مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* رد شبهات عن الاحاديث النبوية - رد دعاوي النصارى وشبهاتهم

اذهب الى الأسفل

* رد شبهات عن الاحاديث النبوية - رد دعاوي النصارى وشبهاتهم Empty * رد شبهات عن الاحاديث النبوية - رد دعاوي النصارى وشبهاتهم

مُساهمة  طارق فتحي الإثنين أغسطس 22, 2016 7:34 pm

شبهات حول حديث غمس الذباب في الإناء
قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه ثم لينتزعه فإن في إحدى جناحية داء وفي الأخرى شفاء ) أخرجه البخاري وابن ماجه وأحمد .
وفي لفظ آخر قال عليه الصلاة والسلام : ( إن في أحد جناحي الذباب سم والآخر شفاء فإذا وقع في الطعام فامقلوه فإنه يقدم السم ويؤخر الشفاء ) رواه أحمد وابن ماجه
يرد الأستاذ الدكتور أمين رضا أستاذ جراحة العظام والتقويم بجامعة الإسكندرية، إثر مقال نشرته بعض الصحف لطبيب آخر تشكك في الحديث المذكور.
يقول الدكتور أمين رضا :
رفض أحد الأطباء الزملاء حديث الذبابة على أساس التحليل العلمي العقلي لمتنه لا على أساس سنده .
وامتدادًا للمناقشة الهادئة التي بدأتها هذه الجريدة أرى أن أعارض الزميل الفاضل بما يأتي :
1- ليس من حقه أن يرفض هذا الحديث أو أي حديث نبوي آخر لمجرد عدم موافقته للعلم الحالي . فالعلم يتطور ويتغير . بل ويتقلب كذلك . فمن النظريات العلمية ما تصف شيئًا اليوم بأنه صحيح . ثم تصفه بعد زمن قريب أو بعيد بأنه خطأ . فإذا كان هذا هو حال العلم فكيف يمكننا أن نصف حديثًا بأنه خطأ قياسًا على نظرية علمية حالية . ثم نرجع فنصححه إذا تغيرت هذه النظرية العلمية مستقبلاً ؟.
2- ليس من حقه رفض هذا الحديث أو أي حديث آخر لأنه " اصطدم بعقله اصطدامًا " على حد تعبيره . فالعيب الذي سبب هذا الاصطدام ليس من الحديث بل من العقل، فكل المهتمين بالعلوم الحديثة يحترمون عقولهم احترامًا عظيمًا . ومن احترام العقل أن نقارن العلم بالجهل
العلم يتكون من أكداس المعرفة التي تراكمت لدى الإنسانية جمعاء بتضافر جهودها جيلا بعد جيل لسبر أغوار المجهول . أما الجهل فهو كل ما نجهله، أي ما لم يدخل بعد في نطاق العلم . وبالنظرة المتعقلة تجد أن العلم لم يكتمل بعد ، وإلا لتوقف تقدم الإنسانية ، وأن الجهل لا حدود له ، والدليل على ذلك تقدم العلم وتوالي الاكتشافات يومًا بعد يوم من غير أن يظهر للجهل نهاية .
إن العالم العاقل المنصف يدرك أن العلم ضخم ولكن حجم الجهل أضخم ، ولذلك لا يجوز أن يغرقنا العلم الذي بين أيدينا في الغرور بأنفسنا ، ولا يجوز أن يعمينا علمنا عن الجهل الذي نسبح فيه ؛ فإننا إذ قلنا أن علم اليوم هو كل شيء ، وإنه آخر ما يمكن الوصول إليه أدى ذلك بنا إلى الغرور بأنفسنا، وإلى التوقف عن التقدم، وإلى البلبلة في التفكير ، وكل هذا يفسد حكمنا على الأشياء، ويعمينا عن الحق حتى لو كان أمام عيوننا، ويجعلنا نرى الحق خطأ، والخطأ حقًا فتكون النتيجة أننا نقابل أمورًا تصطدم بعقولنا اصطدامًا ، وما كان لها أن تصطدم لو استعملنا عقولنا استعمالاً فطريًا سليمًا يحدوه التواضع والإحساس بضخامة الجهل أكثر من التأثر ببريق العلم والزهو به.
3- ليس صحيحًا أنه لم يرد في الطب شيء عن علاج الأمراض بالذباب ؛ فعندي من المراجع القديمة ما يوصف وصفات طبية لأمراض مختلفة باستعمال الذباب ، أما في العصر الحديث فجميع الجراحين الذين عاشوا في السنوات التي سبقت اكتشاف مركبات السلفا - أي في السنوات العشر الثالثة من القرن الحالي - رأوا بأعينهم علاج الكسور المضاعفة والقرحات المزمنة بالذباب ، وكان الذباب يربي لذلك خصيصًا ، وكان هذا العلاج مبنيًا على اكتشاف فيروس البكتريوفاج القاتل للجراثيم .
على أساس أن الذباب يحمل في آن واحد الجراثيم التي تسبب المرض، وكذلك البكتريوفاج الذي يهاجم هذه الجراثيم . وكلمة بكتريوفاج هذه معناها " آكلة الجراثيم " ، وجدير بالذكر أن توقف الأبحاث عن علاج القرحات بالذباب لم يكن سببه فشل هذه الطريقة العلاجية ، وإنما كان ذلك بسبب اكتشاف مركبات السلفا التي جذبت أنظار العلماء جذبًا شديدًا . وكل هذا مفصل تفصيلاً دقيقًا في الجزء التاريخي من رسالة الدكتوراه التي أعدها الزميل الدكتور أبو الفتوح مصطفى عيد تحت إشرافي عن التهابات العظام والمقدمة لجامعة الإسكندرية من حوالي سبع سنوات.

4- في هذا الحديث إعلام بالغيب عن وجود سم في الذباب . وهذا شيء لم يكشفه العلم الحديث بصفة قاطعة إلا في القرنين الأخيرين . وقبل ذلك كان يمكن للعلماء أن يكذبوا الحديث النبوي لعدم ثبوت وجود شيء ضار على الذباب , ثم بعد اكتشاف الجراثيم يعودون فيصححون الحديث.
5- إن كان ما نأخذه على الذباب هو الجراثيم التي يحملها فيجب مراعاة ما نعلمه عن ذلك :
( أ ) ليس صحيحًا أن جميع الجراثيم التي يحملها الذباب جراثيم ضارة أو تسبب أمراضًا.
( ب ) ليس صحيحًا أن عدد الجراثيم التي تحملها الذبابة والذبابتان كاف لإحداث مرض فيمن يتناول هذه الجراثيم.
(جـ) ليس صحيحًا أن عزل جسم الإنسان عزلاً تامًا عن الجراثيم الضارة ممكن، وإن كان ممكنًا فهذا أكبر ضرر له ، لأن جسم الإنسان إذا تناول كميات يسيرة متكررة من الجراثيم الضارة تكونت عنده مناعة ضد هذه الجراثيم تدريجيًا.
6- في هذا الحديث إعلام بالغيب عن وجود شيء على الذباب يضاد السموم التي تحملها ، والعلم الحديث يعلمنا أن الأحياء الدقيقة من بكتريا وفيروسات وفطريات تشن الواحدة منها على الأخرى حربًا لا هوادة فيها ، فالواحدة منها تقتل الأخرى بإفراز مواد سامة ، ومن هذه المواد السامة بعض الأنواع التي يمكن استعمالها في العلاج ، وهي ما نسميه " المضادات الحيوية " مثل البنسلين والكلوروميستين وغيرهما.
7- إن ما لا يعلمه وما لم يكشفه المتخصصون في علم الجراثيم حتى الآن لا يمكن التكهن به ، ولكن يمكن أن يكون فيه الكثير مما يوضح الأمور توضحيًا أكمل ؛ ولذلك يجب علينا أن نتريث قليلاً قبل أن نقطع بعدم صحة هذا الحديث بغير سند من علم الحديث، ولا سند من العلم الحديث.
8- هذا الحديث النبوي لم يدعُ أحدًا إلى صيد الذباب ووضعه عنوة في الإناء، ولم يشجع على ترك الآنية مكشوفة، ولم يشجع على الإهمال في نظافة البيوت والشوارع وفي حماية المنازل من دخول الذباب إليها.
9- إن من يقع الذباب في إنائه ويشمئز من ذلك ولا يمكنه تناول ما فيه فإن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها.
10- هذا الحديث النبوي لا يمنع أحدًا من الأطباء والقائمين على صحة الشعب من التصدي للذباب في مواطنه ومحاربته وإعدامه وإبادته، ولا يمكن أن يتبادر إلى ذهن أحد علماء الدين أن هذا الحديث يدعو الناس إلى إقامة مزارع أو مفارخ للذباب ، أو أنه يدعو إلى التهاون في محاربته ، ومن صنع ذلك أو اعتقد فيه فقد وقع في خطأ كبير " أ هـ.

هل إنتشر الإسلام بحد السيف ؟؟
من الأكاذيب التي يرددها أعداء الإسلام والمسلمين أن الإسلام قام على السيف وأنه لم يدخل فيه معتنقوه بطريق الطواعية والاختيار ، وإنما دخلوا فيه ، بالقهر والإكراه ، وقد اتخذوا من تشريع الجهاد في الإسلام وسيلة لهذا التجني الكاذب الآثم ، وشتان ما بين تشريع الجهاد وما بين إكراه الناس على الإسلام فإن تشريع الجهاد لم يكن لهذا ، وإنما كان لحكم سامية ، وأغراض شريفة .
وهذه الدعوى الباطلة الظالمة كثيراً ما يرددها المبشرون والمستشرقون ، الذين يتأكلون من الطعن في الإسلام وفي نبي الإسلام ، ويسرفون في الكذب والبهتان ، فيتصايحون قائلين : أرأيتم ؟!! هذا محمد يدعو إلى الحرب ، وإلى الجهاد في سبيل الله ، أي إلى إكراه الناس بالسيف على الدخول في الإسلام ، وهذا على حين تنكر المسيحية القتال ، وتمقت الحرب ، وتدعو إلى السلام ، وتنادي بالتسامح ، وتربط بين الناس برابطة الإخاء في الله وفي السيد المسيح عليه السلام .
وقد فطن لسخف هذا الادعاء كاتب غربي كبير هو : ( توماس كارليل ) صاحب كتاب الأبطال وعبادة البطولة ، فإنه اتخذ نبينا محمداً عليه الصلاة والسلام ، مثلاً لبطولة النبوة ، وقال ما معناه : ( إن اتهامه ـ أي سيدنا محمد ـ بالتعويل على السيف في حمل الناس على الاستجابة لدعوته سخف غير مفهوم ؛ إذ ليس مما يجوز في الفهم أن يشهر رجل فرد سيفه ليقتل به الناس ، أو يستجيبوا له ، فإذا آمن به من لا يقدرون على حرب خصومهم ، فقد آمنوا به طائعين مصدقين ، وتعرضوا للحرب من غيرهم قبل أن يقدروا عليها ) [ حقائق الإسلام وأباطيل خصومة للعقاد صـ227] .
ومن الإنصاف أن نقول : إن بعض المستشرقين لم يؤمن بهذه الفرية ، ويرى أن الجهاد كان لحماية الدعوة ، ورد العدوان ، وأنه لا إكراه في الدين .

سورة الولاية أو النورين :
هذه السورة لا يملك صاحبها غير مجرد الدعوى أنها من القرآن الكريم ، ولايقدر أن يذكر ذلك بإسناد واحد ولو كان ضعيفاً ، نكرر : لا يقدر أن يذكر ذلك باسناد واحد ولو كان ضعيفاً ، وإنما افتراها مفتر ٍفنسبها إلى أنها مما أسقطه الصحابة من القرآن ، فتبعه أصحاب الضلالة من بعده من أشياعه على كذبه وإفكه لأنهم حسبوا فيه نصر ما ينتمون إليه .
وإلا فهل يستطيعوا أن يأتوا باسناد واحد لهذه النصوص المسماه بسورة الولاية ؟؟

الخلاصة في شبهات النصارى
وبعد أخلص من كل ما سبق إلى نقاط هامة عدة :
1 - أن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير لاينضب بتطاول الزمان وانصرام القرون .
2 - المسيحية دين نحله بولس ومن بعده عن الوثنيات القديمة ، فاقتبسوا منها عقائد النصرانية المختلفة : تجسد الإله .موت الإله كفارة للخطايا . واختصاص الصليب بهذا الموت. عقيدة الثالوث الموحد . العشاء الرباني …..
3 - النصرانية الحقة دين الله الذي أنزله على نبيه عيسى عليه السلام ،وهو دين التوحيد الخالص الذي نؤمن به كما نؤمن بالتوراة والإنجيل اللذين أنزلهما الله عز وجل وملؤها الهدى والنور وهذا الهدي لم تندرس آثاره إلى اليوم من الكتب المقدسة عند النصارى ،حيث يظهر التوحيد فيها جلياً كالشمس في رابعة النهار ،في حين لا تكاد هذه الكتب تدل على التثليث إلا بالتحريف والتعسف والتمحل في الفهم والاستدلال ..
4 - الأسفار المقدسة بين يدي النصارى اليوم كتب لايعلم على وجه التحديد من كاتبها ، وهي كتب سيرة وتاريخ لم يزعم كتابها المجهولون أنهم يقدمون من خلالها كلمة الله ، وإن زعم النصارى أنها كتبت بإلهام .فإن التأمل بهذه الكتب يكشف زيف هذه الدعوى ، ويثبت بشرية هذه الكتب وخلوها عن الوحي وهدي النبوات .
5 - هذه الأسفار المقدسة قدسها البشر ومنحوها في مجامعهم صفة القدسية والعلوية عبر مجامع عدة رفضت بعض هذه الأسفار ، ثم أقرتها ، وما يزال بعضها مرفوضاً إلى يومنا هذا بعد أن كان مجمعاً على قداسته .
6 - الأسفار المقدسة عند النصارى لا تدل على الكثير من معتقدات النصارى ، بل هي في كثير من المسائل تنقض معتقدات القوم وتكشف زيفها وعوارها .ويعود ذلك لصدور النصارى بهذه العقائد عن فكر بولس المرفوض عند سائر التلاميذ أو عن المجامع المتأخرة التي صاغت العقائد تبعاً للفلسفات المختلفة .
7 - في الأسفار التي يتناقلها النصارى أثارة من نور الأنبياء تشهد لله بالتوحيد ولنبيه محمد بالرسالة ، ولليهود بالفسق والتحريف والتبديل
8 - صلب المسيح أمر زعم النصارى وقوعه، وادعوا عليه التواتر بين الأمم، وقد أثبت علماؤنا وبعشرات النصوص الكتابية بطلان هذه القصة ونجاة المسيح من الصلب المزعوم.
9 - عقيدة الفداء والخلاص وهم آخر تعلق به النصارى من غير مادليل صريح عن المسيح عليه السلام، وقد أثبت علماؤنا بطلان هذا المعتقد بالأدلة الكتابية والعقلية.
10 - شبهات النصارى عن الإسلام تنبع من الكذب الفاضح أو التلبيس الخادع أو الجهل المطبق بطبيعة وأصول هذا الدين .
11- جهود علماء القرن الرابع عشر خلاصة مباركة استثمرت جهود السابقين ، وأضافت عليها من المعطيات الجديدة ما أثرى الجدل الإسلامي النصراني في هذا القرن .
12- الدافع الذي دفع علماءنا لخوض الجدل مع النصارى إيمانهم بواجب البيان والتبليغ ، وإدراكهم للخطر الذي تشكله المؤسسات الاستعمارية النصرانية والهجمة التبشيرية الشرسة على بلاد المسلمين المختلفة .
13- جهود علمائنا المباركة تركزت في فني التأليف والمناظرة ، وقد أبدى علماؤنا في كل من الفنين ما يليق بمن يحمل سلطان العلم والحق والدليل .
والله ولي كل خير ويهدي إلى كل بر وهو وحده المستعان .

دعوى تأييد القرآن لألوهية المسيح
و كان أهم المسائل التي تنادى بها النصارى للاستدلال عليها من القرآن ألوهية المسيح ، و قد تعلق النصارى بقول الله تعالى عن المسيح { إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه } ، و قوله لمريم { إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } يقول البابا شنودة عن لفظي " روح الله و كلمة الله " اللتان وردتا في حق عيسى : " و أياً كانت النتيجة فإن هذين اللقبين يدلان على مركز رفيع للمسيح في القرآن لم يتمتع به غيره" فالنصارى يفسرون الكلمة بالمفهوم اليوناني القائل بأن الكلمة هي العقل الإلهي الضابط لحركات الموجودات ، فمادام المسيح هو كلمة الله أي عقله ، فهو أزلي لا ينفصل عن ذاته و لا يتخلف عنه في الوجود ابتداء ، و يقول القمص إبراهيم لوقا في رسالته عن التثليث :"إنه لا فرق بين الله و كلمته، كما لا فرق بين الإنسان و كلمته " .
و أما روح الله فهي عندهم جزء من ذاته كحال البشر فإذا وصف المسيح بها دل ذلك على ألوهيته.
و يضيف النصارى إلى هذين اللقبين ما جاء في القرآن من وصف لميلاد المسيح و معجزاته الباهرة و تلقيبه بالمسيح…يقول البابا شنودة : " لم يقتصر الأمر على كنه المسيح أو طبيعته من حيث هو كلمة الله و روح منه ألقاها إلى مريم ، و إنما الطريقة التي ولد بها و التي شرحها القرآن في سورة مريم كانت طريقة عجيبة معجزية لم يولد بها أحد غيره من امرأة. زادها غرابة أنه يكلم الناس في المهد. الأمر الذي لم يحدث لأحد من قبل و لا من بعد " ، ثم يتحدث عن معجزات المسيح و يقول " لماذا يختص بهذه المعجزات التي لم يعملها أحد، و التي هي من عمل الله ذاته " .
و يلحظ علماؤنا اجتزاء النصارى للنصوص التي أيدوا بها منطقهم ، فالآيات التي تحدثت عن المسيح فوصفته بأنه:" روح منه أو كلمة " وردت في سياق ذم النصارى و تثليثهم لا تأكيد عقائدهم ، فالآية من أولها: { يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم و لا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله و كلمته ألقاها إلى مريم و روح منه فآمنوا بالله و رسله و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلاً * لن يستنكف المسيح أن يكون عبد لله…} فوصفته الآيات أيضاً بأنه رسول الله و أنه عبده.
و عندما تحدث القرآن عن المعجزات المسيح تحدث عن أنها وقعت بإذن الله ، فأهمل النصارى ما تناقض غرضهم ، و لما ذكر ميلاد المسيح العجيب ذكر أيضاً ميلاد آدم الذي يشبهه في بعض الوجوه ، و كما تحدث عن أعجوبة كلامه في المهد، ذكر بأنه قال { آتاني الكتاب و جعلني نبياً }
و مثل هذا الاجتراء على النص القرآني و الانتقاء منه صنعه الحداد الخوري حين أورد قول الله { إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } أوردها كدليل على بنوة المسيح لله. و أعرض عن الآية التي تليها فلم يذكرها و هي قوله { سبحان رب السماوات و الأرض رب العرش عما يصفون } ، و لا ريب أن هذا الصنيع يدل على عدم دلالة النصوص على ما يرومونه إلا باجتزائها، و هو صنيع مجاف لروح البحث عن الحقيقة و احترام الدليل.
و عند النظر في تلك الأجزاء التي أوردها النصارى كشف علماؤنا لبس النصارى في استدلالهم.فبخصوص" الكلمة " فإن الأطير ينبه إلى أن الآيات لم تصف المسيح بالكلمة كما هو الأقنوم الثاني من الثالوث، بل سمته كلمة { بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم } و قال { و كلمته ألقاها إلى مريم } .
و سبب تسمية المسيح " كلمة "جاء لأحد أمور ذكرها المفسرون و نقلها أصحاب الردود الإسلامية.
أ- أن المسيح لم يخلق وفق ناموس الطبيعة المعتاد ، بل خلق بأمر التكوين الإلهي " كن" فكان ، فقد خلق بكلمة الله التي ترجع إليها جميع المخلوقات التي ننسبها إلى السبب القريب (الأبوة) ، بينما المسيح ليس له سبب قريب فينسب إلى السبب الأصل الذي نشأ عنه وجوده.
فإن اعترض النصارى و قالوا: إذاً لماذا لم يسم آدم أيضاً كلمة من الله ‍؟ فيجيب عبد الرحيم محمد بأن سبب ورود ذلك في حق المسيح دون آدم أن ميلاد آدم لم يثير تلكم الريبة التي وجدناها في ميلاد المسيح عندما ولد من غير أب ، فقال القائلون : هو ابن الله .و قال آخرون : ابن زنى . و سوى ذلك فاستلزم بيان سبب وجوده ، و أنه ليس بذاك و لا ذا ،بل هو مخلوق بكلمة الله.
ب_أن المقصود بالكلمة البشارة التي بشر الله بها مريم.
ج- و ذكر السقا بأن المراد بأن المسيح يتكلم بكلام الله ، فسمي بذلك كلمة .
و نبه علماؤنا بأن معنى الكلمة بمعنى أنها صفة الله المتولدة عنه أو أقنومه الثاني لم ترد في القرآن الكريم و لا في الكتب المقدسة سوى ما جاء في مقدمة يوحنا.
و تتبع علماؤنا مع التمثيل معاني " الكلمة " في الكتاب المقدس فوجدوها لا تخرج عن معانٍ: القول ، الوعد ، العقيدة ، التعليم ، الحكم ، المخلوق ، النظام أو الناموس. و ليس في كتب النصارى إطلاق لفظة الكلمة بمعنى : الإله المتجسد أو صفته المنفصلة عنه، أو المولودة … و قريباً من هذه المعاني استعملت لفظة " الكلمة " في السياق القرآني .
و أما قوله تعالى { وروح منه } فلفظة (منه) فيه ليست تبعيضية كما قال النصارى ، بل هي لابتداء الغاية أي أن المخلوق بدأ من الله، أو هي للبيان أي أن هذه الكلمة من الله، و ليست من الشيطان أو من غيره كما يقول اليهود في المسيح عليه السلام.
و أما قوله { ألقاها إلى مريم } فهو إلقاء مجازي كما يقال: فلان ألقى كلمة أو أمراً ، و مثله جاء في التوراة و الإنجيل (انظر الخروج 15/4، المزمور 50/16-17، مرقس 2/1).
ووصف المسيح بأنه روح منه يعني أن المسيح من روح الله، فـ(من) ليست تبعيضية ، بل هي -كما سبق - بيانية أو لابتداء الغاية، كما قيل في آدم { و نفخت فيه من روحي } و قال تعالى عن سائر المخلوقات { و سخر لكم ما في السماوات و الأرض جميعاً منه } .
و كلمة الروح وردت في القرآن بمعنيين :
الأول : جبريل عليه السلام
و الثاني : القوة و التأييد الإلهي
ويرى المطعني أنه يصح أن يقال بأن المقصود بالروح هو النفخ كما جاء في شعر ذي الرمة " و أحيها بروحك " أي أشعلها بنفخك . و يرى السقا أنه يصح أن يقال بأن معنى { روح منه } هو إلهام منه ، و كما ورد هذا الاستعمال أيضاً في مواضع متعددة في الكتاب المقدس.
و أياً كان معنى الروح فإن عبد السلام محمد يؤكد بأنه حتى النصارى لا يقولون بأن المسيح هو روح القدس .
و ينقل عن سعيد الحاوي في كتابه " البرهان القويم في إثبات الثلاثة أقانيم " قوله: " الروح القدس المتحد مع الأب و الابن أقنوم خاص مميز له عن أقنوميهما ، فهو أقنوم ثالث في اللاهوت ".
و يقول ياسين منصور في رسالته " التثليث و التوحيد " عن الروح القدس :"هو ذات حقيقي و شخص حي و أقنوم متميز لكنه غير منفصل ، و هو أقنومية غير أقنوم الأب و غير أقنوم الابن ، و هو نظير الأب و الابن و مساوٍ لهما " .
و زعم البعض من النصارى أن المسيح هو الحمل الفادي الذي ذكره القرآن في ثنايا قصة الذبيح في قوله تعالى { و فديناه بذبح عظيم } . و مما لا خلاف فيه عند المفسرين أن الذبح هو كبش فدى الله به إسماعيل.
و بمثل هذا التمحل للنصوص فعلوا عندما فسروا قول الله { قلنا اهبطا منها جميعاً فإما يأتينكم مني هدىً فمن تبع هداي فلا خوف عليهم و لا هم يحزنون } فقد زعم صاحب كتاب " الحق " أن الهدى المراد بالآية هو المسيح .
و ما نبه إليه عبد السلام محمد آنفاً يصح في حق الكاثوليك ، و لا يصح في دفع مذهب الأرثوذكس الذين يرون أن الله هو المسيح و أنه روح القدس.
و أما ميلاد المسيح و معجزاته و نجاته و رفعه إلى السماء و تخصيصه باسم المسيح ، فكل ذلك لا يخرج به عن مقام العبودية التي أوضحها القرآن الكريم بجلاء لا يقبل اللبس ، و قد سبق بيان ذلك حتى في كتب النصارى

دعوى تأييد القرآن لعقيدة التثليث
و عقيدة التثليث التي لم يجد لها النصارى دليلاً في كتبهم المقدسة زعموا أنها موجودة في القرآن الكريم، و استدل لذلك حبيب سعيد في كتابه " أديان العالم " بالنصوص التي تذكر الله بصيغة الجمع أي جمع التعظيم كما في قوله تعالى { و ما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون } .
و استدل آخرون بصيغة البسملة فاعتبروها صيغة مثلثة . يقول وهيب عزيز خليل في كتابه " استحالة تحريف الكتاب المقدس " : " البسملة المسيحية كالآتي: بسم الآب و الابن و الروح القدس ، و البسملة الإسلامية: بسم الله الرحمن الرحيم…و هاتين البسملتين هما صورة طبق الأصل من بعضهما ، فالمسيحية تعرف الأقنوم الأول بالأب ، بينما الإسلام يعرفه بالله ، و المسيحية تعرف الأقنوم الثاني بالابن بينما يصفه الإسلام بالرحمن… " و يزعم الحداد الخوري أن ما جاء في القرآن من تكفير المثلثة كما في قوله { و لا تقولوا ثلاثة انتهوا خيراً لكم إنما الله إله واحد } و قوله { لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة } ، يزعم أن هذه النصوص وردت في غير ثالوث النصارى ، فيقول الحداد:" إن تقرير القرآن بكفر من يقول : إن الله هو المسيح ابن مريم ، و إن الآلهة ثلاثة ، و إن الله ثالث ثلاثة ، و إن هناك من يتخذ مريم إلهاً مع ابنها ، ليس موجهاً لجميع النصارى ، و إنما هو لبعض طوائفهم ".
و عليه فإن الخوري يرى أن التكفير متوجه إلى اليعاقبة الأرثوذكس أو للقائلين بأن مريم أحد أطراف الثالوث ، أما سواهم من أهل التثليث فلا يكفرون.
و في الإجابة عن هذه الشبهة رأى علماؤنا تمحلاً في الاستدلال من النصارى لا يقبل ، فالبسملة فيها تكرار لصفات الواحد ، فالله هو الرحمن ، و هو الرحيم ، و هو الملك ، و هو القدوس… و له جل و علا تسعة و تسعين أسماً ، بل وله أسماء أكثر من ذلك ، لكنه ذات واحدة.
و أما ثالوث النصارى فالآب فيه ليس الابن و لا الروح القدس ، بل لكل ذاته المستقلة و خصائصه فالابن ابن الآب و ليس الأب أباً لنفسه ، و قد ربط النصارى بين أطراف الثالوث بالواو العاطفة التي تقتضي المغايرة ، فعطفهم إذاً عطف ذوات و ليس عطف صفات.
و لو صح مثل هذا السبيل في الاستدلال لكان قوله { الرحمن الرحيم } دليلاً صحيحاً لمن يقول بثنائية الله، و تكون خواتيم سورة الحشر دليلاً لمن يؤمن بتعدد الآلهة.
و أما تعلق النصارى بالألفاظ التي تحدثت عن الله بصيغة الجمع فهو مردود لأن الجمع فيها جمع تعظيم و ليس جمع تعداد ، و هو معهود في كلام الأمم ، كما ورد في القرآن آيات تحدثت عن الله فذكرته بصيغة الإفراد كقوله { إني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني } .
و قد ورد الإفراد والجمع جنباً إلى جنب في سورة العلق ، ففي أولها { اقرأ باسم ربك الذي خلق } و في آخرها { سندع الزبانية } .
و هذا المعنى اللغوي لا يحتاج إلى كثير علم و فهم لإدراكه .

الزعم بأن القرآن أيد المعتقدات المسيحية
و أثار النصارى في وجه علمائنا شبهة تأييد القرآن لعقائد النصرانية كألوهية المسيح و صلبه و التثليث و مثله قولهم بأن القرآن شهد بسلامة كتب النصارى من التحريف.
و قد تداول النصارى هذه الشبهة قروناً متعاقبة ، و قد انبرى للرد عليها علماء الإسلام من قبل القرافي و الطوفي و ابن تيمية ، و ما يزال النصارى حتى يومنا هذا يثيرون هذه الشبهات متأولين ومحرفين لبعض النصوص القرآنية ، و قد كان هذا الاتجاه واضحاً في كثير من الكتابات التي دسها النصارى بين أبناء المسلمين يدعون فيها أن القرآن الكريم قد وافقهم في هذه المسائل و من هذه الكتابات " منار الحق " الذي تبنت نشره الكنيسة المصرية ، و كتاب " استحالة تحريف الكتاب المقدس" لوهيب خليل ، و أسهم فيه الأنبا شنودة الذي كتب كتابه " القرآن والمسيحية "، و منها كتاب " الباكورة الشهية في الروايات الدينية " و لم يذكر اسم مؤلفه ، و صدر عن مطبعة النيل المسيحية عام 1926م.
و أصدر الأب إبراهيم لوقا كتابه " المسيحية في الإسلام "و نيقولا غبريل كتابه" أبحاث المجتهدين في الخلف بين النصارى و المسلمين " و كتب أسقف آخر من البروتستانت لم يذكر البغدادي اسمه كتاب " الأقاويل القرآنية في الكتب المسيحية " ، و كتب القمص زكريا بطرس رسالته " بين المسيحية و الإسلام ".
و في كتابه " أديان العالم " كتب حبيب سعيد مبحثاً عنون له " عقيدة الثالوث في الإسلام "، و ينقل محمد جمعة عن المبشر جون تاكلي قوله:" يجب أن نستخدم القرآن، و هو أمضى سلاح ضد الإسلام نفسه، بأن نعلم المسلمين بأن الصحيح في القرآن غير جديد ، و أن الجديد فيه غير صحيح " .
و يقول المنصر الإنجليزي برجس : " يجب أن نستخدم القرآن ضد الإسلام نفسه حتى نقضي عليه ، و سواء كانت الوسيلة هي الكذب أم الزيف ، فالمهم أن نثير في أنفسهم الشك ، و أن نطفئ في قلوبهم جذوة الإيمان بهذا الكتاب الذي يتفوق في جاذبيته و تأثيره على أي كتاب مقدس عرفه الناس من قبل " .

الزعم بوجود مبالغات في القرآن
و في نقد النصارى للقرآن ذكروا أن فيه مبالغات و أموراً هي للأسطورة منها أقرب للحقيقة ، و مثل القس شروش لذلك بما جاء في قصة الرجل الذي أماته الله و حماره مائة عام ، ثم بعثه ، و تساءل عن الحكمة من بعث الحمار ، و ذكر أيضاً باللمز والسخرية استخدام سليمان للجن و وصف الصرح الذي دخلته ملكة اليمن ، و مثله مسخ البشر إلى قردة و خنازير .
و مثل هذه الإخبار لم يقم دليل ينهض بتكذيبها، و غرابتها غير كافية للحكم بردها ، ثم قد وقعت في موقع الأعجوبة المعجزة أو العقوبة الإلهية المتناسبة مع عظم الضلال الذي وقع به بنو إسرائيل قتلة الأنبياء ،فكان من المناسب أن يعاقبوا بعقوبة يشعرون بمرارتها طويلاً ، ولو أماتهم حينذاك لكان في الموت راحة لهم ، ومسخهم عقوبة أبلغ في لبعقوبة ، و الله على كل شيء قدير.
و أما مسخ عصاة بني إسرائيل إلى قردة و خنازير الوارد في قوله تعالى { و جعل منهم القردة و الخنازير و عبدة الطاغوت } فقد ذكر العلماء له معنيين : أولهما أن المسخ كان مسخاً للقلوب فقط أي أنه مجازي.و ثانيهما: و هو قول جمهور المسلمين أنه مسخ حقيقي . و أياً كان فإن النصارى الذين يقولون بتقمص الخالق للمخلوق لا يليق بهم أن يعترضوا على مثل هذه العقوبة الإلهية ، كما أن المسيح يورد ما يفيد جواز وقوع هذا المعنى فيقول:" إن الله قادر على أن يحول هذا الحجر إنساناً " (انظر متى 3/9)

الزعم بوجود الخطأ في القرآن
و زعم النصارى أيضاً بوجود أخطاء تاريخية في القرآن الكريم ، فذكروا أن إبراهيم هو ابن تارح و ليس آزر ، و أن الذي وجد موسى و رباه بعد أن ألقته أمه في اليم هو ابنة فرعون- و ليس زوجه -كما ذكر الكتاب المقدس،و عجبوا كيف يذكر القرآن بأن الذي صنع العجل هو السامري ، و السامرة مدينة في فلسطين لم تكن أيام موسى و وجدت بعده عام 742. ق. م ، و رأوا أن الذي صنع العجل هو هارون عليه السلام ، و اعتبر النصارى أن من الخطأ ذكر هامان على أنه وزير لفرعون ، إذ هو وزير لملك فارس كما صرح سفر استير ، و بنى صرحه ببابل و ليس بمصر (و يقصدون برج بابل).
و قد رد علماؤنا على زعم النصارى بأن ما ذكروه ليس بحجة إذ أن التوراة المحرفة لا يمكن أن تكون حجة على القرآن الكريم.
و بالنسبة لما ورد في اسم أبي إبراهيم فإن المفسرين ذكروا أن آزر هو عم إبراهيم ، و سماه القرآن أباً له ، لأن العم بمقام الأب ، وهو استعمال معهود في اللغة ، ومستعمل في المجتمعات العربية حتى الآن.
و أما تسمية القرآن لصانع العجل لبني إسرائيل بالسامري فليس نسبة لمدينة السامرة التي بنيت فيما بعد ،بل هو اسم قديم ،فالسومريون اسم لحضارة قديمة وجدت الميلاد بأربعة آلاف سنة في جنوب العراق ، واستمرت هذه الحضارة قائمة حتى عام 2000 ق.م ، وقد تميز السومريون بالمصنوعات الخزفية ، فلعل السامري الذي صنع العجل لبني إسرائيل منهم ، ومما يؤكد قدم هذا الاسم أن السامرة قد سميت بذلك نسبة لسامر الذي باع جبل السامرة بوزنتين من فضة (انظر ملوك (1)16/24) ، وعليه فإن السامري اسم لرجل كان قبل مدينة السامرة ، و ليس من دليل يمنع ذلك ، و الياء الملحقة بالاسم ليست ياء النسب ، فهي كقولنا : الشافعي .
ثم إن كلمة " السامري" في أصلها كلمة عبرانية معناها: " الحارس " فقد يكون مقصود القرآن أن الذي أضل بني إسرائيل هو المعروف بالحارس .
و أما هامان فليس هناك ما يمنع أن يكون اسماً لأحد وزراء أو مستشاري فرعون ، و لا يمكن إقامة دليل على عدم وجود مستشار بهذا الاسم أو اللقب
هذا و لم تتحدث التوراة عن الصرح الذي طلب فرعون بنائه ، و أما المؤرخون فإن منهم من يقول بأن البناء قد تمّ ، ثم دكه الله فليس هو برج بابل .
و أرى أن القرآن لم يتحدث عن بناء الصرح و إن ذكر جرأة فرعون على الله و استخفافه بقومه بأن أوهمهم بأنه إذا بنى الصرح سيغالب الله، لكن كما قال المفسرون فإن فرعون أعقل من أن يجهل عظمة الله ، و لن يجهل ضعف مثله و قعوده عن مقام الربوبية.

الطعن في عربيته القران وبلاغته
و ذكر النصارى أيضاً أن في القرآن ألفاظاً غير عربية كأسماء الأنبياء السابقين و بعض الأسماء المستعارة من لغات أخرى مثل: استبرق، جهنم، ماعون، سندس، مشكاة… فوجود هذه الكلمات في القرآن كما يرى النصارى يقدح في عربية القرآن بل و بلاغته.
و يرد الألوسي بأن وجود كلمات يسيرة لا تتجاوز الثلاثين غير عربية في القرآن أو في كلام عربي لا تخرجه عن عروبته ، ثم هذه الألفاظ ، و إن كانت في أصولها غير عربية فإن العرب عربتها بألسنتها فصارت عربية، و كان الإمام الشافعي يمنع أن تكون أصول هذه الكلمات أعجمية ، بل يراها عربية وإن وجدت في لغات أخرى فهي مما نقله العجم عن العرب ، و كان يقول " لا يحيط باللغة إلا نبي " .
و يرى محمد عزة دروزة أن سبب تعريب العرب لهذه الكلمات لأنها تتعلق بمسميات غير مستعملة في الحياة العربية، و صلت إلى العرب من الاحتكاك بالأمم أوزان ألفاظهم ، و ذلك قبل نزول القرآن الكريم .
و مما قاله النصارى مشككين في بلاغة القرآن و جزالته قولهم بأن في القرآن أخطاء نحوية ، و ضربوا لذلك أمثلة نورد بعضها.
و قد جهل هؤلاء أن القرآن سابق على قواعد النحو التي وضعها سيبويه و الخليل الفراهيدي معتمدين في استنباطهم لهذه القواعد على القرآن الكريم و بعض أشعار العرب فلا يمكن أن تكون هذه القواعد اللاحقة حكماً على الأصل الذي صدرت عنه.
ثم إن المتبصر العارف بلغة العرب يرى أن هذه المواضع التي أنكرها النصارى لم تخالف لغة العرب و ما عهد عنهم و إن ظهر ذلك للعامي أو الأعجمي.
فأما قوله تعالى { إن هذان لساحران } فجاءت فيه { إن } ساكنة، و هي ليست " إنّ " التي تستلزم نصب الاسم و رفع الخبر ، و يرى شلبي بأن لكلمة " هذان " توجيهان : الأول : أن اسم إن المخففة هو ضمير الشأن المحذوف ، و خبرها جملة { هذان لساحران } و الثاني: أنها للنفي بمعنى : ما هذان إلا ساحران ، و في كلا الحالين ترفع كلمة { هذان } .
و أشكل على النصارى أيضاً نصب لفظة { الصابرين } في قوله { والموفون بعهدهم إذا عاهدوا و الصابرين في البأساء و الضراء و حين البأس }
و يرى دمشقية عجمة القس شروش و هو يحتج على هذه الآية التي نصبت لفظة { الصابرين } لعطفها على قوله { و في الرقاب } أو نصبها كان بسبب فعل محذوف ، و تقدير الكلام: أعني الصابرين. و سبب الإضمار هو الإشعار بفضل الصبر.
و أما تأنيث العدد في قوله { و قطعناهم اثني عشر أسباطاً أمماً } فسببه أن التميز ليس { أسباطاً } بل: فرقة. و هي مؤنثة و وافقها العدد، و أما أسباطاً فهي بدل كل من كل .
و أما نصب قوله { المقيمين } في قوله تعالى { لكن الراسخون في العلم منهم و المؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك و ما أنزل من قبلك و المقيمين الصلاة } فقد نصبت لأن الواو التي قبلها ليست بواو العطف، بل الواو المعترضة و ما بعدها نصب على المدح ، و تقدير الكلام: أعني المقيمين الصلاة .
فيما رفعت كلمة { الصابئون } في قوله { إن الذين آمنوا و الذين هادوا و الصابئون و النصارى من آمن بالله و اليوم الآخر و عمل صالحاً } قال سيبويه: الرفع محمول على التقديم و التأخير ، و التقدير: إن الذين آمنوا والذين هادوا ….و الصابئون و النصارى كذلك ، و يورد الجزيري وجهاً آخر يجيز الرفع : أن { الصابئون } معطوفة على اسم محل إن ، و اسم إن ينصب لكنه يبقى مرفوعاً للمحل ، سواء كان محل الاسم قبل الخبر أو بعده .
و هذه الصور و غيرها مما ذكر علماؤنا يدل على جهل مثيري الشبهات من النصارى بقواعد اللغة كما يدل على عظمة القرآن و بيانه.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى