مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

كامل الالحاد

اذهب الى الأسفل

كامل الالحاد  Empty كامل الالحاد

مُساهمة  طارق فتحي الثلاثاء ديسمبر 02, 2014 6:18 am

تقرير مفصل عن دور الوسائل البصرية في تمرير مفاهيم الإلحاد إلى اللاوعي الجمعي
ملحوظة : تم استقاء العديد مِن المعلومات والاقتباسات مِن المواقع الفيلمية المُتخصصة على الإنترنت مثل (IMDb) Internet Movie Database وبعض المواقع الإلحادية ومجموعة مِن الـ Trailers ، مع التنويه إلى أن أوقاتنا بين العمل والدعوة هي أثمن مِن أن نضيعها في تتبع تفاصيل الكفر والإلحاد على الشاشات ، وإنما اكتفينا بذكر العام منها كدليل على الخاص ، والقليل مِنها كدليل على الكثير ، وذكر كلام أهلها عليها دون الحاجة للولوج فيها جميعًا ، أو جرح الأعين بمشاهد العُري والجنس الفاضح ، أو جرح القلوب بالشبهات .

لا شك أن الفنون هي مِن أقوى وسائل التعبير عن الأفكار والمعتقدات بين البشر منذ قديم الزمان ، ولا تكاد تخلو حياة أحدنا اليوم مِن التأثر بأحد صورها على الأقل ، وخاصًة مع التطور الهائل لتقنيات الإعلام والتواصل والذي أكسبها قدراتٍ أكبر على التأثير والانتشار بين الناس ولاسيما الوسائل البصرية مِنها Visual Aid (مثل الصوروالأفلام) ، والتي تربعت على قائمة أكثر الوسائل تأثيرًا بلا منازع ، حيث تضيف إلى العقل المُفكر وإلى الأذن السامعة بُعدًا آخرًا يزيد مِن عمق وطول التأثير في ذاكرة الإنسان ألا وهو العين وما ترى !
وهكذا تطورت الوسائل البصرية مِن مجرد (تمثال) أو (رسمة) أو (إعلان) أو (كاريكاتير) ، إلى أن صارت (صورة فوتوغرافية) منذ عام 1826م ، ومرورًا بظهور أفلام (الرسوم المتحركة) أو (الكارتون) ، ثم ظهور عالم الألعاب الكمبيوترية وسوق (الفيديو جيم) ومعه الأجهزة المُخصصة للعب مثل (الإكس بوكس) و (البلاي ستيشن) ، وانتهاءً بثلةٍ كبيرةٍ من القنوات الإعلامية والإخبارية والوثائقية والبرامج والإعلانات والمُسلسلات والأغاني المُصورة والإنتاج الخاص (مثل اليوتيوب) والأفلام التليفزيونية أو السينمائية (وخاصة إنتاج هوليود الأمريكية) والتي احتلت حيزًا لا يمكن تجاهله منذ قرابة القرن مِن الزمان ، ولتتكامل بها قوة التأثير البصري الإعلامي – سلبًا أو إيجابًا – إلى أن تبلغ ذروتها في حالات توجيه الأفكار الفردي أو الجَمعي - أو ما يُسميه المُختصون بـ (التحكم في العقل Mind Control) - ! والذي يصير فيه الكثير مِن الناس بالفعل – شعروا أو لم يشعروا-  (عبيدًا للميديا Media slaves)!

الفئات المنبوذة والشاذة !
فلما كان لهذه الوسائل البصرية هذه الجاذبية الهائلة والقوة في التأثير والسرعة في الانتشار ، فنجد أن أكثر مَن فكر في استغلالها منذ ظهورها وإلى اللحظة هي تلك الفئات المنبوذة أو الشاذة أو المكروهة مِن المجتمعات ! وذلك لشدة حاجتها - أكثر مِن غيرها - إلى تحسين صورتها ، أو إلى الترويج لأكاذيبها وأفكارها غير المقبولة بين الناس ، أو إلى صنع نوعًا ما مِن الألفة بينها وبين المُشاهدين ليتقبلوا وجودها فيما بينهم على الأقل !

ويُعد الإلحاد مِن أكثر هذه الفئات المنبوذة أو الشاذة بين الأمم بمختلف دياناتها وثقافاتها ، ولمَ لا وهو المذهب العبثي والعدمي في حقيقته وفي أصله المادي المُجافي لإنسانية البشر ، بل وحتى في جوهره المُضاد لمعاني قيمهم المعنوية ومبادئهم والتزاماتهم الأخلاقية.
ولذلك.. فلن تجده دومًا إلا في أقل المذاهب اعتناقًا وتقبلًا بين الدول ، إذ بلغت نسبة الإلحاد عام 2010م ما يساوي 2 % تقريبًا على مستوى العالم ! بل وهي في تناقص مستمر لتصل إلى 1.8 % بحلول عام 2020م !

كامل الإلحاد
هل الإلحاد سهل؟ ما المطلوب من الملحد كي أصدقه حين يقول: الله ليس له وجود!
هل هناك مؤهلات –أو قل تنازلات– نفسية ليصبح الشخص غير مؤمن بما وراء المادة صدقا؟
و يمكن صياغة السؤال بلسان ملحد ناشئ: ما الذي علي أن أفعله لأكون ملحدا (كامل الإلحاد)؟
لاشك أن الإلحاد الكامل عقليًا و نفسيًا لا يستطيع الإنسان مهما فعل أن يصل إليه، فكما أن كمال الخير نادر جدا في البشر ممثلا في الأنبياء، فكمال الشر مثله، و كما أن المؤمن يجاهد الشر في نفسه كي يزداد إيمانه، فسيحتاج الملحد أن يجاهد الخير في نفسه كي يزداد إلحاده، و من ثم يواصل نحو كمال الإلحاد.
و هذا المقال يكشف للملحد درجة إلحاده العقلية و النفسية، و يعطي للمؤمن إلزامًا قويًا علي الملحدين كما سيتبين، أما العقلي فسيكون من خلال تحليل قول أو تفكير الملحد بأن الله ليس موجودا، و أما النفسي فسيكون من خلال عرض لإيمانيات الملحد، و لنبدأ بالعقلي..

ما معني: لا وجود لله؟
إن نفي وجود الله لا يستطيع الملحد مهما فعل أن يدلل عليه، و أنا هنا أتكلم عن أي نفي، و ذلك لأن مفهوم النفي في ذاته ليس ماديًا، حيث لا وجود ماديًا لكلمة (ليس) في قولنا: زيد (ليس) في البيت، فمن أين للمادة تصور النفي؟ الواقع إثبات فقط، كيف يستطيع الإنسان تصور النفي؟
الإجابة الشهيرة هي انتزاع من الإثبات، و هي تسلسل فقط، فسنقول: و أين مفهوم النزع أو التجريد في الواقع؟ العالم به قضية (+ ق) فقط ليس فيه (– ق)، فكيف ابتكرها الانسان
الآن يستغيث الملحد بداروين، ولن يفيده، وذلك لأن البيئة أو الحاجة لا تطلب مفهوم النفي أصلا، فالنفي غاية في التجريد لأنه عكس الواقع، و لتقريب الأمر: هل يستطيع المشاهد لفيلمٍ ما تصور السيناريوهات التي مرت في ذهن المخرج و المؤلف في تحضير العمل؟!
المادة تحتوي علي أحداث في زمن ما و مكان ما و كلها مثبتة, و على ذلك: فكيف سيتصور الإنسان النفي بمعزل عن الزمان و المكان؟
لا مكان هنا للتجربة، و سكوتها عجزها، فماذا ستقول العقلانية؟
سيجد الملحد وجها للهروب في العقلانية التي لا ينصرها، و التي تقول: بأن الإنسان يفرض للقضية الواحدة الإيجاب و السلب كاستعدادات فطرية، و هو لنا لا له، فهذه الغريزة بالذات في منتهي الصعوبة لكي تعطيها البيئة عشوائيا للإنسان أثناء تطوره، و للتقريب أيضا: هذا الكلام معناه أن الإنسان يولد باستعداد للقبول بجميع السيناريوهات البيئية، التي ستواجهه و التي لن تواجهه، فهل للبيئة غاية من ذلك؟
ثم إن القضيتين: (+ق) و (- ق) تتعلقان بانتزاع اللاموجود من الموجود في زعمهم، و ليس الأمر في نفي الله كذلك، بل انتزاع لاموجود (النفي) من موجود (العالم)، لتطبيقه على لا موجود عندهم و هو الله! فكان الأمر شديد التجريد، تأمل حيوانا أفكاره داخله الآن و هنا، لا يفكر إلا في الموقف الذي سجن فيه، يتطور إلي درجة نفي الوهم!
الآن أقول: قول الملحد الله غير موجود لا معني له على مذهبه.
و قس علي ذلك قوله: كان خطأ بشريا بدافع الجهل أن يخلقوا الأديان، فمفهوم الخطأ لا وجود له في المادة أصلا!
و هناك إشكال منطقي على المادية في تعاملها مع التجريد و اللغة، و هو: من الأسبق النمو العقلي أم التطور اللغوي؟

و الإشكال بمعنى آخر:
هل نحن ندرك مفهوم النفي أولا؟ أم أن اللغة هي التي احتوت كلمات مثل: ليس، غير، لكن وغيرها من المفاهيم أولا؟
فإن كانت الثانية: فيجب تدخل من خارج العالم، يوجه العقل و يعلم الإنسان البيان!
و إن كانت الأولي: فهذا قول من لا يعلم شيئا عن التجريد و التسمية الإنسانية، فأقول له:
هناك خلط كبير بين تجريد الحيوانات -كالدولفين مثلا- و بين الإنسان، فالتجريد الحيواني هو لصق صورة ذهنية كالبطاقة على المتماثلات كتصور النخلة, فهي توجد في ذهن الحيوان بصورة خلاف التجريد و التسمية الإنسانية الفريدة لها، حيث دلالة النخلة عند الإنسان: هي رمز لـ نبات أرضي + طويل + ثماره البلح، و هكذا..
و كلا من الدلالات نستطيع قصها و استخدامها بمعزل عن أصلها, بل و حتى مع غيرها كقولنا في وصف شاب طويل: جاء النخلة على حصانه، و هكذا..
و السؤال الآن: ما حاجة العقل البشري لتحويل اللصق لتجريد دلالي؟ إذ لو كمل العقل أولا فما الحاجة لجعل لغة دلالية؟ و لو كملت اللغة أولا لكانت من خارج العالم لعقل لا يستوعبها، و لاشك أن القدرات العقلية لا تنتظر تطور اللغة، لأن إهمال القدرة يضعفها إن لم يزلها.
هذه هي مشكلة المادية أو التجريبية الشهيرة, ألا و هي سعة العقل على الحدث، أو تعالي العقل على السيناريو الواحد الذي سيواجهه، و التي ليس لها إلا حلين:
• التنازل عن الإنسانية و التفكير داخل الحدث فقط.
• أن تصبح ملحدا ناقص الإلحاد (اتباع الهوى)!
و لنرفع قائمة التنازلات باستعراض الخاصية الإنسانية الفريدة، و هي التعميم التي يبني عليها العلم، فالإنسان يجرب مرات قليلة أن النار تحرق ثم يعمم على جميع النيران من آدم عليه السلام إلى يوم القيامة، فمن أين للملحد الإيمان بالباقي؟ لاشك أنه نابع من الإيمان بتجانس الكون، أو على الأقل فرض تجانسه! و هي نفس فكرة السناريوهات المتعددة التي ذكرتها آنفا.
لنختم الآن بالمتطلبات النفسية لتكون ملحدا:
للإنسان خاصية فريدة عن باقي الحيوانات و هي إدراك المطلق (extrasensory infinity)، و ليس في الرياضيات فقط بل مطلق الصفات النفسية و العقلية – ليس لهذا علاقة بما قاله القديس أنسلم (1)–، و ذلك مثل إدراك معاني الخير و الرحمة، و النفي و التناقض، و كلهم بمبدأ واحد غير مادي، و هو التسخير و التمهيد لخلق الإنسان لإدراك الله و مطلق صفاته فيكون كامل الايمان لو عمل بهما، كذلك الملحد لو تنازل عن مطلقه / إنسانيته سيتنازل عن عقله و علمه، اللذان يعتمدان علي التعميم و الفرض و التجريد، و كلها من المطلق، فإما التنازل مطلقا عن الأخلاق و عن العقل الواسع، و إما قبولهما معا، و لاشك أن الوصول لمرتبة كمال الإلحاد يحتاج أن يطمس الإنسان فطرته، بأن تري تقطيع جسد طفل بلا ذنب مساو لإنقاذه من الموت، بل و التضحية بالنفس لذلك، فلو لم يستطع فليرجع لربه، و لو استطاع فالنار يخلد فيها من لم يكن في قلبه مثقال ذرة من الخير. .
(1) خلاصته: دائما ما يجد الانسان في ذهنه كائنا كاملا من كل وجه، هذا الوجود الذهني لمطلق الصفات الجميلة، الأكمل له أن يكون ذا وجود خارجي واقعي و ليس ذهني فقط، و هو برهان ضعيف تنبه له الكثير، منهم الراهب جانيلون الذي قال: ليس كل ما يمكن تصوره له وجود خارجي، فالخطأ ليس له وجود، و هو رد قوي ظاهر، للمزيد راجع فلسفة العصور الوسطي لعبد الرحمن بدوي ص 65 إلى 78.

من يصمد حتى النهاية !
إنّ أسوء إحساس و أقساه على قلب الملحد هي لحظات الموت، حيث يصاب أثنائها بالاكتئاب و الحزن العميق، لأنّها بالنسبة له هي المرّة الأخيرة التي سيرى فيها النور و يودع فيها الحب. يحسّ أنّه ترك الدنيا و هي ما تزال في قلبه، فتكون تلك اللحظات بعمره كلّه، يتصفح فيها الماضي ولا يمكنه أن يسافر إلى المستقبل، فيموت قانطا متشائما نادما غير راض، لأنّه على يقين تام أنّها النهاية، أمّا المتديّنون أجمع فيغادرون هذه الدار و كلّهم أمل بلقاء الأهل و الأحباب، فتراهم مبتسمين متفائلين لأنّهم على يقين تام و أمل راسخ أنّها البداية فقط. نعم.. إنّه أسوء إحساس و أقساه على القلب أن تفارق ما ألفت و من أحببت، بلا أمل ولا رجاء في معاد آخر، فإنّ الحبّ هو أعظم شعور أدركه الإنسان، بالحب نحيا، و عليه نموت، و به نلقى الله، و من لم يحب أخاه الإنسان فلا يمكنه أن يحب الله، و الدين مهما كان و بغض النظر عن صحته فإنّه يمنح راحة نفسية كبيرة، فنحن البشر نفضل أخد جرعة المهدئ القاتلة بتصديق كذبة بيّنة على الموت البطيء..
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى