشكر الناس باستمرار على أي معروف يؤدونه لنا، بل جعل الشكر للناس موازياً للشكر لله تعالى، وأ، الذي لم يتعود على شكر الناس لا يمكن أن يشكر الله ولذلك يقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: (لا يشكر الله من لا يشكر الناس) [رواه الترمذي].
أهم أنواع الشكر
إنه شكر الخالق عز وجل، فالله الذي خلقك ورزقك وأنعم عليه بنعم لا تعد ولا تُحصى يستحق منك أن تشكره... ولذلك نجد المؤمن يبدأ صلاته في كل ركعة بعد البسملة ب (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [الفاتحة: 2]، وهي ما بدأ الله به كتابه بعد بسم الله الرحمن الرحيم.
لقد أعطانا الله تعالى معادلة رائعة للشكر يقول تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) [البقرة: 152]. فذكر الله وشكره من أهم أسباب النجاح في الدنيا والآخرة. والإسلام يريد لنا الخير في هذه الدنيا وما بعدها، بينما تقتصر جهود العلماء على تحقيق السعادة في الدنيا فقط!
وهذه ميزة الإسلام أنه يحقق لك السعادة حتى عندما تأتي لحظة الموت! ففي حالة المرض نجد المؤمن يشكر الله ويحمده لأنه يعلم أن هذا المرض سيكون سبباً في المغفرة ومزيد من رحمة الله تعالى.
أعظم سورة في القرآن هي الفاتحة وهي التي لا تصح الصلاة إلا بها، وتبدأ بعد البسملة بـ "الحمد لله رب العالمين"، ولذلك كان النبي يبدأ خطبته بالحمد لله، فالحمد لله كلمة عظيمة لا يدرك أسرارها إلا من يكررها ويستشعر عظمتها!
آيات كثيرة تحض على الشكر، يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [البقرة: 172]. ويذكرنا الله بنعمه وفضله علينا، ولكن معظم الناس غافلون عن الشكر وفوائده، يقول تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) [البقرة: 243].
الشكر... صفة لله تعالى
يقول تعالى: (مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا) [النساء: 147]. فشكر الله عز وجل يكون من خلال كرمه وفضله ورزقه لنا، وشكرنا لله تعالى يكون من خلال التزامنا بتعاليمه وطاعة أوامره والانتهاء عما نهى عنه. ولذلك فإن الله جعل الشكر صفة له فقال: (وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا). وكذلك جعل الشكر صفة لأنبيائه عليهم السلام فقال في حق سيدنا إبراهيم: (إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [النحل: 121].
وقال تعالى عن نفسه: (لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 30]. وحتى يوم القيامة فإن المؤمن يحمد الله تعالى وهو في الجنة، ويشكر الله الغفور الشكور على هذه النعم، يقول تعالى: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ) [فاطر: 34].
الشكور من أسماء الله الحسنى وهذا الاسم يحمل إشارة مهمة وهي: أيها الإنسان! أنت لست أفضل من الخالق تبارك وتعالى، فإذا كان الله تعالى هو "الشكور" فماذا عنك أيها الإنسان؟ وسبحان الله، كلما ازداد المؤمن إيماناً ازداد شكراً للناس.
الشكر يقابل الكفر
هل تتصورون أن عدم الشكر يؤدي إلى الكفر! بل إن الله تعالى جعل للإنسان طريقين: الشكر والكفر، يقول تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) [الإنسان: 3]. وهكذا ندرك أن الشكر فريضة على المسلم، وليس مجرد عادة تهدف لجلب الثرة أو النجاح أو الشهرة!
ولذلك قال تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7]. تأملوا معي المنزلة التي يحتلها الشكر في الإسلام، إذا لم تشكر الله فإن عذاب الله شديد! ولكن عندما تشكر الله تعالى فإن الله سيرزقك ويزيدك مالاً ونجاحاً وقوة: (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ)، أليس هذا ما يؤكده الخبراء من غير المسلمين؟
حتى إننا نجد الدراسات العلمية الجديدة تؤكد على فوائد الامتنان والشكر ولكن ما علاقة الإيمان بذلك؟ يقول العلماء: إن الإيمان بالله والصلاة تساعد كثيراً على الشكر للناس وبالتالي كسب فوائده، ولذلك ينصحون بمزيد من الإيمان بالله!
حتى البهائم تشكر الله تعالى!
ربما نتذكر قصة ذلك الرجل الذي وجد في الصحراء كلباً يلهث يأكل الثرى من العطش فذهب إلى البئر ونزع خفّه فملأها ماءً حتى روي الكلب، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فشكر الله له فغفر له) [البخاري ومسلم].
فالحيوانات والنباتات تشكر الله وتسبحه حمداً له على أن أوجدها وسخر لها أسباب الرزق. فعندما تحسن إلى حيوان تجده يتقرب منك ويشمك ويحني رأسه أمام تعبيراً منه عن امتنانه لك! ففي رواية البخاري ومسلم أن رجلاً وجد "غصن شوك" يؤذي النبات فنزعه فشكر الله له، فغفر له!
هذه الطيور تشكر الله تعالى باستمرار وتسبحه على نعمه عز وجل، فقد خلقها ورزقها وسخر لها أسباب المعيشة، ولذلك نجدها تتعاون وتضحي من أجل الآخرين كما أثبت العلماء مؤخراً، فقد وجد العلماء أن عالم الحيوان والحشرات مليء بالتضحية والإيثار، فماذا عنا نحن البشر العقلاء؟!
شكر الزوجة لزوجها فريضة عليها
إن معظم المشاكل الزوجية التي تنتهي بالطلاق تكون ذات أسباب تافهة جداً، ويقول الباحثون إن حياتك الزوجية تكون سعيدة وهانئة بمجرد أن تمارس الشكر لزوجتك وتشعرها بامتنانك له... وتؤكد دراسة جديدة للبروفسور Todd Kashdan في جامعة George Mason أن النساء اللواتي يشكرن أزواجهن يكنّ أكثر سعادة ويعشن عمراً أطول!
وتؤكد الدراسة أن النساء أكثر قدرة على التعبير من الرجال، وأكثر قدرة على منح مشاعر الامتنان. وتقول الدراسة التي نشرت في مجلة الشخصية Personality أن المرأة يمكن أن تعيش حياة هانئة ومطمئنة بمجرد أن تقدم الشكر لزوجها.
سبحان الله، رسولنا الكريم لم يترك هذا الأمر جانباً بل نبَّه عليه قبل 1400 سنة، فقد اعتبر النبي الكريم أن شكر المرأة لزوجها عبادة لله تعالى، وأن الله لا ينظر للمرأة التي تنكر الجميل، قال صلى الله عليه وسلم: (لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه) [السلسلة الصحيحة للألباني].
تصوروا أن كلمات بسيطة تقولها لزوجتك كل يوم تشكرها وتشعرها بقيمة عملها وتقدر لها مجهودها في البيت وفي تربية الأولاد، هذه الكلمات قد تكون سبباً في درء الكثير من المشاكل وجلب الكثير من السعادة... إنها قوة الشكر!
الشكر جزء من العبادة
إن الإسلام جعل من الشكر عبادة لله تعالى، يقول عز وجل: (فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالًا طَيِّبًا وَاشْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) [النحل: 114]. إنها آيات عظيمة سوف تكون سبباً في سعادتك ونجاحك، لأن الله هو الذي يرسم لك طريق الخير، ويهيء لك أسباب النجاح ولكن ينبغي أن تتذكره في كل لحظة وتحمده على نعمه حتى يعطيك ما تريد.
لنتأمل هذه الآية التي تصور لنا حال المؤمن يوم القيامة: (وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) [الأعراف: 43]، وآخر دعوة للمؤمن يوم القيامة هي الحمد والشكر لله تعالى: (دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ وَآَخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) [يونس: 10].
الصبر والشكر
هناك خبراء اليوم ينصحون بالشكر لعلاج الأمراض! حيث يؤكد الباحثون وجود طاقة شفائية للامتنان والشكر يمكن بواسطتها علاج بعض الأمراض المستعصية. ويقولون: إذا اقترن الشكر بالصبر كان ذلك علاجاً ناجعاً للكثير من الأمراض لأن جهاز المناعة سيتحسن كثيراً ويقوى على مواجهة الأمراض. وسبحان الله، تأملوا معي هذه الآية العظيمة: (إنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ) [الشورى: 33]. فقد قرن الله بين الصبر والشكر.
ولا ننسى أن النبي صلى الله عليه وسلم أكد أن حال المؤمن عجيب، فعندما يصيبه الضر يصبر، وعندما يصيبه الخير يشكر، فكل شأنه خير.
الأنبياء مارسوا عبادة الشكر
هذا هو سيدنا سليمان عليه السلام يشكر الله ويقدر نعمه... يقول تعالى على لسان سليمان: (قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ) [النمل: 40].
وكذلك سيدنا لقمان شكر الله تعالى، فقد علمه الله الحكمة وأول قواعد الحكمة الشكر لله، يقول تعالى: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) [لقمان: 12]. وكأن الله يريد أن يعطينا إشارة قوية لأهمية الشكر وأنه جزء من الحكمة بل هو الحكمة: (وَلَقَدْ آَتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ)...
وقال الله في حق سيدنا نوح عليه السلام: (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) [الإسراء: 3]... انظروا كيف يركز القرآن على الشكر ويجعله صفة لأنبياء الله سبحانه وتعالى لنقتدي بهم وهذا هو النجاح الحقيقي وليس نجاح الثروة والمال!
الشكر للوالدين
شكر الله أولاً ثم الوالدين، يقول تعالى: (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَى وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) [لقمان: 14]. وتأملوا معي هذا الأمر الإلهي: (أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ)، لأن الإنسان عندما لا يقدر قيمة الأبوين ولا يشعر بحنانهما وما بذلاه في تربيته، فلا يمكن أن يشكر الناس ولا يشكر الله تعالى.
فالشكر ليس مجرد عادة تمارسها بل هو عبادة لله تعالى يرافقك في كل أعمالك، ومعظم الناجحين والمبدعين كانوا يرافقون عملهم بالشكر للنا ولله، وهذا ما أمر الله به. فعلى سبيل المثال أمر الله آل داوود بالشكر أثناء العمل فقال: (اعْمَلُوا آَلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ) [سبأ: 13]. فالعمل هو نوع من أنواع الشكر أيضاً!
ينظر العلماء إلى الشكر على أنه أسهل طريق للوصول لما تطمح إليه. فأنت بالشكر تستطيع جذب الآخرين إليك وكسب ثقتهم وإيصال رسالة لعقلهم الباطن تؤكد لهم تقديرك ومودتك وإخلاصك، وبالتالي تستطيع استثمار من حولك وتحفيزهم للتعامل معك، وبالتالي كسب المزيد من العلاقات الناجحة وإنجاز العمل بسرعة وإتقان.
الشكر ينجي من المهالك
الذي يشكر الله سوف ينجيه من المواقف الصعبة، فهذا هو سيدنا لوط عليه السلام أنجاه الله من العذاب الذي أهلك قومه بسبب شكره لله، يقول تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آَلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ) [القمر: 34-35]. تأملوا معي هذه العبارة: (كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ)...
فإذا كانت الهموم تحيط بك والمشاكل تلفّك من كل جانب، وتريد حلاً بسيطاً ومجانياً، إذاً احمد الله تعالى وأكثر من الشكر، وحاول أن تقدم عملاً نافعاً للآخرين، وبخاصة أقاربك وأهلك وجيرانك، فالحمد سر لا يعلمه إلا من يمارسه.
إن الشكر يتم بالقول والفعل، وهو أمر يسهل لك كسب علاقات ناجحة كل يوم، فأنت عندما تمد يدك إلى الآخرين مع كلمة شكر وابتسامة فإن هذه الأشياء الثلاثة مجتمعة تقودك لكسب ثقة الآخرين وكسب محبتهم لك وضمان مساعدتهم لك فيما تحتاج... ولذلك فإن للشكر "قوة جذب" خاصة تجذب بها الآخرين وتوصل إليهم رسائل إيجابية تخلق علاقات طيبة معهم، وهذا ينعكس على استقرار شخصيتك وزيادة قدرتك على حل المشاكل والصعوبات.
كيف نشكر الله؟
أما شكر الله فيكون بالقول والعمل معاً، فالشكر يكون بذكرك لله تعالى في كل حال وكل لحظة، تحمده وتسبحه وتكبره، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحمد الله ثلاثاً وثلاثين مرة عقب كل صلاة. وكان يحمد الله على كل حال، وكان يحمد الله بالفعل أيضاً ولكن كيف؟
إن الله وهبك نعمة البصر فكيف تشكره عليها؟ لا تستعملها في غضب الله فلا تنظر إلى ما حرم الله، كذلك وهبك الله نعمة العقل فلا تفكر في معصية أو إثم أو أذىً، بل اجعل تفكيرك كله في مساعدة الآخرين وتقديم الخير لهم ولك.
وهكذا كل النعم التي أنعم الله عليك ينبغي أن تؤدي شكرها لله تعالى، وبخاصة نعمة المال التي فقد الكثيرون الشكر عليها، فهذا المال ليس لك إنما هو لله تعالى وضعه أمانة بين يديك، فلا يكفي قولك: الحمد لله، لابد أن تتبع هذا القول بالتصدق على من يحتاج هذا المال، وللصدقة مفعول كبير أيضاً في الإبداع والنجاح كما يؤكد كثير من المختصين...
دماغ الإنسان الذي يشكر الناس يكون أكثر نشاطاً، وبالتالي نجده متفائلاً وبعيداً عن الاكتئاب، بينما نجد الدماغ المكتئب لم يتعود على ممارسة الشكر! تؤدي مشاعر الامتنان وممارسة الشكر، إلى إطلاق مواد كيميائية في الجسم مثل مادة Dopamine ومادة Serotonin وهذه المواد تنطلق طبيعياً أثناء السعادة، ويقل إفراز هرمون الإجهاد Cortisol مما يؤدي لوقاية القلب من النوبات القلبية ومرض الأوعية القلبية. (حسب Professor Robert A. Emmons).
وفي النهاية نقول:
نحن نمارس الشكر لله كل يوم استجابة لنداء الحق عز وجل واستجابة لأمر النبي الكريم، فالشكر جزء من عقيدتنا ومنهج مهم نسلكه في حياتنا، ولكن الغرب اكتشف قوة الشكر وتأثيره بعد تجربة ومعاناة ولو أنهم درسوا تعاليم الإسلام واستفادوا منه، لوفروا على أنفسهم عناء البحث.
إن ممارسة الشكر دواء مجاني لك عزيزي القارئ لعلاج أمراضك ومشاكلك النفسية! إنك لن تشتري أي دواء ولن تنفق أي نقود، ولن تجهد نفسك بممارسة الرياضة أو اتباع نظام غذائي... فقط مارس الشكر وتمتع بصحة أفضل.
إن الأشياء التي رأيناها في هذا البحث تؤكد أن تعاليم الإسلام صحيحة وليس كما يدعي بعض المشككين، فالإسلام يريد لنا أن نشكر الله ويشكر بعضنا بعضاً، ويسود العدل والسلام والمحبة في أرجاء الأرض... فهل تقبلون معي هذه التعاليم الرائعة وتبدأون منذ هذه اللحظة بممارسة الشكر والاستفادة من طاقته الرائعة؟!
أسرار كشف الكذب
اعداد : طارق فتحي

القرآن تحدث عن الأسرار المتعلقة بكشف الكذب قبل أن يكتشفها العلماء بأربعة عشر قرناً... لنتأمل....
هناك تغيرات مهمة تحدث في الإنسان عندما يحاول الكذب، وقد اخترع العلماء أجهزة لكشف الكذب تعتمد على قياس سرعة النبض (سرعة نبضات القلب) وعلى كمية العرق المفرز من اليدين والوجه مثلاً وعلى قياس ضغط الدم وغير ذلك، ولكن بقيت كفاءة هذه الأجهزة لا تزيد على 20 بالمئة.
فاللصوص المحترفين تمكنوا من خداع هذه الأجهزة ببراعة ولم تظهر عليهم أي تغييرات تذكر. ولكن في بحث علمي جديد وجد الباحثون في هذا المجال وبعد الكثير من التجارب أن الإنسان عندما يبدأ بالكذب في هذه اللحظة تحدث تغيرات على وجهه تدوم لأجزاء من الثانية ومعظم الناس لا يلاحظون هذه التغيرات، ولكن بالتصوير السريع تظهر هذه التغيرات بوضوح على معظم أجزاء الوجه.
وفي تجربة جديدة أيضاً وجد العلماء أن هناك تغيرات تحدث للصوت أثناء الكذب! ومعظم الناس لا يلاحظون هذه التغيرات ولكن بعض العلماء صمموا برنامج كمبيوتر لتحليل الترددات الصوتية ولاحظوا بأن الإنسان بمجرد أن يبدأ بالكذب فإن انحناء بسيطاً يحدث في المنحني البياني الخاص بصوته، وهذا ما أخبر الله به حبيبه محمداً صلى الله عليه وسلم عن أولئك المنافقين الذي يقولون عكس ما في قلوبهم: (وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 30].
ففي هذه الآية أكد المولى تبارك وتعالى أن النفاق والكذب يظهران على وجه صاحبهما (فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ) أي بالتعابير المرسومة على وجوههم، وأن هذا الكذب يظهر في قولهم وفي صوتهم: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ)، ولحن القول هي تلك النغمة الخفيفة التي تظهر على الصوت أثناء الحديث، ومن ذلك الألحان واللحن أي التصنع في الصوت.
وهذه معجزة تشهد على صدق هذا القرآن لأنه أخبرنا عن حقيقة طبية لم تنكشف أمامنا إلا في القرن الحادي والعشرين، فقد أخبرنا عن علاقة الكذب بالوجه وعلاقة الكذب بالصوت، وهو ما أثبته العلماء يقيناً اليوم.
منذ أكثر من مئة عام والعلماء يحاولون اختراع جهاز لكشف الكذب في كلام الإنسان، ولكن هذه المحاولات تفشل بسبب عد معرفتهم للآلية التي يعمل الكذب عليها، فقد جرَّبوا كل الاختبارات على الإنسان بهدف الوصول إلى جهاز يكشف الكذب للاستفادة منه في التحقيق مع المجرمين.
وبعد تجارب مضنية وصلوا إلى أفضل ثلاث طرق لكشف الكذب، وهي طريقة بصرية وطريقة سمعية وطريقة مغنطيسية، وربما تعجب عزيزي القارئ إذا علمت أن القرآن قد أشار بوضوح إلى هذه الطرق الثلاث!
1- الطريقة البصرية لكشف الكذب
لقد لاحظ بعض الباحثين تغيرات تحدث في تقاسيم الوجه أثناء الكذب، فقام بتجربة تتضمن تصوير إنسان يتحدث بصدق وفي اللحظة التي يكذب فيها تظهر ملامح محددة على وجهه تختلف عن حالة الصدق، ولكن هذه الملامح سريعة جداً ولا تدركها العين البشرية. واستخدم طريقة التصوير السريع لإدراك هذه التغيرات، ثم قام بإبطاء الصورة فلاحظ أن ملامح الوجه تتغير بشكل واضح أثناء الكذب.
يؤكد العلماء أن حركات الجسد تتغير أيضاً أثناء الكذب، وذلك عندما درسوا ما يسمى "لغة الجسد" حيث يعبر كل إنسان عن نفسه من خلال حركات الأيدي والجسم والوجه، ويقولون إن اللغة التي يعبر بها الجسد عن نفسه أثناء الحديث تختلف نم شخص لآخر وتختلف كثيراً أثناء الكذب، حيث لا يمكن للإنسان أن يتحكم بحركات جسده أثناء الحديث.
2- الطريقة السمعية لكشف الكذب
ولكن هناك باحثون اعتمدوا على صوت الإنسان! فقد قاموا بإجراء تسجيل صوتي لإنسان وهو يتحدث بصدق، وفي اللحظة التي يكذب فيها كانت الترددات الصوتية الصادرة عنه تتغير، أي أن الموجات الصوتية التي يسجلها الجهاز لها شكلان: الشكل الأول هو حالة الصدق، والشكل الثاني هو حالة الكذب. وقد كان واضحاً الفرق بينهما.
ويؤكد العلماء أن لكل واحد منا بصمة صوت خاصة به، ولكل واحد منا بصمة عين خاصة به، وسبحان الله، أثناء الكذب فإن العين والصوت والجسد تفصح عن صاحبها، ولكن وبسبب سرعة هذه التغيرات لا يمكن أن ندركها إلا بشكل قليل، وقد تخفى علينا غالباً. أما الأجهزة التي اخترعها العلماء فإنها تُظهر هذه التغيرات بمنتهى الوضوح.
3- الطريقة المغنطيسية لكشف الكذب
هناك فريق من العلماء حاول الدخول إلى دماغ الإنسان ومعرفة ما يجري أثناء الكذب، واستخدم من أجل ذلك جهاز المسح المغنطيسي الوظيفي fMRI وهو جهاز يعمل بالموجات المغنطيسية ويستطيع كشف نشاط الدماغ.
وبعد العديد من التجارب وجد العلماء أن الإنسان عندما يكذب فإن المنطقة الأمامية من دماغه تنشط بشكل مفاجئ، ولذلك استطاعوا كشف الكذب بواسطة هذا الجهاز ومن خلال تصوير النشاط الدماغي في هذه المنطقة.
والآن نستعرض تطور أجهزة كشف الكذب بالصور:

حاول العلماء منذ عشرات السنين اختراع أجهزة لكشف الكذب، ولكن هذه الأجهزة بقيت قليلة الفعالية ولذلك يبحث العلماء باستمرار عن أساليب جديدة لكشف الكذب.

جهاز البولي غراف، وهو جهاز يقيس سرعة النبض وكمية التعرق ونسبة التنفس وضغط الدم، وقد لاحظ العلماء أن هذه النسب تتغير أثناء الكذب ولكن هذا الجهاز غير دقيق لأن الكاذب المحترف يستطيع التغلب على هذه التغيرات.

إجراء تجربة تقليدية لكشف الكذب بواسطة البولي غراف، وعلى الرغم من التطور الهائل لهذا الجهاز إلا أنه لا يزال أقل كفاءة من المطلوب، لأن الإنسان يستطيع تدريب نفسه على الكذب والتغلب على هذه التغيرات وبالتالي فهذا الجهاز يعتبر غير فعال اليوم. ولكن العلماء يقولون بأنه فعال في كشف الخوف أكثر من الكذب.

ترصد أجهزة كشف الكذب العديد من التغيرات في جسد الإنسان عندما يكذب، وهذه التغيرات تنعكس على الوجه والصوت والعينين. هذه النتائج يرسمها جهاز كشف الكذب التقليدي، وهو جهاز يرصد التغيرات الظاهرية في سرعة دقات القلب وضغط الدم والحركة وغير ذلك ويظهر النتائج على شاشة كمبيوتر. وسبب انتشار هذه الأجهزة هو رخص ثمنها وسهولة استعمالها.

جهاز لكشف الكذب بواسطة الصوت، ويعتمد هذا الجهاز في عمله على تسجيل الصوت أو مقاطع صوتية في حالة الصدق ثم في حالة الكذب ومقارنتها بواسطة برنامج خاص، وتحديد ما إذا كان الإنسان صادقاً أو كاذباً، وذلك من خلال التغيرات التي تظهر على منحنيات الصوت التي يسجلها الجهاز.

جهاز حديث لكشف الكذب بواسطة تحليل الصوت، وهذه الطريقة توصل إليها العلماء بعد تجارب مضنية استمرت أكثر من مئة عام، وتأكد بنتيجتها حدوث لحن طفيف في صوت الإنسان عندما يبدأ بالكذب، أي أن الله تعالى وضع في صوت كل واحد منا مؤشراً على كذبه، وسبحان الله، على الرغم من هذه الحقائق المذهلة يأتي من يقول إن الطبيعة هي التي خلقت الإنسان وأعطته هذا النظام!

يتم في مثل هذه الأجهزة تسجيل الصوت ومن ثم تحليله والبحث عن مواضع الإجهاد الصوتي، أي لحظة الكذب هناك لحن خاص للصوت يظهر واضحاً في هذا البرنامج، وهو ما حدثنا عنه القرآن بقوله تعالى (ولتعرفنهم في لحن القول)، صدق الله العظيم.

يبين جهاز المسح المغنطيسي الوظيفي أن هناك مناطق رئيسية في الدماغ تنشط أثناء الكذب وهذه المناطق هي المنطقة ما قبل الأمامية والمنطقة الأمامية وما تحت القشرة الدماغية، وقد سمى القرآن هذه المناطق بالناصية وأخبر بأن هذه الناصية هي مركز الكذب والخطأ وهو ما كشفه العلماء حديثاً!
القرآن يكشف أسرار الكذب
والآن نأتي إلى القرآن الكريم لنكتشف أن ما تم على أساسه اختراع هذه الأجهزة قد أشار إليه القرآن، وهذا يعتبر من إعجاز هذا الكتاب العظيم لأن علماء الغرب يؤكدون أن ما يكشفونه اليوم لم يكن لأحد علم به من قبل، فمن أين جاء هذا العلم في القرآن؟ إنه دليل على أن الذي أنزل هذا القرآن هو الذي يعلم السرَّ وأخفى وهو القائل: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) [آل عمران: 5].
يقول تعالى في آية عظيمة يحدث سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم: (وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ) [محمد: 30]. هذه الآية تتحدث عن أولئك المنافقين الكاذبين تخبر النبي بأنهم كاذبون وأن الله قادر على إخراج كذبهم وكرههم للنبي والمؤمنين. وانظروا معي كيف عبرت الآية عن كشف الكذب لدى هؤلاء بطريقتين:
1- يقول تعالى: (وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ) أي أن الله لو شاء لجعل نبيَّه يرى كذب هؤلاء من خلال تقاسيم وجههم (سيماهم) أي السمات والملامح التي ترتسم على الوجه، وهذه إشارة واضحة إلى طريقة كشف الكذب من خلال الوجه. أي أن هذه الآية تؤكد أنه يمكن كشف الكذب من خلال تقاسيم الوجه، وهو ما يستخدمه العلماء اليوم من خلال أجهزتهم.
2- القسم الثاني من الآية الكريمة: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ففي هذه الكلمات إشارة واضحة إلى معرفة أو كشف الكذب من خلال الصوت (لَحْنِ الْقَوْلِ)، واللحن هو التغير الطفيف في الصوت أثناء الكلام. ولذلك فإن الآية أشارت إلى الطريقة السمعية في كشف الكذب من خلال الصوت.
3- أما الطريقة الثالثة فقد أثبت العلماء أن المنطقة الأمامية من الدماغ تنشط أثناء الكذب، وهذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى يصف الناصية: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ) [العلق: 16]. فقد وصف الله ناصية الإنسان ،أي مقدمة رأسه، بالكذب وهذا ما يراه العلماء اليوم من خلال أجهزتهم.
4- هناك طريقة لكشف الكذب من خلال تصوير الهالة الحرارية حول العينين، ويؤكد الباحثون الأمريكيون في Mayo Clinic أن الإنسان عندما يكذب يزيد تدفق الدم في وجهه وبخاصة حول عينيه، مما يؤدي إلى رفع درجة الحرارة حول العينين بشكل طفيف جداً ويمكن التقاط هذا التغير بواسطة جهاز كشف الكذب.
أي أن العين يمكن أن تخدع الآخرين، ولذلك أخبرنا المولى جل جلاله أنه يعلم خائنة الأعين، فالعين تخفي أشياء سريعة جداً لا يمكن لأحد أن يدركها بعينه المجردة، ولكن الله يعلمها، وقد شاء الله أن يخترع الإنسان هذه الأجهزة لتكون دليلاً على صدق كلام الله، وأن علم الله أكبر من علم البشر! قال تعالى عن نفسه: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].
من أقول العلماء والباحثين
يدعي بعض المشككين أن منطقة الناصية أو مقدمة الدماغ لا علاقة لها بالكذب ويقولون هناك أكثر من منطقة مسؤولة عن الكذب ولا ينحصر الكذب في هذه المنطقة، ويدعي آخرون أن منطقة الخطأ تختلف عن منطقة الكذب، ومن هنا وجدتُ من المناسب أن أضع نتائج التجربة التي قام بها باحثون في جامعة بنسلفانيا على 18 طالباً، وجاء بنتيجة الدراسة ما يلي:
When the students lied, the areas of the brain that play a role in paying attention and controlling error were much more active than when the students told the truth. The brain sections include the anterior cingulate gyrus, located deep in the brain towards the top of the head, and parts of the prefrontal and premotor cortexes, both located in the very front of the brain.
ونتيجة هذا الكلام: عندما كذب الطلاب فإن المناطق في الدماغ التي تلعب دوراً في الانتباه والتحكم بالخطأ، هذه المناطق كانت أكثر نشاطاً أثناء الكذب، هذه المناطق تقع في مقدمة الدماغ في أعلى الرأس، وأجزاء من الفص ما قبل الأمامي من الدماغ وأجزاء أخرى تقع جميعها في مقدمة الدماغ في أقرب نقطة من مقدمة الرأس.
ويؤكد الباحثون في معهد الحساب العصبي إن أي عاطفة أو إحساس يمر بها الإنسان تولد تغيرات في وجهه ولكنها تمر سريعاً بحيث تصعب ملاحظتها، ولذلك فقد طور هؤلاء الباحثون برنامج كمبيوتر يحلل تغيرات الوجه بسرعة مذهلة ويرصد أي تغيرات مهما كانت صغيرة. ويقولون إن التعابير التي تظهر على الوجه في حالة الكذب تختلف عن تلك التعابير التي تظهر في حالة الغضب، وتلك التي تظهر في حالة الإحساس بالذنب وهكذا.
والنتيجة التي نصل إليها أن الأحاسيس التي يمر بها الإنسان تظهر على وجهه، ولذلك قال تعالى في حق أولئك الملحدين الذين ينكرون القرآن: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آَيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ تَعْرِفُ فِي وُجُوهِ الَّذِينَ كَفَرُوا الْمُنْكَرَ) [الحج: 72]. فقد ربط القرآن بين تعابير الوجه وبين ما يدور في دماغ هؤلاء من أحاسيس ومشاعر تجاه القرآن.
ويقول العلماء إن أي تصرف لدى تكراره بكثرة فإنه يترك آثاره الواضحة على الوجه بالدرجة الأولى حتى يصبح جزءاً من تعابير الوجه، ولذلك قال تعالى في حق المؤمنين الذين يكثرون من السجود: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ) [الفتح: 29].
وكذلك فإن هؤلاء المؤمنين يتميزون بوجوههم النضرة يوم القيامة نتيجة صدقهم: (إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين: 22-24].
أما المنافقين الذين يظنون بأنهم يخدعون المؤمنين في الدنيا ويخفون ذلك فإن هذه الوجوه لا تخفى على الله تعالى، ولذلك صور لنا القرآن عذاب هؤلاء وأن وجوههم التي حاولوا إخفاء النفاق من خلالها سوف تقلب في النار: (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللَّهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا) [الأحزاب: 66].
ولذلك فإن هذه الوجوه التي كذبت في الدنيا تُحشر سوداء يوم القيامة من آثار الكذب، يقول تعالى: (وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ) [الزمر: 60].
وأخيراً
انظروا معي أيها الأحبة كيف يعبرون بنتائج تجربتهم أن المنطقة المسؤولة عن الخطأ هي ذاتها التي تنشط أثناء الكذب وهذه المنطقة هي أعلى ومقدم الدماغ في أقرب مكان للجبهة، وهذه المنطقة هي ما سماه القرآن بالناصية، ووصف الناصية بصفتين: الكذب والخطأ فقال: (نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ)، فهل هناك أوضح من هذا التعبير الإلهي لوصف مهمة هذه المنطقة؟
إنني أرى من خلال كلام علماء الغرب شرحاً لما جاء في القرآن، فالقرآن وصف منطقة الناصية بالخطأ والكذب، والعلماء وبعد تجارب دقيقة يقولون إن مقدمة وأعلى الدماغ في أقرب نقطة من الرأس أو الجبهة، هذه المنطقة والتي تتحكم بعمليات الخطأ عند الإنسان هي ذاتها تتحكم بالكذب، أي أن ناصية الإنسان (غير المؤمن طبعاً) هي ناصية كاذبة خاطئة!!
أما المؤمن فنجد ناصيته نظيفة ولا تنشط إلا في التوجه إلى الله تعالى كما كان الأنبياء يفعلون في توجههم إلى ربهم وتسليمهم الأمر إليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه لربه (ناصيتي بيدك)، ويقول سيدنا هود عليه السلام في خطابه لقومه: (إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) [هود: 56]. ولذلك يا أحبتي اعملوا على صيانة هذه المنطقة وتجنب الكذب، لأن الإنسان يستطيع أن يخدع البشر ولكن لن يخدع خالق البشر جل وعلا.
وأقول أيضاً إذا كان الإنسان بأجهزة غير عاقلة استطاع أن يكشف الكذب، فكيف برب السموات السبع سبحانه وتعالى، ألا يعلم بقلوب عباده وما يخفونه؟ يقول تعالى: (يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَمَا تُعْلِنُونَ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) [التغابن: 4].
وهكذا يتبين لنا أن القرآن لم يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا وتحدث عنها، وكل يوم تنكشف أمامنا حقائق جديدة ليبقى هذا الكتاب كما حدثنا عنه الحبيب صلى اله عليه وسلم: (ولا تنقضي عجائبه) [رواه الترمذي]، وتبقى كلمات الله لا نهاية لأسرارها تصديقاً لقوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلَامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [لقمان: 27].
اللهم اجعلنا من الصادقين في الدنيا والآخرة ومن الذين يسلمون وجوههم لله تعالى فهو المتصرف في هذه الوجوه، وهو الذي يوجهها كيف يشاء: (وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [لقمان: 22].
المصدر: الكحيل
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى