مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* حركة ترجمة الغرب - الجاذبية والمغناطيسية - الموازين

اذهب الى الأسفل

* حركة ترجمة الغرب - الجاذبية والمغناطيسية - الموازين  Empty * حركة ترجمة الغرب - الجاذبية والمغناطيسية - الموازين

مُساهمة  طارق فتحي الأربعاء يناير 29, 2014 10:42 am

أما في الغرب، فقد أقبل المترجمون والمنتحلون على كتب ابن الهيثم التي بقيت منهلاً عامًا ينهل منه أكثر علماء القرون الوسطى مثل روجر بيكون وكبلر ودافينشي وويتلو وهوبكنز. ونقلت كتبه في الرياضيات والفلك والفيزياء إلى اللغات العبرية والأسبانية والإيطالية، أما اللغة اللاتينية فيبدو أن جيرار الكريموني (ت 583هـ، 1187م) قد نقل إليها كل كتاب المناظر لابن الهيثم، كما نقله ويتلو إلى اللاتينية عام 1270م. ومن أوائل من تأثروا بابن الهيثم في علم الضوء روبرت جروستست (ت 650هـ، 1253م) الذي يعد من رواد الحركة العلمية في الغرب. وكذلك ويتلو الذي ضمن أبحاثه عن الضوء كثيرًا من آراء ابن الهيثم؛ من ذلك الخزانة السوداء ذات الثقب و تعليل قوس قزح. كما نجد أن كتاب علم المناظر لجون بيكام (ت 691هـ، 1292م) ليس سوى اقتباس ناقص من كتاب المناظر لابن الهيثم. أما أعظم علماء الغرب الذين نهلوا من العلم العربي ثم حملوا نتاجه إلى أوروبا فهو روجر بيكون الذي درس العربية وشجع على تعلمها للأخذ من العلوم الفلسفية العربية. ونجد أن أبحاث ابن الهيثم في علم المناظر قد ألهمت الكثيرين من علماء أوروبا. وأن بعضًا من البحوث التي تنسب إلى المشهورين منهم قد وردت في مؤلفاته خاصة المناظر؛ فإن مستوى هذا الكتاب من منظور علمي، يفوق مستوى كثير من الكتب العلمية التي صنفها الغربيون في العصور الوسطى وبدايات عصر النهضة في أوروبا.

إسهام البيروني. كان البيروني ثالث ثلاثة ـ بعد ابن سينا وابن الهيثم ـ ازدهت بهم الحضارة العربية الإسلامية في الفترة من منتصف القرن الرابع الهجري إلى منتصف القرن الخامس الهجري. ويذهب بعض مؤرخي العلوم مثل الألماني إدوارد سخاو (ت 1348هـ،1930م) إلى ¸أن البيروني أعظم عقلية عرفها التاريخ·. وقد كان البيروني يرى في وحدة الاتجاه العلمي في العالمين الإسلامي والغربي اتحاد الشرق والغرب. وكأنه كان يدعو إلى إدراك وحدة الأصول الإنسانية والعلمية؛ فنجده يطري اليونانيين، ويطري العرب ولغتهم ـ على الرغم من أصله العجمي ـ ويشيد بالهنود، ويعدد مزايا كل شعب من هذه الشعوب، ودعا إلى أخذ العلم من أي مصدر أو لغة أو شعب. وقد كان يجيد الفارسية، واليونانية، والسريانية، والسنسكريتية إلى جانب العربية. وسعة اطلاعه على تراث هذه اللغات جعلته متمكنًا، على سبيل المثال، من انتقاد المنهج الذي اتبعه الهنود لأنه حسب رأيه مليء بالأوهام وغير علمي. كما مكّنه ذلك من بيان وجود التوافق بين الفلسفة الفيثاغورية والأفلاطونية والحكمة الهندية والكثير من مبادئ الصوفية.

يكاد يكون البيروني قد ألّف في كل فروع المعرفة التي عهدها عصره؛ فقد كتب في الرياضيات والفلك والتنجيم والحكمة والأديان والتاريخ والجغرافيا والجيولوجيا والأحياء والصيدلة. أما في مجال الطبيعيات فقد اهتم بالخواص الفيزيائية لكثير من المواد، وتناولت أبحاثه علم ميكانيكا الموانع والهيدروستاتيكا، ولجأ في بحوثه إلى التجربة وجعلها محورًا لاستنتاجاته. كما انضم مع ابن سينا إلى الذين شاركوا ابن الهيثم في رأيه القائل بأن الضوء يأتي من الجسم المرئي إلى العين. ومن جملة اهتماماته بالخواص الفيزيائية للمواد التي وردت في كتب متفرقة كالقانون المسعودي، و الجماهر في الجواهر وصفه للماس بأنه جوهر مُشِفّ وأنه صلد يكسر جميع الأحجار ولا ينكسر بها. وهذه صفة فيزيائية مميزة للماس حيث يستخدم حتى الآن لقطع الزجاج ويستخدم مسحوقه لصقل المعادن وتنعيمها. أما خشب الأبنوس عنده فإنه يضيء كاللؤلؤ، تفوح منه رائحة طيبة ولا يطفو على الماء لأن ثقله النوعي أكثر من واحد. كما يشير إلى أن كل الأحجار الكريمة ¸تطفو في الزئبق ما خلا الذهب فإنه يرسب فيه بفضل الثقل·. ومن أبرز ما قام به البيروني أنه توصل إلى تحديد الثقل النوعي لـ 18 عنصرًا مركبًا بعضها من الأحجار الكريمة مستخدمًا الجهاز المخروطي الذي سبق توضيحه. وقد استخرج قيم الثقل النوعي لهذه العناصر منسوبة إلى الذهب مرة، وإلى الماء مرة أخرى كما سبق أن ذكرنا. وله جداول حدد فيها قيم الثقل النوعي لبعض الأحجار الكريمة منسوبة إلى الياقوت على أساس الوزن النوعي للياقوت = 100 ثم إلى الماء.

وفي ظاهرة الجاذبية كان البيروني، مع ابن الحائك، من الرواد الذين قالوا بأن للأرض خاصية جذب الأجسام نحو مركزها، وقد تناول ذلك في آراء بثها في كتب مختلفة ولكن أشهر آرائه في ذلك ضمنها كتابه القانون المسعودي. انظر: الجاذبية والمغنطيس في هذه المقالة.

الجاذبية والمغناطيسية عند العرب
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:37
العلماء العرب ألَّفوا في الميكانيكا (علم الحيل) وزودوا كتبهم بالرسوم الإيضاحية. وهذا نموذج من كتاب الجامع لابن الرزاز الجزري.

الجاذبية والمغنطيس. بذل الإنسان منذ العصور الأولى جهدًا كبيرًا لكي يقف على ظاهرة الجاذبية الطبيعية، فقد كانت أمرًا يلاحظه ولكن لا يملك له تفسيرًا. وقد كانت لأرسطو طاليس (384 ـ 322 ق.م) أفكار ونظريات في الجاذبية سيطرت على التفكير العلمي السائد آنذاك، وكانت هذ الأفكار والنظريات من بين جملة الأسباب التي دفعت بعض العلماء المسلمين إلى دراسة هذا الموضوع ضمن موضوعات أخرى أكبر.

لعل أول من اهتم بعلم الجاذبية من المسلمين هو ابن الحائك (334هـ، 946م)، وهو يقرر في أحد مصنفاته بأن ¸… النار إلى فوق والهواء متموج يمنة ويسرة على وجه الأرض، والماء يتحرك ويسير سفلاً، والأرض واقفة راكدة لذا كانت أكثر من الثلاثة قبولاً، وكان تأثير الأجرام العلوية والعناصر السماوية فيها أكثر، وكانت على ما فاتها من الأجسام أغلب وأشد جذبًا من الهواء والماء من كل جهاتها. فهي بمنزلة حجر المغنطيس الذي تجذب قواه الحديد إلى كل جانب·.

هناك علماء آخرون أشاروا إلى ظاهرة الجاذبية؛ فثابت ابن قرّة ـ مثلاً ـ اكتشف أن الأجسام ذات الوزن النوعي الأثقل من وزن الهواء النوعي تنجذب من فوق إلى تحت؛ فالمدرة (الطين اليابس) تعود إلى أسفل لأن بينها وبين كلية الأرض مشابهة من حيث البرودة والكثافة والشيء ينجذب إلى ما هو أعظم منه. وشرح ذلك محمد بن عمر الرازي في أواخر القرن السادس الهجري بأننا "إذا رمينا المدرة إلى فوق، فإنها ترجع إلى أسفل، ومن ذلك نعلم أن فيها قوة تقتضي الهبوط إلى أسفل؛ لذا إذا رميناها إلى فوق أعادتها تلك القوة إلى أسفل". كما نجد أن ابن سينا قد ربط بين قوة اندفاع الجسم والسبب الذي أثار حركته.

تناول البيروني قوى الجاذبية في كتابه القانون المسعودي، فعنده "أن السماء تجذب الأرض من كل الأنحاء على السواء، إلا أن جذبها لكتلة الأرض أشد من جذبها للأجزاء الأخرى خاصة إذا لم تكن هذه الأجزاء متصلة بالأرض أو كانت بعيدة عنها، فحينئذ لا تتمكن السماء من جذبها إليها لأنها تكون خاضعة لمجال جذب الأرض لها"؛ وبذلك يشير إلى نوعين من الجاذبية هما: جاذبية السماء للأرض، وجاذبية الأرض لما فوقها وحولها؛ فالشيء ينجذب إلى النطاق الذي يقع في مجاله وإن كان هو ونطاقه منجذبيْن بدورهما إلى جرم السماء. والبشر بحكم وجودهم على سطح الأرض فهم منجذبون إليها، وهي بدورها منجذبة إلى السماء، ويبلغ ذلك الجذب أقصاه في باطن الأرض من حيث تنطلق الجاذبية الأرضية و¸الناس على الأرض منتصبو القامات على استقامة أقطار الكرة، وعليها أيضًا تزول الأثقال إلى السفل…·، ويعترض على القائلين بعدم دوران الأرض لأنها إذا دارت طارت من فوق سطحها الحجارة والأشجار، ويقول في هذا الصدد ¸إن هذا لا يقع لأنه لابد لنا من أن ندخل في الحساب أن الأرض تجذب كل ما عليها نحو مركزها·.

أدلى الخازن بدلوه في ظاهرة الجاذبية وخواص الجذب، تمامًا كما فعل في بحثه عن ظاهرة الضغط الجوي التي تحدث فيها قبل إيفانجليستا توريشلي بخمسة قرون. فقد أكد في كتابه ميزان الحكمة على العلاقة بين سرعة الجسم والمسافة التي يقطعها والزمن الذي يستغرقه. وقال إن الثقل هو القوة التي بها يتحرك الجسم الثقيل إلى مركز الأرض، وأن الجسم الثقيل هو الذي يتحرك بقوة ذاتية أبدًا إلى مركز الأرض فقط. وأنه إذا تحرك جسم ثقيل في أجسام رطبة فإن حركته فيها تكون وفق رطوباتها؛ فتكون حركته في الجسم الأرطب أسرع. وإذا تحرك في الجسم الرطب جسمان متساويان في الحجم متشابهان في الشكل مختلفان في الكثافة، فإن حركة الجسم الأكثر كثافة فيه تكون أسرع. كما أن الأجسام الثقال قد تتساوى أثقالها، وإن كانت مختلفة في القوة والشكل؛ فالأجسام المتساوية الثقل هي التي إذا تحركت في جسم واحد من الأجسام الرطبة من نقطة واحدة، كانت حركتها متساوية؛ أي أنها تقطع في أزمنة متساوية مسافات متساوية. والأجسام المختلفة الثقل هي التي إذا تحركت على هذه الصفة كانت حركاتها مختلفة.

اختراعات اخرى للعرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:36

أهدى هارون الرشيد عام 192هـ، 807م إلى الملك شارلمان ساعة نحاسية أدهشته، وكانت تُسقط بعد مضي كل اثنتي عشرة ساعة كرة صغيرة تحدث لدى اصطدامها برقاص معدني إيقاعًا جميلاً، وكان بها 12 حصانًا تقفز من 12 بوابة كلما دارت الساعة دورة كاملة. وأشهر الساعات إلى جانب هذه الساعة كانت ساعة الجامع الأموي، وكانت هذه الساعة تُسقط عند كل ساعة من ساعات النهار صنجتين من فمي بازين على طاستين مثقوبتين. أما بالليل فتجهز بمصباح يدور به الماء خلف زجاجة داخل الجدار، وكلما انقضت ساعة من ساعات الليل عم الزجاجة ضوء المصباح، ولاحت للأبصار دائرة متوهجة حمراء. ومن الساعات الشهيرة أيضًا ساعة مرصد سُرَّ مَنْ رأى، وكانت بها دُمى تظهر في أوقات ومواعيد ثابتة لتؤدي بعض الحركات. وقد اخترع أبو سعيد عبدالرحمن بن يونس المصري (ت 399هـ، 1009م) رقّاص الساعة (البندول) ثم تبعه كمال الدين الموصلي (ت 639هـ، 1242م) وأضاف أشياء كثيرة تتعلق بتذبذب الرقاص.

متفرقات ِحيَلِية أخرى. للعرب اختراعات أخرى صمموا بعضها بغرض التسلية، وبعضها الآخر للأغراض العملية، وكانت كلها، تعمل وفق نظام تلقائي أو شبه تلقائي. وكانت صناعة اللعب والدُّمى المتحركة منتشرة بكثرة لديهم، وقد أفرد لها ابن الرزاز الجزري مؤلفًا سماه الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل. وكذلك ألّف أبوعامر أحمد الأندلسي كتابًا باسم الباهر في عجائب الحيل. وقد وصفا فيهما أنواعًا كثيرة من الدُمى التي كانت تصنع من الشمع وخامات أخرى وكانت تتحرك بنفسها، وضمَّنا كتابيهما عددًا كبيرًا من الرسوم الإيضاحية التي تبيِّن تركيب هذه الدُمى والآلات وطبيعتها.

من أشهر من كتب وعمل في علم الحيل أبناء موسى ابن شاكر الثلاثة، وهم محمد والحسن وأحمد، وكان ذلك في أواسط القرن الثالث الهجري. وقد برعوا في الرياضيات والهندسة وعلم النجوم والموسيقى والحيل. بلغ أحمد في صناعة الحيل ما لم يبلغه أخواه، فقد كانت لديه مخيلة مبدعة قدّمت كثيرًا من المخترعات العملية للتدبير المنزلي، والألعاب الميكانيكية المدهشة للأطفال والأثقال وغيرها. من الآلات التي صنعها، دِنان تنزل منها كمية معلومة من السوائل، تعقب كل كمية منها فترة استراحة قصيرة، وآلات تمتلئ بالسوائل ثم تفرغها تلقائيًا، وقناديل ترتفع فيها الفتائل تلقائيًا ويصب فيها الزيت ذاتيًا أيضًا، ولا تنطفئ بفعل الهواء. كما اخترع آلة تحدث صوتًا بصورة ذاتية عند ارتفاع المياه إلى حد معين في الحقول عند سقيها، كما ابتكر عددًا من النافورات التي كانت تظهر صورًا متعددة بالمياه الصاعدة منها. ومن أعماله أيضًا خزانات للحمامات، والمعالف التي لا تستطيع الأكل أو الشرب منها سوى حيوانات صغيرة الحجم، ونافورات تندفع مياهها الفوارة على أشكال مختلفة. ومن إنجازاته بالمشاركة مع أخيه محمد في مرصد سُرَّ مَنْ رأى، آلة دائرية الشكل تحوي صور النجوم ورموز الحيوانات في وسطها وتدار بالقوة المائية، وكلما غاب نجم عن القبة السماوية ظهرت صورته في الخط الأفقي من الآلة. ومن الواضح أن هذا العمل يتطلب دراية واسعة بعلم الفلك إلى جانب علم الحيل. وكان من الطبيعي أن يستفيد علم الفلك من الآلات التي يخترعها أو يطورها العلماء المشتغلون بعلم الحيل. فقد طوّر العلماء المسلمون على سبيل المثال؛ البوصلة التي اخترعها الصينيون. وكان الصينيون يستخدمونها في أمور غير ذات صلة بالعلم كالسحر والخرافات، فأخذها المسلمون وجعلوا لها بيتًا استفادوا منه في الملاحة وأطلقوا عليه بيت الإبرة. كما كانت لديهم آلات للتطويع وتقطيع الحلقات، فقد استعمل نصير الدين الطوسي (ت 672هـ، 1273م) في مرصده في مراغة المحلّقة ذات الحلقات الخمس والدوائر من النحاس. كما اكتشفوا طريقة خاصة صنعوا بها الحلقة ذات القطر البالغ خمسة أمتار، وزادوا بذلك ثلاث حلقات على المحلقات الفلكية الموجودة؛ مما مكنهم من إجراء قياسات فلكية أخرى، ثم أضافوا مسطرة قياس الزوايا المعروفة باسم الأداد، وهي مسطرة تدور حول نقطة في طرفها وينتقل طرفها الآخر على دائرة ذات أقسام متساوية. وتوصل عباس بن فرناس (ت 260هـ، 873م) إلى صنع الزجاج من الرمال والحجارة، واخترع عددًا من الآلات الفلكية الدقيقة مثل الأداة المسماة ذات الحلق؛ وهي آلة تتكون من عدة حلقات متداخلة تعلق في وسطها كرة تمثل حركة الكواكب السيارة. كما اخترع آلة لقياس الزمن أطلق عليها اسم الميقاتة، إلا أن أشهر محاولاته في علم الحيل هي تلك المحاولة التي لقي فيها حتفه؛ فقد احتال لتطيير جسمه فمد لنفسه جناحين، ثم صعد إلى مكان عال أمام جمع غفير من أهالي قرطبة، واندفع في الهواء طائرًا دون أن يجعل لنفسه ذنبًا يحميه في هبوطه ويعطي لمقدم جسمه ومؤخرته نوعًا من التوازن، وحلّق مسافة ليست بالقصيرة ثم سقط على مؤخرته ومات. ولعله أول إنسان حاول الطيران في العالم.

الموازين عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:35

الموازين والثقل النوعي. أولى الفيزيائيون المسلمون الميزان عناية خاصة باعتباره أداة تتعدى وظيفتها الوزن؛ فقد أرادوه أداة عملية لتقدير الوزن النوعي للمعادن والسبائك. وكانوا يعدون الميزان من عجائب النسبة، واخترعوا موازين غاية في الدقة كانت نسبة الخطأ فيها أقل من أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرام. بل كانت لديهم موازين أدق من ذلك، إذ نجد أنه عندما وزن فلندرز بتري ثلاث قطع نقدية إسلامية قديمة، وجد أن الفرق بين أوزانها جزء من ثلاثة آلاف جزء من الجرام. ولا يمكن الوصول إلى هذه الدقة في الوزن إلا باستعمال أدق الموازين من النوع الذي ينبغي أن يوضع في صناديق زجاجية حتى لا تؤثر فيها تموجات الهواء، مع إعادة الوزن مرارًا. كما استخدموا ميزان القبان والميزان الحساس في وزن جميع السلع ابتداءً من المجوهرات وانتهاءً بالمحاصيل الزراعية. وصنَّفوا في الموازين مؤلفات قيمة؛ فلثابت بن قرّة كتابان أحدهما في استواء الوزن واختلافه وشرائط ذلك، والثاني في القرسطون (ميزان الذهب). ولأبي جعفر بن الحسن الخازن ميزان الحكمة الذي وصف فيه أشكالاً متعددة للموازين وصفًا دقيقًا مفصلاً. ومن الذين صنفوا مؤلفات في الميزان أيضًا، الكوهي، والفارابي وابن سينا، وقسطا بن لوقا، وابن الهيثم والجلدكي، واستخدموا لموازينهم أوزانًا منوعة. وأفضل كتاب في هذا المجال هو الذي وضعه عبدالرحمن بن نصر المصري للمراقب؛ أي المحتسب العام لأحوال السوق التجارية في عهد صلاح الدين الأيوبي. وكانت صناعة الموازين حرفة في حد ذاتها؛ ذلك لأن التجارة كانت أحد المصادر الرئيسية للاقتصاد الإسلامي. وأوكل إلى والي الحسبة مراقبة الموازين والمكاييل، وفحص وسائل الغش في صناعتها. وأهم السلع التي كانوا يتعاملون بالتجارة فيها الذهب، والفضة، والزبرجد، والياقوت، والماس. لذا تحروا الدقة في صنع موازينها، بل حددوا الثقل النوعي لكثير منها باستخدام أجهزة اخترعوها لهذا الغرض. ومن الطريف أن العرب عند بحثهم في خواص النسبة أشاروا إلى أن عمل القرسطون (القبان) هو من عجائب النسبة. فقد جاء في رسائل إخوان الصفا "… ومن عجائب خاصية النسبة ما يظهر في الأبعاد والأثقال من المنافع، ومن ذلك، يظهر في القرسطون؛ أعني القبان؛ وذلك أن أحد رأسي عمود القرسطون طويل بعيد من المعلاق والآخر قصير قريب منه. فإذا علق على رأسه الطويل ثقل قليل وعلى رأسه القصير ثقل كثير تساويا وتوازنا حتى كانت نسبة الثقل القليل إلى الكثير كنسبة بعد رأس القصير إلى بعد رأس الطويل من المعلاق…" والمعلاق هنا هو نقطة الارتكاز.

يتضح من الجدول التالي وبمقارنة القيم التي توصل إليها العالمان المسلمان ـ البيروني والخازن ـ بقيم الوزن النوعي التي حددت بالوسائل المعاصرة، أن قيمها قريبة جدًا من القيم الصحيحة:
المادة عند اليروني عند الخازن الوزن الحديث
الذهب 19,26 19,05 19,26
الزئبق 13,74 23,59 13,69
النحاس 8,92 8,83 8,85
النحاس الأصفر 8,67 8,58 نحو 8,4
الحديد 7,82 7,74 7,79
القصدير 7,22 7,15 7,29
الرصاص 11,40 11,29 11,35
اللازورد 3,91 3,76 3,90
الياقوت 3,75 3,60 3,52
الزمرد 2,73 2,62 2,73
اللؤلؤ 2,73 2,62 2,75
العقيق 2,60 2,50 يتراوح بين 2,5 و 2,7
الكوارتز (المرو) 2,53 2,58 2,58
وقد بنى الخازن كتابه ميزان الحكمة وكذلك ثابت بن قرة القرسطون على البراهين الهندسية، وكانت مسلماتهما نقطة الانطلاق في مؤلفات علماء النهضة في أوروبا. وهي مرحلة سابقة لكل من جاليليو في مؤلفه محاورات حول علمين جديدين، وإسحق نيوتن في عمله الكبير المبادئ الرياضية. ومن هذه المسلمات: 1ـ الأجسام الثقال قد تتساوى أثقالها وإن كانت مختلفة في القوة مختلفة في الشكل 2ـ الأجسام الثقال مختلفة القوى؛ فمنها ما قوته أعظم، ومنها ما قوته أصغر، 3ـ كل مسافتين يقطعهما متحركان في زمانين متساويين، فإن نسبة إحدى المسافتين إلى الأخرى كنسبة قوة المتحرك في المسافة المستوية إلى قوة المتحرك الآخر، 4ـ كل خط ينقسم بقسمين متساويين ويعلق في طرفيه ثقلان متساويان، فإن ذلك الخط إذا علق بالنقطة القاسمة له بنصفين، وازى الأفق. 5 ـ إن معرفة أوزان الأثقال المختلفة المقادير، تكون بتفاوت أجرام رطوبات يغاص فيها الموزون رقة وخثورًا.

بحث العلماء المسلمون أيضًا في الثقل النوعي، وعرَّفوا الثقل والخفة فقالوا إن الجسم إذا ما أخرج عن موضعه الطبيعي فاتجه نحو مركز الأرض؛ أي إلى أسفل يُسمّى ثقيلاً، أما إن هو اتجه نحو محيط العالم؛ أي إلى العلو سُمّى خفيفًا. واستنبطوا طرقًا لحساب الوزن النوعي واخترعوا له الآلات، وقاموا بحساب ثقل عدد من الأجسام حسابًا يقارب التقدير الذي وصل إليه المعاصرون وأحيانًا يطابقه، وهم أول من وصل إلى نسب حقيقية بين وزن الأجسام المختلفة وبين وزن الماء. وأول من بحث في الثقل النوعي سند بن علي في عهد المأمون (199ـ 218هـ، 814ـ 833م)، ومن الذين بحثوا هذا الأمر ابن سينا أيضًا. أما العالمان اللذان بزّا غيرهما في هذا المجال فهما البيروني والخازن. فقد قام البيروني بتحديد الثقل النوعي لبعض الفلزات والجواهر باستخدام جهاز مخروطي الشكل ذي مصب بالقرب من فوهته، بحيث يتجه هذا المصب إلى أسفل. وكان يزن الجسم المطلوب قياس وزنه النوعي وزنًا دقيقًا، ثم يدخله في جهازه المخروطي المملوء بالماء، وهنا يحل الجسم الذي أدخله في الجهاز محل حجم مساوٍ له من الماء الذي يفيض من المصب، بعد ذلك يقوم بوزن الماء المزاح، ومن ثم يحدد الوزن النوعي للجسم بحساب النسبة بين وزن الجسم ووزن الماء الذي أزاحه. ويعد الجهاز الذي اخترعه البيروني أقدم مقياس لتعيين كثافة المواد.

الميزان الحساس
اكتشف البيروني أن هناك تباينًا في الثقل النوعي للماء، فقد وجد أن الثقل النوعي للماء البارد يزيد على الثقل النوعي للماء الساخن بمقدار 0,041677؛ أي أن الماء يزيد حجمه بالتبريد بحوالي، 4,1667 %.
إلى جانب أبحاثه في الثقل النوعي للسوائل وغيرها، بحث البيروني في ميكانيكا الموائع؛ فشرح الظواهر التي تقوم على ضغط السوائل وتوازنها، وشرح كيفية تجمع مياه الآبار والمياه الجوفية بالرشح من الجوانب، كما تحدث عن كيفية فوران المياه وانبثاق النافورات وصعود مائها إلى أعلى.

أما الخازن فقد وصف ميزانًا غريب التركيب لوزن الأجسام في الهواء والماء، وقام باستخراج الوزن النوعي لكثير من المعادن والسوائل والأجسام الصلبة التي تذوب في الماء، ووضعها في جداول في غاية الدقة وصلت صحتها في بعض الأحيان إلى درجة التطابق مع الوزن الحديث. وقد أتقن قياس الثقل النوعي للسوائل حتى لم يتعد خطؤه فيه ستة من مائة من الجرام في كل ألفين ومائتي جرام. انظر بعض هذا القياس في الجدول المبيّن هنا.

يجب أن ننظر إلى النسبة التي توصل إليها الخازن على أنها دقيقة جدًا إذا ما أخذنا في الحسبان دقة الأجهزة العلمية الحديثة. كما أن الاختلاف الطفيف بين ما وصل إليه الخازن وما وصل إليه المعاصرون يمكن تعليله؛ فمياه البحر تختلف في مقدار ملوحتها. فالبحار الداخلية ـ كالبحر الميت وبحر قزوين ـ تكون نسبة ملوحتها أكثر، وبالتالي أثقل من مياه البحار المفتوحة كالمحيطات. كما أن الثقل النوعي للحليب يختلف باختلاف الأبقار والمراعي، ولم يذكر الخازن مياه البحر التي وزنها ولا نوع وعدد البقر الذي أجرى عليه التجارب.

علم الحيل والساعات. برع المسلمون في صنع الساعات التي تعمل بالماء والرمل والزئبق والشمع أو الأثقال المختلفة، كما اخترعوا الساعات الشمسية وأعطوها شكلاً دائريًا يتوسطه محور دائري آخر. واستطاعوا عن طريقها تحديد موقع الشمس والزمن ووضع التقاويم السنوية. وكانت الساعة الشمسية النقالة أو ساعة الرحلة كما كانوا يسمونها، أكثر اختراعاتهم أصالة في هذا المجال. كما اخترعوا نوعًا من الساعات الشمسية المنبِّهة التي كانت تعلن عن الوقت بصوت رنَّان وسُمِّيت الرخامة. كما صنعوا نوعًا من الساعات المائية كانت تقذف على رأس كل ساعة منها كرة معدنية في قدح، وتدور حول محور تظهر فيه النجوم أو رسوم أخرى، وما تلبث أن تبرق كلما جاوزت الساعة الثانية عشرة منتصف الليل وعندها يمر فوقها هلال مضيء.

ويوضح الجدول التالي نتائج قياسات البيروني للثقل النوعي لتسعة أنواع من المعادن منسوبة أولاً إلى الذهب وثانيًا إلى الماء، ومقارنتها بالقيم المعاصرة.

المعــدن الثقـل النوعي
منســوبـًـا إلى
أســاس الوزن
النوعي للذهب
= 100 الثقل النوعي
منســوبًا إلى
المــاء، عــلى
أساس الوزن
النوعي للماء
= 100 القيم العـلمــية
الحديثة للـثـقل
النوعي منسوبًا
إلى الماء
الذهب 100 19 يتراوح بين 19,258 و19,3
الزئبق 71 13,49 13,557
الرصاص 60,125 11,437 يتراوح بين 11,389 و11,445
الفضة 54,625 10,377 يتراوح بين 10,428 و10,474
الصفر 46,625 8,859 يتراوح بين 8,60 و8,92
النحاس الأحمر 45,666 8,676 يتراوح بين8,667 و8,726
توتياء النحاس 44,785 8,529
الحديد 41,72 7,92 يتراوح بين 7,6 و7,79
القصدير 37,63 7,15 7,291
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى