مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* كنيس الخراب - لماذا نكره اليهود - لعن اليهود - عبدة الشيطان الطقوس والعادات والتقاليد.

اذهب الى الأسفل

*  كنيس الخراب - لماذا نكره اليهود - لعن اليهود - عبدة الشيطان الطقوس والعادات والتقاليد. Empty * كنيس الخراب - لماذا نكره اليهود - لعن اليهود - عبدة الشيطان الطقوس والعادات والتقاليد.

مُساهمة  طارق فتحي السبت يوليو 23, 2011 4:51 pm

كنيس الخراب
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 4 أكتوبر 2011 - 7:49
كنيس الخراب يقع بقرب الجدار الغربي للأقصى على أرض وقفية إسلامية بجانب المسجد العمري الكبير في (حارة الشرف) التي استولى عليها اليهود وصارت اليوم (حارة اليهود)، يزعم اليهود أن افتتاحه هو الخطوة العملية لبدء بناء الهيكل الثالث على أنقاض الأقصى، يعود تاريخه للقرن الـ18م عندما قام اليهود من بولندا (الأشكيناز) في عام 1700م برشوة عمال الدولة العثمانية ليقوموا ببنائه، وفي عام 1721 هدمه العثمانيون لعدم دفع الضرائب، ولذا سمي بكنيس الخراب، وأعيدت الأرض لأصحابها، وهم عائلة فلسطينية من آل البكري، وفي عام 1864م تمكن اليهود من بنائه من جديد بعد عدة محاولات، وفي 1948 هدمه الجيش الأردني بقيادة عبدالله التل لكون عصابات "الهاجانا" اليهودية استعملته معسكرًا لها، وفي 2006 بدأ العمل فيه، بخطوات بطيئة وبصمت، وفي ظل غفلة من العرب، لينضم للكنس اليهودية الـ 60 التي تم بناؤها بالقدس منذ 1967م مكان الأوقاف، إلا أنه يختلف عن بقية الكنس بكونه مقبَّب، وهو أمر غير معهود بالعمارة اليهودية، في محاولة لسرقة التراث الإسلامي وتحريفه المشاهد وتزوير الحقائق على الأرض، كما أن ارتفاعه لـ 24 مترا يؤدي لإخفاء معالم المسجد الأقصى، ورُسم بداخله المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال بن رباح على أنها جزء من التراث اليهودي، يعتبره اليهود خطوة وبشارة لبناء الهيكل الثالث المزعوم بناءً على رؤية ونبوءة لأحد الحاخامات المعروف بـ"جاؤون فيلنا" في القرن الثامن عشر ميلادي، والتي ادعى فيها أن بناء المعبد (الهيكل) يكون في النصف الثاني من الشهر الثالث من العام 2010م، وأنه يكون بعد بناء معبد حوربا (كنيس الخراب).
رؤيا أم إلقاء شيطاني قبل 200 عام أصبح جزءا من عقيدة! قبل أسابيع سمحت سلطات الاحتلال بوضع لوحات إعلانية على حائط البراق الذي ربط النبي ـ عليه الصلاة والسلام ـ الدابة فيه في رحلة الإسراء، والذي يسمونه (المبكى)، لتبدأ حملة لفت نظر للقيمة الدينية والتاريخية للهيكل بدلاً من حائط (المبكى)، تتغير العقائد والقداسات وفقاً للأوهام والخرافات.
يعلن اليهود عن الافتتاح، ويعلن قبل ذلك وزير داخلية العدو "إيلي يشاي" عن خطة بناء 1600 وحدة استيطانية لغلاة المتطرفين في القدس، أثناء زيارة "جو بايدن" نائب الرئيس الأمريكي. هذا الإعلان يتزامن مع اقتراب انعقاد مؤتمر "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" المعروفة باسم "إيباك"، والذي تدخل مباشرة ليعبر عن قلقه من تصريحات المسؤولين الأمريكيين الذين لا يسعهم إلا الاستجابة، ثم يؤكد رئيس وزراء العدو "بنيامين نتنياهو" مواصلة الاستيطان في القدس. إنها باختصار سياسة "ديفيد بن غوريون" – البولندي - مؤسس الكيان التي عبر عنها بقوله: "لا معنى لإسرائيل بدون القدس، ولا معنى للقدس بدون الهيكل" وهذا ما يتبناه اليهود حتى اليوم.
إن على كل مسلم أن يسعى لنصرة المسجد الأقصى المبارك بإيضاح ما يجري من مؤامرة ضده إلى كل مسؤول، وإلى كل وسيلة إعلام، والسعي لدعم صمود إخواننا في القدس، وكذلك رفع الحصار عن غزة التي مضى على حصارها أكثر من ألف يوم حتى بلغ عدد شهداء الحصار خمسمائة، بمعدل شهيد كل يومين.
وأخيراً إن كان ابن القيم - رحمه الله – عجب من تلاعب الشيطان ببني إسرائيل عندما عبدوا العجل وكيف أنهم اختاروا أبلد الحيوانات، وأقلها دفعا عن نفسه، بحيث يضرب به المثل في البلادة والذل فجعلوه إلهًا، فإنه يحق لنا أن نعجب من تسميتهم لهذا الكنيس بـ"الخراب"، وليس الإعمار، وكأنهم يشيرون - من حيث لا يشعرون - لمغبة وعاقبة ونتيجة مساسهم بمقدسات المسلمين، وهي خراب دولتهم، كما وصف الله عز وجل حال أسلافهم مع رسول الله صلى عليه وسلم، فقال سبحانه: ﴿ هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ دِيَارِهِمْ لأَوَّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ ﴾ [الحشر:2].
إنهم بجريمتهم هذه أيقظوا خير الأمم، الأمة المنصورة، التي أورثها الله هذه الأرض المباركة، كما ورثت الانتصار لأنبياء الله من قتلة الأنبياء، وجمعهم الله في ذات الأرض، ليكونوا على موعد مع من يسومهم سوء العذاب، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأعراف: 167]، قال ابن كثير – رحمه الله: ﴿ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ ﴾ أَيْ: عَلَى الْيَهُود، قال القرطبي – رحمه الله – ﴿ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ﴾ : أُمَّة مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ أَظْهَر; فَإِنَّهُمْ الْبَاقُونَ إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
لا أظلم منكم معشر يهود بحرمانكم للمسلمين من الوصول إلى المسجد الأقصى وأداء الصلاة فيه، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ سورة البقرة، آية: 114.

لماذا نكره اليهود...؟
هل يحق لنا أن نسأل أنفسنا: لماذا نكره اليهود؟ ولماذا نكرههم بأعلى مستويات الكُرْه البشري؟ حتَّى وصل بنا الحال أنَّنا إذا غضِبنا من شخص قد أساء إلينا، وأردْنا وصْفه بأقبح الأوصاف وأشنعها، لم نجد في قاموسنا أقذع من وصفه باليهودي، وهذا موروث ربَّما توارثْناه، أو خلق بمرِّ الزَّمان قد جُبلنا عليه.
ولكن لِمَ هذا الغلو في الكراهية تِجاه هؤلاء البشر؟ أليْسوا بشرًا كباقي البشريَّة؟! أليس لهم قلوب وأيدٍ وأرجل وأحاسيس ومشاعر؟! أليْسوا أولاد آدم كما نحن أولاده؟! أليْسوا أبناء نبيٍّ كريم وهو يعقوب - عليه السلام - وهو ذاته إسرائيل الَّذي ينتسبون إليه؟! أهي أرْض اغتصبوها أم أنَّ الأمر أبعد من ذلك؟
لنبحر قليلاً في تاريخ القوم ثمَّ لنحكم: أهي عداوة سببها أرض قد سُلِبت أم عداوة دين ومعتقد؟
لقد عاش اليهود قديمًا وحديثًا بقلوب يملؤُها الحقد والحسد، تجاه كلِّ عنصر بشري بِخلاف عنصرهم؛ لأنَّهم ينظرون إلى غيرهم نظرة عنصريَّة، فهم يعتقِدون بأنَّهم أفضل خلْق الله مطلقًا، بل تعدَّى بهم الأمر أن كذَبوا على الله فقالوا: نحن أبناء الله - تعالى الله عمَّا يصفون.
ومن هنا انطلق لسانُهم المسْعور كذبًا يتناغَم مع قبح قلوبِهم؛ ليقوموا بأقْبح المخازي، والَّتي لم تفعلْها مجتمعات الأرض مُجتمعة!
ومن ذلك نسبتُهم الابن إلى الله - عزَّ وجلَّ - قال تعالى: ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 30]، بل زادت جرْأتهم على الله فوصفوه - سبحانه وتعالى - بأقبح الأوْصاف، والَّتي لا يرْضاها أدْناهم لنفسه، ومنها قولهم: ﴿ إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ ﴾ [آل عمران: 181]، وقولهم: ﴿ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ ﴾ [المائدة: 64]، وافتروا على الله بأكثر من ذلك كالتَّعب والمرض والبكاء - سبحان الله عمَّا يصف الظَّالمون - وهم قتلة الأنبياء، وتاريخهم مع الأنبِياء تاريخ ينضح بالقبائح المخْزية والَّتي يعفّ القلم عن ذكرِها كما يمسك اللسان حياءً عن النُّطق بها، فقد وصفوا أوْلياء الله ورسُله بأوْصاف لا تليق إلاَّ بهم، أمثال الغدر والخيانة والزنا وشرب الخمر والدّياثة، شائنات امتلأتْ بها كتُبهم على مَن؟ على خير البريَّة، رسل الله الَّذين اصطفاهم على العالمين.
وهؤلاء اليهود أمَّة "غضبية" يفعلون القبائح والشَّائنات ويرْمون بها أطْهر خلق الله.
وبعد كلِّ هذا، هل كراهِيتنا لهم ستتغيَّر إن أعادوا لنا الأرْض، وصافحونا بأيْديهم الملطَّخة بدماء أنبِياء الله مرورًا بإخوانِنا في فلسطين، إن فعلوا، ولن يفعلوا؟!
لأنَّ العداوة عداوة إيمان وكُفر، وحقّ وباطل، لن تتغيَّر إلاَّ إذا تغيَّر الكُفر في قلوبهم إيمانًا، ولفظت أفواههم الباطل ليستقرَّ الحقُّ مكانه؛ وبذلك ليعلم الجميع أنَّ العداوة قائمة مستمرَّة إلى قيام السَّاعة، وبذلك أخبر الصَّادق المصدوق - صلوات ربي وسلامه عليه.
وعجبت لمقالة شيخ معمَّم، ابتعد وحزْبه عن أصول الدين ومنبعه، لتُبحر قواربهم المرقَّعة في بحر السياسة المتلاطم، فصارت أفواهُهم وعقولُهم لا تنطق ولا تفكِّر إلاَّ بلسان السِّياسي المتجرِّد من كلِّ شيء إلاَّ غاياته السِّياسيَّة، وأهدافه الحزبيَّة.
فأغربوا بفتاواهم عن الحقِّ وغاياته، حتَّى ظنَّ المساكين أنَّ الغاية من وراء عداوة اليهود ومنابذتهم هي الأرْض، ولا غير الأرض، متناسِين كفر اليهود وقتلَهم الأنبياء وتسبيحهم بسبِّ الله ليلَ نهار؛ لهذا فإنَّ العداوة والبغضاء بيْننا وبين إخْوة القردة والخنازير عميقة الجذور، أصولُها من أصول العقيدة والدين، وكلّ أخوَّة دون أخوَّة الدين تسقط وتتهاوى؛ لأنَّ رأس مال المسلم دينه، بل هو منهجه وغايته التي من أجلِها خلق الله الخلق؛ وبالتَّالي لو عادت الأرض فستبقى العداوة والمنابذة على ما يَحملون من معتقد فاسد تِجاه رسل الله ودينِنا ورسولنا؛ لذلك كلِّه يجب عليْنا أن نكرَهَهُم، وهم مَن لعنهم الله والملائكة والنبيُّون، ونحن بلا ريب لذلك منتهجون، فأفيقوا أيِّها المسلمون، وارجعوا إلى دينكم وإلى منهج سلفكم الصَّالح؛ لتنالوا به عزًّا يُذَلّ به أعداؤكم؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: ٧].

من أجل هذا لُعن اليهود
إن مَن يقرأ سورة البقرة يعتقد - بلا أدنى ريب - أن اليهود قوم جحود، والجحود - كما يفسره المعجم العربي - هو الإنكار مع العلم، فلقد جحد اليهود نِعَم الله – تعالى - وكذبوا بآلائه التي أخرجتهم من ظلمات الباطل إلى نور الحق المبين، وأنجتْهم من سوء عذاب سامهم إياه أعداؤهم.
وقد تجسَّدت تلك النعم في معجزات وخيرات عاينها اليهود، ونعموا بآثارها الطيبة، ولكنهم - برغم ذلك - جحدوها جحودًا لم يأتِ بمثله قومٌ من قبلهم أو من بعدهم.
ونرى دلائل الجحود حين نقرأ في سورة البقرة عن نِعَم غامرة، جحدها اليهود وكذَّبوا بها، وهم يعلمون سوء فعلهم، لقد نجاهم الله - تعالى - من آل فرعون الذين ساموهم سوء العذاب، فذبَّحوا أبناءهم، واستحْيَوْا نساءهم، ففلق الله - تعالى - لهم البحر، حتى ظهرت لهم الأرض اليابسة، فمشوا عليها، وبذلك نجوا من آل فرعون الذين تتبعوهم يريدون الفتك بهم، ورأوا بأعينهم آل فرعون وهم يغرقون، ثم أنعم الله عليهم بأن واعَدَ موسى أن يعطيه التوراة بعد أربعين ليلة، وفيها هدى لهم ورحمة، ولكنهم جحدوا تلك النعم، فاتَّخذوا العجل إلهًا حين ذهب موسى للقاء ربه، وبرغم ذلك الجحود عفا الله عنهم؛ لعلهم يشكرون: {وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ * وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آَلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ * ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [البقرة: 49 - 52].
وأنزل الله - تعالى - من أجل اليهود وهدايتهم كتابًا على موسى، وآتاه السلطان الذي يفرق به بين الحق والباطل، ونصحهم موسى فأخلص لهم النصح، وذكَّرهم بظلمهم حين اتخذوا العجل إلهًا، وذكَّرهم أيضًا بفضل الله عليهم حين تاب عليهم، ولكنهم جحدوا، فأعلنوا لموسى أنهم لن يؤمنوا له إلا بعد أن يرَوُا اللهَ جهارًا، فلما تطلعوا يريدون رؤية الله - سبحانه - أخذتْهم صاعقة من السماء وهم ينظرون، ثم بعث الله - تعالى - أولئك الذين أرادوا رؤيته بعد أن أحرقتهم الصاعقة، وتفضل الله عليهم بعد ذلك بالمَنِّ - إفراز حلو المذاق، تفرزه بعض الأشجار - وبالسلوى - الطائر المعروف بالسمان - ليَقِيهم الهلاك جوعًا في بيئة مجدبة؛ ولكنهم جحدوا أيضًا كل هذه النعم؛ {وَإِذْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ * وَظَلَّلْنَا عَلَيْكُمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [البقرة: 53 - 57].
ويذكِّر الله - تعالى - اليهود بما تفضَّل عليهم بعد خروجهم من تِيهٍ وضياع في صحراء سيناء، إذ أمرهم بدخول بيت المقدس وهم ساجدون، يسألون الله أن يَحطَّ عنهم ذنوبهم، ويغفر لهم عنادهم، ووعدهم - سبحانه - بالمكافأة وحسن الجزاء، إن فعلوا ما أمرهم به، ولكنهم لم يستغفروا ربهم؛ بل انهمكوا في الشهوات، ولما عطشوا في التيهِ، تفضل الله عليهم بتكليف موسى أن يضرب بعصاه حجرًا، فتفجرت منه عيون بقدر عدد قبائلهم، لكل قبيلة عين خاصة يأخذون منها حاجتهم، ولا يشاركهم فيها غيرهم، ولكن اليهود - بعد كل هذه النعم - أعلنوا السأم مما هم فيه من نعم؛ بل طلبوا من موسى أن يطلب لهم من ربه أن يرزقهم مما تُنْبت الأرض، من بقل، وقثاء، وثوم، وعدس، وبصل، وتعجَّب موسى من استعاضتهم الأردأ بالأحسن من الطعام، فهذا يدل على عدم ثباتهم على الحق، وهم يعلمون أنه حق؛ {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ * وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاؤُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآَيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ} [البقرة: 58 - 61].

وتمضي آيات الذكر الحكيم في سورة البقرة تذكِّر اليهود بآلاء الله، حين أخذ عليهم العهد أن يعملوا بما بأمر به في التوراة، وهدَّدهم - سبحانه - بمعجزة رفع الجبل فوق رؤوسهم، ولكنهم - برغم هذا - أعرضوا وعاندوا، ولولا فضل الله عليهم لباؤوا - جزاء إعراضهم وعنادهم - بخسران مبين.
وأمرهم الله - تعالى - أن يتفرغوا يوم السبت للعبادة؛ ولكنهم احتالوا، فاستباحوا الصيد في يوم السبت، فاستحقُّوا أن يمسخهم الله قردة منبوذين؛ ليكونوا عبرة لمعاصريهم وللأجيال من بعدهم؛ {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ * وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ * فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 63 - 66].
ويبلغ اليهود في جحود نِعَم الله مدى بعيدًا في قصة البقرة، ذلك أن رجلاً منهم قتل رجلاً، وبادر القاتل بشكوى لموسى، فبحث موسى عن القاتل، فلم يهتدِ إليه، فأمرهم الله - تعالى - أن يذبحوا بقرة، فجادلوا موسى جدالاً شديدًا، متسائلين عن لون البقرة، وشكلها، وسِنِّها، وكلما شدَّدوا شدَّد الله عليهم، حتى صارت نادرة، فتعبوا في الحصول عليها، وبعد جهد جهيد، حصلوا على بقرة لا مُسِنَّة ولا فتيَّة، صفراء خالصة الصفرة، ليست بصعبة، تهيج الغبار إذا تحركت، تسقي الزرع، سليمة من العيوب، في جلدها قطعة لونُها يخالف لونه.
وهذه الصفات إنما طلبها الله - تعالى - نتيجة لطول لَجاجهم وتشددهم، وقد حصلوا على بقرة تتوافر فيها هذه الصفات بضعف ثمن مثلها، وذبحوها بعد أن قاربوا ألاَّ يفعلوا ما أُمِروا به.
وأرشدهم الله أن يضربوا جثة القتيل ببعض أعضاء تلك البقرة، فعاد إلى الحياة وأخبرهم عن قاتله، وفي هذه القصة آية من الله لعلهم يعقلون، ولكن قلوبهم - برغم هذه المعجزة البينة - قَسَت حتى صارت كأنها الحجارة أو أشد؛ {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً قَالُوا أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُوا مَا تُؤْمَرُونَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُوا ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنَا مَا هِيَ إِنَّ الْبَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآَنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} [البقرة: 67 - 74].
على أن اليهود يبلغون قمة الجحود حين يزيِّفون أعظم ما يعتز به كل ذي قلب سليم، حين يزيفون العقيدة، مبرِّرين سوء فعلهم بعذر أقبح من الذنب، وهو أن قلوبهم مغلقة، لا تصلح لإدراك العقيدة الصحيحة، البعيدة عن الزيف، فلقد أنزل الله - تعالى - على موسى التوراة، وأرسل من بعده رسلاً إلى أمم كثيرة، حتى جاء دور عيسى ابن مريم، فآتاه الله الآيات الواضحات، وشدَّ أزره بجبريل، ولكن اليهود استكبروا عن اتِّباع أولئك الرسل؛ لأنهم لم يجيئوا بما يوافق هواهم، فكذبوا فريقًا من الرسل، وقتلوا الفريق الآخر، ولما انتهت الرسالة إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - ودعاهم، وأكَّد لهم أن قلوبهم ليست مغلقة، ولكن الله أبعدهم عن قبول الخير بسبب كفرهم، فقليلاً ما يؤمنون بحقيقة، ومصداق ذلك أنه جاءهم القرآن من عند الله مصدقًا للتوراة التي معهم، وموافقًا لها، وكانوا من قبل نزوله يطلبون النصر على أعدائهم بحرمة النبي المنتظر، الذي كانوا يتوقعون مبعثه، ويُمَنون أنفسهم بالمبادرة إلى اتِّباعه، فلما جاءهم محمد – صلى الله عليه وسلم - وفيه العلامات التي عرفوها مِن كُتُبهم، قابلوه بالكفر به، وجحود النعمة العظمى التي جاء بها، نعمة العقيدة الصحيحة، البعيدة عن الزيف، وبذلك استحقوا اللعنة التي وصم الله بها الكافرين؛ {وَلَقَدْ آَتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ * وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: 87، 88].
هكذا استحقَّ اليهود اللعنة؛ لأنهم جحدوا آلاء الله ونعمه، وجعلوا أصابعهم في آذانهم حين ناداهم الحق - تعالى - مذكِّرًا ومحذرًا: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ * وَآَمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآَيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ * وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: 40 - 42].

عبدة الشيطان:
فصيل الماسونية النورانية
﴿ قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ﴾ [ص: 82]، كان ذا إعلانَ العداوة من إبليس، وأقسم بالله جهْدَ يمينه ألاَّ يَسْلَم مِن كيده من بني آدم إلا قليل، وأن يأتيَهم مِن بيْن أيديهم، ومِن خلفهم، ومن تحت أرجلهم، ومن فوقهم تنزل رحمةُ الله، فأنَّى له المجيء؟!
فنزل آدم - عليه السلام - وهبط معه عدوٌّ لا يَكلُّ ولا يَمَلُّ من إغواء ذريته من بعده، جلب عليهم بخيله ورَجِله، وأكثرهم له منقادون، حتى قادها تمشي على خُطواته، إلى عبادة الشياطين وتولِّيه، وذا قديمٌ قِدمَ الشرك، وقدمَ الوثنية نفسها، فمذ حاد الإنسان عن التوحيد، اتَّبع خُطواتِ الشيطان إلى الشِّرْك، واتَّخذ لله أندادًا، ثم مرَّت فترة، حتى أعلن الإنسانُ الشيطانَ إلهًا.
وقد يظن ظان أنَّا نحكي روايات ألف ليلة وليلة، و"يُحكى أنَّ..."، لا والله، ففي زمننا، بل زمن مَن قبلَنا، بل من عصور ما قبل الميلاد لم تنقطعْ عبادة الشياطين، ولا نقصد بعبادته طاعتَه وتوليه، والوقوعَ في المعاصي فقط، بل أعظم من ذلك؛ اتخاذه إلهًا، وتوجيه العبادات له زُلْفَى، والقربى جهارًا، بل وجعله نِدًّا لله، لا في الألوهية وحسب، بل في الربوبية، والزعم بأنَّه مدبِّر الكون، بل كان منهم مَن يشهد أنَّ الشيطان إلهٌ لا شريك له!! نعم، يوجدون في التاريخ، بل هم الآن في عصرنا، بل تسرَّبوا إلى أمتنا بدعاوى الحرية المطلقة، وحرية الاعتقاد، ورأس الدعوة الشيطانيَّة في حاضرنا هي "المنظَّمة الماسونية العالمية"، التي اخترَقَها عَبَدةُ الشيطان من فرسان المعبد، ثم أعاد تنظيمَ نشاطها بشكل دقيق ومُحْكَم النورانيُّون "حملة لواء الشيطان"، وهم أعلى مرتبةٍ في الماسون، إلا أنهم لا يُجاهرون بعبادة الشيطان للعامَّة، ولا تجد ماسونيًّا -إن أعلن عن هُويته - يجاهر بعبادته للشيطان، غير أنَّ أتباعهم في المراتب الدنيا، أنشؤوا جماعاتٍ صارتْ تجاهر بعبادة الشيطان دون رَبْطها بالماسونيَّة؛ لأنَّ للالتحاق بالماسون شروطًا أخرى.
ولسبر غور هذه الدِّيانة، وبيان ماضيها وأصولها من الأهمية، قدرَ ما للدعوة إلى التوحيد من أهمية؛ لأنَّ دعواهم من معاول هدْم التوحيد، ولا يُستهان بأنَّها دعوةٌ شاذَّة، فقد كان لها صدًى في الماضي، وهدَّدتْ كيانَ الدولة الإسلامية، لا يعي فداحةَ أمرهم إلاَّ مَن أحاط بهم خُبرًا.
ولا يزعمنَّ قائل أنهم شرذمة قليلون، كلاَّ، فكم من قلَّة صارتْ كثرة، خاصة وأنَّها آفةٌ تصطاد شبابًا أغرارًا، أحداثَ أسنان، سفهاءَ أحلام، لكنَّهم من الطبقة الثريَّة المُتْرَفة النافذة، ولهم مؤهلات عِلميَّة، فلا يَمرُنَّ زمن، حتى يطلع علينا منهم رأس في الدولة، وحينها سنرى الحقيقة المرة، والمثل حي يرى للناظرين، فلِعَبدة الشياطين في الولايات المتحدة الأمريكيَّة كنائسهم وجمعياتهم، وجماعات ضَغْط على النظام السياسي.
وهذه الدعوة هي موضةُ التسعينيات للمراهقين، ولكنَّهم الآن في العالَم مجتمع له رسالته، فلهم كُتبُهم، ومجلاَّتهم، وفلسفتهم، وموسيقاهم، وطقوس عبادتهم، وألبستهم، ونظامهم، وجمعياتهم ونواديهم، ومحلاَّتهم، وأتباعهم في تزايد، ومنهم أولو الأمر والنهي في الدول الكبرى، وشعاراتهم أصبحت (ماركات) عالمية، ومعابدُهم كالفطريات تستشري في دول عِدَّة!!
وكيما نعيَ فِكرَهم، نستدعي شيئًا من ماضيهم؛ كيما نقارعَهم ونحن على عِلم بمخططاتهم وغاياتهم.
فلهذه الدِّيانة جذورٌ في معظم الحضارات القديمة، بالأخصِّ الوثنية منها، فقد كان عَبَدَة الأوثان يستمتع بهم الجانّ، ويوحي لبني الإنسان، بمطالبِه من القُرْبى والطقوس الوثنية الشِّركيَّة، ومَن مارسوا السِّحر، إنما بُغيتهم التحكُّم في الجان، وخِدمة الشيطان.
تاريخ النِّحْلة الشيطانية
- الحضارة الفرعونية المصرية:
تكمن التعاليم السحرية، وعبادة الشيطان فيما يُعرَف بـ"تقاليد القبالاه المصرية القديمة"، التي توارثتها الأجيال المتعاقبة كتعاليم شفوية، وفي الحضارة الفِرْعونيَّة، كان الفراعنة على رأس السُّلطة، يليهم "الملأ" الجيش: يمثِّل القوَّة المادية لفرعون، والسحرة، أو الكهنة: كانوا يمثِّلون الدِّينَ والفِكر، والفلسفة التي يعتمد عليها الفرعون.
والكَهَنة كانوا عِمادَ الحضارة الفِكريَّة والعقدية، وتكوَّنتْ خلالَ هذه الحضارة الطوطمية[1] قاعدةٌ هائلة من الثقافة السِّحرية السوداء، والعقائد الوثنيَّة، والأساطير الخُرافية[2].
وفي خِضمِّ تلك الحضارة كان يقبع تحتَ سلطانها بنو إسرائيل، يسومهم آلُ فرعون سوءَ العذاب، ولأنَّهم ضمنَ النسيج الاجتماعي الحضاري، كان من نِتاج الاحتكاك الثقافي تلقِّي ثقافة الغالب، وامتزاجها مع ما لديهم، وضمها ضِمنَ تراثهم العقدي والفكري، على أنَّها مِن نتاجهم تدريجيًّا؛ لإقامتهم عِدَّة قرون في مصر، فتشكَّلت عندهم كتعاليم كهنوتية فلسفيَّة سحرية، عُرفت في التاريخ اليهودي فيما بعد بـ"ثقافة القبالاه اليهودية"، المستوحاة من "القابالاه المصرية القديمة"، وهذه التعاليم بمثابة فلسفة منهجيَّة للتفكير والتحليل، مَرَّتْ بتطورات عِدَّة، حتى طبَّقوها على شرْح التوراة، فكسبت رداءً دينيًّا، معه وشاح الشرعيَّة التلمودية.
- أساطير إله الشرِّ الفرعونية: وهي مبنية على أسطورة "إيزيس[3]"، و"أوزوريس" الفرعونية، التي كُتبت حوالي عام 4000 ق م[4].
تقول الأسطورة: إنَّ أوزوريس هو ابن إله الأرض الذي ينحدِر من سلالة إله الشمس رع، الإله الخفي، أصبح أوزوريس مَلِكًا على مصر، وعلَّمَ شعبَها كيف يزرع، وكيف يصنع الخبز والنبيذ، وتزوَّج أوزوريس من أخته إيزيس، وتعاونَا معًا لنشْر الحضارة في البلاد، وكان أوزوريس محبوبًا لدى شعبه، وأثَار هذا الحبُّ حِقدَ أخيه "ست"، الذي أخذ يُفكِّر في التخلص من أخيه والاستيلاء على عَرْشه، واستطاع سِت التخلصَ من أوزوريس، وبعدَ طول عناء استطاعتْ إيزيس - الزوجة الوفية - بمعونة بعض الآلهة وبسِحرها إعادةَ أوزوريس إلى الحياة الأبدية، وأصبح أوزوريس إلهًا بعد بعثه، وعاد إلى الأرض، حيث قام بتعليم ابنه حورس، ومساندته ضدَّ عمه ست، واستطاع حورس في النهاية التغلُّبَ على عمِّه، واستعادة عرش أبيه.
أصبح "أوزوريس" رمزًا لإله الخير، بينما أصبح "ست"، أو "سيتان" "SATAN" رمزًا لإله الشرِّ أو الشيطان، وانتشرتْ عبادة كلاَ الإلهين في الحضارة المصريَّة القديمة.

عبادة الشيطان في التراث البابلي:
في الألفية الخامسة ق.م كانتِ الإمبراطورية السومرية في بلاد الرافدين، ولها مُدن رئيسة، كأور عاصمة "بابل"، والتي عُرِفت بعلوم السِّحْر والفَلَك والتنجيم، وفي ذلك الزمن كان هاروت وماروت[5] بمدينة بابل؛ لتعليم الناس السِّحر ابتلاءً من الله - عزَّ وجلَّ - للتمييز بيْن السحر والمعجزة، حتى يَميز الناس الخبيث من الطيِّب، ويعي المؤمنون الفُرقان بيْن معجزة الأنبياء، وسِحر الكهَّان.
وفي القرن العشرين ق.م - عَهْد الكلدانيِّين - استشرى السِّحْرُ في أهل بابل، حتى ضرب المثل في إتقان السحر بحُكماء وكهنة وسحرة بابل، الذين كانوا قومًا يعبدون آلهةَ الكواكب السبعة، ويعتقدون أنَّ حوادث العالَم كلَّها من أفعالها، وعملوا أوثانًا على أسمائها، وجعلوا لكلِّ واحد منها هيكلاً فيه صنمه، يتقرَّبون إليه بضروب من الطاعات والطقوس، من الرُّقَى والعُقَد والنفث، ولكلِّ كوكب اختصاص، فمَن رام شرًّا أو حربًا، أو موتًا أو بوارًا لغيره، تقرَّب لزحل، ومَن أراد البرق والحرق والطاعون، تقرَّب إلى المريخ بما يوافقه من ذَبْح بعض الحيوانات [6].
وقد اتَّخذت تلك الأساطير، وما خالطها من الشعوذات والطلاسم، والممارسات السحرية - عِدَّةَ امتدادات دينيَّة وعِرقيَّة خلال مساراتها التاريخيَّة، في الحضارة الفرعونيَّة والفينيقيَّة والتدمُريَّة.

عبادة الشيطان عند الفرس:
استولى الفُرْسُ على بابل فيما بعدُ، ومِن أقدم ما ذُكِر في تاريخ هذه النِّحلة الشيطانية ما كان في بابل وأشور، حيث تذكر الأساطير البابلية والآشورية أنَّ هناك آلهةً للخير، وآلهة للشَّر، وأنَّهما كانَا في صِراع دائم، والجذور المعروفة لهذه الدِّيانة ترجع إلى أرْض فارس، حيث بدأتْ عبادة شياطين اللَّيْل المفزِعة، فقد كان ثَمَّة قبائل بدوية رحَّالة، تروح وتجيء بيْن شمال فارس، تبحث عن الماء والكَلأ، وعانَتْ من الأعاصير والجَفَافِ حالَ تنقُّلها ذهابًا وإيابًا، وليقينهم أنَّ الله - تعالى - لا يأتي الشرُّ منه، والشرُّ كلُّه من الشيطان؛ توهَّموا أنَّ العقاب لا يصدر إلاَّ من الشيطان، فأمِنوا مكرَ الله، ثم تسارعوا للتقرُّب من الشيطان كيما يكفَّ عنهم شرَّه، ثم تطورتْ بعد أجيال لتعبِّرَ عن مطلق الشر، ثم تطوَّرت - مرةً أخرى - لتعبر عن الشرِّ بالظلمة، والخير بالنور، من خلال العقائد الثنوية التي كانتْ تؤمن بإلهين: الأول إله النور الفاعل لكلِّ ما هو خير، والثاني إله الظُّلْمة الفاعل لكلِّ ما هو شر، وهو الشيطان، ويقتسم - في زعْمهم - الإلهان السيطرةَ على الكون، واختلاف تفسير العَلاقة بين الإلهين وتأثيرهما في الكون، نشأ منه الفرق والطوائف، التي تتميَّز كلُّ واحدة بمفهوم لهذه العلاقة، حتى نشأتْ فِرقٌ تُعظِّم الشيطان أكثرَ، واتخذته الإلهَ في المقام الأول، وسعتْ للتقرب له بطقوس وثنية؛ رهبةً منه، ثم وجدت طوائف من الثنوية، تفرض لإله الشرِّ في بعض الأزمنة سلطانًا أكبرَ من سلطان إله الخير على الأرض، فترى أنَّ النور والخير منفردان بالسموات، وأنَّ الظلمة والشر غالبان على الأرَضِين.
وتقوم سلسلة الديانات الفارسيَّة الثنوية على معتقد أنَّ العالَم مركَّب من أصلين "اثنين" قديمين: أحدهما النور، والآخر الظلمة، ومِن الديانات الثنوية: الزرادشتية والمزدكية، والديصانية والمانوية، والشامانية، وكذلك المجوسية عَبَدة النار بصفتها معدنَ الشيطان وأصله.
والشامانية والمانوية، تُؤمنان بقوَّة إله الشر والظلمة "الشيطان" وتَعْبُدانِه، وما زال لهما بعض الأتباع في أواسط آسيا يُقدِّمون له الأضاحي والقرابين، وكذلك في أوربا.
وهؤلاء هم عَبَدةٌ للشيطان وحْدَه؛ لقوَّته على الكون وتغلُّبه، وهؤلاء يتقرَّبون منه رغبةً.

عبادة الشيطان في التراث النصراني:
حينما انتشرتْ فكرةُ عبادة الشيطان في التراث اليهودي من خلال ثقافة "القبالاه"، عبرتْ إلى النصرانيَّة من خلال بعض الأفكار الغنوصيَّة، التي صاحَبتِ انتشارَ النصرانية في أوربا، والتي ترى في العالَم الجحيم المطلق، وهو عالَم الشر، ولا يمكن أن يخلقَه إلهُ الخير، وكل قصص الخلق مغلوطة، بل النصرانية نفسها لا تنفي غلبةَ الشيطان على العالَم الأرضي، وبها تعظيم لقدرات الشيطان، بالإضافة إلى انتشار المظالِم الاجتماعيَّة زمنَ انتشار النصرانية، وتفسيرها بأنَّها من ثوابت القَدَر؛ ممَّا دَعَا البعض إلى الكفر بالإله السماوي، والإقبال على عبادة الشيطان المتمرِّد، فتكرَّست فكرة عبادة الشياطين؛ اتقاءً لشرها (رهبة)، ومفهوم هذه العبادة يرتكز على وجود عالَمين: عالَم الملكوت، ويسيطر فيه إله الخير، وعالم الكهنوت، ويسيطر فيه إله الشر، وهو الشيطان.
وأوربا الشرقيَّة قومُها مؤمنون بالسِّحْرِ والشياطين حالَ اعتناقهم للنصرانية، فآمنوا بها مع إثبات تغلُّب الشياطين، وحُكمهم العالَم السفلي، ومدافعتهم لإرادة الرَّبّ، كما ظلَّتْ نِحْلة "البيوجوميل" (النِّحْلة الشيطانية) غالبةً على عشائر البلغار والبلقان لعِدَّة قرون.
- وفي القرون الظلامية الأوربية الوُسْطى، ظهرتْ جماعة "فرسان الهيكل" فرسان المعبد الصليبية في أوروبا، اتَّخذتْ من الشيطان إلهًا ومعبودًا، وكان لها اجتماعاتٌ ليلية مُغْلَقة تبتهل فيها للشيطان، وتزعم أنه يزورها بصورةِ امرأة، وتقوم هذه الجماعةُ بسبِّ المسيح وأمِّه وحوارييه، وتدعو أتباعَها إلى تدنيس كلِّ ما هو مقدَّس، وتعتبر جماعة "فرسان الهيكل " طورًا من أطوار الماسونيَّة العالميَّة، وكانوا يتميَّزون بلبس قميص أسود يسمونه "الكميسية".
انتشرتْ هذه الجماعةُ في فرنسا وإنجلترا والنمسا، ثم اكتشفتْها الكنيسة، وقامتْ بحَرْق مجموعة من أتباعها، وقتلتْ زعيمها، وقد قالتْ إحدى أعضاء هذه المجموعة قَبْل حرقها: "إنَّ الله مَلِك السماء، والشيطان مَلِكُ الأرض، وهما نِدَّان متساويان، ويتساجلان النصرَ والهزيمة، ويتفرَّد الشيطان بالنصر في العصر الحاضر".
وفي القرن الرابع عشر انتشَرَ الطاعون في أوروبا، وقتل ثلث سكَّانها، فارتدَّ عدد كبير عن النصرانية، وعبدوا الشيطانَ بدعوى أنَّه اغتصب مملكةَ السماء، ثم ظهرتْ عِدَّة جماعات بين عامي 1432- 1440م، مثل "جمعية الصليب الوردي"، وفي القرن السابع عشر ظهرتْ جمعية تُسمَّى "ياكين"، ثم "الشعلة البافارية"، و"الشعلة الفرنسية"، و"إخوة آسيا".
في 1770 بدأتْ بذور فكرة إقامة مجمع شيطاني على يدِ مجموعة من عَبَدة الشيطان من اليهود، وكانوا مِن كبار المرابين والحاخامات، والمديرين والحُكماء، فأسَّسوا مجمعًا سِريًّا يعمل على تحقيق أغراضهم، وأسموه: "المجمع النوراني" (The Illuminati الإليوميناتي). وكلمة "نوراني" بمعنى "لوسيفر" Lucifer "حامل الضوء"، أو "الكائن الفائق الضياء"، ثم أسَّس الألماني آدم وايز هاوبت مذهبًا مشابهًا باسم "حملة النور الشيطاني" النورانيِّين ضمن المجمع النوراني، وفي عام 1776م[7]، نظَّم وايز هاوبت جماعةَ النورانيِّين لوضع مؤامرة انتشار دعوتهم، وسيطرتهم على مواضع التنفيذ.
في عام 1784 اكتشفتِ الحكومة البافارية وجودَ مخطَّط شيطاني لتدمير جميعِ الحكومات الملكيَّة، والأديان الموجودة.

اندماج النورانية والماسونية
بعد فضيحتهم، انتقل نشاط النورانيِّين إلى العمل خلفَ مسمَّى "العالمية"، ونقل مركز القيادة وكهنة النظام الشيطاني إلى سويسرا، فلَبِثوا هناك حتى نهاية الحرْب العالمية الثانية، حيث انتقلوا إلى نيويورك[8].
ولكي يحافظ وايز هاوبت على برنامجه؛ رأى أن يمتزجَ مع الماسونيِّين، الذين يجدون مطلق الترحيب في الأوساط البروتستانتية؛ وذلك لكون المذهب البروتستانتي صِهْيونيَّ النزعة، يهودي الجذور، فبالتالي هو لا يتعارض كثيرًا مع التطلعات الماسونية اليهودية، وهذا التحوُّل سيجعل النورانيِّين ينشطون في البلدان البروتستانتية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، ثم استراليا وشمال أوربا.
ومن مبادئهم: أنَّ الأرواح لا تنجو إلا إذا انحدرتْ إلى الدَّرْك الأسفل من الخطيئة، والشيطان هو الإله، وأنه مساوٍ تمامًا لأدوناي - وهو اسم يُطلقونه على (الله تعالى) - وتنصُّ العقيدة الشيطانية على أنَّ الشيطان قاد الثورةَ في السماء، وأنَّ إبليس هو الابن الأكبر لأدوناي، وهو شقيق ميخائيل الذي هَزَم المؤامرة الشيطانية في السماء، وأنَّ ميخائيل نزل إلى الأرض بشخصِ "يسوع"؛ لكي يكرِّر على الأرض ما فعله في السماء، لكنَّه فَشِل.
والنورانيون هم أكبر داعم لنشْر هذه الديانة في عصرنا؛ لذا كوَّنوا جمعياتٍ تابعةً للماسونية بشعارات مختلفة؛ كيما تموه على العامَّة والسلطات في دول عِدَّة، كلها تدعو لحرية الأديان، غير أنَّ المراد من تلك الدعاوي نشْرُ التحرُّر من ربقة الأديان، واتِّباع الشيطان.

- جمعية الجمجمة:
مؤسِّس الجمعية " وليام هـ. راسل" "William H. Russell" طالب في (جامعة ييل)، من أسرة ثَرِيةٍ امتلكتْ إمبراطورية تجارة الأفيون في أمريكا، ابتعثَه النورانيُّون سنة 1833 إلى ألمانيا بمِنحة دراسية لمدَّة سَنَة، فتصادق هناك مع رئيس جمعية سِريَّة ماسونية، كان "الموت" شعارًا لها، وحين عاد إلى أمريكا، أسَّس "جمعية إخوة الموت"، وبشكل غير رسمي كانت "جمعية الجمجمة والعظام" شعار الجمعية، عبارة عن عَظْمَتي ساقٍ تعلوهما جُمجمة، وفي الأسفل يوجد الرقم 322، تعبيرًا عن سَنَة تأسيس الجمعية عام 322 ق. م زمن الإغريق؛ ليُعادَ إحياء الجمعية على يد الماسون عام 1832م في ألمانيا، وعام 1882م في أمريكا؛ ليكون الهدف منها إحكامَ السيطرة على العالَم، حيث يُشاع بأنها القَلْب المعتم لحكومة العالم السِّريَّة[9].

- كنيسة الشيطان:
بالرغم من أنَّ معظم الباحثين يذهبون إلى أنَّ آنطوان ليفي هو مؤسِّس فكر عبادة الشيطان في العصر الحديث، إلاَّ أنَّ البعض ينسب هذا الفكرَ الحديث إلى موسيقا "الرُّوك"، والمغني الأمريكي ليتل ريشارد، الذي أدخل سنة 1952م إلى الرقص أنغامًا وحركات تعود إلى العُنف، وبعدَه في عام 1955م، تزعَّم ألفيس بريسلي الحركة الموسيقيَّة، وراح يخاطب غرائزَ الشباب، ويُشجِّعهم على رفْض القِيَم الدينيَّة والأخلاقية، وعلى الحياة نفسها[10].
تَمَّ الاعتراف بشكل رسمي وعلني في الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1966م، بأوَّل كنيسة لعبادة الشيطان في سان فرانسيسكو، تحتَ حماية قانون كاليفورنيا لحريَّة الأديان، الذي صدر في العام نفسه.
وحسب تقارير مكتب التحقيقات الفِيدرالي في الولايات المتحدة، فإنَّه يدخل في كل عام في هذه الديانة 50 ألف شخص، كما أكَّد أنَّ هذه الطائفة وراءَ الكثير من جرائم القتْل وخطف الأطفال، وخاصَّة في ولايتي سان فرانسيسكو، ولوس أنجلوس، حيث كانتِ الشرطة تجد بقايا دماء أطفال، وحيوانات مذبوحة بجوارها الشموع والأقنعة السوداء والجماجم[11].
والمجتمع الأمريكي يضمُّ أكثر من 20 طائفة تُقدِّس الشيطان.
بعض الحقائق بالأرقام في أمريكا وغيرها:
♦️ 17 مليون مواطن أمريكي هم مجموعُ أتباع الطوائف التي تقدِّس الشيطان، 105 ملايين مواطن أمريكي بين ملاحِدة وعلمانيِّين، 70 مليون مواطن أمريكي لا يؤمنون بالبَعْث.
♦️ 47 % من سكَّان أوروبا يعانون هلاوسَ بصريَّة وسمعيَّة (إما بشكل مرَضي، أو نتيجة لتعاطي الكحوليات والمخدِّرات، والأدوية العصبية).
♦️ 1282 مكانًا رسميًّا على مستوى العالَم، تُمارَس فيه عبادات تقوم على تقديس الشيطان والأنفس السفلى.
♦️ الدستور الأمريكي يُعْطي حريةَ اختراع كلِّ فرد لدِين خاص به[12].
♦️ ومؤخرًا بدأتْ هذه الممارسات تزدهر علنًا في دول أوروبية كثيرة، ففي إنجلترا - مثلاً - هناك تسعة ملايين شخص ينتمون إلى كنائس الشيطان - ومثلهم تقريبًا في ألمانيا وإيطاليا، وفي فرنسا هناك مجلَّة وبرنامج خاص لعَبَدة الشيطان، تُقدِّمه عرافة تُدْعى "مدام سولي"، وفي سويسرا وإيطاليا والنمسا يُمارِس آلاف الأشخاص بانتظام ما يُسمَّى بالقُدَّاس الأسود عند اكتمال البدر.
♦️ وأشار تقرير صدر في شهر مارس/ آذار سنة 2005 عن البَعْثة الوزارية لمراقبة ومكافحة التجاوزات الطائفيَّة، وتَمَّ تسليمه إلى رئيس الوزراء: أنَّ ظاهرة عبادة الشيطان تكتسب أرضًا جديدةً في فرنسا؛ مما يؤدِّي إلى زيادة عمليات تدنيس المقابِر، وطقوس معادية للمسيحيَّة.
♦️ كما تشهد الظاهرة تزايدًا أيضًا في الدول الإسكندنافية وروسيا، وإيطاليا وإسبانيا، وألمانيا واليونان، وجنوب أفريقيا، واعترفتْ بعض الدول بها
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى