مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الحروب الصليبية الإسبتارية فرسان مالطا بلاك ووتر- خلاصة وترتيب فرسان مالطة - القتل عند اليهود.

اذهب الى الأسفل

الحروب الصليبية الإسبتارية فرسان مالطا بلاك ووتر- خلاصة وترتيب فرسان مالطة - القتل عند اليهود. Empty الحروب الصليبية الإسبتارية فرسان مالطا بلاك ووتر- خلاصة وترتيب فرسان مالطة - القتل عند اليهود.

مُساهمة  طارق فتحي الثلاثاء أكتوبر 04, 2011 7:05 pm

الحروب الصليبية من فرسان الإسبتارية إلى دولة فرسان مالطا وبلاك ووتر
مذ طلع فجرُ الإسلام والكفرة يكيدون له، إمَّا بالسنان إن كانت لهم الدُّولة، وإما باللسان إنْ خَبَت نارهم، وفلّ حديدهم، ومن نسلهم الفُرسان الرهبان الذين كانوا قساوسةً أيامَ هيبةِ الخلافة الإسلامية، ولما اشتدَّ عود دُوَلِهم النصرانية، تَحولوا إلى عملاء للغزاة القادمين من بني جِلْدتهم، ثم إلى مقاتلين في صفوفهم؛ ليُنشِئوا تشكيلاتِهم الخاصة فيما بعد، وما أشبه الليلة بالبارحة!
فرق الرهبان الفرسان: يُمكن تَمييزهم في ثلاث تشكيلات عسكرية رهبانية رئيسة:
1- فرسان المعبد، والهيكل، وسليمان، والرب، والمسيح، والداوية، ثم الماسونية فيما بعد، كُلُّها أسماء لمنظمةٍ واحدة، نشأت في عام 1119م؛ حيثُ نذر هيدوه بايان Hugh de Payans وثمانيةٌ آخرون من فرسان الصليبيين أنفسَهم للرهبنة، وخدمة المسيحيين العسكرية، وحصلوا من بلدوين الثاني على مسكنٍ لهم بالقُرب من الموضع الذي كان فيه هيكلُ سليمان - المعبد - على زعمهم، وسُرعان ما أطلق عليهم اسم "فرسان المعبد"، وفرسان المعبد فرنسيون من جمعية "الأُخُوة الرهبانية للقديس تامبلر"، وهؤلاء ارتدُّوا سرًّا عن النصرانية إلى عقيدة القابالاة اليهودية الوثنية لعَبَدة الشيطان، ورايتُهم بيضاء عليها صليب أحمر، أمَّا الواحد من فرسان المعبد، فكان يلبس مِئزرًا أبيض على "حرملته" صليب أحمر.
2 - فرسان المستشفى، والإسبتارية، والهوسبيتال، والقلعة، والقديس يوحنا، ورودوس ومالطا، والصليب الأبيض - تنظيمٌ واحد، وهم تحت رعاية الكنيسة الكاثوليكيَّة منذ ميلادهم كهيئةٍ خيريَّة من تُجار إيطاليِّين، وغالبيتُهم إيطاليون، شكلوا الهيئة الداعمة "رهبان مستشفى القديس يوحنا"، ثم التشكيل العسكري "فرسان مستشفى القديس يوحنا" - الإسبتارية - في عام 1130م، رايتهم حمراء عليها صليبٌ أبيض، وكان الواحدُ من فرسان المستشفى يلبِس مئزرًا أسودَ اللون، على كمِّه الأيسر صليب.
3 - فرسان التيوتون: في عام 1190م أنشأ ألمانُ فلسطين طائفةَ الفرسان التيوتون، بمعونة عددٍ قليل من الألمان في بلادهم الأصلية، وشَيَّدوا لهم مستشفى قرب عَكَّا، كانوا مُتعاونين مع فرسان المعبد، واختفى ذكرُهم بعد ترحيلهم وتوجههم نحو شمال أوروبا.
وحال البحث في كثير من المراجع يُخيل إلى القارئ كأنها منظمات مختلفة، لكن بالتدقيق وتتبُّع تواريخ النشأة والظهور العلني بعد السرية، سيكتشف أنَّ المنظمة واحدة هي "الرهبان الحربيون"، أتباعُها يتعمدون تغيير اسمها؛ لتحاشي التُّهم التي كانت تَعْلَق بالاسم الذي قبلهم؛ كيلا يُلاحَقون وهم في طَور النَّشأة، كما أنَّهم يبرعون بدهاء في تنويع جمعياتِهم ومنظماته؛ حتى يظن أنَّها مُختلفة، لكن التحقيقات حول الأعضاء تُثبت التعاون الدائم، لكن من أين جاؤوا؟ وما خلفياتهم الدينية؟
دير "كلوني" والحروب الصليبية[1]:http://st - takla.org/Gallery/Gallery - index-.html انتشرت المفاسد في الكنيسة الكاثوليكيَّة في عصورها الوُسطى خلال القَرنيين التاسع والعاشر؛ مما أدَّى إلى ظهور الدَّعوة إلى الإصلاح في النصف الأول من القرن العاشر في منطقة اللورين بالغال (فرنسا حاليًّا)؛ حيث كانت الحياةُ الدِّيريَّة قوية، وهناك بدأ جيرارد هذه الحركةَ الإصلاحية، فأسَّس كنيسة قُرب نامور في عام 914م، ثم ألحق بها بعد فترة ديرًا، وسُرعان ما انتشرت هذه الحركة الإصلاحية في اللورين، في وقت كانت أحوالُ الكنيسة سيئة للغاية، حتى نخر السوس في الأديرة ذاتها، وتفشت الأمراضُ الاجتماعية والنفسية والرُّوحية بين رهبانِها أيضًا، فلم يبقَ صوتٌ للإصلاح إلاَّ في هذا الدير، الذي نادى رُهبانُه بالعودة إلى تعاليم سلفهم الصالح، وذلك بتطبيق نظم القديس "بندكت" على الحياة الديرية، والبندكت إنَّما أسس نظمه على ما وصله بين نظم الأديرة الباخومية المصرية، والذي أوصلها إياه جون كاسيانوس، إلاَّ أن حركة الإصلاح الكلونيَّة ظلت محلية الطابع، وعاصرتها أخرى للإصلاح انبعثت داخلَ فرنسا أسسها "وليم التقي" دوق أكوتين؛ حيث أسس ديرًا هو الآخر في كلوني Cluny Abbey عام 910م.
نظام دير كلوني: رُوعي في هذا الدير الجديد تجنُّب الأخطاء والمفاسد، التي تردَّدت فيها بقية الأديرة المعاصرة له؛ ليصبح رأسًا لحركة إصلاحية ديرية شاملة، ومن ذلك لم يقبل أرضًا من أميرٍ إقطاعي أو حاكم مُقابل خدمات أو ارتباطات إقطاعية مع ذلك الأمير أو الحاكم، وهكذا جاءت جميعُ المنح التي تلقَّاها دير كلوني من أرضٍ أو غيرها حرة غير مشروطة، وإذا كان نظام البندكتيِّين الذي أخذ من الشراكة الباخومية يطلُب من الرهبان القيام بقسط كبير من العمل اليدوي في الحقول، وسرعان ما اشتهر دير كلوني، وانتشرت هذه الأديرة في غرب أوروبا انتشارًا واسعًا، واتَّخذ رهبان دير كلوني "القديس يعقوب" أخي المسيح - كما ذكر العهد الجديد - حاميًا للنصراية في إسبانيا، وكل أوروبا فيما بعد، وكان هذا الدير مركزًا لنشر الثقافة العربية الأندلسية.
"وقصد رئيس الدير بُطرس المحترم الأندلس مُستزيدًا من علومها، ولما رجع لديره طَفِق يكتب في الرد على المسلمين وشجب اليهود"[2]، ومن الدير انطلقت عمليات الترجمة للقرآن الكريم، ثم كُتُب المسلمين؛ بغية الرد عليهم، فكان من أوائل مراكز الاستشراق وقواعد الحرب الفكرية الصليبية التي ستَلي الحروب الصليبية العسكرية بعد فشلها؛ يقول كارل ستيفنسون: "والمعروف عن رهبان دير الكلوني أنَّهم لم يكونوا يهتمون بالعلم قدرَ اهتمامهم بالإثارة الدينية والسياسية"[3].
ثم ورد فارس ليترهب في دير كلوني؛ ليُختار فيما بعد لمنصب "البابا" سنة 1088 - 1099م، وهو أوروبان الثاني، وهو المسؤول عن الحروب الصليبية بإجماع المؤرخين من كل الأديان، فقد كان المحرضَ الأول على الحملة الأولى 1095م، التي احتلت فيها القدسُ، وذُبِح أكثر من 70 ألف من المسلمين وغير المسلمين، كأنَّما أمروا بإفناء أهل القدس بكل أديانهم؛ لأنهم جنس ملعون كما خطب البابا.
والكلونيُّون هم دعامة الفرسان الرهبان فيما بعد؛ حيث سيتبنى فرسان المعبد مذهبهم البندكتي، بل كل نظرتهم للمسلمين؛ إذ رأسُ الكنيسة كلوني، وهو المحرض على قتال المسلمين والتوجه "لأرض الغفران".
نشأة منظمة فرسان الإسبتارية: انتشرت حركةُ الإصلاح الكلونية في أوروبا، وعَمَّت روحُ طلب المغفرة والتوبة على قلوب النصارى؛ لذا كان عليهم الحجُّ إلى أرض الغفران "القدس" مهد المسيح[4]، فتقاطر النَّصارى من كل فج أوروبي؛ ليشهدوا مغفرة لهم.
وَلِتَزايُد أعداد الوافدين إلى مدينة القدس في بداية القرن الحادي عشر اتَّجه بعضُ الإيطاليِّين للحصول على حَقِّ إدارة الكنيسة اللاتينية من حكام المدينة المسلمين، فتحصلوا على رخصة بناء مستشفى عام 1048م في فلسطين، فتأسَّست هيئةٌ خيرية من قبل بعض التجار الإيطاليين عام 1050م لرعاية الحجاج والمرضى في مستشفى (قديس القدس يوحنا) قُرْبَ كنيسة القيامة ببيت المقدس، وظل هؤلاء يُمارسون عملَهم في ظل حكم الدولة الإسلامية.
كذلك استطاع تجار مدينة "أمالفي" 1070م تأسيس جمعية داعمة في بيمارستان قُرب كنيسة القيامة في بيت المقدس للعناية بالأجانب، وأبرز التجار عائلتي Pantaleoni وMauri.
وعندما قامت الحروبُ الصليبية الأولى 1097م، وتم الاستيلاء على القدس، أنشأ رئيسُ المستشفى جيرارد دي مارتيز تنظيمًا مُنفصلاً أسماه "رهبان مستشفى قديس القدس يوحنا"، يَجمع ثمانيةً من أقاربه الفرسان، من ضمنهم جيودوفري دي سانت أومير، التزموا في هذا الوقت بحماية رحلات الحجاج إلى الأماكن المقدسة، وهؤلاء بحُكم درايتهم بأحوال البلاد قدموا مساعداتٍ قيمة للصليبيِّين، وخاصة بعد أن تحولوا إلى نظام فرسان عسكريين بفضل ريموند دو بوي خليفة مارتينز، بعد أن كانوا هيئةً خيرية، ثم منظمة داعمة طبية بمستشفى القديس يوحنا[5]، وريموند هو الذي أعاد تشكيلَ التنظيم على أساس عسكري مسلح باركه البابا (نوست الثاني) 1130م، أمَّا "... قبل ذلك، فكان محظورًا على رجال الدين الكاثوليك حملُ السلاح، لكن وجدوا حلاًّ بإنشاء تنظيمات عسكرية رهبانية، فيها عددٌ كبير من العَلمانيين، وقساوسة لأداء العبادة، ذلك ليسمح للرهبان بالحرب..."[6]، وتَحوُّل هيئة الرهبان الهوسبيتال من هيئة طبية - بعد أن كانت منظمة خيرية دعوية - إلى منظمة عسكرية كان لسببين[7]:
1- أنَّ الرهبان الفرسان لما قدموا إلى القُدس؛ ليعملوا بالمستشفى كهيئةٍ طبية، بعد فترة رأَوْا ما للفرسان العسكريِّين في التشكيلات الأخرى من أموال وإقطاعات وامتيازات، فحاولوا استغلال شعار الحرب المقدسة بإعلان التشكيل العسكري للمستشفى كفَرع لهم؛ كيما يحصلوا على الامتيازات نفسها، فتحولوا من رهبان فرسان إلى فرسان رهبان، وجمعوا بين الرهبنة والعسكر.
2- وجود نموذج شبيه، وهم فرسان الداوية - فرسان المعبد - كتشكيل عسكري باركه البابا، وتَحصَّلوا على امتيازات كثيرة، رغم أنهم نشؤوا بعد عشرين عامًا من نشأة الإسبتارية كهيئة طبية إغاثية خيرية[8]، فطمع رهبان مستشفى القديس يوحنا في الأمر نفسه.
يغتسلوا إلا نادرًا"، وأن يقصّوا شعر رؤوسهم.
وكتب برنار إلى فرسان المعبد يقول: "إنَّ على المسيحي الذي يقتل غير المؤمن في الحرب المقدسة أنْ يثقَ بما سينال من ثواب، وعليه أن يكونَ أشدَّ وثوقًا من هذا الثواب إذا قتل هو نفسه، وإن المسيحي ليبتهج بموت الكافر؛ لأن المسيح يبتهج بهذا الموت"، ومن الواجب على الناس أنْ يقتلوا وهم مرتاحو الضمير، إذا كانوا يُريدون النَّصر في الحروب، ومع أنَّ فرسان المستشفى كانوا حوالي 1180، فقد كان لهم جميعًا شأنٌ ظاهر في معارك الحروب الصليبية، وذاعت شهرتهم الحربية، وقاموا بحملة واسعة لجمعِ المال، فتوالت عليهم الإعانات من الكنيسة والدولة، ومن الأغنياء والفقراء على السواء، فلم يحل القرن الثالث عشر حتى تَملكوا في أوروبا ضياعًا واسعة تشمل أديرة، وقرى، وبلدانًا أدهشت النصارى والمسلمين بما أنشأت من الحصون الواسعة في بلاد الشام؛ حيثُ كانوا يستمتعون بالترف مجتمعين وسطَ متاعب الحروب وكدحها، مع أنَّهم قد نذروا أنفسهم فرادى للفقر[10].

الخلاصة في فرسان المعبد
امتاز فرسانُ الهيكل أنَّهم أول من حَوَّل مُؤسسة دينية إلى تشكيل عسكري، ثم منظمة مُرتزقة محترفة، كما صاروا يُمثلون مدرسة النفاق والطَّعن في الكنيسة الكاثوليكية، فحَذَوا سير الباطنية بين المسلمين، فكانوا بلاءً على النصارى، مثل بلاء المسلمين بالباطنية الشيعة.
وكسر الفرسان لما عادوا لأوروبا احتكارَ اليهود لممارسة الرِّبا، حتى سموا بالمسيحيين اليهود؛ لأن المرابي كان يُدعى باليهودي، فقد حُفر في أذهان الناس الربا والبُخل واللؤم واليهود، متضايفات ذِكْرُ إحداها يُغني عن البقيَّة؛ لأنه يتضمنها.
والفرسان كانوا يَقتادون من ريع التَّحريض على الحرب الصليبية، والنحيب على القدس، فلا يطعمون إلاَّ من دماء المسلمين، وما دام فيه قدس وإسلام، فهنالك ريع للفرسان؛ لذا نراهم في حاضرنا على نَمط أسلافهم، أموالهم تتقاطر عليهم من الحروب، ومن البكاء على القدس تتماطر، ومن الحرب على الإسلام وأهله تتهاطل، فمصير فكرهم معلق بالقضية الفلسطينية إن حُلِّت انتهوا ولم تعُد لهم حاجة.
ولفرسان الهيكل آثارٌ على المجتمع النَّصراني الكنسي، شملت من أخلاقه وأعرافه وقيمه إلى اقتصاده وسياسته، فكانوا من أوائل المؤسسات الرِّبَوية المصرفية، وجاهدوا ليحدوا من سُلطان الكنيسة الرُّوحي والسياسي، حتى أحالوها جدرانًا بلا تابعين في أماكن عدة من العالم، وسعوا في نشر العلمانية (اللاَّدين)، وحرية الأديان والمعتقدات؛ كيما يُتاح لهم عرض معتقداتهم تحت حماية القانون، وقَبول المجتمع.
والرنين الذي صدع به دُعاة الديمقراطية والعَلْمَنة يخبو بكشف أصول نسلهم، فالثورة الفرنسية بشعاراتها "الحرية، الأخوة، المساواة" هي ثورة شعارات الماسون فرسان الهيكل؛ لهدم الأديان والنُّظُم الحاكمة، وهؤلاء لا دين لهم إلا عبادة الشيطان، فلو سايرت الأُمَّة هؤلاء الأدعياء، سيحل عليها ما نراه على أولئك القوم، من إعلان ألوهية الشيطان، وذبح الأطفال، وشرب الدِّماء، واستباحة الأعراض، فعلى العقلاء أنْ ينبهوا مَن بيدهم الحل والمنع؛ لئلا نغدو وبيننا قوم إبليس يُجاهروننا بالكفر.
والمتدبر يلاحظ التدرج الذي اتَّبعته المنظمات: من هيئات خيرية إلى جمعية داعمة، إلى منظمة طبية، إلى تشكيل عسكري، فتصبح وقد صار لها أمرٌ ونهي، وسيف ودرع، فأنَّى لأولي الأمر أن يَمنعوا عنها ما ردَّهم عنها من قبل، ألا فلْيتدبَّروا القول.
وفي الطرح رمتُ بيانَ أصل الماسونية، وتجلية مثيلاتها في أمَّتنا من الشيعة الباطنية، وقد صارت لهم دولة، بل الباطنية مدرستها في الحضانة، وعليها تعلمتِ الماسونية، فبدل رمي أطراف العيون إلى أعالي البحار، فلنبصرْ مَن هم دوننا، فهم إذا لاقونا قالوا: نحن معكم، وإن ولوا عَضُّوا علينا الأنامل من الغيظ... (الرد قرآني).
وفرسان الهيكل قاموا على هدم دينهم، إلا أنَّهم أظهروا خلاف ذلك؛ لذا زعم البعض أنَّهم يهود أو مؤامرة يهودية، وفي هذا نظرة تسطيحية، بل ساذجة، فيها نوع من استغفال القارئ، فكلما ارتد قومٌ عن دينهم مسحناها في اليهود، فنحول المجرمَ إلى ضحية، بل أحمقَ يستغفل ويستدرج! وبالله عليكم، إن كان اليهود غيروا كلَّ أديان الأرض، هذه العبقرية الساحرة ألاَ تستدعي الخوف منهم؟! ضربت عليهم الذِّلَّة أينما ثقفوا، هل الضلال لصيق بجنس اليهود وباقي البشر أبرياء، بل أغبياء؟!
فتأمَّل أساطين أهل البدع في الحضارة الإسلامية، غالبيتهم أعاجم، ورُؤوس الخوارج كلهم أعراب، فكلٌّ كان يدعو لما يهوى، وإلاَّ لِمَ سَرَت عقائد الإمامية في الفرس دون غيرهم؟ حتى عبدالله بن سبأ - أستوقف هنا فيه - فهو يهودي، صحيح؛ لكن يَمني، واليمن كان فيها سُلطان الفُرس وعقائدهم؛ لذا يدرس بفهم عقائد اليهود اليمنيِّين، ولم دعوته تسري في جنسٍ دون غيرهم لو لَم ترقَ لهم أصلاً، وتناسب مزاجهم وترسباتهم العقدية السابقة؟!
فَمكّن قواعد الدفاع ترسيخ العقيدة السلفية في قلوب الأحداث؛ لأنَّه الصيد السهل لهذه المنظمات، وعلى قواعد شيخ الإسلام ابن تيمية: لا تظهرُ البدع إلا حين تَخبو السنة، ولا تخبو السنة إلاَّ حين يسكت العُلماء، فللصَّامتين العارفين للحق دَوْر، وعليهم وزر، ولك أنْ تُنعمَ ناظريك، فأهلُ الباطل تَجد لهم هممًا وحراكًا عجيبًا، لا يكلُّون، ولا يملون، وعلينا يتَّحِدون، بينما أهل الحق ترى منهم تولِّيًا حالَ الزحف، بين مدع للتواضُع، ورام بثقل الدعوة على غيره، بالله عليكم كلٌّ بما ملك من علم يتصدَّق، وليس عليك هداهم، وما أجري إلاَّ على الله - تعالى - وما أريد إلا أن أنصح لكم.
وفي مقال غيره - إن شاء الله عزَّ وجلَّ - سنبسط البحثَ حول أصول الماسونية، وعلاقتها بالصهيونية، والنورانيين، والعلمانية، والربوبية، والواحدية، والباطنية الشيعية، وفي ثانٍ - إن شاء الله - سنوضح معنى فلسفة القابالاه، ومدى تأثيرها في التاريخ اليهودي والنصراني، وفي الماسونية وعبدة الشيطان، وفي ثالث - إن شاء الله - نخوض في ديانة عبدة الشيطان: تاريخها، معتقداتها، وامتداداتها في الأديان، وتجلياتها في أتباعها في عصرنا، ومدى خطورتها على المسلمين، وصفات وميزات مُرتاديها في أراضينا الإسلامية.
[1] ورد في بعض الكتابات من مسلمين أنَّ الفرسان تأثَّروا بمعتقدات المسلمين، ثُم يَذكُر المسلمين المُتأثر بهم: الباطنية والقرامطة والحشَّاشين، وهذا عجب يُذهبه معرفة السبب.
فالأصح أن يقال: تأثروا بالحضارة الإسلامية دولةً، أو بالمشرق أرضًا، وهنا يدخل الغثُّ والسمين، السُّنة والبِدْعة، وحتى المنظمات الهدَّامة؛ لأنَّها قامت في أراضيها وأيام سُلطانِها، وإن لم تنسَب لأصولها، لكنْ أنْ تنسَب عقائدُ الباطنية والقرامطة والحشاشين إلى الإسلام دينًا، فأعتذر، على الكاتب أنْ يراجع عقيدته، فأولئك بإجماع العلماء والعُقلاء - حتى السفهاء - من أكفرِ خلق الله قاطبةً، حتى إنَّ الوثنيِّين حاروا في كفرهم، فمَن كَفَر من البشر، كان كفرُه في الغالب في باب توحيد الألوهية أو الأسماء والصِّفات، أمَّا توحيدُ الربوبية فنادر، إلاَّ الباطنية والقرامطة والحشاشين، وهم مدرسةٌ فيما بعد للماسونية وعَبَدة الشيطان والباطنية الحلولية، والمذاهب الربوبية.
[2] وكان لهم الفضل في استعادة القدس بعد أن اعتدَوا على الحُجَّاج المسلمين، ونقضوا العهود، ثم قاموا بالهجوم على جيشِ صلاح الدين الأيوبي، فأفناهم في معركة حطين الخالدة، حتى لم يبقَ منهم إلاَّ شرذمة ستتكاثر فيما بعد لتُنْشِئ دولة، وكثير من المؤرخين الأوروبيِّين والمستشرقين يُحمِّلونَهم خسارة القُدس؛ لتعصُّبهم وتَهورهم باسم الدِّين، وقد علم من التاريخ أنَّهم إنَّما كان همهم أراضي المسلمين وثرواتِهم، وتعطشهم للدِّماء معلوم من مبادئهم.
[3] "قصة الحضارة: مملكة أورشليم اللاتينية"، وول ديورانت، ص 5301.
[4] "قصة الحضارة"، وول ديورانت، ج1، ص 86.
[5] هم طائفة إسماعيليَّة نزارية انتشروا بالشَّام، وبلاد فارس والشرق، ومن أبرز شخصياتِهم:
الحسن بن الصباح: وهو فارسي الأصل، وكان يدين بالولاء للإمام المستنصر، قام بالدَّعوة في بلاد فارس للإمام المستور، ثم استولى على قلعة آلموت، وأسَّس الدولة الإسماعيلية النزارية الشرقية، وهم الذين عرفوا بالحشاشين؛ لإفراطهم في تدخين الحشيش، وقد أرسلَ بعض رجاله إلى مصر لقتلِ الإمام الآمر بن المستعلي، فقتلوه مع والديه عام 525ه‍، توفي الحسن بن الصباح عام 1124م.
يعتبر الحشاشون أساتذةَ منظماتِ المرتزقة العالمية، ومصدر إلهام لأنظمةِ المخابرات لتشكيلِ فِرَق العملياتِ القذرة، امتاز الحشاشون بولائهم المطلق لشيخ الجبل؛ نظرًا للمَنهج المتَّبع في تدريبهم، والنِّظام الصارم والدَّقيق في تعليمهم، وحسن اختيار الأتباع، ففي القلعة كان يُربَّى العديد من أطفال الفلاحين الفُقراء؛ حيثُ يأخذهم حسن الصباح منذ طفولتهم المبكِّرة، ويُعلمهم لغات مُختلفة، كالعربية، واللاتينية، واليونانية، والفارسية، والتركية، والكردية... وغيرها، ويلقنون ثقافة الشعوب والتجمُّعات الكبرى، وأنظمتها وعاداتِها حضرها وبَدْوها، ويلقنون من صغرهم إلى رجولتهم الطاعة التامة لشيخ الجبل سيد القَلعة، ويوعدون بالمسرات، وأن الجنة بيد شيخ الجبل، فهو المسيطر على الآلهة... وأتباع شيخ الجبل يسمون الفدائية.
- "الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة"، (1/240).
- "مؤتمر الحركات الهدَّامة في التاريخ الإسلامي قديمًا وحديثًا"، كلية الآداب، جامعة الزقازيق، مج 1، ص10، 1990م.
[6] وكلمة الحشاشين: Assassin دخلت بأشكال مُختلفة في الاستخدام الأوروبي بمعنى القتل خلسة أو غدرًا، أو بمعنى القاتل المحترف المأجور.
[7] "قصة الحضارة"، وول ديورانت، ص 5336.
[8] سيرد الفرسان بعد زمن، ويطيحون بالنظام الملكي الفرنسي عن بَكْرة أبيه، ويُنكِّلون بالأمراء ومن يدعمهم، في ثورة سُمِّيت "فرنسية"، والثورة ثورة فرسان المعبد على أوروبا وتاريخها الديني والسياسي، شعارهم "اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر رجل دين".
فشعار الثورة الفرنسية: الحرية، الأخوة، المساواة... بالطبع هي طبق الأصل شعارات الماسونية، كما أنَّ أحدَ أقطاب الماسونية - وهو نابليون بونابرت - سيقود حملةً عسكرية ضِدَّ الجناح الطبي العسكري للكنيسة الكاثوليكية "فرسان مالطا"، ويُجليهم من الجزيرة، ويحولهم إلى دولة افتراضية؛ انتقامًا للتنكيل بفرسان المعبد من الكنيسة، واسترجاعًا للثروات التي استحوذوا عليها من أملاك فرسان المعبد بعد قرار المصادرة.
[9] "قصة الحضارة"، وول ديورانت، ص5337.
[10] "موسوعة اليهود والنصارى"، عبدالوهاب المسيري، مج2، جزء6، ص(226، 227).
[11] مصطلح "تعاليم" من المصطلحات الإسماعيليَّة الباطنية، ويسمون بالفرق "التعليمية"، ويرمون بها إلى تقديس التعاليم، كالوحي؛ لأنَّها من الإمام المعصوم.
[12] والأصح وصفهم بالعبيديِّين، فلا أصلَ له بنسلِ فاطمة - رضي الله عنها - وهم من الشيعة الباطنية الكافرة، نكَّلوا بالسنة أيامَ احتلالِهم، وتَحالفوا مع الصليبيِّين النَّصارى على المسلمين... ولله في أيامه عبر، لما أقاموا دولتهم بإيران في القرن العشرين، تَحالفوا مع "الصليبيِّين"، ومن فَمِهِم نُحاكمهم، ونَكَّلُوا بالسنة في بلاد الرافدين، فلا نروي التاريخَ حكايات ما قبل النوم، بل لِيصحو أهلُ السنة من النوم، وليخرص دعاة التقريب بين السنة والشيعة.
[13] النورانيُّون أو حملة لواء الشيطان، من اليهود (القبالاه) عبد الشيطان، تأسسوا عام 1770م في بافاريا، ثم انضموا إلى الماسونية 1782م، وحَلَّ محفلهم الخاص بهم "محفل الشرق الأكبر" 1786، وهم يُمثِّلون أعلى مرتبة في المحفل الماسوني.
[14] مراتب الحشاشين:
المرتبة الأولى: مرتبة رئيس الدعوة أو داعي الدُّعاة، وكان أيضًا يُسمى نائب الإمام المستور في بلاد الشام سمي "شيخ الجبل".
المرتبة الثانية: كبار الدُّعاة.
المرتبة الثالثة: الدُّعاة.
المرتبة الرابعة: الرفاق.
المرتبة الخامسة: الضراوية، أو الفدائية، وهم الفئة المسلحة في الدَّعوة، التي يشترط فيها التفاني والتضحية في خدمة الدَّعوة، حتى ولو أدَّى ذلك إلى الموت الذي اعتبروه أشرفَ نهاية؛ لأنه يضمن لهم السَّعادة في جنة الإمام.
المرتبة السادسة: اللاصقون.
المرتبة السابعة: المستجيبون وهم عامة الناس المؤيدون للدعوة.
- "الخلافة العباسية"، ص (2/189،190).
[15] "الحركات الباطنية في العالم الإسلامي"، الخطيب، ص 129.
[16] "فضائح الباطنية"، أبو حامد الغزالي، مع التصرف.
[17] ظاهرة الأيمان المغلظة تَجدها في كلِّ المنظمات والحركات السِّرية، حتَّى الإخوان المسلمين قارفوا مثلَ هذه الظاهرة التي تُنبِئُ عن عدم الثِّقَة في المحيط الذي هم فيه، وخطورة التدابير المرادُ تطبيقها، وإن رام أحدٌ الاستشهادَ بالدعوة السرية للنبي - صلى الله عليه وسلم - فأََتى له بنصِّ يَمين مغلظ - وإن ثبت تنازلاً معهم - فالدَّعوة كانت بين ظهراني الكفر، إلاَّ أنَّهم زعموا أن المجتمعات التي هم فيها كافرة، فمقام النقاش لا يَسع.
[18] وهذا صلب ما تفعله الماسونية؛ كيما توحي أنَّ رُوَّادها من أعلام العالَم وكبار عُلمائه وعظماء القادة، فلا تجد إلاَّ النَّزر ممن ذكروا أنه منهم وهو حي، بل ذاك مما ندر، ولا يُمكن مساجلتهم؛ لأنَّهم لا يسجلون أعضاءَهم إلا بعد موتِهم، وإن فعلوا فلا ضابط لذلك من أحد، ولك أن تتابع مشاهيرهم: لوي آرمسترونغ (عازف الجاز)، فريدريك بارثولدي (مصمم تمثال الحرية)، فايكاونت بينبت (رئيس وزراء كندا الأسبق)، سيمون بوليفار (محرر أمريكا الجنوبية)، روبرت بوردون (رئيس وزراء كندا الأسبق)، جيمس بوكانا (الرئيس الأمريكي الأسبق)، روبرت بيرنز (شاعر سكوتلندا الوطني)، كازانوفا (المغامر الإيطالي)، ونستون تشرشل (الزعيم البريطاني أيام الحرب الثانية)، أندريه سبتروين (رائد سيارات سيتروين الفراسية)، مارك توين (الكاتب الأمريكي)، بوب دول (مرشح الرِّئاسة الأمريكي السابق)، آرثر دويل (مؤلف شيرلوك هولمز)، إدوين دريك (رائد صناعة النفط)، كنج جيليت (رائد أمواس جيليت للحلاقة)، تشارلز هيلتون (مالك مجموعة فنادق هيلتون الشهيرة)، توماس ليبتون (رائد شاي ليبتون)، وكثير من رُؤساء الولايات المتَّحدة، بل مؤسسيها، بنجامين فراكلين، وجورج واشنطن، وكاتب النشيد الوطني الأمريكي وملحنه... بعض هؤلاء أثبتت أدلة ووثائق صلتهم بالماسونية، بل تَرؤُّسُهم للمحافل، لكن الكثير لا يُمكنه النفيُّ ولا الإثبات، وهذه هي فلسفة فوضى الدجل، والدجل هو خلط الحقِّ بالباطل، فإما أن تقبل الكل، أو تنفي الكل، وإن رُمت - تحذلقًا - البحثَ والتحري، فقُبَيل انتهائك من بحثك سيرمون لك كمًّا هائلاً من المعلومات على النَّسق نفسه... وشمر إنْ بقي فيك نفس للبحث ثانية... وذا الدهاء مردُّه إلى الخبث الباطني الشيعي المجوسي، عباقرة الدجل تاريخيًّا، حتى حوَّلوا النِّفاق والكذب دينًا سَمَّوه التقيَّ! سبحان ربي! ولك المقارنة بين أولئك وهؤلاء في شرهم، أتواصوا به؟ إي نعم، أخذ الآخِر عن الأول.
[19] الثانوية هي من العقائد الماجوسية قائمة على اعتقاد أنَّ للعالم قُوتين خيرًا وشرًّا، نورًا وظلامًا، ثم تنشأ عن هذا المعتقد فِرَقٌ وطوائفُ لكلٍّ نظريتها في تفسير العلاقة بين القوتين، ثم العلاقة بين البشر، وكلتا القوتين مجتمِعَتَين أو منفصلَتَيْن كلٍّ على حدة.
فالثانوية هي عقيدة أو نظرية وليست فرقة، بل هذه العقيدة مُتبنَّاة من فرق عدة تتشاطر هذا الأصل العقدي، ومن هذه الفرق طوائف المجوس والزرادشت والديصانية والمزدكية والمانوية، والبوذية والهندوس والبراهمتية.
والمانوية: فرقة عقدية أتباع الراهب ماني، كان راهبًا في نجران، ثم سن لنفسه مذهبًا عقديًّا جامعًا بين الزرادشتية والنصرانية، فهو يُؤمن بنبوة زرادشت وعيسى معًا، ورأى أنَّ العالم من قوتين نورٍ وظُلمة، وهما في صراع دائم، وبينما قال زرادشت بأنَّ النور أو الخير هو المنتصر في النِّهاية، فحثَّ على التناسُل والتكاثر، فإنَّ ماني رأى في امتزاج النور والظُّلم شرًّا لا بُد التخلُّص منه بقطع النسل، وتحريم النكاح حتى يستعجل الفناء، وكان يدعو إلى الزُّهد، وترك العمل وكسب الرزق، عاش أتباعه إلى القرن الثالث عشر بين المسلمين، وأخذ بمذهبهم أناسٌ من أوروبا.
[20] لفظ "حيرام" لفظ عبري وفينيقي اختصار لكلمة "أحيرام"، ومعناه: "الأخ يرفع"، وهو ملك صُور، الذي شيَّد هياكل لعشتاروت.
كان حيرام صديقًا لكلٍّ من داود وسليمان، ويبدو أنَّه كان يَود تطويرَ مَملكته تجاريًّا، ولذا فقد وسع مدينته، وبنى رصيفًا على الجانب الشرقي، واشترك مع سليمان في إرسال بعثة بَحرية إلى أوفير للبحث عن الذَّهب، وقدَّم حيرام أخشاب الأرز والسرو لبناء الهيكل، والصُّناع المهرة؛ ليساعدوا في تجهيزِ الخشب والحجر، ومقابل ذلك قدَّم له سليمان الحنطة والزيت ومُقاطعة صغيرة من فلسطين.
كما أنَّ اسمَ "حيرام" كان يُطلَق على الصانع الذي أرسله حيرام (الملك)؛ ليصنع الأجزاء النحاسية في الهيكل كالأعمدة؛ "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية: عبد الوهاب المسيري. ج10، ص 281".
في السنة 43, استدعى الملك هيرود آغريبا أعضاء محكمة القدس:
• الملك هيرود آغريبا (Herod Agrippa): المعظم الأول لدى الماسونيين.
• باقتراح من حيرام آبيود (Hiram Abiud)، وهذا هو المعظم الثاني عند الماسونيين، مستشار الملك الذي كان المؤسِّس الحقيقي للماسونية القديمة، هو الذي اقترح اسم الجمعيَّة القوَّة الخفية حسب هذه الوثيقة.
• وبموافقة موآب ليفي (Moab Levy).
• آدونيرام (Adoniram).
• جوهانان (Johanan).
• يعقوب آبدون (Jacob Abdon).
• آنتيباس (Antipas).
• سولومون آبيرون (Solomon Aberon).
• وآشاد آبيا (Ashad Abia).

عقيدة القتل عند اليهود
الحمد لله ولي الصالحين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وصلى الله على نبينا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

إن ما رآه العالَمُ من أحداث دمويَّة، وجرائمَ بربرية، اقْتَرَفَتْها أيدي الوُحُوش الصهاينة بحق أهلنا الصامدين في غزة - إنما هي أفعالٌ ناجمةٌ عن مبادئَ عقديَّة، ودوافع دينية، وثمراتٌ للنبْتِ الصِّهْيَوْنِي النامي من جذورٍ توراتيَّة وتلمودية خبيثة، افتراها قَتَلةُ الأنبياء والمرسلين وصدقوها، وصارت نبراسًا لأجيالِهم، ومنطلقًا لأفعالِهم، فهم - كما يأفكون - شعبُ الله المختار، وأبناءُ الله وأحباؤُه، وما عداهم حيوانات في صور آدمية، خُلقوا لخدمتِهم، ووُجدوا ليكونوا عبيدًا لهم، لا إنسانية فيهم، ولا حرمة لهم، ولا قيمة لأرواحهم ولا لدمائهم، ولا لأعراضهم وأموالهم.

لقد حكى الله - تبارك تعالى - عنهم ذلك بقوله: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ} [المائدة: 18].

وقد ورد في توراتهم الباطلة: أنتم أولادٌ للرب إلهِكم.

وقال الله عنهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 75].

وقد افتَرَوا في التوراة عنْ أفضليتهم:
- ولكن الرب إنما التصق بآبائك ليحبهم، فاختار من بعدهم نسلهم، الذي هو أنتم فوق جميع الشعوب.

- حين تقرب من مدينة لكي تحاربها، استدعها إلى الصلح، فإن أجابتك إلى الصلح وفتحت لك، فكل الشَّعْب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويُستَعبَد لك.

- ونسبوا إلى النبي حزقيال: لا تشفق أعينكم، ولا تعفوا عن الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء، واقتلوا للهلاك.

- وقالتْ توراتهم: العدل أن يقتل اليهودي بيده كافرًا؛ لأن مَن يسفك دم الكافر يقدم قربانًا لله.

- وجاء في سفر إرميا: ومَلعونٌ مَنْ يَمنَعُ سَيفَهُ عَنِ الدم.

- وجاء في سفر يشوع: وأخذوا المدينة وحرموا كل ما في المدينة - أي: قتلوهم - من رجل وامرأة، من طفل وشيخ، حتى البقر والغنم والحمير بحد السيف.

- وجاء في سفر التثنية: وإذا دفعها الرب إلهك إلى يدك، فاضرب جميع ذكورها بحد السيف، وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة غنيمتها فتغتنمها لنفسك، وتأكل غنيمة أعدائك التي أعطاك الرب إلهك، هكذا تفعل بجميع المدن البعيدة منك جدًّا، التي ليست في مدن هؤلاء الأمم هنا، أما مدن هؤلاء الشعوب التي يعطيك الرب إلهك نصيبًا، فلا تستبقِ منهم نسمة، بل تُحرمها تحريمًا: الحثيين، والأموريين، والكنعانيين، والفرزيين، والحويين، واليبوسيين، كما أمرك الرب إلهك.

- وجاء في سفر التثنية: فضَرْبًا تضربُ سُكان تلك المدينة بحد السيفِ، وتُحرمُها بكلِّ ما فيها مع بهائمها بحدِّ السيفِ، واجْمَع كل أمتعتها إلى وسطِ ساحتها، وتحرق بالنار المدينة وكل أمتعتِها كاملة للرب إلهك، فتكون تلاًّ إلى الأبد لا تُبنى بعدُ.

- وجاء في سفر صموئيل الأول: فالآنَ اذهَبْ واضرِبْ عَماليقَ، وحَرِّمُوا كُل ما له، ولا تَعْفُ عنهم؛ بلِ اقْتُلْ رَجُلاً وامرأة، طفلاً ورضيعًا، بقرًا وغنمًا، جملاً وحمارًا.

واليوم، إذا أردنا أن نعودَ من غياهب الإفك التوراتي، إلى العدوان الوحشي الصِّهْيَوْنِي، فإنَّنا نجدُ أنه خلال أحداث غزة الأخيرة أفتى الحاخام "يسرائيل روزين"، رئيس معهد "تسوميت": أنه يجب تطبيق حكم "عملاق"، على كل من تعتمل كراهية إسرائيل في نفسه، ويصرح بتحديد "عملاق هذا العصر"، بقوله: "إنهم الفلسطينيون".

ويقول: "مَن يقتل الطلاب، وهم يتلون التوراة، ويطلق الصواريخ على مدينة سديروت فيثير الفزع في نفوس الرجال والنساء، من يرقص على الدماء - هو عملاق، يجب أن نرد عليه بكراهية مضادة، وعلينا أن ننزع أي أثر للإنسانية في تعاملنا معه، حتى ننتصر".

وقد أيَّد عدد من كبار الحاخامات فتوى ذلك الحاخام المجرم؛ منهم:
- الحاخام "مردخاي إلياهو": الذي يعدُّ المرجعيةَ الدينية الأولى للتيار الديني القومي في الكيان العبري، والذي شغل في الماضي منصب الحاخام الشرقي الأكبر - يؤيِّد تطبيق الحكم، بل إنه دائمًا يشير إلى إحدى العبارات التي وردتْ في الحكم، وتقول: "اذكر عدوك وأبِدْه".

- والحاخام "شلوموا إلياهو": الحاخام الأكبر لمدينة صفد، الذي كتب مقالاً مؤيدًا لتطبيق حكم العماليق؛ حيث قال: "لا توجد أية مشكلة أخلاقية في سحق الأشرار".

- والحاخام "دوف ليئور": رئيس مجلس حاخامات المستوطنات في الضفة الغربية، فيقول قاصدًا الفلسطينيين: "كل من يريد تدمير إسرائيل، يجب تطبيق حكم عملاق فيه".

- وأما الحاخام "أوري لبيانسكي": رئيس المجلس البلدي اليهودي في القدس المحتلة، فقد قال في كلمته في جنازة طلاب المدرسة الدينية، الذين قتلوا في عملية إطلاق النار التي نفذها الشهيد علاء أبو دهيم: "إنه يستذكر اللحظات التي سبقت صدور حكم التوراة في العماليق".

- إلا أن الحاخام "اليعازر الهارستون": مدير المدرسة الدينية في مدينة حولون قال: "إنه من ناحية عملية لن يكون بوسع اليهود قتل الأطفال والعجائز والنساء".
ولنُدققْ في قوله: "من ناحية عملية"، ولنفرق بينها وبين النواحي الإنسانية، أو الدينية.

- وقبل تلك الفتوى بأشْهُر، دعا "مجلس الحاخامات" في فِلَسْطين المحتلَّة الحكومة اليهودية إلى إصدار الأوامر بقتْل المدنيين في غزة، مشيرًا إلى أن "التوراة" تجيز قتْل الأطفال والنساء في زمن الحرب.

وهذه أقوال لبعض شياطينهم:
- قال الحاخام الأكبر للكيان اليهودي: "إبراهام شابير" في رسالة وجَّهها لمؤتمر شبابي صِهْيَوْني، عقد في "بروكلين"، في الولايات المتحدة: "نريد شبابًا يهوديًّا قويًّا أو شديدًا، نريد شبابًا يهوديًّا يدرك أن رسالته الوحيدة هي تطهير الأرض من المسلمين، الذين يريدون منازعتنا في أرض الميعاد، يجب أن تثبتوا لهم أنكم قادرون على اجتثاثهم منَ الأرض، يجب أن نتخلَّص منهم كما يتم التخلص من الميكروبات والجراثيم".

- وصرح الحاخام "مردخاي إلياهو"، الحاخام الشرقي الأكبر للكيان الصِّهْيَوْني سابقًا، في خطاب أمام عدد من منتسبي المدارس الدينية العسكرية: "لنا أعداء كثيرون، وهناك مَن يتربَّص بنا وينتظر الفرصة للانقضاض علينا، وهؤلاء بإمكاننا - عبر الإجراءات العسكرية - أن نواجههم، لكن ما لا نستطيع مواجهته هو ذلك الكتاب الذي يسمونه "قرآن"، هذا عدونا الأوحد، هذا العدو لا تستطيع وسائلنا العسكرية مواجهته".

- وقال الحاخام "إسحاق بيريتس"، أمام عدد من المجندين الجدد: إذا استمر ارتفاع الأذان الذي يدعو المسلمين للصلاة كل يوم خمس مرات في القاهرة وعمان والرباط، فلا تَتَحَدَّثُوا عن السلام.

- وجاء في "كُتَيبٍ"، نشرته قيادة المنطقة الوسطى في الجيش الصِّهْيَوْنِي عام 1973م: "ينبغي عدم الثِّقة بالعربي في أي ظرف من الظروف، حتى وإن أعطى انطباعًا بأنه متمدن، ففي الحرب يسمح لقواتنا وهي تهاجم العدو بل إنها مأمورة بـ(الهالاخاه)"، وهو النِّظام القانوني لليهودية الحاخامية، المستمدة منَ التلمود البابلي بقتل حتى المدنيين الطيبين.

- وأفتى الكولونيل الحاخام "أفيدان زيميل" في كتاب: "طهارة السلاح في ضوء الهالاخاه" بـ: "أنَّ اليهودي الذي يقتل أحد الأغيار، يكون قد ارتكب معصية غير قابلة لعقوبةٍ صادرة عن محكمة".

- وأما الحاخام "عوفاديا يوسف"، الزعيم الروحي لحزب "شاس"، اليهودي الشرقي، فقد قال عن العرب: "إنهم أسوأ من الثعابين، إنهم أفاعٍ سامة".
وقال: "هؤلاء الأشرار العرب تقول النصوص الدينية: إن الله ندم على خلقه أبناء إسماعيل هؤلاء، وإن العرب يتكاثرون كالنمل، تبًّا لهم، فليذهبوا إلى الجحيم".

- وقد أشاد الحاخام "بورج" بالمجرم "باروخ جولد شتاين"، منفِّذ مجزرة المسجد الإبراهيمي بمنتصف رمضان 1994 م بالخليل بقوله: "إن ما قام به باروخ جولد شتاين تقديسٌ لله، ومنَ الواجبات اليهودية الدينية".

- وكان قد بارك حاخام الكيان اليهودي الأكبر: "إسرائيل مئيرلاو" سياسة شارون في تصفية زعماء المقاومة الفلسطينية بقوله: "إن الأسلوب الوقائي واعتراض الناشطين الفِلَسْطينيين مُبرر تمامًا من ناحية التقليد الديني اليهودي، وإن إسرائيل تخوض حربًا من حروب الوصايا، تقتضي الشريعة في إطارها ليس فقط الدفاع، وإنما أيضًا المبادَرة والإقدام".

وقديمًا قال "مناحيم بيجين"، في كتابه "الثورة": "ينبغي عليكم - أيها الإسرائيليون - ألا تلينوا أبدًا عندما تقتلون أعداءكم، ينبغي ألا تأخذكم بهم رحمة، حتى ندمر ما يسمى بـ"الثقافة العربية"، التي سنبني على أنقاضها حضارتنا". وقال أيضا: "الفلسطينيون مجرد صراصير، يجب سحقها".

وفي مقابل هذا الظلام، وهذا الإرهاب الأعمى الحاقد، تقف تعاليم إسلامنا العظيم منارة وضَّاءة؛ تضيء للإنسانية كلها سُبُلَ الخير والهداية، والحضارةِ والرقي.

فها هو الرَّسول الأعظم - صلى الله عليه وسلم - يقول موجِّهًا أصحابه في الحرب: ((انطلقوا باسم الله وبالله، وعلى ملة رسول الله، ولا تقتلوا شيخًا فانيًا، ولا طفلاً ولا صغيرًا، ولا امرأة، ولا تَغُلوا، وضُموا غنائمَكم، وأصلحوا، وأحسِنوا إن اللهَ يُحب المحسنينَ))؛ رواه أبو داود.

وهذا هو سيدنا أبو بكر الصديق يُوصي بعضَ جيوش فتح الشام بالوصية العظيمة، التي أخرجها ابن عساكر في "تاريخه"، عن عبدالرحمن بن جبير، وفيها: وإني مُوصيكم بعشر كلماتٍ فاحفظوهن: لا تقتلُنَّ شيخًا فانيًا، ولا ضرعًا - ضعيفًا - صغيرًا، ولا امرأة، ولا تهدموا بيتًا، ولا تقطعوا شجرًا مثمرًا، ولا تعقرُن بهيمة إلا لأكلٍ، ولا تحرقوا نخلاً.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى