مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

تحريف المسيحية

اذهب الى الأسفل

تحريف المسيحية Empty تحريف المسيحية

مُساهمة  طارق فتحي الأربعاء ديسمبر 17, 2014 5:22 am

بما أن المسيحية الموحدة التي جاء بها عيسى - عليه السلام - قد انطمستمعالمها، ودرست آثارها، فهل المطلوب الآن من الناس أن يتبعوا منها - أو من غيرها من الأديان كاليهودية - ما هي عليه حالها الآن من طبيعة معروفة تناقض جوهر التوحيد والنبوات؟ وهل يليق هذا بأهل دين - أقصد المسلمين - انبنى جوهر عقيدتهم على التوحيد الخالص وتنزيه الخالق؟!
حول طبيعة المسيحية المعاصرة، ومدى أحقيتها بأن تكون دينا يتبع، يقول الشيخ أحمد ديدات: "إن أصول العقيدة المسيحية تتلخص فيما يسمونه بالأمانة الكبيرة، وهذا نصها: نؤمن بالله الواحد الآب، ضابط الكل مالك كل شيء، مانع ما يرى، وما لا يرى، وبالرب الواحد يسوع بن الله الواحد بكر الخلائق كلها، الذي ولد من أبيه قبل العوالم كلها، وليس بمصنوع، إله حق من إله حق، من جوهر أبيه الذي بيده أتقن وصار إنسانا ومحبل به، وولد من مريم البتول، وصلب أيام بيلاطس الملك، ودفن وقام في اليوم الثالث كما هو مكتوب، وصعد إلى السماء، وجلس عن يمين أبيه، وهو مستعد للمجئ تارة أخرى للقضاء بين الأحياء والأموات، ونؤمن بروح القدس المحيي المنبثق من أبيه الذي هو بموقع الأب والابن، يسجد له ويمجد الناطق بالأنبياء وبكنيسة واحدة مقدسة رسولية، وبمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا وتترجى قيامة الموتى، والحياة والدهر العتيدآمين.
لقد قرر هذه العقيدة 318 أسقفا اجتمعوا بمدينة نيقية في عهد قسطنطين عام 325م، وفي عام 381م، زادوا فيها ما يلي: والآب والابن وروح القدس هي ثلاثة أقانيم، وثلاثة وجوه، وثلاثة خواص، توحيد في تثليث في توحيد، كيان واحد بثلاثة أقانيم، إله واحد جوهر واحد طبيعة واحدة.
ويجب أخي القارئ الكريم معرفة أن هذه المجامع التي أنشئت بعد ثلاثمائة سنة من حياة المسيح، ما هي إلا مصنع لإنتاج الآلهة وتحريف الدين ليرضى أهل الغنى والضلال من الملوك الوثنيين، فرضوا الوثنية على الديانة المسيحية، ووصموها بهذه الوثنية الإلحادية الكافرة، ويجب معرفة أن المسيحية الحقة لم تستمر إلا ثلاثمائة سنة بعد رفع نبيهم على عقيدة التوحيد الخالص والحنيفية السمحة، ثم بعد هذه الفترة عقدوا المجمع الأول، وألـهوا المسيح عليه السلام، وفي المجمع الثاني ألـهوا مريم - عليها السلام - وفي المجمع الثاني عشر منحوا الكنيسة حق الغفران والحرمان، ولها أن تمنح ذلك لمن تشاء من رجال الكهنوت والقساوسة، وفي المجمع العشرين قرروا عصمة البابا... إلخ.
لقد جاء في الأمانة الكبرى التي هي الركن الركين والمتين في العقيدة النصرانية أن الآب يعني الله الصانع لما يرى وما لا يرى، وجاء فيها أن الابن يعني عيسى - عليه السلام - خالق كل شيء، فإذا كان الله - خالق كل شيء - فما الذي خلقه عيسى عليه السلام؟ وإذا كان عيسى - عليه السلام - خالق كل شيء فما الذي خلقه الله؟
إنه التناقض العجيب الذي تذهل منه العقول، وكيف يكون عيسى قديما، لا أولية لوجوده مع أنه عندهم هو ابن الله، والابن لا بد من أن يكون أبوه أقدم منه؟ وهل يوجد الابن مع الأب؟ كيف؟!! وإذا كان المسيح - عليه السلام - هو الله بعينه فكيف يكون ابنا، وفي نفس الوقت أبا؟!
وإذا كان المسيح - عليه السلام - غير الله، فلماذا يتحمل خطيئة لم يفعلها هو؟ ألا يعتبر هذا ظلما من الخالق؟ ثم ألم يكن من العدل أن يحيى الله آدم ثم يجعله يصلب ليتحمل هو عقوبة خطيئته؟ ثم أما كان الله قادرا على مغفرة ذنب آدم، دون الحاجة إلى تلك الخرافات المضحكة، ثم ما ذنب البشرية التي دخلت في سجن إبليس قبل صلب المسيح في شيء لم يفعلوه؟ ثم إذا كان الذي صلب هو الله عن طيب خاطر - كما تقولون - فلماذا كان يصيح ويستغيث؟ وهل يكون إلها من يصيح ويستغيث ولا يستطيع تخليص نفسه من أعدائه ومخالفيه؟
ثم لماذا يستحق الصليب هذا التعظيم والعبادة، ولا يستحق الإهانة؛ لأنه كان الأداة في صلب إلهكم كما تزعمون؟ فإن قلتم؛ لأنه لامس جسد المسيح، قلنا لكم صليب لمس جسد المسيح؟ وهل ملايين الصلبان الحديدية التي تصنعونها اليوم لمست جسد المسيح؟ وإذا كانت الأمانة التي هي أصل عقيدتكم، تنص على أن الإله مات ثلاثة أيام، فمن الذي أحياه بعد ذلك؟ وإذا كان المسيح بيده أرزاق العالم، فمن الذي تولى شئون العالم خلال مدة موته؟
إنه يوجد لدينا العديد من الأسئلة لا يجاب عنها إلا بالفرار منها، وإلغاء العقل نهائيا، ولنا سؤال أخير: هل اليهود صلبوا الرب برضاه أم بغير رضاه؟ فإذا كان برضاه فيجب أن تشكروهم؛ لأنهم فعلوا ما يرضي الرب، وإن كانوا صلبوه بغير رضاه فاعبدوهم؛ لأنهم غلبوا الرب وصاروا أقوى منه؛ لأن القوى أحق بالعبادة من الضعيف، كما قال الشاعر:
عجبا للمسيح بين النصارى
وإلى أي والد نسبوه
أسلموه إلى اليهود وقالوا
إنهم حين غفلة صلبوه
فإذا كان ما يقولون حقا
وصحيحا فأين كان أبوه؟
حين خلى ابنه رهن الأعادي
أتراهم أرضوه أم أغضبوه؟
فإذا كان راضيا بأذاهم
فاشكروهم؛ لأنهم عذبوه
وإذا كان ساخطا فاتركوه
واعبدوهم لأنهم غلبوه
فهل بعد الحق والهدى إلا الضلال، وهل يعقل لنا أن ننادي كما ينادون اليوم بوحدة الأديان، وأن كل الأديان على حق، وأن يتحير الإنسان فيمن منهم على صواب أو على باطل؟ وقد وضح الله - عز وجل - طريق المؤمن ومنهاج السالكين فقال: )وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله( (الأنعام: 153)، وجاء عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال: خط لنا رسول رالله - صلى الله عليه وسلم - خطا، ثم قال: "هذا سبيل الله"، ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال: "هذه سبل متفرقة، على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه"، ثم قرأ: )وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله(
فعليك أخي المسلم أن تعرف طرق الحق، وتترك السبل التي تفرق بك عن سبيل الله، إلى طريق الباطل والغي - وبعد أن عرفت أن دينك هو الدين الحق، وأن ما سواه هو الباطل" .
إذا كانت المسيحية الحقة رسالة عيسى - عليه السلام - اندثرت معالمها، فمن يتبع المسيحيون اليوم؟! ومن هو واضع مبادئ ديانتهم الحالية ومعالمها التي يدعون الناس عامة والمسلمين خاصة لاتباعها واعتناقها إن لم يكن المسيح عليه السلام؟

بولس مؤسس المسيحية المحرفة
تحت عنوان "بولس وعالمية النصرانية، بداية الانحراف" كتب د. فرج الله عبد الباري يقول: "في أثناء تتبعنا لرسالة عيسى - عليه السلام - لاحظنا كيف كانت دعوته منصبة على بني إسرائيل لم تتعداهم إلى غيرهم، وعلى نفس المنهاج سار التلاميذ على نحو ما أوضحنا، ولكن بعد رفع المسيح - عليه السلام - وجد من حمل رسالته إلى الرومان وغير الرومان، أي تجاوزوا بها بني إسرائيل مهدها الأول الذي نشأت فيه، ولكن من الحق أيضا أن دعاتها الأولين لم يخطر ببالهم أن يجعلوها رسالة عامة للبشر جميعا، وها هي حياتهم وسيرتهم تشهد على هذا.
فمن الذي حول تلك الرسالة وخرج بها عن طبيعتها من جهة، وأضاف إليها ما ليس منها من جهة أخرى؟ إنه بولس أو شاول كما يشار إليه أحيانا في الأناجيل وسفر أعمال الرسل، لقد اعتبر مؤسس المسيحية فلا يزال يسود على اعتقاد المؤمنين ويقود عباداتهم في كل أقطار العالم.. كان بولس يهوديا متشددا في يهوديته، ويقف بكل ما أوتي من قوة أمام رسالة المسيح وضد تعاليمه وتلاميذه، وقد أورد سفر أعمال الرسل الأعمال الشريرة التي كان يقوم بها، ولم يكتف بمهاجمتهم في أورشليم، بل لاحقهم في خارجها، وفي كل ذلك يظن أنه يؤدي خدمة الله والناموس، ولكن بعد كل هذه الأعمال سوف نجد له شأنا آخر مع النصرانية، التي حولها من ديانة محلية خاصة لبني إسرائيل كما أرادها الله، وكما أرسل رسوله عيسى - عليه السلام - من أجلهم، إلى ديانة عالمية تشمل الرومان واليونان وغيرهم، ثم كان له شأن آخر حين أدخل عليها ما ليس منها من أفكار وثنية ممثلة في الصلب وتأليه المسيح"
وناقش دور بولس أيضا الشيخ أحمد ديدات، فكتب تحت عنوان "بولس مؤسس المسيحية" يقول: "طبقا لرأي هارت - صاحب كتاب العظماء مائة - فإن شرف تأسيس المسيحية يجب تقسيمه بين المسيح - عليه السلام - والقديس بولس، والأخير كما يعتقد هارت هو المؤسس الحقيقي للمسيحية، ولا أستطيع إخفاء موافقتي لهارت، فمن مجموع الأسفار السبعة والعشرين للعهد الجديد نجد أن القديس بولس قد كتب أكثر من نصفها، وخلافا لبولس فإن السيد المسيح، لم يكتب كلمة واحدة في السبعة والعشرين سفرا.
ولو أنك وجدت ما يسمى بـ "إنجيل الأحرف الحمراء" فستجد أن كل كلمة زعم أن المسيح تفوه بها مكتوبة بالحبر الأحمر، والباقي بالحبر الأسود العادي، ولا تندهش حينما تجد في هذا الذي يسمى الإنجيل (بشارة المسيح) أكثر من 90 % في السبع والعشرين سفرا للعهد الجديد مطبوعة بالحبر الأسود. هذا هو الاعتراف المسيحي النزيه على ما يسمونه الإنجيل، وفي أية مواجهة مع المبشرين المسيحيين ستجدهم يستشهدون من بولس. قال يسوع "إن كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي". (يوحنا 15: 14). وقال أيضا: "فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس هكذا، يدعى أصغر في ملكوت السماوات. وأما من عمل وعلم، فهذا يدعى عظيما في ملكوت السماوات". (متى 5: 19).
وإذا سألت أي مسيحي كثير المجادلة: هل تحفظ هذه الشريعة والوصايا؟ يجيب: لا.
فإن سألته بعدها: لماذا لا تفعل؟ سيجيبك بلا اختلاف إذا كان من مروجي الكتاب المقدس والناعقينبه: الشريعة سمرت على الصليب، وهو يعني بذلك أن الشريعة قد انتهت وألغيت، ويضيف: ونحن الآن نعيش تحت الرحمة والنعمة الإلهية.
وفي كل مرة تستحث المسيحي بما قاله سيده ومعلمه المسيح - عليه السلام - فإنه يواجهك بشيء من الرسالتين الأولى والثانية إلى أهل كورينثوس، والرسالة إلى أهل غلاطية، والرسالة إلى أهل أفسس، والرسالة إلى أهل فيلبي... إلخ. فإذا سألته: من مؤلفها؟ فسيجيبك: بولس، بولس، بولس. ومن هو سيدك؟ سيجيبك: المسيح عليه السلام، ولكنه دائما سيناقض سيده المسيح - عليه السلام - بالقديس بولس، لن تجد مسيحيا متعلما يناقش حقيقة أن المؤسس الحقيقي للمسيحية هو القديس بولس، ولذلك كان على مايكل هارت - ليكون منصفا - أن يصنف المسيح - عليه السلام - في المرتبة الثالثة من كتابه، من حيث التأثير في مجرى التاريخ البشري، وبهذا المقياس جاء سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - أولا .
فهل من العقل أن يطلب من المسلم - صاحب الوحي السماوي الصحيح الذي لم يحرف ولم يبدل ولم تمسه يد بشر - أن يتحول عنه إلى هذا الغثاء الذي لفقه هذا المدلس؟ أو أن يقال - على الأقل - إن الطرفين متساويان.
وقد عرض لسخافاتهم في التثليث والصلب وغيرهما الإمام ابن قيم الجوزية - رحمه الله - فقال في حجاج واضح مستفيض: "ولقد كان يجب لله - عز وجل - لو سبق في حكمته أنه يبرز لعباده، وينزل عن كرسي عظمته، ويباشرهم بنفسه - أن لا يدخل في فرج امرأة، ويقيم في بطنها بين البول والنجووالدم عدة أشهر، وإذ قد فعل ذلك، لا يخرج صبيا صغيرا، يرضع ويبكي، وإذ قد فعل ذلك، لا يأكل مع الناس ويشرب معهم وينام، وإذ قد فعل ذلك، فلا يبول ولا يتغوط، ويمتنع من الخراءة، إذ هي منقصة ابتلي بها الإنسان في هذه الدار لنقصه وحاجته، وهو تعالى المختص بصفات الكمال المنعوت بنعوت الجلال، الذي ما وسعته سماواته ولا أرضه، وكرسيه وسع السموات والأرض، فكيف وسعه فرج امرأة، تعالى الله رب العالمين، وكلكم متفقون على أن المسيح كان يأكل ويشرب ويبول ويتغوط وينام.
فيا معشر المثلثة وعباد الصليب، أخبرونا من كان الممسك للسموات والأرض حين كان ربها وخالقها مربوطا على خشبة الصليب، وقد شدت يداه ورجلاه بالحبال، وسمرت اليد التي أتقنت العوالم، فهل بقيت السموات والأرض خلوا من إلهها وفاطرها وقد جري عليه هذا الأمر العظيم؟ أم تقولون استخلف على تدبيرها غيره، وهبط عن عرشه لربط نفسه على خشبة الصليب، وليذوق حر المسامير، وليوجب اللعنة على نفسه حيث قال في التوراة: ملعون من تعلق بالصليب، أم تقولون كان هو المدبر لها في تلك الحال، فكيف وقد مات ودفن؟ أم تقولون - وهو حقيقة قولكم - لا ندري، ولكن هذا في الكتب، وقد قاله الآباء وهم القدوة والجواب عليهم؟ فنقول لكم وللآباء: معاشر المثلثة عباد الصليب، ما الذي دلكم على إلهية المسيح عليه السلام؟ فإن كنتم استدللتم عليها بالقبض من أعدائه عليه وسوقه إلى خشبة الصليب، وعلى رأسه تاج من الشوك، وهم يبصقون في وجهه، ويصفعونه، ثم أركبوه ذلك المركب الشنيع، وشدوا يديه ورجليه بالحبال ضربوا فيها المسامير، وهو يستغيث وتعلق ثم فاضت نفسه، وأودع ضريحه، فما أصحه من استدلال عند أمثالكم ممن هم أضل من الأنعام، وهم عار على جميع الأنام!!
وإن قلتم: إنما استدللنا على كونه إلها بأنه لم يولد من البشر، ولو كان مخلوقا لكان مولودا من البشر، فإن كان هذا الاستدلال صحيحا، فآدم - عليه السلام - إله المسيح - عليه السلام - وهو أحق بأن يكون إلها منه؛ لأنه لا أم له ولا أب، والمسيح - عليه السلام - له أم، وحواء أيضا اجعلوها إلها خامسا؛ لأنها لا أم لها، وهي أعجب من خلق المسيح. والله - عز وجل - قد نوع خلق آدم - عليه السلام - وبنيه إظهارا لقدرته، وأنه يفعل ما يشاء، فخلق آدم - عليه السلام - لا من ذكر ولا من أنثى.
وإن قلتم: استدللنا على كونه إلها بأنه أحيا الموتى، ولا يحييهم إلا الله، فاجعلوا موسى إلها آخر، فإنه أتى من ذلك بشيء لم يأت المسيح بنظيره ولا ما يقاربه، وهو جعل الخشبة حيوانا عظيما ثعبانا، فهذا أبلغ وأعجب من إعادة الحياة إلى جسم كانت فيه أولا، فإن قلتم هذا غير إحياء الموتى فهذا اليسع النبي أتى بإحياء الموتى، وهم يقرون بذلك، وكذلك إيلياء النبي أيضا أحيا صبيا بإذن الله، وهذا موسى قد أحيا بإذن الله السبعين الذين ماتوا من قومه، وفي كتبكم من ذلك كثير من الأنبياء والحواريين: فهل صار أحد منهم إلها بذلك؟
وإن قلتم: جعلناه إلها للعجائب التي ظهرت على يده، فعجائب موسى أعجب وأعجب، وهذا إيلياء النبي بارك على دقيق العجوز ودهنها، فلم ينفذها في جرابها من الدقيق وما في قارورتها من الدهن سبع سنين. وإن جعلتموه إلها لكونه أطعم من الأرغفة اليسيرة آلافا من الناس، فهذا موسى قد أطعم أمته أربعين سنة من المن والسلوى! وهذا محمد بن عبد الله قد أطعم العسكر كله من زاد يسير جدا حتى شبعوا وملأوا أوعيتهم، وسقاهم كلهم من ماء يسير لا يملأ اليد حتى ملأ كل سقاء في العسكر، وهذا منقول عنه بالتواتر.
وإن قلتم: إنما جعلناه إلها؛ لأنه سمى نفسه ابن الله في غير موضع من الإنجيل كقوله: "لأني ماض إلى أبي". (يوجنا 14: 12) ونحو ذلك وابن الإله إله، قيل: فاجعلوا أنفسكم كلكم آلهة في غير موضع، إنه سماه "أباه، أباهم" كقوله: "إني أصعد إلى أبي وأبيكم وإلهي وإلهكم". (يوحنا 20: 17) وفيه: "ولا تدعوا لكم أبا على الأرض، لأن أباكم واحد الذي في السماوات". (متى 23: 9)، وهذا كثير في الإنجيل، وهو يدل على أن الأب عندهم: الرب.
وإن قلتم: إنما جعلناه إلها؛ لأنه صعد إلى السماء، فهذا أخنوخ وإلياس قد صعدا إلى السماء وهما حيان مكرمان لم تشكهما شوكة، ولا طمع فيهما طامع، والمسلمون مجمعون على أن محمدا - صلى الله عليه وسلم - صعد إلى السماء وهو عبد محض. وهذه الملائكة تصعد إلى السماء، وهذه أرواح المؤمنين تصعد إلى السماء بعد مفارقتها الأبدان ولا تخرج بذلك عن العبودية، وهل كان الصعود إلى السماء مخرج عن العبودية بوجه من الوجوه؟
وجماع الأمر، أن النبوات المتقدمة، والكتب الإلهية لم تنطق بحرف واحد يقتضي أن يكون ابن البشر إلها تاما، إله حق من إله حق، وأنه غير مصنوع ولا مربوب، بل لم يخصه إلا بما خص به أخوه وأولى الناس به محمد بن عبد الله - صلى الله عليه وسلم - في قوله: )يا أهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا بالله ورسله ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم إنما الله إله واحد سبحانه أن يكون له ولد له ما في السماوات وما في الأرض وكفى بالله وكيلا (171)( (النساء)، وكتب الأنبياء المتقدمة وسائر النبوات موافقة لما أخبر به محمد صلى الله عليه وسلم، وذلك كله يصدق بعضه بعضا. وجميع ما تستدل به المثلثة عباد الصليب على إلهية المسيح من ألفاظ وكلمات في الكتب، فإنها مشتركة بين المسيح وغيره".
فهل يحق لمثل هؤلاء أن يدعو غيرهم لاتباع ما هم عليه من تحريف وضلال؟! أم يجدر بهم هم أن يهتدوا ويؤمنوا بمن بشرت به كتبهم المقدسة، صراحة - قبل تحريفها - وإيماء - بعد التحريف والتحوير؟!

البشارة بمحمد ص في الانجيل
البشارة بمجيئه - صلى الله عليه وسلم - ووجوب اتباعه - لا تبعيته هو وأمته لغيره كما يزعمون - أمر ثابت ووارد عن إخوانه من أنبياء الله السابقين في كتبهم مصداقا لقوله سبحانه وتعالى: )الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل( (الأعراف: 157).
في شأن هذه البشارة يقول سليمان مفسر: "يحتوي الكتاب المقدس على نبوءة قوية بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ورسالته، وهي نبوءة محددة وجلية، حتى إن كثيرا من الخلص من اليهود والنصارى آمنوا بمحمد - صلى الله عليه وسلم - حين بعث، ولكن عبر قرون من الجدل اللاهوتي الذي سبق وواكب طبع وإعادة تدوين أجزاء من الكتاب المقدس، وتحويل الآراء بها إلى عقائد، عبر تلك القرون طمس وصف محمد صلى الله عليه وسلم، وحين يرفع ركامعمره قرون من العقائد والتأويلات المتعصبة، سيجد الدارس الجاد معالم تتمثل في كثير من النصوص المشهورة التي لم تنل نصيبا من الفهم السليم" .
ويقول أيضا: "والواقع أنه لم يكن هناك سوى رجل واحد، رجل بعينه هو الذي اجتمعت فيه كل هذه الصفات، وهو محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم، والتبشير به في التوراة والإنجيل واضح ولا يمكن إنكاره بالرغم من الأخطاء والمعتقدات الباطلة التي أدخلها طغمةمن الكتبة في النصوص المقدسة"
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى