مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* تفاسير مفتاح سورة البقرة ( الم )

اذهب الى الأسفل

* تفاسير مفتاح سورة البقرة ( الم ) Empty * تفاسير مفتاح سورة البقرة ( الم )

مُساهمة  طارق فتحي السبت نوفمبر 24, 2012 7:28 am


تفسير مفتاح سورة البقرة ( ألم )*
{ الۤـمۤ }
قال أبو جعفر: اختلفت تراجمة القران فـي تأويـل قول الله تعالـى ذكره: { آلـم } فقال بعضهم: هو اسم من أسماء القران. ذكر من قال ذلك:
حدثنا الـحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة فـي قوله: الـم قال: اسم من أسماء القران.
حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم الآملـي، قال: حدثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود، قال: حدثنا شبل عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد قال: { الـم } اسم من أسماء القران.
حدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين بن داود، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج قال: { آلـم } اسم من أسماء القرآن.
وقال بعضهم: هو فواتـح يفتـح الله بها القرآن. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي هارون بن إدريس الأصم الكوفـي، قال: حدثنا عبد الرحمن ابن مـحمد الـمـحاربـي، عن ابن جريج، عن مـجاهد، قال: { الـم } فواتـح يفتـح الله بها القرآن.
حدثنا أحمد بن حازم الغفـاري، قال: حدثنا أبو نعيـم، قال: حدثنا سفـيان، عن مـجاهد، قال: { الـم } فواتـح.
حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم، قال: حدثنا إسحاق بن الـحجاج، عن يحيى بن ادم، عن سفـيان، عن ابن أبـي نـجيح عن مـجاهد، قال: { الـم } و
{ حم }
و
{ الـمص }
و
{ ص }
فواتـح افتتـح الله بها.
حدثنا القاسم بن الـحسن، قال: حدثنا الـحسين، قال: حدثنـي حجاج، عن ابن جريج، عن مـجاهد مثل حديث هارون بن إدريس.
وقال بعضهم: هو اسم للسورة. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي يونس بن عبد الأعلـى، قال: أنبأنا عبد الله بن وهب، قال: سألت عبد الرحمن بن زيد بن أسلـم، عن قول الله: { الـم ذلك الكتابُ } و
{ الـم تَنْزِيـلُ }
و
{ الـمر تِلْك }
فقال: قال أبـي: إنـما هي أسماء السور.
وقال بعضهم: هو اسم الله الأعظم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، قال: حدثنا شعبة، قال: سألت السديّ عن حم وطسم والـم فقال: قال ابن عبـاس: هو اسم الله الأعظم.
حدثنا مـحمد بن الـمثنى، قال: حدثنـي أبو النعمان، قال: حدثنا شعبة عن إسماعيـل السدي، عن مرة الهمدانـي، قال: قال عبد الله فذكر نـحوه.
حدثنـي الـمثنى قال: حدثنا إسحاق بن الـحجاج، عن عبـيد الله بن موسى، عن إسماعيـل، عن الشعبـي قال: فواتـح السور من أسماء الله.

وقال بعضهم: هو قَسَمٌ أقسم الله به وهو من أسمائه. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي يحيى بن عثمان بن صالـح السهمي، قال: حدثنا عبد الله بن صالـح، قال: حدثنـي معاوية بن صالـح، عن علـيّ بن أبـي طلـحة، عن ابن عبـاس، قال: هو قَسَم أقسم الله به وهو من أسماء الله.
حدثنا يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، قال: حدثنا خالد الـحذاء عن عكرمة قال: { آلـم } قسم.

تفسير ( آلمَ ) في القران*
{ الۤـمۤ }
وقال بعضهم: هو حروف مقطعة من أسماء وأفعال، كل حرف من ذلك لـمعنى غير معنى الـحرف الآخر. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، وحدثنا سفـيان بن وكيع، قال: حدثنا ابن أبـي شريك، عن عطاء بن السائب، عن أبـي الضحى، عن ابن عبـاس: { الـم } فقال: أنا الله أعلـم.
وحدثت عن أبـي عبـيد قال: حدثنا أبو الـيقظان، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبـير، قال قوله: { الـم } قال: أنا الله أعلـم.
حدثنـي موسى بن هارون الهمدانـي، قال: حدثنا عمرو بن حماد القناد، قال: حدثنا أسبـاط ابن نصر، عن إسماعيـل السدي فـي خبر ذكره عن أبـي مالك، وعن أبـي صالـح، عن ابن عبـاس، وعن مرة الهمدانـي، عن ابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبـي صلى الله عليه وسلم: { الـم } قال: أما: { الـم } فهو حرف اشتق من حروف هجاء أسماء الله جل ثناؤه.
حدثنا مـحمد بن معمر، قال: حدثنا عبـاس ابن زياد البـاهلـي، قال: حدثنا شعبة، عن أبـي بشر، عن سعيد بن جبـير، عن ابن عبـاس فـي قوله: { الـم } و
{ حم }
و
{ ن }
قال: اسم مقطع.
وقال بعضهم: هي حروف هجاء موضوع. ذكر من قال ذلك:
حدثت عن منصور بن أبـي نويرة، قال: حدثنا أبو سعيد الـمؤدب، عن خصيف، عن مـجاهد، قال: فواتـح السور كلها
{ ق }
و
{ ص }
و
{ حم }
و
{ طسم }
و
{ الر }
وغير ذلك هجاء موضوع.
وقال بعضهم: هي حروف يشتـمل كل حرف منها علـى معان شتـى مختلفة. ذكر من قال ذلك:
حدثنـي الـمثنى بن إبراهيـم الطبري، قال: حدثنا إسحاق بن الـحجاج، عن عبد الله بن أبـي جعفر الرازي قال: حدثنـي أبـي، عن الربـيع بن أنس فـي قول الله تعالـى ذكره: { آلـم } قال: هذه الأحرف من التسعة والعشرين حرفـاً، دارت فـيها الألسن كلها، لـيس منها حرف إلا وهو مفتاح اسم من أسمائه، ولـيس منها حرف إلا وهو فـي آلائه وبلائه، ولـيس منها حرف إلا وهو مدة قوم وآجالهم. وقال عيسى ابن مريـم: «وعجيب ينطقون فـي أسمائه، ويعيشون فـي رزقه، فكيف يكفرون»؟ قال: الألف: مفتاح اسمه «الله»، واللام: مفتاح اسمه «لطيف»، والـميـم: مفتاح اسمه «مـجيد» والألف: آلاء الله، واللام: لطفه، والـميـم: مـجده الألف: سنة، واللام ثلاثون سنة، والـميـم: أربعون سنة.
حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا حكام عن أبـي جعفر، عن الربـيع بنـحوه.
وقال بعضهم: هي حروف من حساب الـجمل، كرهنا ذكر الذي حكي ذلك عنه، إذ كان الذي رواه مـمن لا يُعتـمد علـى روايته ونقله، وقد مضت الرواية بنظير ذلك من القول عن الربـيع بن أنس.
وقال بعضهم: لكل كتاب سرّ، وسرّ القرآن فواتـحه.
وأما أهل العربـية فإنهم اختلفوا فـي معنى ذلك، فقال بعضهم: هي حروف من حروف الـمعجم استُغنـي بذكر ما ذكر منها فـي أوائل السور عن ذكر بواقـيها التـي هي تتـمة الثمانـية والعشرين حرفـاً، كما استغنَى الـمخبرُ عمن أخبر عنه أنه فـي حروف الـمعجم الثمانـية والعشرين بذكر «أ ب ت ث» عن ذكر بواقـي حروفها التـي هي تتـمة الثمانـية والعشرين، قال: ولذلك رفع ذلك الكتابُ لأن معنى الكلام: الألف واللام والـميـم من الـحروف الـمقطعة ذلك الكتاب الذي أنزلته إلـيك مـجموعاً لا ريب فـيه.

{ الۤـمۤ } في التفسير*
{ الۤـمۤ }
فإن قال قائل: فإن «ألف با تا ثا» قد صارت كالاسم فـي حروف الهجاء كما صارت الـحمد اسماً لفـاتـحة الكتاب قـيـل له: لـما كان جائزاً أن يقول القائل: ابنـي فـي «ط ظ»، وكان معلوماً بقـيـله ذلك لو قاله إنه يريد الـخبر عن ابنه أنه فـي الـحروف الـمقطعة، علـم بذلك أن «أ ب ت ث» لـيس لها بـاسم، وإن كان ذلك يؤثَرَ فـي الذكر من سائرها. قال: وإنـما خولف بـين ذكر حروف الـمعجم فـي فواتـح السور، فذكرت فـي أوائلها مختلفة، وذِكْرُها إذا ذُكرت بأوائلها التـي هي «أ ب ت ث» مؤتلفة لـيفصل بـين الـخبر عنها، إذا أريد بذكر ما ذكر منها مختلفـاً الدلالة علـى الكلام الـمتصل، وإذا أريد بذكر ما ذكر منها مؤتلفـاً الدلالة علـى الـحروف الـمقطعة بأعيانها. واستشهدوا لإجازة قول القائل: ابنـي فـي «ط ظ»، وما أشبه ذلك من الـخبر عنه أنه فـي حروف الـمعجم، وأن ذلك من قـيـله فـي البـيان يقوم مقام قوله: «ابنـي فـي أ ب ت ث» برجز بعض الرجاز من بنـي أسد:
لَـمَّا رأيْتُ أمْرَها فـي حُطِّي وفَنَكَتْ فـي كَذِبٍ ولَطِّ
أخَذْتُ منْها بِقُرُونٍ شُمْطِ فَلَـمْ يَزَلْ ضَرْبـي بها ومَعْطِي
حتـى عَلا الرأسَ دَمٌ يُغَطِّي
فزعم أنه أراد بذلك الـخبر عن الـمرأة أنها فـي «أبـي جاد»، فأقام قوله: «لـما رأيت أمرها فـي حُطي» مقام خبره عنها أنها فـي «أبـي جاد»، إذ كان ذاك من قوله يدل سامعه علـى ما يدله علـيه قوله: لـما رأيت أمرها فـي أبـي جاد.
وقال آخرون: بل ابتدئت بذلك أوائل السور لـيفتـح لاستـماعه أسماع الـمشركين، إذ تواصوا بـالإعراض عن القرآن، حتـى إذا استـمعوا له تُلـي علـيهم الـمؤلف منه.
وقال بعضهم: الـحروف التـي هي فواتـح السور حروف يستفتـح الله بها كلامه.
فإن قـيـل: هل يكون من القرآن ما لـيس له معنى؟ فإن معنى هذا أنه افتتـح بها لـيعلـم أن السورة التـي قبلها قد انقضت، وأنه قد أخذ فـي أخرى، فجعل هذا علامة انقطاع ما بـينهما، وذلك فـي كلام العرب ينشد الرجل منهم الشعر فـيقول:
بل....
وَبَلْدَةٍ ما الإنْسُ مِنْ آهالهَا
ويقول: لا بل...
ما هاجَ أحْزَانا وشَجَوْاً قَدْ شَجا
و«بل» لـيست من البـيت ولا تعدّ فـي وزنه، ولكن يقطع بها كلاماً ويستأنف الآخر.
قال أبو جعفر: ولكل قول من الأقوال التـي قالها الذين وصفنا قولهم فـي ذلك وجه معروف.

{ *الۤـمۤ } ذلك الكتاب المبين
فأما الذين قالوا: { الـم } اسم من أسماء القرآن، فلقولهم ذلك وجهان: أحدهما أن يكونوا أرادوا أن: { الـم } اسم للقرآن كما الفرقان اسم له. وإذا كان معنى قائل ذلك كذلك، كان تأويـل قوله: { الـم }:
{ ذلكَ الكِتابُ }
علـى معنى القسم كأنه قال: والقرآن هذا الكتاب لا ريب فـيه. والآخر منهما أن يكونوا أرادوا أنه اسم من أسماء السورة التـي تعرف به كما تعرف سائر الأشياء بأسمائها التـي هي لها أمارات تعرف بها، فـيفهم السامع من القائل يقول: قرأت الـيوم
{ الـمص }
و
{ ن }
أي السورة التـي قرأها من سور القرآن، كما يفهم عنه إذا قال: لقـيت الـيوم عمراً وزيداً، وهما بزيد وعمر وعارفـان مَنِ الذي لقـي من الناس. وإن أشكل معنى ذلك علـى امرىء فقال: وكيف يجوز أن يكون ذلك كذلك ونظائر { الـم الـمر } فـي القرآن جماعة من السور؟ وإنـما تكون الأسماء أماراتٍ، إذا كانت مـميزة بـين الأشخاص، فأما إذا كانت غير مـميزة فلـيست أمارات. قـيـل: إن الأسماء وإن كانت قد صارت لاشتراك كثـير من الناس فـي الواحد منها غير مـميزة إلا بـمعان أخر معها من ضم نسبة الـمسمى بها إلـيها أو نعته أو صفته بـما يفرق بـينه وبـين غيره من أشكالها، فإنها وضعت ابتداء للتـميـيز لا شك ثم احتـيج عند الاشتراك إلـى الـمعانـي الـمفرّقة بـين الـمسمَّى بها. فكذلك ذلك فـي أسماء السور، جعل كل اسم فـي قول قائل هذه الـمقالة أمارةً للـمسمى به من السور. فلـما شارك الـمسمَّى به فـيه غيره من سور القرآن احتاج الـمخبر عن سورة منها أن يضم إلـى اسمها الـمسمى به من ذلك ما يفرق به للسامع بـين الـخبر عنها وعن غيرها من نعت وصفة أو غير ذلك، فـيقول الـمخبر عن نفسه إنه تلا سورة البقرة إذا سماها بـاسمها الذي هو { آلـم }: قرأت { آلـم } البقرة، وفـي آل عمران: قرأت
{ الـم }
آل عمران، و { آلـم ذَلِكَ الكِتابُ } و
{ الـم اللَّهُ لا إِلٰهَ إِلاَّ هُوَ الـحَيُّ القَـيُّومُ }
كما لو أراد الـخبر عن رجلـين اسم كل واحد منهما عمرو، غير أن أحدهما تـميـميّ والآخر أزدي، للزمه أن يقول لـمن أراد إخبـاره عنهما: لقـيت عمراً التـميـمي وعمراً الأزدي، إذ كان لا فرق بـينهما وبـين غيرهما مـمن يشاركهما فـي أسمائهما إلا بنسبتهما كذلك، فكذلك ذلك فـي قول من تأول فـي الـحروف الـمقطعة أنها أسماء للسور.
وأما الذين قالوا: ذلك فواتـح يفتتـح الله عز وجل بها كلامه، فإنهم وجهوا ذلك إلـى نـحو الـمعنى الذي حكيناه عمن حكينا عنه من أهل العربـية أنه قال: ذلك أدلة علـى انقضاء سورة وابتداء فـي أخرى وعلامة لانقطاع ما بـينهما، كما جعلت «بل» فـي ابتداء قصيدة دلالة علـى ابتداء فـيها وانقضاء أخرى قبلها كما ذكرنا عن العرب إذا أرادوا الابتداء فـي إنشاد قصيدة، قال: بل.

{ الۤـمۤ } عند الطبري
ما هاجَ أحْزَانا وشَجْواً قَدْ شَجا
و«بل» لـيست من البـيت ولا داخـلة فـي وزنه، ولكن لـيدل به علـى قطع كلام وابتداء آخر.
وأما الذين قالوا: ذلك حروف مقطعة بعضها من أسماء الله عزّ وجل، وبعضها من صفـاته، ولكل حرف من ذلك معنى غير معنى الـحرف الآخر. فإنهم نـحوا بتأويـلهم ذلك نـحو قول الشاعر:
قُلْنا لَهَا قِـفِـي لنا قالَتْ قافْ لا تَـحْسبِـي أنَّا نَسِينا الإيجَافْ
يعنـي بقوله: قالت قاف: قالت قد وقـفت. فدلّت بإظهار القاف من «وقـفت» علـى مرادها من تـمام الكلـمة التـي هي «وقـفت»، فصرفوا قوله: { الـم } وما أشبه ذلك إلـى نـحو هذا الـمعنى، فقال بعضهم: الألف ألف «أنا»، واللام لام «الله»، والـميـم ميـم «أعلـم»، وكل حرف منها دال علـى كلـمة تامة. قالوا: فجملة هذه الـحروف الـمقطعة إذا ظهر مع كل حرف منهن تـمام حروف الكلـمة «أنا الله أعلـم». قالوا: وكذلك سائر جميع ما فـي أوائل سور القرآن من ذلك، فعلـى هذا الـمعنى وبهذا التأويـل. قالوا: ومستفـيض ظاهر فـي كلام العرب أن ينقص الـمتكلـم منهم من الكلـمة الأحرف إذا كان فـيـما بقـي دلالة علـى ما حذف منها، ويزيد فـيها ما لـيس منها إذا لـم تكن الزيادة مُلَبِّسة معناها علـى سامعها كحذفهم فـي النقص فـي الترخيـم من «حارث» «الثاء» فـيقولون: يا حار، ومن «مالك» «الكاف» فـيقولون: يا مال، وأما أشبه ذلك. وكقول راجزهم:
ما للظَّلِـيـمِ عَالٍ كَيْفَ لاَ يا يَنْقَدُ عَنْهُ جِلْدُهُ إذَا يا
كأنه أراد أن يقول: إذا يفعل كذا وكذا، فـاكتفـى بـالـياء من «يفعل». وكما قال آخر منهم:
بـالـخَيْرِ خَيْرَاتٌ وَإِنْ شَرًّا فَـا
يريد فشرًّا.
ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إِلاَّ أنْ تَا
يريد إلا أن تشاء. فـاكتفـى بـالتاء والفـاء فـي الكلـمتـين جميعاً من سائر حروفهما، وما أشبه ذلك من الشواهد التـي يطول الكتاب بـاستـيعابه. وكما
حدثنـي يعقوب بن إبراهيـم، قال: حدثنا ابن علـية، عن أيوب وابن عون، عن مـحمد، قال: لـما مات يزيد بن معاوية، قال لـي عبدة: إنـي لا أراها إلا كائنة فتنة فـافزع من ضيعتك والـحق بأهلك قلت: فما تأمرنـي؟ قال: أحبّ إلـيَّ لك أن تا قال أيوب وابن عون بـيده تـحت خده الأيـمن يصف الاضطجاع حتـى ترى أمرا تعرفه.
قال أبو جعفر: يعنـي ب «تا» تضطجع، فـاجتزأ بـالتاء من تضطجع. وكما قال الآخر فـي الزيادة فـي الكلام علـى النـحو الذي وصفت:
أقولُ إذْ خَرَّتْ علـى الكَلْكالِ يا ناقَتِـي ما جُلْتِ مِن مَـجَالِ
يريد الكلكل. وكما قال الآخر:
إِنَّ شَكْلِـي وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّـى فـالزَمِي الـخُصَّ واخْفِضي تَبْـيَضِضِّي
فزاد ضاداً ولـيست فـي الكلـمة.
قالوا: فكذلك ما نقص من تـمام حروف كل كلـمة من هذه الكلـمات التـي ذكرنا أنها تتـمة حروف { الـم } ونظائرها، نظير ما نقص من الكلام الذي حكيناه عن العرب فـي أشعارها وكلامها.

{ *الۤـمۤ } عند الزمخشري
«الۤمۤ» إعلم أنّ الألفاظ التي يتهجى بها أسماء، مسمياتها الحروف المبسوطة التي منها ركبت الكلم، فقولك ـ ضاد ـ اسم سمي به «ضه» من ضرب إذا تهجيته، وكذلك: را، با: اسمان لقولك: ره، به؛ وقد روعيت في هذه التسمية لطيفة، وهي أن المسميات لما كانت ألفاظاً كأساميها وهي حروف وحدان والأسامي عدد حروفها مرتق إلى الثلاثة، اتجه لهم طريق إلى أن يدلوا في التسمية على المسمى فلم يغفلوها، وجعلوا المسمى صدر كل اسم منها كما ترى، إلا الألف فإنهم استعاروا الهمزة مكان مسماها؛ لأنه لا يكون إلا ساكناً. ومما يضاهيها في إيداع اللفظ دلالة على المعنى: التهليل، والحوقلة، والحيعلة، والبسملة؛ وحكمها ـ ما لم تلها العوامل ـ أن تكون ساكنة الأعجاز موقوفة كأسماء الأعداد، فيقال: ألف لام ميم، كما يقال: واحد اثنان ثلاثة؛ فإذا وليتها العوامل أدركها الإعراب. تقول: هذه ألف، وكتبت ألفاً، ونظرت إلى ألف؛ وهكذا كل اسم عمدت إلى تأدية ذاته فحسب، قبل أن يحدث فيه بدخول العوامل شيء من تأثيراتها، فحقك أن تلفظ به موقوفاً. ألا ترى أنك إذا أردت أن تلقى على الحاسب أجناساً مختلفة ليرفع حسبانها، كيف تصنع وكيف تلقيها أغفالاً من سمة الإعراب؟ فتقول: دار، غلام، جارية، ثوب، بساط. ولو أعربت ركبت شططاً. فإن قلت: لم قضيت لهذه الألفاظ بالإسمية؟ وهلا زعمت أنها حروف كما وقع في عبارات المتقدّمين؟ قلت: قد استوضحت بالبرهان النير أنها أسماء غير حروف، فعلمت أن قولهم خليق بأن يصرف إلى التسامح، وقد وجدناهم متسامحين في تسمية كثير من الأسماء التي لا يقدح إشكال في اسميتها كالظروف وغيرها بالحروف، مستعملين الحرف في معنى الكلمة، وذلك أن قولك: «ألف» دلالته على أوسط حروف «قال، وقام» دلالة «فرس» على الحيوان المخصوص، لا فضل فيما يرجع إلى التسمية بين الدلالتين. ألا ترى أنّ الحرف: ما دلّ على معنى في غيره، وهذا كما ترى دال على معنى في نفسه؛ ولأنها متصرف فيها بالإمالة كقولك: با، تا. وبالتفخيم كقولك: يا، ها. وبالتعريف، والتنكير، والجمع والتصغير، والوصف، والإسناد، والإضافة، وجميع ما للأسماء المتصرفة. ثم إني عثرت من جانب الخليل على نص في ذلك. قال سيبويه: قال الخليل يوماً ـ وسأل أصحابه ـ: كيف تقولون إذا أردتم أن تلفظوا بالكاف التي في لك، والباء التي في ضرب؟ فقيل: نقول: باء، كاف؛ فقال: إنما جئتم بالإسم، ولم تلفظوا بالحرف، وقال: أقول: كه، به. وذكر أبو علي في كتاب الحجة في (يسۤ): وإمالة يا، أنهم قالوا: يا زيد، في النداء؛ فأمالوا وإن كان حرفاً، قال: فإذا كانوا قد أمالوا ما لا يمال من الحروف من أجل الياء، فلأن يميلوا الاسم الذي هو يسۤ أجدر.

{ الۤـمۤ } عند الطبرسي*
كوفيّ: اختلف العلماء في الحروف المعجمة المفتتحة بها السور فذهب بعضهم إلى أنها من المتشابهات التي استأثر الله تعالى ولا يعلم تأويلها إلا هو؛ هذا هو المروي عن أئمتنا عليهم السلام وروت العامة عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال إنّ لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي. وعن الشعبي قال: لله في كل كتاب سرٌّ وسره في القرآن سائر حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور وفسرها الآخرون على وجوه:
أحدها: إنها أسماء السور ومفاتحها عن الحسن وزيد بن أسلم.

وثانيها: أن المراد بها الدلالة على أسماء الله تعالى فقولـه تعالى: { الم } معناه أنا الله أعلم و { المر } معناه: أنا الله أعلم وأرى و { المص } معناه أنا الله أعلم وأفصل والكاف في كهيعص من كاف والهاء من هادٍ والياء من حكيم والعين من عليم والصاد من صادق عن ابن عباس. وعنه أيضاً: إن الم الألف منه تدل على اسم الله واللام تدل على اسم جبرائيل والميم تدل على اسم محمد صلى الله عليه وسلم وروى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره مسنداً إلى علي بن موسى الرضا عليه السلام قال: سئل جعفر بن محمد الصادق عن قولـه الم فقال في الألف ست صفات من صفات الله تعالى: (الابتداء) فإِن الله ابتدأ جميع الخلق والألف ابتداء الحروف و(الإستواء) فهو عادل غير جائر والألف مستو في ذاته و(الانفراد) فالله فرد والألف فرد و(اتصال الخلق بالله) والله لا يتصل بالخلق وكلهم محتاجون إلى الله والله غني عنهم وكذلك الألف لا يتصل بالحروف والحروف متصلة به وهو منقطع من غيره والله عز وجل باين بجميع صفاته من خلقه ومعناه من الألفة فكما أن الله عز وجل سبب إلفة الخلق فكذلك الألف عليه تألفت الحروف وهو سبب ألفتها.
وثالثها: أنها أسماء الله تعالى منقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم تقول: الر وحم ون فيكون الرحمن وكذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على وصلها والجمع بينها عن سعيد بن جبير.
ورابعها: أنها أسماء القرآن عن قتادة.
وخامسها: أنها أقسام أقسم الله تعالى بها وهي من أسمائه عن ابن عباس وعكرمة. قال الأخفش: وإنما أقسم الله تعالى بالحروف المعجمة لشرفها وفضلها ولأنها مباني كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة وأسمائه الحسنى وصفاته العليا وأصول كلام الأمم كلها بها يتعارفون ويذكرون الله عز اسمه ويوحدونه فكأنه هو أقسم بهذه الحروف أن القرآن كتابه وكلامه.
وسادسها: أن كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء الله تعالى وليس فيها حرف إلا وهو في آلائه وبلائه وليس فيها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجال آخرين, عن أبي العالية.
{ الۤـمۤ } عند الرازي*
تفسير آلم حروف الهجاء:
{ الم } فيه مسألتان: المسألة الأولى: ـ
اعلم أن الألفاظ التي يتهجى بها أسماء مسمياتها الحروف المبسوطة، لأن الضاد مثلاً لفظة مفردة دالة بالتواطؤ على معنى مستقل بنفسه من غير دلالة على الزمان المعين لذلك المعنى، وذلك المعنى هو الحرف الأول من «ضرب» فثبت أنها أسماء ولأنها يتصرف فيها بالأمالة والتفخيم والتعريف والتنكير والجمع والتصغير والوصف والإسناد والإضافة، فكانت لا محالة أسماء. فإن قيل قد روى أبو عيسى الترمذي عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ حرفاً من كتاب الله تعالى فله حسنة، والحسنة بعشر أمثالها لا أقول آلم حرف، لكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف " الحديث، والاستدلال به يناقض ما ذكرتم قلنا: سماه حرفاً مجازاً لكونه اسماً للحرف، وإطلاق اسم أحد المتلازمين على الآخر مجاز مشهور.
معاني تسمية حروفها:
فروع: الأول: أنهم راعوا هذه التسمية لمعان لطيفة، وهي أن المسميات لما كانت ألفاظاً كأساميها وهي حروف مفردة والأسامي ترتقي عدد حروفها إلى الثلاثة اتجه لهم طريق إلى أن يدلوا في الاسم على المسمى، فجعلوا المسمى صدر كل اسم منها إلا الألف فإنهم استعاروا الهمزة مكان مسماها لأنه لا يكون إلا ساكناً.
حكمها ما لم تلها العوامل:
الثاني: حكمها ما لم تلها العوامل أن تكون ساكنة الأعجاز كأسماء الأعداد فيقال ألف لام ميم، كما تقول واحد اثنان ثلاثة فإذا وليتها العوامل أدركها الأعراب كقولك هذه ألف وكتبت ألفاً ونظرت إلى ألف، وهكذا كل اسم عمدت إلى تأدية مسماه فحسب، لأن جوهر اللفظ موضوع لجوهر المعنى، وحركات اللفظ دالة على أحوال المعنى، فإذا أريد إفادة جوهر المعنى وجب إخلاء اللفظ عن الحركات.
كونها معربة:
الثالث: هذه الأسماء معربة وإنما سكنت سكون سائر الأسماء حيث لا يمسها إعراب لفقد موجبه، والدليل على أن سكونها وقف لا بناء أنها لو بنيت لحذي بها حذو كيف وأين وهؤلاء ولم يقل صاد قاف نون مجموع فيها بين الساكنين.
معاني آلم:
المسألة الثانية: للناس في قوله تعالى: { الم } وما يجري مجراه من الفواتح قولان: أحدهما: أن هذا علم مستور وسر محجوب استأثر الله تبارك وتعالى به. وقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: لله في كل كتاب سر وسره في القرآن أوائل السور، وقال علي رضي الله عنه: إن لكل كتاب صفوة وصفوة هذا الكتاب حروف التهجي. وقال بعض العارفين: العلم بمنزلة البحر فأجرى منه وادٍ ثم أجرى من الوادي نهر. ثم أجرى من النهر جدول، ثم أجرى من الجدول ساقية، فلو أجرى إلى الجدول ذلك الوادي لغرقه وأفسده، ولو سال البحر إلى الوادي لأفسده، وهو المراد من قوله تعالى
{ ذَلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ }*
قوله تعالى: { ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } وفيه مسائل
المسألة الأولى: لقائل أن يقول: المشار إليه ههنا حاضر، و «ذلك» اسم مبهم يشار به إلى البعيد، والجواب عنه من وجهين: الأول: لا نسلم أن المشار إليه حاضر، وبيانه من وجوه: أحدها: ما قاله الأصم: وهو أن الله تعالى أنزل الكتاب بعضه بعد بعض، فنزل قبل سورة البقرة سور كثيرة، وهي كل ما نزل بمكة مما فيه الدلالة على التوحيد وفساد الشرك وإثبات النبوة وإثبات المعاد، فقوله: { ذٰلِكَ } إشارة إلى تلك السور التي نزلت قبل هذه السورة، وقد يسمى بعض القرآن قرآناً، قال الله تعالى:
{ وَإِذَا قُرِىء ٱلْقُرْءانُ فَٱسْتَمِعُواْ لَهُ }
[الأعراف: 204] وقال حاكياً عن الجن
{ إنا سمعنا قرآناً عجباً }
[الجن: 1] وقوله:
{ إِنَّا سَمِعْنَا كِتَـٰباً أُنزِلَ مِن بَعْدِ مُوسَىٰ }
[الأحقاف: 30] وهم ما سمعوا إلا البعض، وهو الذي كان قد نزل إلى ذلك الوقت، وثانيها: أنه تعالى وعد رسوله عند مبعثه أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماحي، وهو عليه السلام أخبر أمته بذلك وروت الأمة ذلك عنه، ويؤيده قوله:
{ إِنَّا سَنُلْقِى عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً }
[المزمل: 5] وهذا في سورة المزمل، وهي إنما نزلت في ابتداء المبعث، وثالثها: أنه تعالى خاطب بني إسرائيل، لأن سورة البقرة مدنية، وأكثرها احتجاج على بني إسرائيل، وقد كانت بنو إسرائيل أخبرهم موسى وعيسى عليهما السلام أن الله يرسل محمداً صلى الله عليه وسلم وينزل عليه كتاباً فقال تعالى: { ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } أي الكتاب الذي أخبر الأنبياء المتقدمون بأن الله تعالى سينزله على النبي المبعوث من ولد إسماعيل، ورابعها: أنه تعالى لما أخبر عن القرآن بأنه في اللوح المحفوظ بقوله:
{ وَإِنَّهُ فِى أُمّ ٱلْكِتَـٰبِ لَدَيْنَا }
[الزخرف: 4] وقد كان عليه السلام أخبر أمته بذلك، فغير ممتنع أن يقول تعالى: { ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ } ليعلم أن هذا المنزل هو ذلك الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ. وخامسها: أنه وقعت الإشارة بذلك إلى «ألم» بعد ما سبق التكلم به وانقضى، والمنقضى في حكم المتباعد، وسادسها: أنه لما وصل من المرسل إلى المرسل إليه وقع في حد البعد، كما تقول لصاحبك ـ وقد أعطيته شيئاً ـ احتفظ بذلك. وسابعها: أن القرآن لما اشتمل على حكم عظيمة وعلوم كثيرة يتعسر اطلاع القوة البشرية عليها بأسرها ـ والقرآن وإن كان حاضراً نظراً إلى صورته لكنه غائب نظراً إلى أسراره وحقائقه ـ فجاز أن يشار إليه كما يشار إلى البعيد الغائب.
«ذلك» يشار بها للقريب والبعيد:
المقام الثاني: سلمنا أن المشار إليه حاضر، لكن لا نسلم أن لفظة «ذلك» لا يشار بها إلا إلى البعيد، بيانه أن ذلك، وهذا حرفاً إشارة، وأصلهما «ذا»؛ لأنه حرف للإشارة، قال تعالى:
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى