مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* مها الدوري- الشلاه- عماش - عدنان القيسي- يعقوب سركيس - ابن الهيثم - كامل الدباغ

اذهب الى الأسفل

* مها الدوري- الشلاه- عماش - عدنان القيسي- يعقوب سركيس - ابن الهيثم - كامل الدباغ Empty * مها الدوري- الشلاه- عماش - عدنان القيسي- يعقوب سركيس - ابن الهيثم - كامل الدباغ

مُساهمة  طارق فتحي الجمعة نوفمبر 14, 2014 6:04 am

مهـــا الـــدوري
مُساهمة طارق فتحي في الخميس 6 مارس 2014 - 20:46
صراخٌ في عباءةٍ سوداء
خذوا عباءاتنا وأعطونا عقالاتكم"، بهذه الجملة، يمكن أن نفهم مدخلاً مهماً لشخصية النائب عن التيار الصدري مها الدوري التي تجاوزت كونها امرأة في وسط ذكوريّ سياسيّ قاس، فهي تتعدّى كلّ الموروث "الرجالي" الطارد للأناث، بخلطة مميزة انتقلت خلالها من الطب البيطري إلى مجلس النواب، بعباءة سوداء، وحجاب صارم، واتهامات بالجملة والمفرد.
تحفظت الدوري عن ذكر عام ولادتها، مثل غالبية النساء، لكننا عرفنا بأنها من مواليد 1974 أو 1976، تنحدرُ الدوري من عائلة كانت تسكن في منطقة "الدور" التابعة لمحافظة صلاح الدين قبل أن ينتقل أسلافها القريبون إلى بغداد، ومن أب كان ضابطاً في الجيش العراقيّ السابق.
ومن الواضح أن تحولها المذهبي جعلها تكون ذات ردّة فعل عنيفة، كما هو معروف بعلم النفس بـ"نظرية الضد النوعي"، حيث صارت مها الدوري تتصرف وفق مبدأ "ملكيّة أكثر من الملك"، فهي صدريّة أكثر من غالبية عناصر التيار الصدري، وتسعى لإظهار تحولها في كلّ مناسبة ومكان وقول، الأمر الذي جعلها تسمّي ابنها البكر بـ"نور الحسين"، و"فاطمة"، وليس هذا فحسب، بل أن مواقع عديدة في الأنترنيت تناقلت لها صورة قديمة، ترتدي فيها الدوري قميصاً واسعاً وتنورة عريضة وحجاب رأس، وهو ما نستطيع أن نصفه بـ"الحجاب الاعتيادي"، لكنها حين صارت وجهاً من وجوه التيار الصدري، ارتدت ثياباً فضفاضة، جعلتها كتلة سواد لا يظهر منها إلا قرص الوجه واليدان المتوترتان.
قبل عام 2006، لم تكن مها الدوري موجودة بشكل واضح داخل السياسة العراقيّة، أو التيار الصدري، وبصورة عامة، كانت كوادر الأحزاب الإسلامية تفتقر لوجوه نسائيّة تمارسُ بعضاً من السياسة، وحين ظهرت ووقفت أمام الجمهور في أول خطبة لها، ابتدأت كلامها بعبارات قرآنية وأحاديث جعلتها تكون خطيبة دينية أكثر من كونها شخصية سياسية، مبتعدةً كل البعد عن السياسية بوصفها فنّاً للممكن، فقد تحولتْ إلى ماكنة صدامات واتهامات عالية.
وفوق هذا، تبدو الدوري ساعيةً لإلقاء الخطب، في شكلٍ يجمعُ لأول مرة بين النساء والخطابة، التي تكوّن ملمحاً وفناً ذكورياً بالضرورة، فهي تشارك بالمناسبات الدينية، والسياسية، وافتتاح الجداريات، فضلاً عن إلقائها كلمة أمام عمّال في معمل زيوت المأمون.
وتجلس الدوري في البرلمان، صوتها لا يقلُّ علواً عن أصوات الرجال، وتتحلقُ حولها نائبات يرتدين مثلها، وتأثيرهن أثناء الجلسات المثيرة للجدل، لا يقل عن تأثير بهاء الأعرجي أو سواه من النواب الصدريين، حيث كان صوتها لا يقلّ جهورية عن صوت رئيس مجلس النواب آنذاك محمود المشهداني، حدّ أنها جعلته يفقد أعصابه، كما هو دائماً، ويقول "أكَعدي بابا، لا تزايدين عليّه، آني أكثر وطنية منج"، واصفاً تصرفاتها بـ"الفوضى"، لكنها لم تسكت، وقامت بطولها الفارع، لتظلّ تضرب بالطاولة وتهتف، لحين رفع الجلسة.
لكنّ الدوري واضحة، رغم أن الوضوح التام عامل سلبيّ في اللعب على حبال السياسة، وهي رغم أنها عضو في مجلس النواب، لكنها لم تقضِ أيّامها خارج العراق، ولم تصرف دولاراً على عمليات التجميل مثل الكثير من زملائها وزميلاتها، ولم تتبجّح بـ"تحرر" مثل النائبات "الليبراليات" اللواتي ينادينَ بالـ"حرية" و"المساواة"، فيما ظلّ القبيلة شاخصٌ بكلّ تصرفٍ لهنّ.
رغم هذا، تسعى الدوري دائماً لخلق قاعدة شعبيّة، ومريدين، وذلك عبر افتتاح منزلها في مدينة الصدر للمواطنين، وهؤلاء المريدون من جمهور التيار الصدريّ، لهم نشاطٌ لا بأس به على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى أعداؤها حاضرون، المحبّون يصفونها بصفاتٍ خارقة، منها "زينب آل الصدر"، أو "بنتُ الهدى الثانية"، بينما ينال منها مهاجموها بمفردات غير قابلة للذكر هنا.
مشكلة الدوري مع مرتادي شبكة الأنترنيت جذرية، حيث اثار نشر صورة مزيفة للدوري في (فيسبوك)، جدلا حول الأساليب التي (يشهّر) فيها ناشطون رقميون بالسياسيين لاسيما العراقيين منهم، حيث تُظهِر الصورة المزيّفة مها الدوري وسط احتفال بين نساء (سافرات)، وليس هذا فحسب، بل يحتفظ موقعها الألكتروني بصورة مزيّفة أخرى تمّ تركيبها على جسد سيدة لبنانيّة بقميص نصف كُم، وشَعر ظاهر وسافر، تم نشرها على أنها للدوري.
إلاّ أن أكبر اتهاماتها فيما يخصّ مرحلة ما قبل 2003، هو نشر هويّة والدها "عادل مهدي"، وهو نائب ضابط في القوة الجوية، ونشر صورة جماعية لضباط عديدين يقفون مع الرئيس المخلوع صدام حسين، محوّطين أحد الواقفين بدائرة حمراء كونه "والدها"، لكنّ الدوري تعود لتوضيح الأمر، وتكتب مقالة طويلة عريضة بموقعها الشخصيّ، تعرف من خلاله هو أن الواقع مع صدام اسمه "عادل عبد الله"، وليس عادل مهدي الذي "يكسب قوت عياله بعرق جبينه ولا يستنكف من العمل سائق تكسي حتى عندما أصبح ضابط!!، واصل عمله الإضافي مادام ليس مما حرم الله، وفي نفس الوقت أكمل طريقه لنيل شهادة القانون بجهده لا بجهد آبائه ووساطة أقربائه ولا اعتمادا على أموال اشترى بها الشهادة!"، على حد وصفها.
لكنّ بنتَ الرجل العصاميّ، الذي أكمل طريقه "بجهده"، لم تكن مثل أبيها، فقد حصلت الدوري على مقعد لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة النهرين، لكن المفتش العام لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرّر "النظر بتجاوزات" الدوري، والتي رافقت حصولها على هذا المقعد "خلافاً للتعليمات".
ثم شُكّلت لجنة، أوصت بإلغاء التسجيل في قسم العلوم المجهرية بكلية الطب، وصادقَ وزير التعليم العالي، ثم أُحيلت الأوراق التحقيقية إلى الجهات ذات العلاقة، لكنّ الدوري لم تخسر، وذابتْ القضية في دهاليز الروتين، الخاسر الوحيد كان عبد الرزاق حردان أحمد، أستاذها في الجامعة الذي جعلها تجتاز امتحانات الفصل الأول والثاني بالسنة التحضيرية وبنجاح، رغم عدم تواجدها في المحاضرات.
نالت الدوري درجة 52% بالامتحان التنافسي ، لكنّ قبولها الذي ولد ميّتاً كان مخالفا تماما لتوجيهات الوزارة المتضمنة عدم السماح لأعضاء مجلس النواب بالقبول في الدراسات العليا، والغريب بالأمر أن "زينب آل الصدر" على حدّ تعبير محبيها قدمت تعهدا خطيا بانها "غير موظفة" ولم تذكر فيه انها عضو في مجلس النواب.
وتمضي الأيام، وتستمر الدوري بالظهور الإعلاميّ، ولا تتخلى عن حرف الدال، فهي تكتب، لهذه اللحظة، في موقعها الألكتروني الرسمي "طالبة دكتوراه في كلية الطب (البشري)/ جامعة النهرين / فرع الأحياء المجهرية الطبية".
بعيداً عن الجامعة، وبين ليلة وضحاها، صارت الدوري ضيفةً دائماً أمام شاشات التلفاز، لـ"فضح الفاسدين"، و"الهجوم على الحكومة"، حتى أنها قالت اسم رئيس الوزراء نوري المالكي في حلقةٍ واحدة أكثر من 45 مرة، وعلى الرغم من عدم وجود أيّ شخصٍ بقربها أثناء اللقاء، لكنّ صوت الدوري يبقى عالياً منذ بداية الحلقة حتى نهايتها، حيث أظهرت النائب عدداً من الوثائق التي أثارت ضجة لا بأس بها في الإعلام والأوساط السياسية، وظهرت الدوري بمظهر المنقذة، والفاضِحة، وكاشفة الغطاء عن فاسدي الولاء.
ويبدو أن الظهور شبه اليوميّ لها، جعلها تستهلك وثائقها سريعاً، الأمر الذي جعلها تنتبه لتفاصيل أخرى، تقوم بتأويلها، وتستخرجُ في النهاية "مؤامرة ضد المذهب" و"الدين الإسلامي"، وترمي بكرة الثلج المصنوعة من الاتهامات باتجاه رئيس الوزراء نوري المالكي.
الدوري في إحدى الحلقات، وهي تحاول الالتفاف على سؤال للمقدم بشأن "مهمات وزير العمل والشؤون الاجتماعية الصدري بخصوص المتسولين" قالت بصوتها العالي :"هذه الوثيقة" وأخرجت عملة ورقية عراقية من فئة الـ 1000 دينار، وأردفت: "أنا اليوم اتوجه للسيد نوري المالكي، هاي العملة مكتوب عليها في الوسط آية قرآنية بيها لفظ الجلالة، أتمنى أن يحترم القرآن الكريم وأن يسحب العملة من الأسواق"، وتشير أيضاً بأنها يجب أن تتوضأ حين تمسك بهذه العملة!.
وليس هذا فحسب، فلم تمض أيام قليلة حتى فجّرت الدوري قنبلتها الكبرى، وقالت بوجود نجمة داوود السداسية وشكل “+” المشابه للصليب، في كلّ من مرقد الإمام عليّ بن أبي طالب (ع) في النجف الأشرف، ومرقد الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) في بغداد، والحرم المكيّ في السعودية، مستشهدةً، فيما يخصّ الحرم المكيّ، بالشيخ سلمان العودة، رجل الدين السلفيّ الوهابيّ الشهير.
عرضت الدوري حينها أنواعاً من الزخارف الإسلاميّة التي تشبه التشكيل الهندسي لنجمة داوود، لكنها تصبح نجمة داوود مع قليل من تأويل الدوري الذي عُرف عنها، وتصبح "مؤامرة ضد الإسلام"، مع معرفة الأسباب الخفية التي دفعت الدوري للتصريح بهذا الشأن.
لكنّ مقتدى الصدر، الزعيم ذو الطبع الحاد، لم يجعل الأمر يمرّ بسلام على الدوري وتأويلاتها، فأرسل رسالة إلى العتبة الحسينية يشير فيها إلى "عدم رضاه" عن تصريحات الدوري، قائلاً "الحوزة العلمية أسمى وأكبر من أن تنحدر لأمور كهذه، وإن المذهب أجل وأسمى من يخوض فيه أي سياسي".
وقتها، أثار كلامها بشأن نجمة داوود حفيظة الكثيرين، ورأوا بالأمر شيئاً جديراً بالسخرية أكثر منه "حركة تستهدف الإسلام" على حدّ وصفها.
مع ظهور هذا التصريح، استغربت أحاديثُ في كواليس الوسط السياسيّ في أنّ انتباهة الدوري إلى وجود هذه الأشكال لم تأتِ إلاّ بعد فترة طويلة من وجود هذه الأشكال على المراقد، على الأقل كانت موجودة في الأربعين سنة الماضية، لكن مراقبين لفتوا إلى أنّ فورة الدوري جاءت بعد أن رفض الوقف الشيعي إعطاء زوجها عبد السليم قاسم كاظم (أبو نور) مقاولات تخصّ تعمير العتبات، الأمر الذي أكدته فيما بعد أمانة بغداد في بيان رسمي تحدث عن تهجمها المستمر على الأمانة في وقت أمينها صابر العيساوي، حيث أشار البيان إلى أن "زوج النائبة طلب من صاحب الشركة المنفذة لمشروع ماء الرصافة مقاولات ثانوية ضمن اعمال المشروع، لكن صاحب الشركة رفض طلبه رفضا قاطعا"، الأمر الذي جعل مها الدوري تتربّع أمام الكاميرات وتتهجم على العتبات المقدسة من جهة، وأمانة بغداد من جهة أخرى.
ويبدو أن اللعب مع أصحاب رؤوس الأموال وصانعي القرارات الاستثمارية شيءٌ جيد، وإن لم يثمر غنيمة، فهو على الأقل يُظهرُ مَن يُهاجم بمظهر "الفاضح" و"غير الساكت عن السرقات" وما شابه، فلم تسكت مها الدوري، لكن هذه المرّة وجّهت مدافع تصريحاتها ضد رجل الأعمال عصام الأسدي، الذي صرّح أيضاً بأن الدوري "حاولت ابتزازي ولم تفلح"، مشيراً إلى أنها "ذهبت إلى قنوات الابتزاز للضغط عليَّ باتباع أسلوب التسقيط".
تبدو مها الدوري ذات نشاط واضح، فمن مجلس النواب، إلى القنوات الفضائية، إلى لقاء مواطنين، إلى نشاطات تتضمن كلماتٍ رسمية، وليس انتهاءً بـالضغط على رجال الأعمال"، بحسب ما يوردُ منتقدوها، لكنّ ما هو واضح، أن نجمة داوود، وتأويلاتها المفرطة، ستجعل الأمر صعباً عليها أمام جمهورها، مع قرب إجراء الانتخابات التشريعية القادمة، خصوصاً وأن الحجاب الصارم، والتصريحات المستندة على "نصرة المذهب" بدأت تفقدُ بريقها أمام المواطن البسيط، المواطن الذي لم تنجح الدوري ولا زملاؤها بانتشاله من الواقع الأشد سواداً من عباءتها.

علي الشـــلاه
الزيتوني تحت البذلة السويسرية
من منصة الشعر، حتى منصة البرلمان، ومن دراسات نقديّة عن نصوصه الشعريّة، حتى تصاريح نوّاب تشتمه، وتنتقده بأكثر الألفاظ حدّة، يتحوّل علي الشلاه من البلاغة الشِعرية، حتّى أقلّ المناكفات السياسيّة قدراً، في تحوّلات تضمّها شخصيّته التي تملكُ من الحِدّية الشيء الكثير، والمراوغة في أحايين عديدة.
ولد علي الشلاه في المدينة المتكوّرة على شطّها، الحلّة، عام 1965، من أسرة معروفة، حيث كتب عن والده في موقعه الشخصيّ على شبكة الإنترنيت بأنه كان "أحد ثقاة الصدر الأول"، ويعني مؤسس حزب الدعوة السيد محمّد باقر الصدر.
لكنّ الحلة، الصغيرة والبعيدة عن المركز كانت لا تلبّي طموح الشلاه، ولأنّ جيل مواليد الستينيات العراقيّ كان أكثر الأجيال تعرّضاً لأن يكون حطباً في الحرب العراقيّة الإيرانيّة، ترك الشلاه الحلة وأهلها وقدم إلى بغداد بداية ثمانينيات القرن الماضي، واستمرّ بدراسته الأكاديمية ببغداد، لينال بكالوريوس في قسم الآداب بجامعة بغداد، وبتخصّص اللغة العربيّة.
لم يمض كثير من الوقت، حتى صار الشلاه جزءاً من موجةٍ شعريّة حملت – فيما بعد – عنوان "جيل الثمانينيات"، وبشكلٍ عام: انقسم هذا الجيل بين التعبويّة للحرب وصدّام، أو الكتابة بشكلٍ رمزيّ مغلق هرباً من النظام وجواسيسه، ولم يكن الشلاه من الجماعة الأولى أو الجماعة الثانية، فقد كان وجوده هامشياً، إداريّاً أكثر منه نصيّاً، فأول مجموعة شعرية نشرها كانت بعد عامين من انقضاء عقد الثمانينيات.
يجيد الشلاه لعب دور الرجل الثاني الذي يقف في الخلف وليس في الامام، وهذا ما يفعله اليوم في المؤتمرات الصحفية كما كان يسير خلف لؤي حقي بحسب ما يروي مجايلوه، حيث كان الشلاه أقربهم له حين كان الأول رئيساً ومسؤولاً عن "منتدى الأدباء الشباب"، كان ظلاً له، ملازماً إيّاه أينما ذهب، وقال بعضهم إنّ الشلاه كان أشبه بسائقه الشخصيّ، أو سكرتيره.
حُبس لؤي حقّي، اغتنم الشلاه الفرصة، فأعلن نفسه مديراً للمنتدى، وليس هذا فحسب، بل أنّه وضع اسمه رئيساً لتحرير مجلّة أسفار، وحذف اسم لؤي منها، لأنّه ظنّ بأنّ لؤي حقّي دخل طوامير السجون، وصار من "المغضوب عليهم" ولن يعرف طريق الخروج.
ومن سوء حظّ الشلاه أنّ لؤي خرج من السجن، فتوجّه الأخير إلى المنتدى الذي كان في منطقة راغبة خاتون الراقية ببغداد، وأمسك بعلي الشلاه، وضربه ضرباً شديداً حتى أدماه، وكسر سنّاً من أسنانه الأماميّة، واختلفت الروايات بتفاصيل الأمر: كارهو الشلاه يقولون إنّ لؤي حقي ضربه بحذائه، وأنّ الندبة في جبهة الشلاه – حتى يومنا هذا – بسبب هذه الضربة، أمّا أصدقاؤه فيقولون إنّ لؤي حقّي حطّم الكرسيّ برأس الشلاه، بينما يقول هو في حوار تلفزيوني إنّ لؤي ضربه بإخمص المسدّس، وأنّ الندبة هي وحمة منذ الولادة، لكنّ أصدقاءه لم يذكروا انهم شاهدوها قبل الحادثة مع حقي.
بعد هذا، لم يعد العراق آمنا لعلي الشلاه، الذي لم يكن بعثياً كبيراً، كان يحمل درجة "نصير"، وهي درجة ثانية تنفع في قبولات الجامعة أو تمشية الأمور العامة، فغادرَ إلى عمّان عام 1991، بعد الانتفاضة الشعبانية ضدّ النظام، وحين وصل العاصمة الأردنية: بدأتْ مرحلةٌ جديدة من حياة الرجل، فمن ظلٍ للؤي حقّي، صار ظلاً أيضاً لشخصيّة لا تقلّ عن الأولى خطورةً وشبكة علاقات، كانت قاعدته الجديدة الشاعر عبد الوهاب البياتي.
والبياتي، كان شخصيةً ذات نفوذ، لكنها مقتصرة التأثير على عالم الأدب والأوساط الثقافيّة، كان يصنعُ من الفردِ شاعراً مميزاً، أو كان يجعلُ الشاعر المميز أضحوكةً في حال عدم رضاه، وكلّ هذا بسبب شبكة علاقاته المرتبطة بناشرين، ونقّاد، وسياسيين، وما سواهم.
تلقّفه البياتي، وعاش علي الشلاه في غاليري الفينيق وأداره، والذي كان ملتقى للفنانين والأدباء العراقيين، كان المكان غامض الملامح، يزوره أدباء بعثيون ومعارضون بذات الوقت، شعراء فلسطينيون وسعوديون أيضاً، ولم يكن المكانُ بعيداً عن المخابرات الأردنية، كما كلّ شبر في هذه البلاد.
في ذلك الوقت، بدأ علي الشلاه بالعمل على جانبين أهملهما في العراق: الجانب الأكاديميّ، والشعري، فنال شهادة الماجستير عن أطروحته "كربلاء في الشعر العربيّ الحديث" من جامعة اليرموك، ثمّ طبع دواوينه الشعريّة "ليت المعري كان أعمى، التوقيعات، شرائع معلقة، العباءات والأضرحة، كتاب الشين".
بعد أن هدر الكثير من الوقت في عمان، يبدو أنّ الشلاه استثمر تواجده في سويسرا، بلد الساعات الدقيقة، التي وجد طريقه لها حتى كاد أن يكون الشاعر العراقيّ الوحيد المقيم هناك، حيث دارت أحاديثُ عديدة عن زواجه بامرأةٍ سويسريّة فور وصوله، وبعد ذلك استمرّ بدراسته فنال شهادة الدكتوراه من جامعة بيرن عن "القصيدة النسوية العربية الحديثة"، وأسس أسوةً بغاليري الفينيق "المركز الثقافي العربي السويسري".
ويبدو أيضاً أنّ الشلاه أصابته حمّى كلمة "مدير"، وكأن شخصيّة لؤي حقي، الذي أدار أكثر من 20 مؤسسة وتجمعاً في العراق، أثرتْ به لدرجة كبيرة، فعاد الشلاه وأسّس غاليري الأرض، ثمّ مؤسسة بلاد النهرين الثقافية، ودار بابل للثقافات في الحلة، فضلاً عن "منشورات بابل"، وصحيفة "بابل الجديدة" الألكترونية، وليس انتهاءً بمهرجان المتنبي العالميّ السنويّ، الذي يشترك فيه أدباء من جميع أنحاء العالم، والمستمر منذ 13 عاماً.
عاد إلى بغداد عام 2003، حاول بدايةً أن يعيد نشاطه الثقافيّ المحلّي، لكن الثقافة على مرّ تاريخ العراق، لم تطعم مثقفيها من جوع، ولم تمنع عنهم خوفاً ما، فقضى السنوات بين (2003-2009) مستقراً بسويسرا، لكنه عاد ليتسنم منصب عضو في هيئة أمناء شبكة الإعلام العراقيّ، بمرتبٍ جيّد، وشقةٍ سكن فيها، وعمل لا يكاد يُذكر، وحين جاء عام 2010، دخل الانتخابات التشريعية مع ائتلاف دولة القانون، واستثمر سمعة أسرته في محافظة بابل ومدينة الحلّة، وصار نائباً عن المحافظة، وبالمركز الثالث عنها.
تدرّج الشلاه، صار رئيساً للجنة الثقافة والإعلام في مجلس النوّاب، والمصدّ لهجمات الكتل الأخرى، وبشكلٍ عام، لم يفعل الشلاه شيئاً للواقع الثقافيّ الذي دائماً ما استمر بالنكوص إلى الوراء سوى تصريحات صحفية عن النشيد الوطنيّ، وتصميم العلم العراقي الجديد، بينما بقيت وزارة الثقافة، ودار الشؤون الثقافية، واتحاد الأدباء والكتاب، فضلاً عن دائرة السينما والمسرح، والمؤسسات الثقافية الأخرى بعيدة عنه وعن لجنته المشلولة.
يوقع الشلاه نفسه في مواقف بالغة الحرج ويدخل مواجهات يخرج منها خاسرا اغلب الأحيان، ففي لقاء تلفزيوني، اثار غضب المتابعين والمدونين فيما بعد، تحدث الشلاه عن عبث ابنه بهاتف والدته (العراقية وليست السويسرية) الامر الذي جعل فاتورة الهاتف ترتفع الى 4 ملايين دينار عراقي !
كاتب عراقي، ينتقد سلوكية الشلاه الدعائية، مشيراً في حديثه الى انه لمح "فيلاً" يطير بين ثنايا كلام النائب عن فاتورة الهاتف، و"الفيل" في العامّية العراقية تعبير عن التضخيم والتهويل . وفي عملية حسابية بسيطة، اكتشف الكاتب، ان هكذا مبلغ يحتاج ممن يريد ان ينفقه أن "يلعب" بالهاتف 24 ساعة ولا يتأتّى ذلك أيضا الاّ لمن أحترف تقنيات رقمية في التحميل والتنزيل، وأدمن العلاقات والاتصالات. فهل يعقل ان طفلاً بعمر اربع سنوات يستخدم التلفون والنت بطريقة احترافية تحتاج منه وقتا طويلا ، تجعله لا ينام في الليل مثلما النهار!.
ولم تهدأ هذه الموجة التي اغتنمها أعداء الشلاه إلاّ بظهور أزمة أخرى، وهي صورة قديمة للشلاه وهو يرتدي الزيّ العسكري الزيتوني بأحد مهرجانات بغداد الشعريّة، رغم أن الوسط الأدبيّ بالأقل يعرفُ أنّ الشلاه كان يرتديه بشكلٍ دائم بسنوات الثمانينيات، ويذهب بعضهم إلى القول إلى أبعد من هذا، فيقولون: كان يرتدي الزيتوني حتى عام مغادرته العراق.
لكن كاتباً آخر يرجع ارتداء الشلاه لـ"الزيتوني" الى انه كان صحافياً في دائرة التوجيه السياسي حين التحق أولا بـ"قسم التصحيح" لينتقل بعد ذلك الى "القسم الثقافي" في الدائرة، حيث كانت الدائرة يومها "مخبئاً" للصحفيين الهاربين من جبهات القتال، فكان لابد أن يحافظوا على وجودهم فيها بالمداومة على لبس البدلة العسكرية "الزيتوني".
وتهدأ الموجة الثانية، لكنَّ مصوراً مشاكساً من القنوات الفضائية في مجلس النواب، ينقلُ من كواليس المجلس، يكشف أسرار الملاسنة الشهيرة بين الشلاه و رئيس كتلة الأحرار النيابية بهاء الأعرجي، حين هاجم الأخير الشلاه فظلت جملة "اطلعْ بره أدبسز" التي ختم بها الاعرجي صراخه بوجه الشلاه، عالقة في اذهان الجمهور، حين لم يحسب الأعرجيّ بهاء فيها لابن عمّه علي فاضل الشلاه الأعرجي، حساباً ، او تقديراً.
يحبّ الشلاه أن يفتخرَ دوماً بتاريخه، الذي يراهُ أبيضَ تماماً، بينما يراهُ أصدقاؤه رمادياً، أمّا أعداؤه: فلا يرون منه سوى السواد، وحملت رسالته للماجستير، التي طبعها بـ"منشورات بابل" التي يديرها، ملحقاً بالوثائق التي تثبت أنه كان مُطارداً من قبل جهاز المخابرات العراقية، لكنه ربما نسي – حين وضع الوثائق – أنّ تاريخ إصدارها هو 7/4/1995، وهو "عيد تأسيس حزب البعث العربي الاشتراكي"، وليس هذا فحسب: بل كان اليوم المذكور يصادف يوم "الجمعة"، ولا تنتهي الثغرات عند هذا، فالكتاب دون عنوان، ودون جهة إرسال!، وبخطّ اليد.
تاريخٌ متداخلٌ ببعضه، ابن الحلّة القادم إلى العاصمة، الشاعرُ الذي يقبل أن يكون ظلاً لشاعرٍ آخر ، المعارض الذي يحتفظُ بصداقاته مع البعثيين، اللاجئ الحاصل على الدكتوراه، ومدير فعاليات ثقافية كبيرة دون تمويل واضح، ثمّ النائب الذي توجّه له الإهانة ولا يردّها، تاريخٌ مثل هذا يشتركُ أيضاً مع تاريخ العراق المستمرّ بإرباك الآخرين، لكن في كلّ الأحوال: لا نعرفُ إن كانت هذه سيرة شاعر كسبته السياسة، أم سياسيّ لم يفلح بالشعر؟ سؤال نترك إجابته لكم..

هدى صالح مهدي عماش
لدت الدكتورة هدى صالح مهدي عماش في الأعظمية بمحافظة بغداد عام 1953م، وأنهت الدراسة الابتدائية والمتوسطة والثانوية في مدارس الاعظمية عام 1971م، دخلت كلية العلوم في [[جامعة بغداد وتخرجت فيها بدرجة بكالوريوس علوم حياة عام 1975، وكانت من العشرة الاوائل على دفعتها. حصلت على بعثة علمية فسافرت إلى الولايات المتحدة الأمريكية والتحقت بجامعة تكساس للنساء في دنتون . أمضت عماش أربع سنوات في جامعة مزوري-كلومبيا للحصول على شهادة الدكتوراه. حيث حصلت عليها في ديسمبر 1983 بعد طرحها رسالة دكتوراه حول آثار الاشعاع و العلاج الكيميائي ،الباراكوات (paraquat) وعقار ادرياميسين على البكتيريا والثدييات.
عملت مساعد مختبر في كلية العلوم بجامعة بغداد عام 1975م – 1976م، وتدرجت في الالقاب العلمية من مدرس ثم استاذ مساعد بكلية العلوم بجامعة بغداد من 1983م– 1990م، وكلية صدام الطبية من عام 1990م-1992م ثم نالت مرتبة الأستاذية وعينت مديرا عاما في مكتب امانة سر القطر عام 1992م – 1993م، وعميدة لكلية التربية للبنات بجامعة بغداد 1993م -1995م وعميدة لكلية العلوم عام 1995م – 1997م ثم اختيرت عضوا عاملا في المجمع العلمي عام 1996م ورأٍت هدى هيئة تحرير المجلة العراقية للاحياء المجهرية، ومجلة كلية التربية للبنات، والمجلة العراقية للعلوم.
وهي عضو جمعية الكمياء الحياتية البريطانية، وعضو اكاديمية العلوم في ولاية ميزوري في الولايات المتحدة الامريكية، وعضو الجمعية الأمريكية للمايكروبايولوجي منذ عام 1982م ورئيسة جمعية المايكروبايولوجيين العراقية منذ عام 1991م وشغلت منصب نائب جمعية المايكروبيولوجيين العراقية منذ عام 1991 وشغلت منصب نائب الرئيس فيها من عام 1984م-1991م ولها أكثر من ثلاثين بحثا منشورا في الدوريات والمجلات العلمية المتخصصة تتقن العربية والانكليزية.
تعاني عماش حاليا من سرطان الثدي . الذي ربما يكون بسبب تعاملها مع مواد مشعة خلال عملها.

ظاهرة عدنان القيسي
ولد عدنان عبدالكريم أحمد القيسي في بغداد ومارس المصارعة وهو مراهق في مناطق الاعظمية ثم سافر بعد إنتهائه من المرحلة الثانوية إلى الولايات المتحدة للدراسة في أحد الجامعات ثم عمل وأقام في عدة مدن ودول وبعد هذه المغامرات قرر العودة مرة أخرى للعراق نهاية الستينات وبدأت "مغامرته الحقيقية" في المصارعة
وكان الفوز الذي حققه القيسي على المصارع (كوريانكو) قد حضر له القيسي واستعد لستة شهور ، وسافر الى المدن والقرى العراقية ليعلن عن هذا التحدي الكبير في العراق وحدد بأن تكون المباراة في صيف 1969 في ملعب الشعب الدولي لكرة القدم، حيث نصبت الحلبة وسط الملعب وجلس الجمهور الذي قيل انه تجاوز الـ100 الف متفرج على العشب الاخضر للملعب ، بالاضافة الى المدرجات ، كما نقلت المبارة مباشرة عبر تلفزيون بغداد و كانت المباراة من ثلاث جولات وانتهت بفوز عدنان القيسي والبس حزام البطولة ،
وكان المعلق الرياضي الشهير مؤيد البدري الذي كان يعلن دائما عن ان ما يمارسه عدنان القيسي انما هو تمثيل واتفاق بين المتباريين اكثر مما هي مصارعة او رياضة .
القيسي قال ان الحكومة العراقية آنذاك "استغلت ظاهرته" لاشغال الشعب العراقي ، معترفا بان ما كان يجري في حلبات المصارعة التي يفوز فيها على "ابطال عالميين، كان تمثيلية يتم الترتيب لها مسبقا ، مبررا استمراره في تقديم هذه التمثيليات رغم معرفته بمساؤها على الحياة السياسية في العراق بانها كانت ( حفاظا على الحياة ) ، ولأنه لم يكن هناك من يستطيع ان يقول لا للحكومة .

أحمد عزت القيسي (بغداد 1907 - بغداد 1974)
• ولد في بغداد محلة الصدرية سنة 1907
• نشأ في محلة باب الشيخ ودرس في مدارسها
وتخرج من الاعدادية المركزية.
• تخرج من كلية الطب مونبيليه في فرنسا 1931.
• حاصل على دبلوم في الطب الشرعي في جامعة باريس.
• عاد الى الوطن طبيب شرعي في مديرية الشرطه لعام 22/9/1932 .
• عين رئيس شعبة الطب العدلي في 27/8/1934.
• في سنة 1934 بدأ بتدريس مادة الطب العدلي في الكلية الطبية، مدارس الشرطة وكلية الحقوق.
• عين مديراً لمعهد الطب العدلي في عام 1941 حتى 14/7/1958.
• منح وسام الرافدين المدني سنة 1953.
• عين عميداً لكلية الطب في بغداد من 4/10/1958 حتى 6/2/1962.
• عين مرة ثانية مديراً لمعهد الطب العدلي من سنة 1963 حتى 1973.
• عين استاذاً للطب العدلي في الكلية الطبية سنة 1967.
• لقد كان من مؤسسي نقابة المهن الطبية وانتخب كأول نقيب سنة 1952 من 14/11/1952 ولغاية 10/11/1955.
• ساعد في تنظيم الخدمات الطبية في الاماكن النائية وتوفير متطلبات الاطباء من الناحية المهنية والفنية والمادية.
• أسس دراسة دبلوم في الطب العدلي سنة 1972.
• له مؤلفات عديدة وأهمها كتاب الطب العدلي مع الدكتور وصفي محمد علي سنة 1950.
• له الفضل الكبير في تأسيس وتنظيم وادامة معهد الطب العدلي.
• له ولد وهو الدكتور شهاب القيسي استشاري جراحة الاوعية الدموية من السعودية.

المؤرخ يعقوب سركيس
في عام 1959 توفي المؤرخ العراقي يعقوب سركيس بعد حياة حافلة بالمكتشفات التاريخية الطريفة من تاريخنا في العهود المظلمة منذ العهد المغولي .
ولد يعقوب نعوم سركيس في أسرة أرمنية نابهة عام 1876 في ديار المنتفك اذ كان والده من معية شيوخ المنتفك من ال السعدون الذين اقطعوه لخدماته مقاطعات وأملاك كبيرة ، وتوفي وابنه يعقوب لم يزل في السابعة عشرة من عمره .فتعهد مع عمه لإدارة تلك الأملاك ، فاتصل بالعشائر وأهالي تلك المنطقة ، فعرف أحوالها وتاريخها ووثائقها ، وقد اعتنى منذ شبابه بجمع المخطوطات والوثائق ، وبذل الكثير في اقتنائها او نسخها ، وقد استفاد منها عندما شرع بالكتابة التاريخية في موضوعات دقيقة وطريفة لم يلتفت لها المؤرخون التقليديون ، وبها اصبح من المؤرخين المحققين المتثبتين ، وكان اول مقالة له قد كتبها بطلب من صديقه الأب انستاس ماري الكرملي ونشرها في مجلته ( لغة العرب ) عام 1913 . ثم استمر في تدبيج المقالات والأبحاث والنبذ التاريخية والبلدانية في شتى الصحف والمجلات ، حتى رحيله .
كان يراعي الدقة ويتحرى التفصيل وتقديم الجديد والنادر من الفوائد التاريخية ، كما كان يصرف وقتا طويلا قبل تقديم نتائج بحوثه الى القرّاء ، صيانة من الخطأ او الإساءة . ومن الجميل ان ينهد بعد إلحاح شديد من أصدقائه الى جمع قسم كبير من آثاره ومكتشفاته في كتاب كبير باسم ( مباحث عراقية ) صدر في جزءين في حياته ، وصدر الثالث بعد سنوات من رحيله .


الحسن بن الهيثم
(965-1040 م)
عالم رياضيات و فلك و بصريات عربي، ولد في مدينة البصرة في الفترة الذهبية للازدهار العلمي العربي الإسلامي، و في صغره درس كتب العقيدة و الفكر الإسلامي، بالإضافة للعلوم الأساسية من رياضيات و طب و فلك.
عمل فترة في مصر بأمر من الخليفة الفاطمي "الحاكم بأمر الله" من أجل تنظيم فياضانات نهر النيل، و قضى فترة من الزمن في الأندلس لتوسيع مداركه العلمية و قضاء وقت أطول لدراسة نظرياته و تجربتها.
إسهاماته الكبرى تقع في مجال البصريات و تفسير آلية الإبصار لدى الإنسان، حيث درس ابن الهيثم أفكار أرسطو و بطليموس، و أجرى تجاربه عديدة على العين، و خلص بالنتيجة إلى أن العين تميز الضوء الساقط عليها، و لا ترسل أي شعاع ضوئي كي تميز الأجسام، كما كان سائداً، و قام ابن الهيثم بترتيب نتائجه و دراساته و جمعها في كتابه الأشهر "المناظر".
بالإضافة لتفسيره آلية الإبصار، فقد فإن أحد أكبر إسهاماته هي "قمرة ابن الهيثم" و هي الحجرة التي أسست فيما بعد لظهور الكاميرا، حيث بين ابن الهيثم و لأول مرة أن الضوء النافذ من فتحة صغيرة عبر حجرة مظلمة، سيمر إلى الجانب المقابل مظهراً كامل المشهد البصري الوارد عبر الثقب.
أسهم ابن الهيثم بشكل كبير في مجال الرياضيات، فمن أجل وضع قوانين و علاقات تفسر تجاربه البصرية، طور ابن الهيثم مجال المعادلات التفاضلية و تمكن من حل معادلات تفاضلية حتى الدرجة الرابعة، كما تمكن من تحديد حجم القطوع المكافئة من خلال التكامل، و كان قريباً من وضع صيغة عامة للتكامل من أجل كثيرات الحدود، مما ساهم بشكل كبير بتطور مفاهيم التفاضل و التكامل التي انتقلت فيما بعد إلى أوروبا.
بعيداً عن الرياضيات و البصريات، فإن ابن الهيثم قد ساهم بشكل كبير في تطور "منهج التفكير العلمي" من خلال اعتماده على منهجي "الاستقراء و الاستنباط" و وضعه لأسس المنهج العلمي الحديث القائم على التجربة و الملاحظة و الاستنتاج، و قد دون هذه الملاحظات في العديد من مؤلفاته، مشدداً على ضرورة الاستعانة بالتجارب، و اعتبارها حجر الأساس في أي نتيجة، و الدقة في تفسير نتائجها للوصول للمبدأ الفيزيائي أو الرياضي المطلوب.
بالنتيجة، فإن ابن الهيثم واحد من أعظم العلماء الذين قدمتهم البشرية على مر العصور، لما أحدثه من ثورة كبيرة في مفاهيم العلم، و انقلابه على الأفكار العلمية التقليدية، خصوصاً تلك المتعلقة ببطليموس و أرسطو و التي كانت تعتبر من المنزلات، أسهم بتطور علم البصريات و طور معه شقاً كبيراً بالرياضيات، شكل حجر أساس للعديد من العلماء في أوروبا في مراحل لاحقة من أجل دفع عجلة العلم أكثر و أكثر نحو الامام، و هوه كما وصفه عالم الفيزياء العراقي-البريطاني جيم الخليلي: أول عالم حقيقي!

كامل الدباغ
وبرنامج العلم للجميع
شخصيه عراقيه ستظل عالقه في الاذهان المرحوم كامل الدباغ ولد كامل أدهم الدباغ (1925) بالموصل شمال العراق وتوفي عام 2000، وتلقى فيها دروسه الأولية وحصل على ليسانس في العلوم من دار المعلمين العالية عام 1947 وعين في وظائف تدريسية وإدارية وأسهم في مؤتمرات علمية وتربوية في القاهرة ويوغسلافيا وإنكلترا وألمانيا وإسبانيا وشارك في تأليف كتب علمية في الفيزياء لمدارس ومعاهد عراقية وكتباً لهواة الكهرباء والراديو بلغت (30) مؤلفا علمياً مبسطاً للأطفال والأحداث، وترأس مجلة العلم والحياة للفترة بين عامي 1968-1978 وأعد برنامج الجديد في العلم في إذاعة بغداد إضافة إلى إضافة إلى إعداده وتقديمه لبرنامج (العلم للجميع) وهو الذي أدخل فكرة التوقيت الصيفي الذي طبق في العراق منذ عام 1981 ولغاية 2008. ولم يكن الدباغ مجرد مقدم برنامج تلفزيوني ناجح على أهمية هذا الوصف، بل كان قبل ذلك رجل علم وثقافة واسعة، وإن كان تخصصه الدقيق في علم الفيزياء، إذ كان خريجا لدار المعلمين العالية قسم الرياضيات والفيزياء، وكان في شبابه مولعا بقراءة الكتب العلمية والأدبية والروايات العالمية ودواوين الشعر، إلا أنه كان موسوعي المعرفة، واسع الإطلاع غزير الإنتاج، وعلى دراية كافية لما يتطلبه تقديم البرنامج عبر شاشة التلفاز فكان (العلم للجميع) له الأثر الكبير والبالغ على كل العراقيين. عاد إلى العراق بعد انتهاء مدة دراسته في أوروبا عام 1960، ولاحظ خلو منهاج التلفزيون من برامج علمية، فكتب رسالة إلى إدارة تلفزيون بغداد آنذاك اقترح فيها عليهم استحداث برنامج بهذا المضمون، يشجع على الابتكار والاختراع، فحصلت الموافقة بشرط أن يعده ويقدمه هو شخصياً، وحين ذهب إلى إدارة التلفزيون للمداولة بشأنه وجد البرنامج قد أدرج أصلا في منهاج التلفزيون الأسبوعي وكانوا ينتظرون منه أن يختار اسماً له فاختار (العلم للجميع) وبثت الحلقة الأولى منه بتاريخ 28 أيلول 1960 واستمر دون أي انقطاع لغاية آخر حلقة من البرنامج التي قدمها بتاريخ 11 آذار 1994، أي قرابة 34 عاماً من العطاء المتجدد والمستمر، قبل أن يعتزل العمل. ومن طريف ما يتعلق بالمرحوم الدباغ، أن شائعة كانت قد سرت في بغداد، في السبعينيات، مفادها أن كامل الدباغ أعلن في برنامجه موعد يوم القيامة!! فساد الهرج والمرج وارتبكت حركة الناس في الشوارع، ومن حسن الصدف إن تلك الشائعة أطلقت يوم أربعاء، موعد البرنامج، إذ سرعان ما طمأن الدباغ المشاهدين من أن ما تناقلته الألسن لا صحة له لأن موعد قيام الساعة من علوم الغيب التي أستأثر بها الخالق سبحانه وتعالى، فأطمأن الناس حينئذ، وهذا يدل على مدى التأثير الذي كان يحدثه برنامج العلم للجميع على الرأي العام العراقي
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى