مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* الاصل البدائي للتوراة - اليهود قبل السبي- القيامة الأولى- العقيدة بابلية - يهود العراق

اذهب الى الأسفل

* الاصل البدائي للتوراة - اليهود قبل السبي- القيامة الأولى- العقيدة بابلية - يهود العراق Empty * الاصل البدائي للتوراة - اليهود قبل السبي- القيامة الأولى- العقيدة بابلية - يهود العراق

مُساهمة  طارق فتحي السبت أكتوبر 31, 2015 6:00 am

الاصل البدوي البدائي للتوراة
ان قرائتنا لمضامين التوراة الذي ينسب الى موسى، ويعتبر المصدر الاقدم لثقافة اليهود، يدلنا على ان ثقافة اليهود الاولى وقناعاتهم الدينية التأسيسية، كانت بدائية جداً قائمة على مفاهيم القوة والحرب وانعدام البعد السماوي وهي أقرب الى العقائد البشرية الاولى قبل أن تمسها أخلاقيات الحضارة. وهذا يجعلنا نتفق مع الطروحات القائلة:
1- ان اليهود ما عاشوا في مصر طيلة قرون كما تدعي التوراة، وانما نسبوا لأنفسهم حكاية قديمة ربما اقتبسوها من إحدى الجماعات التي جاورتهم أو امتزجت بهم فيما بعد. ليس من المعقول أن يعيش العبرانيون في مصر لعدة قرون ويمتزجوا بأهلها وحتى يصعدوا في نخبها الحاكمة (مثال يوسف مستشار الفرعون، وموسى ربيب الفرعون والقائد العسكري الكبير) ويتنعموا بكل مباهجها الحضارية، ولكنهم رغم ذلك ظلوا في ثقافتهم وفي عقائدهم بدائيين بدويين جداً، ولم تؤثر عليهم الحضارة المصرية قيد انملة، إلاّ ربما في اكتساب عادة الختان المصرية وتحريم لحم الخنزير، لا أكثر!. فهم لم يكتسبوا من المصرين أهم خصلتين في ديانتهم : التوحيد والايمان باله الشمس الرحيم (آتون)، والايمان بيوم الحساب.
2- ان اليهود ما كانوا جزءاً من الحضارة الكنعانية الفلسطينية ـ الشامية. علماً بأن عقيدة الكنعانيين تتشابه كثيراً مع عقيدة العراقيين حتى بأسماء الآلهة، إلاّ بعض الاختلافات الطفيفة. ان التوراة لم تحتوي من عقيدة الكنعانيين الدينية إلاّ نتف قليلة ليس لها حضور واضح: مثل أسم (ايل، وجمعه ايلهيم) ويعني (العالي) وهو أسم كبير الآلهة الكنعاني ـ العراقي، الذي تحول فيما بعد الى أسم (الله) باللفظ الآرامي. وأوضح الادلة على رفض التوراة لعقيدة الكنعانيين، انها تذكر (عشتار) الهة الانوثة والامومة (الكنعانية ـ العراقية)، بصورة سلبية وتأثيمية.فمثلاً يغضب (يهوه) من (سليمان) عندما يميل الى (عشتاروت) (سفر الملوك الاول 11 : 1و 4و5 و33/ كذلك الملوك الثاني 23و11). وهذا يدل على أن العبرانيين، كانوا عبارة عن تحالف قبائل بدوية تمكنوا من السيطرة العسكرية على مدن فلسطينية كنعانية، مثل أورشليم والسامرة، ولكنهم ظلوا كعشائر حاكمة منعزلة عن السكان الاصليين وثقافتهم وعقيدتهم. ولنا في التاريخ القديم وحتى الحاضر أمثلة كثيرة على تكوين بعض العشائر لسلالات حاكمة تبقى شبه منقطعة عن السكان. بل إن غالبية دول العالم القديم كانت قائمة على هذا المبدأ. لنأخذ مثال غالبية السلالات الملكية الحالية في اوربا، التي تعود الى عشائر جرمانية وأسكندنافية (الفيكنغ) بدائية محاربة غزت اوربا وفرضت سيطرتها منذ القرون الوسطى. كذلك حال بلدان الخليج والجزيرة العربية، حيث تمكنت عشائر بدوية محاربة من تكوين سلالات حاكمة تتمايز أحياناً حتى بمذهبها عن غالبية السكان الاصليين.
أكثر من أربعة ملايين شخص تم تهجيرهم في أنحاء الامبراطورية ألآشورية، خلال ثلاث قرون

عقيدة اليهود قبل السبي
في كل الاحوال، إن كانت (التوراة) لا تصلح أن تكون مصدراً لكتابة التاريخ، فهي على الاقل تصلح لأن تكون مصدراً للكشف عن العقيدة التي كان يتبناها اليهود قبل السبي. ان قراءة الاسفار الخمسة التي تشكل التوراة، تكشف لنا على ان العقيدة السائدة في تلك المرحلة تتسم بصفتين: (اللا اخلاقية، والوثنية).
أولاً ـ الروح البدائية الحربية القائمة على القوة والمنافسة والخداع والتعصب، وممارسة طقوس الخضوع دون حس أخلاقي وأنساني : في (سفر الخروج 12 : 10ـ15 ) على لسان موسى يذكر أول دعوة لتنفيذ عقوبة الاعدام، ليس بحق من يعتدي على الآخرين أو يتجاوز الاخلاق، بل بكل بساطة بحق من (يأكل خميرا)! وهذا دليل على ان الجانب الطقسي الشكلي وليس الاخلاقي والانساني كان هو الاساس في تلك العقيدة. كذلك، يمكن لليهودي مسح الخطايا الاخلاقية من اعتداء وسرقة وفحش وخيانة، بواسطة تقديم القرابين (سفر اللاويين 6 : 1ـ 7 / كذلك 16 : 20ـ12 ). وهنالك قسوة وحشية في فرض الطقوس: إذ يكفي أي سلوك شعائري غير متقن ليستحق فاعله الموت حرقاً، كما حصل لأبني هارون عندما حرقهما (الرب يهوه) لمجرد انهما لمسا خطأ الموقد المقدس (سفر اللاويين 10 : 1ـ2 ). وحصل نفس العقاب الوحشي لرجل آخر لمجرد انه لمس خطأ تابوت العهد! (6: 3ـ8 ). ونكتشف الى أي مدى تسيطر الطقوس الشكلية البدائية، عندما نقرأ في (التوراة)، ذلك العدد الكبير من الاسباب التافهة التي يستحق عليها اليهودي عقاب الموت، منها: عدم غسل الكاهن ليديه ورجليه قبل الصلاة(الخروج 30 : 17ـ20 ). كذلك العمل يوم السبت. (الخروج 31 :15 ). كذلك العمل يوم الغفران (اللاويين 23 : 27ـ30 ). كذلك أكل الدم (اللاويين 17 : 10ـ11 ). كذلك معاشرة الزوجة الحائض (اللاويين 20 :18 ). كل هذه الامور تبرر موت الفاعل، فأية شريعة رحمة ربانية هذه؟!
وهنالك وصاية بدائية ساذجة وقاسية ودموية كثيرة في التوراة، منها مثلاً طلب الرب من موسى : (لا تصعد الى مذبحي على درج لئلا تنكشف عورتك) (الخروج 20 : 18ـ26 ). كذلك تبرير معاقبة الابناء حتى الجيل الرابع، للرجل الذي يقترف خطأ. (الخروج2 :5 ). كذلك الدعوة للانتحار الجماعي لمجرد تهدئة غضب الرب، بحيث أمر آلاف اليهود بأن يقتلوا بعضهم البعض حتى اخوتهم وأبنائهم. (الخروج32 : 27ـ29 ). كذلك حللت عمليات الابادة الجماعية، كما فعل اليهود مع أهل مديان الكنعانية، إذ أمر موسى بقتل حتى الاطفال الاسرى من الذكور، وكل امرأة يمكن أن تحمل. (العدد32 : 8ـ18 ). نفس الامر حصل لمدينة أريحا الفلسطينية من مذابح جماعية سادية ومجانية شملت حتى المواشي، انتهت بحرق المدينة وأهلها. (يشوع 6 :21). نفس المصير لأهل مدينة عاي حيث تم ذبح 12 ألف انسان. (يشوع 8 : 23ـ24 ). وقام الرب بقتل سبعون ألف اسرائيلي لمجرد أن يسخر من داود. (24: 1ـ17 ) على هذا المنوال فأن التوراة تمتلئ بهذه الجرائم وسفك الدماء والمحارق الجماعية المباركة من الرب يهوه.
كذلك تمتلئ التوراة بقصص الزنا وفساد المحارم والخيانات التي اقترفها أنبياء اليهود وشخصياتهم المقدسة، والغريب انها تظهر على انها مقبولة تماماً من قبل الرب: فها هو أبراهيم يرحل الى مصر ويدَّعي بأن زوجته ساره هي أخته ويوافق على أن تصبح زوجة للفرعون، لقاء حصوله على المال. (التكوين12 : 17ـ20 ). نفس الفعل كرره اسحاق، لكن الملك اكتشف الامر وأنَّبَه على ذلك. (التكوين 26 : 3ـ11 ). كذلك يقوم الشيخ يهوذا بممارسة الفحش مع زوجة ابنه تمارا وينجب منها طفلاً. (التكوين38). لقد غفر الرب لداود الذي استولى على زوجة أحد قادته الذي بعثه الى الموت، ثم أنجب منها ابنه سليمان (صموئيل الاول: 11و12 ). كذلك يقوم النبي لوط بالفحش مع ابنتيه وتحملان منه.(التكوين19 : 36ـ38 ).
ولكي نكون عادلين في وصفنا للتوارة يتوجب التنبيه الى انها رغم امتلائها بالافعال اللاّ أخلاقية والدموية واللاّ أنسانية، إلاّ أنها تحتوي أيضاً على الكثير من الوصايا الاخلاقية والانسانية، التي تتناقض تماماً مع المضامين والافعال السلبية السائدة. فها هو عاموس يقول: ((اطلبوا الخير لا الشر لكي تحيوا... وليجر الحق كالمياه، والبر كنهر دائم)). (5: 14، 21 ـ24 ).
ثانياً ـ غياب التوحيد والبعد السماوي عن الرب : إذ تكشف لنا التوراة عن اله بدائي جداً وقومي خاص باليهود يحمل عدة أسماء (يهوه) وأحياناً (ايل)، وكذلك (ايلهيم ، جمع ايل) ان الاله اليهودي أقرب الى الانسان العادي منه الى الاله، فهو يعيش بين البشر ويأكل ويشرب ويغار ويخدع، بل هو حتى يشتهي النساء!! (انك لا تسجد لإله آخر، لأن الرب اسمه غيور، اله غيور) (الخروج 34 :14 ). (إذا تركتم الرب وعبدتم آلهة غريبة يرجع ويؤذيكم ويفنيكم) (يشوع 34 : 14ـ20 ) (اله الآلهة. الرب إله الآلهة) (يشوع 22 :21).(الله قائم في مجمع الآلهة. في وسط الآلهة يقضي) (المزمور 82: 1ـ6 ). وفي سفر التكوين في الاصحاح (18: 6ـ9 )، يقوم الله بزيارة ودية لابراهيم ومعه اثنان من أتباعه، ويأكلون عَجَلاً ماطبخته سارة. كذلك في سفر التكوين (32: 22ـ30 ) يتصارع الرب (يهوه) مع يعقوب ويبدأ يصرخ من الألم والخسارة. وفي سفر الخروج (33و24 ) يشاهد موسى وجماعته الرب على جبل سيناء، وأكلوا وشربوا في حضرته.
والغريب إن هذا الرب له علاقة إيجابية مع الشيطان رمز الشر. فها هو الرب يقول: ((أنا الرب وليس آخر، مصور النور وخالق الظلمة. صانع السلام وخالق الشر..)) (45:76 ). واتخذ رمز الشر أسماء عدة، فهو تارة أسمه (عزازيل) وهو على علاقة صداقة بالرب، بحيث إن هارون يكلف الرب بأن يأخذ له قربانه (اللاويين 16 : 5ـ10 ). وتارة اسمه (بلعيال)، فهاهم أتباعه يحاولون أن يغتصبوا ضيفاً. ( 19: 22ـ23 ). وهنالك حالات كثيرة قام فيها الرب باستخدام الشيطان من أجل معاقبة الآخرين، كما فعل مع المصريين ( 12:23 )، وهو يحمل أحياناً أسم (المهلك)، فيقول الرب: ((أنا خلقت المهلك ليخرب)) (54:16 ). كذلك يحمل أسم (شطن) أي الشيطان. وفي سفر أيوب يتفق الرب والشيطان على إقامة رهان لتجربة أيوب بتحمل المصائب. (1: 13ـ22 ).
ما ذكرناه أعلاه، هو بعض الامثلة من الشواهد التي تمتلئ بها التوراة عن لا أخلاقية عقيدة تلك الحقبة، وكذلك بدائية الرب وفساده وتعدده وتخصصه بالعبرانيين وحدهم.
الجدير بالذكر ان التلمود، لم يكن أقل سوءاً من التوراة، فهو يمتلئ بالحقد على غير اليهود (الغويوم ، العوام) وضد المسيحيين خصوصاً. أقلها ان غير اليهود ليسوا بشر، بل ان الله منحهم هيئة بشر ليصبحوا عبيداً لليهود! والطريف إن ترجمات التلمود كانت تبدل تسمية (الغويوم) و (النصارى) بتسمية أخرى حسب البلد والحقبة. ففي أنكلترا الاستعمارية أبدلت بـ (الهنود)، أو (الزنوج)، ولكن في أغلب الاحيان كانت تبدل بـ (أهل بابل) باعتبارهم يستحقون العنصرية واللعنة. كذلك (الاشماعيلي) أي العرب!!

تاريخ اليهود قبل السبي
ان حال اليهود واليهودية قبل السبي البابلي غامض جداً، فما عثر الآثاريون والمؤرخون إلاّ على نتف من الآثار والمصادر الصغيرة التي تمنح بعض المعلومات غير المؤكدة عن تاريخ اليهود قبل السبي. يبقى (التوراة) هو المصدر الوحيد المتوفر حتى الآن عن تاريخ اليهود في تلك الحقبة. لكن المشكلة ان (التوراة) لم يكتب إلاّ بعد السبي في بابل. لقد اتفق المؤرخون والآثاريون على ان التاريخ الوارد في اسفار (التوراة)، ليس له أي دخل بالحقيقة، لأنه تاريخ شعبي فيه الكثير من الخيال والمبالغات، حاله حال كل أساطير وسير الشعوب، مثل اسطورة كلكامش، والالياذة، وسيرة بني هلال وسيرة عنترة. فمثلاً لقد اقتنع المؤرخون بأن مملكة داود وسليمان العظيمة التي ملكت الجن والانس وأجبرت بلقيس ملكة سبأ على المجيء طلباً للأمان (حسب التوراة) ماهي إلاّ مشيخة صغيرة (دويلة صغيرة) مثل مئات المشيخات المتناثرة في المنطقة، بل ان هذه المشيخة من صغرها لم يرد لها أي ذكر في جميع المصادر والآثار التاريخية المكتشفة ولم تترك أي أثر حتى لو كلمة على صخرة أو قطعة نقدية أو اشارة واحدة في أي من الكم الهائل من الرسائل والوثائق المتبادلة حينذاك بين الدول. وليس لها أي ذكر إلاّ في التوراة وحدها لا أكثر. وهذا هو حال 80% من الحوادث والشخصيات التاريخية المذكورة في التورا. فمثلاً، من المبالغات المعروفة في اليهودية ادعائهم بأن (النجمة السداسية) هي (نجمة داود)، بينما كل البحوث التاريخية تؤكد إنها لم تستخدم من قبل اليهود إلاّ بعد القرون الوسطى في اوربا. بالاضافة الى أنها رمز عالمي قديم وجد لدى المصريين والهنود.
ان التاريخ الحقيقي لليهود والمثبت آثارياً وتوثيقياً يبدأ منذ السبي البابلي في القرن السابع وحتى العصر الحديث، أما قبل ذلك، أي التاريخ التوراتي، فهو افتراضي وخيالي ومضخم جداً وقد استخدمته اسرائيل والصهيونية من أجل تبرير مشاريعها العنصرية الاستيطانية.
النجمة السداسية لم تستخدم من قبل النبي داود، كما يدعي اليهود، بل فقط في القرون الوسطى
وهي رمز عالمي قديم وجد لدى المصريين والهنود!

تاريخ اليهود واليهودية
تعتبر اليهودية من بين الاديان التي لم تتكون منذ البدء كعقيدة واضحة محددة، بل هي أشبه بالوادي الكبير الذي تجمعت فيه مختلف الانهار والمجاري والمستنقعات والبحيرات، التي لم تمتزج ببعضها بل تراكمت جنب بعضها، ولكنها مع ذلك تجتمع تحت راية الوادي وحدوده وشروطه البيئية الخاصة.
يمكن تحديد تاريخ اليهود واليهودية بالمراحل السته التالية:
1- المرحلة الشفاهية البدائية، وهي المرحلة الفلسطينية الاولى التي يسودها الكثير من الغموض والفرضيات والمجادلات بين المؤرخين العلميين والفقهاء المؤمنين، وهي تتعلق بكل تاريخ اليهود السابق لفترة السبي البابلي. وتبدأ منذ الالف الثاني ق.م مع حكاية خروج النبي ابراهيم من أور العراق، ثم خروج اليهود من مصر مع النبي موسى، ثم تكوين دولتي اسرائيل ويهودا، حتى السبي البابلي (القرن السابع ق.م)
2- المرحلة الكتابية البابلية (بين القرن السابع والقرن الاول ق.م)، والتي تحولت فيها اليهودية من انتماء جغرافي أقوامي لـ ( دولة يهودا في جنوب فلسطين) الى انتماء ديني واضح. ان هذا التحول الكتابي المتأثر الى حد بعيد بأنجازات الحضارة البابلية، قد وضع اليهودية في الطريق الى تخطي بدائيتها اللاّ أخلاقية والهها البشري البسيط ، نحو نوع من الاخلاق الانسانية والايمان باله سماوي وعادل. إذ قامت الجالية اليهودية في بابل بكتابة تراثها الشفاهي الحكائي والعقائدي في اسفار (أجزاء وفصول) مختلفة جمعت في كتاب واحد اسمه (الكتاب المقدس، العهد القديم)، الذي أطلق على اسفاره الخمس الاولى تسمية (التوراة ـ التراث) وهي التي نسبت الى (النبي موسى) شفاهياً أو كتابياً، بالاضافة الى (اسفار الانبياء) وغيرها. وأعقب الكتاب المقدس كذلك تدوين شروحات وجدالات دينية جمعت أيضاً في كتاب كبير اسمه (التلمود، أي التلمذة والتعلم).
3- المرحلة التنظيمية الانعزالية، وهي المرحلة الفلسطينية الثانية (بين القرن السادس والاول ق.م) وهي متداخلة زمنياً مع المرحلة البابلية. في فلسطين وتحت قيادة النخبة البابلبة القادمة بزعامة (ازاربيل) أولاً، ثم بعدها بقرن تحت قيادة (ناحيم وعزرا)، تحولت اليهودية الى ديانة محددة ومتمايزة عقائدية وعرقياً، من خلال فرض سيطرة رجال الدين (الحاخامات، أي الحكماء) وفرض الطقوس والاحتفالات وفرض العزلة والحرمة على الاختلاط بغير اليهود.
4- المرحلة العرفانية ـ العالمية (اليونانية ـ المصرية) (بين القرن الثالث ق.م حتى القرن الثاني ميلادي) حيث تحولت (الاسكندرية) المصرية الى مركز لتطوير اليهودية وانفتاحها على الفكر العرفاني الروحاني المشرقي مع الفكر اليوناني الفلسفي. كذلك ظهور الترجمة اليونانية للتوراة (الترجمة السبعينية) في القرن الميلادي الاول. وظهور الكثير من الكتابات اليهودية الروحانية المغايرة لمضامين الكتاب المقدس، وقد أطلق عليها (الاسفار المنحولة والاسفار غير القانونية)، وفيها ظهرت لأول مرة في اليهودية مفاهيم (خلود الروح والثواب والعقاب والجنة والنار) والتي أثرت كثيراً على الاجزاء المتأخرة من التلمود. ويبدو ان هذا التيار اليهودي الروحاني الجديد قد ساهم بالتمهيد لظهور المسيحية. في هذه الحقبة بدأت اليهودية تتحول الى ديانة توحيدية سماوية كبرى معترف بتأثيرها الحاسم على باقي العقائد الكبرى السائدة في حوض البحر المتوسط والعالم القديم (اليوناني ـ الروماني).
5- المرحلة العربية ـ الاسلامية (بين القرن السابع والسادس عشر م) حيث انتعشت اليهودية في بغداد والاندلس والقاهرة. وبرزت تيارات اجتهادية شبيهة بالتيارات الاسلامية، مثل مذهب (القرائين) الرافضين للتلمود، المتأثرين بالمعتزلة في بغداد. وفي هذه الحقبة تأثرت اليهودية كثيراً بالتيار الروحاني (العرفاني التصوفي) الاسلامي، حيث برزت أسماء كبرى من أمثال (ابن ميمون) في الاندلس وكذلك تكون مذهب (القبالا) الذي أضاف لليهودية بعدها الروحاني الاشراقي.
6- المرحلة الاوربية ـ الصهيونية، (منذ سقوط الاندلس في القرن السادس عشر وحتى الآن). حيث بدأت خلالها اليهودية تتحول بالتدريج الى حركة قومية متعصبة بتأثير التطورات القومية الحاصلة في اوربا وكذلك معاناة اليهود من حياة العزلة (الغيتو) والعنصرية الاوربية التي بلغت ذروتها في إبادة ملايين اليهود في الحرب العالمية الثانية. وهذا الامر سهَّلَ كثيراً للحركة القومية اليهودية (الصهيونية) المتأثرة بالفكر العنصري والاستعماري الاوربي، أن تفرض سيطرتها على يهود العالم وتقودهم الى نوع من التعويض عن العنصرية والمذابح الاوربية، من خلال الانتقام من اخوتهم الفلسطينيين وتبرير طردهم وبناء دولة اسرائيل.

القيامة الأولى أو الصغرى
القيامة الأولى أو الصغرى
وأعني بها الحرب العالمية الثالثة ، التي نحن والعالم بصددها . وقد سميتهـا " القيامة الأولى " مجازاً ، تشبيهاً بالقيامة الحقيقية ، التي هـي آتية بعدها ، حاملة معها وعد الله ووعيده النهائيين .
فالحرب الآتية قيامة صغرى ، لأنها سيكون فيها من الأهوال علـى الكافريـن ، والندم والإبلاس من رحمة الله خطوب عظيمة . ولأنها ستدكّ جوانب من الكوكب الأرضي هذا الذي نحن عليه ، ستدكّ دولاً بما فيها من مدن وقرى وجبال راسيات . وتقتل ملايين الأحياء ، وفي مقدمتهم من البشر ، عبّاد الحضارة وعبيدها ، أسياداً وتابعين .
والله عزّ وجلّ ،
كما جعل للقيامة الكبرى أشراطاً ونذر ، كذلك جعل أشراطاً ونذر للقيامة الصغرى التي على الأبواب ، وذلك تنبيهاً للعالمين لكي يستعدوا ويكونوا دائماً على حذر ، ويفرّوا إلى الله سبحانه ، حيث لا ملجأ ولا مأوى يؤويهم دونه . ومن أين الملاجيء إذا أصبح حصيداً عمران دول حضارة الفحشاء وعماراتها . وهذه علامة : قوله تعالى :
{ .. حَتَّىَ إِذَا أَخَذَتِ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَـتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَارًا فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَن لَّمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ. سورة يونس الآية 24 }.
وفي ما يلي سنذكر من أشراط القيامتين التي يبدو أنها متداخلة والتي يبدو أنها في عزّ هجمتها في عصرنا هذا وأيامنا هذه ، ولو كان لا يدرك هذا الأمر ولا يتنبه إليه إلاَّ بعض من لهم خصوصية من الله سبحانه .
ولكي نوفر على أنفسنا الوقت ، لن نلتفت كثيراً إلى الوراء التاريخي ، وإنما سنكتفي بإشارات معاصرة وعلامات ، تفرض في كل عاقل أن يعتمدها استقراءً أو استنتاجاً . ليصل من خلالها إلى وجوب أن تقوم حرب عالمية ، شبه شاملة لأرقام المعادلة أو أطرافها أو أقطابها حتى أنه يكاد يكفي الاعتماد في الاستنتاج على ظواهر الأمور ، كما يفعل الصحافيون أو المراقبـون سياسيـون وعسكريون .
وقد قلت ( يكاد يكفي ) ولم أقل يكفي ، لأنه ليس بكـاف في الحقيقة إلاَّ علم من لدن الله تبارك وتعالى : اعتماداً على آياته ونواميسه ، وإخباره لمن يشاء من خلقه :
{ .. لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ.. سورة الروم الآية 4 }.
{ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ. سورة الروم الآيات ( 6 ـ 7 ) }.
والله سبحانه أذن بالإستنتاج والإعتماد نسبياً على الظواهر :
{ أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ .. سورة الروم الآية 9 }.
ففضلاً عن الحربين الكبريين السابقتين وما قبلهما وما بينهما ، من الفسـاد الذي ملأ البر والبحر بما كسبت أيدي الناس . فأثمر الفساد والتنكّر لله ولدين الله ، ولتعاليم الله ، هاتين الحربين . فصبّ الله على الفاسدين والمفسدين غضبه وانتقامه وعذابه .
كذلك جاء عصرنا هذا مليئاً بالمفارقات والمغالطات ، والظلم والجرائم على أعلى مستويات الدول ، بين إلحادٍ في جانب ، وفجورٍ في جوانب ، وأتباع لذاك في شتى الأقطار ، مـمّا أنتج حالات سياسية شوهاء في بقاع الأرض ، أقضت وما زالت تقض مضجع مليارات البشر في القارات الخمس .

القرآن والتاريخ اليهودي
قبل أن ندخل في مناقشة تاريخ اليهود واليهودية، علينا أن نذكر الحقيقة التالية: لقد اتفق غالبية الباحثون أجانب وعرب في العصر الحديث، على أن تاريخ اليهودية حسب التوراة مضَخَّم أكثر من اللازم ويحتوي الكثير من الطروحات القومية العنصرية واللاّ أنسانية (كما سنبين في بحثنا)، وبالتالي لايمكنه أن يكون متفقاً مع طروحات القرآن الكريم. ولكن المشكلة في العصر الاسلامي السابق، وبسبب الموقف الايجابي والأخوي من قبل المسلمين إزاء اليهود، فأنهم عموماً تبنّوا القصص التوراتية وأقحموها على بعض التفاسير الاسلامية الشائعة بل أضافوا إليها الكثير من المبالغات عن عظمة زعماء اليهود وسلطانهم الاسطوري (ما سمي بالاسرائيليات). لقد بينت البحوث العربية والاسلامية الحديثة، إن تاريخ اليهود حسب التوراة مختلف كثيراً عما هو وارد في القرآن الكريم. فمثلا إن القرآن، عكس التوراة، لم يحدد تاريخ خروج اليهود من مصر ولا مكان تيههم، والأهم من هذا انه لم يحدد البلد الذي استقروا فيها، فلم يذكر (فلسطين أرض الميعاد) ولا كنعان وباقي الاقوام، بل ذكر عبارة (الارض المقدسة). أما بخصوص (مملكة داود وسليمان) التي ادعت التوراة بعظمتها وإنها امتدت من النيل الى الفرات، فأن القرآن الكريم لم يحدد مكانها ولا أتساعها ولم يذكر أورشليم ولا بيت المقدس، ولم يتحدث عن بناء (هيكل سليمان العظيم .وهكذا دواليك جميع القصص المتعلقة بتاريخ اليهود واليهودية، وكل ما أضيف من تفاسير وحكايات أسلامية هي من (الاسرائيليات) وليس لها أي دخل بالقرآن.
الاساس العراقي للثقافة اليهودية
إن المتمعن في تاريخ اليهودية يكتشف ان العراق (بابل) كان الموطن الاول الذي تأسست فيه كعقيدة كتابية ناضجة، ومنه أخذت الجزء الاعظم من مصادرها الثقافية والدينية. وفي بابل (أصيب اليهود) بـ (عشق الكتاب والكتابة) التي تميز بها العراقيون طيلة تاريخهم وحتى الآن. وفي بابل نشأ العدد الاكبر من أنبياء ومؤسسي العقيدة اليهودية. ‎وكما يقول المؤرخ الفرنسي الكبير(جان بوتيرو): (( منذ عام 1872 بعد أن تم التمكن من قراءة الكتابة المسمارية والكشف عن كنوز الكتابات العراقية القديمة، فقد "الكتاب المقدس" أهميته العظمى باعتباره أقدم كتاب عن تاريخ البشرية، وتحول الى كتاب أدبي ديني))
إننا نبتغي من دراستنا هذه، الكشف عن الفكرتين التاليتين:
1- ان اليهودية لم تتكون كديانة واضحة وناضجة في فلسطين على يد (النبي موسى) الذي ينسب اليه كتاب (التوراة) بعد الخروج من مصر في أواخر الالف الثاني ق.م. بل ان بداياتها الاولى وتأسيسها كدين كتابي محدد كانت في بابل بعد سبي اليهود في القرن السابع ق.م.
2- ان اليهودية ليست هي أول (ديانة توحيدية سماوية) بل (المسيحية). لأن اليهودية في هذه المرحلة التأسيسية البابلية كانت (ديانة بابلية دنيوية)، ولم تبدأ بالتحول الى (سماوية ـ توحيدية) الاّ بعد ظهور التيار (العرفاني ـ الغنوصي) إبتداءاً من القرن الثالث ق.م. الذي أدخل في اليهودية المبدأين (التوحيدي والسماوي):
ـ التوحيد يتمثل بالايمان بأن الاله ليس (يهوه) رب اليهود وحدهم، بل هو (الله) الواحد رب جميع البشر والخليقة.
ـ السماوي يتمثل بالايمان بأن مصير الانسان ليس العدم، بل هنالك القيامة ويوم الحساب والوعد بالخلود في ملكوت السماء.

إشكالية لغات اليهود
العقيدة اليهودية، بابلية عراقية،
أم سماوية توحيدية؟!
إننا لم نختر في عنوان هذا الملف موضوع (اللغة) لأننا سنتحدث عن (الثقافة اليهودية العراقية، ديانة ونصوصاً) بصورة تفصيلية. أما موضوع (لغة اليهود)، فهو لا يخلوا من الاشكالية، لأن لغة اليهود بصورة عامة، وخصوصاً في العراق، كانت أساساً (الآرامية)، منذ سبيهم الى بابل في القرن السادس ق.م، حتى الفتح العربي الاسلامي للعراق في القرن السابع الميلادي. بعدها أصبحت (العربية) هي لغتهم للكتابة وللمخاطبة، لحد هجرتهم من العراق في خمسينيات القرن العشرين.
إشكالية لغات اليهود
أما اللغة العبرية، فأن تاريخها يسوده الغموض مثل باقي تاريخ اليهود واليهودية، وخصوصاً حقبة ما قبل السبي. فحسب الباحث (اسرائيل ولفنسون) إن (اليهود) كانوا يطلقون على لغتهم (اللغة اليهودية) وكذلك (لغة كنعان)، ولم تذكر بأسم (العبرية) إلاّ بعد السبي البابلي(1). ومن المعلوم إن لغة اليهود قبل السبي كانت الكنعانية، مثل باقي سكان فلسطين وعموم الشام. وقد أطلقوا على لهجتهم (العبرية) من باب التمايز، لا أكثر. وهنالك جدل حول مدى استخدامها في تدوين الكتب اليهودية المقدسة، وخصوصاً حقبة ما بعد السبي.
من المؤكد والمتفق عليه انهم في بابل تبنوا (اللغة الآرامية الشرقية العراقية) ودونوا كتبهم بها. حتى بعد العودة الى فلسطين، أيضاً بقيت الآرامية لغة اليهود لأن هذه اللغة الجديدة قد أصبحت لغة بلدان الهلال الخصيب، كتابياً وشعبياً، بعد أن احتوت تماماً اللغتين (الاكدية العراقية والكنعانية الشامية). لهذا فأن لغة السيد المسيح والمسيحية كانت الآرامية وليست العبرية.
أما مسألة استخدام (العبرية) في كتابة بعض أجزاء العهد القديم في بابل، فأمر غير مؤكد. فأن أقدم وثيقة توراتية بالعبرية ـ الارامية تعود الى الحقبة العباسية في القرن العاشر. لكن في العصر الحالي تم العثور على وثائق قمران (فلسطين) التي تعود الى القرن الثاني قبل الميلاد، أي بعد السبي بحوالي ثلاثة قرون، وتحتوي على وثائق دينية بالعبرية والآرامية. ثم ان هذه (اللغة العبرية) ما كانت حقاً كنعانية تماماً، بل هي مزيج من الكنعانية والآرامية. لقد ظلت الآرامية هي اللغة الاساس، ثم إبتداءاً من القرن الرابع ق.م وسيطرة اليونان على الشرق، بدأت (اللغة اليونانية) تشيع في كتابات اليهود وعموم الشرقيين بجانب الآرامية (السريانية). ومن أبرز الامثلة على ذلك اصدار ترجمة العهد القديم الى اليونانية (الترجمة السبعينية)(2) في القرن الثاني ق.م، وهي ترجمة أيضاً مختلف على صحة تاريخها ومضمونهاوقد استمرت الكتابات اليهودية تستخدم العبرية والآرامية السريانية بجانب اليونانية في العراق وعموم البحر المتوسط، حتى الفتح العربي الاسلامي، حيث بدأت العربية تأخذ حيزها بين اليهود، حتى أصبحت لغتهم الاساسية كتابة ومخاطبة، بجانب الآرامية والعبرية. بل انهم أصدروا كتباً مكتوبة بحروف عربية ولكن بلغة عبرية ـ آرامية. بل ان قواعد (اللغة العبرية) قد وضعت في بغداد تشبهاً بقواعد (العربية) في القرن العاشر من قبل العلامة اليهودي الكبير (سعيد بن يوسف الفيومي) المعروف بأسم (سعاديه) وهو مصري عاش في بغداد.
لقد بقيت العبرية طيلة تاريخ اليهودية مثل اللاتينية لدى المسيحيين في اوربا محصورة بالكتابات والطقوس الدينية. في عموم العالم احتفظ اليهود بالعبرية والآرامية الى جانب لغات الاوطان التي يقيمون فيها. وقد سادت (لغة اليديش) بين يهود اوربا الشرقية والمانيا، وهي مزيج من السلافي والالماني مع العبرية الارامية، ويرجع تاريخها الى القرون الوسطى. وقد استعملت الاحرف الهجائية (العبرية) في تدوينها وتكتب من اليمين الى اليسار. كذلك هنالك اللغة (اليهودية الاسبانية) ، وتتضمن عدداً من الكلمات العبرية، لكنها تعتمد بشكل أساسي على الاسبانية القديمة كما تكتب من اليمين الى اليسار .
أما (العبرية) السائدة حالياً في اسرائيل فهي مزيج مصطنع من الآرامية والعبرية القديمة (الكنعانية)، وقد بدأ بتكوينها بعض اليهود في اوربا في القرن التاسع عشر، وهي تكتب بالخط الآرامي المربع
مقارنة بالعربية، فأن العبرية الحالية لا تتضمن أحرف (ذ غ ض ظ )، وتحتوي على حرفي (پp) و(V). وكثير من الاحيان يتحول لفظ (و) بالعربي الى لفظ (V) بالعبري، مثل (حواء) الى (حفا). كذلك أغلب الاحيان يحول لفظ (س) الى (ش)، مثل (موسى) الى (موشي)، والعكس كذلك. تتشابه العربية والعبرية في صيغة الفعل والذي غالباً ما يكون ثلاثي. تكتب اللغة العربية ضمن صيغ من الخطوط المتعددة الشكل ومن أشهر تلك الخطوط للحرف العربي : الكوفي والنسخ والرقعة والديواني.. الخ. أما العبرية فبخط واحد هو الخط الآرامي المربع. العبرية تحتوي على حركات إعرابية مثل العربية، لكنها توضع في أسفل الاحرف فقط. إن عبرية اسرائيل فيها مختلف اللهجات، فهناك لهجة اليهود الاوربيين (الاشكناز) الى جانب لهجات اليهود القادمين من البلدان العربية، مثل اليمنية والعراقية والمصرية والمغاربية..

أصل كلمة يهود
الأصل اللغوى لكلمة "يهود" من واقع اللغة العبرية والتوراة
أولاً : لغة ‏‏‏‏‏‏בלשון
عند النظر لمصطلح (היהדות == اليهودية) يبدو لنا انه مشتق من الجذر (יהד) (يَهَد) الذي لا يصرف في الوزن البسيط 1 (فعل == פעל)
ولكن في وزنين فقط هما :
- الوزن المطاوع (היתפעל - هيتبعيل) (התיהד - هيتياهيد) : تهود – صار يهوديا
- الوزن المشد (פעל - فعل) (יהד - يهد) : هود – جعله يهوديا
و نستنتج من هذا ان المصطلح هذا لم يشتق من جذر فعلى مثل ما هو متوقع انما أُشتق من اسم .. بمعنى آخر ان هذه الديانة تنسب إلى شخص مثل الذردشتية أو الماركسية، والا سم العلم هذا هو (יהודה = يهودا) – أحد أبناء يعقوب والاسباط الاثنى عشر.
ويدعم هذه النظرية تفسير اسم يهودا طبقا للتوراة وتحديدا النص الذي في سفر التكوين الإصحاح 29 العدد 35 الذي يقول :
Gen 29:35 וַתַּ֨הַר עֹ֜וד וַתֵּ֣לֶד בֵּ֗ן וַתֹּ֙אמֶר֙ הַפַּ֙עַם֙ אֹודֶ֣ה אֶת־יְהוָ֔ה עַל־כֵּ֛ן קָרְאָ֥ה שְׁמֹ֖ו יְהוּדָ֑ה וַֽתַּעֲמֹ֖ד מִלֶּֽדֶת׃
و ينطق :
وتهر عود بِن وتلٍد بِن وتأمِر هفعم أودِه إت - يهوه عل كَن قَرأه شمو يهودا وتعمود ملدِت
و ترجمته :
Gen 29:35 وحبلت أيضا وولدت ابنا وقالت: «هذه المرة احمد يهوه2 (الله)». لذلك دعت اسمه «يهوذا». ثم توقفت عن الولادة.
تلك المقولة كانت على لسان ليئة زوجة يعقوب أم يهودا فنجد اسم يهودا יהודה يتكون من جزئين..
الجزء الأول : هو المقطع (יהו-يهو) وهو مشتق من الاسم العبرى للذات الإلهية (יהוה - يهوه)، وتلك الطريقة نجدها في الكثير من الأسامى مثل (يهوشوع == יהושוע) (يهوقيم == יהויקים)
الجزء الثاني : المقطع (דה - ده) المشتق من المقطع (ידה - يده) بمعنى شكر – حمد
و بذلك نجد ان هذا العدد يدعم تلك النظرية في تفسير اسم يهودا كما أنه من الجدير بالذكر أيضا ان الجذر (יהד) (ي ه د) هو جذر حديث نسبيا بالنسبة للغة العبرية وجذر (ידה) (يَدَه) هو الأقدم، والمقطع الثاني مشتق من هذا الجذر القديم
ثانيا : اصطلاحا במנוח
تتفق أغلب التعريفات الاصطلاحية على نقاط معينة منها :
- اسم يطلق على الدين الذي يعتنقه بنى إسرائيل ويعتقدون فيها بأنها منزلة من السماء على موسى وتلقى الشريعة على جبل سيناء بعد خروجه ببنى إسرائيل من مصر.
- تتمثل في مجموعة من العقائد والشرائع والطقوس وقواعد السلوك، تراكمت على مدى آلاف السنين.
و مع تفسير اسم هذه الديانة نجد مشكلة أخرى قد ظهرت امامنا وهي ان كانت الديانة هذه والتي يعتنقها بنى إسرائيل وبدأت مع نزول الوحى على موسى تسمى اليهودية.. فما هو اسم ديانة بنى إسرائيل قبل موسى وفي زمن الأباء ؟! بل مع التعمق سنجد ان مسمى يهودية هو اسم دخيل على هذه الديانة ولم يكن يعرفه موسى، بل أُدخل فيما بعد !
الهوامش
1- أوزان اللغة العبرية : يوجد في اللغة العبرية أوزان مثل اللغة العربية وعدد هذه الأوزان سبعة، وليس كل جذر يمكن ان يصرف في كل هذه السبعة.
2- يهوه : هو اسم اله اليهود في العهد القديم - التوراة - وو هو علم من الأفضل الا يترجم ولكن يمكن ان نضع بدلا منه اسم العلم "الله" للتوضيح، وقد وقع أغلب مترجمى التوراة إلى العرابية ومنهم المترجمون المسيحيون الذين ترجموا الكتاب المقدس في خطئ بسيط ولكنه فاضح وهو انهم يترجمون اسم العلم يهوه إلى الرب او الاله مما يوحى للقارئ انه ليس اسم علم وعلى العكس يقومون بترجمة إلوهيم - ليس اسم علم - والتي تعنى الاله او الرب إلى الله - اسم علم -، ولا ندرى حقيقةً هل هذا خطئ عفوى أم خطئ مقصود من المترجمين المسيحين لتدعيم فكرة ما ؟!

يهود العراق
يهود العراق(بالكردي جي) هم أبناء الجالية اليهودية في بابل العراق الذين عاشوا في العراق منذ القدم والذين هاجر أغلبهم سنة 1948، وفيما بعد تم الاستيلاء على أملاكهم وأموالهم وأسقطت عنهم الجنسية العراقية.بينما يرى البعض الآخر أن إعلان قيام دولة إسرائيل والمخططات الصهيونية إلى تعمير الكيان الجديد بأكبر قدر ممكن من السكان، كان له الدور الحاسم في مخطط تهجيرهم، كما وقع مع العديد من يهود دول العالم العربي والإسلامي. ومنها قيام جواسيس يهود بتفجير دور العبادة اليهودية ورموز الحيوية لليهودية في العراق قصد اجبارهم على الرحيل نحو إسرائيل.
كان اليهود يشكلون 2.6 % من مجموع سكان العراق عام 1947 وانخفضت نسبتهم إلى حوالي 0.1 % من سكان العراق عام 1951م.
أصلهم
بابل، مهد الحضارات، كانت مولد العبرانيين، قبل أن يصبحوا "شعب إسرائيل" ويظهروا على ساحة التاريخ. أرض الرافدين كانت مولد إبراهيم جد بني إسرائيل الأكبر، الذي ترك أور المدينة القديمة شرقي الفرات في سنة 1900 قبل الميلاد بأمر الله وهاجر إلى "الأرض التي سوف أريك إياها"، أرض الميعاد.
בעבר הנהר ישבו אבותיכם מעולם عبر النهر سكن لكم آباء منذ وقت سحيق
هذه العبارة هي علامة أصل الشعب اليهودي. وبسبب المصطلح الجغرافي "عبر النهر" أخذ "العبرانيون" اسمهم للأبد.
تاريخ اليهود في العراق بدأ في الحقيقة مع سبي يهود إسرائيل من قبل الآشوريين ثم البابليين فيما عربف بالبابليين. موجات السبي الرئيسية لبني إسرائيل كانت ثلاثا هي:
سبي سامريا (721 ق.م.)، حيث سبى الآشوريون اليهود وعلى رأسهم الأسباط العشرة.
سبي يهواخن(يهوياكين) (597 ق.م.)، حيث سبى نبوخذنصر 10 آلاف يهودي من أورشليم إلى بابل.
سبي صدقيا (586 ق.م.)، التي كانت علامة لنهاية مملكة يهوذا، وتدمير أورشليم ومعبد سليمان الأول. أربعين ألف يهودي تقريباً تم سبيهم إلى بابل خلال ذلك الوقت.
وقد كان محرماً على اليهود العودة إلى فلسطين أثناء الحكم البابلي وقد تغير الوضع بعد دخول الأخمينيين للعراق سنة 539 ق.م. حيث سمح لليهود بالعودة إلى فلسطين وقد عاد البعض وبقي البعض.
أثناء الحكم الساساني
مع سيطرة الفرس الساسانيين على العراق فرضت العديد من القيود وبدأ اليهود يشعرون بالمضايقة وساءت أوضاعهم نتيجة مطالبة الساسانيين سكان بالبلاد باعتناق الزردشتية. لم تلبث أوضاع اليهود أن تحسنت نسبياً أيام حكم بعض الملوك كشابور الأول وشابور الثاني. ظهر في القرن السادس الميلادي نبي سمي مزداك آمن به الملك الزردشتي بينما رفض اليهود الايمان به مما أثار النقمة عليهم واستمرت أوضاع اليهود بالتدهور خلال ذلك القرن.
أثناء الحكم الإسلامي
دخل المسلمون العراق عام 661 م (41 هـ) بعد إنهاء الحكم الساساني للعراق، وقد رحب اليهود بهم نتيجة الاضطهاد الذي كانوا يتعرضون له أثناء الحكم الساساني. في بداية فترة الحكم الإسلامي للعراق كانت توجد في العراق مدرستان كبيرتان لليهود، تقع الأولى في مدينة سورا (حاليا في محافظة النجف) وتوجد الثانية في فوم بديثا (الفلوجة). وكان يطلق على الحاخام رئيس المدرسة اليهودية تسمية جاؤون فيما عرفت هذه الفترة لاحقا بالجيؤونيم.
العهد العباسي
مع بدء عهد الخلافة العباسية وإنشاء بغداد كعاصمة لدولة الخلافة ازداد عدد اليهود في بغداد وانتقلت المدرستان الرئيسيتان إلى بغداد العاصمة، ولم يشعر اليهود بالتفرقة في المعاملة إلا في فترات معينة من قبل بعض الولاة كهارون الرشيد والخليفة المتوكل، وفيما عداهما فقد كان العصر العباسي عصرا ذهبياً لليهود كجميع الأعراق والأديان في العراق في تلك الحقبة، لدرجة أن أصبحت بغداد في تلك الفترة المركز الديني لليهود حول العالم، وكان يتم توجيه جميع الإشكالات الدينية والفقهية اليهودية إلى بغداد، لينظر فيها كبار حاخامات اليهودية. واستمر هذا الازدهار حتى الغزو المغولي الذي أوقف هذا الازدهار الثقافي والحضاري، حيث دمرت الكثير من الكنس. ولم يتحسن الوضع مع قدوم الصفويين فقد أساءوا معاملة اليهود أيضاً.
العهد العثماني[عدل]
دخل العثمانيون العراق عام 1534 م بعد طرد الصفويين منه، وفرضت الجزية على اليهود باعتبار أنهم من أهل الكتاب وضمن ليهود العراق حقوقهم وأمنهم. وبعد فترة وجيزة من حالة الاستقرار الحاصلة، عادت بغداد لتصبح مركزا للثقل اليهودي الديني والثقافي والاقتصادي على مستوى العراق والهند وبلاد فارس وعدن، وأسست عام 1840 م المدرسة اليهودية الكبيرة، المعروفة بـ بيت زيلخا لتخريج الحاخامات.
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى