مـنـتـديــات الــبـــاحـــث
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

* استحضار الأرواح

اذهب الى الأسفل

* استحضار الأرواح  Empty * استحضار الأرواح

مُساهمة  طارق فتحي الثلاثاء فبراير 08, 2011 12:48 pm

استحضار الأرواح
إستحضار الأرواح هي عمليه يقوم بها بعض الناس ليحاولوا أن يتصلوا بأرواح الموتى ممن يعرفونهم و يتواصلو معهم من العالم الآخر ، و لكن تحضير الأرواح ليس له أي أصل في الواقع و لكن نال ميولا كبيرا في الخيال و الأفلام و الألعاب .
و ما يقوم به المشعوذون هو استحضار جان و ليس روح من توفي لأن أرواح المتوفيين ما إن تغادر الجسد لكي تذهب إلا البرزخ . و الدليل على كذب ذلك الإدعاء ان تحضير الأرواح يتم بطرق مختلفة من مجتمع لأخر بعضهم بآيات من القرآن و بعضهم بترانيم ليس لها معنى و بعضهم يستعمل أجزاء من جسم أو ادوات المتوفي . و قد تكلم الإمام ابن تيميه في ذلك الموضوع لما انتشر منه في عصره و أكد كذب ذلك الإدعاء .
و أقتبس من كتاب الإيمان بالملائكه للكاتب أحمد عز الدين البيانوني:
"لقد شغل استحضار الأرواح المزعوم أفكار الناس في الشرق و الغرب فكتبت فيه المقالات بلغات مختلفات نشرت في مجلات عربية و غير عربية و ألفت فيه مؤلفات و بحث فيه باحثون و جربه مجربون اهتدى بعد ذلك العقلاء منهم إلى أنه كذب و بهتان و دعوة إلى كفر و طغيان. "
هل يعاقب القانون على إستحضار الأرواح؟
الإجابه : لا , لأن معظمها يكون سرا و لكن إن توصل للعلانيه و رائها احتيال و مكسب مادي فإنه يعاقب عليه
استحضار الأرواح: نشأته وتطّوره
ترددت، في مارس 1948، في قرية "هايد زفيل"، التابعة لإحدى الولايات المتحدة الأمريكية، في منزل السيد "فوكس" المزارع القروي، حكايات عن أفراد يسمعون، بين حين وآخر، ليلاً أو نهاراً، طرْقاً على الأثاث والجدران والأسقف، تارة في رفق ولين، وتارة أخرى في عنف وشدة .
وكان السيد "فوكس" يعيش مع زوجه وبنتَيه، اللتَين بلغتا سن المراهقة، وهما "مارجريت" و"كاترين" ـ سعيداً هانئاً، حتى كدرت صفوه تلك الحوادث المفاجئة، وسببت رعباً وقلقاً بين أفراد أسْرته.
وحار الرجل في معرفة مصدر هذه الأصوات، واستعان بأصدقائه ومعارفه، بل برجال الشرطة، من دون أن يهتدي أحد منهم إلى سر ذلك؛ ما دفع بالآلاف من الناس إلى زيارة منزله، وسماع هذه الأصوات العجيبة.
وبمرور الوقت، ألف أفراد الأسْرة هذا الطْرق. وفي أحد الأيام، تجاسرت إحدى الفتاتَين، فطلبت، مازحة، أن يحصي الطارق عدد التصفيقات التي تصفقها؛ وشد ما راعها أن سمعت طرقات بعدد تصفيقاتها. وتكرر طلبها، هي وأختها، لهذا النوع من الاختبار؛ ما دفع بالأم، التي كانت في دهشة وفزع، إلى طلب الدق مرتَين، فأجاب بدقتَين. فاستفسرت عما إذا كان قد أُسيء إليه؛
فأجاب، وزعم أنه روح تاجر خردة، قتله في هذا المنزل الساكن السابق، وأخفى جثته في قبو، وخلَّف القتيل وراءه أرملة وخمسة من الأطفال؛ ولم تلبث أن لحقت به الأرملة. ودل القتيل على قاتله، وأيدت خادمة القاتل القرائن، التي أثبتت عليه جريمة القتل.
وقد أدلت هذه الشخصية بمعلومات، اتضح صحتها كلها، عدا المكان الذي أُخفيت فيه الجثة؛ فقد استخرجت من مكان آخر، قريب من المكان المحدد، بعد أن كاد اليأس يتسرب في نفوس الباحثين.
وقد سبق ذلك بروز شخصَين أوروبيَّين، وضعا أُسُس استحضار الأرواح والاتصال بها؛ ودرج الناس على إطلاق لقب رائدَي الروحية
الحديثة عليهما:
أولهما: "سويدنبرج" (استكهولم 1688)، الذي درس، في شبابه، الرياضيات والفلسفة وعلوم الفلك والهندسة. وحينما بلغ السابعة والخمسين من عمره، عزف عن ذلك كله، وانصرف إلى دراسة اللاهوت، ثم خرج على الناس برسائل، يدعوهم فيها إلى الإيمان بالله، والحياة الأخرى بعد الموت، التي يلقي فيها المحسن إحساناً، ويلقى المسيء عقاباً. وبشّر بالمحبة والألفة بين البشر، ودعا إلى حب الله، ممثلاً في مخلوقاته، من إنسان وحيوان ونبات وجماد.
وقد أخرج كتاباً، أسماه "الأسرار"، زعم فيه أنه قد أُنعِم عليه بلقاء الملائكة والتحدث إليهم، وأنهم أخذوه في رحلات لزيارة الجنة والنار؛ وأطلعوه على سكانهما، وأمروه أن يصف للناس ما يشاهده بنفسه في مناطق عالم الروح المختلفة؛ وذكر أن الجنة والنار حقيقتان. وظل يبشّر الناس بالحياة الأخرى، وإمكان الاتصال بالموتى، إلى أن لقي حتفه، عام 1772، بعد أن نَيَّف على الثمانين من عمره.
وثانيهما: "أندرو جاكسون"، الذي ولد في أمريكا الشمالية، عام 1826، لرجل مسكين، عربيد، وفي بيئة فقيرة، لم تتح له قسطاً كبيراً من العلم. التقى، في باكورة شبابه، طبيباً، يشتغل بالتنويم المغناطيسي، فتوسم فيه الصلاحية لأن يتخذه وسيطاً؛ وزعم أنه استخدمه، وأنه تمكن، بالفعل، في نومه، من قراءة الخطابات المغلقة، والتحدث في علوم لا يحْسنها، وليس له عهد بها، حديث الراسخين في ميادينها، سواء في التاريخ القديم أو العاديات أو الجيولوجيا أو الفلسفة. وكذلك، تمكن من تشخيص الأمراض، وهو نائم؛ كما زعم أنه يرى أرواح الموتى ويحدثهم.
وقد بدأ، في سن العشرين، يخرج كتباً فلسفية، كان أشهرها: "فلسفة التناسق"، و"فلسفة الاتصال الروحاني"، و"عناصر الطبيعة"، و"أسرار الطبيعة"، الذي زعم أن إحدى الأرواح أمْلته عليه، في غيبوبته؛ وقد تكهن فيه باختراع السيارة والطائرة والغواصة والآلة الكاتبة؛ وذكر أن الروح المهيمنة عليه، هي "سويدنبرج" نفسه. وقد بشر المؤمنين به بانتشار الحركة الروحانية انتشاراً يعم الناس، وأن الاتصال الروحاني مع الأموات، سيكون أمراً طبيعياً، كتنفس الهواء.
وقد وصف ظروف الحياة في عالم الروح، بما لا يخرج عن ظروف الحياة في هذه الدنيا، عدا الجانب المادي منها. ونَعَى على البشر حبهم لجمع المال، وإدمانهم الخمر، والتعصب.
أولاً: كيفية الاستحضار، حسبما يقول الروحانيون
يقول الروحانيون في تفسير ظاهرة الكلام مع الأرواح: إن لكل إنسان جسماً ظاهراً مرئياً، وجسماً آخر أثيرياً شفافاً، يطابق الجسم المادي، ولا يراه إلاَّ أناس مخصوصون.
وإن الجسم الأثيري ينفصل عن المادي، عند النوم أو الغيبوبة، وهذا يسمى طرحاً مؤقتاً؛ ولكنه ينفصل تماماً عند الوفاة، وهذا يسمى طرحاً دائماً، فيعود الجسم المادي إلى الأرض، التي خلق منها، ويعود الأثيري إلى العالم الذي هبط منه، وهو عالم الروح أو البرزخ.
ويقولون إن الجسم الأثيري ليس هو الروح، بل الحامل لها، ويظل قائماً في عالم الروح، مادامت الروح في حاجة إليه، فإذا بطلت حاجتها إليه، طُرح، ليتحلل إلى عناصره الأولية، وتصبح الشخصية حزمة من النور.
ويقولون إن الجسم الأثيري، يتكون من ذرات متناهية الدقة، ومتباعدة بعضها عن بعض. وإنه أمكن وزنه بتجارب، أجراها الدكتور "دنكان مكدوجل"، الأمريكي؛ إذ وزن عدداً من مَرضى السل، في لحظات موتهم، بوضع المريض على سرير حاسب حساس جداً، فوجد أنه، عند اللحظة التي تحدث فيها الوفاة، يرتفع قبل الميزان طارقاً الدعامة العلوية؛ وبحسبان الوزن المفقود، وجد أنه يراوح بين أوقيتَين وأوقيتَين ونصف.
وإن الجسمَين، المادي والأثيري، ليس فيهما حياة، بطبيعة تكوينهما؛ ولكن سِر حياتهم هو الروح، وهو جوهر راقٍ، لا يدخل في نطاق البحث الروحاني. أما العقل، فهو العنصر المفكر في التكوين الإنساني، وهو يعمل من طريق وسط مادي هو المخ.
وعلي ذلك، فالإنسان، في مجموعه، مكوَّن من أربعة عناصر مهمة، هي: الجسم المادي، والجسم الأثيري، والعقل، والروح.
وإننا، نحن البشر، بعد أن نجتاز مرحلة الموت، ونفيق من غيبوبته في العالم الآخر، نجد أنفسنا في عالم، تبدو لنا فيه الأحوال مشابهة جداً لتلك التي ألفناها على الأرض، قبل الموت؛ ولن يصحبنا إلا أخلاقنا وشخصياتنا؛ كما أن منازلنا، في عالم الروح، سوف يحددها نوع الحياة، التي عشناها على الأرض. فإذا كنا قد عبدنا الله، بخدمة عباده، فليس لنا أن نخشى الموت وما بعده؛
لأننا نكون قد هيأنا أنفسنا، بنقاء أفكارنا وقلوبنا على الأرض، لحياة أسعد وأفضل، تخوّلنا التمتع بصحبة أحبابنا وأقاربنا، الذين سبقونا إلى العالم الآخر. أما إذا أسأنا إلى العباد، وحمّلنا قلوبنا الغل والحقد والحسد، بدلاً من الرحمة و الحب، فلا بدّ من دفع الثمن؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وإنه لا عبرة بالعقيدة، التي اعتنقها الإنسان في هذا العالم، أيَّا كان نوعها؛ وإنما المدار كله على ما بذله الإنسان في خدمة الغير، والإحسان إلى الناس؛ فليس للدين هناك كبير شأن!!!
ولقد حيّرت مسألة الاتصال بالأرواح كثيراً من علماء أوروبا، فوقف بعضهم حياته على دراستها؛ وسعوا إلى تهيئة أسبابها، وألّفوا لها جمعيات، وأقاموا من أجلها مؤتمرات، كان آخرها مؤتمر برشلونة، عام 1935.
ومن أشهر الجمعيات، المهتمة بهذا الأمر، جمعية الأبحاث النفسية، التي ألَّفها أساتذة جامعة "كامبريدج"، في بريطانيا، عام 1882، ولا تزال موجودة. وقد جمعت من تجاربها وتجارب سواها في مسألة الروح، أكثر من خمسين مجلداً، ومنها مجامع الأبحاث النفسية، في باريس ونيويورك وبرلين وروما وغيرها.
ومن المعلوم أن ادعاء الاتصال بالعوالم الروحانية، لم يكن أمراً بدعاً (كما ظهر في حادثة منزل السيد "فوكس") فقد كان هذا واضحاً في ادعاءات الصوفية اتصالهم بالأولياء والأنبياء وغيرهم من الموتى. فالصوفية يزعمون أن لهم جلسة، ترأسها السيدة "زينب"، كل أسبوع، ويحكمون بقيادتها من في الأرض؛ لذلك، يلقبونها بـ"رئيسة الديوان"، أي ديوان الأولياء.
وقد قيل إن هناك فرقاً بين الروحانيين الحديثين والصوفيين؛ لأنهما يختلفان في طريقة الاتصال بالعوالم الروحانية، ولأن الروحانيين يهتمون بالناحية العملية والعلنية، ويفتحون أبوابهم لكل من يريد الاطلاع على أعمالهم؛ في حين أن الصوفيين يعتمدون على العمل الفردي، ويعُدون ما يهتمون به أسراراً، ويتخاطبون برموز لا يفهمها سواهم، ويقحمون أنفسهم في طرق الزهد، من الجوع والسهر وغير ذلك.
ومن الجدير ذكره، كذلك، أن الزعم بمناجاة الأرواح، كانت معروفة عند الأمم الوثنية، منذ ألوف السنين. فقد تبيّن أن المصريين والصينيين والهنود وغيرهم، كانوا يتصلون بأرواح الموتى، على نحو ما عليه الحال في أوروبا.
والصِّلة بين ما يسمَّى علم استحضار الأرواح الحديث، وبين الأديان الوثنية ـ واضحة جلية؛ فمبدأ "العودة إلى التجسّد"، كان محوَر الحركة "الثيوصوفية"، التي نشأت في نهاية القرن التاسع عشر، على يد الوسيطة الروسية "هيلين بتروفافاتسكي".
وهي الحركة، التي سعت إلى التوفيق بين مقولات الفلسفة الهندية ونتائج البحوث الحديثة؛ وقد تمكنت، في النصف الأول من القرن العشرين، من اجتذاب عدد كبير من الباحثين. وتعتمد هذه الحركة، في تفسيرها لرجعة الروح وتجسّدها في الحياة مرة ثانية، على مبدأ "الكارما" الهندي، الذي يزعم عودة طبيعة الحركة الدورية بين الحياة والموت، إلى نوع من التوازن الكوني بين السبب والنتيجة.
وقد انتقلت ظاهرة مكالمة الأرواح إلى العالم الإسلامي، من طريق الجمعيات، التي أنشأها، في مصر، أشخاص سافروا إلى الغرب، حيث تأثروا بما رأوه؛ وسارعوا إلى تقليده، لدى عودتهم إلى مصر، فأنشأوا الجمعيات، التي تُناصر هذه الفكرة. ومن أهم هذه الجمعيات "جمعية الأهرام الروحية"، التي أصدرت مجلة "عالم الروح".
ومن الذين رَوّجوا هذه الفكرة، الأستاذ محمد فريد وجدي، الذي زيّنها من خلال كتب كثيرة أصدرها، أثناء رئاسته لتحرير "مجلة الأزهر"؛ فضلاً عن الدكتور علي عبدالجليل راضي، والأستاذ أحمد فهمي أبو الخير، والدكتور رؤوف عبيد، والشيخ طنطاوي جوهري، والأستاذ حسن عبدالوهاب، وغيرهم.
ويقول الروحانيون إن الإنسان، حينما ينام، يفارق جسده الأثيري، الذي يقوده العقل، فيتجول في عالم الروح، حيث يقابل أحباءه هناك؛ ويضمحل الزمان والمكان؛ ولكنه يظل متصلاً، خلال ذلك، بالجسد المادي، بحبل أثيري؛ ما يمكنه من العودة إليه عند اليقظة، وقد يتذكر ما رأى في منامه، من أحبابه الموتى، وما دار بينهم من أحاديث.
وإن هذه الأحلام سياحات حقيقية للروح؛ ولكن صاحبها لا يذكرها، في الغالب، عند اليقظة، إلا مشوشة مضطربة. ودللوا على صحة مزاعمهم بأن كثيراً من الذين وقعوا في غيبوبة مرَضية، أو في إثر استنشاق الـ "كلوروفورم" ـ رأوا أنفسهم واقفين إلى جوار أجسادهم، وسمعوا وشاهدوا ما يدور حولهم؛ ما يقطع بوجود الجسم الأثيري واستقلاله عن الجسم المادي، وأنه صورة مطابقة له خلية بخلية.
ويقولون إن عملية النوم، أي "الطرح الروحاني المؤقت"، عملية ضرورية لإنعاش الروح، يومياً، تتيح لها التزود من مَعينها الأول بالقوة الروحانية، التي تساعدها على احتمال كثافة البدن وسجن الجسد، وتدرِّبها، عند انفصالها نهائياً، على الحياة في العالم الروحاني، الذي ستنتقل إليه يوماً ما؛ وإلا كان الانتقال الأخير، بالموت، صدمة عظمى للروح؛ إذ ستكون زائراً غريباً، في عالم مجهول، لم يسبق له أن زاره أو سمع عنه من قبل.
وإن عملية النوم صورة مطابقة تماماً لعملية الموت.
وإن من الناس من مُنح موهبة القدرة على ممارسة عملية الطرح الروحاني، الإرادي، المؤقت، وقتما شاء؛ فتتجول روحه حيث شاء، ثم تعود لتدلي بما شاهدته، وتقدِّم على ذلك الأدلة والبراهين.
وإن الروح تنطلق في الكون بسرعة، تفوق سرعة الضوء، أي "300 ألف كم في الثانية".
ثانيا: الطرح الدائم أو الموت
إذا انقطع الحبل الأثيري، الذي يربط الجسدَين، المادي والأثيري معاً، ويسمونه الحبل الفضي، حصل الموت، واستحال على الروح؛ بأي حال، العودة إلى الجسد. وفي هذه الحالة، على كل روح أن تمضي فترة من الوقت في شبه غيبوبة، ربما لا تستغرق لحظات، وقد تدوم دهوراً، بحسب درجة تقدُّم الروح ورقيّها الأخلاقي، ومدى معلوماتها عن الحياة في عالم الروح.
ثالثا: الاتصال بعالم الروح
تزعم الروحانية، أن لكل كائن بشري قسطاً من المواهب الروحانية، يمكِنه تنميتها بجلسات التدريب المنظمة. وأنه كثيراً ما يولد أفراد ذوو مواهب روحانية فطرية، تمكِّنهم من الاتصال بعالم الروح بحواسّهم الخمس؛ وهي مواهب تعتمد، إلى حدّ كبير، على غزارة مادة، تسمَّى "الإكتوبلازم"، في جسد الوسيط.
رابعاً: الإكتوبلازم
تستلزم كل الظواهر الروحانية، على تعدد أنواعها، ضرورة وجود مادة "الإكتوبلازم" في الإنسان، الذي تتم على يديه هذه الظواهر؛ وعلى قدر غزارتها، تتوقف مقدرة الوسيط.
وهذه المادة، كما يقول الروحانيون، شفافة، غير مرئية. وقد أخضعها الباحثون الروحانيون هذه المادة، وقت تجسّدها، لاختباراتهم العلمية. ويقال إن الدكتور "شرنك نوتزنج" قد حلل هذه المادة في عشر "عينات"، فوجد في التسع الأولى منها تراكيب حبيبية خلوية، في شكل كرات الدم البيضاء وأحجامها؛ وأجساماً تشبه البشرة المخاطية عديمة النويات، وبشرة مخاطية حقيقية.
أما في العاشرة، فوجدت تجمعات نووية واضحة جداً، من كرات الدم البيضاء؛ وبشرة مخاطية واضحة. فبرهن بذلك على الطبيعة المادية لـ "الإكتوبلازم" والغاز البخوري، اللذين يفرزهما جسم الوسيط، خلال الجلسات. وقد وجد أنها بيضاء أو ذات لون مائل الى الشُّهْبَة، ومنها أنواع أخرى شهباء رصاصية، وأخرى سوداء.
ويقول الروحانيون إن بعضهم قص خصلة من شعر روح متجسدة من الإكتوبلازم، وحلّلها ميكروسوبياً، وهستولوجياً، فوجدها شعراً حقيقياً، من كل الوجوه، بعد أن عرض نتائج التحليل على أكثر من مائة عالم ألماني؛ كما وجد أنها لزجة الملمس، باردة. وقد أمكن تصوير هذه المادة، وهي تنبعث من أجسام الوسطاء، بالأشعة تحت الحمراء، فتبيّن أنها لا تحتمل الضوء الأبيض؛ إذ تتحلل وتذوب فجأة.
ويقول الوسيط " سويدنبرج"، واصفاً تلك المادة المنبثقة من جسمه، إنه كان يشاهدها تنضح من جسمه، في وضوح، كبخار الماء.

وعند حدوث أي ظاهرة روحانية، كتحريك الأشياء أو رفعها، تصنع الأرواح من تلك المادة قضباناً صلبة، لتكون هي الآلة المحركة. أما في حالة الصوت المباشر، فهي تستعملها في تجسيد أحبالها وحناجرها. وفي حالة تجسيد أي عضو آخر، تعمد الأرواح إلى كَسْو ذلك العضو الأثيري بتلك المادة، فتتجسد في أنظار الحاضرين؛ وفي هذه الحالة، يمكن فحصها ولمسها، بترتيب سابق من عالم الروح.
ويقولون إنّ الروح، وهي على حالها الأول، بعد خروجها من الجسد، يمكن مكالمتها بل رؤيتها مجسمة، بواساطة إنسان، يكون مستعداً لأن يقع في خَدَر عام، عند إرادته استحضار الروح، التي تستفيد من استعداده، فتكلم الناس، بفمه، بلغات يجهلها كل الجهل، وتنبئ الحاضرين من أقاربها وخاصتها بأمور، لا يدري الوسيط منها شيئاً.
وقد تستولي على يده، فتكتب، وعينه مغمضة، صحفاً ورسائل. وقد تظهر بجسم مادي محسوس، بينما يكون الوسيط ملقى، أمام المجرّبين، مكتوفاً على كرسيه.
ويزعمون أن هذه الأرواح قادرة على تحريك الأجسام الصلبة، ويبادر بعضها إلى كتابة، بقلم يتحرك على الورق تلقائياً، قد تدل على مستويات عالية من الثقافة. وقد تعمد هذه الأرواح على علاج بعض الحالات المستعصية من الأمراض.
ومن الظواهر، التي قد تصاحب استحضار الأرواح، كما يزعم الأدعياء، أنّ الروح قد تتجسّد أمامهم، والوسيط مربوط، فتمتدّ أيدٍ تُسلم عليهم وتكتب، أو أذرع كاملة، أو رؤوس لا أجساد لها، تكلّمهم وتقبّلهم، أو أنصاف أجساد، أو أجساد كاملة.
وعندما تتجسد أمام أعين الجالسين، يزعم الأدعياء أنه ينشأ، أولاً، في جو الحجرة، بخار أبيض، لا شكل له، يأخذ، بعد ثوانٍ، شكلاً إنسانياً نورانياً، ثم يزداد كثافة حتى يكون جثماناً كامل الخلقة، ذكراً أو أنثى؛ وإذا أمسك أحد بيده، أحسّ بيد إنسانية، ذات عضل وعظام وحرارة، فإن تشبث بها، أفلتت منه، بالتحلل، وهي في قبضته. وإذا طُلِبَ من الروح أن تزول، ذابت، في ثوان، كما يذوب الثلج في ثوانٍ؛ فإذا استعادوها الظهور، استجابت، في ثوانٍ أخرى.
وزعم أدعياء استحضار الأرواح، أنهم استحضروا روح جبريل u لما روى الدكتور علي راضي، في مجلة "صباح الخير" المصرية؛ إذ قال: إن أكبر وسيط عالمي، قد حضر إلى القاهرة، منذ عدة أشهر. وهو أمريكي، لا يزيد عمره على 21 سنة. تسميه الجرائد الأمريكية "نبي القرن العشرين"، لكثرة ما أتى من المعجزات. ثم يقول الدكتور إنه كتب ورقة إلى أمه، أثناء جلسة لهذا النبي الكذّاب، يسألها عن حالها، وأحضر الوسيط الردّ، كتابة، باللغة العربية.
ويمضي قائلاً: وأغرب ما حدث في هذه الجلسة، هو ما أعلنته، فجأة، الروح الكبرى "سوزان"، أن جبريل معنا. ولم يعرف أحد جبريل، فضحكت وقالت: ألا تعرفون جبريل الذي كان ينزل بالقرآن على محمد؟ إنه يبارك هذا الاجتماع.
وعلى الرغم من الهالة، التي حاول أدعياء استحضار الأرواح أن يزعموها للوسيط، إلاَّ أن بعض الغربيين اتهموا الوسطاء بالخداع والغش. وقد أورد الأستاذ محمد فريد وجدي بعض أقوالهم، فقال، نقلاً عن رجل إنجليزي، اسمه السيد "مكايب": إن هذا المذهب ولد في الخداع، ورَبِي في الخداع؛ وانتشر، الآن، في الدنيا، والخداع وسيلته.
ثم ذكر أن جميع الوسطاء مخادعون، واستشهد على ذلك بقول العلامة "كاميل فلافريون"، والبارون "شرنك"، فقال: أكتفي بالاستشهاد برجلَين من الذين بحثوا في هذه الأعمال أو المظاهر، وهم يعتقدون صحتها: الأول، "فلافريون"، الفلكي الفرنسي المشهور، الذي بحث في هذا الموضوع بحثاً دقيقاً، مدة خمس عشرة سنة، وانتهى إلى إن كل وسيط يستعمل وساطته للربح، هو غاشّ. والثاني، البارون "شرنك"، من أعيان الأطباء في فيينا، الذي أعلن أنه قلّما ظهر وسيط، إلاَّ وثَبَتَ أنه يغش؛ قال هذا القول، بعد أن بحَثَ في هذه الموضوع بحثاً دقيقاً جداً، مدة راوحت بين 30 و35 عاماً.
ولا يزال بعض العلماء، من المجربين، يتردد في أن الكائنات الروحانية صادقة فيما تدّعي. وقالوا إنها روح الوسيط نفسه، تتجرد وتظهر لهم بصورة واحد من أهاليهم.
ومال غيرهم إلى القول بأنها أرواح مجردة موجودة في العالم، غير أرواح الآدميين. وبعضهم لا يستبعد أن تكون أرواحاً خبيثة، تتشكل، زوراً، بأشكال ذويهم. وأخيراً، يخشى بعضهم أن يكون ما يرونه صور ما استكن في ضمائرهم.

والغالب أن الذين يتولون هذه العملية، ويصدقون مناجاة الأرواح ويمارسونها، تضعف قواهم العصبية، رويداً رويداً، وينتهي أمرهم إلى الجنون، حسبما ذكر أشهر طبيب للأمراض العقلية في بريطانيا، الدكتور "مرسير"، الذي يرى أن مناجاة الأرواح، والاشتغال بها يؤدي اختلال العقل، ويعرِّض أصحابه للجنون
خامساً: خطورة استحضار الأرواح
المبحث الثاني
استحضار الأرواح: نشأته وتطّوره
ترددت، في مارس 1948، في قرية "هايد زفيل"، التابعة لإحدى الولايات المتحدة الأمريكية، في منزل السيد "فوكس" المزارع القروي، حكايات عن أفراد يسمعون، بين حين وآخر، ليلاً أو نهاراً، طرْقاً على الأثاث والجدران والأسقف، تارة في رفق ولين، وتارة أخرى في عنف وشدة.
وكان السيد "فوكس" يعيش مع زوجه وبنتَيه، اللتَين بلغتا سن المراهقة، وهما "مارجريت" و"كاترين" ـ سعيداً هانئاً، حتى كدرت صفوه تلك الحوادث المفاجئة، وسببت رعباً وقلقاً بين أفراد أسْرته.
وحار الرجل في معرفة مصدر هذه الأصوات، واستعان بأصدقائه ومعارفه، بل برجال الشرطة، من دون أن يهتدي أحد منهم إلى سر ذلك؛ ما دفع بالآلاف من الناس إلى زيارة منزله، وسماع هذه الأصوات العجيبة.
وبمرور الوقت، ألف أفراد الأسْرة هذا الطْرق. وفي أحد الأيام، تجاسرت إحدى الفتاتَين، فطلبت، مازحة، أن يحصي الطارق عدد التصفيقات التي تصفقها؛ وشد ما راعها أن سمعت طرقات بعدد تصفيقاتها. وتكرر طلبها، هي وأختها، لهذا النوع من الاختبار؛ ما دفع بالأم، التي كانت في دهشة وفزع، إلى طلب الدق مرتَين، فأجاب بدقتَين. فاستفسرت عما إذا كان قد أُسيء إليه؛ فأجاب، وزعم أنه روح تاجر خردة، قتله في هذا المنزل الساكن السابق، وأخفى جثته في قبو، وخلَّف القتيل وراءه أرملة وخمسة من الأطفال؛ ولم تلبث أن لحقت به الأرملة. ودل القتيل على قاتله، وأيدت خادمة القاتل القرائن، التي أثبتت عليه جريمة القتل.
وقد أدلت هذه الشخصية بمعلومات، اتضح صحتها كلها، عدا المكان الذي أُخفيت فيه الجثة؛ فقد استخرجت من مكان آخر، قريب من المكان المحدد، بعد أن كاد اليأس يتسرب في نفوس الباحثين.
وقد سبق ذلك بروز شخصَين أوروبيَّين، وضعا أُسُس استحضار الأرواح والاتصال بها؛ ودرج الناس على إطلاق لقب رائدَي الروحية
الحديثة عليهما:
أولهما: "سويدنبرج" (استكهولم 1688)، الذي درس، في شبابه، الرياضيات والفلسفة وعلوم الفلك والهندسة. وحينما بلغ السابعة والخمسين من عمره، عزف عن ذلك كله، وانصرف إلى دراسة اللاهوت، ثم خرج على الناس برسائل، يدعوهم فيها إلى الإيمان بالله، والحياة الأخرى بعد الموت، التي يلقي فيها المحسن إحساناً، ويلقى المسيء عقاباً. وبشّر بالمحبة والألفة بين البشر، ودعا إلى حب الله، ممثلاً في مخلوقاته، من إنسان وحيوان ونبات وجماد.
وقد أخرج كتاباً، أسماه "الأسرار"، زعم فيه أنه قد أُنعِم عليه بلقاء الملائكة والتحدث إليهم، وأنهم أخذوه في رحلات لزيارة الجنة والنار؛ وأطلعوه على سكانهما، وأمروه أن يصف للناس ما يشاهده بنفسه في مناطق عالم الروح المختلفة؛ وذكر أن الجنة والنار حقيقتان. وظل يبشّر الناس بالحياة الأخرى، وإمكان الاتصال بالموتى، إلى أن لقي حتفه، عام 1772، بعد أن نَيَّف على الثمانين من عمره.
وثانيهما: "أندرو جاكسون"، الذي ولد في أمريكا الشمالية، عام 1826، لرجل مسكين، عربيد، وفي بيئة فقيرة، لم تتح له قسطاً كبيراً من العلم. التقى، في باكورة شبابه، طبيباً، يشتغل بالتنويم المغناطيسي، فتوسم فيه الصلاحية لأن يتخذه وسيطاً؛ وزعم أنه استخدمه، وأنه تمكن، بالفعل، في نومه، من قراءة الخطابات

المغلقة، والتحدث في علوم لا يحْسنها، وليس له عهد بها، حديث الراسخين في ميادينها، سواء في التاريخ القديم أو العاديات أو الجيولوجيا أو الفلسفة. وكذلك، تمكن من تشخيص الأمراض، وهو نائم؛ كما زعم أنه يرى أرواح الموتى ويحدثهم.
وقد بدأ، في سن العشرين، يخرج كتباً فلسفية، كان أشهرها: "فلسفة التناسق"، و"فلسفة الاتصال الروحاني"، و"عناصر الطبيعة"، و"أسرار الطبيعة"، الذي زعم أن إحدى الأرواح أمْلته عليه، في غيبوبته؛ وقد تكهن فيه باختراع السيارة والطائرة والغواصة والآلة الكاتبة؛ وذكر أن الروح المهيمنة عليه، هي "سويدنبرج" نفسه. وقد بشر المؤمنين به بانتشار الحركة الروحانية انتشاراً يعم الناس، وأن الاتصال الروحاني مع الأموات، سيكون أمراً طبيعياً، كتنفس الهواء.
وقد وصف ظروف الحياة في عالم الروح، بما لا يخرج عن ظروف الحياة في هذه الدنيا، عدا الجانب المادي منها. ونَعَى على البشر حبهم لجمع المال، وإدمانهم الخمر، والتعصب.
أولاً: كيفية الاستحضار، حسبما يقول الروحانيون
يقول الروحانيون في تفسير ظاهرة الكلام مع الأرواح: إن لكل إنسان جسماً ظاهراً مرئياً، وجسماً آخر أثيرياً شفافاً، يطابق الجسم المادي، ولا يراه إلاَّ أناس مخصوصون. وإن الجسم الأثيري ينفصل عن المادي، عند النوم أو الغيبوبة، وهذا يسمى طرحاً مؤقتاً؛ ولكنه ينفصل تماماً عند الوفاة، وهذا يسمى طرحاً دائماً، فيعود الجسم المادي إلى الأرض، التي خلق منها، ويعود الأثيري إلى العالم الذي هبط منه، وهو عالم الروح أو البرزخ.
ويقولون إن الجسم الأثيري ليس هو الروح، بل الحامل لها، ويظل قائماً في عالم الروح، مادامت الروح في حاجة إليه، فإذا بطلت حاجتها إليه، طُرح، ليتحلل إلى عناصره الأولية، وتصبح الشخصية حزمة من النور.
ويقولون إن الجسم الأثيري، يتكون من ذرات متناهية الدقة، ومتباعدة بعضها عن بعض. وإنه أمكن وزنه بتجارب، أجراها الدكتور "دنكان مكدوجل"، الأمريكي؛ إذ وزن عدداً من مَرضى السل، في لحظات موتهم، بوضع المريض على سرير حاسب حساس جداً، فوجد أنه، عند اللحظة التي تحدث فيها الوفاة، يرتفع قبل الميزان طارقاً الدعامة العلوية؛ وبحسبان الوزن المفقود، وجد أنه يراوح بين أوقيتَين وأوقيتَين ونصف.
وإن الجسمَين، المادي والأثيري، ليس فيهما حياة، بطبيعة تكوينهما؛ ولكن سِر حياتهم هو الروح، وهو جوهر راقٍ، لا يدخل في نطاق البحث الروحاني. أما العقل، فهو العنصر المفكر في التكوين الإنساني، وهو يعمل من طريق وسط مادي هو المخ. وعلي ذلك، فالإنسان، في مجموعه، مكوَّن من أربعة عناصر مهمة، هي: الجسم المادي، والجسم الأثيري، والعقل، والروح.
وإننا، نحن البشر، بعد أن نجتاز مرحلة الموت، ونفيق من غيبوبته في العالم الآخر، نجد أنفسنا في عالم، تبدو لنا فيه الأحوال مشابهة جداً لتلك التي ألفناها على الأرض، قبل الموت؛ ولن يصحبنا إلا أخلاقنا وشخصياتنا؛ كما أن منازلنا، في عالم الروح، سوف يحددها نوع الحياة، التي عشناها على الأرض.
فإذا كنا قد عبدنا الله، بخدمة عباده، فليس لنا أن نخشى الموت وما بعده؛ لأننا نكون قد هيأنا أنفسنا، بنقاء أفكارنا وقلوبنا على الأرض، لحياة أسعد وأفضل، تخوّلنا التمتع بصحبة أحبابنا وأقاربنا، الذين سبقونا إلى العالم الآخر. أما إذا أسأنا إلى العباد، وحمّلنا قلوبنا الغل والحقد والحسد، بدلاً من الرحمة و الحب، فلا بدّ من دفع الثمن؛ إن خيراً فخير، وإن شراً فشر.
وإنه لا عبرة بالعقيدة، التي اعتنقها الإنسان في هذا العالم، أيَّا كان نوعها؛ وإنما المدار كله على ما بذله الإنسان في خدمة الغير، والإحسان إلى الناس؛ فليس للدين هناك كبير شأن!!!
ولقد حيّرت مسألة الاتصال بالأرواح كثيراً من علماء أوروبا، فوقف بعضهم حياته على دراستها؛ وسعوا إلى تهيئة أسبابها، وألّفوا لها جمعيات، وأقاموا من أجلها مؤتمرات، كان آخرها مؤتمر برشلونة، عام 1935. ومن أشهر الجمعيات، المهتمة بهذا الأمر، جمعية الأبحاث النفسية، التي ألَّفها أساتذة جامعة "كامبريدج"، في بريطانيا، عام 1882، ولا تزال موجودة. وقد جمعت من تجاربها وتجارب سواها في مسألة الروح، أكثر من خمسين مجلداً، ومنها مجامع الأبحاث النفسية، في باريس ونيويورك وبرلين وروما وغيرها.
ومن المعلوم أن ادعاء الاتصال بالعوالم الروحانية، لم يكن أمراً بدعاً (كما ظهر في حادثة منزل السيد "فوكس") فقد كان هذا واضحاً في ادعاءات الصوفية اتصالهم بالأولياء والأنبياء وغيرهم من الموتى. فالصوفية يزعمون أن لهم جلسة، ترأسها السيدة "زينب"، كل أسبوع، ويحكمون بقيادتها من في الأرض؛ لذلك، يلقبونها بـ"رئيسة الديوان"، أي ديوان الأولياء.
وقد قيل إن هناك فرقاً بين الروحانيين الحديثين والصوفيين؛ لأنهما يختلفان في طريقة الاتصال بالعوالم الروحانية، ولأن الروحانيين يهتمون بالناحية العملية والعلنية، ويفتحون أبوابهم لكل من يريد الاطلاع على أعمالهم؛ في حين أن الصوفيين يعتمدون على العمل الفردي، ويعُدون ما يهتمون به أسراراً، ويتخاطبون برموز لا يفهمها سواهم، ويقحمون أنفسهم في طرق الزهد، من الجوع والسهر وغير ذلك.
ومن الجدير ذكره، كذلك، أن الزعم بمناجاة الأرواح، كانت معروفة عند الأمم الوثنية، منذ ألوف السنين. فقد تبيّن أن المصريين والصينيين والهنود وغيرهم، كانوا يتصلون بأرواح الموتى، على نحو ما عليه الحال في أوروبا.
والصِّلة بين ما يسمَّى علم استحضار الأرواح الحديث، وبين الأديان الوثنية ـ واضحة جلية؛ فمبدأ "العودة إلى التجسّد"، كان محوَر الحركة "الثيوصوفية"، التي نشأت في نهاية القرن التاسع عشر، على يد الوسيطة الروسية "هيلين بتروفافاتسكي". وهي الحركة، التي سعت إلى التوفيق بين مقولات الفلسفة الهندية ونتائج
البحوث الحديثة؛ وقد تمكنت، في النصف الأول من القرن العشرين، من اجتذاب عدد كبير من الباحثين. وتعتمد هذه الحركة، في تفسيرها لرجعة الروح وتجسّدها في الحياة مرة ثانية، على مبدأ "الكارما" الهندي، الذي يزعم عودة طبيعة الحركة الدورية بين الحياة والموت، إلى نوع من التوازن الكوني بين السبب والنتيجة.
وقد انتقلت ظاهرة مكالمة الأرواح إلى العالم الإسلامي، من طريق الجمعيات، التي أنشأها، في مصر، أشخاص سافروا إلى الغرب، حيث تأثروا بما رأوه؛ وسارعوا إلى تقليده، لدى عودتهم إلى مصر، فأنشأوا الجمعيات، التي تُناصر هذه الفكرة. ومن أهم هذه الجمعيات "جمعية الأهرام الروحية"، التي أصدرت مجلة "عالم الروح".
ومن الذين رَوّجوا هذه الفكرة، الأستاذ محمد فريد وجدي، الذي زيّنها من خلال كتب كثيرة أصدرها، أثناء رئاسته لتحرير "مجلة الأزهر"؛ فضلاً عن الدكتور علي عبدالجليل راضي، والأستاذ أحمد فهمي أبو الخير، والدكتور رؤوف عبيد، والشيخ طنطاوي جوهري، والأستاذ حسن عبدالوهاب، وغيرهم.
ويقول الروحانيون إن الإنسان، حينما ينام، يفارق جسده الأثيري، الذي يقوده العقل، فيتجول في عالم الروح، حيث يقابل أحباءه هناك؛ ويضمحل الزمان والمكان؛ ولكنه يظل متصلاً، خلال ذلك، بالجسد المادي، بحبل أثيري؛ ما يمكنه من العودة إليه عند اليقظة، وقد يتذكر ما رأى في منامه، من أحبابه الموتى، وما دار بينهم من أحاديث.
وإن هذه الأحلام سياحات حقيقية للروح؛ ولكن صاحبها لا يذكرها، في الغالب، عند اليقظة، إلا مشوشة مضطربة. ودللوا على صحة مزاعمهم بأن كثيراً من الذين وقعوا في غيبوبة مرَضية، أو في إثر استنشاق الـ "كلوروفورم" ـ رأوا أنفسهم واقفين إلى جوار أجسادهم، وسمعوا وشاهدوا ما يدور حولهم؛ ما يقطع بوجود الجسم الأثيري واستقلاله عن الجسم المادي، وأنه صورة مطابقة له خلية بخلية.
ويقولون إن عملية النوم، أي "الطرح الروحاني المؤقت"، عملية ضرورية لإنعاش الروح، يومياً، تتيح لها التزود من مَعينها الأول بالقوة الروحانية، التي تساعدها على احتمال كثافة البدن وسجن الجسد، وتدرِّبها، عند انفصالها نهائياً، على الحياة في العالم الروحاني، الذي ستنتقل إليه يوماً ما؛ وإلا كان الانتقال الأخير، بالموت، صدمة عظمى للروح؛ إذ ستكون زائراً غريباً، في عالم مجهول، لم يسبق له أن زاره أو سمع عنه من قبل.
وإن عملية النوم صورة مطابقة تماماً لعملية الموت.
وإن من الناس من مُنح موهبة القدرة على ممارسة عملية الطرح الروحاني، الإرادي، المؤقت، وقتما شاء؛ فتتجول روحه حيث شاء، ثم تعود لتدلي بما شاهدته، وتقدِّم على ذلك الأدلة والبراهين.
وإن الروح تنطلق في الكون بسرعة، تفوق سرعة الضوء، أي "300 ألف كم في الثانية".
ثانيا: الطرح الدائم أو الموت
إذا انقطع الحبل الأثيري، الذي يربط الجسدَين، المادي والأثيري معاً، ويسمونه الحبل الفضي، حصل الموت، واستحال على الروح؛ بأي حال، العودة إلى الجسد. وفي هذه الحالة، على كل روح أن تمضي فترة من الوقت في شبه غيبوبة، ربما لا تستغرق لحظات، وقد تدوم دهوراً، بحسب درجة تقدُّم الروح ورقيّها الأخلاقي، ومدى معلوماتها عن الحياة في عالم الروح.
ثالثا: الاتصال بعالم الروح
تزعم الروحانية، أن لكل كائن بشري قسطاً من المواهب الروحانية، يمكِنه تنميتها بجلسات التدريب المنظمة. وأنه كثيراً ما يولد أفراد ذوو مواهب روحانية فطرية، تمكِّنهم من الاتصال بعالم الروح بحواسّهم الخمس؛ وهي مواهب تعتمد، إلى حدّ كبير، على غزارة مادة، تسمَّى "الإكتوبلازم"، في جسد الوسيط.
رابعاً: الإكتوبلازم
تستلزم كل الظواهر الروحانية، على تعدد أنواعها، ضرورة وجود مادة "الإكتوبلازم" في الإنسان، الذي تتم على يديه هذه الظواهر؛ وعلى قدر غزارتها، تتوقف مقدرة الوسيط.
وهذه المادة، كما يقول الروحانيون، شفافة، غير مرئية. وقد أخضعها الباحثون الروحانيون هذه المادة، وقت تجسّدها، لاختباراتهم العلمية. ويقال إن الدكتور "شرنك نوتزنج" قد حلل هذه المادة في عشر "عينات"، فوجد في التسع الأولى منها تراكيب حبيبية خلوية، في شكل كرات الدم البيضاء وأحجامها؛ وأجساماً تشبه البشرة المخاطية عديمة النويات، وبشرة مخاطية حقيقية.
أما في العاشرة، فوجدت تجمعات نووية واضحة جداً، من كرات الدم البيضاء؛ وبشرة مخاطية واضحة. فبرهن بذلك على الطبيعة المادية لـ "الإكتوبلازم" والغاز البخوري، اللذين يفرزهما جسم الوسيط، خلال الجلسات. وقد وجد أنها بيضاء أو ذات لون مائل الى الشُّهْبَة، ومنها أنواع أخرى شهباء رصاصية، وأخرى سوداء.
ويقول الروحانيون إن بعضهم قص خصلة من شعر روح متجسدة من الإكتوبلازم، وحلّلها ميكروسوبياً، وهستولوجياً، فوجدها شعراً حقيقياً، من كل الوجوه، بعد أن عرض نتائج التحليل على أكثر من مائة عالم ألماني؛ كما وجد أنها لزجة الملمس، باردة. وقد أمكن تصوير هذه المادة، وهي تنبعث من أجسام الوسطاء، بالأشعة تحت الحمراء، فتبيّن أنها لا تحتمل الضوء الأبيض؛ إذ تتحلل وتذوب فجأة.
ويقول الوسيط " سويدنبرج"، واصفاً تلك المادة المنبثقة من جسمه، إنه كان يشاهدها تنضح من جسمه، في وضوح، كبخار الماء.
وعند حدوث أي ظاهرة روحانية، كتحريك الأشياء أو رفعها، تصنع الأرواح من تلك المادة قضباناً صلبة، لتكون هي الآلة المحركة. أما في حالة الصوت المباشر، فهي تستعملها في تجسيد أحبالها وحناجرها. وفي حالة تجسيد أي عضو آخر، تعمد الأرواح إلى كَسْو ذلك العضو الأثيري بتلك المادة، فتتجسد في أنظار الحاضرين؛
وفي هذه الحالة، يمكن فحصها ولمسها، بترتيب سابق من عالم الروح.
ويقولون إنّ الروح، وهي على حالها الأول، بعد خروجها من الجسد، يمكن مكالمتها بل رؤيتها مجسمة، بواساطة إنسان، يكون مستعداً لأن يقع في خَدَر عام، عند إرادته استحضار الروح، التي تستفيد من استعداده، فتكلم الناس، بفمه، بلغات يجهلها كل الجهل، وتنبئ الحاضرين من أقاربها وخاصتها بأمور، لا يدري الوسيط منها شيئاً.
وقد تستولي على يده، فتكتب، وعينه مغمضة، صحفاً ورسائل. وقد تظهر بجسم مادي محسوس، بينما يكون الوسيط ملقى، أمام المجرّبين، مكتوفاً على كرسيه.
ويزعمون أن هذه الأرواح قادرة على تحريك الأجسام الصلبة، ويبادر بعضها إلى كتابة، بقلم يتحرك على الورق تلقائياً، قد تدل على مستويات عالية من الثقافة. وقد تعمد هذه الأرواح على علاج بعض الحالات المستعصية من الأمراض.
ومن الظواهر، التي قد تصاحب استحضار الأرواح، كما يزعم الأدعياء، أنّ الروح قد تتجسّد أمامهم، والوسيط مربوط، فتمتدّ أيدٍ تُسلم عليهم وتكتب، أو أذرع كاملة، أو رؤوس لا أجساد لها، تكلّمهم وتقبّلهم، أو أنصاف أجساد، أو أجساد كاملة.
وعندما تتجسد أمام أعين الجالسين، يزعم الأدعياء أنه ينشأ، أولاً، في جو الحجرة، بخار أبيض، لا شكل له، يأخذ، بعد ثوانٍ، شكلاً إنسانياً نورانياً، ثم يزداد كثافة حتى يكون جثماناً كامل الخلقة، ذكراً أو أنثى؛ وإذا أمسك أحد بيده، أحسّ بيد إنسانية، ذات عضل وعظام وحرارة، فإن تشبث بها، أفلتت منه، بالتحلل، وهي في قبضته. وإذا طُلِبَ من الروح أن تزول، ذابت، في ثوان، كما يذوب الثلج في ثوانٍ؛ فإذا استعادوها الظهور، استجابت، في ثوانٍ أخرى.
وزعم أدعياء استحضار الأرواح، أنهم استحضروا روح جبريل u لما روى الدكتور علي راضي، في مجلة "صباح الخير" المصرية؛ إذ قال: إن أكبر وسيط عالمي، قد حضر إلى القاهرة، منذ عدة أشهر. وهو أمريكي، لا يزيد عمره على 21 سنة. تسميه الجرائد الأمريكية "نبي القرن العشرين"، لكثرة ما أتى من المعجزات.
ثم يقول الدكتور إنه كتب ورقة إلى أمه، أثناء جلسة لهذا النبي الكذّاب، يسألها عن حالها، وأحضر الوسيط الردّ، كتابة، باللغة العربية. ويمضي قائلاً: وأغرب ما حدث في هذه الجلسة، هو ما أعلنته، فجأة، الروح الكبرى "سوزان"، أن جبريل معنا. ولم يعرف أحد جبريل، فضحكت وقالت: ألا تعرفون جبريل الذي كان ينزل بالقرآن على محمد؟ إنه يبارك هذا الاجتماع.
وعلى الرغم من الهالة، التي حاول أدعياء استحضار الأرواح أن يزعموها للوسيط، إلاَّ أن بعض الغربيين اتهموا الوسطاء بالخداع والغش. وقد أورد الأستاذ محمد فريد وجدي بعض أقوالهم، فقال، نقلاً عن رجل إنجليزي، اسمه السيد "مكايب": إن هذا المذهب ولد في الخداع، ورَبِي في الخداع؛ وانتشر، الآن، في الدنيا، والخداع وسيلته.
ثم ذكر أن جميع الوسطاء مخادعون، واستشهد على ذلك بقول العلامة "كاميل فلافريون"، والبارون "شرنك"، فقال: أكتفي بالاستشهاد برجلَين من الذين بحثوا في هذه الأعمال أو المظاهر، وهم يعتقدون صحتها:
الأول، "فلافريون"، الفلكي الفرنسي المشهور، الذي بحث في هذا الموضوع بحثاً دقيقاً، مدة خمس عشرة سنة، وانتهى إلى إن كل وسيط يستعمل وساطته للربح، هو غاشّ. والثاني، البارون "شرنك"، من أعيان الأطباء في فيينا، الذي أعلن أنه قلّما ظهر وسيط، إلاَّ وثَبَتَ أنه يغش؛ قال هذا القول، بعد أن بحَثَ في هذه الموضوع بحثاً دقيقاً جداً، مدة راوحت بين 30 و35 عاماً.
ولا يزال بعض العلماء، من المجربين، يتردد في أن الكائنات الروحانية صادقة فيما تدّعي. وقالوا إنها روح الوسيط نفسه، تتجرد وتظهر لهم بصورة واحد من أهاليهم.
ومال غيرهم إلى القول بأنها أرواح مجردة موجودة في العالم، غير أرواح الآدميين. وبعضهم لا يستبعد أن تكون أرواحاً خبيثة، تتشكل، زوراً، بأشكال ذويهم. وأخيراً، يخشى بعضهم أن يكون ما يرونه صور ما استكن في ضمائرهم.
والغالب أن الذين يتولون هذه العملية، ويصدقون مناجاة الأرواح ويمارسونها، تضعف قواهم العصبية، رويداً رويداً، وينتهي أمرهم إلى الجنون، حسبما ذكر أشهر طبيب للأمراض العقلية في بريطانيا، الدكتور "مرسير"، الذي يرى أن مناجاة الأرواح، والاشتغال بها يؤدي اختلال العقل، ويعرِّض أصحابه للجنون.
خامساً: خطر استحضار الأرواح
تستند الروحانية الحديثة إلى أفكار، تهدف إلى هدم الدين؛ إذ تنادي بوحدة الوجود، أي أن الله والعالم شيء واحد؛ فضلاً عن استنادها إلى تناسخ الأرواح، وخلود الدنيا وعدم فنائها، والتكذيب بوجود بعث أو قيامة أو حساب. وذلك يتضح من قول "سلفر برش"، الملقب بنبي الروحانية الحديثة، ورائد جمعية، تسمى "الجمعية الإسلامية الروحانية"، : "إني صوت منبعث من السماء، ينادي أهل الأرض، أن آمنوا بالله ـ إني أحمل رسالة هداية من السماء، أعد خطواتها بدقة، عباد مخلصون لله تجمعوا في ملكوته الأعلى. إن دوري هو دور رسول، يبلغ الرسالة، ولقد جاهدت لأكون أميناً في إيصال ما حملته".
ثم يقول: "تذكروا دائماً أنكم في الله، وأن الله فيكم ...
طارق فتحي
طارق فتحي
المدير العام

عدد المساهمات : 2456
تاريخ التسجيل : 19/12/2010

https://alba7th.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى