مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* العرب في اول الاسلام والطب

اذهب الى الأسفل

* العرب في اول الاسلام والطب Empty * العرب في اول الاسلام والطب

مُساهمة  طارق فتحي الإثنين ديسمبر 08, 2014 7:39 am

العرب في اول الاسلام ... والطب

اننا نلاحظ ، ان الاسلام قد ظهر في حين كان الطب لا يزال يقطع مراحل طفولته. وكان العرب في علم الطب خاصة اضعف من سائر الامم ، لانهم لم يكن لديهم حكومة مركزية يتوفر في ظلها عنصر الامن والاستقرار ، ليكون ثمة مجال للتنافس والسعي لتحقيق الطموحات التي يمكن ان تعتلج في نفوس الكثيرين لاسباب مختلفة.
وباستثناء الحارث بن كلدة الذي استأثر بشيء من الشهرة الواسعة ، والتي لم تكن له لولا انه تعلم الطب على ايدي الجنديشابوريين ، وباستثناء ابن حذيم.
فاننا لانجد في العرب ما يشجعنا على ان نعتبرهم قد اسهموا في تقدم هذا العلم ، بل ليس ما يشجعنا لان نعتبر انه قد كان عندهم اطباء بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وحتى ابن كلدة ، وابن حذيم فاننا لانعرف مقدار ما كانا يتمتعان به من براعة وحذق في هذا المجال. وليس لهم آثار علمية ، ولا في التاريخ ما يمكن ان نستدل به على شيء من هذا. وقد تقدم بعض ما يشير الى ذلك في الفصل السابق.
٢٧
الطب في الصدر الاول الاسلامي :
لقد اشرنا فيما سبق الى : ان الاسلام يعتبر الطب وظيفة شرعية ، واحد الواجبات التي لا مجال للتساهل فيها.
كما ان من يراجع كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والائمة عليهم‌السلام ، وما وصل الينا من كلام لهم في الطب والعلاج ، وهو ثروة كبيرة جدا ، لا تتناسب مع ما لاحظناه من سير هذا العلم في القرن الاول الهجري ونصف الثاني ـ نعم ان المراجع لذلك ـ يخرج بحقيقية هامة ، تتلخص في انهم عليهم‌السلام كانوا يحاولون بعث نهضة شاملة في هذا المجال ، تتسم بالشمولية والعمق والدقة ، مستمدة ذلك من الواقعية الرائدة التي تعتمد عليها ، وعلى هدى من المعاني الانسانية النبيلة التي تتجه اليها.
ولكن الذي يظهر : هو ان العرب لم يستطيعوا ان يكونوا في مستوى هذا الحدث الجديد ، الذي هو ظهور الاسلام ... وانما كانت طموحاتهم وتوجهاتهم منصبة على مجالات اخرى ، تتناسب مع ما كانوا يعانونه من تأثرات وتغيرات نفسية وفكرية ، وغيرهما ، مما طرأ عليهم بعد ظهور الاسلام فيهم.
ولا نبعد كثيراً اذا قررنا هنا حقيقة : انه قد كان ثمة اثر كبير للتوجهات التي كانت تفرضها عليهم طموحاتهم ، التي ولدت في ظل ظروف موضوعية معينة متعددة بعد ظهور الاسلام ... والتي كانت تتجه اكثر الى نزعة التسلط والقهر للامم الاخرى ، وبسط النفوذ على اكبر قدر ممكن من البلاد ...
وقد ساعد على ذلك بشكل فعال ... بعض سياسات الحكام الذين جاؤا بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ باستثناء علي عليه‌السلام ـ الذين كانوا غير مستعدين للاستعانة بغير العرب الا بالمقدار الذي يرفع ضرورتهم ، من دون اي توجه الى حاجات ابناء شعبهم ، او حتى التفكير فيها ... هذا عدا عن انهم شعوبا وحكاما لم تسطع
٢٨
نفوسهم وعقلياتهم ان ترقى الى مستوى الحدث الذي كان بمثابة القفزة الواسعة التي عرضت على مجمل حياتهم وواقعهم بظهور الاسلام فيهم.
كل ذلك مع عدم توجههم لاهداف وتعاليم نبيهم ودينهم ، وعدم اهتمامهم بالعمل على تطبيقها وتحقيقها.
نعم ... فبقيت علوم كثيرة ، ومنها علم الطب مهملة عندهم ، ان لم تكن معدومة الى مطلع الدولة العباسية ، التي جاءت بعد انتهاء الحكم الاموي ، الذي ساهم في اشباع الرغبة في الحكم والتسلط ، وبدأ الاتجاه الى حياة الاستقرار والرخاء ومواجهة متطلبات الحضارة ، الامر الذي كان يفرض عليها الاستجابة لهذه المتطلبات والحاجات ، التي يصعب اهمالها او تجاهلها.
فكان عصر النهضة العلمية ، وبدأ العصر الذهبي ... واستطاع المسلمون في فترة وجيزة جدا ان يحققوا على صعيد العلم والمعرفة اعظم المنجزات التي يمكن ان تحققها امة في فترة زمنية كهذه.
دور غير المسلمين في النهضة العلمية :
وكان طبيعيا ان يكون ظهور علم الطب بقوة عند المسلمين في اجواء كهذه في مطلع الدولة العباسية ، بمساعدة متخصصين من الامم الاخرى ، ولا سيما اولئك الذين انتهت اليهم المعارف الطبية الى تلك الفترة من الزمن ، وهم اهل جند يشابور.
وترجم هؤلاء وغيره الكثير من الكتب الطبية ، ومارسوا الطب في بلاط الخلفاء وغيرهم من الاعيان ، وحصلوا على الاموال بأرقامها الخيالية.
ولا غرو ان نجد الحكام والخلفاء يهتمون في ان يكون اطباؤهم من هؤلاء الذين هم من غير المسلمين ، بل من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، حتى لقد كان للمتوكل (٥٦) طبيبا كلهم من النصارى (١) ... فانهم ما كانوا يطمئنون الا
__________________
(١) تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص ٢٠٠ عن طبقات الاطباء ج ٢ ص ١٤٠.
٢٩
اليهم ، ولا يعتمدون في تنفيذ مآربهم السياسية ـ كتصفية خصومهم (١) ـ الا عليهم.
رغم وجود النطاسيين في هذا الفن من المسلمين ، والذي كان لهم فيه اليد الطولى ، ابداعاً واختراعاً ، وشموليةً وعمقاً ، مثل : احمد بن ابي الاشعث ، وعلي بن عيسى الكحال ، واحمد بن محمد الطبري ، وابن الصوري ، وغيرهم ممن يعد بالعشرات ، والمئات.
وقد كان علماء المسلمين يلومون الخلفاء والوزراء في تعظيمهم النصارى للتطبب (٢).
نعم ... لقد استعان المسلمون بغيرهم في عالم الطب ... ولكنهم لم تمض عليهم مدة وجيزة حتى حققوا فيه اعظم المنجزات ، التي يمكن ان يحققها انسان في فترة وظروف كتلك التي مرت على المسلمين آنذاك ... حتى لقد ارسوا القواعد والاسس الصحيحة والسليمة لقيام النهضة الطبية في هذا القرن الرابع عشر الهجري ... وعلى تلك القواع ، وهاتيك الاسس والمنجزات العظيمة اعتمدت اوربا وغيرها في نهضتها الطبية الحاضرة ، كما هو معلوم.
هذا ... ونحن نشير هنا الى مجمل بسيط عن الحركة العلمية الطبية الاسلامية ، وما يرتبط بذلك ، مع مراعاة الاختصار الشديد ، حسبما يقتضيه المقام ... فنقول :
__________________
(١) فقد كان ابن اثال النصراني ، طبيب معاوية هو الاداة التي يستخدمها معاوية في تصفية خصومه السياسيين ، ( عيون الانباء ص ١٧١ / ١٧٢ ، والتراتيب الادارية ج ١ / ٤٦١ ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٣٢٧ وغيره ) ، كما ان المعتصم قد تخلص من المأمون على يد يوحنا بن ماسويه النصراني ( عيون الانباء ص ٢٥٤ ) وابو الحكم النصراني الدمشقي كان يعتمد عليه معاوية في تركيب الادوية لاغراض قصدها منه ( عيون الانباء ص ١٧٥ والتراتيب الادارية ج ١ ص ٤٦١ ) وغير ذلك كثير ، لا مجال لتتبعه.
(العرب في اول الاسلام ... والطب

اننا نلاحظ ، ان الاسلام قد ظهر في حين كان الطب لا يزال يقطع مراحل طفولته. وكان العرب في علم الطب خاصة اضعف من سائر الامم ، لانهم لم يكن لديهم حكومة مركزية يتوفر في ظلها عنصر الامن والاستقرار ، ليكون ثمة مجال للتنافس والسعي لتحقيق الطموحات التي يمكن ان تعتلج في نفوس الكثيرين لاسباب مختلفة.
وباستثناء الحارث بن كلدة الذي استأثر بشيء من الشهرة الواسعة ، والتي لم تكن له لولا انه تعلم الطب على ايدي الجنديشابوريين ، وباستثناء ابن حذيم.
فاننا لانجد في العرب ما يشجعنا على ان نعتبرهم قد اسهموا في تقدم هذا العلم ، بل ليس ما يشجعنا لان نعتبر انه قد كان عندهم اطباء بالمعنى الحقيقي للكلمة ، وحتى ابن كلدة ، وابن حذيم فاننا لانعرف مقدار ما كانا يتمتعان به من براعة وحذق في هذا المجال. وليس لهم آثار علمية ، ولا في التاريخ ما يمكن ان نستدل به على شيء من هذا. وقد تقدم بعض ما يشير الى ذلك في الفصل السابق.
٢٧
الطب في الصدر الاول الاسلامي :
لقد اشرنا فيما سبق الى : ان الاسلام يعتبر الطب وظيفة شرعية ، واحد الواجبات التي لا مجال للتساهل فيها.
كما ان من يراجع كلام النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والائمة عليهم‌السلام ، وما وصل الينا من كلام لهم في الطب والعلاج ، وهو ثروة كبيرة جدا ، لا تتناسب مع ما لاحظناه من سير هذا العلم في القرن الاول الهجري ونصف الثاني ـ نعم ان المراجع لذلك ـ يخرج بحقيقية هامة ، تتلخص في انهم عليهم‌السلام كانوا يحاولون بعث نهضة شاملة في هذا المجال ، تتسم بالشمولية والعمق والدقة ، مستمدة ذلك من الواقعية الرائدة التي تعتمد عليها ، وعلى هدى من المعاني الانسانية النبيلة التي تتجه اليها.
ولكن الذي يظهر : هو ان العرب لم يستطيعوا ان يكونوا في مستوى هذا الحدث الجديد ، الذي هو ظهور الاسلام ... وانما كانت طموحاتهم وتوجهاتهم منصبة على مجالات اخرى ، تتناسب مع ما كانوا يعانونه من تأثرات وتغيرات نفسية وفكرية ، وغيرهما ، مما طرأ عليهم بعد ظهور الاسلام فيهم.
ولا نبعد كثيراً اذا قررنا هنا حقيقة : انه قد كان ثمة اثر كبير للتوجهات التي كانت تفرضها عليهم طموحاتهم ، التي ولدت في ظل ظروف موضوعية معينة متعددة بعد ظهور الاسلام ... والتي كانت تتجه اكثر الى نزعة التسلط والقهر للامم الاخرى ، وبسط النفوذ على اكبر قدر ممكن من البلاد ...
وقد ساعد على ذلك بشكل فعال ... بعض سياسات الحكام الذين جاؤا بعد الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله ـ باستثناء علي عليه‌السلام ـ الذين كانوا غير مستعدين للاستعانة بغير العرب الا بالمقدار الذي يرفع ضرورتهم ، من دون اي توجه الى حاجات ابناء شعبهم ، او حتى التفكير فيها ... هذا عدا عن انهم شعوبا وحكاما لم تسطع
٢٨
نفوسهم وعقلياتهم ان ترقى الى مستوى الحدث الذي كان بمثابة القفزة الواسعة التي عرضت على مجمل حياتهم وواقعهم بظهور الاسلام فيهم.
كل ذلك مع عدم توجههم لاهداف وتعاليم نبيهم ودينهم ، وعدم اهتمامهم بالعمل على تطبيقها وتحقيقها.
نعم ... فبقيت علوم كثيرة ، ومنها علم الطب مهملة عندهم ، ان لم تكن معدومة الى مطلع الدولة العباسية ، التي جاءت بعد انتهاء الحكم الاموي ، الذي ساهم في اشباع الرغبة في الحكم والتسلط ، وبدأ الاتجاه الى حياة الاستقرار والرخاء ومواجهة متطلبات الحضارة ، الامر الذي كان يفرض عليها الاستجابة لهذه المتطلبات والحاجات ، التي يصعب اهمالها او تجاهلها.
فكان عصر النهضة العلمية ، وبدأ العصر الذهبي ... واستطاع المسلمون في فترة وجيزة جدا ان يحققوا على صعيد العلم والمعرفة اعظم المنجزات التي يمكن ان تحققها امة في فترة زمنية كهذه.
دور غير المسلمين في النهضة العلمية :
وكان طبيعيا ان يكون ظهور علم الطب بقوة عند المسلمين في اجواء كهذه في مطلع الدولة العباسية ، بمساعدة متخصصين من الامم الاخرى ، ولا سيما اولئك الذين انتهت اليهم المعارف الطبية الى تلك الفترة من الزمن ، وهم اهل جند يشابور.
وترجم هؤلاء وغيره الكثير من الكتب الطبية ، ومارسوا الطب في بلاط الخلفاء وغيرهم من الاعيان ، وحصلوا على الاموال بأرقامها الخيالية.
ولا غرو ان نجد الحكام والخلفاء يهتمون في ان يكون اطباؤهم من هؤلاء الذين هم من غير المسلمين ، بل من اليهود ، والنصارى ، والمجوس ، حتى لقد كان للمتوكل (٥٦) طبيبا كلهم من النصارى (١) ... فانهم ما كانوا يطمئنون الا
__________________
(١) تاريخ التمدن الاسلامي ، المجلد الثاني ص ٢٠٠ عن طبقات الاطباء ج ٢ ص ١٤٠.
٢٩
اليهم ، ولا يعتمدون في تنفيذ مآربهم السياسية ـ كتصفية خصومهم (١) ـ الا عليهم.
رغم وجود النطاسيين في هذا الفن من المسلمين ، والذي كان لهم فيه اليد الطولى ، ابداعاً واختراعاً ، وشموليةً وعمقاً ، مثل : احمد بن ابي الاشعث ، وعلي بن عيسى الكحال ، واحمد بن محمد الطبري ، وابن الصوري ، وغيرهم ممن يعد بالعشرات ، والمئات.
وقد كان علماء المسلمين يلومون الخلفاء والوزراء في تعظيمهم النصارى للتطبب (٢).
نعم ... لقد استعان المسلمون بغيرهم في عالم الطب ... ولكنهم لم تمض عليهم مدة وجيزة حتى حققوا فيه اعظم المنجزات ، التي يمكن ان يحققها انسان في فترة وظروف كتلك التي مرت على المسلمين آنذاك ... حتى لقد ارسوا القواعد والاسس الصحيحة والسليمة لقيام النهضة الطبية في هذا القرن الرابع عشر الهجري ... وعلى تلك القواع ، وهاتيك الاسس والمنجزات العظيمة اعتمدت اوربا وغيرها في نهضتها الطبية الحاضرة ، كما هو معلوم.
هذا ... ونحن نشير هنا الى مجمل بسيط عن الحركة العلمية الطبية الاسلامية ، وما يرتبط بذلك ، مع مراعاة الاختصار الشديد ، حسبما يقتضيه المقام ... فنقول :
__________________
(١) فقد كان ابن اثال النصراني ، طبيب معاوية هو الاداة التي يستخدمها معاوية في تصفية خصومه السياسيين ، ( عيون الانباء ص ١٧١ / ١٧٢ ، والتراتيب الادارية ج ١ / ٤٦١ ونسب قريش لمصعب الزبيري ص ٣٢٧ وغيره ) ، كما ان المعتصم قد تخلص من المأمون على يد يوحنا بن ماسويه النصراني ( عيون الانباء ص ٢٥٤ ) وابو الحكم النصراني الدمشقي كان يعتمد عليه معاوية في تركيب الادوية لاغراض قصدها منه ( عيون الانباء ص ١٧٥ والتراتيب الادارية ج ١ ص ٤٦١ ) وغير ذلك كثير ، لا مجال لتتبعه.
(٢) البحار ج ٨١ ص ٢٠٩ عن الدعوات للراوندي.
٢) البحار ج ٨١ ص ٢٠٩ عن الدعوات للراوندي.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى