مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* العلوم عند العرب:التخدير- طب الاطفال - طب النساء - الطب النفسي -التشريح -الفيزياء - البصريات - الاصوات - الميكانيكا

اذهب الى الأسفل

*  العلوم عند العرب:التخدير- طب الاطفال - طب النساء - الطب النفسي -التشريح -الفيزياء - البصريات - الاصوات -  الميكانيكا  Empty * العلوم عند العرب:التخدير- طب الاطفال - طب النساء - الطب النفسي -التشريح -الفيزياء - البصريات - الاصوات - الميكانيكا

مُساهمة  طارق فتحي الأربعاء يناير 29, 2014 10:29 am

التخدير والانعاش عند المسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:50
التخدير والإنعاش. لم تقتصر إضافات العرب في مجال الطب الجراحي على إجراء عمليات لم يُجر مثلها من قبل، واستحداث أدوات جراحية جديدة فحسب، بل إنهم طوروا ما وصل إليهم من علم التخدير والإنعاش ممن سبقهم، ثم اكتشفوا طرقًا أخرى أضافوها لهذا العلم. إن التخدير العام بالاستنشاق أو بالحقن لم يعرف إلا منذ وقت قريب نحو سنة 1260هـ، 1844م. وما انتقل إلى العرب من محاولات التخدير لا يعدو أن يكون واحدًا من ثلاثة أشياء: 1ـ السحر والشعوذة 2ـ التبريد 3ـ إعطاء جرعات من مزيج مخفف للألم عن طريق الفم. ويعود الفضل إلى العرب في اكتشاف المرقِّد (المبنج) العام. وهناك من القرائن ما يدل على أن العرب كانوا أول من استعمل التخدير عن طريق الاستنشاق. وكان ذلك يتم عن طريق الإسفنج المخدر؛ فكانت توضع قطعة من الإسفنج في عصارة من الحشيش والأفيون والزُّؤان، ثم تترك في الشمس لتجف ثم تحفظ. وقبيل بدء العملية تخرج وترطب ثانية، وتوضع فوق أنف المريض وفمه، فتمتص الأنسجة المخاطية المبنجات، فيخلد المريض إلى نوم عميق أثناء إجراء العملية الجراحية. وكان هذا الاكتشاف فتحاً في مجال الطب الجراحي وأكثر رحمةً من المشروبات المسكرة التي استخدمها الهنود والرومان والإغريق، وكانوا يجبرون مرضاهم على تناولها كلما أرادوا تخفيف آلامهم.
وإلى جانب اكتشافهم الكبير، وهو استخدام المرقِّد، جرب العرب أدوية مبنجة أو مخففة للألم لأولئك الذين يخضعون أو خضعوا للعمل الجراحي. من ذلك اللُّفَّاح؛ وهو نوع من النبات غليظ الجذر أصفر طيب الرائحة، كما استخدموا القنب الهندي (الحشيش)، والشوكران؛ وهو عشب سام ذو رائحة غير مقبولة إذا فُرك بالأصابع، والخشخاش؛ وأنواعه كثيرة، والبنج؛ وينتمي إلى الفصيلة الباذنجانية ومعروف بخواصه المبنجة، وحشيشة ست الحُسن. وعلى الرغم من أن مادة الإِثير أدخلت إلى حقل التخدير الاستنشاقي بشكل منتظم منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، فإننا لا نعرف على وجه التحديد أول من اكتشف هذه المادة. إلا أن هناك من القرائن ما يشير إلى أن الفضل في ذلك يعود إلى العرب؛ فالعرب هم الذين اكتشفوا مادة الغول، وهم الذين اكتشفوا حمـض الكبريتيك (الزَّاج الأخضر). ثم أنهم أجروا تفاعلات وعمليــات تقطير بين الغول وحمض الكبريتيك، مما يقوي احتمال أن يكون العرب أول من اكتشف هذه المادة المهمة في التخدير. ولا غرو فإنهم اكتشفوا مادة الكحول وهي المادة الرئيسية لكل المبنجات السائلة والطيّارة المستخدمة في مجال حاليًا.
أما الإنعاش وإن لم يكن للعرب فيه خبرة واسعة إلا أنهم قد عرفوا مبادئه. فكانوا يدفعون كميات من الهواء عبر الرئتين بالضغط المتناوب، واستخدموا في ذلك المنفاخ. وتدلنا على ذلك القصة التي أوردها ابن أبي أصيبعة في كتاب طبقات الأطباء؛ وذلك أنه لما جاء نعي إبراهيم بن صالح، ابن عم الرشيد، استأذن الطبيب صالح بن بهلة الدخول على إبراهيم وهو في أكفانه ثم ما لبثوا أن سمعوا صوت ضرب بدن بكف ثم تكبيرًا، ثم استدعى صالح الرشيد وأخرج إبرة فأدخلها تحت ظفر إبهام اليد اليسرى للميت فجذب إبراهيم المسجّى يده إلى بدنه، فطلب الطبيب أن يجردوه من كفنه وطلب كندسًا (نوع من الدواء) ومنفخة من الخزانة، ونفخ في أنف إبراهيم لمدة ثلث ساعة، فاضطرب بعدها بدنه وعطس ثم هبّ مستيقظًا.

طب الاطفال عند المسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:52
طب الأطفال والولادة. عرف العرب الاختصاص الطبي، فكان هناك: الجراح ومجبِّر العظام، وطبيب الأسنان، والحجّام، والفصّاد، والكحّال، والمتخصص في الطب النفسي والعقلي، والبيطري، وأمراض النساء والولادة. وعلى الرغم من أننا لا نجد من اقتصر تخصصه على طب الأطفال، إلا أنهم كانوا ملمين إلمامًا طيبًا بهذا النوع من الطب إلى جانب درايتهم وتخصصاتهم الطبية الأخرى. ومنهم من اشتغل وكتب في هذا الحقل، فمنهم من بحث بطرف في علم الأجنة، والأمراض الوراثية، وهناك من وضع كتابًا خصصه للمولودين في سبعة أشهر وكيفية رعايتهم. كما بحثوا في الإرضاع والمرضع. وكان أول من كتب في طب الأطفال أبوبكر الرازي إلى جانب أنه كتب فصولاً مبتكرة في أمراض النساء والولادة، والأمراض التناسليّة. كما برعوا في دراسة أحوال العقم، وأشاروا إلى أن نوعًا منها ينشأ عن فقدان الوفاق النفسي والطبيعي بين الزوجين. وقالوا إذا انفصل الزوجان اللذان يعانيان هذا النوع من العقم، ثم تزوج كل واحد منهما زوجًا جديدًا فإنهما سينجبان.
الأطفال. اهتم الأطباء العرب بمراحل حياة الطفل منذ مولده، ولم يختلف تقسيمهم هذا كثيرًا عن تقسيم المحدثين. وتعرضوا لذكر أطوار الجنين في بطن أمه، وكيفية العناية به حالما يخرج إلى الحياة. كما حظي موضوع إرضاع الأطفال بنصيب وافر من العناية، فقد كتبوا فصولاً كثيرة في الخصائص التي ينبغي أن تتوافر في المرضع، ولبنها، وما عليها أن تتبعه من غذاء حتى يظل لبنها مغذيًا وصحيًا. وتحدثوا عن الأمراض التي تصيب الأطفال؛ كالإسهال والربو والبول في الفراش، والتشنج، والحَوَل، والقروح، والخراجات، والبثور، والتسنين، والقلاع، وأنواع الديدان، والأعصاب (شلل الأطفال)، والحُمَّيَات بأنواعها، والكزاز، وآلام الأذنين والعينين. ويعتبر كتاب الطبيب العربي أبو الحسن أحمد بن محمد الطبري (ت366هـ، 976م) أقدم مخطوط عربي موجود لدينا في طب الأطفال، نظرًا لعدم توافر نسخة عربية من مؤلف الرازي السابق، الذي توجد له ترجمات بالإيطالية والإنجليزية وقديمًا بالعبرية واللاتينية.
إلى جانب اهتمام الأطباء العرب وعنايتهم بالأطفال الذين يولدون لسبعة أشهر، اهتموا كذلك بالمواليد منذ الوهلة الأولى لمقدمهم، ولا يختلف كلام ابن سينا في هذا الصدد كثيرًا عما يستقبل به الطفل في المستشفيات الحديثة. فيذكر ابن سينا في الفصل الأول من الكتاب الأول من القانون ¸أن أول ما ينبغي على الطبيب عمله أن يبدأ بقطع السُّرة نحو أربع أصابع ويغسل جسمه، ويلبس ويقطَّر في عينيه وينظف منخره. وينبغي أن يوضع في مكان معتدل الهواء ليس ببارد ولا حار… ويجب أن يكون إحمامه بالماء المعتدل صيفًا وبالماء المائل إلى الحرارة غير اللاذعة شتاءً… ثم يقطر في أنفه الزيت العذب·. وأجمعوا على أن لبن الأم أفضل أنواع الحليب للطفل، وهذا ما يقرره الطب الحديث. وتطرقوا إلى نوع الغذاء الذي ينبغي أن تتناوله المرضع أثناء فترة الرضاعة، بحيث يكون ما تتناوله ذا قيمة غذائية متوازنة ومدرًا للبن ¸… فيجب أن يُعتنى بغذائها فيجعل من الحنطة ولحوم الخرفان والجداء والسمك·. كما نصحوا المرضع بالتوقف عن الإرضاع في أحوال معينة؛ كتعرضها لمرض مؤلم أو معد، أو إسهال شديد، أو احتباس للبول أو إمساك. كذلك تتوقف عن الرضاعة إذا أدت الضرورة أن تتناول دواء قوي المفعول حتى لا يتأثر الطفل بذلك، وهذا ما يؤيده الطب الحديث.
أما مدة الإرضاع، فقد حددوها بعامين، ولعلهم اهتدوا في ذلك بما ورد في القرآن ﴿والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة﴾ البقرة: 233. واشترطوا أن يكون الفطام في موسم اعتدال الطقس، فلا يكون في الصيف القائظ ولا الشتاء القارس. وهذا ما يؤيده الطب الحديث أيضًا؛ إذ إن ذلك يجنب الطفل الإصابة بالنزلات المعوية، حيث تقل كفاءة الجهاز الهضمي للطفل. ويجب أن يكون الفطام تدريجًيا كما يقول ابن سينا: "إذا جعلت ثناياه تظهر، نُقِل إلى الغذاء الذي هو أقوى بالتدريج من غير أن يعطى شيئًا صلب المضغ، ثم إذا فطم نقل إلى ما هو من جنس الحساء واللحوم الخفيفة، ويجب أن يكون الفطام بالتدريج لا دفعة واحدة". كما أشاروا إلى أنه ينبغي إذا تدرّب الطفل على المشي فلا يُمَكّن من الحركات العنيفة، "ولايجوز أن يحمل على المشي والقعود قبل انبعاثه إليه بالطبع؛ فيصيب ساقيه وصلبه آفة".

طب النساء والولادة عند المسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:53
النساء والولادة. تناول الأطباء المسلمون الأمراض التي تعرض للنساء تناولاً ينم عن سعة اطلاع وعمق استنتاج. فقد تحدّثوا عن اضطرابات الطمث والدورة الشهرية، والآلام المرافقة لذلك، وتشريح الرحم وأمراضه. وكتب الرازي في أمراض النساء والولادة، وضمَّن ابن سينا الجزء الثالث من قانونه الحادي والعشرين كلامًا مفصلاً عن أمراض النساء والولادة بما في ذلك مختلف الأمراض التي تعرض للرحم ومسبباتها، والحامل وما يعتريها أثناء الحمل والولادة. ونجد في الفصل الأول من المقالة الأولى وصفًا تشريحيًا دقيقًا للرحم، وأنه "آلة التوليد التي للإناث... وليس يستتم تجويفها إلا عند استتمام النُّمو... لأنه يكون قبل ذلك معطلاً ولا يحتاج إليه... وموضعها خلف المثانة... ومن قدام المعى، وطولها المعتدل في النساء ما بين ستة أصابع إلى أحد عشر إصبعًا... والرحم تغلظ وتثخن وكأنها تسمن، وذلك في وقت الطمث، ثم إذا طهرت ذبلت ويبست. ولها أيضًا ترفق مع عظم الجنين، وانبساطها بحسب انبساط جثة الجنين. ورقبة الرحم عضلية وفيها مجرى محاذية لفم الفرج... ومنها تبلغ المني، وتقذف الطمث، وتلد الجنين، وتكون في حالة العلوق في غاية الضيق" وشرح ابن سينا وغيره آلية الولادة وكيفية خروج الجنين طبيعيًا بنزول رأسه أولاً، والولادة غير الطبيعية ـ القيصرية ـ بخروج الرجلين أولاً. وقد أجرى الأطباء المسلمون عمليات قيصرية ناجحة. وكتبوا عن العقم وأسبابه، وعزوه إلى أسباب في الرجل وأسباب في المرأة. وعزاه ابن سينا إمّا لسبب "في مني الرجل أو مني المرأة، وإما في أعضاء الرحم، وإما في أعضاء القضيب وآلات المني. أو السبب في المبادئ، كالغم والخوف والفزع، وأوجاع الرأس وضعف الهضم والتخمة وإما لخلط طارئ". قالوا إن من العقم ما يعود إلى العوائق الآلية في عنق الرحم من تشنج أو تضييق أو بسبب ندب، أو انسداد، أو انقطاع الطمث، أو انقلاب الرحم، أو أمراض الرحم من ورم وقروح وزوائد لحمية. ومن هذا القبيل ما قال به ابن سينا "أما السبب في الرحم فإما سوء مزاج مفسد للمني أو مُضْعِف للقوة الجاذبة للمني ... أو مانع إياه عن الوصول لانضمام من الرحم. أو التحام من قروح أو لحم زائد ثؤلولي... أو يعرض للمني في الرحم الباردة الرطبة، ما يعرض للبذور في الأراضي النزَّة، وفي المزاج الحار اليابس ما يعرض في الأراضي التي فيها نورة مبشوشة، وإما لانقطاع المادة وهو دم الطمث... وإما لميلان فيه (أي الرحم)، أو انقلاب... أو لشدة هزال البدن... أو آفة في الرحم ومن ورم وقروح... وزوائد لحمية مانعة". أما السبب عند الرجل فقد أرجعوه إلى ضعف أوعية المني أو ضعف قوتها المولدة للمني، أو بسبب قصر القضيب نفسه، أو لاعوجاجه فلا يزرق المني في فم الرحم. والمتمعن في كل ما سبق، يجد أن معظم ما وصفه الأطباء العرب من أسباب للعقم، قال بها العلم الحديث وزاد عليها من واقع التطور.
بحث الأطباء المسلمون أيضًا في الحمل والوضع، وتطور الجنين داخل الرحم بعد الإخصاب، وشكاوى الحمل ومخاطره والتغيرات التي تطرأ على الحامل، ووجوب مكافحة الإمساك بالملينات لا المسهلات، وأنواع الأطعمة التي ينبغي أن تتناولها الحامل، والابتعاد عن اضطرابات المعدة، وبضرورة ممارسة نوع من الرياضة المعتدلة المتمثلة غالبًا في المشي دون إفراط، واجتناب الحركة المفرطة، والوثب، والضرب، ومراعاة الجانب النفسي لديهن "ولا يورد عليهن ما يغمهن ويحزنهن، ويبعد عنهن جميع أسباب الإسقاط وخصوصًا في الشهر الأول... ويجب أن تشتد العناية بمعدتهن". كما شخصوا أعراض مانسميه الآن بالحمل الكاذب (الرحا). وبينوا الصفات التشريحية المرضية له، فمثلاً يقول ابن سينا: "إنه ربما تعرض للمرأة أحوال تشبه أحوال الحبالى من التباس دم الطمث وتغيير اللون وسقوط الشهوة، وانضمام فم الرحم. ويعرض انتفاخ الثديين وامتلاؤهما وربما عرض تورمهما، وتحس في بطنها بحركة كحركة الجنين وبحجم كحجم الجنين... وربما عرض طلق ومخاض ولا يكون مع ذلك ولد؛ وربما كان السبب فيه تمددًا وانتفاخًا في عروض الطمث، ولا تضع شيئًا".
تحدث الأطباء المسلمون عن عسر الولادة، وبينوا أن ذلك يعود إلى واحد من: 1ـ الحامل، 2ـ الجنين، 3ـ الرحم، 4ـ القابلة، 5ـ أسباب أخرى. وبينوا تفاصيل مسؤولية كل واحد منها في عسر الولادة. وبحثوا في أنواع أمراض الرحم من أورام حميدة وخبيثة، وهبوط الرحم وتشوهاته وسيلاناته ونزفه. ولم تغب عنهم الأدوية التي تعالج كلاً من هذه الأمراض سواء أكانت عقاقير عشبية، أم حِمْيات غذائية أو أبخرة أو مسهلات منقية. وتكلم ابن سينا بإسهاب عن آفات وضع الرحم وأورامها. ونتوء الرحم وانقلابها وميلانها واعوجاجها، وكذلك الورم الحار في الرحم والورم البلغمي والورم الصلب.

الطب النفسي عند المسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:54
الطب النفسي. لم يقتصر الطب عند العرب والمسلمين على العلاج العضوي فحسب، بل تعدّاه إلى العلاج النفسي. وكانوا يرون الوهم والأحداث النفسية من العلل التي تؤثر في البدن. لذا نجد أن إخوان الصفا أشاروا إلى إعطاء المريض الفرصة ليسرد أحوال علّته وأسبابها كما يشعر بها هو، ثم يشرع الطبيب بعد ذلك في محاولة إزالتها ورفع الوهم المسيطر على المريض والتقليل من شأن المرض. وقد خصص الأطباء جناحًا في كل مستشفى كبير للأمراض العصبية والعقلية. وأشار الرازي إلى أهمية العامل النفسي في العلاج، وكان أول طبيب يتوصل إلى الأصول النفسية لالتهاب المفاصل الروماتيزمي. وقد فرق بينه وبين مرض النقرس.. وقرر أنه مرض جسدي في ظاهره إلا أنه ناشئ عن الاضطرابات النفسية، وأن أكثر من تظهر عليهم هذه الأعراض من أولئك الذين يكظمون الغيط؛ وبتراكمه يتعرضون لهزات نفسية كبيرة. بل إن الرازي رأى أن بعض أنواع سوء الهضم تنشأ عن أسباب نفسية؛ فقد "يكون لسوء الهضم أسباب بخلاف رداءة الكبد والطحال، منها حال الهواء والاستحمام ونقصان الشرب، وكثرة إخراج الدم والجماع والهموم النفسانية. وينبغي للطبيب أن يوهم المريض بالصحة ويُرجّيه بها، وإن كان غير واثق بذلك. فمزاج الجسم تابع لأخلاق النفس". وكتب بعض الأطباء رسائل ومؤلفات في الصحة النفسية، فكتب ابن عمران كتابًا عن المالنخوليا، كما كتب ابن ميمون (ت 415هـ، 1024م) رسالة سماها الرسالة الأفضلية تبحث في الحالات النفسية المختلفة كالغضب والسرور والحزن وأثرها في الصحة، وأشار إلى أن علاجها يتم برياضة النفس وتقويتها. وتدل هذه الرسالة على أنه قد أدرك فائدة تسخير قوى النفس في علاج أمراض البدن. وقد كان المجال الذي سلكه أبوعمران موسى بن ميمون في الطب النفسي نقلة نوعية نستشفها من قول الشاعر:
أرى طب جالينوس للجسم وحده وطب أبي عمران للعقل والجسم
كما أدلى ابن الهيثم بدلوه في هذا الشأن عند حديثه عن الموسيقى، فقد كتب عن تأثير الموسيقى في الإنسان والحيوان. ومما يُسجَّل للطبيب العربي في هذا المجال سبقه في استخدام الموسيقى والإيحاء في علاج الأمراض النفسية، وليس بعيدًا أن يكون هناك أطباء عرفوا مبادئ التحليل النفسي ووقفوا من خلاله على عدد من الحقائق المرضية. فنجد أن ابن سينا قد عالج في جرجان أحد أبناء الأمراء بعد أن استعصى علاجه على جميع الأطباء. وتوصل عن طريق الاستقصاء إلى أن الفتى لم يكن به أي مرض عضوي وأنه مشغوف بإحدى فتيات حي معين. وبملاحظة اضطراب نبض الفتى توصل ابن سينا لمعرفة اسم الحي واسم الفتاة. ونظير ذلك ما تردد من قصة علاجه أحد أمراء بني بويه الذي كان قد أصيب بمرض عصبي امتنع معه عن تناول الطعام، وتوهم أنه صار بقرة وينبغي ذبحه. فلما عُرِض عليه أخذ شفرة حادة، وتقدم نحو الأمير وأضجعه موهمًا إياه أنه يريد ذبحه وهو مستسلم. وعند لحظة معينة صاح ابن سينا بصوت مرتفع "هذه بقرة نحيفة هزيلة، أعلفها أولاً حتى تسمن". وهنا بدأ الأمير في الأكل بشراهة، وكان ابن سينا يدسّ في طعامه الدواء حتى تم له الشفاء. وقد عزا ابن سينا بعض حالات العقم إلى عدم التوافق النفسي بين الزوج والزوجة. وممن اهتموا بالبحث في الأمراض النفسية أبوالبركات هبة الله ابن ملكا (ت 561هـ، 1165م). وقد حاول جادًا استحداث علاج لها، ونجح في ذلك إلى حد أدهش علماء الطب في القرن السادس الهجري، الثاني عشر الميلادي، وصارت نظرياته في هذا الميدان متداولة بين أطباء العالم في زمانه.

علم التشريح عند العرب والمسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 21:55
التشريح. كان التشريح عُدّة الطبيب الجراح. وصرّح الأطباء المسلمون أن الجراح ينبغي أن يكون عالمًا بالتشريح، ووظائف الأعضاء ومواضعها "ليجتنب في فتح المواد قطع الأعضاء وأطراف العضل والأوتار والألياف". ولا شك أن الجراحين المسلمين اعتمدوا كثيرًا في فقههم الجراحي على ما ترجموه من اللغة اليونانية وبخاصة كتاب جالينوس الذي ترجم بعنوان قاطاجانس في الجراحات والمراهم. وكانت معرفة الجراحين بهذا الكتاب أمرًا إلزاميًا، لأن الطبيب ينبغي أن يكون واعيًا بكيفية فتح البدن والخياطة واستعمال المراهم وعيًا كاملاً. ومن الكتب الأخرى التي ترجمها المسلمون لجالينوس في التشريح: اختصار كتاب مارنيس في التشريح؛ في تشريح الحيوان الحي؛ في تشريح الحيوان الميت؛ علم أبقراط في التشريح؛ تشريح الرحم؛ تشريح العين؛ تشريح آلات الصوت. وقد ساعدت هذه الترجمات وغيرها المسلمين في علم التشريح ومنافع الأعضاء، ثم استفادوا منها في علم الجراحة. وكان على رأس الاختبارات التي يؤديها الطبيب اختبارًا في علم التشريح يسمى محنة. فعلى سبيل المثال، يقول الرازي في كتابه محنة الطبيب: "فأول ما تسأله عن التشريح ومنافع الأعضاء، وهل عنده علم بالقياس وحسن فهم ودراية في معرفة كتب القدماء، فإن لم يكن عنده ذلك، فليس بك حاجة إلى امتحانه في المرضى. وإن كان عالمًا بهذه الأشياء، فأكمل امتحانه حينئذ في المرضى". وقد برع ابن طفيل (ت 581هـ،1185م) في تشريح الأجسام الميتة والحية؛ وقد شرَّح ظبية حيّة وشق عن قلبها، وذكر أن الدم الموجود في القلب كالدم الموجود في سائر الجسد، وأنه متى سال من الجسم جمد.
شرَّح الأطباء المسلمون عيون الحيوانات، واكتسبوا من ذلك خبرة. وقد وضع ابن عيسى رسالة في تشريح العين وأمراضها الظاهرة والباطنة، ترجمت إلى اللاتينية، وكانت ذات أثر بالغ إبان ما اصطلح عليه في أوروبا القرون الوسطى.
ولم يقْدم الأطباء المسلمون على عمليات تشريح الجسد البشري، ولعل ذلك يعود إلى أسباب دينية أو إنسانية أو اجتماعية. لكن هناك من يقولون إن بعضهم قد مارس ذلك سرًّا، ويستدلون على ذلك بدليلين؛ أولهما أنهم وصفوا أجزاء الجسم البشري ـ كالعين والقلب والكبد ـ وصفًا بالغ الدقة، وثانيهما أنهم خرجوا بآراء تخالف آراء كثير من الأطباء اليونانيين، وبينوا خطأهم في بعض ما ذهبوا إليه. فعلى سبيل المثال، نجد أن ابن النفيس ينتقد آراء جالينوس في التشريح، وكذلك آراء ابن سينا الذي قال بآراء جالينوس؛ فقد وجد من خلال تشريحه للقلب والحنجرة أن هناك صلة بين التنفس والنبض، أو بين التنفس وانتقال الدم إلى القلب من الرئتين. فأظهر أخطاء جالينوس وابن سينا فيما يختص بتركيب الرئتين ووظيفتهما، وكذلك وظيفة الأوعية الشعرية التي تربط بين الشرايين والأوردة ووظيفة الحويصلات الرئوية والعروق الممتدة بين الرئة والقلب.

الفيزياء وعلومها ومؤلفاتها
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:28
تواريخ مهمة في الفيزياء
على الرغم من اهتمام العرب والمسلمين بالفيزياء، إلا أن ذلك الاهتمام لم يرق إلى ما نالته الكيمياء من عناية. فقد بدا علم الكيمياء لديهم مستقلاً واضحًا منذ مطلع نهضتهم العلمية، أما الفيزياء فقد كانت تمثل جانبًا من الرياضيات حينًا أو فرعًا من فروع علم ما وراء الطبيعة حينًا آخر. لذا نجد أن كثيرًا من المعلومات التي أدلوا بها حول علم الميكانيكا مبثوثة في كتب الفلسفة، وليس في كتب العلوم كما قد يتبادر إلى الذهن، لأنهم اعتبروا أن فكرة الزمان والمكان والحركة كلها أفكار تنتمي إلى الفلسفة. ولهم في مختلف فروع هذا العلم ملاحظات كثيرة صائبة وملاحظات أخرى غير صائبة مبثوثة في تصانيف كثيرة متنوعة. ولا ينبغي أن يتبادر للذهن أنهم كانوا متأخرين في هذا العلم لأنهم لم يعتنوا به عنايتهم بالكيمياء، فهم في هذا العلم قد بزُّوا الأمم المعاصرة لهم في كثير من فروعه مثل البصريات، والميكانيكا. كما خرجوا بآراء طيبة في الجاذبية والمغنطيس، والصوت الذي طبقوا مبادئه على علم الموسيقى، والثقل النوعي وغير ذلك. وقام علماء أفذاذ بطرح نظريات جديدة وبحوث مبتكرة. وكان من بين هؤلاء العلماء أبناء موسى بن شاكر وابن الهيثم والبيروني وابن سينا والخازن وغيرهم.
أخذ العرب مبادئ علم الفيزياء من اليونان؛ فقد ترجموا كتاب الفيزيكس لأرسطو، وكتاب الحيل الروحانية و رفع الأثقال لأيرن، وكتاب الآلات المصوتة على بعد 60 ميلاً لمورطس. كما اهتموا بمؤلفات أرخميدس وهيرون، وطوَّروا نظرياتهما وأفكارهما في علم الميكانيكا. وبينما كان اليونانيون يعتمدون كليًا على الأفكار الفلسفية المجردة والاستنباط العقلي، نجد أن العلماء العرب والمسلمين اعتمدوا على التجربة والاستقراء، وتبنوا الطريقة العلمية في البحث والاستقصاء، وطوروا ما ورثوه عن اليونانيين معتمدين على التجربة العلمية التطبيقية. وقد أكسبت هذه الطريقة أعمالهم العلمية الوضوح، ثم الانطلاق والإبداع الذي عرفت به منجزاتهم في مجال الطبيعة والكيمياء والطب والصيدلة وخلافها.
ألّّف العلماء المسلمون فصولاً متخصصة وأحيانًا متناثرة في علم السوائل وكيفية حساب الوزن النوعي لها؛ إذ ابتدعوا طرقًا عديدة لاستخراجه. وتوصلوا إلى معرفة كثافة بعض العناصر، وكان حسابهم دقيقًا مطابقًا ـ أحيانًا ـ لما هو عليه الآن أو مختلفاً عنه بفارق يسير. وكانت بحوثهم في الجاذبية مبتكرة، وتوصل بعضهم مثل البوزجاني إلى أن هناك شيئًا من الخلل في حركة القمر يعود إلى الجاذبية وخواص الجذب، وقد كانت هذه الدراسات، على بساطتها، ممهدة لمن أتى بعدهم ليكتشف قانون الجاذبية ويضع أبحاثها في إطار أكثر علمية. كما بحثوا في الضغط الجوي؛ ويبدو ذلك فيما قام به الخازن في ميزان الحكمة. كما أن للمسلمين بحوثًا شيقة في الروافع. وقد تقدموا في هذا الشأن كثيرًا، وكانت لديهم آلات كثيرة للرفع كلها مبنية على قواعد ميكانيكية تيسر عملية جر الأثقال كما استخدموا موازين دقيقة جداً، وكان الخطأ في الوزن لا يعدو أربعة أجزاء من ألف جزء من الجرام. وكتبوا في الأنابيب الشّعريَّة ومبادئها، وتعليل ارتفاع الموائع وانخفاضها مما قادهم إلى البحث في التوتر السطحي وأسبابه، وهم الذين اخترعوا كثيرًا من الأدوات الدقيقة لحساب الزمن والاتجاه والكثافة والثقل النوعي.
أما فيما يخص البصريات فيمكن الجزم بأنه لولا إسهام المسلمين فيه، والنتائج التي ترتبت على ذلك، لما تقدم كثير من العلوم الحديثة مثل الفلك والطبيعة والضوء. على رأس من يذكرهم تاريخ العلم في هذا الصدد الحسن بن الهيثم، الذي كانت أبحاثه وأعماله في هذا المجال المرجع المعتمد لدى أهل أوروبا حتي وقت متأخر، وإليه يُعزى أول بحث عن أقسام العين وكيفية الإبصار واكتشاف ظاهرة الانعكاس الضوئي، والانكسار الضوئي أو الانعطاف.
كما بحث المسلمون في كيفية حدوث قوس قزح وسرعة الضوء والصوت. وعرفوا أيضًا المغنطيس واستفادوا منه في إبحارهم، ومن المحتمل أن بعض العلماء قد أجرى التجارب البدائية في المغنطيسية. وبالجملة كانت المعلومات عن الميكانيكا، والبصريات والضوء والصوت وخلافها من مباحث علم الطبيعة، مبعثرة لا رابط بينها. وكانت تُبحث قبلهم من منظور يستند إلى المنهج العقلي والبحث الفلسفي، وكان المغلوط فيها أكثر من الصواب؛ حتى الفكرة الأولية التي تقول إن للضوء وجودًا في ذاته، لم تكن من الأمور المسلم بها، ولم يصبح علم الضوء علمًا له أهمية إلا بعد أن بحث فيه المسلمون. واستنتج العلماء المسلمون نظريات جديدة وبحوثًا مبتكرة لبعض المسائل الفيزيائية التي طرحها اليونان من جانب نظري بحت، فتوصلوا من خلال بحثهم، إلى بعض القوانين المائية، وكانت لهم آراء في الجاذبية الأرضية، والمرايا المحرقة وخواص المرايا المقعّرة، والثقل النوعي، وانكسار الضوء وانعكاسه وعلم الروافع.

البصريات عند العرب والمسلمين
مُساهمة  طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:29
البصريات. عرف علم البصريات عند العرب باسم علم المناظر. وكان المسلمون قد أخذوا أطراف هذا العلم من اليونانيين إبان حركة الترجمة الأولى التي كان من بينها الكتب المتعلقة بعلم المناظر؛ وقاموا بشرحها والتعليق عليها وتصحيح ما جاء فيها من أخطاء. وقام علماء مسلمون قبل ابن الهيثم بالتأليف في هذا العلم مثل الكندي والرازي وإبراهيم بن سنان، إلا أن هذا العلم لم يأخذ سمَتَه العلمية إلا على يدي الحسن بن الهيثم في مستهل القرن الخامس الهجري، الحادي عشر الميلادي. واتبع العلماء المسلمون في بحوثهم كلها ـ وما يتعلق بالضوء منها خاصة ـ منهجًا علمياً بنوه على الاستقراء كثيرًا، وعلى الاستنباط أحيانًا، وكانوا يلجأون في ذلك كله إلى القياس بعد المشاهدة والملاحظة. ولربما بالغوا أحيانًا في اعتماد التجارب، حتى أن عالمًا مثل ابن الهيثم كان يعيد إجراء التجارب على عدد من الأمور التي كان اليونانيون قد جربوها واستخرجوا لها القواعد.
في بادئ الأمر كان لابد أن يتأثر علم المناظر برؤى المنقول عنهم. وفي موضوع الإبصار كان لدى المسلمين ثلاثة مذاهب هي: المذهب الرياضي، والمذهب الطبيعي، ومذهب الحكماء الفلسفي؛ فالرياضيون يقولون إن الإبصار يحدث بشعاع يخرج من العينين على هيئة مخروط، رأسه عند مركز البصر وقاعدته سطح المبصر. أما الطبيعيون، من أمثال ابن سينا، فيخطّئون الرياضيين ويقولون إن الإبصار إنما يكون بالانطباع؛ وذلك بصورة ترد من المُبْصَر (الجسم) إلى البصر ومنها يدرك البصر صورة الجسم. أما المذهب الفلسفي فيقول إن الإبصار ليس بالانطباع ولا بخروج الشعاع من العينين على هيئة مخروط، بل إن الهواء المشف الذي بين الرائي والمرئي يتكيف بكيفية الشعاع الذي في البصر، ويصير بذلك آلة للإبصار. بعد أن أدلى ابن الهيثم بدلوه في هذا الموضوع تبدلت الصورة واتخذ الأمر منعطفًا جديدًا، على الرغم من أنه قبل بعض المقولات السابقة، وعلى الرغم من مخالفة بعض آرائه لمسلمات العلم الحديث.
ابن الهيثم وآراؤه في الضوء والبصريات. رفض ابن الهيثم (ت 429هـ، 1038م) التسليم بكثير من آراء السابقين له في الضوء والبصريات مثل أقليدس وبطليموس. وعلى الرغم من أن أقليدس قد سبقه في تناول أحد شطري قانون الانعكاس، كما سبقه بطليموس إلى دراسة الانعطاف، إلا أن ابن الهيثم عُني بعلم المناظر عناية بزّ بها من قبله، ومهّد الطريق لمن بعده؛ فلم تتحقق القياسات الموضوعية لزوايا السقوط والانكسار إلا عام 988هـ، 1580م على يد تيخو براهي وكاسيني عام 1072هـ، 1661م وحققا ذلك على النمط الذي خططه ابن الهيثم. ويعد ابن الهيثم من أعظم علماء عصره قاطبة في جميع فروع المعرفة وبخاصة الفيزياء، ويعد العالم الذي أسس علم البصريات وأقام دعامته. وقد نال شهرة كبيرة بكتابه المناظر الذي يحتوي على اكتشافات جديدة في الفيزياء ودراسات عميقة في انكسار الضوء وانعكاسه. وكان السابقون له في علم البصريات يؤمنون أن الإبصار يتم بخروج شعاع من البصر إلى المبصر. لا يعني هذا أن ابن الهيثم رفض كل ما جاء به من سبقه، فهو يقبل منهم تعريف الضوء الذي يقول إنه "حرارة نارية تنبعث من الأجسام المضيئة بذاتها كالشمس والنار". والضوء في رأيه نوعان عرضي يصدر من الأجسام المضيئة بغيرها؛ أي التي تعكس الضوء كالقمر والمرآة، والأجسام الأخرى التي في مقدورها أن تعكس الضوء. والثاني ذاتي يصدر عن الأجسام المضيئة من نفسها؛ كالشمس والنار والجسم المتوهج. وتناول كيفية امتداد الأضواء وانعكاسها وانعطافها، كما استقرأ الأحكام المتعلقة بذلك، وكان يدلل على صدق آرائه بالبرهان الهندسي
يرى ابن الهيثم أن الضوء شيء ماديّ؛ لذا فهو يرتد (ينعكس) إذا وقع على الأجسام الصَّقيلة "فالضوء إذا لقي جسمًا صقيلاً فهو ينعكس عنه من أجل أنه متحرك، ومن أجل أن الجسم الصقيل يمانعه، ويكون رجوعه في غاية القوة، لأن حركته في غاية القوة، ولأن الجسم الصقيل يمانعه ممانعة فعالة". وكان يقوم بالتجريب لإثبات فرضياته، فقد قام من أجل إثبات قانون الانعكاس بشطريه بأخذ كرات من الحديد وأسقطها من ارتفاعات مختلفة ليقف على مقدار ارتدادها، ويثبت أن زاوية السقوط تساوي زاوية الانعكاس. هذه التجارب التي أطلق عليها ابن الهيثم اسم الاعتبار تكشف عن رؤية من قبيل نظرية الجسيمات في الضوء التي جاء بها نيوتن في القرن السابع عشر الميلادي. فالضوء يتركب من دقائق متناهية الصغر، وعندما تنتشر إما أن تنعكس عن الأجسام الصقيلة أو تنكسر في الأجسام المشفة. وعندما تحدّث ابن الهيثم عن انعطاف الضوء وهو ما نسميه حاليًا انكسار الضوء، رأى أن ذلك لا يتم آنياً؛ أي أن انتقاله في الوسط المشف لا يكون دفعة واحدة وفي غير زمان، بل إنه يستغرق زمنًا معينًا محدودًا بسرعة معينة، وأن سرعته في المشف الألطف أعظم من سرعته في المشف الأغلظ، و "إذا كان الثقب مستترًا، ثم رفع الساتر فوصول الضوء من الثقب المقابل، ليس يكون إلا في زمان، وإن كان خفيًا على العين". وهذا ما نعلمه اليوم. عارض ديكارت (ت. 1062هـ،1650م) هذه النظرية بعد 500 عام من وفاة ابن الهيثم حيث قال "إن مادة الهواء ممتدة من الثقب حتى السطح المقابل له حيث يرى الضوء منعكسًا مثل عصا الأعمى إذا لمس شيء مقدمتها أحس به الأعمى في الطرف الذي في يده فورًا دون زمان". وأخذ كثير من العلماء برأي ديكارت حتى منتصف القرن التاسع عشر عندما أثبتت التجارب أن للضوء سرعة مقدارها 300,000كم في الثانية.كما وجد ابن الهيثم أن هناك خصائص حيلية (ميكانيكية) في انعكاس الضوء وانكساره؛ فقد لاحظ أن بين امتداد الضوء وانطلاق الجسم المادي في الهواء شبهًا، إلا أن في الجسم المنطلق قوة تحركه إلى أسفل. ومن خصائص الضوء، أنه يستمر في امتداده على السّمت (الاتجاه المستقيم) الذي بدأ به حتى يعترضه ممانع (مقاوم)، فيتبدل حينئذ سيره من حيث الاتجاه والمقدار (الزيادة والنقص في سرعته). كما توصل ابن الهيثم إلى النسبة التي يكون بها التبدل في اتجاه الضوء وسرعته.
ومن إنجازاته في علم الضوء توصله من خلال النظرية التي أطلق عليها اسم تكوين الظل عن طريق أجسام نورانية إلى الحصول على صورة لجسم ما، عند ولوج الضوء الوارد منه خلال ثقب ضيق إلى مكان مظلم ليقع على حاجز أبيض، على ألا يكون الثقب صغيرًا جدًا فيضعف ضوء الصورة فتختفي عن الحس، ولا يكون واسعًا فيقل شبهها بالجسم الأصل، ولا يصبح واضحًا. وقام بأول تجربة بجهاز به ثقب يشبه آلة التصوير. وعندما بلغ هذه النتيجة لم يكد يصدق عينيه عندما شاهد العالم وقد أصبح أسفله أعلاه، فقد كان وضع الصورة وضعًا عكسيًا.
وكثير من الأبحاث الخاصة بالبصريات منذ روجر بيكون وفيتليو وليوناردو دافينشي، اعتمد على الأساس البحثي الذي خلّفه ابن الهيثم؛ ففي ألمانيا عندما بحث كبلر في القرن العاشر الهجري، السادس عشر الميلادي في القوانين التي اعتمد عليها جاليليو في صنع منظاره، أدرك أن خلف عمله هذا كانت تقف أبحاث ابن الهيثم. وهناك مسألة مشهورة معقدة، نشأت في علم البصريات، حلها ابن الهيثم بمعادلة من الدرجة الرابعة تعرف اليوم باسم مسألة الحسن.
ومن أعماله التطبيقية في البصريات أنه حسب الانعكاس الذي يحدث في قطاع المرآة الكروية أو المخروطية؛ أي الإشعاعات المتوازية التي تلتقي في نقطة الاحتراق، وفحص أثر الحرق وتكبير المرئيات ليس بوساطة المرآة المقعَّرة فحسب، بل بوساطة الزجاج الحارق والعدسة وبذلك كان من ثمرة جهده صنع أول نظارة للقراءة.
ومن آثار ابن الهيثم في العصر الحديث ما يطلق عليه الآن البؤرة. فقد درس خواص المرايا المقعَّرة، وكيفية تجميع أشعة الشمس في نقطة واحدة تحدث فيها حرارة شديدة. وهذا هو المبدأ عينه الذي يقوم عليه الفرن الشمسي المستعمل في وقتنا الحاضر. ومن آثاره أيضًا ما يسمى حاليًا الزيغ الكروي الطولي وهو مبحث يفيد كثيرًا في صناعة الآلات البصرية. فقد بيّن بالبراهين الهندسية أن أشعة الشمس المنعكسة من سطح مرآة مقعرة لا تنعكس جميعها إلى نقطة واحدة، وإنما تنعكس على خط مستقيم.
وصف ابن الهيثم أجزاء العين المهمة وطبقاتها لبيان عملها في نقل صور المرئيات إلى الدماغ. كما وصف انطباع صورة الجسم المرئي في العين حتى بعد غياب الشبح عن البصر، وأن أثر الضوء واللون يستمران فترة قد تطول أو تقصر بعد لفت العين عن الشبح المرئي؛ فإذا أدام الإنسان النظر إلي جسم، أو إذا نظر إلى جسم شديد الإشراق، ثم لفت عنه النظر أو أغمض عينيه؛ فإنه يظل يرى صورة ذلك الجسم متمثلة له لبضع ثوان. وتحدَّث عن وضوح الرؤية، وإدراك الظلمة والظلال، وشروط صحة الإبصار وأخطاء البصر التي تنتج عن غياب واحدة أو أكثر من شروط صحة الإبصار. كما تحدث عن الوهم الذي يدرك به البصر الكواكب عظيمة عند الأفق، وصغيرة في كبد السماء، وعزا ذلك إلى خطأ البصر (خداع البصر).
شرح ابن الهيثم بعض الظواهر الجوية التي تنشأ عن الانكسار. من ذلك الانكسار الفلكي؛ فالضوء الذي يأتي من الأجرام السماوية يعاني انكسارًا باختراقه الطبقة الهوائية المحيطة بالأرض. ويفسر هذا كيف أن النجم يظهر في الأفق قبل أن يبلغه بالفعل، وأننا نرى الشمس عند الشروق أو الغروب في وقت لم تصل فيه إلى مستوى الأفق بعد، بل تحته.كما لا يظهر قرصا الشمس و القمر مستديرين تمامًا قرب مستوى الأفق بسبب هذا الانكسار بل يبدوان بيضيين. ومن الظواهر الجوية التي بحث فيها؛ الهالة التي تبدو محيطة بالشمس أو القمر، وعزا وجودها للانكسار، حينما يكون الجو مشبعًا بالبلورات الصغيرة من الثلج أو الجليد، فإن الضوء الذي يمر خلالها ينكسر وينحرف بزاوية معلومة، ومن ثم يصل الضوء إلى العين كأن مبعثه فقط حول الشمس أو القمر. وعلى الرغم من أنه لم يوفق في بعض القضايا التي طرحها؛ مثل قوله في نماذج الألوان وأنها إذا تمازجت غلب الأقوى منها الأضعف، وقوله أيضًا إن الكواكب مضيئة بذاتها، وأن ضوءها ليس مكتسبًا من ضوء الشمس، إلا أننا نجد في أمثلته وحججه منطقًا يدفع إلى الإقناع، ويبرهن على سلامة منهجه ودقته في الاستنتاج حتى وإن لم يوفق في النتائج التي توصل إليها.

الاصوات عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:31
الأصوات. اهتم الفلاسفة العرب بالبحث في الصوت، وألموا بالمعلومات الأساسية فيه، ولهم تصانيف في الموسيقى ضمنوها مباحث في منشأ الأصوات، وكيفية انتقالها واختلاف بعضها عن بعض، وتناولوا كذلك بالبحث موضوعات يتناولها الآن علم الأصوات الحديث، وإن كانت أبحاثهم تفتقر إلى المعالجة الرياضية.
ذكر إخوان الصفا (القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي) في رسائلهم موجزًا شاملاً في علم الأصوات وعلم الموسيقى، وضمنوا هذه الرسائل خلاصة للآراء التي سبقتهم منذ عهد فيثاغورث (ت 503ق.م). عرَّفوا الصوت بأنه "قرع يحدث في الهواء من تصادم الأجرام، وذلك لأن الهواء لشدة لطافته، وسرعة حركة أجزائه، يتخلل الأجسام كلها، فإذا صدم جسم جسمًا آخر، انسل ذلك الهواء من بينهما وتدافع وتموَّج إلى جميع الجهات وحدث من حركته شكل كروي، واتسع كما تتسع القارورة من نفخ الزَّجَّاج (صانع الزجاج) فيها. وكلما اتسع ذلك الشكل ضعفت حركته وتموجه إلى أن يسكن ويضحمل".
وقد قسموا الأصوات إلى أنواع منها الجهير، والخفيف و الحاد والغليظ، وعزوا ذلك إلى طبيعة الأجسام التي تصدر عنها هذه الأصوات، وإلى قوة تموج الأصوات بسببها. وفي اهتزاز الأوتار الصوتية وقفوا علي العلاقة الكائنة بين طول الوتر وغلظه وقوة شدّه أو توتره، وهذه التقسيمات التي صنفوا إليها الأصوات، تتفق وتقسيم الأصوات في العلم الحديث من حيث الجهر والهمس والشدة والرخاوة.
كما عللوا الصدى بأنه يحدث نتيجة لانعكاس الهواء المتموج من مصادمة جسم عال كحائط أو جبل أو نحوهما. وقد شرح الجلدكي هذه الظاهرة شرحًا كيفياً وليس قياسياً؛ فيقول في أسرار الميزان: "ليس المراد منه حركة انتقالية من ماء أو هواء واحد بعينه بل هو أمر يحدث بصدم بعد صدم وسكون بعد سكون… والصدى يحدث عن انعكاس الهواء المتموج من مصادمة جسم عالٍ كجبل أو حائط، ويجوز ألا يقع الشعور بالانعكاس لقرب المسافة فلا يحس بتفاوت زماني الصوت وعكسه…".
قسّم إخوان الصفا الأصوات الحيوانية إلى ثلاثة أقسام؛ 1 ـ أصوات حيوانية تصدر عن ذوات الرئة؛ وتختلف أنواعها ونغماتها باختلاف أطوال أعناقها، وسعة حلاقيمها، وتركيب حناجرها، وقوة دفع الهواء من أفواهها ومناخرها، 2 ـ أصوات حيوانية تصدر عن ذوات الأجنحة عديمة الرئة؛ كالزنابير والجراد والصراصير، وتنتج الأصوات التي تصدرها بسبب تحرك الهواء بأجنحتها، كما هو الحال عند تحريـك أوتـار العيــدان، ويعـزى اختـلاف أصواتهـا إلى لـطافـة أجنحـتها وغلظـها وطولهـا وسرعـة حركتـهـا، 3- أصوات حيوانية تصدر عن حيوانات عديمة الرئة والأجنحة؛ كالأسماك والسلاحف والسرطانات، وتسمى الحيوانات الخرساء، وتختلف الأصوات التي تصدر عنها باختلاف يبسها وصلابتها، وباختلاف أحجامها من حيث الكبر والصغر، والطول والقصر والسعة والضيق.
لعل أفضل عمل وصل من الفلاسفة العرب في الأصوات، رسالة لابن سينا بعنوان أسباب حدوث الحروف. وقد قسّمها إلى ستة فصول؛ الأول في سبب حدوث الصوت، والثاني في سبب حدوث الحروف، والثالث في تشريح الحنجرة واللسان، والرابع في الأسباب الجزئية لحرف من حروف العرب، والخامس في الحروف الشبيهة بهذه الحروف وليست في لغة العرب، والسادس في أن هذه الحروف من أي الحركات غير المنطقية قد تُسمع. والصوت عند ابن سينا ينتج عن تموج الهواء دفعة وبقوة وسرعة، وسبب التموج عنده ما يسميه بالقرع والقلع؛ أي ما نسميه الآن بالتضاغط والتخلخل.
السلم الموسيقي الذي وضعه الكندي هو سلم الموسيقى العربية المستعمل الآن. والصورة صفحة من كتاب الموسيقى للكندي.
علم الصوت والموسيقى. طبّق العرب مبادئ علم الفيزياء في الأصوات وغيرها على الموسيقى، وكانت عندهم علمًا قائمًا بذاته. والموسيقى عند ابن سينا "علم يعرف منه حال النغم وكيفية تأليف اللحون"، وعند ابن خلدون هي "تلحين الأشعار الموزونة الأصوات على نسب منتظمة معروفة يوقع عند كل صوت منها توقيعًا عند قَطْعِه فيكون نغمة، ثم تؤلّف تلك النغمات بعضها إلى بعض على نسب متعارفة فَيَلَذُّ سماعها. والأصوات تتناسب فيكون منها صوت ونصف صوت وربع صوت وخمس صوت وجزء من أحد عشر من صوت آخر. واختلاف هذه النسب عند تأديتها يخرجها من البساطة إلى التركيب".
نقل العرب إبان حركة الترجمة عددًا من كتب اليونان في الموسيقى، وبذلك انتقل إليهم كثير من النظريات اليونانية في الموسيقى. وكدأبهم في العلوم الأخرى كانوا عمليين، فلم يقبلوا نظرية إلا بعد التثبت منها عملياً. ومن المسلم به في الغرب أن ابن سينا والفارابي وغيرهما، زادوا على الموسيقى اليونانية وأدخلوا عليها تحسينات جمّة. وكتاب الفارابي (ت 339هـ،950م) المسمى كتاب الموسيقى الكبير لا يقل في قيمته عن الكتب اليونانية في الموسيقى، وفي الأندلس زاد زرياب (ت 238هـ، 852م) أوتار العود وترًا خامسًا وسطًا (في المكان والقوة) سمّاه الأوسط، وجعله في وسط الأوتار الأربعة تحت المثْلث وفوق المثْنى. ويقال إن الفارابي هو الذي اخترع الآلة المعروفة بالقانون، وقد أُطلِق على الفارابي لقب المعلِّم الثاني لأنه أول من وضع أسس التعاليم الصوتية كما سُمي أرسطو من قبل المعلم الأول لأنه أول من وضع المنطق. ولم يكن الفارابي إلا مطوِّرًا لمدرسة الكندي الذي يرجَّح أن يكون أول من كتب في نظرية الموسيقى. ومن تصنيفاته في هذا المجال المصوتات الوترية؛ ترتيب الأنغام؛ المدخل إلى الموسيقى؛ رسالة في الإيقاع؛ كتاب الموسيقى. والسلم الموسيقي الذي وضعه الكندي هو سلم الموسيقى العربية المستعمل الآن، ويشتمل على 12 نغمة. ونجد في رسائل إخوان الصفا بحثًا في الموسيقى أدرجوه في القسم الرياضي من الرسالة الخامسة يتناولون فيه صناعة الموسيقى، وكيفية إدراك القوة السامعة للأصوات، وأصول الألحان وقوانينها وكيفية صناعة الآلات وإصلاحها، ونوادر الفلاسفة في الموسيقى وتأثير الأنغام.

الميكانيكا عند العرب والمسلمين
مُساهمة طارق فتحي في الثلاثاء 28 يناير 2014 - 23:32
الميكانيكا. عرفت عند المسلمين باسم علم الحيل، وأطلقوا عليها أحيانًا علم الآلات الروحانية و الحيل الروحانية. وهي فرع من العلوم الفيزيائية التي لقيت قدرًا ليس بالقليل من اعتناء العلماء العرب والمسلمين. ومع أنهم لم يبدعوا فيه إبداعهم في علم المناظر (البصريات)، إلا أنهم توصلوا إلى استنباط بعض مبادئه وقوانينه الأساسية. عرف العرب هذا العلم من خلال حركة النقل الأولى التي أخذوها من اليونانيين، إلا أن مادرسوه كان محدودًا جدًا، لكنهم طوروه، وأضافوا إليه أشياء كثيرة. قسّم العلماء المسلمين علم الحيل إلى قسمين: الأول يبحث في جر الأثقال بالقوة اليسيرة والآلات المستخدمة فيه، والثاني يبحث في آلات الحركة وصنعة الأواني العجيبة. فقد كانت لديهم آلات رفع متعددة الأشكال صمموها على أسس ميكانيكية تسهِّل جر الأثقال. ذكر منها الخوارزمي البرطيس، والمخل، والبيرم، والآلة الكثيرة الرفع، والإسفين، واللولب، والخنزيرة، والسهم، والأسطام، والمحيط، والإسقاطولي. وصنعوا طواحين وعجلات ومضخات تسحب الماء؛ من أشهرها مضخة ابن الرزاز الجزري التي يعدها البعض الجد الأقرب للآلة البخارية. وألّف المسلمون في علم مراكز الأثقال؛ وهو علم يبحث في كيفية استخراج مركز ثقل الجسم المحمول. ومن العلماء الذين صنفوا في هذا المجال أبو سهل الكوهي الذي قدّم في أبحاثه معالجة رياضية للموضوع. كما صنف في ذلك أيضًا الخازن، فنجد في كتابه ميزان الحكمة مباحث غنية في مراكز الأثقال. ويعد هذا الكتاب من أكثر الكتب استيفاء لبحوث الميكانيكا. ويبدو من عرضه أنه كان يملك آلات لحساب الأوزان النوعية ولقياس حرارة السوائل. ويفوق كتاب بديع الزمان بن الرزاز الجزري وعنوانه كتاب في معرفة الحيل الهندسية ما سبقه من مؤلفات في مجال الميكانيكا؛ ذلك لأنه يزودنا بكثير من المعلومات عن الفن الصناعي لدى العرب آنذاك؛ فهو أشمل منها وأكثر تنوعًا في الحيل الهندسية، جمع فيه كل وسائل الصنع التي استخدمها من سبقوه، وما أضافه بنفسه بوصفه معلمًا حِرَفيّاً. ويتناول في هذا الكتاب الساعات، والأواني العجيبة، والإبريق والطست وإخراج الماء من الأعماق، والآلات الزامرة والصور والأشكال التي صمم عليها آلاته.
جدول قياسات الخازن
المادة السائلة النسبة التي توصل
إليها الخازن الوزن الحديث
الماء العذب البارد 1000 1000
الماء في درجة الصفر 0,965 0,9999
الماء الحار 0,958 0,9597
ماء البحر 1,041 1,027
زيت الزيتون 0,920 0,910
حليب البقر 1,110 يتراوح بين 1,04 و 1,42
دم الإنسان 1,033 يتراوح بين 1,045 و 1,075
ومن الذين برعوا في علم الحيل أبو الصلت بن أبي الصلت (ت 529هـ، 1134م) الذي تسبب علمه في حبسه في مصر؛ إذ عرض أبو الصلت خدماته لانتشال سفينة غارقة محملة بالنحاس قبالة ساحل الإسكندرية، وكانت حاجة الدولة الإسلامية له ملحة؛ لأن الزمن زمن الحروب الصليبية. وبنى الحاكم بناء على طلب أبي الصلت مركبًا آخر ثم ربط المركب الغارق بحبال من الإبريسم (الحرير) المبروم وشُدّت إلى دواليب (بكرات). وارتفع المركب الغارق حتى إذا ما حاذى سطح الماء انقطعت الحبال وغاص المركب مرة أخرى. وعلى الرغم من إخفاق هذا المهندس، إلا أن استعماله الحبال والبكرات المتعددة، يدلان على ما كان قد وصل إليه علم الحيل في ذلك الوقت، وفي ذلك دلالة على براعته النظرية والتطبيقية. وربما غاب عنه مبدأ أرخميدس الذي يقول إن كل جسم مغمور في سائل يفقد من وزنه بقدر وزن حجمه من ذلك السائل. فلما ارتفع المركب على السطح صار وزنه أثقل من وزنه تحت الماء فكان عليه إما أن يزيد عدد الحبال أو يفرغ بعضًا من حمولة المركب.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى