مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* اعجاز تحريم الخنزير 1

اذهب الى الأسفل

* اعجاز تحريم الخنزير 1 Empty * اعجاز تحريم الخنزير 1

مُساهمة  طارق فتحي السبت يناير 08, 2011 6:56 pm

اعجاز تحريم الخنزير 1
بقلم : طارق فتحي
الجزء الاول
تناول العلماء قديما تفسير هذا الوجود وتعقله حيث انهم نظروا من حولهم ليجدوا ما يحكموا به منطقهم فاخذوا بالبحث في علة الوجود . فظهرت عندهم الفلسفات الوضعية ومن ثم الفلسفات الإلهية . ولا يجاد تفسير منطقي ومعقول لما يدور حولهم من أمور طبيعية غاية في الغرابة والتعقيد فبدا عند اليونانيون
واخص منهم افلاطون فكرة ان يكون وراء هذا الترتيب الرائع والتناسق العجيب للكون مهندسا عظيما خصوصا اذا ما علمنا ان افلاطون نفسه كان مهندسا . وبنى لنفسه فيها اكاديمية هندسية سميت فيما بعد بمدينة افلاطون او جمهورية افلاطون كما يحلوا للبعض تسميتها . وكتب على باب اكاديميته ( من لم يكن مهندسا فلا يدخل هنا ) .
فظهرت في تلك العصور علوم شتى منها علم الكلام وعلم الحديث وعلم البلاغة وعلم المنطق وعلم الفلسفة اضافة الى العلوم القديمة التي كانت حاصلة آنذاك من الحضارات التي سبقت الحضارة اليونانية ومنها علم الهندسة والطب لدى الفراعنة المصريين القدامى وعلم الفلك لدى الكلدانيين فتم لهم بهذا زيجة رائعة بين تلكم العلوم .
وظهرت لديهم بديهيات مفادها ان للكون مهندس عظيم واحد ازلي دائم رتب هذا الكون وفق هذا التناسق العجيب والغريب . فبدأت والحالة هذه فكرة التوحيد عند اليونانيين المتأخرين . فوجدوا ان فكرة الالهة الواحد تحل جميع المعضلات التي بدأـ تتبلور لدى العقلية الفلسفية اليونانية . وبذلك ممكن ان نعدهم من الموحدين . الا ان الخطأ الفادح الذي تعرضوا له بانهم جعلوا لكل مدينة يونانية اله واحد يعبد من قبل شعب هذه المدينة .
اضف الى ذلك ظهور الفلسفات والهرطقات والترهات اليونانية التي تراكمت وفق الاساطير والخرافات القديمة . قاضحوا والحالة هذه حضارة تنادي بتعدد الالهة كون ان لكل مدينة اله خاص بها . فظهرت ما نعرفه اليوم من كتب التاريخ اليوناني القديم والحديث اسماء شتى لآله متنوعة مثل إله الحب والجمال وإله الحرب والسلام وإله الخصب والزرع ...الخ
من المؤكد ان اهتمام البشرية لما يحدث في هذا الوجود جلب انتباه فلاسفتهم وعقلائهم للوصول الى سر الوجود وتعقل وجودهم هم انفسهم . فعند هذا الحد لم يترك الخالق جل في علاه الامر على عواهنة بل رفد البشرية بسيل من الانبياء والرسل . مما ساهم كثيرا في تطوير العقلية البشرية نحو الايمان بوجود خالق واحد احد . وكانت هذه المسألة الشائكة في القرون الغابرة من اهم المعضلات التي واجهت القلاء والعلماء على حد سواء .
فتطور منظور البشر الى الكون والخالق وما الى ذلك من المسائل الغيبية التي يصعب تصديقها دون ايمان حقيقي ثابت لا يتزعزع فخاطب الله سبحانه وتعالى القرون الماضية على قدر عقولهم وكلما نسي قرن انزل الله لهم نبياً او رسول يعلمهم الكتاب والحكمة . حتى قفى الله لهم بالرسالة المحمدية المثمثلة بالدين الاسلامي الحنيف .
وأيد هذا النبي الكريم بالقرآن العظيم الذي يعد بحق كناب الله المنزل بواسطة الصادق الامين جبريل (ع) من اكبر المعجزات الكونية لهذه الرسالة الشريفة وبذلك كانت خاتمة الشرئع السماوية المنزلة من لدن حسيب مليك مقتدر .
والحديث حول القرآن العظيم ذو شجون وما يهمنا هنا موضوع الاعجاز القرآني . ففي هذا الكتاب ماجرى للاولين وما يجري للاخرين وفيه من المعجزات ما لاعد له ولا حصر بدأً من الاعجاز اللغوي والنحوي


والصرف والبلاغي الى المعجزات الكونية والعلمية والتشريعية ولك ان تعد ما تشاء من المعجزات العددية والرياضية والهندسية والطبية والفيزيائية والكيميائية . وبالرغم من كون القرآن الكريم كتاب تربية وتهذيب ووعيد وترغيب وأمر بمعروف ونهي عن منكر ففيه الحلال كله وفيه الحرام كله وفيه متشابهات .
الا ان هذا لن يمنع ان يكون القرآن العظيم كتاب جامع شامل مانع مانح مكمل لجميع الشرائع السماوية التي انزلت قبله لترتقي بالبشرية الى التخوم العلية بامتزاج عجيب بين الروح والنفس والعقل بابعادها المادية والغير المادية .مما يجعلنا ان نقف بذهول وتعجب امام هذه المعجزات الخارقات كمحرآب للايمان نتجلى فيها الى سياحة الهامية في فردوس العقل .
وساتناول في مؤلفي هذا انواعاً من المعجزات التي يخر لها العقل سجودأً والفهم قعوداً وليس لنا الا القول سبحانك ربي ما أعظم شانك . فعندئذٍ يكون الايمان بالله سبحانه وتعالى المحراب الذي نتعبد به والذي تستوي فيه التربية مع الخلق السليم والعقل المبدع لماهية ما نحن عليه . فلا تيه في عرصات الرحمن . لذلك كان شعار الاسلام لااله الا الله الشعار الذي قطع الطريق على الفئة الضالة من الناس .
والله الموفق للصواب ...... واليه حسن المآب .

الإعجاز التشريعي في تحريم الخنزير
خلق الله سبحانه وتعالى الإنسان وهوعالم بكل ما يصلح له وما لا يصلح له، ما يضره وما ينفعه. وأنزل الحق تبارك وتعالى الشرائع كلها لحفظ مصالح الناس في دنياهم، ولسعادتهم في أخراهم. وهدفت هذه الشرائع السماوية إلى حفظ الضرورات الخمس: الدين والنفس والعرض والمال والعقل.
إنّ دين الإسلام هو خاتم هذه الشرائع السماوية وأعظمها. فاق جميع ما سبقه من شرائع، وبلغ الذروة في كل تشريعاته. وأكد الإسلام على حفظ الضرورات الخمس، وحرص كل الحرص على صحة الإنسان وحمايته من كل ما يضر جسده ويفسد روحه.
لقد بينت النصوص القرآنية الكريمة، والأحاديث النبوية الشريفة، ما يحل وما يحرم من الأطعمة والأشربة. وأكّد الحق سبحانه تعالى في كتابه العزيز، حقيقة أزلية خالدة إلى يوم الدين، مؤداها أنّ كل طيب حلال، وأنّ كل خبيث حرام .
قال المولى تبارك وتعالى في الطيبات:
{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللّهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ وَاذْكُرُواْ اسْمَ اللّهِ عَلَيْهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ } (4) سورة المائدة
وقال أيضاً:
{يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (51) سورة المؤمنون
وقال آمراً جميع البشر بأكل الطيب ( الحلال) من الأطعمة، ومنفراً إياهم من خلاف ذلك:
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (168) سورة البقرة
وقال تعالى محذراً المؤمنين من الخبائث، ومنفراً الطبع السليم منها:
{قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُواْ اللّهَ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (100) سورة المائدة
وقال أيضاً:
{ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } (267) سورة البقرة
وجمع الله وتعالى الأمرين معاً ( الترغيب في الطيبات والتنفير من المحرمات ) في جزء من آية واحدة، فبين سبحانه بذلك جانباً من جوانب إعجاز هذا القرآن التي لا تعدّ ولا تحصى، حين قال:
{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ}(157) سورة الأعراف
بهذه الكلمات الست المعجزات، وضع المشرع سبحانه وتعالى للبشرية جمعاء, قانوناً ثابتاً وميزاناً دقيقاً، يمكّنهم من أن يكيلوا به كل المستجدات التي طرأت بعد زمن الرسول الكريم وحتى قيام الساعة, ليعرفوا طيبها من خبيثها, ونافعها من ضارها, فيُقبلوا على الطيبات ويبتعدوا عن الخبائث المحرمات، فأكّد بكل وضوح وجلاء أنّ شريعة الإسلام صالحة لكل زمان ومكان.
وسنتناول في هذا البحث بعضاً من الأسباب العديدة التي من أجلها حرم الله تعالى الخنزير، مؤكدين في هذا الصدد أنّ الدراسات المنشورة-على كثرتها-لا تظهر إلاّ نزراً يسيراً من مضار أكل لحم الخنـزبر، والتعايش مع هذا الحيوان الموغل في القذارة. ونحن على يقين تام بأنّ السنوات القادمة ستكشف للناس مزيداً من جوانب الإعجاز التشريعي في تحريم الخنـزير. لكن مهما بلغ التقدم العلمي, فسيبقى علم البشر قاصراً, وإدراكهم محدوداً, والله هو العليم الحكيم.

تحريم الخنـزير في القرآن الكريم.
أورد القران الكريم تحريم لحم الخنزير في أربعة مواضع:
1. قوله سبحانه وتعالى:
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (173) سورة البقرة
2. وقوله تعالى:
{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ } (3) سورة المائدة
3. وقوله تعالى:
{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (145) سورة الأنعام
4. وقوله تعالى:
{إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (173) سورة البقرة
ولم يورد القرآن الكريم كلمة "خنـزير" بصيغة الإفراد إلاّ في هذه المواضع الأربعة, لكنّه أوردها بصيغة الجمع في موطن آخر لا غير, وهو قوله تعالى معرضاً باليهود الذين تنكروا لدعوة الرسول الكريم:
{قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (60) سورة المائدة
ولو رجعنا إلى الآيات الأربع لوجدنا أنّ تحريم لحم الخنـزير كان قطعياَ فيها جميعاً، من أول آية نزلت إلى آخر آية. فلم يحرم المشرع سبحانه لحم الخنـزير بالتدريج كما حرّم الخمرة مثلاً, ليدلل بذلك على مدى الضرر الذي يسببه هذا الحيوان لآكليه من البشر.


وبالنظر إلى الآيات الأربع مرة أخري، نجد أنّ آية سورة الأنعام هي الوحيدة التي تعلل سبب تحريم لحم الخنـزير، حيث قوله تعالى:
{قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} (145) سورة الأنعام
فوصف الخنـزير بأنّه "رجس".
قال الفيروزآبادي: الرجس القذر .
وقال البيضاوي في تفسيره: الرجس القذر، وسمي بذلك لتعوده أكل النجس
يقول الشيخ مصطفى الزرقا رحمه الله: "التعليل العام الذي ورد في تحريم المحرمات من المآكل والمشارب ونحوهما يرشد إلى حكمة التحريم في الخنـزير، وذلك التعليل العام هو قول الله تعالى:
{الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف
فهذا يشمل بعمومه تعليل تحريم لحم الخنزير، ويفيد أنه في نظر الشريعة الإسلامية معدود من جملة الخبائث. والخبائث في هذا المقام يراد بها ما فيه فساد لحياة الإنسان في صحته أو في ماله أو في أخلاقه، فكل ما تكون مغبته وعواقبه وخيمة من أحد النواحي الهامة في حياة الإنسان، دَخَل في عموم الخبائث" .
ويقول سيد قطب رحمه الله في تفسير الآية 3 من سورة المائدة: "وسواء وصل العلم البشري إلى حكمة هذا التحريم أم لم يصل، فقد قرر العلم الإلهي أن هذه المطاعم ليست طيبة، وهذا وحده يكفي. فالله لا يحرم إلا الخبائث، وإلا ما يؤذي الحياة البشرية في جانب من جوانبها. سواء علم الناس بهذا الأذى أو جهلوه. وهل علم الناس كل ما يؤذي وكل ما يفيد ؟!".
ونقل ابن كثير رحمه الله عن بعض أهل العلم قوله: "فكل ما أحل الله تعالى من المآكل طيب نافع في البدن والدين، وكل ما حرمه فهو خبيث ضار في البدن والدين" .
وينبه الدكتور عبد الحافظ حلمي إلى علة تحريم الخنـزير قائلاً: "وينبغي الالتفات إلى أن لحم الخنـزير ينفرد من بين جميع اللحوم المذكورة في آيات التحريم بأنه حرام لذاته، أي لعلة- أو علل - مستقرة فيه أو وصف لاصق به، أما أنواع اللحوم الأخرى فهي محرمة لعلة عارضة عليها ولكنها تكون حلالا طيبا إذا ذكيت بالطريقة المشروعة".
أما ما يحرم من الخنـزير، فلا خلاف بين علماء المسلمين قاطبة في تحريم الخنزير بجميع أجزائه، الشحم واللحم والأحشاء والعظم والجلد والغضاريف وغير ذلك. لكنهم اختلفوا في بعض الجزئيات اليسيرة –كالشعر مثلا _ هل يجوز استخدامه أم يحرم ذلك.
قال القرطبي رحمه الله في تفسيره الجامع لأحكام القرآن: "لا خلاف أن جملة الخنزير محرمة إلا الشعر فإنه يجوز الخرازة به. وقد روي أن رجلا سأل رسول اللّه . عن الخرازة بشعر الخنزير، فقال: لا بأس بذلك، ذكره ابن خوير منداد، قال: ولأن الخرازة على عهد رسول اللّه. كانت، وبعده موجودة ظاهرة، لا نعلم أن رسول . أنكرها ولا أحد من الأئمة بعده. وما أجازه الرسول . فهو كابتداء الشرع منه" .
قال الفخر الرازي رحمه الله: أجمعت الأمة الإسلامية على أن الخنزير بجميع أجزائه محرم وإنما ذكر الله تعالى اللحم لأن معظم الانتفاع يتعلق به وقال ابن حزم الظاهري في المحلى: " لا يحل أكل شيء من الخنزير لا لحمه ولا شحمه ولا جلده ولا عصبه ولا غضروفه ولا حشوته ولا مخه ولا عظمه ولا رأسه ولا أطرافه ولا لبنه ولا شعره، الذكر والأنثى، والصغير والكبير سواء. ولا يحل الانتفاع بشعره لا في خرز ولا غيره". ثم يقول " فالخنزير بعينه رجس وهو كله رجس. وبعض الرجس رجس حرام يجب اجتنابه" .
وردت كلمة خنزبر ومشتقاتها أكثر من مائة مرة في السنة النبوية المطهرة, كلها في مجال الذم والقدح والتنكيل والتحذير. وسوف نقتصر على ذكر حديثين منها, ففيهما ما يكفي للدلالة على موقف الشريعة الإسلامية من هذا الحيوان القميء.
عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ. قَالَ: "مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ" .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِاللَّهِ رَضِي اللَّهم عَنْهمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ . يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ: إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ. فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ, فَإِنَّهَا يُطْلَى بِهَا السُّفُنُ, وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ, وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ. فَقَالَ: لَا هُوَ حَرَامٌ. ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ . عِنْدَ ذَلِكَ: قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ".
فالحديث الأول يذم ذماً شديداً كل من يلعب بالنردشير, لدرجة تشبيهه بمن يصبغ يده في لحم الخنزير ودمه. فإذا كان هذا حال من يصبغ يده بلحم الخنـزير, فكيف يكون حال من يأكل لحم هذا الحيوان ؟!
قال ابن كثير: فإذا كان هذا التنفير لمجرد اللمس فكيف التهديد والوعيد من أكله والتغذي به ؟ وفيه دلالة على شمول التحريم على شمول التحريم لجميع أجزائه من لحم و شحم و غيره.
أما الحديث الثاني, ففيه تصريح بتحريم بيع الخنزير أو الإستفادة من أي جزء منه. فقد دعاء النبي الكريم . على اليهود بسبب تحايلهم على شرع الله, وذلك بمحاولتهم الاستفادة مما حرّم الله عليهم أكله, عن طريق تحويله إلى شكل آخر.
صفات الخنـزير وطباعه.
الخنزير حيوان عشبي لاحم خبيث الطبع، تجتمع فيه صفات السباع اللاحمة وصفات البهائم العشبية. وهو علاوة على ذلك حيوان نهم كانس، يكنس الحقل والزريبة ويأكل كل شيء. فيأكل القمامات، ويأكل الفضلات بما في ذلك فضلاته البرازية، كما يأكل القاذورات والديدان وكل النجاسات. والخنزير حيوان نهم شره لا يمتنع عن أكل أي شيْ، فيأكل الجرذان والفئران والجيف المتعفنة، وحتى جيف أقرانه.
يروي الدكتور هانس هايترش قصة طريفة تدلل على نهم الخنزير وشراهتة. جرت هذه الواقعة في أحد المشافي العسكرية، حيث كانت هناك حظيرة للخنازير ملحقة بالمشفى، لإعداد الطعام للمرضى والعاملين في المشفى. وفي أحد الأيام تدافعت الخنازير على الفرن المملوء بالضمادات المضمخة بالقيح والمهياة للحرق فالتهمتها. وتوفيراً للعلف قررت إدارة المشفى أن يصبح نصف الضمادات المبللة بالقيح والأوساخ طعاماً للخنازير وهكذا أصبح مرضى ذلك المشفى يغذون بلحم خنازير مفعمة بالسموم والذيفانات!!!
تبلغ أنثى الخنـزير الأمريكي والأوروبي بعد خمسة أشهر من ولادتها وتصبح قادرة على الحمل والإنجاب. لكن عمر البلوغ لأنثى الخنـزير الصيني أقل من ذلك، إذ تصبح قادرة على الحمل بعد ثلاثة أشهر فقط من ولادتها. وتتكرر دورة الشبق لها مرة كل 21 يوماً. وتبلغ مدة الحمل 3 أشهر و 3 أسابيع و 3 أيام, أي 114 يوماً .
وتضع الأنثي بين 3-12 خنوصاً في كل مرة, ويمكنها أن تلد ثلاث مرات في السنة . ويتراوح معدل الإنجاب لأنثى الخنـزير الواحدة 15-30 خنوصاً في العام الواحد. وتحتاج الأنثى 21 يوماً لإرضاع صغارها، و 5 أيام للعودة إلى دورة الشبق .
والخنزير حيوان سريع النمو، فهو يزن عند الولادة حوالي 2 كلغ، لكن ّ وزنه يتضاعف أكثر من 50 مرة, ليصل في غضون ستة أشهر إلى قرابة 112 كلغ. ويرجع سبب هذا النمو السريع إلى الزيادة الكبيرة في إفراز هرمون النمو عند الخنزير .


الأمراض التي ينقلها الخنـزير للإنسان
يبلغ عدد الأمراض التي تصيب الخنـزير 450 مرضاً, منها 57 مرضاً طفيلياً تنتقل منه إلى الإنسان ، بعضها خطير بل وقاتل. ويختص الخنزير بمفرده بنقل 27 مرضاً وبائياً إلى الإنسان، وتشاركه بعض الحيوانات الأخرى في نقل بقية الأمراض، لكنه يبقى المخزن والمصدر الرئيسي لهذه الأمراض. هذا عدا عن الأمراض الكثيرة التي يسببها أكل لحمه كتليف الكبد، وتصلب الشرايين، وضعف الذاكرة، والعقم ، والتهاب المفاصل، والسرطانات المختلفة, و....وغيرها مما سياتي الحديث عنه في هذا البحث. ونحن على يقين بأنّ عدد الأمراض سيزداد مع مرور الأيام، وأنّ السنوات القادمة ستكشف أمراضاً جديدة تنتقل من الخنـزير إلى بني البشر.
أولاً: البريونات :
1- مرض جنون البقر. يسبب هذا المرض الفتاك أجسام بروتينية صغيرة تسمى البريونات. هذه الأجسام لها قدرة على إحداث أمراض خطيرة للحيوانات وللبشر أيضاً. ومصدر الخطورة يكمن في قدرة البريونات على تغيير شكل البروتينات الطبيعية الموجودة في خلايا مناطق حساسة- كالدماغ مثلاً وتحويلها إلى بريونات, مسببة تلف الدماغ, فالجنون ثم الموت.
لقد أثارت هذه الأجسام موجة شديدة من الذعر للبشر، عندما أعلن الأطباء عن أول إصابة بين البشر بمرض جنون البقر الذي تسببه البريونات. لقد أكدت التقارير العلمية أنّ الخنازير تصاب بهذا المرض، مما يجعل امكانية انتقاله إلى آكلي لحوم الخنـزير عرضة للإصابة بالمرض .
ومما يبعث الهلع في النفوس، أنّ البريونات لا يمكن القضاء عليها بالطبخ ولا بطرق التعقيم الطبية الحديثة, وفترة كمونها في الجسم قد تمتد لسنوات طويلة (تتراوح بين 5-20 سنة)، ولا يوجد علاج لما تسببه من أعراض مرضية في الوقت الراهن، والوسيلة الوحيدة لمنع انتقالها هي القضاء على الحيوانات المصابة . يذكر أنّ مرض جنون البقر لم يكن معروفاً قبل عام 1982م، وأنّه تسبب في موت عشرات الأشخاص في بريطانيا خلال العام 2000 م .
لقد كشف مرض جنون البقر حقائق مريعة للمدى الذي يمكن أن يصل إليه البشر من أجل زيادة الدخل المادي، دون اعتبار للقيم والأخلاقيات الإنسانية، ودون اكتراث بالنتائج المترتبة على هذه التصرفات اللامسؤولة. لقد تبيّن أنّ مربي الحيوانات اللاّحمة يسمنوها على بقايا الحيوانات اللاّحمة، فيطعمون الأبقار والأغنام والدجاج والخنازير، لحوم الماشية والخنازير ومخلفات المسالخ ؟
ثانياً: الفيروسات :
يصيب الخنـزير مجموعة كبيرة من الفيروسات، منها ما تنقله الخنازير إلى الإنسان، فيسبب له أمراضاً فيروسية خطيرة، مثل:
1- فيروس الأنفلونـزا. لقد تمّ عزل فيروس الإنفلونزا من عينات أخذت من الإنسان والخيل والخنازير والطيور الداجنة والبرية، وحتى من بعض الثديات البحرية . وكان أخطر وباء أصاب العالم من هذه الأنفلونزا،
الوباء الذى حدث عام 1918م، وأطلق عليه آنذاك اسم "الإنفلونزا الإسبانية". فقد تفشى هذا الوباء في شتى أنحاء المعمورة, مخلِّفاً وراءه ملايين الجثث، وناشراً الذعر والهلع في كل مكان .
يذكر أنّ وباء الإنفلونزا الذي لم يشهد القرن العشرين له مثيلا في الحدة والانتشار، أدى إلى إزهاق أكثر من 20 مليون نسمة خلال عامي 1918-1919م، وأنّه حصد في الولايات المتحدة أرواح 550 ألف نسمة خلال عام واحد، أغلبهم من الشباب،
وهو ما يوازي عشرة أضعاف الأمريكان الذين قتلوا خلال الحرب العالمية الأولى . ويؤكد بعض الباحثين، بأنّ الفيروس المسبب لهذا الوباء المهلك تحوّر عن فيروس إنفلونزا الخنازير في الولايات المتحدة ، ومن ثمّ انتقل بواسطة الجنود الأمريكيين إلى شتى بقاع الأرض.
ومنذ ذلك الحين، تعرض العالم لموجتين من الإنفلونزا، كانت الأولى عام 1957 ذهب ضحيتها 70 ألفاً، والثانية عام 1968 ذهب ضحيتها فرابة 47 ألفاً.
2- فيروس نيبا. لم يعرف العالم هذا الفيروس المميت قبل أكتوبر/ تشرين أول من عام 1998م. فقد عالج الأطباء في ماليزيا 300 إصابة بما يشبه أعراض الإنفلونزا، سرعان ما توفي 117 مريضاً منهم بفيروس "نيبا" الغامض، وأصيب العشرات منهم بتلف دماغي.
ويعتقد الأطباء الماليزيون أنّ الفيروس الخطير ربما انتقل من خفاش الفواكه إلى الخنازير، ومنها إلى الإنسان ، حيث أظهرت المتابعات الطبية أنّ جميع المصابين بالمرض كانت تربطهم علاقة قوية بالخنازير ، مما حدا بالدوائر الصحية في ماليزيا إلى قتل مليون خنزير .
3- فيروس الالتهاب الرئوي الحاد (سارس). لا أعتقد أننا بحاجة لتوضيح خطورة هذا المرض الفيروسي القاتل، فالهلع الذي تسبّبه كلمة "سارس" في كافة دول العالم، يغنينا عن ذلك.
لكن ما يعنينا في هذا المقام هي الحقائق المتعلقة بظهور هذا المرض الخطير. فقد ذكرت التقارير أنّ المرض ظهر أولا في الصين، وأنّ 30% ممن اصيب بالمرض في بداية الأمر كانوا من المتعاملين بالأطعمة،
وأنّه تمّ عزل الفيروس من الأفاعي والخنازير البرية والقردة والخفافيش (52-54). وإذا أضفنا إلى ذلك أنّ الصين هي أكبر مستهلك للخنازير على وجه الأرض, إذ يبلغ استهلاكها نصف استهلاك العالم ، ظهر لنا بوضوح علاقة الخنزير بمرض سارس.
4- فيروس الحمى القلاعية. فيما يبدو ليس من سبيل إلى وضع حد لوباء الحمى القلاعيّة التي أهلكت الثروة الحيوانية البريطانية في بداية عام 2001م. فبعد أيام قليلة على تشخيص الأطباء البيطريين 27 إصابة بين خنازير إحد المسالخ الريفيّة، فرضت الحكومة حظراً على كافة عمليات نقل الحيوانات.
لكن هذا الإجراء لم يحل دون انتشار المرض خارج بريطانيا، فسرعان ما انتشر الوباء في القارة الأوروبية. ولم يجد البريطانيون مناصاً من القيام بحملة واسعة النطاق للقضاء على الخنازير المصابة، ذهب ضحيتها 3.75 مليون من حيوانات المزرعة وألحق أضرارا بالغة بسبل معيشة آلاف المزارعين وبالاقتصاد الريفي وبقطاع السياحة. يذكر أنّ مرض الحمى القلاعية انتشر عام 1997 في جزيرة تايوان برمتها، في أقلّ من شهرين وطالت آثاره المدمرة 6000 مزرعة، وأسف عن ذبح 3.8 مليون خنزير. ومن المعروف علمياً أنّ المرض ينتقل من الخنازي إلى الإنسان .
5- فيروس مرض الكلب. هذا الفيروس يصيب الحيوانات آكلة اللحوم، وينتقل منها بواسطة العض إلى الحيوانات الأخرى بما في ذلك الإنسان. والخنزير من الحيوانات المفترسة التي تأكل الجرذان والجيف. لذا فهو عرضة لهذا المرض، والناس الذين يربون الخنازير أو يأكلون لحومها ومنتجاتها أيضاً معرضون للإصابة بداء الكلب .
6- فيروس التهاب الدماغ الياباني . ينتشر هذا الفيروس بين مربي الخنازير في مناطق شرق آسيا، وهو يصيب الطيور، وينتقل منها بواسطة البعوض إلى الخنازير، التي بدورها تنقله إلى الإنسان. ويسبب هذا الفيروس التهاب الدماغ في الإنسان، الذي يكون مميتاً في بعض الأحيان .
7- فيروس حمى نهر روس. يسبب هذا الفيروس آلاماً وحمى وانتفاخاً في المفاصل وخمولاً. وقد تستمر هذه الأعراض عدة أسابيع. ففي عام 1996م، أصيب بهذا المرض أكثر من 1000 أسترالي في مقاطعة نيوساوث ويلز. يعيش هذا الفيروس في الخنازير وغيرها، ويقوم البعوض بنقله إلى الإنسان.
8- فيروس الخنـزير التقرحي . سُجِّل أول ظهور لهذا الفيروس عام 1966م في إيطاليا، ليظهر بشكل وبائي في بريطانيا عام 1972، حيث أصاب خلال السنوات العشر التالية أكثر من 322 ألف خنزير في بريطانيا وحدها. ينتقل هذا الفيروس من الخنازير إلى البشر عن طريق المخالطة، حيث يسبب حمى وآلاماً في المفاصل والعضلات. يذكر أنّ الخنـزير هو العائل الطبيعي الوحيد لهذا الفيروس .
9- فيروس تقرُّح الفم. تشبه أعراض هذا المرض أعراض مرض الحمى القلاعية، حيث يسبب تقرحات الفم واللسان والأرجل والأظلاف، كما يسبب ارتفاعاً في حرارة الجسم .
10- فيروس التهاب الدماغ والقلب . تعتبر الجرذان مستوع هذا الفيروس الخطير، كما تعتبر الخنازير أكثر حيوانات الحظيرة إصابة بالمرض. وعادة ما تنتقل العدوى من الجرذان إلى الخنازير. يسبب هذا الفيروس التهاب الدماغ والقلب، مما قد يودي بحياة المرضى .
11- فيروس الجدري . يصيب الخنازبر ويمكن أن يعدي البشر .
12- فيروس الحمى الصفراء . يمكن أن ينتقل إلى البشر من الخنازير .
ثالثاً: البكتيريا :
يصيب الخنـزير مجموعة كبيرة من البكتيريا، حيث تنتقل منها إلى الإنسان، مسببة له أمراضاً خطيرة، بل وقاتلة. وسنستعرض باختصار أهم الأنواع الممرضة وعلاقة الخنزير بنقلها إلى الإنسان.
13- بكتيريا الحمى المالطية . تسبب مرض الحمى المالطية ثلاثة أنواع من البكتيريا، وهي تصيب الماشية والخنازير، حيث تنتقل منها إلى الإنسان. لكنّ أخطر الثلاثة هو النوع الذي يصيب الخنازير ، إذ إنّه يسبب للمصابين به من بني البشر التهاب السحايا، التهاب عضلة القلب، التهاب المفاصل، تورم الطحال، وغير ذلك من الأمراض الخطيرة .
14- بكتيريا السالمونيلا . تسبب هذه البكتيريا للإنسان عدة أمراض، مثل التيفوئيد وبارا التيفوئيد والتسمم الغذائي . ظهرت في بريطانيا عام 1990م فصيلة جديدة من بكتيريا السالمونيلا , سرعان ما أصبحت مصدر قلق للأوساط الطبية هناك.
فهي مقاومة لكثير من المضادات الحيوية, علاوة على شدة فتكها بالمصابين بها. والملفت للنظر أنّ جُلّ مرضى السالمونيلا البريطانيين، كانوا من أصحاب الحظائر، أو المتعاملين بلحوم الأبقار والخنازير والدواجن، أو المستهلكين لها . وهنا أيضاً يبدو الارتباط واضحاً بين تربية الخنازير أو أكل لحومها ومنتجاتها, والإصابة بالسالمونيلا.
15- بكتيريا البريميات . يسبب هذا النوع من البكتيريا مرضاً يعرف بـ داء البريميات . وتتراوح أعراض هذا الداء في الإنسان، بين خفيفة (كارتفاع طفيف في حرارة الجسم)، وخطيرة (نحو الفشل الكلوي) . أما في الخنازير، فتحدث البكتيريا اضطراب الجهاز التناسلي فيها. ويمكن للخنازير نقل هذا المرض إلى الإنسان .
16- بكتيريا لستيريا . تسبب هذه البكتيريا مرض الالتهاب السحائي الدماغي, وموت الأجنة، وتسمم الدم . ولم تكن بكتيريا لستيريا معروفة قبل عام 1968، حين وقعت حالات غامضة من الوفيات في الدانمراك وهولندا. وقد تبين أن هذه الجراثيم شديدة الفتك بالإنسان, إذ تسبب له التهاب السحايا، كما تفرز سموماً في دم المصاب، كما تيلغ نسبة الوفاة بالمرض 40% من الحالات الشديدة. والذين أصيبوا بهذا المرض ونجوا من الموت بعد علاج شاق، عانوا الصمم الدائم وفقدان التوازن .
يذكر أنّ دراسة أجراها مركز مراقبة الأمراض في الولايات المتحدة، أظهرت أنّه في المتوسط، يصاب 1600 مواطناً بالمرض كل عام، يتوفى منهم 415 مريضاً . وفي ولاية البنغال الهندية، أدى وباء اللستيريا إلى وفاة آلاف الهنود عام 1984 . يشار إلى إنّ الإصابة الوبائية بهذا المرض مرتبطة بالوجبات السريعة، كما يعتبر الخنـزير أكثر الحيوانات نقلاً لبكتيريا لستيريا إلى الإنسان .
17- الجمرة الخنزيرية الخبيثة من الخنزير إلى اللحامين والدباغين وسواهم وتكون بشكل لوحة محمرة مؤلمة جداً، وحارقة على الأيدي مع ارتفاع الحرارة والقشعريرة، والتهاب العقد والأوعية اللمفاوية .
18- بكتيريا القولون . كانت بداية ظهور هذه الفصيلة من بكتيريا القولون في الولايات المتحدة عام 1982م، على أثر موجتين وبائيتين، ارتبطتا بساندويشات الهامبورغر. بعد ذلك التاريخ، غدا هذا النوع من البكتيريا أحد أبرز مسببات الإسهالات المصحوبة بالدم في الولايات المتحدة، إذ تُسجَّل 20 ألف إصابة سنوياً، ينجم عنها 250 وفاة. أما في الأطفال، فتسبب البكتيريا مرض البول الدامي الذي يُعتبَر أحد مسببات الفشل الكلوي الحاد في أمريكا .
19- بكتيريا يرسينيا . يصيب الإنسان نوعان من بكتيريا يرسينيا هما: التي تسبب في الأطفال الإسهالات المصحوبة بالدم والمخاط. أما النوع الثاني فهو الذي يسبب أحياناً تسمم الدم والتهاب المفاصل، كما يسبب أيضاً ألماً معوياً يشبه إلى حد كبير إلتهاب الزائدة الدودية، الأمر الذي قد يلتبس على الأطباء فيخطئون التشخيص. ويعتبر الخنـزير أكثر الحيوانات نقلا لنوعي يرسينيا للإنسان، حيث يصاب المتعاملون بلحوم الخنازير وآكلوها بنوعي بكتيريا يرسينيا .
20- بكتيريا كلوستريديوم . يصيب الإنسان نوعان من بكتيريا كلوستريديوم هما: اللذان يسببان التسمم الغذائي. وقد وُجد ما بين 30-80% من الخنـازير المذبوحة تحوي، وأنّ هذا النوع لا يتأثر بالطبخ العادي .
21- بكتيريا التقرُّحات الجلدية . يصيب هذا النوع من البكتيريا الحنازير والماشية، حيث ينتقل منها إلى الإنسان. تسبب هذه البكتيريا تقرحات وخُرّاجات في الجلد والفم والكبد والفناة الهضمية والشرج والأعضاء التناسلية، كما تسبب تسمم الدم، وأمراضاً عديدة أخرى، وهي مفاومة لكثير من المضادات الحيوية .
23- بكتيريا الحـُمْرة الجلدية . يصيب هذا النوع من البكتيريا الحنازير والخيل والديك الرومي، وينتقل منها إلى الإنسان، فيسبب له تهيجاً في الجلد، ويخلِّف وراءه بقعاً حمراء مخيفة المنظر .
23- بكتيريا السل الرئوي . يسبب السل الرئوي ثلاثة أنواع من بكتيريا نعتبر من الجراثيم الخطيرة جداً، إذ تتسبب في موت ما يربو على 3 ملايين نسمة سنوياً، أغلبهم من الدول الفقيرة. تغزو البكتيريا الجهاز التنفسي، وتقوم بتدمير الحويصلات الهوائية، مسببة موت الكائن.
ينتقل مرض السل الرئوى عن طريق مخالطة المرضى أو الكائنات المصابة، والتي تضم بينها الخنـازير والأبقار والطيور. ويصاب الخنـزير بأنواع البكتيريا الثلاثة. ونظراً لخظورتها، فقد قامت عدة مختبرات عالمية بتحلبل المادة الوراثية لها لمعرفة الوسائل المثلى لمكافحتها .
24- بكتيريا الإنسمام الدموي . يسبب هذا المرض الخطير نوع من البكتيريا تسمى . وينتشر هذا المرض في جنوب شرق آسيا وشمال أستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ومناطق أخرى من العالم. ويبدأ المرض حين تتمكن البكتيريا من دخول الجسم عن طريق الجلد المتهتك، لتحدث تسمم الدم خلال فترة قصيرة لا تتجاوز أحياناً 48 ساعة.
وتستطيع البكتيريا الانتقال عبر الدم لتصل إلى القلب والدماغ والرئتين والكبد والكلى والعيون، فيسبب تقرحات خطيرة. وننوه هنا إلى أنّ نسبة الوفاة بالمرض قد تصل إلى 65%, وبأنّ نصف هؤلاء يموتون في غضون 48 ساعة من الإصابة. بقي أن نذكر أنّ المرض يصيب الخنازير ووينتقل منها إلى الإنسان .
25- بكتيريا التسمم الدموي . يسبب هذا المرض الخطير نوع من البكتيريا تسمى بسيدوليميا. وينتشر هذا المرض في جنوب شرق آسيا وشمال أستراليا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية ومناطق أخرى من العالم. ويبدأ المرض حين تتمكن البكتيريا من دخول الجسم عن طريق الجلد المتهتك، لتحدث تسمم الدم خلال فترة قصيرة لا تتجاوز أحياناً 48 ساعة.
وتستطيع البكتيريا الانتقال عبر الدم لتصل إلى القلب والدماغ والرئتين والكبد والكلى والعيون، فيسبب تقرحات خطيرة. وننوه هنا إلى أنّ نسبة الوفاة بالمرض قد تصل إلى 65%, وبأنّ نصف هؤلاء يموتون في غضون 48 ساعة من الإصابة. بقي أن نذكر أنّ المرض يصيب الخنازير وينتقل منها إلى الإنسان .
26- بكتيريا باستورولوسيس . تسبب البكتيريا تسمم الدم والإلتهاب الرئوي والتهاب المفاصل والكلى، وتصيب الخنازير والكلاب والقطط والجرذان والماشية والطيور. تنتقل البكتيريا من هذه الكائنات إلى الإنسان بطريق المخالطة .
27- بكتيريا الإلتهاب الرئوي. تسبب بكتيريا مايكوبلازما هذا المرض. وتصاب الخنازير بذات الرئة، الذي يمكن أن ينتقل منها إلى الإنسان بطريق المخالطة
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى